حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي السبعون

سينما - "البندقية 70":

في اليونان السرّ خلف الأبواب عند جوناتان غلايزر الأسلوب تحت الجلد

البندقية ــ هوفيك حبشيان

هناك فكرة سائدة تقول عن السينما الكبيرة إنها تضع شخصيات عميقة واستثنائية في ظروف عادية، خلافاً للسينما التجارية ذات الانتشار الواسع التي تولي الأهمية لشخصيات عادية في ظروف استثنائية. هذا هو الشعور الذي سيطر علينا، من خلال متابعتنا مجمل الأفلام المختارة في الدورة 70 لمهرجان البندقية الذي تواصلت عروضه بالسوداوية نفسها التي كان قد بدأ يشق طريقه بها.

لا حكايات كبيرة في هذه الدورة، لا قضايا نستقي منها الشعارات الرنانة. انه زمن المنمنمات. كأن المساحة متروكة لأفراد تتلون النصوص الفيلمية بفكرهم وسلوكهم وادارتهم للمأزق الذي وجدوا نفسهم فيه فجأة. المأزق هو ربما الكلمة الأنسب لوصف الحالة التي تتخبط فيها شخصيات هذه الأفلام التي أهملت السياسة طوعاً، للتركيز على الهنات السوسيولوجية التي تأكل الأخضر واليابس في المجتمع الغربي.

الى الآن، ليس ثمة فيلم فعل بالمشاهدين ما فعله بهم Miss Violence (مسابقة). لحظة عرض هذا الشريط الصادم الذي اخرجه اليوناني الكسندروس أفراناس كانت لحظة مؤلمة بالنسبة لحفنة المشاهدين الذين صبروا ساعة وثماني وثلاثين دقيقة للوصول الى خاتمة، اثلجت صدور الكثيرين، على الرغم من عنفها المدمر. حدّ انهم لم يقاوموا فكرة التصفيق من شدة الاحتقان الذي اصابهم. انها تجربة انسانية صعبة جداً، مقلقة، ومثيرة للغثيان عيّشنا اياها هذا السينمائي الذي يشي بموهبة فظيعة في التقاط خيط الحكاية من أوله الى آخره، من دون ان يفقده ولا لحظة. هذا كله يصب طبعاً في مصلحة السينما اليونانية التي انعشها أخيراً وصول مواهب فتية، من مثل يورغوس لانتيموس او اتينا راشيل تسانغاري، والآن، مع افراناس، قد تكتمل حلقة، تحب الصحافة تسميتها بـ"الموجة".

حكاية Miss violence تحمل قدراً هائلاً من العنف؛ العنف البارد الذي يتغلغل داخل الشرايين ويستقر فيها طويلاً. النموذج الأكثر شيوعاً لهذه السينما، أفلام النمسوي الكبير ميشاييل هانيكه، الذي يرتب آليته داخل المنظومة السردية بدقة الساعاتي، علماً ان شغل أفراناس مطعّم بمرجعيات أخرى أيضاً، ربما نكتشفها لاحقاً. الحكاية برمتها هي حكاية أب وعائلته. المشهد الأول: العائلة تحتفل بعيد ميلاد انغليكي، 11 عاماً. تمرّ دقائق قليلة قبل أن نراها ترمي نفسها من شبّاك المنزل، فتقع أرضاً وتتوقف حياتها هنا. اللقطة بديعة جمالياً: تسقط البنت خارج الكادر، لكن الكاميرا، بعد لحظة ثبات، تتحرك نحو الأسفل، لترينا البقعة التي هبطت فيها. كان هناك ابتسامة صغيرة على وجهها وهي تقفز قفزة الموت.

العائلة المفجوعة تتعامل بهدوء شديد مع الموت، بريبة تخفي شيئاً ما. هذا ما يوقظ شكوك المشاهد أولاً، ثم شكوك المحققين. الفيلم برمته هنا، في كفّ مخرج ذي قدرة عالية على اغوائنا، فهو لا يحتاج الى أكثر من دقائق لتركيب العملية الاسلوبية كلها على مرأى منا. المحققون يريدون ان يعرفوا ما الذي يمكن أن يؤدي الى موت بنت في مثل هذه السنّ. نحن المشاهدين، بالكاد نعلم أكثر منهم. لا بدّ ان يكون هناك سر، او اسرار، خلف الأبواب المغلقة للشقة التي يقحمنا فيها أفراناس. شقة مزعجة، كل شيء فيها يطبق على القلب، بدءاً باللون الباهت للجدران وصولاً الى الأبواب. فكرة أولية تتكون عند المشاهد، لكن لا يجرؤ على تصديقها واعتمادها. الأكيد ان هناك شيئا ما ليس على ما يرام في هذه العائلة التي يمارس عليها الأب البطريركي النزعة (الوجه المدهش تميس بانو) نوعاً غريباً من التسلط والتملك المرضي الوسواسي والطقوس التي تقتصر على العقاب والشذوذ الأخلاقي.

جغرافياً، يضعنا الفيلم في بيئة مقفلة ومقهورة. كل شيء يساهم في صناعة الاحتقان. كل لقطة لها سبب وجودها ومبررها، ويزيدها غموضاً وصول اللقطة التالية. يشيّد افراناس فيلمه كمهندس يضع خرائط كاتدرائية او متاهة او قطعة بازل. لن يعطينا المفاتيح الا تدريجاً، وعلى حساب الكثير من القهر والانتظار. وسط هذا كله، يتيه المشاهد، يعتقد مراراً انه فهم صلة القرابة التي تربط هذا الفرد بذاك داخل العائلة، لكن الخبطة المسرحية أقوى من كل التكهنات. تكشف المستور وتسقط الجدران. طبعاً، عندما تسقط جدران الشقة، تسقط على قاطنيها ايضاً، وعلى مَن كان هناك في تلك اللحظة. اذا كان كل مهرجان في العالم يحتاج، ولو لمرة في كل دورة، أن يصفع جمهوره ويصدمه، لجعله يستفيق ويرى الحقيقة المرة، فإن Miss violence صفعة الدورة 70. يعرّي أفراناس عائلة يونانية هي فوق كل الشكوك (والشقوق؟). بمنهجيته السينمائية غير الارثوذكسية، يوحي بالأشياء أكثر مما يظهرها (إلا عندما يقترب الفيلم الى نهايته). فهو يعرف ان الخيال وقعه أكبر علينا من كل شيء آخر.

* * *

علاقة المهيمِن بالمهيمَن عليه هي ايضاً ما يطرحه "طوم في المزرعة" (مسابقة) للمخرج الكندي كزافييه دولان الذي يأتينا هنا برابع فيلم له، اخراجاً. هذا الذي لم يكمل بعد الرابعة والعشرين من العمر، يفاجئنا بعمل متكامل العناصر، يصل فيه الى مرتبة عالية من النضج الفكري والاسلوبي، في اقتباسه مسرحية ميشال مارك بوشار. ينتقل طوم (دولان) الى احد الأرياف للمشاركة في دفن صديقه. لكن، يبدو ان لا أحد هناك يعلم من هو. لا شقيق الراحل ولا أمه يعرفان عنه شيئاً، على رغم العلاقة القوية التي ربطته به. السياق الذي يضع فيه فيلمه غاية في الأهمية. انه الريف بكل ما يمثله من خشونة ووحشة وحياة قروية. الفيلم لا يتطرق الى مثلية طوم وصديقه المقتول في حادث سير الا بشكل غير مباشر. هناك قصة حبّ سنكتشف بعض تفاصيلها قليلاً قليلاً. دولان ليس من النوع الذي يكشف أوراقه دفعة واحدة. يكشف واحدة تلو اخرى. الأجواء مضطربة، يسودها القلق والريبة. الشخصيات يملأها الخوف وتمر بطبقات عدة من الأحاسيس. تعبر الفيلم لحظات موسيقية للبناني غبريال يارد، من شأنها التذكير دائماً بأننا في طريقنا الى وضع متأزم. عندما نكتشف أننا في تمرين تشويقي على خطى هيتشكوك (مشهد حقول القمح)، يكون الفيلم دخل في منعطفه النهائي. في البداية، يواجه دولان بعض الصعوبة في وضع نصه على السكة، لكن الأمور تصبح أكثر سلاسة بدءاً من المنتصف، حينما يدخل الى الأحداث طرف رابع، "عشيقة" الراحل. يقول دولان، الذي سبق أن انجز ثلاثية عن الحبّ المستحيل، ان "المثليين يتعلمون أن يكذبوا قبل أن يتعلموا ان يحبوا".

* * *

ضمن مناخات تعبيرية ومعتمة ايضاً تتبلور حكاية فيلم "تحت الجلد" (مسابقة) لجوناتان غلايزر، المخرج الذي قدم قبل نحو 9 سنوات "ولادة" مع نيكول كيدمان. هذه المرة يختار نجمة أخرى هي سكارليت يوهانسون ليلوّنها بفانتاسماته ويزيل عنها كل ما فعلته بها هوليوود. كان الفيلم بمثابة جسم غريب يحطّ في الـ"موسترا" فجأة، ويحدث شرخاً كبيراً بينه وبين الأفلام الأخرى التي تتسابق على "الأسد الذهب"، التي ستُمنح بعد غد.

نحن أمام شيء بصري بين ديفيد لينتش ونيكولاس روغ. الحكاية تُختصر ببضع كلمات. أمراة (يوهانسون) كل شيء فيها يوحي بأنها جاءت من الفضاء الخارجي. لا تعرف المشاعر ولا الحبّ. تعبر الليل الاسكوتلاندي بسيارتها وتصطاد رجالاً يمنة يسرة، لتأخذهم، في مشهد يفيض بالجمال والسحر، الى حوض مظلم يغرقون فيه شيئاً فشيئاً وهم ينزلون الى قعره، فتغمر المياه رؤوسهم، في حين، بطلتنا، سارقة الجلد البشري، تنزع ملابسها أمامهم، قطعة بعد قطعة. السيناريو نفسه يتكرر مع أكثر من ضحية، الى أن تكتشف يوهانسون ذاتها ويبلغ الفيلم الخاتمة التي سندعكم تكتشفونها، لعدم افساد المفاجأة. نحن امام سيرة مختلفة للسينما، تنطوي على اجتهاد بصري. الشريط مهتاج جنسياً، ومتمرد في استخدامه موارد الاثارة، يحملنا الى عوالم سينمائية خاصة جداً. حقيقة طاحنة على شكل استعارة أم هلوسة مراهق؟ مع فنّ بهذين الطعم والحجم، تصبح معرفة الجواب ثانوية جداً.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

"أنا عربية": نوستالجيا الزمن الغابر

"أنا عربية" (مسابقة) للمخرج الاسرائيلي الكبير اموس غيتاي واحد من أجمل أفلام مسابقة الـ"موسترا". كأن الرجل يدوّن وصيته السينمائية بعقلانية وعاطفة وشفافية، محصّناً المساحة التي تتبلور فيها طموحاته بالتسامح والرغبة على الفهم، ومحوّلاً اياها خشبة مسرح للآخرين. انجاز تقني بارع يبلغ فيه البساطة الصعبة: شخصيات كاريزماتية، حكايات رقيقة، ذاكرة خصبة. يفتح غيتاي بؤرة كاميراه على المستحيل الممكن.

صحافية اسرائيلية تدعى يائيل (يوفال شارف) تزور حياً مختلطاً في يافا. الهدف مقال تريد ان تكتبه عن سيرة امرأة بولونية يهودية نجت من أوشفيتز، ثم اعتنقت الدين الاسلامي وتزوجت يوسف (يوسف أبو وردة) الرجل الفلسطيني (الفيلم يعرّف عنه كعربي)، وانجبت منه وعاشت في هذا الحيّ، حيث ستتسكع كاميرا غيتاي، طولاً وعرضاً، ملتقطة كل الزوايا، طوال 84 دقيقة، بسلاسة مدهشة لا تشعرنا بمحدودية تحدّيه البصري المتمثل في تصوير الفيلم كله بلقطة واحدة.

يتخلى نصّ غيتاي عن الخطب التبعية ويأتي الى الفيلم بأطروحة انسانية. تستعاد الحكايات، التي تكشف عن نوستالجيا فاقعة للزمن الغابر. بحنين وكآبة، يضع مخرج "كيبور" كاميراه بشكل أمامي قبالة ثلاثة رجال هادئين، يتكلمون بطبيعية لافتة عن كل شيء يقفز الى مخيلتهم. واحد سيسأل الصحافية لماذا الدولة العبرية تعامل الذين يأتون من روسيا معاملة أفضل من تلك التي تخصصها للعرب. آخر سيسعى الى تعريف الصحافية على "حكاية الكاتب غسان كنفاني الذي مات اغتيالاً في بيروت". لكن الصحافية غير المبالية كثيراً في معظم فصول الفيلم، التي تدون في دفترها الصغير بحركة يد رعناء، تفضل أن ترمي نظرة خاطفة على هذه البيئة المنسية، قبل ان تخرج من الاطار، أو بالأحرى قبل ان تهجرها الكاميرا في ختام الفيلم، وتصعد كدخان أبيض نحو سطوح البيوت الفقيرة قاصدة السماء. في لحظة الصعود تلك، نكتشف المكان الذي تخنقه المباني الشاهقة. ينتقل غيتاي مما هو متناهٍ في الصغر الى ما هو متناهٍ في الكبر، وهنا أهمية عمله هذا.

أنييس ب. لـ"النهار": كنتُ في انتظار الجرأة!

هـ. ح.

بدأت مصممة الأزياء أنييس ب. تهتم بالسينما حين كانت في السابعة عشرة. كريستيان بورغوا، الذي تزوجته وهي قاصرة بعد، كان يصطحبها الى الصالات المظلمة مساء كل يوم. هكذا نما في داخلها حبّ الشاشة، مشعلاً لديها الرغبة في الاكتشاف. هذا السينيفيلي النهم تولى تربيتها حتى تورطت في السينما بشكل كامل، فصارت مطلعة على الأفلام الـ"نوار" الأميركية، مثل معرفتها ببازوليني وغودار وسكورسيزي.

اليوم، تأتينا بـ"رود موفي" جميل، "ادعى هممم" ("اوريزونتي")، يتحدث عن سيلين، فتاة في الحادية عشرة تغادر المنزل ولا تعود اليه، هرباً من أب يتحرش بها. تتعرف الى سائق شاحنة بريطاني اسمه بيت، وتذهب معه في رحلة استكشاف. في البندقية، التقينا أنييس ب.

  • هذا فيلمك الأول تنجزينه وأنتِ في الثانية والسبعين. لكن نعلم ان شغفك بالسينما ليس جديداً. لماذا انتظرتِ كل هذا الوقت قبل المرور خلف الكاميرا؟

- في الواقع، كتبتُ القصة قبل وقت طويل، ولكن كان عليّ ان أنتظر امتلاك الجرأة لتصويرها. في مرحلة، تخليتُ عن البوديوم وعرض الأزياء، واتجهتُ الى الأفلام القصيرة. كانت تجربة مهمة. بالنسبة لهذا الفيلم، صورتُ كثيراً، وكنت أعمل على المونتاج ليلاً، واستغرق ذلك أشهرا وأشهرا. أنا حميمية جداً، أحبّ الاشتغال على مشاريع تعزّ على قلبي. كان شيئاً مذهلاً ان ارى خيالي يتحول صوراً تتفتح فيها الحياة.

  • هل اشتغلتِ بالطريقة التقليدية، أم كانت لك طريقة خاصة؟

- صوّرتُ بكاميرا واحدة. وأنا مَن التقط المشاهد. حملتُ الكاميرا وذهبتُ الى المشروع بلا تكلف. كان هناك كاميرامان آخر للقطات الـ"إنسرت". كان عليَّ أن أتابع واتأكد مما يُصوَّر. لي رؤية محددة لما سأنجزه. كل الذين تعاونوا معي هم أصدقاء. دوغلاس غوردن، الذي يضطلع بدور السائق، صديق مقرب لي.

  • الحكاية قوية جداً لكنها ليست جديدة: صبية تهرب من المنزل لأن والدها تحرش بها...

- كان عليّ ان أحكي هذه الحكاية. هذا الموضوع يخيف الجميع. أثناء عملية بحثي عن تمويل، كلما كنت أقول ان الفيلم يتحدث عن تحرش أب بابنته، كانت الأبواب تُقفل في وجهي. لكن الفيلم لا يتطرق فقط الى سفاح القربى، بل يتحدث ايضاً عن فتاة تهرب. لماذا هربت؟ هذا هو السؤال الذي كنتُ اريد طرحه. عندما تطالع الجريدة وتقع على خبر بنت هربت من المنزل، لا يقولون لك لماذا هربت. اعتقد ان حكايات مماثلة تحدث في اماكن كثيرة وليس فقط في فرنسا. ليست الحكاية حكايتي لكنني اردتُ التحدث عنها. كتبتُها بسرعة قياسية. لم تتطلب مني أكثر من يومين تأليفاً. أحبّ الناس كثيراً، مهما يكن المكان الذي يأتون منه، ولا استطيع، كمصممة أزياء ومحبة للفنّ، أن أتغاضى عما يحدث في العالم. فكيف تريد مني ألا أهتم بالتحرش الجنسي بالأطفال؟ هذا شيء مرعب وآثاره تظل ماثلة عند الطفل الى الأبد.

  • قبل الشروع في التصوير، هل كان كل شيء مهيأ، أم انك تركتِ نافذة مفتوحة على المفاجآت والارتجال؟

- بحثتُ عن أماكن تصوير. كنت أريد شاحنة حمراء. قبل يومين من التصوير، كانت الشاحنة لا تزال بنيّة (ضحك). أمسكنا الفرشاية ودهنّاها بالأحمر. كنت اريد كادراً متجانساً: شاحنة حمراء وفوقها سماء زرقاء. أحبّ مزج الألوان (...). سائق الشاحنة ليس اباً جديداً لسيلين، فهي تكن له القليل من الحبّ. البعض اعتقد انه بمنزلة والدها. أقول "لا". الحبّ المرء يمكن ان يكنّ الحبّ لأشخاص مختلفين. حتى العمر لا يعود مهماً. انها مسألة كاراكتير.

  • انه حبّ عذري في كل حال. لا أحد يلمس الآخر. هناك شيء من الطهرانية في العلاقة التي تربط سيلين بالسائق بيت...

- قلتُ لبيت الاّ يلمسها البتة، والاّ يضع يده في يدها. كان هذا ما اريده.

  • ولكن، المفارقة (وربما الأمر الذي يثير الامتعاض) أن الصبية أكثر اماناً في رفقة الرجل الغريب مما هي في عائلتها...

- بالتأكيد. مع بيت، تبدأ طفولتها من جديد. ما عاشته في المنزل مرعب: هي كبيرة البيت، وعليها ان تهتم بأخواتها. امها غائبة دائماً ووالدها يغتصبها. الى هذا كله، تحاول ان تشرح لجدتها وتطلب منها ايواءها، لكن المسكينة لا تتلقى اشاراتها. في قضايا مماثلة، لا يدرك الناس فعلاً ماذا يدور خلف الأبواب المغلقة. سيلين لا تملك من تلجأ اليه لشرح معاناتها. هي تعتقد ربما أن كل الآباء على صورة أبيها. انه لشيء مرعب. حتى أمها لا تستطيع التحدث معها في هذا الشأن.

  • سأكون صريحاً معك. أعتقد ان معالجة الفيلم أكثر أهمية من المضمون، خصوصاً مع ادخالك ما يسمّى فيديو آرت...

- أنا هاوية أكثر من كوني محترفة. أحبّ الفنّ، ويستهويني ان أصنع أشيائي الخاصة. كانت عندي بعض الأفكار في هذا الفيلم اردت تنفيذها، كإعادة تصوير الشاشة مثلاً خلال المونتاج. أحياناً، كنت اجد المشهد مباشراً او كلاسيكياً، فألجأ الى ما قد يضفي عليه المزيد من الشاعرية. المقطع الذي يرد فيه خبر انتحار سائق الشاحنة كان لحظة مهمة لم ارد التفريط بها. لذلك، صوّرتُ شاشة المونتاج بكاميرا صغيرة جداً. يمكنك حتى ان ترى ظلّ يدي وهي تصوّر.

  • انها تحية ذاتية ربما؟...

- (ضحك).

النهار اللبنانية في

05/09/2013

 

مهرجان فينيسيا السينمائى يعرض الفيلم الجزائرى "السطوح"

كتبت رانيا علوى 

يعرض اليوم، الجمعة، ضمن فعاليات مهرجان فينسيا السينمائى الدولى فى دورته السبعين فى قاعة "SALA GRANDE"، الفيلم الجزائرى "السطوح"، وهو للمخرج مرزاق علوش، مكملاً بذلك عقد العشرين فيلماً التى تتنافس على نيل جائزة الأسد الذهبى الجائزة الكبرى للمهرجان.

الفيلم بطولة ناسيما بلميهوب وعيسى شوات ومراد خان وميريام عيط الحاج، وصوره المخرج فى أقل من أسبوعين فى آخر العام الماضى، يعرض الفيلم حياة عدد من سكان السطوح فى أحد الأحياء الشعبية.

الفيلم عبارة عن خمس قصص متقاطعة تجرى أحداثها على أسطح منازل فى الجزائر العاصمة، واعتبره النقاد الحصان الأسود فى المسابقة، وستعلن لجنة التحكيم المؤلفة من تسعة أعضاء برئاسة برناردو بيرتولوتشى المخرج الإيطالى الحائز على جائزة الأوسكار عن ترشيحاتها لنيل الجائزة فى الحفل الختامى يوم غد السبت.

ولقى فيلم "فيلومينا" ترحيبا حارا للغاية من قبل النقاد والجمهور، وهو فيلم درامى للمخرج البريطانى ستيفن فريرز، وتلعب بطولته جودى دنش، وتدور أحداثه حول امرأة أيرلندية تبحث عن ابنتها التى اضطرت لتركها لآخرين كى يتبنوها.

ومن بين الأفلام الأخرى المشاركة فى المسابقة المفتوحة: "مس فايلانس" (سيدة العنف) وهو دراما عائلية يونانية قاتمة و"أندر سكين" (أو تحت الجلد) وهو بطولة سكارليت يوهانسون، وفيلم الإثارة الكندى "توم يتوجه إلى المزرعة" الذى يتناول قضية مثلى الجنس من الناحية النفسية، والفيلم اليابانى "هبوب الريح" للمخرج اليابانى الكبير فى مجال الرسوم المتحركة هاياو ميازاكى.

اليوم السابع المصرية في

06/09/2013

 

فينيسيا السينمائي يختتم فعالياته بـ'أسطح المنازل'

ميدل ايست أونلاين/ روما 

الفيلم الجزائري للمخرج مرزاق علواش ينافس على نيل جائزة الأسد الذهبي، ودبي السينمائي يسجل حضوره بقوة.

سيعرض الفيلم الجزائري "أسطح المنازل" للمخرج مرزاق علواش الجمعة لأول مرة في اختتمام مهرجان فينيسيا السينمائي مكملا بذلك عقد الافلام التي تتنافس على نيل جائزة الأسد الذهبي.

ويعتبر الفيلم - وهو عبارة عن خمس قصص متقاطعة تجري احداثها على اسطح منازل في الجزائر العاصمة - الحصان الأسود في المسابقة. وستعلن لجنة التحكيم المؤلفة من تسعة أعضاء برئاسة برناردو بيرتولوتشي المخرج الإيطالي الحائز على جائزة الأوسكار عن ترشيحاتها لنيل الجائزة في الحفل الختامي السبت.

وافتتح فيلم التشويق الفضائي "غرافيتي" من اخراج المكسيكي الفونسو كوارون ومن بطولة جورج كلوني وساندرا بولوك الدورة السبعين للمومسترا في البندقية اقدم المهرجانات السينمائية في العالم.

وعرض "غرافيتي" خارج اطار المسابقة وتناول قصة رائد فضاء متمرس "جورج كلوني" وخبيرة في الهندسة الفضائية "ساندرا بولوك" يضطران الى تدبر امرهما من دون امل بانقاذهما، بعد تدمير مكوكهما الفضائي.

وعرض ما مجموعه 50 فيلما تقريبا من انجاز مخرجين متمرسين ومواهب شابة خلال الايام العشرة للمهرجان الذي يضم ايضا سوقا للافلام منذ العام الماضي.

وشارك في المسابقة الرسمية 20 فيلما يضاف اليها فيلم "مفاجأة" للفوز بالاسد الذهبي.

وكان التألق والاناقة على الموعد على السجادة الحمراء مع مشاركة كبيرة لمخرجين ونجوم ناطقين بالانكليزية (جورج كلوني وساندرا بولوك وسكارليت جوهانسن ونيكولاس كيدج ومات دايمون..) الا ان اجواء دورة المهرجان تبدو قاتمة على صعيد المواضيع التي تناولتها الافلام وتعكس الازمات "الاقتصادية والاجتماعية والعائلية" التي يمر بها العالم على ما قال مدير المهرجان البرتو باربيرا.

وكان فريق من "مهرجان دبي السينمائي الدولي" توجه إلى مدينة البندقية الإيطالية للمشاركة في "مهرجان فينيسيا السينمائي" للترويج، وتقديم الدعم للمواهب وانتاجات السينما العربية التي ستعرض في الدورة السبعين للمهرجان، ويعتبر "فينيسيا" فرصة على قدر كبير من الأهمية لصانعي السينما العرب لعرض أعمالهم في تظاهرة سينمائية يشهدها أهم السينمائيين من حول العالم.

واستمر التعاون مع "سوق فينيسيا السينمائي" هذا العام، وفقا لبيان صحفي لمهرجان دبي السينمائي- وشهد السوق عرض 10 أفلام عُرضت العام الماضي في الدورة التاسعة من مهرجان دبي السينمائي الدولي وقد حظيت بإشادة واسعة.

ميدل إيست أنلاين في

06/09/2013

 

عبد الله الطايع في مهرجان البندقية السينمائي:

"للمثليين مكان في الإسلام"

فرانس 24  (نص) 

التقت فرانس 24 خلال مهرجان البندقية السينمائي في نسخته السبعين المخرج المغربي عبد الله الطايع صاحب فيلم "جيش الخلاص" المقتبس من روايته التي تحمل نفس العنوان وتسرد أطوار زمن طفولة في المغرب يتخلله اكتشاف المثلية الجنسية.

عرضت هذا العام في "موسترا" البندقية وهو أحد أشهر المهرجانات السينمائية الدولية، أفلام حول مواضيع من النوع الثقيل على غرار البطالة والإرهاب والتلوث والحرب... ولعل الفيلم الذي نجح أكثر من غيره في ربط الصلة بين القضايا السياسية والسيرة الذاتية هو "جيش الخلاص" للمغربي عبد الله الطايع الذي عرض في إطار "أسبوع النقد".

واقتبس المخرج عبد الله الطايع وهو في الأربعين من عمره، الفيلم من سيرته الذاتية الصادرة عام 2006 ويسرد فيها اكتشافه للمثلية الجنسية عبر لقاءات مع رجال في الأحياء الضيقة المظلمة والبيوت المهجورة في المغرب حيث عقوبة هذه الممارسات السجن

وفي نهاية الفيلم يرحل البطل إلى سويسرا بعيدا عن قيود المجتمع المغربي المحافظ لكنه يظل يحن إلى بلاده. وفي الواقع يعيش عبد الله الطايع في باريس منذ عشر سنوات حيث يصدر كتبه بانتظام. وحصل على جائزة "فلور" عن كتاب "يوم الملك" من منشورات "لوسوي" عام 2010

التقت فرانس 24 عبد الله الطايع للحديث عن فيلمه ومسيرته ورأيه في المثلية الجنسية والإسلام والمغرب وفرنسا.

·        هل تأمل في أن يتاح عرض الفيلم في المغرب؟

أكثر من أمل، هي رغبة قوية في ذلك. عرضت السيناريو على المركز الوطني للسينما المغربية. لم أحذف مقاطع ولم أغير شيئا من أجل الحصول على الرخصة. أثق في ذكائهم فهم يعرفون جيدا أنني مثلي. وافقوا على السيناريو وآمل أن يواصلوا على نفس المنطق وأن يرخصوا عرض الفيلم

أدرك أن بعض ما ورد في الفيلم سيصدم المشاهدين. لكن من جهتي لا أجدها صادمة لأنها أشياء واقعية ولست الوحيد الذي عاش أو شاهد مثل هذه الوقائع.

·        ما الذي دفعك إلى الانتقال من الرواية إلى السينما؟

أنا مهووس بالسينما منذ صغري. أربي منذ فترة المراهقة هذا الحلم الساذج والجدي في نفس الوقت بأن أخرج يوما ما فيلما. كنت مشغوفا بالسينما المصرية، إذ كانت الثقافة الوحيدة في متناولنا نحن الفقراء. تلك الأفلام التي كانت تبث علي التلفزيون تعلمنا الكثير عن الحب وعن أنفسنا وعن المجتمع. وساهمت هذه الأفلام في إنقاذي كمثلي، فمكنتني من تكوين عالم آخر لا أحد يقدر أن يصفه بالسيء ويبعدني عنه

أما مراجعي السينمائية بعد ذلك فهي ثلاثية "أبو" للهندي ساتياجيت راي وسينما الميلودراما لراينر فيرنر فاسبيندر برومنطيقيته السوداء وانتقاده لألمانيا ونظرته الثورية والحنينة في آن واحد للمثلية. وأذكر أيضا فيلم "النرجس الأسود" لمايكل باول فكان له تأثير مباشر على "جيش الخلاص".

·        كيف تتطور وضعية المثليين في المغرب؟ 

المثليون غير موجودين في عيون المجتمع، والقانون يجرم المثلية ويعاقبها بالسجن. وتبقى نظرة المجتمع للمثليين قاسية جدا ومهينة. أما الصحافة المغربية فقد تغيرت كثيرا في تناولها لهذا الموضوع، فهي تدافع عني مثلا وتتيح للمثليين فرصة التعبير. وأسست مجموعة من المثليين المغربيين الشباب مجلة "مثلي" باللغة العربية. وابتكرت كلمة "مثلي" في اللغة منذ بضع سنوات لتشير للمثليين دون أن تحكم عليهم. وصارت الكلمة متداولة في كل مكان. ما لا يتغير هو السلطة

ويبقى الإعلان عن المثلية الجنسية في المغرب وفي العالم العربي أمرا مستحيلا بالنسبة للأشخاص. ويبدو المغرب أكثر تقدما من الدول العربية الأخرى بشأن المثلية إذ يوجد على الأقل جدال قائم، وخطوة ما قامت بها الصحافة ووسائل الإعلام

في نهاية الفيلم نشعر بحنين البطل إلى بلاده وهو يبكي في سويسرا عند استماعه إلى أغنية مغربية.

·        ماذا تشعر اليوم بالنسبة إلى البلاد التي قضيت فيها طفولتك؟

تربطني بالبلاد التي ولدت فيها علاقة قوية لن تمحى عبر السنين. عشت في المغرب 25 سنة. كل ما هو مغربي هو في داخلي، الثقافة والعنف والجنس والفولكلور... كلها غذتني

إن إحساسي مزدوج. أدرك اليوم كل ما منعني في المغرب من أن أحقق ذاتي وأن أفكر وأتحرر. أدرك كل ما يخنق الناس. لكن ذلك لا يحد من قوة تعلقي بالمغرب

من جهة أخرى فإن باريس ليست جنة ويصعب العيش فيها. فككل مكان آخر توجد فيها علاقات يحكمها النفوذ والتلاعب. لكن الثقافة في باريس في متناول الجميع وحتى الفقراء وهو أمر هائل. ثم في إمكان الناس أن يتقدموا في الحياة وأن يطلقوا مشاريع وأن يؤمنوا بإمكانية تحقيقها حتى وإن كانوا أجانب. فهذا ممكن رغم الصعوبات والعنصرية تجاه المهاجرين.

·        هل أنت مسلم وتؤدي فرائض الإسلام؟

أنا مسلم حر، بالمعنى الثقافي. أدافع كليا عن العلمانية، فلا يجب أن يتحول الإسلام إلى سياسة. لكنني لا أنكر الإسلام فصلتي عميقة بكبار مؤلفي الحضارة الإسلامية من فلاسفة وعلماء الاجتماع وكبار الشعراء

أنا أصيل عالم يحتاج فيه الناس إلى التحرر من الدين. وإذا قضيت وقتي في انتقاد واحتقار هؤلاء الناس لأسديت لهم خدمة، ومن الأحسن أن يستغنوا عنها... فيجب علي بالعكس أن أؤكد وألح على العلاقة التي تربطني بهم وأن أبقى في نفس الوقت كما أنا عليه.

·        هل يوجد مكان للمثليين اليوم في الإسلام حسب رأيك؟

طبعا يوجد مكان للمثليين في الإسلام! فأكبر شاعر عربي، أبو نواس، مثلي الجنس ويتغزل في الغلمان في أشعاره. مكانتهم موجودة إذن، وكل من أراد أن يلغيها سيخسر...

موقع "فرانس 24" في

06/09/2013

 

اليوم تُعلَن جوائز المهرجان فى دورة «تاريخية» لن تُنسى

بقلم   سمير فريد 

تعلن اليوم جوائز مهرجان فينسيا السينمائى، أعرق مهرجانات السينما الدولية فى العالم، والذى احتفل بدورته الـ٧٠ هذا العام. جاءت الدورة «تاريخية» بحق، ولن تنسى، وجاءت المسابقة من أحسن المسابقات فى تاريخ فينسيا إن لم يكن فى تاريخ كل المهرجانات الدولية الكبرى الثلاثة (مع كان وبرلين)، ويرجع الفضل فى ذلك بالطبع إلى مدير المهرجان الخبير الإيطالى الدولى الكبير ألبرتو باربيرا الذى تولى الإدارة العام الماضى.

حتى موعد كتابة هذه الرسالة، لم يتبق من أفلام المسابقة العشرين التى جاءت من ١٢ دولة من كل قارات الدنيا، ماعدا أمريكا اللاتينية، سوى فيلم واحد هو الفيلم الجزائرى «فوق الأسطح» إخراج مرزاق علواش، والذى يمثل العالم العربى وأفريقيا معاً. ومن المعروف أن علواش من كبار المخرجين العرب المعروفين دولياً، وكان فيلمه «عمر جتلاتو» عام ١٩٧٧ نقطة تحول أساسية فى تاريخ السينما الجزائرية، وهذه هى المرة الأولى التى يشترك فيها فى إحدى مسابقات المهرجانات الكبرى الثلاثة.

يتم فى العالم كل سنة إنتاج حوالى خمسة آلاف فيلم طويل، والمهرجانات الدولية هى الوسيلة الأساسية لتصفية هذه الأفلام، واختيار نحو مائة فيلم تصنع تاريخ الفن السينمائى فى هذه السنة أو تلك، ونحو ثلثى هذه الأفلام تعرض فى مهرجانات فرنسا وألمانيا وإيطاليا الثلاثة، والثلث الباقى فى المهرجانات الأخرى. وليس المقصود ما يعرض فى المسابقات فقط، وإنما فى البرامج الأخرى أيضاً، وليس المقصود أن المائة فيلم من التحف، فالتحف نادرة فى كل الفنون والآداب، وإنما الأفلام المتميزة بدرجات متفاوتة.

وفى أى مسابقة كبيرة يكون مستوى كل الأفلام جيداً بالطبع، ولكن الأذواق تختلف فى التقييم ما بين الجيد والمتوسط والممتاز والتحفة. ومتوسط عدد الأفلام فى المسابقات الكبيرة عشرون فيلماً، وإذا كانت هناك عشرة أفلام بين التحف والامتياز والجودة العالية فإن هذا العدد أقصى ما يطمح إليه أى ناقد أياً كان ذوقه. وقد ذكرنا مع نهاية النصف الأول من مسابقة فينسيا ٢٠١٣ أن هناك تحفتين: الفيلم البريطانى «فيلومينا» إخراج ستيفن فريرس، والفيلم الأسترالى «مسارات» إخراج جون كوران، وفيلمين ممتازين، وهما الفيلم الإيطالى «شارع كاستيلانا بانديرا» إخراج إيما دانتى، والفيلم اليابانى «هبوب الرياح» إخراج هاياو ميازاكى، واعتبرنا أن هذه نسبة قد لا تتكرر فى النصف الثانى من المسابقة، ولكنها تكررت، وجاء على نفس المستوى من الامتياز الفيلم الأمريكى «معرفة المجهول: حياة وعصر دونالد رامسفيلد» إخراج إيرول موريس، والفيلم الإيطالى «بطل وحيد» إخراج جيانى أميليو، والفيلم الإسرائيلى «أنا عربية» إخراج آموس جيتاى، وربما يضاف إليها أيضاً الفيلم الجزائرى، وهذا فقط عن المسابقة. ومن أعظم الأفلام التى عرضت خارج المسابقة الفيلم البولندى «ليش فاونيسا: رجل الأمل» إخراج أندريه فايدا، ولايزال هناك خارج المسابقة الفيلم الإيطالى «سكولا يتذكر فيللينى» إخراج إيتورى سكولا، والفيلم الفرنسى «الأمازون» إخراج تيرى بيرث الذى يعرض فى حفل الختام. وحديثنا لا يقتصر على الأفلام الروائية الطويلة، وإنما يشمل الأفلام التسجيلية الطويلة.

فى فيلمه عن «رامسفيلد»، وزير الدفاع الأمريكى أثناء حرب أمريكا ضد أفغانستان والعراق بعد ١١ سبتمبر، يواصل إيرول موريس التعبير عن أحداث كبرى مرت بها بلاده بعد فيلمه «ضباب الحرب» عام ٢٠٠٣، والذى عبر فيه عن حرب فيتنام من خلال الحوار مع روبرت مانمارا، وزير الدفاع أثناء تلك الحرب، وفاز بأوسكار أحسن فيلم تسجيلى طويل. والفيلم الجديد ثانى فيلم يخرجه عن حرب أمريكا فى العراق بعد «الإجراءات المعتمدة» عام ٢٠٠٨، والذى فاز بالدب الفضى فى مهرجان برلين.

وفى فيلمه الروائى الطويل العاشر منذ عام ١٩٨٢ «بطل وحيد» يتألق فنان السينما الإيطالى الكبير جيانى أميليو، والذى فاز بالأسد الذهبى عام ١٩٩٨ عن فيلمه «كيف كنا نضحك»، ويقدم من خلال بطله الذى يعيش فى ميلانو فى الزمن الحاضر رؤية للواقع العبثى وعبث الواقع تستمد جذورها من تقاليد الواقعية الإيطالية الراسخة. ويتنافس الممثل أنطونيو ألبانسى بقوة للحصول على جائزة أحسن ممثل عن دوره فى هذا الفيلم، كما تستحق ليفيا روزى جائزة أحسن ممثلة جديدة عن دورها فيه.

أما «أنا عربية» فهو من ناحية تجربة فنية غير عادية، إذ تم تصويره فى لقطة واحدة مدتها ٨١ دقيقة بمقدرة كبيرة، ومن ناحية أخرى يؤكد من جديد إصرار مخرجه على أن الحل الوحيد للصراع الفلسطينى - الإسرائيلى أن يعمل كلا الشعبين على العيش معاً. وهذا موقف آموس جيتاى الذى عبر عنه فى أكثر من ٤٠ فيلماً روائياً وتسجيلياً طويلاً وقصيراً فى العقود الأربعة الماضية. وهو من مواليد حيفا عام ١٩٥٠، وأخرج فيلماً مشتركاً مع الفلسطينى إيليا سليمان عام ١٩٧٧، وعرض مهرجان فينسيا العام الماضى كل أفلامه فى برنامج خاص.

ظل فيلم «فيلومينا» حتى أمس الأول فى المقدمة فى استفتاء الصحافة الدولية واستفتاء الصحافة الإيطالية واستفتاء الجمهور، ولكن هذا لا يعنى بالضرورة أنه فيلم الأسد الذهبى هذا العام، فلجنة التحكيم التى يرأسها بيرتولوتشى قد يكون لها رأى آخر، ومهمة اللجنة صعبة للغاية مع المستوى الرفيع للمسابقة

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

07/09/2013

 

يوميات مهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي (9)

فينيسيا: محمد رُضا

المشهد: فينيسيا وسينما الحرب

بينما تسمع جزيرة الليدو في مقاطعة فينيسيا طبول الحرب المقبلة، يقفز إلى البال أن السينما، مثل البشر، عاصرت كل الحروب منذ العالمية الأولى سنة 1914 إلى اليوم. «فينيسيا» أساسا تم تأسيسه مطلع الثلاثينات بيدي الديكتاتور الإيطالي موسوليني. لاحقا، امتنعت الدول الأخرى التي خاضت الحرب العالمية الثانية من سنة 1942 وما بعد، عن التوجه إلى هذا المهرجان في مقاطعة شاملة. لم يتأثر فينيسيا بذلك، بل داوم على عرض أفلام دول المحور، ومعظمها كان إيطاليا وألمانيا.

لكن الحروب المتتابعة أثارت اهتمام السينما بشقيها التجاري والمهرجاناتي. هناك أفلام عن كل حرب وقعت في التاريخ حتى من قبل اختراع السينما، مثلا أنجز سيرغي أيزنشتاين فيلما بأوامر من ستالين سنة 1938 بعنوان «ألكسندر نيفسكي» الذي يروي فيه وقائع المعركة الحاسمة التي جرت بين الجيش الألماني والروس سنة 1242. والحقيقة أن هذا الفيلم ربما لم يكن ليتم صنعه لو أن ألمانيا في الثلاثينات حافظت على معاهدة تم توقيعها قبل 1938 ونقضتها بعد سنوات قليلة. وحين قام الألمان بالهجوم على الاتحاد السوفياتي قامت صالات السينما بطول البلاد وعرضها بعرض هذا الفيلم الواقع، على حسناته، في خانة البروباغندا.

وهناك أفلام بالعشرات عن معظم الحروب الأخرى، مثل الحرب المكسيكية - الأميركية والحرب الأهلية الأميركية والحرب الأهلية اللبنانية والحروب العربية - الإسرائيلية جميعها، والحرب البريطانية - الفرنسية والأخرى التي اندلعت بين بريطانيا وإسبانيا، كذلك الحرب الأهلية الإسبانية وتلك المكسيكية والحرب العالمية الأولى ثم الثانية ومتفرعات كل منها كالحرب الكورية - الأميركية والحرب البلقانية والحرب الأهلية في يوغوسلافيا بعد تفكيكها وبالطبع الحرب الفيتنامية والحربين الخليجيتين.

الأحداث المتلاحقة في سوريا وفي مصر وليبيا من قبل شهدت عددا من الأفلام الروائية (والتسجيلية أيضا، ولو أن الحديث هنا عن الروائية)، وما زالت هناك احتمالات واقعية في أن تعود إليها السينما العربية في المستقبلين القريب والبعيد. الممثل والمنتج عمر واكد، على سبيل المثال، أنجز فيلمه الأول حول الموضوع «الشتا اللي فات»، ويصور فيلما آخر مع المخرج إبراهيم البطوط له علاقة وثيقة بما يحدث الآن في مصر.

يقول: «في اعتقادي الشخصي أننا سنشاهد المزيد من هذه الأفلام وأكثرها سيتم إنتاجه في السنوات البعيدة، عندما تتضح الصورة أكثر فأكثر. فهي ضبابية الآن على نحو لا يشجع على الإقدام عليها الآن، إلا إذا كان لدينا القدرة على التعامل مع ما هو واضح من الصورة فقط».

وهناك فرق طبعا بين الحرب في السينما والحرب التي نشاهدها كأخبار تلفزيونية. الأولى حتى حين تكون واقعية فإن ممثليها يبقون أحياء. ينهضون من الموت ويقبضون أجورهم كممثلين ويدلفون إلى فيلم آخر. وهي حرب تُخاض على الورق في شكل حكايات، ثم تمر بمراحل إنتاج وتصوير وتُحشد لها ذخائر فارغة وقنابل دخانية لا تضر، أو يتم تضخيمها في تقنيات اليوم حتى تبدو - كما هي في الواقع - مفجعة. أما الحرب الحقيقية فإن سيناريوهاتها مختلفة، وكل ما فيها حقيقي مائة في المائة. ومن يموت فيها لا يمكن له أن يعود من جديد، مما يجعل الموت السينمائي أرحم بكثير.

أفلام اليوم :

الفيلمان المغربي والياباني هما الأفضل

واحد واقعي والآخر فانتازي

مليكة ضد العصابة «خائنات» 

* حضور نسائي قوي في فيلم جيد هو الأول من مخرجه الأميركي شون جيليت صوره في المغرب بقصة مغربية ومع ممثلين كلهم من المغاربة. على عكس «مي في الصيف» لشيرين دعيبس، الذي تم تقديمه على شاشة المهرجان ذاته، لا يعاني الفيلم من تمزق هوية، كونه ناطقا بالعربية، في حين تناوبت اللغتان العربية والإنجليزية على حوار الفيلم الآخر. إنه حول مليكة (شيماء بن عائشة) التي تقود فريقا موسيقيا يعزف ويغني «البانك» و«الراب». هذه هو مطلع الفيلم منطلقا بعد ذلك لسبر غور حياتها الخاصة ومشكلات عائلتها المدقعة في الفقر. في الوقت ذاته، فإن مقابلتها لمنتجة أسطوانات أعجبت بما سمعته وتطلب منها أن تعود إليها مع «برومو» كامل، هي ما كانت تتمناه لأنها جادة في مسعاها وحبها للغناء. المشكلة هي أن عليها أن تتحمل تكاليف الـ«برومو»، وهي لا تملك شيئا منها. تخدع زبونا اعتقد أنها ستبيعه نفسها، فتسرق بعض ماله وتهرب به، لكن الفرصة الوحيدة المتاحة هي أن تقود سيارة من مراكش إلى بلدة جبلية بعيدة حيث سيتم توزيع أكياس المخدرات في مخابئ داخل السيارة لنقلها بعد ذلك إلى أحد المرافئ، حيث سيتم شحنها إلى فرنسا. إنها مهمة جديدة وخطرة ويزيدها خطورة رغبتها في مساعدة امرأة تشاركها الرحلة (صوفيا عصامي) التي تتحمّل الكثير من الضيم والحامل بلا مستقبل. تنصحها مليكة بالهرب بعيدا وللحال ثم تنبري لتتحمل تبعات ما قامت به أمام العصابة. «خائنات» (وليس «خونة» كما يحمل الفيلم عنوانه العربي، لأن «خائنات» هو اسم الفريق الموسيقي النسائي) جيد كحكاية نسائية مفعمة بمواقف إنسانية وبطولية قابلة للتصديق وكفيلم تشويقي. معالجة المخرج ليست هوليوودية وفهمه لطبيعة الحياة ولإيقاعها وامتلاكه سيناريو جيد النص والحوار إمكانيات ساعدته على تكوين عمل ممتاز. لكن ما يسجل للفيلم تمثيل بطلتيه شيماء وصوفيا. الأولى تمتلك الفهم لكيفية المحافظة على حضور قوي وثابت طوال الوقت، والثانية تبدأ تشخيصها من نقطة معينة ثم تصعد بها تدريجا إلى حيث تريد.

* صفحات جديدة عن اغتيال قديم Parkland

* «باركلاند» هو اسم المستشفى الذي تم نقل الرئيس الأميركي جون ف. كيندي إليه عندما قام لي هارفي أوزوولد بإطلاق النار عليه في عملية اغتيال هزت العالم؛ إذ وقعت على أعتاب عدد من القضايا التي كان البيت الأبيض يحاول معالجتها. هناك جديد مطروح في هذا الفيلم لم يسبق لأفلام روائية أخرى أن عرضته، وإن فعلت فإنها لم تستطع (أو لم ترغب في) تسليط ضوء قوي عليه. سابقا، ومن بين الأفلام التي تناولت الموضوع، شاهدنا أوليفر ستون يرسم علامات استفهام أكثر مما يجيب على المطروح في فيلمه «ج. ف. ك»، وغاص الممثل/ المخرج إميليو استيفيز في استعراض اجتماعي أكثر مما حاول تقديم الحقائق. هذا الفيلم يستفيد من أن المخرج بيتر لاندسمان كان صحافيا ويقدر قيمة عنصر البحث في العمل، وحافظ عليه طوال العمل على هذا الفيلم. جزء كبير من الأحداث يقع في ذلك المستشفى بطبيعة الحال مع شخصيات مثيرة للاهتمام كتلك التي يؤديها بيلي بوب ثورنتون وزاك إفرون وكوين هانكس (شقيقه توم هانكس من منتجي الفيلم). ما يخدش ظاهر كل هذه الحسنات الاعتقاد بأن تصوير المشاهد على بعد ذراع أو ما دون من الممثل سيجعل الفيلم يبدو أكثر إلحاحا.

* فتاة تبحث عن فيلم My Name is Hmm

* «اسمي ...» يبدأ في مكان ومع قضية ثم ينفصل عنها إلى مكان وقضية أخرى. هذا لا بأس به باستثناء أنها لم تعمد لحل ما سبق طرحه ولا للعودة إليه. بالنسبة للمخرجة التي تكتفي باسم أنييس ب. فإن ما يهمها ليس أن الفتاة الصغيرة تعاني من تحرش والدها الجنسي بها، بل سريعا ما تقرر أن هذا الأساس الذي وضعته في المشهد الأول من الفيلم كافٍ لمواصلة الحديث بعيدا عنه كتبرير حول سبب قيام الفتاة برحلة وحيدة على الطرق البرية مستخدمة الشاحنات والسيارات. العنوان يعود إلى رفضها إعطاء اسمها لأحد. إنها (لو - ليليا دمرلياك) في الـ11 من عمرها. بعد أن توعز لجدتها بأنها ليست على ما يرام، من دون أن تبوح بالسبب، تنفصل من العائلة التي قررت قضاء عطلة قصيرة على شاطئ البحر، وتتسلل إلى شاحنة وتنام فيها. حين تستيقظ تجد نفسها في مكان آخر كون السائق لم ينتبه لحمولته الخلفية. الصدفة تلعب دورها هنا فالسائق (دوغلاس غوردون) فقد زوجته وأولاده في حادثة، لذلك لن يخبر البوليس عن هذه الفتاة حتى من بعد أن شاهد الإعلانات المنتشرة حول فقدانها، بل يقوم برعايتها. المشكلة هي أن المخرجة لا توظف أيا مما سبق في منهج روائي متبلور أو مثير للاهتمام. الفيلم درامي كنوع، لكنه خال من الدراما كتطبيق.

* النظرية صفر.. والفيلم كذلك The Zero Theorem

* حاول المخرج تيري جيليام البحث عن معنى للحياة في أكثر من فيلم، بينها «معنى الحياة»، ذلك العمل الذي بدا مثيرا سنة 1983، وشاخ وهو في الثلاثين من عمره، الذي اشترك في تحقيقه مع المخرج البريطاني تيري جونز. الفيلم الجديد يتحدث عن خبير كومبيوتر اسمه كوهن (لكن معظمهم في الفيلم يدعوه كوين أو كولين، وهو يواصل تصحيح اسمه لهم) يقوم به كريستوف فولتز. التصحيح يتكرر من دون جدوى، كذلك تقديم هذه الشخصية كحالة إنسانية ترزح تحت الضغط في بحثها عن معنى للحياة، بل للوجود بأسره معتقدا أنه سيكتشف المعنى في يوم قريب. يبدأ الفيلم به وهو نائم في الكنيسة المهجورة التي اتخذها مسكنا، وحين يخرج إلى العالم يخرج إلى فوضاه الماثلة. المستقبل المصور هنا ليس بعيدا ولا حتى مختلفا كثيرا، باستثناء أن فوضاه هي أعلى نبرة من ذلك الذي نعيشه اليوم. يتجه إلى عمله في مؤسسة يديرها مات دامون، الذي يحب أن يرتدي ملابس من لون وتصميم الأثاث من حوله. العنوان يرمز إلى ما يراه كوهن مفتاح فهم الحياة، على أساس أن الصفر هو الرقم الوحيد الكامل. لكن علاقة ذلك بمعنى الحياة أو الوجود على سطح هذا الكوكب أمر يبقى في بال الفيلم وبطله، من دون أن يخرج جيدا إلى العلن. كريستوف فولتز يؤمن ما يبحث عنه المخرج من أداء، لكنه لا يتجاوز به ما سبق له أن نال الأوسكار عليه مرتين. الفيلم بأسره فوضى غير منظمة في الشكل والعناصر المكونة للصورة، كما لطريقة السرد.

* ساعتان من الخيال الممتع The Wind Rises

* الأنيماشن الياباني الجديد من هايواي ميازاكي قد لا يصل إلى مستوى تحفته في «بونيو» و«منطلقة روحيا»، فيلمين مذهلين بحد ذاتهما، لكنه لا يزال عملا جيدا على أكثر من نحو. في نصف الساعة الأولى يقدم لنا بطله جيرو (صوت هدياكي أنو)، الذي يشهد الزلزال الكبير الذي أصاب طوكيو ويوكوهاما في عام 1923، والحريق الكبير (ثم الطاعون) اللذان تليا الزلزال المدمر. الحلم الذي يكنّه ناهوكو هو الطيران. جيرو ليس شخصية خيالية بالكامل، بل تقوم على شخصية باسم جيرو هوريكوشي الذي صمم الطائرات الحربية اليابانية، تلك التي - وكما نرى في الفيلم لاحقا - شكّلت معضلة عسكرية للقوات الأميركية، كونها أكثر فعلا وقوة مما امتلكته القوات الجوية الأميركية أيام بيرل هاربر. لكن الفيلم يخلو من النبرة العسكرية لأنه لا يرغب بها. ميازاكي يتحدث عن شخصية تحلم بمنأى عن نتاج حلمها ولو إلى حين. وحلمه ليس الوحيد الذي يكون الجانب الإنساني، بل قصة حبه للفتاة التي تعرف عليها ذات مرة ناهوكو (صوت ميوري تاكيموتو).

كل ذلك رائع ومفيد، باستثناء أنه ليس كل ما هو جيد هنا. فعلى الرغم من المضمون السياسي والإنساني المحذر من مغبة اتباع سياسة عسكرية جديدة في اليابان اليوم، فإن هناك ذلك الشغل على الرسم من دون وجل من التفاصيل، بل اندفاعا لها. تلك التفاصيل مذهلة لكثرتها وتعددها ولتأثيرها على صفحة الفيلم. وهي ليست مشغولة بمعزل من الحدث الرئيس، بل استكمالا له. المفهوم التقليدي للأنيماشن الأميركي هو أن تستخدم العنصر الذي ترسمه، فإذا ما كان هناك كرسي في المشهد، فإن أحد ممثليه سيستخدم هذا الكرسي لغاية. لكن المفهوم الذي طالما ساد أعمال ميازاكي هو أن عناصر الحياة موجودة في كل شأن من شؤوننا، وليس لها أن تلعب دورا ما إذا لم يكن لها دور. يكفي أن تشكل جزءا من المرئيات على الشاشة تقريبا للمسافة بين الفانتازيا والحقيقة، كما إمعانا في السيطرة الفنية على أسلوب عمل لا تكاد تصدق أنه غير مصور مع بشر حقيقيين.

بينهم أميليو وفرانكو وستيفن فريرز

سبعة مخرجين يتحدثون عن أفلامهم

* مهرجانات السينما التي بحجم هذا المهرجان، هي محطات لقاء يؤمها المخرجون العاملون؛ سواء أكانت أفلامهم معروضة في المسابقة أو خارجها. كل فيلم له مخرجه (وفي أحيان قليلة له أكثر من مخرج) ولكل مخرج رؤيته والغاية التي دفعته لاختيار الموضوع الذي قام بتقديمه على الشاشة.

بالنسبة لمهرجان فينيسيا الحالي، فإن الوجهة غير التجارية للمهرجان ثابتة، مما يمنح المخرجين جوا رحبا يشعرون فيه أنهم يحتلون الصدارة، أكثر مما يفعل الممثلون، باستثناء النجوم منهم بالطبع. خلال الأيام التسعة الماضية، التقت «الشرق الأوسط» بكثير من المخرجين الموجودين. بعض هذه اللقاءات كان محض صدفة، وبعضها نتيجة اتصالات. وكان من البدهي أن يسعى هذا الناقد لتوظيفها فيما يخدم القاري. بعض اللقاءات كانت سريعة ولم تتسع إلا لسؤالين، وبعضها الآخر كان رحبا، لكننا وانسياقا مع المقابلات القصيرة اخترنا منها سؤالين. المحور هنا المخرج وكيفية قراءته للفيلم الذي قام بتحقيقه.

* جياني أميليو: «بطل وحيد» (إيطاليا):

·        يتخذ فيلمك نبرة كوميدية حينا ثم دراميا حينا آخر.. لماذا؟

- حين بدأت الكتابة كانت الغاية تحقيق فيلم كوميدي، لكن المادة ذاتها جادة عن رجل طيب القلب ووحيد في عصر مزدحم لا يلتفت إلى الوراء ولا إلى المنسيين مثله. هذا الوضع لم يتغير خلال التصوير. أردته تماما كما رأيته. كوميديا ودراميا ولم أكترث بما إذا كان المشاهد سيعتبره كوميديا في المقام الأول أو العكس.

·        عنوان الفيلم الإيطالي يختلف عن الإنجليزي.. لماذا؟

- لذلك علاقة بمجلة «كوميكس» إيطالية كنت أقرأها وأنا صغير، اسمها «باسل» (L›intrepedo) لكن بالإنجليزية وجدنا أن العنوان لن يعني الكثير، فكان لا بد من التغيير. بالنسبة لي فإن الشخصية التي يمثلها أنطونو ألبانيز باسلة. بطلة حقيقية لكن كشأن أبطالي جميعا فإن بطولاتهم ليست ظاهرة.

* جيمس فرانكو: «طفل الله» (الولايات المتحدة):

·        شخصيتك الرئيسة تصطدم بالعوائق حين تحاول التواصل مع الآخرين.

- هذا هو المقصود تماما. لقد اقتبست رواية الكاتب كورماك مكارثي وهي تتحدث عن صعوبة التواصل مع الآخر بالنسبة لبطله. هذا الموضوع وجدته مهما، لأن بعضنا يدرك أنه يريد الخروج من وحدته ويعرف أنه من الضروري أن يفعل ذلك، لكنه لا يعرف كيف، وحين يخطئ، فإن النتيجة هي المزيد من العزلة.

·        تعتمد الكاميرا المحمولة.. هل تراها أفضل تعبيرا؟

- أعتقد أنها مناسبة لهذا النوع من القصص. القصة وشخصيتها تفرض شكل التعامل معها. حين قررت تحقيق هذا الفيلم استبعدت تلقائيا أن أعمد إلى أسلوب سرد متداول، وقررت أن كاميرا بلا منهج تقليدي هي ما يناسب ما أقوم بعرضه. يناسب الوضع المهزوز للشخصية ذاتها.

* إدغار رايتز: «شظايا وطنية: النساء» (ألمانيا):

·        الذي تردد بعد عرض فيلمك هذا هو أن أسلوبك المختار أكثر تعقيدا مما يجب.. هل توافق؟

- بالطبع لا أوافق. لا أرى أي تعقيد، بل أرى أن الذي يقول ذلك لم يكن عليه أن يشاهد هذا الفيلم، بل فيلم آخر. هذا الفيلم بالنسبة لي تعليق اجتماعي على وضع ساد في القرن التاسع عشر. وأنا اخترت تقطيع المادة إلى فصول على النحو الذي شاهدته. وعندي أنه لا تستطيع أن تلغي هذه الفصول لأنها إشارات لمراحل أساسية.

·     هناك شخصيات كثيرة في هذه القصة، لكنك اخترت التركيز على شخصين فقط يشكلان البطولة.. لماذا؟

- لأنه على الرغم من مدة العرض التي تصل إلى 230 دقيقة، كان مطلوبا مني أن أخلق قلبا لهذا الموضوع حول هجرة كثير من الألمان إلى أميركا الجنوبية في القرن التاسع عشر. جاكوب وأخوه في رأيي يختزلان الباقين، لأنهما يحلمان بالسفر ويدركان أن الحلم هو ما سيجعلهما قادرين على تحويل الحلم ذاته إلى واقع.

* لي سانغ - إل: «غير المسامَح» (اليابان):

·        لماذا اخترت فيلم كلينت إيستوود هذا لكي تقوم بإخراجه كفيلم ياباني؟

- من بين كل أفلام إيستوود وجدت أن هذا الفيلم حول المقاتل الذي يريد أن يتخلى عن ماضيه العنيف، لكن ماضيه العنيف لا يريد التخلي عنه، يحمل كثيرا مما يمكن طرحه من جوانب. أنا معجب بهذا الفيلم كثيرا، لأنه يتحدث عن هذا الموضوع تحديدا. بطلي (كن واتانابي) مثل إيستوود، نبذ العنف وعاش وحيدا في مزرعة صغيرة، لكن الماضي عاد إليه ليثبت أن حياته السابقة لا يمكن لها أن تغيب. هو مسؤول عنها. نحن جميعا مسؤولون عن أعمالنا السابقة التي قد تعود فتهيمن على مستقبلنا.

·        شعرت أنك تريد أيضا التعليق على الحاضر؟

- نعم، هذه ملاحظة صحيحة، لأن القصة يمكن لها أن تقع اليوم وهي تقع بالفعل. الكثير من العنف في هذا العالم ناشئ عن كثير من العنف الذي ساد البشر كافة في كل مكان. كل ما عليك هو أن تستبدل المكان والزمن لتجد أن القصة ذاتها تقع اليوم مع أفراد ومع مجتمعات.

* ستيفن نايت: «لوك» (بريطانيا):

·        فيلم حول شخص واحد يقود سيارة لساعة ونصف الساعة. هذا تحدٍّ.

- نعم. هذا بالتأكيد تحدّ صعب قررت أن أخوضه ليس فقط لأني أحب التحديات، بل أيضا لأن الحكاية كان لا بد لها أن تقع كما نشاهدها. أقصد أنه حين نتحدث عن ابتداع معالجات جديدة، فإن على المخرج أن يسعى لإيجادها وقبول صعابها.

·     الكاميرا منصبة على الشخصية التي يؤديها توم هاردي.. هل كانت لديك مخاوف من أن يفتر اهتمام المشاهد بالعمل بسبب ذلك؟

- فهمت الفيلم على أساس أن عليه أن يجبر المشاهد على متابعة ذلك الشخص الذي يحاول حل مشكلاته العاطفية والآنية عبر الهاتف مع الآخرين. أعتقد أننا نصبح أكثر ولوجا لعالم هذه الشخصية بجعل الكاميرا تنصب عليها من دون أن تجفل. المعادل الوحيد الذي كان عليه أن أضمنه هو الممثل الذي يستطيع أن يتصرف بثقة وبحماس شديد طوال الوقت، وتوم هاردي أمن ذلك بلا ريب.

* شون جيليت: «خائنات» (المغرب/ الولايات المتحدة):

·        لماذا فيلما بموضوع مغربي؟

- تزوجت من مغربية منذ خمس سنوات، وأعيش الآن في مدينة طنجة، ولذلك كان طبيعيا أن أقوم بتقديم حكاية تقع في إطار المجتمع المغربي، ولو أن الأحداث تدور في مدينة مراكش. أفهم المجتمع وأعرفه، وإلا لكانت المهمة مستحيلة.

·     «خائنات» فيلم حول فتاة قوية الإرادة تعرض نفسها للخطر في سبيل إنقاذ مستقبل فتاة أخرى. هو فيلم مؤلف، لكنه يعتمد كثيرا أيضا على الممثلة شيماء بن عايشة.. هل توافق؟

- جدا. لو لم تكن في الفيلم لكان علي البحث عن ممثلة شابة أخرى تستطيع أن تجسد الشخصية التي أريد. وأنا محظوظ أنها كانت حاضرة لي. فيلم كهذا كان لا بد له من أن يرتكز على شخصية فتاة عنيدة تقوم، لأجل جمع المال اللازم لتسجيل «برومو» لأغنيتها، من أن تقوم بتلك المخاطرة. أعتقد فتاة ضعيفة الشأن كانت ستعني فيلما آخر بكل تأكيد.

* ستيفن فريرز: «فيلومينا» (بريطانيا):

·     ما دوافعك لفيلم «فيلومينا»؟ هل تكمن في حكاية المرأة التي تبحث عن ابنها، أو الصحافي الذي يبحث عن وظيفة؟

- الدوافع تتلخص في أنني أولا رغبت في العمل مع الممثلة جودي دنش مرة أخرى. إنها جوهرة للعمل معها. والموضوع أيضا جذبني على الصعيدين المذكورين، شخصيتها وشخصية الصحافي الذي عادة لا يقوم بمثل هذه التحقيقات لكنه شعر بأنه ربما استطاع مساعدة هذه المرأة التي تشكل حالة خاصة لم يعتد عليها من قبل، وبذلك أوجد لنفسه دورا في الحياة كان بدأ بالبحث عنه بعدما توقف عن عمله التلفزيوني السابق.

·        هل قابلت فيلومينا الحقيقية؟

- بالتأكيد. لقد التقيت بها أكثر من مرة، ووجدتها امرأة رائعة وقوية ومباشرة من دون التواء. مستقيمة كالسهم. هذه هي الملامح الأساسية التي جذبتني إلى شخصيتها. ذات مرة طلبت أن تحضر التصوير ووافقت على طلبها في اليوم الذي كنا نصور فيه مشهدا مهما. وقفت هناك تنظر إلى ما يدور. على الرغم من كل ما حدث لها كانت لا تزال على قدر كبير من الإيمان.

الشرق الأوسط في

07/09/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)