«امريكان
هاني».. الاحتيال والحلم الاميركي الزائف
«كان»
ـ عبد الستار ناجي
يناقش فيلم «امريكان هاني» للمخرجة البريطانية اندريا ارنولد قضية
في غاية الاهمية تتمثل في ضياع الشباب وانخراطهم في مغامرات تجمع
الاحتيال والحلم الزائف. في سياق عمل سينمائي على شاكلة افلام
الطريق يأخذنا من خلال حكاية الشابة ستار ساشا لين – التي تجد
نفسها في حالة من العدم مع زوج مدمن وطفلين تضطر في أحيان كثيرة
للبحث في القمامة من أجل تأمين لقمة عيشهم. حتى تلتقي ذات يوم
بالشاب جاكي شيا لابوف مع مجموعة من زملائه تعجب به ويطلب منها
مرافقتهم مع تأمين عمل ودخل مادي. كما يخبرها عن عنوانهم.
وفي اليوم التالي وبعد ان ينام زوجها تأخذ ابنها وابنتها معها حيث
تبقيهما مع احدى صديقاتها لتواصل طريقها للحاق بذلك الشاب. حيث
نتعرف على تفاصيل رحلة تلك المجموعة التي تقودها شابة تقوم بتشغيل
تلك المجموعة من الشباب من اجل جمع الاشتراكات لعدد من المجلات
الاميركية مقابل مبالغ زهيدة. ومقابل كل اشتراك يحصل عليه احد
الشباب هنالك نسبة بالإضافة الى السكن والاكل. علما بأن المجموعة
تتحرك في انحاء الولايات المتحدة الاميركية بالذات تلك الولايات
الفقيرة.
وتمضي الرحلة عبر كم من الحكايات. حيث تتطور العلاقة بين ستار و
جاكي الذي نكتشف لاحقا بأنه مقرب من صاحبة المشروع وايضا يحصل على
مبلغ من المال مقابل كل فتاة تنضم الى المجموعة التي تضم خليطا من
الجنسين الذين يبحثون عن حلم مفقود وينشغلون بالاستماع للاغاني
طيلة الطريق مع ترديدها. كما يعترف جاكي لصديقته ستار بانه قام
بعدة سرقات من البيوت التي دخلها بحجة البحث عن الاشتراكات
بالاضافة الى مبلغ من المال.
وفي كل محطة حكاية تسلط الضوء حول حالة الفقر التي تعيشها العديد
من الولايات الاميركية وايضا غياب الحلم والاعتماد على الاحتيال
تارة والتنازلات تارات أخرى. بل ان لعبة التنازل توصل ستار لان
تمارس الدعارة كى تحصل على مبلغ بسيط لتقديمه للمسؤولة عن المشروع
على انه اشتراكات حصلت عليها.
في الفيلم وبخط متواز كم من الاغنيات التي تمثل احدث الاغاني
الاميركية التي يظل المشاهد يستمع اليها كمسار واثراء للبناء
الدرامي. بل ان الغناء يأتي هنا كجزء اساسي من الخط الدرامي الذي
يظل محوره العلاقة بين ستار وجاكي.
كل الاحاديث هامشية ومعادة ومكررة، حتى الالعاب التي يمارسها
الشباب تصل في احيان كثيرة الى العنف المجاني الارعن والقاسي.
والعلاقات مفرغة من المضامين والعمق كل شئ قابل للانفصال للاسباب
المادية البحتة.
مجموعة من الشباب الضائعة التي تمتهن اللاشيء من أجل بضعة دولارات
بهدف الحصول على اشتراكات وحقيقة الامر هو النصب والاحتيال.
وتمضى الرحلة. حيث لاشيء يكتمل ولا شيء يتطور أو ينمو أو ينضج. حتى
يأتي السؤال المحوري عن الحلم حيث لا حلم أمام تلك الظروف المزرية
لجيل من الشباب يغرق في وحل الفقر وغياب فرص العمل وتلاشي المستقبل.
فيلم شديد الحساسية. بالذات المشاهد الأخيرة حينما تذهب ستار الى
البحر بنية الانتحار. ولكنها تعود عن قرارها.. حتى رغم الظروف
الصعبة.
ورغم غياب الأمل وغياب المستقبل تتحول تلك الشريحة من الشباب الى
شيء ما يشبه الحشرات الطيارة التي تعيش على الهامش وتنتهي حياتها
بسرعة لأنها بلا حلم وبلا مقدرة على تحقيق ذلك الحلم.
وراء هذا الفيلم الكبير والثري بالتفاصيل المخرجة البريطانية
اندريا ارنولد التي كانت قد فازت بجائزة الكاميرا الذهبية في
فيلمها الأول في مهرجان كان السينمائي عام 2006 عن فيلم الطريق
الاحمر كما قدمت ايضا فيلم فانش تانك عام 2009 وفي جملة تلك
التجارب يظل الشباب وقضاياهم هو الحاضر الاساسي.
في الفيلم وبلياقة عالية يأتي أداء شاسا لين بدور ستار وأيضا النجم
الاميركي شيا لابوف الذي يخلع جلده ليطل علينا بشخصية تجمع
الاحتيال والعاطفة المجانية والرغبة في البحث عن حلم على حساب
الفقراء والابرياء.
ونخلص.. فيلم «امريكان هاني» والعنوان مأخوذ من إحدى الأغاني
الاميركية الشباب هم المحور وهم القضية الاساسية.
«الخادمة»..
لغة سينمائية كورية مشبعة بالحكايات والتفاصيل
«كان»
ـ عبد الستار ناجي
يذهب المخرج الكوري القدير بارك تشان ووك الى منطقة جديدة في
فضاءات حرفته السينمائية بعد ان طاف في جملة من المحطات التي رسخته
كواحد من القامات السينمائية الكبيرة في كوريا الجنوبية والعالم
على حد سواء.
ودعونا قبيل الذهاب الى فيلمه الجديد «الخادمة ـ
MADEMOISELLE»
الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولى نتوقف
قليلا امام مسيرة هذا المبدع السينمائي الذي ولد في سول عام 1963.
وقد بدأ مشواره السينمائي عام 1992 بفيلم القمر هو.. والشمس الحلم
ومن ابرز اعماله فيلم اولد بوي 2003 الذي اقتبسته السينما
الاميركية من خلال عدة نسخ وان ظلت النسخة الاصلية تؤسس لمرحلة
عالية المستوى من افلام المغامرات في السينما الكورية والعالمية.
اما فيلمه قبل الاخير هو ستوكر وقدمه عام 2013. وهو يعود من جديد
الى مهرجان كان السينمائي عبر فيلمه الخادمة الذي يرتكز على نص
روائي يذهب بنا الى عام 1930 حينما كانت كوريا الجنوبية تحت
الاحتلال الياباني حيث نتابع حكاية سوكي كيم تاي ري التي يتم
اختيارها للعمل كخادمة عند احدى الاسر اليابانية الثرية.
ويأتي اختيارها من قبل لو كونت هاي جونج يوو من أجل ان تحاول اقناع
فتاة شابة تقيم مع عمها في القصر التابع للاسرة اليابانية بان
ترتبط به. على ذلك الاساس تأتي الحيلة. خادمة من اسرة فقيرة تعيش
على سرقة الذهب وتربية ورضاعة الاطفال الى خادمة في منزل اسرة
يابانية ثرية تعيش على تقاليد صارمة. يوما بعد اخر راحت تتطور
العلاقة بين الخادمة الشابة هديكو كيم مين هو من جانب ومن الجانب
الاخر بين الشابة والكونت. حيث تسعى الشابة للتخلص من عمها المتسلط
والذي يريدها ان تقرأ الروايات الجنسية لضيوفه من الاثرياء. كل
يتحرك الى هدفه.
الخادمة من أجل تحسين ظروفها والكونت للحصول على الثروة والشابة
الثرية للتخلص من عمها. الكل يلعب على الاخر. الخادمة على الكونت
والشابة. وفي المقابل الكونت على الخادمة والشابة. وايضا الشابة
على الخادمة والكونت. حتى اللحظة التي تتطور العلاقة بين الخادمة
والشابة الى علاقة مثلية. وعبر تلك العلاقة التي تظل محاطة
بالاسرار. يبادر عم الشابة الى تصفية الكونت وتتمكن الشابة من
الهروب من سول الى شنغهاي برفقة صديقتها الخادمة بعد تغيير هويتها
وتجميع كافة الاموال التي كان تجمعها اسرتها والكونت الكذاب.
كل تلك الاحداث تأتي ضمن احترافية سينمائية عالية المستوى ابدع في
صياغتها كسيناريو الكوري بارك تشان ووك والذي قام بنفسه باخراج
الفيلم. بالتعاون مع فريق عمل رائع من فريق الممثلين. وايضا مدير
التصوير المقتدر شونج شونج هون بالاضافة الى الاحترافية في تصميم
المشاهد التي ظلت تدور دائما في ثلاثينيات القرن الماضي.
سينما بارك تشان ووك هي سينما الاحتراف العالي الجودة. الذي يأسر
المشاهد ويجعله ملتصقا بكرسيه وهو يتابع احداث هذا الفيلم الثري
باللغة السينمائية المشبعة بالحكايات والتفاصيل والألوان وأيضا
القيم الكبرى حتى وان اختلفنا مع بعضها الا انها تظل سينما تذهب
الى المشاهد باحترام رفيع المستوى. وهي سينما نظل نترقبها ونرصدها.
«لافينج»
فيلم أميركي يطرح قضية الزواج المختلط ينافس على السعفة الذهبية
«كان»
الوكالات ـ سينماتوغراف
قد تكون قصة عن زواج مختلط فرصة ذهبية بالنسبة لدراما تدور في قاعة
محكمة لكن المخرج الأمريكي جيف نيكولز اختار فيلما عن قصة حب
حميمية ينافس الآن على جائزة السعفة الذهبية أكبر جائزة في مهرجان
كان السينمائي الدولي.
ويتحدى نيكولز -الذي نال إعجاب النقاد لأعماله المفعمة بالقلق مثل
«تيك شيلتر» و«ميدنايت سبشيال» – التوقعات في فيلمه (لافينج»
بالتركيز على قوة الحب في مواجهة كل الصعاب بدلا من تقريع
المشاهدين بالسياسة العنصرية.
ويستند الفيلم إلى قصة حقيقية لرجل أبيض وامرأة سوداء من فرجينيا
تزوجا في واشنطن في عام 1958. وعندما عادا إلى ولايتهما سجنا في
البداية ثم نفيا لأن الزواج المختلط كان محظورا في فرجينيا في وقت
كان الفصل العنصري لا يزال شائعا في أمريكا. وأعيد توطينهما في
واشنطن لكنهما كافحا للتكيف مع الحياة في المدينة.
ونقل المحامون قضيتهما إلى المحكمة العليا الأمريكية التي قضت بأن
حظر الزواج المختلط غير دستوري وهو حكم تاريخي لصالح الحقوق
المدنية أنهى كل القيود على الزواج المستندة إلى الفروق العنصرية
في الولايات المتحدة.
وقام ببطولة الفيلم الممثل الاسترالي جويل إدجرتون الذي قام بدور
الرجل الأبيض ريشتارد لافينج أمام الممثلة الأيرلندية المولودة في
إثيوبيا روث نيجا التي لعبت دور المرأة السوداء ميلدريد لافينج.
وأثار أداء نيجا البارع توقعات في كان بأنها قد تتأهل لجائزة
الأكاديمية.
وقال نيكولز الذي قدم من قبل فيلمي «ماد» و«تيك شيلتر» في مهرجان
كان «نظرت إلى القصة وكان واضحا تماما بالنسبة لي أننا فقط في حاجة
لأن نتحدث عن الناس».
ومضى يقول «القضية في حد ذاتها مثيرة لأن تصبح فيلما. لكن لم أرغب
في جعله فيلما عن فضية في قاعة محكمة. أردت أن أصنع فيما عن اثنين
يربطهما الحب. أرجو أن يكون فيلم العام».
وقالت نيجا إن الفيلم «لا يظهر للعالم هذه الأمور على أنها أفكار
سياسية مملة وحسب وإنما يتناول أفرادا وبشرا».
تسليم جائزة المواهب الشابة لمخرجات من سوريا وتونس وإيران في «كان»
«كان»
ـ الوكالات: سينماتوغراف
سلمت الممثلتان الأمريكيتان أيقونتا عالم السينما جينا ديفيس
وسوزان ساراندون جائزة «مواهب شابة» لبرنامج «نساء في الحراك»
للمخرجات التونسية ليلى بوزيد والسورية غايا جيجي والإيرانية عايدة
بناهندي. و«نساء في الحراك» جائزة تخصصها مؤسسة كيرينغ ومهرجان
«كان» تكريما لمساهمة النساء في دعم السينما.
وقد كرمت المؤسسة ومهرجان كان خلال عشاء الرئاسة للدورة 69 المسيرة
الاستثنائية للممثلتين الأمريكيتين جينا ديفيس صاحبة الأوسكار
وسوزان ساراندون الحائزة جائزة البافتا. والممثلتان أيقونتان في
عالم السينما، فهما بطلتا الفيلم الأسطورة «ثلما ولويز»، الذي مر
25 عاما على صدوره.
وسلمت جينا ديفيس وسوزان ساراندون بدورهما جائزة «مواهب شابة»
لبرنامج «نساء في الحراك» للمخرجات التونسية ليلى بوزيد والسورية
غايا جيجي والإيرانية عايدة بناهندي.
وكان «على حلة عيني»، أول فيلم طويل للمخرجة التونسية ليلى بوزيد
قد أحرز جوائز في مهرجانات كبرى، بينها البندقية «إيطاليا» ونامور
«بلجيكا»، كما فاز بجائزة المهر الذهبي في مهرجان دبي الدولي
والتانيت البرونزي في مهرجان قرطاج السينمائي. ويتناول الفيلم شغف
الشابة فرح بالموسيقى في مواجهة مجتمع محافظ، ونظام الرئيس المخلوع
زين العابدين بن علي وهو على وشك الانهيار.
وغايا جيجي، مخرجة سورية شابة شاركت في ورشات «مصنع السينما»
Cinema fabrique du
عام 2014 في مهرجان كان. وكان فيلمها القصير «صباح، ظهر، مساء..
وصباح» الذي صور قبل بداية الأزمة الدامية في سوريا، قد تناول
ببراعة سيرة العلاقات الاجتماعية في سوريا عبر قصة أسرة تتفكك
وخيار امرأة.
أما الإيرانية عايدة بناهندي فشاركت في مهرجان كان 2015 ضمن قسم
«نظرة خاصة» بفيلمها الطويل الأول «ناهد». وناهد شابة مطلقة تعيش
وحدها مع ابنها البالغ من العمر عشر سنوات، والقانون الإيراني يمنح
حق الحضانة للأب، لكن طليق ناهد تنازل عن الحضانة شرط أن لا تتزوج
مرة ثانية. وقامت بدور البطولة النجمة الإيرانية سارة بايت التي
كانت قد فازت بالدب الذهبي في مهرجان برلين عن دورها في فيلم
«فراق» للمخرج أصغر فرهادي الذي يشارك في المسابقة الرسمية بمهرجان
كان هذا العام بفيلم «البائع».
وكان من بين ضيوف حفل تسليم جائزة «مواهب شابة»، الممثلات الشهيرات
كريستن دونست وسلمى حايك وجوليات بينوش وإيزابيل هوبار وروسي. |