«الأونروا»
تقتحم «مهرجان كان» طلبا لمساعدة اللاجئين… والفيلمان المصري
والفلسطيني المشاركان يفتقدان للجذب والتعاطف
حسام عاصي - كان – «القدس العربي» :
مهرجان كان السينمائي معروف كمنصة لعرض الأفلام، ولكن الأهم من ذلك
هو أنه مركز أعمال يحضره صناع الأفلام لإيجاد الدعم المادي من أجل
تمويل مشاريعهم المستقبلية. وهذا ما دفع وكالة الأمم المتحدة
للاجئين (أونرا) لحضوره هذا العام من أجل جمع التبرعات وتسليط
الضوء على أشد أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية من خلال
مؤتمرات وعرض أفلام توثق محنة اللاجئين.
ومن ضمن هذه الفعاليات، أقامت منظمة «فيلم أيد» و«جمعية هوليوود
للصحافة الأجنبية» مساء الأمس حفلا لجمع التبرعات للاجئين السوريين
في المخيمات الأردنية. وبعد أن تم تقديم فيلم قصير أمام الحاضرين
عن فعاليات المنظمة، التي تتضمن عرض أفلام للاجئين في المخيمات،
قالت مؤسسة المنظمة، منتجة الأفلام كارولين بارون، التي كانت دائما
فعالة في الإعلام الخيرية، أنها لاحظت أن أكبر محنة يواجهها
اللاجئون، وخاصة الأطفال منهم، هي ليس قلة الطعام أو نقص الملابس
وإنما فراغ الوقت الذي يؤدي إلى الملل واليأس، ولهذا قررت أن تشغل
أذهانهم من خلال عرض الأفلام لترفيههم وتثقيفهم.
وتلاها على المنصة رئيس جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية، لورنسو
سورايا، معلنا تبرعه بمئة ألف دولار للمشروع ومتحديا غيره من
الحضور تقديم دعم مماثل. جيف سكول، مدير شركة إنتاج الأفلام
«بارتيسيبانت» قبل التحدي وزاد على 100 ألف دولار. مبالغ أخرى تبرع
بها مدير شركة فوكس، جيم جينابوليس، شركة «فيلم نيشين»، شركة
الإنتاج
A24
ومدير شركة «سوني كلاسيك».
كما حضر الحفل بعض نجوم السينما مثل الأسترالي جول ايدغرتون
والألماني دانئيل بيرل ورئيس لجنة تحكيم المنافسة الرسمية في
المهرجان، المخرج الأسترالي، جورج ميلر، الذي كشف لي أن هذا الأمر
يهمه شخصيا لأن والديه كانا لاجئين، وصلا إلى استراليا في بداية
القرن العشرين، من اليونان. كما أنه أكد أن الأفلام هي أهم وسيلة
لربط الحضارات وتقارب الناس من خلال سرد قصص أشخاص من ملل وهويات
مختلفة، مضيفا: لا تنس أن الطفل يبدأ بمشاهدة الأفلام قبل أن يتعلم
قراءة الكتب. ولهذا فالفيلم هو الوسيلة الوحيدة لتثقيفه وتطوير
ذهنه».
وعلى صعيد عروض الأفلام، افتتح الفيلم المصري «اشتباك» تظاهرة
«نظرة ما» في اليوم الثاني من المهرجان. وفي خطاب تقديمه للفيلم،
قال مخرجه، محمد دياب، الذي صعد المنصة برفقة طاقم الممثلين، إن
الفيلم سوف يواجه مشاكل في مصر، وذلك بسبب طرح قوات الأمن بصورة
سلبية. الحقيقة هي أن الفيلم يقدم كلا من الحكومة المصرية
وأعدائها، الإخوان المسلمين، سلبيا. فبينما تتصرف قوات الأمن
بفظاظة تجاه المعتقلين، إن كانوا إخوانا أم لا، فإن الإخوان يظهرون
كمتطرفين وإرهابيين.
أحداث وتشابك تجري داخل حافلة شرطة، تزج فيها قوى الأمن بداية
صحافيين أمريكيين من أصل مصري، ثم مجموعة من مناصري الحكومة، الذين
كانوا في طريقهم للنظاهر ضد الإخوان. ومن منظور المساجين في
الحافلة نشاهد اندلاع مظاهرات الإخوان المسلمين بعد خلع الرئيس
المصري السابق، محمد مرسي، من الحكم وحملة الاعتقالات التي تلته.
عدد من عناصر الإخوان يُزج في الحافلة، مما يؤدي إلى تشابك بينهم
وبين المعتقلين المناهضين لهم. ويستمر الفيلم في عرض اشتباكات
صاخبة داخل الحافلة وخارجها، بدلا من سبر شخصياته، مما يوقعه في
أزمة سينمائية، تعاني منها أفلام أخرى وهي التكرارية المملة. فكل
هذه المشاهد تشير إلى أمر واحد وهو عمق فجوة اختلاف الرأي في
المجتمع المصري .
بلا شك أن موضوع الفيلم مثير جدا، ويعالج قضايا مهمة تكشف
الانقسامات الحادة التي ظهرت عقب الربيع العربي بين التيارات
الإسلامية والعلمانية في المجتمعات العربية.
كما أنه يفضح استهتار أجهزة الأمن العربية بحقوق الإنسان وتصرفاتها
الهمجية تجاه شعوبها، التي عليها أن تحميها ولا تذلها. ولكن بدلا
من أن يكون هذا الموضوع خلفية احداث الفيلم لينبثق من خلال سبر
شخصياته وتطويرها دراميا وعاطفيا عبر الرواية إلا أنه سيطر عليه من
البداية حتى النهاية، من خلال مشاهد الإشتباكات بين أجهزة الأمن
والإخوان خارج الحافلة وبين عناصر الإخوان ومناهضيهم داخلها بشكل
متكرر، وبهذا حُرم المشاهد من التعاطف مع شخصيات الفيلم، التي بدت
كاريكاتيرات تصرخ عبثا على بعضها البعض، وبالتالي خلق نوعا من
الملل وعدم الإكتراث بمأزقهم.
أما الفيلم العربي الآخر، وهو «أمور شخصية» من المخرجة الفلسطينية
مها حاج، الذي عُرض في اليوم نفسه، فقد كان الجدل حول هويته أكثر
دراميا من حبكة روايته، وذلك لأنه قُدّم في المهرجان كإسرائيلي،
رغم أنه يطرح قصة فلسطينية ويقوم بأداءاته ممثلون فلسطينيون ويتكلم
العربية.
السبب وراء ذلك كان أنه حصل على تمويل انتاجه من صناديق دعم
إسرائيلية، والتي صارت تصر على الهوية الإسرائيلية لأفلام فلسطينيي
الداخل، بعدما حدث قبل عامين في «مهرجان فينسيا»، عندما قدمت
المخرجة الفلسطينية سها عرّاف فيلمها «فيلا توما» كفيلم فلسطيني مع
أنه كان مُوّلا بالكامل من الحكومة الإسرائيلية، مما أثار حفيظة
المسؤولين الإسرائيليين، الذين طالبوا باعادة الأموال التي دفعوها.
«أمور شخصية»، يتناول علاقات زوجية في عائلة واحدة من الناصرة، حيث
يعيش الأب والأم حياة روتينية مملة وبدون أي تفاعل بينهما. الأب
يمضي وقته أمام الحاسوب والأم تسلي نفسها بالمسلسلات التركية.
ابنهم الأكبر يعيش لوحده في السويد والإبن الآخر، يسكن في رام
الله، حيث يعمل ككاتب مسرحي ومرتبط بعلاقة رومانسية شائكة مع طالبة
جامعة، وابنتهم أيضا تقطن في رام الله مع زوجها الميكانيكي، الذي
لا يفقه الرومانسيات .
كل أعضاء هذه العائلة يواجهون مشاكل في علاقاتهم، ولكن الفيلم يطرح
هذه المشاكل بشكل سطحي ومجرد بدون الخوص في الأسباب وراءها وبدون
سبر شخصياته، تاركا للمشاهد المجال ليحلله كما يشاء. هل هي نابعة
من ضغط الاحتلال الإسرائيلي؟ أم أنها نتيجة مرض نفسي وراثي؟ أم
أنها آثار حزازات اجتماعية؟
الفيلم يتطرق لكل هذه المواضيع، ولكن بدون ربطها مباشرة بمشاكل
العائلة. فزوج الإبنة، الذي ترعرع في رام الله، يحلم دوما في
مشاهدة البحر، رغم أنه يعيش 20 دقيقة سفر منه وذلك لأنه لا يمكنه
أن يحصل على تصريح من سلطة الإحتلال لدخول اسرائيل، وعندما تختاره
مخرجة أمريكية ليمثل في فيلم، يشك بأنها اختارته ليلعب دور ارهابي.
وفي مشهد آخر، يتم اعتقال الإبن وصاحبته على نقطة التفتيش
الإسرائيلية، عندما تنازعا أمام الجنود، الذين شكّوا بأنهما كانا
يخططان لعملية انتحارية.
على غرار معظم الأفلام الفلسطينية، «أمور شخصية» لا يخلو من
المفارقات والعبثية في حياة الفرد الفلسطيني، بغض النظر إذا كان
يعيش في مناطق السلطة الفلسطينية أو داخل اسرائيل. كما أن كثيرا من
مشاهده تستحضر أفلام المخرج الفلسطيني ايليا سليمان. ولكن كونه
فنيا بحتا، سوف يجعل من جذب جمهور عربي اليه أمرا صعب المنال.
«تشابك» و«أمور شخصية» هما الفيلمان العربيان الطويلان الوحيدان
اللذان يشاركا في منافسة مهرجان كان هذا العام، ويواجهان أفلاما من
دول عدة كايران، واسرائيل، وفرنسا، ورومانيا وأمريكا في تظاهرة
«نظرة ما».
وسوف يتم الإعلان عن جوائز هذه الفئة في 22 من هذا الشهر.
الفيلم
الوثائقي «الأسماك تقتل مرتين» يشارك في«مهرجان كان»
القاهرة – «القدس العربي»: كشف سوق مهرجان كان السينمائي عن عرض
أربعة مشاريع سينمائية «تحت التنفيذ» من العالم العربي بالتعاون مع
«مهرجان دبي السينمائي»، من ضمن هذه المشاريع الفيلم الوثائقي
«الأسماك تقتل مرتين» للمخرج المصري فوزي صالح.
الفيلم الوثائقي يتابع مصيراً استثنائياً لشابين يواجهان عقوبة
الإعدام، عن قرب ولمدة ثلاث سنوات، في ظل الأوضاع السياسية
المتغيرة في مصر بعد سقوط مبارك.
وسيتم عرض 20 دقيقة من نسخة العمل للمهتمين من المهرجانات
السينمائية والموزعين، ومن المنتظر الإنتهاء من أعمال ما بعد
التصوير والعرض الأول للفيلم مع نهاية العام الحالي.
الجدير بالذكر أن الفيلم فاز بجائزة ما بعد الإنتاج في الدورة
الثانية من منتدى الإسماعيلية للإنتاج المشترك ضمن فعاليات مهرجان
الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية.
ويعد فيلم «الأسماك تقتل مرتين» الفيلم الوثائقي الثاني لمخرجه بعد
«جلد حي» الحاصل على جوائز عدة من مهرجانات سينمائية دولية.
فيلم
«القيق» يصل إلى «كان»
أروى الباشا - عمان – «القدس العربي»:
يختبر مهرجان «كان» السينمائي العالمي تجربة الإضراب المفتوح عن
الطعام على طريقة الأسرى الفلسطينيين.. على السّجادة الحمراء سيمشي
الوجع الفلسطيني مُنهكاً وسيتعرّف عليه صُنّاع السينما العالميون
أكثر عبر فيلم «القيق»، الذي اختارته إدارة المهرجان ليُعرض ضمن
زاوية الأفلام القصيرة.
ويستعرض الفيلم القصير لمخرجه الفلسطيني نورس أبو صالح، تجربة
الأسير الفلسطيني الصحافي محمد القيق في الإضراب عن الطعام بسبب
اعتقاله إدارياً داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وخاض الأسير الصحافي محمد القيق إضرابا مفتوحا عن الطعام لـ 94
يوماً، ورفض الحصول على المدعمات أو إجراء أي فحوص طبية، واعتمد
فقط على الماء، وهو ما جعله تجربة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ
الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال.
وشكل إضرابه نافذة جديدة لتسليط الضوء على قضيّة الأسرى
الفلسطينيين في سجون الإحتلال، وحاز الإضراب على تفاعل كبير على
المستوى المحلي والعربي والدولي.
ويوجد في حالياً نحو 6800 معتقل فلسطيني في إسرائيل بينهم 680 قيد
الإعتقال الإداري ولجأ العديد منهم إلى الإضراب عن الطعام.
والاعتقال الإداري هو قانون إسرائيلي، يمكن إسرائيل من خلاله
اعتقال أي شخص لستة أشهر من دون توجيه تهمة اليه بموجب قرار إداري
قابل للتجديد لفترة زمنية غير محددة.
«مجتمع
المقهى» لوودي ألن: توظيف الكوميديا في الرواية الرومانسية
افتتح مهرجان «كان» في دورته الـ 69
باريس ـ القدس العربي» من سليم البيك:
قد يكون المخرج الأمريكي وودي ألن المخرج الأكثر احتفاءً به في
مهرجان كان السينمائي، والاحتفاء كذلك متبادل، فألن يختار أن يقدّم
المهرجانُ، دون غيره، أفلامَه، وحين سُئل عن ذلك قال ببساطة إنّ
الناس هنا تحبّ السينما وإنّه يحب الجنوب الفرنسي.
الفيلم الأخير لألِن الذي افتتح مهرجان كان قد بدأ عرضه قبل أيام
في الصالات الفرنسية في يوم الافتتاح (تبدأ عروضه في أمريكا في شهر
تموز/يوليو)، ونال تقييمات عالية أشارت بعضها إلى أنّه الفيلم
الأفضل له منذ سنوات. الفيلم فعلاً أفضل ما أنجزه ألن في سنواته
الأخيرة إن استثنينا، فيلمه «رجل غير عقلاني» الذي عُرض في
المهرجان ذاته السنة الماضية وفي الصالات الفرنسية قبل ستّة أشهر
فقط.
الودّ المتبادل بين ألن ومرتادي السينما الفرنسية يعود لأمور عدّة
من بينها، المواضيع والإشارات الثقافية في أفلامه، لكن من بينها
كذلك اختياره للمهرجان الفرنسي لتقديم العديد من أفلامه، في السنين
الأخيرة وقبلها في الثمانينيات، فمشاركته الأولى في المهرجان كانت
قبل 35 عاماً مع أحد أفضل أفلامه، «مانهاتن» في العام 1979. فيلمه
هذا العام «كافيه سوسايتي» سيكون الفيلم الثالث عشر له في
المهرجان، وفيلمه الافتتاحي الرابع بعد «قصص نيويورك» في العام
1989 الذي أخرج قسماً منه وأخرج القسميْن الآخرين البديعيْن مارتين
سكورسيزي وفرانسيس فورد كوبولا، وبعد «نهاية هوليووديّة» في 2002
الذي عاد به بعد انقطاع تسعينيّاتي عن المهرجان ليكون الفيلم
الافتتاحي، وبعد «منتصف الليل في باريس» في 2011.
في «كافيه سوسايتي» أو (مجتمع المقهى) إن أردنا ترجمته لكن يُحبّذ
عدم الترجمة كونه اسم المقهى، أو النادي الليلي، في الفيلم، لا
يبتعد ألن عن أجوائه، الفيلم ألِنيّ تماماً، نقول ألنيّ تبعاً
للمرحلة الأخيرة من فيلموغرافي وودي ألن الذي اتّخذ لنفسه أسلوباً
سينمائياً في السنوات الأخيرة مختلفاً عن أفلام التسعينيات
والثمانينات. قد يكون أهم ميّزاتها أنّه شخصياً، لتقدّمه في العمر،
لم يعد يظهر، غالباً، كممثل في أفلامه ما أثّر على الكيفيّة التي
تُقدَّم فيها الحكاية، وودي ألن، كممثل، الأكثر قدرة على الإضحاك،
فأفلامه الأخيرة مالت أكثر للموضوع الثقافي والفلسفي على حساب
الكوميديا، لغياب ألن فيها كممثل.
الكوميديا تبقى حاضرة من خلال النَّص. ألن يعرّف نفسه ككوميدي، وقد
بدأ حياته كفنان ستاند- أب كوميدي قبل أن يتوجّه إلى الإخراج، وهو
كاتب أفلامه، فالكوميديا تبقى حاضرة، وفي الفيلم الأخير بقوّة، في
كل أفلامه. ويذكّرنا ذلك بقول أحدهم في الفيلم بأنّ «الحياة
كوميديا كتبها كاتب كوميديا سادي»، لن يكون هذا الكاتب ألن على كل
حال.
يبدأ الفيلم الألنيّ بامتياز بموسيقى الجاز التي تستمر على طول
الفيلم وتُنهيه، لدينا الرّاوي وهو هنا بصوت ألن نفسه، ولدينا
شخصيّات مركّبة، التركيب في سيكولوجيا الشخصيات وفي علاقاتها
ببعضها هنا ميزة ألنيّة كذلك، علاقات الحب المتقاطعة بين أكثر من
شخصيّة ميزة أخرى، السّخرية والهزل ضمن مسائل إن أخذناها خارج سياق
الفيلم ستكون مآسي، كأن يحبّ اثنان يعرفان بعضهما الامرأة ذاتها،
من دون أن يعرف أي منهما بذلك.
في المؤتمر الصحافي في المهرجان قال ألن إنه أراد للفيلم أن يأتي
على شكل رواية، فهنالك صوت الراوي وهنالك تقديم أوّلي للشخصيات،
المكان والزّمان، وأحداث الفيلم تجري ضمن انقطاعات زمنيّة مدّتها
طويلة. ويمكن الالتفات لذلك أثناء مشاهدة الفيلم، لكن أثناء
المشاهدة كذلك لا بد من الانتباه إلى براعة ألن ككاتب، فالحكاية
التي قال بأنّه ألّفها كلّها من خياله وبناء الشخصيات فيها تستلزم
كاتباً بارعاً كألن.
يحكي الفيلم عمّا يُعرف بالفترة الذهبية في هوليوود، أواخر
ثلاثينيات القرن الماضي حيث كانت الاستديوهات هي المسيطرة على
المشهد السينمائي. بوبي، شاب يهودي لا يجد لنفسه مستقبلاً في
نيويورك فتتصل أمّه بأخيها في هوليوود تخبره بأن ابنها سيزوره
باحثاً عن عمل، وأخوها واحد من الشخصيات المهمة في شركات الانتاج
هناك. يصل بوب (جيس إيزنبيرغ) ويجد صعوبة في الالتقاء بخاله الذي
اعتذر مراراً ثم التقاه ودبّر له عملاً وعرّفه على سكرتيرته فوني
(كريستين ستيوارت) لتُخرجه إلى المدينة وتعرّفه عليها. يقع بوب في
حبّها وتخبره هي بأنّها على علاقة بأحدهم، وتكون هذه بداية
التشابكات في علاقات الحب في الفيلم، وكي لا نفسد الحكاية
بتشابكاتها سنكتفي بذلك الحديث عنها.
الفيلم رومانسي تماماً، والكوميديا الذّكية فيه تعود للنص الذي
كتبه ألن، لكنّه حتماً سيكون فيلماً كوميدياً أولاً ثم رومانسياً
لو كان ألن شاباً وأدى دور البطولة فيه، كأفلامه القديمة، وكما
أشرنا سابقاً فذلك أثّر في السياق الذي مشت عليه أفلام ألن
وتطوّرت. وقد أشار هو إلى أنّه لو أخرج الفيلم قبل زمن لأدى بنفسه
دور البطولة، ولكن سيكون الفيلم بذلك قد اتّخذ منحى آخر، أكثر
كوميديّة وأقل جديّة. قد يكون عدم قدرته على ذلك في صالح التنويع
في كيفيّة مقاربة المواضيع في أفلامه وليس في المواضيع ذاتها أو
الأشكال التي تتخذها، لأن الأخيرتيْن تبقيان متشابهتيْن في مجمل
أفلام ألن.
الفيلم، لمن يجد متعة في أفلام ألن، قد يكون واحداً من بين أفضل ما
يمكن مشاهدته هذا العام، ولمن لا يجد المتعة، سيكون الفيلم فرصة
لإعادة النّظر في أفلام ألن، قبل أن تتم مشاهدة بعض مــن الـ 46
فيلماً التي أنجزها ألن حتى الآن، وقد أتمّ الثمانين من عمره. |