«تماما،
نهاية العالم».. ختام مرحلة في سينما كزافييه دولان
«كان»
ـ هدى ابراهيم
بقي أربعة أفلام في عروض المسابقة الرسمية للدورة التاسعة والستين
من مهرجان كان السينمائي الدولي ولا زال فيلم «طوني آردمان»
الألماني للمخرجة مارن آدي، يتصدر سلم الاعجاب وعدد السعف المرصودة
له بينما شهدت الساعات الاخيرة عرض فيلمين مرتقبين ضمن المسابقة،
قادمين من كندا ومن رومانيا.
فيلم الكندي الشاب، كزافييه ديلان «تماما، نهاية العالم» الذي قدم
مساء أمس وصباح اليوم ضمن المسابقة في عروض ثلاثة، حقق نسبة
الاقبال الأقوى لحضوره من قبل الصحفيين لكن حماسة ما قبل العرض لم
تكن بمثلها بعده، والتصفيق كان خجولا جدا بعد العرض الصحفي الاول.
كزافييه دولان، هذا الشاب العامل منذ سن الرابعة في المجال
السينمائي والمتحمس دائما للعمل، ينجزه بوتيرة سريعة، يعتبر من
الوجوه التي ساهمت في صنع مجد المهرجان رغم حداثة سنه. جاء الى
الكروازيت، عام 2008 مع شريطه الأول «قتلت امي» بعد ان اكتشفته
تظاهرة «اسبوعي المخرجين»، وحقق فيلمه الطويل الأول الذي انجزه وهو
في العشرين نجاحا وشهرة، كشفت عن موهبة جديدة.
اما قصر مهرجان كان فعرض له شريطه «حب وهمي» عام 2010 ثم شريطه
«لورانس في كل الاحوال» عام 2012 وكلاهما في تظاهرة «نظرة ما»،
ولاقى العملان ترحيبا كبيرا من النقد قبل ان تعرض له المسابقة
الرسمية فيلم «مومي» عام 2014 ، هذا الفيلم الذي كسب جائزة لجنة
التحكيم الخاصة، وجاء في العام 2015 كعضو في لجنة تحكيم المهرجان.
«تماما،
نهاية العالم» هو أصلا عنوان مسرحية للفرنسي جان- لوك لاغارس، وهو
كاتب راحل اهداه دولان العمل، مسرحية اكتشفها المخرج باكرا، عند
تصوير فيلمه الأول، لكن لزمه الكثير لينفذ امكاناتها السينمائية
ويعود للتفكير بها لصنع فيلمه السادس. يقول: «فهمت اخيرا، المشاعر،
الكلمات، الصمت، الانفعالات، التي تنطوي عليها المسرحية وتحديدا
تكوين الشخصية غير المكتملة وهي ما يمسك عند جان-لوك لاغارس».
في هذا الفيلم الذي يعتبره فيلم «النضوج» وفيلمه «الأفضل» كما صرح
في المؤتمر الصحفي، يحاول المخرج من خلال النفاذ الى قلب العائلة
(عدد هام من الافلام في كان هذا العام، يعالج الدراما العائلية)،
وصف نهاية العالم والحروب القادمة التي تنطلق من هذا المكان
بالتحديد، من خلية العائلة، كونها عاجزة عن الحوار والتفاهم.
الفيلم تدور احداثه كلها في قلب المنزل العائلي الريفي، وفي
السيارة التي تقود الى المدينة. ويبدو الكلام عن احداث في الفيلم
غير مصيب تماما، بل هي مجموعة حالات وجو خانق ومحقون، يحاول المخرج
تجسيده في تحد وشكل سينمائي غير بديهي وصعب.
انه فيلم قائم على العبارة، على الكلمة، على الراهن والذكريات. لكن
العبارة، كما الشخصيات تظهر ناقصة غير مكتملة، بينما يلح الكل على
ضرورة اكمال الحديث والرواية، في الوقت الذي يقاطعون فيه بعضهم
بعضا، وباستمرار. من هذا التعارض بين امكانية البوح واستحالته يولد
الفيلم من البداية للنهاية. يولد ايضا من استحالة التواصل داخل
الخلية العائلية المتنافرة.
تظل العبارة عاجزة عن قول الاساسي المفجع، وتظل العائلة غير فاهمة
لسر غياب الابن وسر عودته المفاجئة، فيذهب الفيلم انطلاقا من هنا،
لاختبار احتماليات الصمت. يأتي الصمت مدويا ومشحونا بشتى العواطف
والانفعالات، ليظهر كم ان العلاقات الأسرية معقدة، بينما هي اساسا
محل للحب والعطف والسند، وكم ان الحوار المستحيل في الوسط الحميمي
يجعل العالم الخارجي مستحيلا.
في هذه الدراما الحميمية، يصور دولان عزلة الانسان ووحدته في الوسط
العائلي حيث تظل العواطف مجبولة بمشاعر الغيرة والغربة والشجار
الدائم والشجن. تقطيع العبارة واجتزاء الحكاية تقنية ينبني عليها
الفيلم، لا احد يريد الاستماع لقصص مكررة الا الابن العائد، الساكت
على استفزازاتهم.
ويسيطر نوع من الهستيريا الجماعية على الشخصيات ابتداء من الأم
التي تبدي عناية فائقة بماكياجها وثيابها الفاقعة وصولا الى الاخ
انطوان، الذي لا يكف يقاطع الجميع ويشتم. وسط هذه الهستيريا يبدو
لويس، الابن الضال العائد، المثقف المثلي، المتزن الوحيد في
العائلة، والقادر على الاحتفاظ بهدوئه، رغم الاستفزازات المتكررة..
ويؤدي غاسبار اولييل دور لويس، وسط نخبة من الممثلين الفرنسيين
اختارهم المخرج للفيلم: ماريون كوتيار وناتالي باي وانسان كاسيل
وليا سيدو.
احدى تقنيات تصوير الفيلم اعتمدت على اللقطات القريبة بهدف التركيز
على الانفعالات، لكن الشخصيات، كانت لتكون أسلم في صورتها، وأصدق
في انفعالاتها، لو اشتغل المخرج مع شخصياته على مسرحة أقل للعبارة،
وتبطين أكبر للانفعال، الذي يبدو زائدا دون حاجة، تماما كما الصوت
المرتفع تعبيرا عن الغضب والألم.
لقد بدا الممثلون خارج السينما وهم يحاولون اداء أدوار مسرحية بصوت
عال غالبا، تغلب عليه الموسيقى أو يتوارى في الضجيج اليومي المقصود.
واستعان المخرج كثيرا بالموسيقى، والاصوات التي كانت تعلو فوق
اصوات الشخصيات، مع التنويه بأن واضع موسيقى الفيلم هو اللبناني-
الفرنسي غابرييل يارد.
انها هذه الخلافات العائلية الصغيرة التي تصنع نهاية العالم وفق ما
يوحي به المخرج، لكن الفيلم، كان يحتاج من مخرجه عناية اكبر خاصة
وانه منذ سن العشرين ينتج فيلما كل عام، كتابة واخراجا ومونتاجا
وتمثيلا احيانا. مقاربة دولان ظلت عالقة في مكان ما، بين السينما
والمسرح، فضلا عن التوقع كان اعلى من النتيجة، وهذا ما لا يصب في
مصلحة العمل.
«تماما،
نهاية العالم»، يمثل من دون شك، ختام مرحلة في سينما كزافييه دولان،
لكن الفيلم في يقيني عالق في الخطوة المعلنة نحو مرحلة جديدة من
سينما هذا المخرج الموهوب جدا لكن المستعجل جدا: «احاول اصلاح
اخطائي السابقة في السينما، لكني ومن دون شك، ارتكب اخطاء جديدة
وانا افعل»، هذا ما صرح به المخرج في احدى مقابلاته خلال المهرجان،
وهذا ما هو حاصل فعلا مع شريطه الجديد، الذي لم يوازي الحماس له،
ما قبل عرضه، حماس ما بعد العرض.
والتجربة من شأنها ربما ان تدفع هذا المخرج الشاب الماضي بسرعة
صاروخ في السينما للتأني قليلا قبل الفيلم القادم بعد النضج، وعلى
الدرب الفني الطويل المتمثل بامتلاك لغة بصرية خاصة ومقنعة.
هل يفعلها مهرجان كان 2016، وتفوز بالسعفة الذهبية امرأة؟
«كان»
ـ سينماتوغراف: مها عبد العظيم
من بين 21 فيلما تتنافس فى المسابقة الرسمية لمهرجان كان جاءت
ثلاثة منها بتوقيع ثلاث مخرجات وهن الألمانية مارن آدى بفيلمها «طونى
أردمان»،
والبريطانية أندريا أرنولد وفيلم «العسل الأمريكى» والفرنسية نيكول
غارسيا وفيلم «وجع الحجارة»، ومع بدء العد التنازلى لاسدال الستار
على المهرجان تزداد التكهنات والطموحات حول الجوائز وهل يمكن أن
تفعلها لجنة التحكيم وتمنح السعفة الذهبية لاحدى المخرجات الثلاث،
فتعيد الى الذاكرة المرة الوحيدة التى ذهبت فيه هذه الجائزة لامرأة
وكانت من نصيب المخرجة النيوزيلاندية جين كامبيون عام 1993 عن
فيلمها «درس البيانو» وما يعزز هذه التكهنات أن النسخة 69 من
المهرجان تميزت بلجنة تحكيم مناصفة بين الرجال والنساء.
واذا كان هناك من بين المخرجات الثلاث من يمكنها المنافسة بقوة على
الجائزة فقد تكون الألمانية مارن آدى التى هز فيلمها الكروازيت فى
حين قوبل فيلما الفرنسية نيكول غارسيا والبريطانية اندريا أرنولد
باستقبال فاتر.
وسبق لنيكول غارسيا أن عادت من الكروازيت بخفي حنين بعد أن شاركت
بفيلم «الخصم» عام 2002 و«حسب شارلي» عام 2006. وهذه المرة يبدو أن
الحظ لن يحالفها أيضا رغم أن الفيلم من تمثيل النجمة صاحبة
الأوسكار ماريون كوتيار (في دور غابريال). ففي فترة ما بعد الحرب
العالمية الثانية، تحلم غابريال بقصة حب مطلقة ويدفعها زواجها
الفاشل إلى أحضان الضابط أندري. لكن الشريط المقتبس عن رواية «وجع
الحجارة» للإيطالية ميلينا أرغوس يبقى سجين أسلوب أكاديمي ضيق.
وإن كانت البريطانية أندريا أرنولد من جهتها قد فازت مرتين بجائزة
لجنة التحكيم في كان عام 2006 و2009، فإن صبر الجمهور نفذ في هذه
النسخة بعد قرابة الثلاث ساعات التي يستغرقها فيلم «العسل
الأمريكي». ويجمع الشريط بين أفلام الرحلة وأفلام المراهقين حيث
تتقفى المخرجة طواف مجموعة من الشبان يوزعون المجلات عبر الوسط
الغربي الأمريكي الذي تجهله الإعلانات السياحية، وسط قصص حب وجنون.
ومن جهتها تعيد المخرجة مارن آدى بفيلمها الجديد «طوني أردمان»
السينما الألمانية إلى المسابقة الرسمية في مهرجان كان بقوة، إذ
لاقت هذه القصة عن قسوة الحياة العصرية حيث يقتل العمل أحاسيسنا
ويفسد العلاقات بين الناس ترحيبا واسعا.
وكان فيم فنديرز وفولكر شلوندورف آخر المخرجين الكبار الذين رفعوا
راية ألمانيا عاليا في سماء الكروازيت، فها هي أعين متابعي الفن
السابع تتجه اليوم ملؤها الأمل في الجديد نحو مارن آدى (39 عاما)
إحدى ممثلي الجيل الصاعد في السينما الألمانية.
وكانت قد لوحظت موهبة مارن آدى عام 2003 في مهرجان ساندنس
بالولايات المتحدة حيث قدمت فيلم تخرجها من مدرسة السينما «الغابة
لأشجارها»، ثم تأكد تألقها بإحرازها عام 2009 الدب الفضي في مهرجان
برلين عن فيلم «أي شخص آخر».
أما في فيلمها الأخير فتتناول آدى العلاقة المعقدة والمشوقة بين
والد وابنته، وهو موضوع نادرا ما ورد في السينما، كما أنه نادر أن
تصفق القاعة مرتين خلال عرض في كان. وآخرها كانت بعد أن نظمت
البطلة إيناس (من تمثيل سندرا هولر) «حفلة عارية» لتوطيد العلاقات
بين أعضاء فريقها في العمل.
تعمل إيناس كمستشارة في شركة ألمانية ببوخارست، وتضحي بكل شيء لأجل
مهنتها وطموحها في الارتقاء والعمل بشنغهاي. وهي امرأة «حديدية»
متوترة لا شيء يثنيها عن هدفها، لا اللهو ولا العائلة ولا الجنس.
نكتشفها في الأول في ألمانيا بعيون والدها وينفريد (من تمثيل بيتر
سيمونيشك) وهو رجل غريب عجيب شخصيته تجمع بين المهرج والخبير في
عالم النفس.. كما ربما هو حال كل أب مع ابنته.
يتقمص سيمونيشك الدور ببراعة قد تقوده إلى إحراز السعفة الذهبية
لأفضل ممثل، وربما حتى للثنائي الباهر الذي يكونه مع سندرا هولر
التي سبق لها أن أحرزت عام 2006 جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين.
الأب ينتابه القلق من وضع إيناس فيحل فجأة ودون سابق إشعار في
بوخارست. يتبع ابنته كظلها في حياتها المسطرة المنظمة كالآلة،
فيوقعها في مواقف هزلية. لعبة الوالد المفضلة هي تركيب أسنان
اصطناعية وشعر مستعار… حتى حين يرافق ابنته إلى موعد عمل بالسفارة
الأمريكية!.
وفي المؤتمر الصحفي الذي تلى عرض الفيلم قالت سندرا هولر ذات
التجربة الكبيرة في المسرح الدرامي إن الأصعب في هذا الفيلم “كان
توليد الفكاهة وفي آن إذكاء المواجهة مع الأب ووجب تبليغ ذلك عبر
تمثيل مبطن”. وأضاف سيمونيشك من جهته أن “هذا النوع من الهزل مختلف
عن الأشكال الأخرى على غرار مسرحيات فيدو مثلا”، ووصف مهمة الجمع
بين الفكاهة والتراجيديا في الفيلم بالـ “خطيرة لكن ناجحة”.
عبر عيون وينفريد، نكتشف قسوة العالم الذي تدور فيه إيناس حيث لا
وقت للأكل أو النوم أو الترويح عن النفس، ولا وقت للحب ولا للصدق.
كل ما هو خارج عن العمل زائد وزائف، فحياة المستشارة الناجحة التي
تنتزع أكبر الصفقات وتسحق منافسيها، تنتهي ليلا مع تناول بعض
الكوكايين وممارسة الجنس السادي.
تجن إيناس بأفعال الزائر الغريب، ومع الغضب والخوف والعار والضحك،
يعيد لها والدها تدريجيا طعم الحياة التي سرقها منها نظام عالمنا
الرأسمالي المعولم. فالفيلم يبسط خلفية مهمة تتناول ظروف عمال
النفط في رومانيا ونرى عبرها إشارة إلى المجتمعات الناشئة تحت سطوة
السوق وبطش الشركات المتعددة الجنسيات، عبرها مجاز عن استغلال
الإنسان للإنسان وعن العمر الذي يمر دون أن نهتم بما هو أساسي.
من هو طوني أردمان؟ هي الشخصية التي ابتكرها الأب ليعيد الخفة
والبسمة لابنته. طوني أردمان هو لا أحد، هو نسخة عن الأب، والأب
أيضا ليس حقيقيا، فهو ممثل، وزيف الزيف هو الحقيقة. طوني أردمان هو
حقيقة السينما التي تحاول أن تحفظ شيئا من الوقت الذي لا يرحم
فيجري ويفقدنا إنسانيتنا بسيلانه.
ولا تكتفي مارن آدى بالإخراج فهي أيضا منتجة ناجحة فتدعم مشاريع
ذات قيمة عالية على غرار “تابو” و”ألف ليلة وليلة” للبرتغالي ميغيل
غوميس.
«حسين
حبري: تراجيديا تشادية» في قلب «كان» السينمائي
«كان»
ـ سينماتوغراف: مها عبد العظيم
ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان 2016،عرض الفيلم الوثائقى«حسين
حبري: تراجيديا تشادية» للمخرج التشادي محمد صالح هارون في قسم
«اختيارات خاصة». وحسين حبري هو الرئيس التشادي السابق الذي حكم
بلاده بقبضة من حديد خلال الفترة من 1982 إلى 1990 والملاحق قضائيا
بتهم ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وتعذيب» أسفرت خلال
فترة حكمه عن 40 ألف قتيل، خلاف الذين أضيروا من جراء التعذيب فى
السجون ولازالوا يخضعون للعلاج النفسى والبدنى.
يجسد الفيلم الأهوال التى عاشها كثير من المظلومين ويطرح تساؤلات
عديدة عن كيفية استمرار الحياة بعد الظلم والقمع والتعذيب؟ ويلجأ
المخرج إلى تجسيد فترة الديكتاتورية دون أرشيف ولا تركيب يحاكي
الأحداث.
ويعمد الى تسجيل شهادات وروايات الناجين من بطش البوليس السياسي
لنظام حسين حبري التى لاتزال حاضرة فى الأذهان وعلى وجوه الناس، لا
يزال الداء يسري في أجساد وأذهان الضحايا وكأنها وقعت بالأمس رغم
مرور ربع قرن على انتهاء حكم الطاغية الذي هرب إلى السنغال، تتبع
الكاميرا فرانسوا الذي يعالج في مستشفى نجامينا حيث يقول الطبيب
«نرى جيدا من أين يأتي الداء»، فرانسوا قضى سنين عديدة في سجون
الديكتاتور حبري وتعرض للتعذيب ويخشى اليوم فقدان القدرة على المشي.
أما كليمان فيصرح: «الأسوأ هو أن يصير الموت أمرا طبيعيا». وكان
كليمان قد قضى نحو أربع سنوات في السجون فى مهمة مستحيلة حيث كان
مكلفا بدفن الموتى. ويضيف: «لم أعد سوى نصف إنسان»،بعدما فقد نصف
انسانيته مرغما على اخفاء جثث المعذبين وقد صارت ترعاهم جمعية
ضحايا جرائم نظام حسين حبري التي رفعت قضايا ضد المستبد، يسعى
كليمان إلى أن تحل العدالة وأن يستعيد الناجون الإنسانية التي سرقت
منهم.
يحرص المخرج على عرض شهادات الضحايا بعيدا عن أى زيف أو مغالاة
احتراما للذات البشرية. كلمات ووجوه السجناء السابقين وحدها تشهد
عبر زاوية تصوير عريضة عن سنوات الجمر. فآثار الجروح واضحة على
رقبة أحدهم، في حين فقد الآخر عينا. يروي أحدهم كيف يدخل الجلادون
إبرة في رأس السجناء ليفقدونهم العقل، والآخر يعترف بأنه تمنى
الموت مرات لمن يتقاسمونه الزنزانة لتتسع قليلا.
تكمن قوة فيلم هارون في صدقه وأسلوب تصويره البارع ورغم مآساوية
أحداثه الا أنه يؤكد أن الضحايا لم يفقدوا الأمل برغم كل الأهوال
التى عاشوها، فيظهر المخرج لوهلة ثم يختفي تدريجيا وراء كليمان،
تاركا له المجال واسعا ليطرح بقوة هادئة أسئلة للضحايا أو ليلعب
دور المصالح على غرار مشهد يواجه فيه سجين سابق جلاده.. وجاره.
يقول كليمان: «أي ذنب ارتكبناه لنعيش هذا؟»، من أين يأتي هذا الشر
الذي يدفع إلى إذلال وقمع شعب كامل؟
المرعب في شهادات الضحايا هو أنه من فرط صدقها تلقى صداها فيما
عاشه أو يعيشه العديد من الناس تحت ديكتاتوريات أخرى. فقبل سنتين
كانت إدارة مهرجان كان قد أدرجت الفيلم السوري «ماء الفضة» لأسامة
محمد وسيماف بدرخان ضمن مختاراتها الرسمية ليعرض أيضا في “الحصص
الخاصة”.
وكانت أهم مواد الفيلم أشرطة «يوتيوب» و«فيس بوك» التي يحملها
السوريون منذ سنوات والتي تشدنا بأبشع وجوهها. وإن كان على المستوى
السينمائي يظل التشادى محمد صالح هارون أقل راديكالية شكلا، فهو
يحاول رصد المأساة بالإمكانيات المتاحة وتلك الإمكانيات تعتمد
بالأساس على كلمات وأجساد الضحايا.
ومع محاكمة حسين حبري في السنغال التى بدأت العام الماضى فقط،
ينتهي الفيلم على أمل أن يتحمل الطاغية يوما مسؤلية ما ارتكبه، لكن
المتهم منذ الجلسة الأولى يظهر مغطى الوجه ويرفض المثول أمام
المحكمة. والخيبة الإضافية تتعلق بغياب إجراءات ضد الولايات
المتحدة وفرنسا ومصر التي توجد حولها شكوك بدعم نظام حبري.
يذكر أن المخرج محمد صالح هارون قد شارك في المسابقة الرسمية
لمهرجان كان عام 2010، وفاز بجائزة لجنة التحكيم عن فيلمه «رجل
يصرخ».
«LOVING»..
حكايات عن التضحية والتفرقة العنصرية
«كان»
ـ عبد الستار ناجي
تستعيد السينما الاميركية والمخرج جيف نيكولاس على وجه الخصوص
واحدة من الحكايات الخالدة في مواجهة العنصرية من خلال فيلم «محب ـ
Loving»
الذي يذهب الى واحدة من حكايات التضحية والارادة من اجل تحقيق
العدالة والمساواة.
يعتمد فيلم «لوفينج» على سيناريو قام بكتابته جيف نيكولاس بنفسه
اعتمادا على كم من الوثائق التي ترصد حكاية ذلك الثنائي الذي واجه
العنصرية. حيث حكاية الحب الكبير بين الشاب الابيض ريشتارد لوفينج
جويل ادغارتون والفتاة ذات الاصول الاميركية الافريقية السمراء،
ميلدريد لوفينج روث نيجا. اللذين جمعت بينهما قصة حب تطورت الى
القرار بالارتباط الذي تم في ولاية تقبل الزواج بين البيض والسمر
ولكن عند عودتهما الى حيث اقامتهما في واشنطن تبدا الممارسات
العنصرية والتي اقلها الاعتقال والسجن وصولا الى الحصول على حكم
قضائي بعدم دخول الولاية لمدة 25 عاما عقابا على تصرفهما المنافي
للقوانين والتشريعات في تلك الولاية.
مما
يضطرهما الى الانتقال الى ولاية اخرى تقبل بهذا الارتباك حيث
ينجبان ثلاثة ابناء ولدان وبنت ولكنهما في الحين ذاته يبتعدان عن
اهلهما واصدقائهما مما يخلق لهما الكثير من المشاكل مع اسرهما.
وتمر الايام والمحاولات من اجل الحصول على حكم يلغى الحكم السابق
ولكن هيمنة العناصر العنصرية وغياب التشريعات والتعاطف اللهم من
القلة راح يعطل كل شئ في مسيرتهما وحياتهما الاجتماعية وجعلهما
يعيشان متخفين بعيدا عن الأسرة والصحبة والاصدقاء.
الشاب كان يقضى وقته في العمل في بناء المنازل بحثا عن لقمة العيش
الكريم لزوجته التي يحبها واطفاله الذين يعيشون بعيدين عن اطفال
الاسرة وافرادها.
نضال حقيقي ومكابدة من اجل الحصول على الاعتراف بذلك الزواج يتطور
يوميا خصوصا مع تزايد التظاهرات المناهضة للعنصرية.
رحلة بدأت منذ منتصف الخمسينيات حتى عام 1967 حيث كانت المواجهة
الكبرى. والتي سبقتها مبادرة الزوجة بارسال رسالة الى المرشح
الاميركي روبرت كينيدي لطلب مساعدته والذي قام بدوره بتحويل
الرسالة الى احد المحامين الشباب ضمن فريقه وسرعان ما تطور الامر
حيث صدرت العديد من الاحكام التي كانت دائما ضد ذلك الزواج بل ان
بعض تلك المحاكم كانت تعتبر الاطفال نتيجة هذه العلاقة هم فاسدون.
وتصل القضية الى المحكمة العليا المحكمة الاتحادية العالية والتي
سبقها الكثير من الحملات الاعلامية والدعم الاعلامي الكبير من
كبريات الصحف ومن بينها مجلة لايف والعديد من القنوات التلفزيونية
والاذاعية التي طورت حملة مكثفة كان نتيجتها المساهمة في صدور
الحكم عام 1967 بالاعتراف بالزواج والاطفال. بل ومباركة الزواج
باعتباره احد الحقوق الاساسية.
قصة حب ظلت صامدة ضد كل الاجراءات العنصرية وأيضا ضد العنف
والقوانين والتشريعات. والتي أقلها الرفض من الجميع ومن بينهم
والدة الشاب التي رفضت الامر ولكنها لبت دعوة ابنها بان تكون هي من
تقوم بعملية توليد زوجته بوصفها جدة ابنائه.
مشكلة هذا العمل ان جميع نقاد السينما العالمية هم على علم ومعرفة
تامة بالشخصيات والاحداث وهو أمر يقلل من حالة الترقب والمتابعة
رغم ان المخرج جيف نيكولاس او نيكولا كما ينطق بالفرنسية. اشتغل
باسلوب ومنهجة عمل تختلف عن النسبة الأكبر من أعماله السينمائية
السابقة.
ونشير هنا الى اننا امام مخرج كبير استطاع خلال زمن قصير ان يحقق
بصمته السينمائية العالية ومن افلامه نشير الى حكاية اطلاق نار
2007 والملجـأ 2011 ومود 2012 و منتصف ليلة خاص 2016 وفي ذات
العام حقق فيلمه الاخير لوفينج.
سينما تذهب الى قضية ومن اهم القضايا التي عصفت سنوات طويلة
بالمجتمع الاميركي عبر حكاية عن الارادة والتضحية والتحمل لمواجهة
القدر امام حب كبير وعلاقة زوجية ثرية بالمضامين والدلالات.
ثنائي الفيلم يمتلكان حضورا طاغيا ونقصد جويل ادغرتون وروث نيجا
بالاضافة لعدد آخر من الاسماء لادوار الام وايضا شقيقة الفتاة التي
عارضت في البداية العلاقة لانها تعرف بأنها ستخسر شقيقتها بحكم
القوانين العنصرية الجائرة.
في الفيلم مدير تصوير مقتدر هو ادم ستون وموسيقى ثرية صاغها
الموسيقار دايفيد وينجو.. منحا الفيلم قيمة اضافة الى قيمة ومكانه
القضية المطروحة وهو الزواج في مواجهة القوانين والتشريعات
العنصرية.
ويبقى ان نقول بان استعادة هذه الحكاية بعد مرور زمن واجيال هو
احتفاء بتضحيات الرواد.
مخرج كوري يعتذر في «كان» عن جدول تصوير فيلمه القاسي
«كان»
الوكالات ـ سينماتوغراف
حمل المخرج الكوري الجنوبي نا هونج-جين فيلمه «جوكسونج» إلى مهرجان
كان السينمائي الدولي واستغل الفرصة ليعتذر لطاقم التمثيل عن جدول
التصوير القاسي.
وتدور أحداث الفيلم الذي ينتمي لنوع الإثارة حول رحلة رجل شرطة
لتعقب روح شريرة تدفع سكانا محليين لارتكاب جرائم قتل مروعة.
وقال نا هونج للصحفيين «الأساس الذي يقوم عليه الفيلم هو أن
الإنسان قد يكون مخيفا للغاية» مضيفا أنه بالرغم من أن إيقاع
الفيلم كان أخف مقارنة بأفلامه السابقة فإن الحياة في موقع التصوير
كانت شاقة.
وتابع قوله «أود أن أستغل هذه الفرصة لأعتذر للممثلين. في نهاية
اليوم الأخير (من التصوير) لم يكن (الممثل الياباني) جون كونيمورا
سعيدا للغاية. وبخني ولم يقم المترجم حتى بترجمة ما قاله كونيمورا».
وعرض الفيلم يوم أمس الأربعاء ضمن الدورة التاسعة والستين من
المهرجان.
جلسة «فوتوكول» لأبطال الفيلم الروماني «بكالورريا» في كان
«كان»
ـ سينماتوغراف
حضر نجوم الفيلم الرومانى «بكالوريا
Bacalaureat»
جلسة الفوتوكول الخاصة بالفيلم، حيث التقطوا بعض الصور على السجادة
الحمراء، التى أقيمت صباح اليوم الخميس 19 مايو ضمن فعاليات مهرجان
كان السينمائى فى دورته الـ 69، وذلك فى حضور عدد كبير من وسائل
الإعلام والمعجبين.
وشهدت جلسة تصوير الفيلم التى استضافتها مدينة كان الشهيرة بجنوب
فرنسا حضور نجوم ونجمات الفيلم، ومنهم ادريانا مالينا، مانوفيشى
تيتينى، ماريا دراجوس، راريس اندريشى، والمخرج كريستيان مونجو
الذين حرصوا على الظهور بأزياء متنوعة وأنيقة على السجادة الحمراء
نجحوا من خلالها فى لفت انظار الجمهور وعدسات الكاميرات.
فيلم «بكالوريا» من إخراج وتأليف كريستيان مونجو، وبطولة فلاد
ايفانوف، ماريا فكتوريا دراجوس، ابواشيم شوبانو، فلاد ايفانوف،
ابواشيم شوبانو، وتدور احداثه حول روميو ألديا الطبيب البالغ من
العمر 49 عامًا الذى يعيش فى بلدة جبلية صغيرة واقعة فى
ترانسلفانيا، ويخطط مع ابنته لكى تدرس وتعيش للخارج، وتحوز بالفعل
على منحة لدراسة علم النفس فى المملكة المتحدة، لكنها تتعرض
لاعتداء فى اليوم الذى تخوض فيه أول اختبار تحريرى لها، ما يدفعه
للبحث عن حل لمشكلة ابنته.
«المنفى»..
فيلم وثائقي كمبودي في «كان» يفضح الأنظمة الدكتاتورية
«كان»
ـ سينماتوغراف
«المنفى
ـ
exile»
للمخرج الكامبودي ريثي بان، فيلم وثائقي من نوع خاص يتطرق من خلاله
بان، مجددا، لموضوع الإبادة الجماعية التي تعرض لها شعبه وعائلته
خلال فترة حكم الديكتاتور بول بوت الواقعة ما بين 1975 و 1979.
قدم الفيلم هذا الأسبوع خارج المنافسة في مهرجان كان في عرض خاص،
وهو مكون من اللقطات الأرشيفية والمشاهد الخيالية وصوت يقرأ مقاطع
من كتابات لبودلير وماو تسي تونغ وغيرهم.
عن دور أعماله في نقل مأساة الشعب الكمبودي يقول بان: «الخمير
الحمر أبادوا ما يقرب من مليوني نسمة. مليوني قصص مختلفة. لا
يمكنني أن أخرج مليوني فيلم ومليوني قصة حب، ومليوني قصة فراق .
إنه بالنسبة لي عالم لا نهاية له. البعض يخرج أفلاما وثائقية،
والبعض الأخر يخرج وأفلاما روائية. إنه ليس تاريخنا فقط بل هو
تاريخكم أيضا. انها قصة عن الإنسانية، وعن كيف تدمر الأنظمة
الدكتاتورية الإنسانية.إنها ليست فقط قصة الشعب الكمبودي».
ريثي بان يعمل حاليا مع انجيلينا جولي وبراد بيت على إنتاج فيلم
آخر حول مأساة كمبوديا. يحمل عنوان «في الأول قتلوا ابي» الفيلم
يحكي مصير الفتيات الكمبوديات بعد وقوعهن بين ايادي الخمير الحمر. |