غودار مفترى عليه...
رودان خال من الصراعات
...
باربارا في لعبة مرايا
«كان»
(جنوب
فرنسا)
-
إبراهيم
العريس
حتى
وإن
كان
مخرجون
من
طينة
موريس
بيالا
عرفوا
كيف
يحققون
أفلام
سيرة
تناولت
حيناً
حياة
فنسان
فان
غوغ،
وفي
أحيان
أخرى
حياة
إديث
بياف
أو
موليير،
لكي
لا
نذكر
هنا
سوى
ثلاثة
من
الأفلام
الفرنسية
الأكثر
نجاحاً
في
هذا
المجال
الذي
لا
بد
من
الاعتراف
بأن
الأنغلوساكسون
يظلون
أفضل
من
خاضه،
يجب
الاعتراف
بأن
هذا
الفن
السينمائي
الشديد
الخصوصية
لم
يثبت
أبداً
أنه
فن
فرنسي
بامتياز.
ولعل
الحاجز
الأول
الذي
يحول
دون
نجاح
الفرنسيين
فيه،
يكمن
في
الحوار.
فالسينما
الفرنسية،
وفي
شكل
عام،
سينما
ثرثارة
تجعل
للحكي
الدور
الأول
والأهم
في
الفيلم،
بينما
نعرف
أن
سينما
السيرة
لا
يمكنها
أن
تكون
سينما
حوارات!
طبعاً،
هناك
عناصر
أخرى
عدة
تتشارك
في
منع
سينما
السيرة
من
أن
تشعر
بالراحة
في
أحضان
الصورة
الفرنسية،
ولكن
حسبنا
أن
نتوقف
هنا
عند
هذا
الحد
طالما
أننا
لا
نخوض
تحليلاً
دراسياً
حول
الموضوع،
بل
هي
مجرد
إشارات
مناسبتها
مشاهدة
ثلاثة
أفلام
في
الدورة
الحالية
لمهرجان
«كان»
تدور
كلها،
وإن
في
أشكال
متفاوتة
ونجاحات
غير
متساوية،
حول
حيوات
ثلاثة
من
الفنانين
الفرنسيين
بالتحديد
ينتمون
إلى
ثلاثة
أصناف
من
الفنون:
النحات
رودان،
السينمائي
جان
لوك
غودار
والمغنية
باربارا.
ولئن
كن
نعرف
أن
لكل
مشروع
من
هذه
المشاريع
الثلاثة
صعوباته
وحدوده،
فمما
لا
شك
فيه
أن
المشروع
الأصعب
كان
ذاك
المتعلق
بغودار
لمجرد
أن
الفيلم
يحكي،
روائياً،
عن
مبدع
لا
يزال
يعيش
بيننا.
وهو
أمر
نادر
الحدوث
في
مجال
سينما
السيرة.
وجهة النظر الغائبة
الفيلم الذي يتناول فصلاً من حياة غودار، كما بتنا
نعرف اليوم، هو ذاك المعنون
«المريع»
وهو من
إخراج ميشال هازانيفيسيوس وتمثيل لويس غاريل في دور غودار حين كان
في السابعة والثلاثين من عمره وينتقل من مرحلة أفلام الموجة
الجديدة إلى مرحلة السينما النضالية السياسية.
ولئن
بدا الفيلم كاريكاتورياً يقدم صورة كالحة عن ذاك الذي يعتبر واحداً
من أكبر السينمائيين في تاريخ هذا الفن، فإن في إمكان مخرج الفيلم
أن يجد عذره في كونه اقتبس الفصل من كتاب وضعته آن فيازمسكي
الممثلة التي كانت في ذلك الحين زوجة غودار وبطلة بعض أفلامه.
غير أن
الوجه الآخر للميدالية يبقى هنا أن الفيلم لا يتحدّث عن فصل من
حياة غودار، بل عن فصل من حياة آن يصور معاناتها معه، وكيف كانت هي
تنظر إليه.
ما
يعني أننا هنا أمام لعبة مرايا متناحرة تنقذ الفيلم من تهمة الوقوع
في التسطيح، ليصبح هذا التسطيح مرتبطاً بنظرة الممثلة والنجمة إلى
رجل السينما الكبير.
قد يقف هذا التحليل في مصلحة الفيلم، أو على الأقل،
قد يخفف من وقعه السيئ بالنسبة إلى الغوداريين.
ومع
هذا، ينبثق هنا سؤال لا بد من طرحه:
طالما
أنه كان ثمة مشروع ممكن لتحقيق فيلم عن سنوات غودار النضالية، أفلم
يكن من الأسلم اللجوء إلى نصّ أقل تحيزاً ضد الفنان أو أقل ذاتية.
أم حتى جعل الفيلم صراحة ينطلق من كتاب فيازمسكي،
فيكون فيلماً عنها وكيف كانت تنظر إلى غودار بدل الادعاء بأن ما
نراه فيلماً عن غودار؟
الحقيقة أن هذه المحاجّة قد تبدو للوهلة الأولى غير
ذات شأن، وربما مجرد مسألة تقنية.
لكنها
ليست كذلك، بل هي تتعلق بجوهر لعبة تقديم سيرة ما على الشاشة.
فهذا
الجوهر له اسم اصطلاحي محدّد هو:
وجهة
النظر.
من أين
ينظر الفيلم إلى الشخصية التي يتناولها.
ويعرف
الذين يغوصون في التحليل الفيلمي أن هذه كانت دائماً وتبقى واحدة
من الإشكالات الأكثر أهمية في سينما السيرة.
بل
لعلها وقفت حائلاً دون تبلور مئات المشاريع من هذا النوع حين وقف
كتابها ومخرجوها عاجزين عن تحديد وجهة النظر التي ينطلقون منها
لتقديم سيرة من السير.
سيرة على شكل تحية
وإذا كان من الواضح أن مثل هذا السجال لم يخطر على
بال صانعي
«المريع»،
والدليل أنهم هم الذين كان لديهم أصلاً بيكار عريض من الاختيارات
وأمامهم نصّ فيازمسكي يشتغلون عليه، ضلوا طريقهم فبدا الفيلم
مسطحاً في هذا المجال، من المؤكد أن الفيلم
«الأصغر»
والأكثر تواضعاً بين الثلاثة التي نتحدث عنها هنا، تمكن من حلّ هذا
الإشكال بالطريقة الأكثر منطقية والأكثر ذكاء.
ونتحدث
هنا عن فيلم
«باربارا»
ثالث
فيلم للممثل
-
المخرج
ماثيو أمالريك يعرض في
«كان»
خلال
السنوات الأخيرة.
فهذا
الفيلم الذي افتتح تظاهرة
«نظرة
ما»،
هو فيلم عن تلك المغنية والشاعرة والموسيقية الفرنسية الرائعة التي
ماتت صبية قبل نحو عشرين عاماً بعدما شغلت الجمهور الفرنسي المثقف
بلون خاص من أغاني الشعر و
«التروبادور»
وضعها
يومذاك في صف واحد مع جولييت غريكو وجاك بريل وجورج براسّان وليو
فيري.
هو
فيلم عنها، إذاً، لكنه ليس فيلما عنها.
وهنا
تكمن قوته وعلاقته الرائعة بمسألة وجهة النظر.
في الفيلم يلعب أمالريك بنفسه دور مخرج مولع
بباربارا إلى درجة أنه يقرر أخيراً أن يحقق فيلماً سينمائياً عنها.
وهو
يستدعي للعب الدور ممثلة ومغنية شابة
(تلعب
دورها الفنانة جان باليبار التي كانت زوجة أمالريك نفسه في الحياة
الحقيقية).
واللافت أن الشبه بين باليبار وباربارا الحقيقية كبير ليس في الشكل
وحده، ولكن كذلك في الثقافة والسمات والأمزجة إلى درجة أن المخرج،
في الفيلم داخل الفيلم، سرعان ما يضيع بين المغنية التي رحلت منذ
زمن والممثلة التي تلعب دورها الآن.
أما
حبكة الفيلم فتتمحور حول استعدادات التصوير حيث تتمازج الممثلة
والدور في لعبة مرايا تبدو هنا أكثر صدقية بكثير.
وهذا
ما يحرف الفيلم بعيداً جداً من أن يكون سيرة للمغنية.
صحيح
أن المخرج داخل الفيلم كان يتطلع أصلاً لتحقيق فيلم سيرة، لكن
اللعبة تنقلب عليه ويصبح الفيلم داخل الفيلم فيلماً عن مخرج معاصر
لنا وممثلة ناشئة تنتمي إلى زماننا وهما يسعيان إلى تحقيق فيلم عن
مغنيتهما المفضلة، والتي سينسيان في لحظات أنها لم تعد، في حقيقة
الأمر، موجودة بيننا.
كان من الواضح لأمالريك أن تلك هي الطريقة الأفضل
لتقديم فيلم ممتع وبديع عن حياة فنانة كانت هي في حد ذاتها غريبة
ومتشابكة المزاج إلى حد لا يعود معه أي فيلم من نوع السيرة الذاتية
قادراً على أن يصور تلك الحياة.
وكأن
أمالريك وشركاؤه في كتابة سيناريو الفيلم فهموا تماماً درس المخرج
الراحل جان ماري ستروب الذي كان يقول أنه بدلاً من أن يصور فيلماً
عن هاملت الشكسبيري، يفضل أن يصور فيلماً
«وثائقي
السمات»
عن
ممثل معين وهو يؤدي دور هاملت.
مرة
أخرى قد لا يبدو الفارق بين الحالتين كبيراً، لكنه يحمل ذلك الجوهر
الذي أشرنا إليه أعلاه والمتعلق بمسألة وجهة النظر.
رودان
«الخليع»
مرة أخرى، لا يبدو أن مثل هذه المسألة من شأنها أن
تثير اهتمام المخرج جاك دوايون الذي حقق فيلم رودان المشارك بدوره،
وكما حال
«المريع»
في
المسابقة الرسمية لمهرجان
«كان»،
إذ هنا، ومرة أخرى أيضاً، لدينا فيلم عن فنان حقيقي كان عند منعطف
القرنين التاسع عشر والعشرين واحداً من أكبر النحاتين في العالم.
في
الفيلم يلعب فنسان لندون دور النحات الكبير الذي يقدم لنا تحديداً
خلال تلك الفترة التي انصرف فيها إلى تنفيذ منحوتته الأضخم والأجمل
«باب
الجحيم»
في
اقتباس عن ثالث أقسام الكوميديا الإلهية لدانتي، كما في الفترة
ذاتها التي حقق فيها منحوتته الفضائحية التي تمثل الكاتب أونوريه
دي بلزاك.
وهي
أيضاً وأيضاً الفترة ذاتها التي أغرم فيها بكاميل كلوديل، النحاتة
الحسناء وشقيقة الشاعر بول كلوديل.
إذاً،
كانت الحقبة مدهشة وصاخبة في حياة رودان ومنعطفاته الحياتية
والفكرية والعاطفية.
غير أن
الفيلم لم يرنا أي شيء من هذا كله.
صحيح
أن الفيلم عرف كيف يخلق بعض أجواء المرحلة وديكوراتها وأزيائها.
وصحيح
أن لندون بدا، شكلياً على الأقل، مقنعاً في الدور.
ومع
هذا ظللنا طوال ساعتي عرض الفيلم نبحث عن الفنان وصراعاته الداخلية
في ما وراء الشكل.
وبحثنا
عن الشغف المدهش الذي سبق أن صوره فيلم
«كاميل
كلوديل»
الذي
قدم الحكاية ذاتها من بطولة إيزابيل أدجاني وجيرار ديبارديو قبل
أكثر من ربع قرن، فلم نجد.
وبحثنا
عن أي تصوير للمرحلة في أبعادها الفنية وصراعاتها وشخوصها، فكان كل
ما وجدناه شبحاً لفيكتور هوغو عابراً، وكاريكاتور لبلزاك أبله
السمات واقفاً لينحت رودان تمثالاً له من دون كلمة ومن دون حركة...
هنا في هذا الفيلم، لم يعجز المخرج فقط عن تصوير
صراعات رودان الداخلية وتفاعله مع الأجزاء المؤلفة لمنحوتة
«باب
الجحيم»،
بل عجز كذلك عن تصوير ولو أطراف مرحلة كانت حافلة بالصراعات الفنية
والسياسية، لكنه أصر على أن يصور وبإلحاح غريب مشاهد عري وجنس من
شأنها لمجانيتها أن تنسف جزءاً من الصورة المعهودة لرودان.
وهو
بدا في هذا كله، على النقيض التام مع فيلم إنكليزي عن مبدع آخر
ينتمي إلى المرحلة التجديدية ذاتها وعرض أيضاً في مهرجان
«كان»
قبل
سنتين أو ثلاث.
ونتحدث
هنا بالطبع عن
«مستر
تيرنر»
لمايك
لي المتحدث عن فصول من حياة الرسام الانطباعي، ويليام تيرنر.
والحقيقة أن ثمة مقارنات هنا تفرض ذاتها لكي يدرك المرء ما نرمي
إليه.
المقارنة من ناحية مع فيلمين سابقين عن رودان وكاميل أولهما
«كاميل
كلوديل»
لبرونو
نيوتن الذي أشرنا إليه أعلاه، والثاني فيلم برونو دومون
«كاميل
1915»
من
تمثيل جولييت بينوش، ومن ناحية ثانية مع
«مستر
تيرنر»،
لأن هذه المقارنة المزدوجة من شأنها أن توضح عملياً كل ما نرمي
للوصول إليه في هذا النصّ.
####
حين لا تنسى السينما
أياً من نجوم القرن العشرين
وغيرهم في أفلام السيرة
إ.
ع.
نأخذهم
هم
أنفسهم
ونبدأ
من
جديد.
لعل هذا هو الشعار الذي يطلقه المعلنون عن مشاريعهم
الجديدة في مهرجان
«كان».
وبخاصة، فيما يعنينا هنا، تلك التي تتعلق بالنوع السينمائي الذي
بات يلقى رواجاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة ويكاد يتحوّل في حد
ذاته الى صنف في الفن السابع له تقاليده وأبطاله وتاريخه وما إلى
ذلك.
ونعني
بهذا أفلام السيرة، لا سيما منها تلك التي تطل على
«نجوم»
القرن
العشرين وغيرهم من نجوم القرون الغابرة، في شتى المجالات، فنية
كانت أم سياسية أم اجتماعية.
صحيح أن عروض الدورة الحالية لـ
«كان»،
وفي مختلف تظاهراتها، لم تأتِ بالكثير مما هو جيّد في هذا المجال،
إذ إننا بالكاد شاهدنا أفلاماً جيدة تنتمي الى السياق
-
راجع
مكاناً آخر في هذه الصفحة
-،
ولكن الوفرة حضرت في مكان آخر، في المشاريع المعلن عنها للشهور، أو
ربما حتى للسنوات المقبلة.
مشاريع
باتت في حكم التنفيذ أو على وشك الإنجاز، أو تم اختيار ممثليها...
ألخ.
والحال
أن ما يمكن ترصّده منذ الآن، وفق الأخبار والإعلانات وحتى
التسريبات أحياناً، يتّصف بكون معظمه يتناول سير أشخاص سبق للسينما
أن عالجت حياتهم أو فصولاً منها من قبل، مع تجديدات تبدو مفاجئة
أحياناً، وفي أحيان أخرى مثيرة للدهشة.
وفي
انتظار فرص مشاهدة الأفلام بعد إنجازها، نستعرض هنا عدداً من هذه
المشاريع التي لا شك في أن من شأن بعضها أن يثير حماسة منذ الآن،
فيما قد يثير البعض الآخر تساؤلات.
>
ولنبدأ
هنا من حيث لا بد أن نبدأ، من عند تشارلي شابلن، حيث أعلنت شركتا
إنتاج إحداهما فرنسية والثانية أميركية عزمهما تحقيق فيلم تحريك
طويل يدور من حول تشارلو وشخصيات فيلمه الرائع
«الصبي».
صحيح
أن هذه لن تكون المرة الأولى التي يُقتبس
«الصبي»
فيها
أو يعاد إنتاجه، لكن المسألة ستتعلق هذه المرة بعمل بالرسوم
المتحركة يحكي الحكاية نفسها ويتابع ظروف انتاج الفيلم وعلاقة
الصعلوك الشهير بالطفل الذي بات لفترة أكثر شهرة منه.
وسيتولى إخراج الفيلم الذي ينجز ثلاثة كتاب السيناريو له حالياً،
كل من كريستيان فولكمان وروبرت فيات.
سينمائي آخر يحط عليه نعيم سينما السيرة ولا يقل
أهمية عن شابلن، هو الإسباني لويس بونويل الذي يحقق المكسيكي
سلفادور سيمو عنه فيلماً عنوانه
«بونويل
في متاهة السلاحف»،
ويتناول فيه الخلفيات التي كانت وراء
«واحد
من أكثر أفلامه ذاتية»
مستعرضاً من خلال ذلك اندماج
«المبتدع»
الحقيقي للسينما السوريالية في الفن السابع ومعاناته المزدوجة مع
ذاته ومع شتى أنواع الرقابات مع كل فيلم كان يحققه.
غير بعيد من ذلك سنجد السينمائي السويدي الكبير
الراحل إنغمار برغمان الذي سيبدأ خلال الأسابيع المقبلة، وتحديداً
في السويد ولكن من إنتاج فرنسي إسباني مشترك، تصويرُ فيلم وثائقي
عن حياته وسينماه بدعم من أسرة برغمان.
ويعني
هذا بالتحديد أن مخرجي الفيلم الألمانيين مرغريتا فوت تروتا وفليكس
مويلر، سيستفيدان من أرشيف ضخم من صور ووثائق ومخطوطات لم يسبق أن
استُخدمت من قبل في أي واحد من الأفلام العديدة التي تناولت هذا
المبدع الكبير الراحل قبل عشر سنوات نفسه.
ومهما
يكن من أمر لعل وجود فون تروتا ومويلر وراء الكاميرا كما الآن وراء
طاولة الكتابة، إشارة الى أننا ربما سنكون في صدد عمل جيد وقيّم من
حول صاحب
«برسونا»
و
«همس
وصراخ»...
العودة الى موزار
>
سؤال:
من ذا
الذي يمكنه أن يجرؤ على أن يحقق فيلماً عن موزار بعدما أقدم ميلوش
فورمان قبل عقود على تحقيق
«آماديوس»،
تلك التحفة السينمائية الخالدة عن عبقريّ الموسيقى لا سيما عن
علاقته بسالياري، أستاذه ومنافسه وضحيته، وتحديداً إنطلاقاً من
مسرحية كان كتبها بوشكين حول الموضوع نفسه؟ الجواب:
المخرج
جون ستيفنسون الذي عرض في سوق الفيلم
«الكاني»
عملاً
عنوانه
«إستهلال
في براغ»
يعود
الى ما يسميه المخرج حكاية
«الحب
والجشع والجريمة التي حدثت عام
1787
في
براغ»
إثر
الأحداث التي أثّرت في تلحين موزار لتحفته الموسيقية أوبرا
«دون
جيوفاني».
وتدور
أحداث الفيلم في براغ حيث كان موزار أمضى بضعة شهور هارباً من نخبة
فيينا، ليجد نفسه أمام سلسلة من الأحداث الغريبة التي ستؤثر فيه
وفي فنه لما تبقى له من حياة.
>
ولأن
الشيء بالشيء يذكر، ننتقل من موزار الى ماريا كالاس،
«ديفا
الأوبرا»
العالمية اليونانية الأصل، لنلاحظ أن ثمة في المكتبات السينمائية
عشرات الأفلام الوثائقية والروائية حتى دون أن ننسى الشرائط
والمسلسلات التلفزيونية التي تناولت حياتها وفجائعها، إذ بالكاد
يمر عام من دون أن يكون ثمة عمل جديد عنها.
لكنها،
وعلى عكس ما هو الأمر بالنسبة الى موزار، لم تحظ حتى الآن وبعد
سنوات طويلة مضت على رحيلها، بعمل كبير يعرف كيف يضع حياتها في
فيلم يبقى خالداً.
ومن
هنا أهمية الوعد الذي انطلق في كان معلناً أن
«الفيلم
الكبير عن ماريا كالاس بات قيد التحضير الفعلي الآن»
وهو
سيكون فيلماً وثائقياً في ساعة ونصف الساعة ما يعني أنه مصنوع
أصلاً لمعايير الصالات السينمائية.
أما
جديده فهو ما أعلن عنه مخرجه توم فولف إنطلاقاً من العنوان نفسه
«ماريا
كما تراها كالاس»
إذ إن
الفيلم سيستخدم حوارات وتصريحات ومواقف وحكايات ترويها كالاس
بنفسها
-
بما
فيها نصف ساعة مصورة لم يسبق لأحد مشاهدتها
-
وذلك
بالإضافة الى أكثر من
56000
صورة
اكتشفت حديثاً، منها
400
صورة
يقول فولف انه اكتشفها بنفسه ولم يكن أحد عارفاً بوجودها من قبل.
المقاومة بالسلاح الصامت
>
نجم فن
كبير آخر من نجوم القرن العشرين ستحل عليه بركة الفن السابع بدوره
هو فنان الإيماء الفرنسي مارسيل مارسو.
وكان
مارسو قد دخل ملكوت السينما سابقاً، مرات كان أشهرها ذلك الدور
العابر الذي لعبه في الفيلم السينمائي الوحيد الذي حققه صامويل
بيكيت بعنوان
«فيلم»
جاعلاً
من فنان الإيماء هذا والذي لم يكن سبق لأحد أن سمع صوته على
المسرح، الشخصية الوحيدة الناطقة في آخر مشهد من الفيلم...
الصامت!.
هذه
المرة سيعود مارسو الى الشاشة الكبيرة ولكن في مجال مختلف تماماً.
ففي فيلم
«مقاومة»
الذي
أُعلن في مؤتمر صحافي خاص في
«كان»
أن
جوناثان جاكوبوفتش سيبدأ إخراجه قريباً، سيقوم الممثل الأميركي
الشاب جيسي إيزنبرغ
(الشهير
بدوره في فيلم
«الشبكة
الاجتماعية»
حيث
لعب دور مخترع الفايسبوك)،
بدور مارسو حين كان خلال الحرب العالمية الثانية، في صفوف المقاومة
الفرنسية ضد المحتلين الألمان.
ويقول
جاكوبوفتش إن الحكاية مبنية على وقائع حقيقية تروي كيف اشتغل مارسو
على ملكة التعبير الإيمائي في ذلك الحين كنوع من المقاومة، ما جعل
كثراً يرون قرابة بين هذا العمل وفيلم
«الحياة
حلوة»
للإيطالي روبرتو بنيني
(وهو
فيلم نال الجائزة الكبرى في
«كان»
قبل
سنوات).
وصولاً إلى فان غوغ
وأخيراً، في السياق ذاته، أعلنت الـ
«بي
بي سي»
أنها
في صدد إنتاج فيلم عن نجم رقص الباليه الكوبي كارلوس آكوستا الشهير
عالمياً باسم
«يولي»،
يقوم الراقص نفسه بالدور الأول فيه على أن يقوم بدوره شاباً، إثنان
من الراقصين الكوبيين الشبان.
ويروي
الفيلم المأخوذ من كتاب سيرة وضعه آكوستا بنفسه تحت عنوان
«ما
من طريق الى الديار»،
حكاية الصبي الذي نشأ في أزقة هافانا البائسة ليصبح في شبابه
واحداً من أعظم راقصي الباليه الكلاسيكي في العالم، وأول راقص أسود
يدعى للرقص مع فرقة
«الباليه
الملكي»
في
لندن.
واللافت أن سيناريو هذا الفيلم الذي سيخرجه الإسباني إيثيار
بولّين، هو من كتابة بول لافرتي، الذي يعتبره كين لوتش كاتبه
المفضل، حيث انهما تعاونا في تسعة أفلام للوتش عرضت كلها في كان
وآخرها
«أنا،
دانيال بليك»
الذي
فاز العام الفائت بالسعفة الذهبية في المهرجان.
>
وأخيراً، على سبيل الختام، نشير إلى المشروع الأخير في السياق، وهو
ذاك المتعلق بعودة الرسام فنسنت فان غوغ الى الشــاشة الكبيرة ولكن
هذه المرة تحت ملامح الممثل الأميركي دانيال دافو، الذي يــقوم
بدور الرسام، الذي سبق أن لعبه على شاشات مختلفة، كل من كـــيرك
دوغـــلاس، ومارتن سكوسيزي ونصف دزينة من ممثلين آخرين.
هذه
المرة ســـيكون الفيلم، وعنوانه
«على
باب الخلود»
من
إخراج الرسام والسينمائي جوليان شنيبل، الذي كتب السيناريو شراكة
مع الكاتب المخضرم جان كلود كاريير.
وسيركز
الفيلم على السنوات الأخيرة من حياة فان غوغ، تلك التي أمضاها في
آرل وأوفير سور واز الفرنسيتين... |