نجح مهرجان القاهرة السينمائى فى الخروج من حدود دار
الأوبرا المصرية، فى الدورة الـ40 التى تختتم فعالياتها اليوم، ورغم أن
قرار عودة عروض أفلام المهرجان إلى وسط البلد لم يكن جديداً، فهو مستمر
للعام الثالث على التوالى، ولكن استبدال سينما «أوديون» بـ«كريم»، كان
خياراً موفقاً بالنسبة للمهرجان بسبب الإقبال الجماهيرى الذى تحظى به بعد
تجديدها، وفى خطته للتوسع والانفتاح على جمهور وأحياء مختلفة فى القاهرة
تعاقد المهرجان على عرض أفلامه فى «كايرو فستيفال» ليستهدف شريحة جماهيرية
مختلفة، وللعام الثانى على التوالى تتواصل العروض فى سينما الزمالك و«مول
العرب» فى مدينة السادس من أكتوبر.
نعمة الله حسين: اختفاء ظاهرة الجمهور الباحث عن الجنس..
والتوسع الجغرافى فى صالح المهرجان
نشأ ارتباط وعلاقة وثيقة بين أفلام القاهرة السينمائى ودور
العرض فى وسط البلد الذى تعتبر مهد المهرجان منذ دورته الأولى، وظلت تلك
العلاقة قائمة حتى عام 2012، عندما تم إلغاء العروض خارج دار الأوبرا
المصرية بسبب عدم استقرار الحالة الأمنية التى تلت ثورة 25 يناير، ودام ذلك
التوقف مدة 4 سنوات لتعود مرة أخرى العروض إلى وسط البلد فى الدورة الـ38،
ولكنها لم تحقق نجاحاً كبيراً وقتها.
أشارت الناقدة نعمة الله حسين إلى أن الإقبال الجماهيرى على
دور العرض بوسط البلد خلال فترة المهرجان، على مدار الدورات السابقة، يفوق
حجم الإقبال حالياً، موضحة: «هناك تغير كبير فى حجم ونوع الجمهور، ففى
السابق كان هناك إقبال كبير من قبَل الجمهور تحديداً على حفلات منتصف الليل
بحثاً عن الأفلام التى قد تضم مشاهد ممنوعة لأن أفلام المهرجان لا يجوز
الحذف منها من قبَل الرقابة، وبالتالى كانوا يبحثون فقط عن الجنس والمشاهد
الخارجة فى الأفلام دون أى اعتبارات أخرى، وهى فئة تنحصر بشكل كبير فى
العمالة اليدوية، وكانت تلك الأفلام تحقق ربحاً ودخلاً كبيراً للمهرجان،
وبخلاف ذلك كانت معظم القاعات فارغة فى العروض الصباحية أو الأفلام التى
تتناول موضوعات اجتماعية أو تخلو من المشاهد الجنسية».
محسن علم الدين: فوجئت بالإقبال الجماهيرى.. والحجز
الإلكترونى لعب دوراً مهماً
تابعت «نعمة الله»، لـ«الوطن»: «مع تطور التكنولوجيا
وانتشار الإنترنت والقنوات الفضائية اختفى هذا النوع من الإقبال على أفلام
المهرجان، وتغيرت تلك النظرة وتغيرت نوعية الجمهور، وتم استبداله بآخر أكثر
وعياً وجدية سواء من طلاب الجامعات أو محبى السينما، ومع الوقت بدأ يزداد
الإقبال بشكل تدريجى، خاصة مع رغبة المهرجان فى الوصول إلى جمهور مختلف
والتوسع على المستوى الجغرافى والبعد عن المركزية فى وسط البلد، قد لا يكون
مستوى الإقبال كبيراً فى البداية ولكن مع الاستمرارية قد ينجح فى صنع قاعدة
جماهيرية لدى سكان المناطق الجديدة، على سبيل المثال مهرجان دبى كان يحرص
على عرض أفلامه فى المجمعات التجارية، وكانت تحظى بإقبال جيد من بين
رواده».
لم تقتصر لافتة «كامل العدد» على العروض داخل الأوبرا فقط،
بل امتدت خارجها أيضاً، منها فيلم «ورد مسموم» للمخرج أحمد فوزى صالح فى
سينما كريم، و«The
White Crow»
للمخرج والممثل الإنجليزى ريف فاينز، فى سينما الزمالك،
و«على كف عفريت» للمخرجة كوثر بن هنية، وغيرها من الأفلام.
من جانبه، قال المنتج محسن علم الدين رئيس شعبة دور العرض
فى غرفة صناعة السينما إن الدورة الحالية من المهرجان شهدت رواجاً
جماهيرياً مميزاً فى دور العرض خارج أسوار الأوبرا، متابعاً: «حرصت على
مشاهدة أفلام المهرجان فى دور العرض السينمائى وتفاجأت بحجم الإقبال، فهناك
عروض كانت كاملة العدد وأخرى كانت ممتلئة بشكل كبير، وهو مؤشر جيد للغاية،
ومن وجهة نظرى أن اعتماد نظام الحجز الإلكترونى ساهم فى ذلك بدرجة كبيرة،
فهو نظام جيد يتيح للمشاهد اختيار الفيلم ومكان جلوسه فى صالة العرض ودفع
قيمة التذكرة إلكترونياً».
سينما «كايرو فستيفال»: «Rome»
الفيلم الوحيد الذى شهد رواجاً.. والأكشن فى صدارة الاهتمام
وأضاف «علم الدين»، لـ«الوطن»: «وجود المهرجان فى أماكن
أخرى بعيداً عن الأوبرا أمر مهم، فهى محاولة للوصول إلى جمهور من خلفيات
ثقافية واجتماعية متنوعة، وما يساعد على ذلك وجود أفلام على مستوى سينمائى
وفنى جيد ترضى جميع الأذواق وتناسب مختلف الآراء، بالطبع جمهور (المولات)
قد تكون لهم ذائقة مختلفة، خاصة أن بعضهم من فئات عمرية صغيرة ولكن من
المفيد تعرفهم على أفلام مميزة سينمائياً من مختلف دول العالم».
ترى الناقدة وعضو لجنة مشاهدة «القاهرة السينمائى»، صفاء
الليثى، أن عرض أفلام المهرجان خارج نطاق الأوبرا أمر مهم جداً، متابعة:
«نحن كنقاد نحب وجود المهرجان فى الأوبرا حتى نستطيع الانتقال من عرض إلى
آخر دون تضييع وقت، ولكن العروض فى الخارج مفيدة للجمهور على سبيل المثال
سينما كريم تحقق رواجاً جيداً بسبب رواد سينما زاوية، لمشاهدة الأفلام التى
يحبها الجمهور، ونفس الأمر بالنسبة لسينما الزمالك، فالمهرجان يستفيد من
جمهور تلك السينمات، أما العروض فى سينما المجمعات التجارية أراها خطوة
إيجابية فى الوصول إلى سكان المناطق البعيدة».
وأضافت «الليثى»، لـ«الوطن»: «الجمهور الآن أصبح أكثر
وعياً، بالرغم من أن نسبة كبيرة من الأفلام متاحة على الإنترنت إلا أنهم
يحرصون على مشاهدتها فى دور العرض، سيكون من الصعب أن ينظم المهرجان عروضاً
لطلاب المدارس الثانوية لأن الأفلام لن تكون مناسبة لأعمارهم، ولكن يمكن
تنفيذ ذلك مع الجامعات فى محاولة لنشر الثقافة السينمائية لدى الشباب بصورة
أكبر».
وقال محمد أحمد، مسئول شباك التذاكر فى سينما مول «كايرو
فستيفال»، إن الإقبال على أفلام المهرجان ضعيف لدرجة كبيرة حيث تعاقدت
إدارة المهرجان مع السينما للمرة الأولى هذا العام، متابعاً: «نخصص قاعة
لأفلام المهرجان تعرض 3 أفلام يومياً فى حفلات 3:30 عصراً، و6:30 و9:30
مساء، ولكن لا يمكن مقارنة الإقبال على أفلام المهرجان بالإقبال على
الأفلام المعروضة، يعتبر أكبر فيلم أو الوحيد الذى شهد كثافة فى عدد الحضور
فيلم (Rome)،
حيث تجاوز عدد الحضور 70 مشاهداً من ضمنهم 40 من الجمهور العادى لا يحملون
كارنيهات المهرجان، فى قاعة تضم 500 مقعد، وهناك أيام يكون الإقبال فيها
ضعيفاً ولا يباع فيها سوى تذكرة واحدة، وهناك عروض لا تشهد حضوراً على
الإطلاق فنضطر إلى إيقاف الفيلم بعد نصف ساعة من عرضه دون وجود مشاهد واحد
على الأقل».
وفيما يتعلق بالاهتمام فى الإعلان عن أفلام المهرجان: «هناك
3 شاشات من ضمن 16 شاشة فى المنتصف أعلى شباك التذاكر يتم عرض أفيشات
الأفلام المشاركة فى المهرجان ومواعيدها عليها، ولكن الجمهور من رواد
السينما يفضل أفلام الأكشن المعروضة حالياً أكثر من الأفلام الفنية منها (Robin
Hood)
و(Hunter
Killer)».
وأشار أحمد شوقى، نائب المدير الفنى لمهرجان القاهرة
السينمائى، إلى أن الأفلام المعروضة فى المهرجان يتم إعادة عرضها اليوم
التالى فى قاعتى سينما كريم، سينما الزمالك، وأحياناً عرض ثالث فى «كايرو
فستيفال» و«مول العرب»، مضيفاً، لـ«الوطن»: «العروض خارج الأوبرا هذا العام
بها تطور كبير عن السنوات السابقة، سيتم الإعلان عن الأرقام بدقة بعد ختام
المهرجان، ولكن هناك إقبالاً ملحوظاً وكان هناك أكثر من عرض خارج الأوبرا
كامل العدد، وهو مؤشر جيد، ويعكس توجهنا فى الانفتاح على المدينة والوجود
فى كل أنحائها، حيث إن القاهرة محافظة كبيرة ويجب أن تكون بها عروض كثيرة
لأفلام المهرجان». |