جولة في مذكرات ماجدة الصباحي: غيرت اسمها ووصفت حملها
الرابع بـ"الغلطة"
كتب:
دينا عبدالخالق
غيّب الموت الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحي، اليوم الخميس،
عن عمر يناهز 89 عاما، لتترك ورائها إرثًا سينمائيًا ضخمًا لمسيرتها فنية
تمتد لأكتر من 60 عامًا.
وقبل وفاتها، دوّنت الفنانة الراحلة كتاب "مذكرات ماجدة
الصباحي"، الذي احتاج لأعوام طويلة لإقناعها بالبوح عن أسرارها الشخصية
والعملية خلال مسيرتها الفنية التي تمتد لأكتر من 60 عامًا، لتكون "ثورة 25
يناير" هي سبب التغيير والدافع للفنانة ماجدة لكتابة مذكراتها.
عامان كاملان استغرقهما الكاتب السيد الحراني في تسجيل
المذكرات مع الفنانة ماجدة، وعام آخر للتفريغ والكتابة والمراجعة معها، ولم
تتحفظ سوى على فصل واحد وهو المتعلق بصراعها مع فاتن حمامة، وطالبت بنشره
بعد وفاتها، ولم تتقاضَ ماجدة أي مبلغ لهذه المذكرات التي تم نشرها عن "دار
الأهرام للنشر" في نهاية عام 2014، على حد قول الحراني في أحد الحوارات
الصحفية.
لم تكن الفنانة ماجدة الصباحي كنظيراتها من الممثلات،
فرقتها التي بدت بين ملامحها وفي صوتها الناعم وجمالها الرقيق، والخجل الذي
ترك بصماته على مظهرها وشخصيتها الأرستقراطية التي ورثتها عن والدتها، كلها
أمور ساعدتها على اكتساب محبة الجمهور في خمسينيات القرن الماضي، لتكون
أيقونة "الرقة" و"الدلال"، ورسمت لنفسها "شخصية مختلفة" بين نجمات جيلها.
تغيير اسمها من "عفاف" لـ"ماجدة"
ورغم سطوع نجمها إلا أنَّها كانت تعاني من "حساسية شديدة من
الصحافة"، وخاصة في بداية مشوارها الفني، وفقا لما ورد بالكتاب، ففي أثناء
تصويرها لأولى أفلامها "الناصح"، عام 1949، مع الفنان إسماعيل ياسين، كانت
تهرب إلى غرفتها وتبكي، بمجرد أن تشم رائحة "صحفي" يرغب في لقاء الوجه
الجديد، وبعد محاولات عدة اقتنعت بأهمية مواجهة الإعلام، شرط تغيير اسمها
ليصبح "ماجدة الصباحي"، بدلا من "عفاف علي الصباحي"، لعدم معرفة أسرتها
باتجاهها للتمثيل، حيث كانت في الثالثة عشرة من عمرها حينذاك.
ماجدة تروي بدايتها الفنية بمذكراتها
ويبدو أن ذلك الأمر ترك بصماته بشدة في ذاكرة ماجدة، وخصصت
جزءا كبيرا في مذكراتها للحديث عن أسرتها ورد فعلهم فور معرفتهم باتجاهها
للتمثيل، حيث واجهت "ثورة عارمة" منهم، حيث ضربها شقيقها الأكبر، وصمم
والدها على قتلها، إلا أن والدتها أقنعتهما أن موتها ليس حلا، وهو ما شكَّل
السبب الرئيسي في انفصال والديها، ورفع والدها دعوى قضائية على الفيلم
ومنتجه، اتهمهما باستغلال فتاة قاصر دون الرجوع لولي أمرها، ما أدى لوقف
عرض الفيلم عاما كاملا، قبل أن يتنازل والدها عن الدعوى لتوسلات المنتج،
ليحقق الفيلم نجاحا منقطع النظير، بينما ظلت حبيسة المنزل عاما كاملا، حتى
رق قلب والدتها لدموعها، وأقنعت أسرتها بالعودة للتمثيل، ليوافق والدها لكن
"بشروط صارمة"، بينها أن يلازمها أحد ذويها في جلسات التصوير لمدة 5 أعوام
متتالية.
حاولت والدة ماجدة التخلص منها كثيرا وبشتى الطرق، وكانت
تعتبر حملها لطفل رابع هو "غلطة"، بحسب وصفها، يجب أن تصححها سريعا بالتخلص
من الجنين، كما كانت لا ترغب في إنجاب أكثر من ثلاثة أبناء فقط، وهو الأمر
الذي روته "عذراء الشاشة" في مذكراتها على اعتبار أنه من نوادر طفولتها،
والتي أكدته فيه تمسكها بالحياة ورفضها محاولات والدتها العديدة، ليتبدل
حال الأسرة سريعا بمجرد ميلادها ويتفاءلون بها لجمالها وابتسامتها الرقيقة
منذ ميلادها، كما انتقل والدها لوظيفة أفضل بالقاهرة.
رشدي أباظة.. الحب الأول
شعرت "ماجدة" بملامح الحب لأول مرة مع الفنان رشدي أباظة،
الذي تقدم لخطبتها سريعا، ولكن أسرتها رفضت ذلك، قائلة: "ردوا قالوله أنت
صديقنا الحميم يا رشدي، لكن حياتك الخاصة التي يعلمها الجميع لن تستطيع
أختنا أن تعيشها وتجاريها وستعاني معك"، وهو ما ولدّ داخل "الدنجوان" غضبا
شديدا فور معرفته بارتباطها بالفنان إيهاب نافع.
لم يكن أباظة هو الوحيد الذي وقع في حبها وتقدم لخطبتها،
وكشفت ماجدة عن محاولة الفنان يحيى شاهين الارتباط بها قبل زواجه، وطلب
منها التفكير، لكنها رفضت لأنها كانت في ذلك الوقت زاهدة في الحب، واعتذرت
له وحافظت على علاقتها به.
"يا
ماجدة رواياتي لا تناسبك".. كان الرد القاطع من نجيب محفوظ لها، عقب قرارها
خوض غمار تجربة الإنتاج، فزارت الكاتب الراحل للتعاقد معه على رواية من
مؤلفاته أعجبتها، قائلة: "إنه رحب بي بمجرد أن شاهدني فكان رجلا شهما وطيبا
دمث الخلق كريم الطباع إلى أبعد مدى وعندما علم ما أريد رفض إعطاءها لي".
وروت "كوكب الشاشة" تفاصيل ذلك، بأن محفوظ أخبرها قائلا:
"أنتي أدوارك تستطيع أن تدخل كل بيت وكل أسرة ويتقبلها الجميع بينما أدوار
بطلات روايتي لا يتقبلها الجميع".
وتابعت قائلة إنه رجاها ألا تغضب من رأيه، لترد عليه قائلة:
"أكدت له أنني لا يمكن أن أغضب من رجل تتوافق طباعه مع طباعي فهو مثلي يعلم
عبء الرسالة التى يحملها وحريص على أن يوصلها للجمهور بالشكل الصحيح، فلم
يكن رفض نجيب محفوظ لشكه في قدراتي التمثيلية ولكن بالعكس فقد كان دائما
يتغزل في أدائي وطريقتي في التمثيل ولكنه كان يقصد أن الغالبية العظمى من
رواياته الإثارة والإغراء جزء رئيسي فيها وهذه الأدوار لا تتناسب معي فأنا
كان لي دائما قالبي الخاص الذي يتمتع بالهدوء وتجنب الإثارة وكانت هذه
شروطي عند قبول أدواري واعتاد الجمهور أن يشاهدني في هذا الإطار". |