إي آر رحمان: تعلمت الصوفية من والدي وأتمنى العودة إلى
الهند
احتفى به مهرجان القاهرة السينمائي ويعتبر حصوله على
الأوسكار مجرد تكريم
نجلاء أبو النجا صحافية
احتفل مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي بتكريم
الموسيقار الهندي إي
آر رحمان في
الدورة الـ43، وأقامت إدارة المهرجان ندوة خاصة للموسيقار الكبير أدارها
الموسيقار المصري هشام نزيه، وحضرها رئيس المهرجان السيناريست محمد حفظي،
وتامر حبيب، وصبري فواز، وأمير رمسيس، وعدد من النجوم وصناع الموسيقى في
مصر والعالم.
وإي آر رحمان ملحن هندي ومُغنٍّ وكاتب أغانٍ ومنتج موسيقي
عالمي، ويعد من أشهر الموسيقيين الذين حققوا نجاحات على صُعُد مختلفة في
نواحي الفن
والسينما.
وفي عام 2009 وضعته مجلة "التايم" في قائمة الأشخاص الأكثر
تأثيراً في العالم، كما حصل على جائزتي أوسكار بجانب جائزتي "البافتا"،
و"غرامي"، عن أعماله السينمائية التي يأتي على رأسها "المليونير المتشرد" (Slumdog
Millionaire)،
ورُشح 5 مرات لجائزة الأوسكار، وفاز بـ15 جائزة، ومن التعريفات التي تنسب
إليه أنه الرجل الذي أعاد تعريف الموسيقى الهندية المعاصرة.
احتفاء كبير
أكد إي آر رحمان في بداية الندوة مع الاحتفاء الكبيرالذي
وجده من الجمهور المصري، أنه فوجئ كثيراً بأن له جمهوراً عريضاً ومتابعين
من شتى الأنحاء، وبخاصة من مصر، فلم يكن يتخيل أن الجمهور متذوق لهذا الحد،
ويتابع الموسيقى تحديداً، ويتذوق وقعها في الأفلام، معرباً عن سعادته
بتكريمه في المهرجان وانبهاره بمصر، لا سيما أن هذه الزيارة تُعد الأولى
له.
وقال رحمان إن لديه شعوراً دائماً وملحاً لدعم الموسيقيين
الهنود. وأوضح أن المنتج الهندي يثق بالهنود أسرع، مقارنة بالأميركي،
متطرقاً إلى تجارب كثيرة مهمة مع أوركسترا الهند، والعزف بمصاحبتها في إحدى
الحفلات في الولايات المتحدة. وقال إن كل نوع من أنواع الموسيقى الهندية له
إيقاعه الخاص به، ومع ذلك لا يلتزم بالهندي فقط، بل يقوم بتأليف أنواع
مختلفة من الموسيقى.
شكل غير تقليدي
أشار إلى محاولاته جمع كل أنواع الموسيقى في أعماله الغربية
والهندية، كما تحدث عن خوضه تجربة فنية جديدة من خلال منصة "نتفليكس"، إذ
شارك بموسيقى لفيلم جديد يحمل اسم "أرض الرحمانية".
وبالنسبة لموسيقى الأفلام، أكد أن الدعم الذي حصل عليه من
قبل المخرجين، أسهم في انتشار الموسيقى بشكل غير تقليدي. وأوضح رحمان وجهة
نظره في الاختلاف بين الجمهور الهندي من ناحية، والجمهور الأوروبي أو
الأميركي من ناحية أخرى. وقال إن الجمهور الهندي يتقبل كل أنواع الموسيقى
ولا يصدر أحكاماً ضد صاحبها، بينما يحدث العكس تماماً بالنسبة للجمهور في
أوروبا وأميركا.
جائزة "الأوسكار"
عن شعوره بعد حصوله على جوائز "الأوسكار" و"الغرامي"
وغيرها، قال، "أعتبرها شهادة فقط، ونوعاً من التكريم، وهي جوائز مهمة،
وحافز لجميع الموهوبين على التطوير والنجاح عالمياً".
غناء بالصدفة
وعن تجربته بالغناء، قال إنه غنّى بالصدفة البحتة، إذ لم
يكن مقتنعاً بصوته، أو حتى يحب أن يسمعه، لكن ذات مرة سجل أغنية، وقرَّر
طرحها، وتعجب من حب أحد المنتجين لصوته ونجاحه في هذه النقطة.
وعلى الرغم من نجاح رحمان العالمي، وحصوله على أعلى الجوائز
الدولية، تفاجأ الجميع بتصريح غريب، إذ كشف عن رغبته في العودة إلى الهند،
حيث يشعر بالحنين الكبير لموطنه الأصلي.
اعتناق الإسلام
وتحدث رحمان عن اعتناقه الإسلام قائلاً إنه وجد فيه السكينة
والهدوء، وعندما يبدأ في تأليف أي مقطوعة موسيقية، يستعين بالله دائماً:
"دائماً ما أدعو، وأستعين بالله لكي يلهمني بالموسيقى المناسبة".
وبالنسبة للموسيقى الصوفية وإنتاجه هذا النوع، أوضح أن
السبب تأثره بوالده الذي يعتنق الفكر الصوفي الإسلامي، وكشف عن كواليس
صناعته مقطوعة موسيقية صوفية قبل اعتناقه الإسلام: "كنت أود فهم الإسلام،
وكنت أستعين ببعض الأشخاص الموثوق بهم... وفي بعض الأحيان تنشأ لديك رغبة
في المعرفة والتعلم، وتدعو الله أن يساعدك لكي تقدم عملاً قوياً، فأتذكر
أنني قلت في مرة ما إنني أحتاج إلى (سبايدر مان) لتنفيذ الموسيقى".
وأكد رحمان أن الموسيقى التصويرية تجذب الجمهور لمشاهدة
الفيلم، مستشهداً بموقف حدث له مع سائق تاكسي عندما أخبره بأن موسيقى أحد
الأفلام جذبته لمشاهدة الفيلم، بعد ابتعاده عن مشاهدة الأفلام بسبب الضوضاء
الكثيرة بها، كما أكد أنه عندما يصل المنتج الموسيقي للهارموني بين الآلات
والألحان، يعالج النفوس والحالة النفسية للإنسان، فيصبح كالطبيب الذي يعالج
المرضى.
وأشار إلى أنه أقدم على تجربة تأليف الأفلام ليضيف بعداً
جديداً لموسيقاه التصويرية من خلال الحصول على رؤية مختلفة، وهي الرؤية
الخاصة بالمؤلف، وتصوره للفيلم، وأنه أراد من موسيقاه الصوفية التقريب بين
الأطياف المختلفة.
تعبر عن الروح
وعن تأثير الموسيقى، وكونها أداةً تكشف النفس البشرية، قال،
"الموسيقى تعكس ما بداخلنا... فهناك منطقة بداخلك تحمل الخير، والموسيقى
تعبر عن الروح، ونحن اليوم تقودنا الكراهية، وهناك نصوص تفصل بعضنا عن بعض،
وفي الهند يتقبلون الناس على ما هم عليه.
وأنا بدأت استكشاف الحقيقة، فهناك منطقة بداخلك تحمل الخير
والشر، وأنظر إلى الناس كإنسان، فنحن اليوم تقودنا الكراهية لأن هناك الدين
يقسمنا في بعض الأحيان".
وتحدث عن الطريقة التي يختار بها الموسيقى لأعماله. وقال،
"في السينما تود دائماً رؤية المشاعر والبصمة الإنسانية وإعطاء زاوية جديدة
بالموسيقى التي تقدمها، وتقول سأستخدم الآلات الوترية أو آلات النفخ للتأكد
من الآلة المناسبة لي".
الموسيقى المصرية
لفت إلى ارتباطه الشديد بالموسيقى المصرية، قائلاً إنها
"حققت نجاحاً كبيراً، ولها تاريخ كبير، وأنا معجب بوضع مصر من حيث تاريخها
الرائع العريق".
ورداً على أسئلة بعض الحضور مثل: ما أهم آلة موسيقية
بالنسبة له؟ قال: "أهم آلة بالنسبة الموسيقار الهندي هي الصوت، إذ لا يمكن
للصوت أن يغني بشكل جيد لحناً غير مناسب له".
وعن إمكانية تغيير رؤيته الموسيقية إذا طلب مخرج أحد
الأفلام ذلك، أوضح أن "المخرج لا يمكنه تغيير رؤيته كمنتج لموسيقى الفيلم،
فهو ليس كالممثل إذا لم يعجب أو يقنع المخرج يمكن تغييره"، كما أشار إلى أن
"الموسيقى التصويرية للأفلام الهندية على الرغم من صعوبتها فإنها أسهل من
صناعة الموسيقى التصويرية للأفلام الأميركية، وتشعر بنجاحها عندما تجد
الجمهور في الشوارع يرددها".
قيمة مادية
وعن حجم وقيمة الجوائز التي حصل عليها مادياً، أعلن أنه حصل
على جوائز تتجاوز قيمتها المالية مليون دولار، ولكن أهم شيء بالنسبة له هو
أنه عندما يعود إلى وطنه الهند سيساعد كثيراً من الموسيقيين.
وعن قابليته للتطور مع الاختلاف الزمني المستمر، اعتبر أنه
يجب "على الموسيقار أن يتمتع بالمرونة والتعلم من مختلف الأشياء، ليقدم
الجديد دائماً بطريقته وشكله الخاص، ومن لا يتطور، وهم قلة غابوا عن الساحة
تدريجياً، وكثيرون طوّروا من أنفسهم، وأصبحوا الآن أشهر"، كما أكد أنه يحب
أن يمزج بين الموسيقى التقليدية والمعاصرة. واختتم بأن موسيقاه تتميز
بالانتماء إلى جنوب الهند. |