شهادات جريئة وملهمة للجنة التحكيم لمهرجان كان السينمائي
كتب ــ خالد محمود:
·
الوقت مناسب لصانعى الأفلام المسئولين لإطعام خيالنا من أجل
الذين يقاتلون فى العالم للبقاء على قيد الحياة.
·
فينسينت ليندون يتساءل هل يمكننا فعل شىء آخر غير استخدام
السينما سلاح المشاعر لإيقاظ الضمائر وزعزعة اللامبالاة؟
·
المخرج الإيرانى فرهادى: صورة شعبى القاتمة تفسد فرحة وجودى
هنا
·
لادج لى: مهرجان كان يمنح الأمل لشبابنا..وأتمنى أن تكون
خياراتنا جيدة
·
الممثلة الهندية ديبيكا بادوكون: لسنا هنا لنحكم على
الأفلام أو ننتقدها. أهم شىء هو الاستمتاع بها.
شهادات سينمائية حية ومهمة وملهمة وجريئة أدلت بها لجنة
تحكيم الأفلام الروائية لمهرجان السينمائى الدولى فى دورته الـ75، التى
تشهد منافسات قوية بين الأعمال.
قال النجم الفرنسى فينسينت ليندون رئيس لجنة تحكيم الأفلام
الروائية فى مهرجان كان السينمائى:
إنها مسئولية هائلة، فكرت فيها كثيرا،و الطريقة الوحيدة لتحملها بنجاح هى
العودة إلى كونك المشاهد الذى كنت عليه عندما كنت طفلا، ومحاولة القيام
بأشياء من القلب. أحب أن أفكر فى الأمر على أنه يصفى ذهنى ليقترب من
الأشياء بعقل خالٍ من التحيزات، مع إرادة حب وقبول جميع الانتاجات
السينمائية فى العالم.
وأضاف:لن أنكر سعادتى لوجودى هنا سأحقق أقصى استفادة من كل
ثانية.
والحقيقة أنا متأثر للغاية وفخور لقيادة هيئة التحكيم
الاستثنائية هذه، المشبعة بالامتنان العميق، التى اختارها بيير ليسكيور
وتيرى فريمو، المسؤلان عن المهرجان من بين كثيرين آخرين.
سيكون من المنطقى بلا شك، أو على أى حال إنسانيا، أن أفرح
فرحتى عندما أكون هنا، لترأس الدورة 75 لمهرجان استثنائى، أكبر مهرجان
سينمائى فى العالم، للاحتفال بهذا الحدث والتمتع بالشرف الممنوح لى دون
عائق. لكن ألا ينبغى أن نستحضر، من هذه المنصة التى تركز لفترة من الزمن،
كل أعين العالم، عذابات كوكب ينزف ويتألم ويختنق ويشتعل فى لامبالاة القوى؟
ربما نعم. لكن ماذا يمكننى أن أقول، إن لم يكن جديدا، أو على الأقل مفيدا؟
هذا سؤال واجهه جميع الفنانين وما زالوا وسيواجهونه. هل يجب
أن نستخدم سمعتنا، مهما كانت متواضعة، لنقل أصوات من لا صوت لهم بصوت عال
وواضح، أو على العكس من ذلك، نرفض التعبير علنا عن موقف فى مناطق ليس لدينا
فيها شرعية ولا مهارة خاصة؟
ليس لدى الجواب
!
فى محاولة للتصالح مع مصير محتوم، غالبا ما كنت أخاطر
بالتحدث علانية، أحيانا بسذاجة، للتنديد بالألم التى يشعر به الآخرون.
الالتزامات الوحيدة التى لا جدال فيها لفنان، ولا سيما صانع
أفلام، هى بلا شك الأعمال التى يقدمون دعمهم لها.
انا ممثل بسيط، أقوم بعبور الشخصيات التى تحمل أسماء أخرى
غير اسمى، وأمارس مهن أخرى، وأحيانا تكون قوية، وفى كثير من الأحيان
مهزومة، لأنهم هم من يحركونى ويلهموننى لمحاولة لمس القلب. إنها وظيفتنا.
لقد أكسبنتى الكثير من الأوسمة التى أستحقها، فأنا أدرك ذلك تماما. لكننى
أعلم أنه، مثل كل أولئك الذين تمتعوا بسعادة غير عادية بالقدرة على العيش
من فنهم، فى وجود حر، نحن مكون صغير من كل عظيم، أساسى، والذى يسمى
الثقافة. لأن الثقافة ليست زائدة لطيفة، ولا زينة عقيمة للمجتمع، فهى ليست
على الهامش، إنها المركز. ستكون بقايا ذلك.
ماذا سيبقى من عهد جوزيف الثانى بدون موتسارت، لويس الرابع
عشر بدون موليير، راسين أو كورنى، لبابوية جول الثانى بدون مايكل أنجلو؟
إن مكانتهم فى التاريخ، والدول وقادتها، مدينون بذلك أولا
وقبل كل شىء للروابط التى تمكنوا من نسجها مع المبدعين الذين تُسقِط
أعمالهم العبقرية البشرية.
يواصل مهرجان كان السينمائى الدولى هذا التقليد القديم.
الذى ولد من الرغبة فى محاربة الفاشية، والتى شوهت السينما الأوروبية، ولم
يتوقف أبدا عن الترحيب بأعظم صانعى الأفلام فى عصرهم وحمايتهم وجمعهم معا
فى صالات مفتوحة لجميع الثقافات، لا تتطلب سوى معايير عالية، وقد احتفظت
اختياراته بالأفلام التى لم يقتصر طموحها على ملء دور العرض.
هذه هى وظيفة مهرجان كان السينمائى. إنه مجده. إن هذا الخط
غير المرن والفنى والمدنى هو الذى يجعل ما يمكن أن يكون فاحشا أمرا ضروريا:
عرض صور مشعة متراكبة على تلك البغيضة، والتى تصل إلينا من أوكرانيا
البطولية والشهيدة، أو دفن تحت لحن السعادة، مذابح صامتة.
هل يمكننا فعل أى شىء آخر غير استخدام السينما، سلاح
المشاعر الهائلة، لإيقاظ الضمائر وزعزعة اللامبالاة؟»
لا أستطيع أن أتخيل!
قد لا تؤثر قوة وعمق أعمال صانعى الأفلام العظماء على طريقة
عمل العالم لكننا سنحاول، فإن قوتنا هى أننا نؤمن به، وأن أعمالنا خالدة.
حتى لو فى بعض الأحيان، عندما تسحقنا الأخبار ويغمرنى
الإحباط، أتساءل عما إذا كنا لا نرقص على تيتانيك.
هذا هو الوقت المناسب للفنانين، صانعى الأفلام المسئولين، ليحملونا، لإطعام
خيالنا، ومساعدتنا، على تكرار أنفسنا فى أنفسنا، كلما أمكننا ذلك، تكريما
لكل الذين يعانون والذين يقاتلون فى العالم من اجل البقاء على قيد الحياة.
فيما وصف المخرج الايرانى اصغر فرهادى عضو لجنة التحكيم
سعادته بالمشاركة فى هذه النسخة الخامسة والسبعين كجزء من لجنة التحكيم،
وقال
:
أنا سعيد للغاية. لم أتردد عندما أتيحت لى الفرصة للمشاركة
فى هذه التجربة الملهمة. إنها المرة الثالثة التى يتم فيها الاتصال بى
للانضمام إلى لجنة التحكيم بالمهرجان، وكان الوقت مناسبا هذا العام. لكن
هذه الفرحة التى أشعر بها ليست عميقة كما أرغب، بسبب ما يعيشه بلدى اليوم.
النظرة قاتمة بالنسبة للشعب الإيرانى: إنهم مرهقون. ويجب أن أعترف أن هذا
يفسد قليلا من سعادتى لوجودى هنا.
وحول أهمية مهرجان «كان» لآفاق الفيلم قال المخرج الفرنسى
لادج لى عضو لجنة التحكيم: يغير مهرجان كان حياة الفيلم وصانعة ولا شك فى
ذلك. هنا ذهب فيلمى «البؤساء» فى رحلة لم نحلم بها أبدا. عندما عُرض على
مكان فى لجنة التحكيم هذا العام، لم أصدق ذلك. أعتقد أنه يمنح الأمل
لشبابنا، الذين يمكنهم أن يقولوا لأنفسهم أن كل شىء ممكن. أنا سعيد جدا
وآمل أن نتخذ خيارات جيدة معا.
وقالت الممثلة الهندية ديبيكا بادوكون حول مسئوليتها كعضو
لجنة تحكيم:
لقد وعدنا أنفسنا عندما وصلنا ألا نشعر بأن المسئولية
تغمرنا. لكن من الصحيح أن السينما أداة قوية. يمكن أن تؤثر على حياة الناس.
لسنا هنا لنحكم على الأفلام أو ننتقدها. أهم شىء هو الاستمتاع بها.
واشار المخرج النرويجى يواكيم ترير إلى المهمة التى تنتظر
لجنة التحكيم قائلا:
لدى إيمان بهذه المجموعة وأعتقد أننا سنجرى مناقشات ستكون
ممتعة بقدر ما هى صعبة من أجل اتخاذ خياراتنا. يمثل مهرجان كان أكثر
الأساليب تعقيدا فى السينما. إنه لشرف عظيم أن أكون هنا.
وتصف الممثلة الإيطالية ياسمين ترينكا عضو لجنة التحكيم
توقعاتها من النسخة الخامسة والسبعين للمهرجان:
بدأت مسيرتى المهنية فى مدينة كان عام 2001، مع فيلم غرفة
الابن
La Chambre du fils
لنانى موريتى، كنت فى الثامنة عشرة من عمرى. لم يكن لدى أدنى فكرة عن
الجانب الساحر للأشياء. لقد عدت عدة مرات منذ ذلك الحين ويمكننى أن أقول
إننى نشأت مع المهرجان. حتى أجد نفسى هنا مرة أخرى أمر مؤثر للغاية بالنسبة
لى. سأشاهد الأفلام باحترام وإعجاب. أريد أن أفاجأ بنظرة.
لا يمكننا أن نضع الوقت الذى نعيشه جانبا تماما. بالطبع قد
يكون لها بعض التأثير اللا واعى على الطريقة التى ننظر بها إلى الأفلام.
يرتبط بعضها ارتباطا وثيقا بهذه القضايا والبعض الآخر بعيدا. سنصلب أنفسنا
لنبقى مستحقين، للأشخاص الذين كانت أيامهم أصعب من أيامنا. |