·
«حمى
البحر الأبيض المتوسط» يروى حكاية اكتئاب بالمنطقة.. ومخرجته: يعكس إحباطات
الفلسطينيين الذين يعيشون فى إسرائيل
·
«سينما
صبايا» يقدم تسع نساء عربيات ويهود يوثقن حياتهن على الشاشة.. والمخرجة:
لمحة نادرة لنقطة التقارب المركزية
·
إيران تبحث عن تتويج جديد بـ «الحرب العالمية الثالثة»..
و«إخواننا» الجزائرى مالك رمزا للكفاح ضد العنصرية
·
«فرحة»
الأردن قصة إنسانية تعبر الحدود.. وتونس تبحث عن روابط عميقة «تحت أشجار
التين»
منافسات ساخنة ومن نوع خاص كشفت عنها ترشيحات أوسكار أفضل
فيلم دولى فى دورته الـ95، وبالتحديد من المنطقة العربية والشرق الأوسط،
التى يقام حفل توزيع جوائزها يوم 12 مارس 2023 فى مسرح دولبى فى لوس أنجلوس
بولاية كاليفورنيا، ومن المقرر الإعلان عن القائمة الأولية للترشيحات
المقبولة فى 21 ديسمبر، ثم الإعلان عن المرشحين الخمسة النهائيين فى 24
يناير القادم، حيث ظهرت مجموعة أفلام من المنطقة أثنى عليها النقاد،
واستطاعت أن تنال أيضا الإعجاب بالمهرجانات العالمية التى عرضت على شاشتها
وتحصد بعض جوائزها.
فى مقدمة هذه المنافسة صراع خاص بين إسرائيل وفلسطين اللذين
يشاركان بفيلمين يتعرضان لقضايا اجتماعية مثيرة فى تناولها وذوى خلفية
سياسية شائكة، بالإضافة إلى رؤيتها الفنية التى تستدعى الوقوف عندها.
اختارت فلسطين أن تخوض السباق بفيلم «حمى البحر الأبيض
المتوسط» تأليف إخراج مها حاج التى تقدم كوميديا سوداء مليئة
بالمفاجآت، بطولة عامر حليحل وأشرف فرح وعنات حديد، وتتمحور أحداثه حول قصة
وليد «40» عاما ويجسده عامر حليحل، الذى يعيش فى حيفا برفقة عائلته، يظل
يعانى من الاكتئاب بسبب عدم تحقيق ذاته وحلمه فى مهنة الكتابة، ويرفض تناول
الدواء الذى يريد طبيبه النفسى أن يصفه للاكتئاب المزمن ويتجادل مع زوجته،
وهى ممرضة حول كيفية رعاية طفليهما، ويشعر أنه يحمل ثقل العالم على كتفيه،
حتى يتعرف على جاره المحتال الصغير «جلال» ويجسده أشرف فرح، فتنشأ بينهما
علاقة صداقة غير متوقعة تتحول لاحقا إلى مأساة وتقودهما إلى رحلة لقاءات
مظلمة، حيث يبدو أنهما يختلفان حول كل شىء بينما يطلب وليد من جلال أن يريه
حياة مجرم من أجل رواية يدعى أنه يكتبها. مع تطور الصداقة، يدرك جلال أن
قصة وليد تتغير باستمرار، ويبدو أن بطلى القصة يشيران إلى نموذج الاضطرابات
السياسية بالمنطقة.
يشير العنوان إلى مرض حيث يخبر الطبيب وليد أن ابنه الأصغر
قد يكون مصابا به. وهو حمى البحر الأبيض المتوسط وأنه موروث وخاص بالمنطقة
التى يعيشون فيها ويمكن أن ينطبق على الشرق الأوسط نفسه. «حمى البحر الأبيض
المتوسط» التى يثيرها الفيلم ليست مرض الابن الجسدى، بل هى العبء السياسى
والاجتماعى والنفسى لكونك فلسطينيا فى حيفا.
أوضحت المخرجة مها الحاج فى فيلمها الطويل الثانى الذى عرض
لأول مرة عالميا فى مهرجان كان السينمائى وحصلت على جائزة أفضل سيناريو ضمن
قسم نظرة ما : أن شخصية «وليد» هى انعكاس لجانبها المظلم وإحباطات
الفلسطينيين الذين يعيشون فى إسرائيل. ثلث سكان مدينة حيفا الساحلية، والتى
كانت جزءا من إسرائيل منذ عام 1948، هم فلسطينيون.
وقالت «أنا مخرجة حزينة للغاية، لكن لدى روح الدعابة. لهذا
السبب استطعت أن أكتب هذا الفيلم الأسود، حمى البحر الأبيض المتوسط ،
الذى يدور حول وليد، وهو رجل مكتئب مزمن يطمح لأن يصبح كاتبا. من خلال هذه
الشخصية الخيالية، أضغط على الأفكار المتطرفة التى قد تكون مألوفة بالنسبة
لى. أنا شخصيا على دراية بشخصيته وشخصيتى. لذلك أسخر من جانبى المظلم من
خلال رجل يشبهنى فى جوانب معينة، بينما يظل مختلفا عنى. من خلال اللعب مع
الأسئلة الكبيرة عن الحياة والموت، دفعت وليد إلى التطرف الذى لم يكن
ليبلغه بمفرده».
وأضافت: فيلمى السابق «شئون شخصية» تحدث عن هوية
الفلسطينيين الذين يعيشون فى إسرائيل والضفة الغربية وفى المنفى. تم سجن
الشخصيات وإحباطها بسبب تعقيد وجودهم كفلسطينيين. وليد، وهو فلسطينى
إسرائيلى يعيش فى حيفا، لا يمكنه الهروب من نفس مشاعر العزلة والمصادرة.
وأوضحت «قررت التركيز على شخصية واحدة فقط ومعالجة الاكتئاب
على المستوى الفردى وليس على المستوى المجتمعى. قد تبدو حياة وليد مريحة
ومرغوبة لمعظم الناس. ومع ذلك ــ وهذا يتفق مع فهمى الشخصى للاكتئاب ــ فإن
الشىء العميق الذى يظلمه المجهول مفقود دائما. أخيرا، يصل وليد إلى نقطة
اللا عودة ويقرر أن يصبح سيد مصيره الوحيد. يتخذ قرارا بإنهاء حياته من
خلال إخفاء انتحاره كموت طبيعى لأنه، كأب محب، لم يفقد إحساسه به
بالمسئولية.
أضع شخصية وليد مع جلال جنبا إلى جنب، وهو محتال متفائل
صغير الوقت وملىء بالحياة ومتواضع جدا لدرجة أنه لا يمكن أن يغرق فى
الاكتئاب. إنه عكس وليد، لدرجة أن بعدا هزليا يولد من لقائهما الذى يلقى
الضوء على تاريخ وليد المظلم. يوفر تقاسم العالمين المتعارضين عمقا
للشخصيات ويؤدى إلى حل أزمتهم الوجودية.
وأشارت مها الحاج «ثلث سكان حيفا فلسطينيون. وظلت بعض
أحيائها مهملة ومتدهورة منذ بدء الاحتلال عام 1948، مثل أحياء وادى الصليب
ووادى النسناس وحليسة. قمنا بالتصوير فى هذه الأماكن بالذات من أجل إظهار
الجانب الفلسطينى من المدينة. تم التصوير فى الخريف لترسيخ الفيلم بشكل
أفضل فى أجواء المنطقة المعذبة، مع سمائها الرمادية الملبدة بالغيوم
وبحارها العاصفة. الجو الكئيب والألوان الحزينة تساهم فى يأس وليد واكتئابه».
قدمت المخرجة من قبل الفيلم الوثائقى «وراء هذه الجدران» فى
عام 2010، وفاز فيلمها الشئون الشخصية، الذى تناول قصة ملتوية عن
الفلسطينيين الذين يعيشون فى إسرائيل فى الضفة الغربية، بجائزة «نظرة خاصة»
بمهرجان كان فى عام 2016.
فى المقابل اختارت إسرائيل للمنافسة على الأوسكار فيلم
«سينما صبايا» إخراج أوريت فوكس روتيم، بطولة دانا إيفجى، جوانا سعيد، أمل
مرقص، روث لانداو، يوليا تاجيل، مارلين باجالى، أسيل فرحات، أوريت صموئيل،
ليورا ليفى، خولة حاج دبسى، وتدور أحداثه حول تسع نساء، عربيات ويهود،
يشاركن فى ورشة عمل بالفيديو استضافتها رونا، مخرجة أفلام شابة، تعلمهن
كيفية توثيق حياتهن. مع كل لقطة محلية الصنع تم تصويرها من قبل النساء
ومشاركتها مع الآخرين، تجبرهم ديناميكية المجموعة على تحدى آرائهن
ومعتقداتهن؛ حيث يتعرفون على بعضهم البعض وأنفسهم بشكل أفضل.
وقالت المخرجة اوريت فوكس روتيم: «أعتقد أن الفيلم يقدم
لمحة نادرة عن الأعماق الخفية لحياة النساء اليهوديات والفلسطينيات، حيث
نقطة التقارب المركزية، وهو الشىء الأكثر عمقا المشترك بينهن، هو مجرد
كونهن امرأة.. لقد أصبح هذا أقوى من دينهم أو عالمهم الثقافى.. آمل أن يقدم
الفيلم محادثة حميمة وتمكينية، لا يتجاهل الخلفيات المختلفة، بل يثبت أن
هذا لا يشكل عقبة فى خلق روابط عميقة وصداقات حقيقية. النساء اللواتى يرغبن
فى أن تُسمع قصصهن، لكنهن خائفات أو غير قادرات على إخبارها بضمير المتكلم.
لذلك، هذا فيلم يتعامل أيضا مع قوة السينما».
وفى إطار التواجد العربى فى منافسات الأوسكار، الذى خلا من
ترشيح فيلم مصرى، تقدمت الجزائر للمشاركة بفيلم «إخواننا» للمخرج رشيد
بوشارب، الحاصل على ثلاثة من بين أربعة ترشيحات لاحقة عن أفلام «غبار
الحياة» فى 1995، و«أيام المجد» فى 2006 و«خارج عن القانون» فى 2010 ــ
ويأمل فى تكرار التاريخ مرة أخرى مع فيلمه الجديد «إخواننا»، الذى تم عرضه
الاول بمهرجان كان السينمائى الأخير، وهو مستوحى من قصة مالك أوسكين، الشاب
الذى قتلته الشرطة بعد مظاهرات طلابية خلال احتجاج على إصلاحات التعليم
الجامعى عام 1986. وأصبح مالك رمزا للكفاح ضد العنصرية، وهو من بطولة رضا
كاتب، سمير القاسمى، رفائيل بيرسونازو لينا خدرى.
وقد فازت الجزائز بهذه الجائزة عام 1970 من خلال فيلم «زد»
وهو من إخراج اليونانى كوستا جافراس.
وتشارك تونس بفيلم «تحت أشجار التين» من إخراج إريج
السحيرى، والذى عرض فى تظاهرة أسبوعى المخرجين فى مهرجان كان السينمائى،
وهو دراما إنسانية تدور أحداثها فى بستان خلال يوم واحد أثناء موسم الحصاد
الصيفى، حيث يتابع الفيلم مجموعة من الفتيات المراهقات يعملن فى جمع التين
ومن خلال يوميات فتاة تدعى «ملك» تخرج صيفا للعمل فى حقول التين بصحبة
صديقاتها من أجل كسب بعض المال للمساهمة فى مصاريف عائلتها وتأمين نفقات
دراستها.. وتحت هذه الأشجار، تنشأ حكايات صداقة وحب وتولد روابط وعلاقات
تحت سماء موسم فلاحى لا تعيق فيه أشعة الشمس الحارقة سكان الريف من كهول
وشباب وحتى أطفال للخروج طلبا للقوت والمال.. كما يختبرون بعض الأحاسيس
للمرة الأولى، ويتغازلون ويحاولون فهم بعضهم البعض، كما يسعون نحو العثور
على روابط عميقة، وأحيانا يهربون منها.
وكان فيلم «تحت أشجار التين» اول فيلم روائى طويل لمخرجته
فاز سابقا بجائزة
MAD Solutions
ومهرجان الجونة فى ورشة فاينال كات فينيسيا، وجائزة أطلس بوست برودكشن فى
المهرجان الدولى للفيلم بمراكش.. كما عرض بمهرجان تورنتو وكارلو فيفارى
وسراييفو.
وأثنت عليه بعض الكتابات النقدية العالمية، وقالت الناقدة
لوفيا جياركاى بموقع هوليوود ريبورتر: «تحت الشجرة تجربة ممتعة أخاذة وتقدم
نسيجا بسيطا أنيقا من التفاعلات المعقدة»، أما موقع سكرين دايلى فأشادت فيه
آمبر ويلكينسون بالتجسيد الجذاب للمغازلات الصيفية ووصفت الفيلم بالدراما
الإنسانية الرقيقة، كما أبدى الناقد كليم أفتاب انبهاره بالطاقم التمثيلى
للفيلم فى أول وقوف لهم أمام الكاميرا فى مراجعته على موقع سينيوربا،
واتفقت معه الناقدة أمل الجمل عبر موقع العربى الجديد إذ رأت أنه يقترب من
الوثائقى لشدة صدقه وتلقائية أداء ممثليه.
وقد وصلت السينما التونسية لأول مرة فى تاريخها إلى القائمة
النهائية لجوائز الأوسكار2021 بفيلم «الرجل الذى باع ظهره» للمخرجة كوثر بن
هنية. كما كانت تونس على وشك التتويج بجائزة الأوسكار بعد وصول الفيلم
الروائى القصير «إخوان» للمخرجة مريم جوبار إلى القائمة القصيرة لترشيحات
الأوسكار لأفضل فيلم قصير عالمى 2019.
كما رشح الأردن فيلم «فرحة»، للمخرجة دارين ج. سلام،
لتمثيلها فى الدورة الـ95 لجوائز الأوسكار، الفيلم بطولة أشرف برهوم وعلى
سليمان وسميرة الأسير وفراس طيبة ومجد عيد والممثلة الصاعدة كرم طاهر فى
تجربتها التمثيلية الأولى، وهو مستوحى من أحداث حقيقية، حيث يروى قصة فرحة،
البالغة ١٤ سنة، عندما تحبس فى غرفة صغيرة مع اندلاع الحرب فى مسقط رأسها
فى فلسطين عام ١٩٤٨. هى وحيدة فى قريتها المهجورة، تعيش تجربة تُغير حياتها
مع تحول حلمها من الحصول على التعليم إلى البقاء على قيد الحياة.
وعن اختيار فيلم «فرحة»، جاء فى بيان اللجنة الخاصة التى
رشحته: «برقة وأناقة مميزتان، ينجح «فرحة» فى تقديم منظور سينمائى فريد من
نوعه حول موضوع يشكل عبئا عاطفيا لطالما أثار فضول صناع الأفلام العرب مما
يجعله فيلما ذا قيمة عالية شكلا ومضمونا. يجمع أسلوبه السردى المركب بين
الخصوصية الثقافية والعالمية ليخلق قصة إنسانية تعبر الحدود.
شارك الفيلم فى أكثر من 40 مهرجانا سينمائيا حول العالم،
حيث كان العرض العالمى الأول له فى مهرجان تورونتو السينمائى الدولى، وقد
فاز بجائزة أفضل فيلم يورو ــ متوسطى يتناول قضايا المرأة/جائزة الاتحاد
الأوروبى وجائزة أفضل مخرجة وجائزة أفضل ممثلة فى مهرجان أسوان لسينما
المرأة 2022.
كما حاز الفيلم أيضا على تنويه خاص من لجنة تحكيم مسابقة
الأفلام الطويلة فى مهرجان البحر الأحمر.
واختارت إيران فيلم، الدراما الكوميدية «الحرب العالمية
الثالثة» وإخراج هومان سيدى الحائز على جائزة أفضل فيلم وأفضل ممثلة فى قسم
آفاق بمهرجان فينيسيا لينافس على جائزة اوسكار أفضل فيلم دولى بحثا عن
تتويج جديد.
الفيلم بطولة محسن طنبنده، محساء حجازى، ندى جبرايلى،
ونافيد نصراتى، وتدور أحداثه حول «شكيب» عامل باليومية، متشرد لم يتغلب على
فقدان زوجته وابنه فى زلزال وقع منذ سنوات. على مدى العامين الماضيين، طور
علاقة مع امرأة صماء بكماء تدعى لادان. تبين أن موقع البناء الذى يعمل فيه
اليوم هو مجموعة فيلم عن الفظائع التى ارتكبها هتلر خلال الحرب العالمية
الثانية. رغم كل الصعاب، يتم منحه دور الفيلم ومنزل وفرصة ليكون شخصا ما.
عندما علمت لادان بهذا الأمر، تأتى إلى مكان عمله متوسلة المساعدة وهو ما
يهدد بتدمير وضعه الجديد وما بدا أنه فرصة العمر.
ومن تركيا يأتى فيلم الإثارة «كير» من إخراج طيفون بيرسيلم
أوجلو لينافس هذا العام، وتدور أحداثه حول رجل فى انتظار القطار بعد جنازة
والده فى بلدة صغيرة منعزلة فى فصل الشتاء، ويشهد جريمة قتل وقرر إبلاغ
الشرطة، ليجد نفسه متورطا حيث لا تسمح له الشرطة بالمغادرة بعد شهادته
بصفته شاهد العيان الوحيد.
هذه بداية قصته الغريبة فى هذه البلدة الغريبة؛ حيث يواجه
اتهاما غامضا وغير منطقي وهو ما يجعله مرعوبا وكل جهوده للمغادرة تذهب سدى.
وكانت أكاديمية علوم وفنون الصور المنظمة لجوائز الأوسكار
قد كشفت عن الموعد النهائى لتقديم طلبات الافلام التى تنافس على جائزة أفضل
فيلم دولى وهو 3 أكتوبر، على أن تكون الأعمال المتقدمة قد عرضت تجاريا فى
بلادها خلال الفترة بين 1 يناير 2022و 30 نوفمبر 2022. |