الفيلم المصرى وترشيحات الأوسكار.. جدل لا ينتهى
الوسط السينمائى فى مرمى النيران
كتب: محمود
مجدي
لايزال إعلان نقابة المهن السينمائية عدم ترشيح فيلم مصرى
لعام 2022 لخوض سباق ترشيحات أوسكار أفضل فيلم دولى يثير الجدل ويحدث صدمة
ومناقشات فى الوسط السينمائى لعدم اختيار أعضاء اللجنة فيلما مصريا يمكن
ترشيحه لخوض تصفيات أوسكار أفضل فيلم أجنبى، رغم انتشار موجة من الارتياح
عند بعض السينمائيين الذين اعتبروا قرار عدم ترشيح فيلم مصرى لخوض منافسات
أوسكار أفضل فيلم دولى لعام 2022 «مناسبا» لعدم الاستقرار على فيلم يمكنه
خوض تلك المنافسات، إلا أن القرار أثار موجة غضب عند بعض السينمائيين
واعتبروه «حركة استعراضية» غير مبررة وإهدار حق لأفلام كانت تستحق الترشح
حتى لو لن تكمل مشوارها إلى قائمة التصفيات النهائية.
وحرك قرار اللجنة المياه الراكدة فى الوسط السينمائى،
واستثار الكثيرين على السوشيال ميديا، وطالبوا الدولة بالتدخل وإنتاج أكثر
من عمل فى الفترة المقبلة، فهل سنشهد جديداً ونشاهد سوقاً سينمائية متنوعة
تحتوى على كافة الأنواع السينمائية بمحتوى جيد الصنع وذى مضمون فكرى
واجتماعى، هذا ما سنراه فى نفس التوقيت العام المقبل عند اجتماع لجنة
الأوسكار، وسط تمنيات بالتوفيق للسينما المصرية فى الأعوام المقبلة، إذ إن
كل عام كانت تبوء محاولة وصول فيلم للقائمة النهائية بعدم الاكتمال، إلا
أنه كان يجرى ترشيح فيلم يمثل السينما المصرية أمام الأكاديمية الأمريكية
لفنون وعلوم الصور المتحركة، المانحة للأوسكار، وشهدت الأعوام الماضية
اختيار عدد من الأفلام لترشيحها وخوض السباق، منها «ورد مسموم» للمخرج أحمد
فوزى صالح، «سعاد» إخراج أيتن أمين، «شيخ جاكسون» لعمرو سلامة، «يوم الدين»
لأبوبكر شوقى، «فتاة المصنع» للراحل محمد خان، و«لما بنتولد» للمخرج تامر
عزت، وغيرها.
كانت اللجنة المشكلة من قبل نقابة المهن السينمائية، مساء
الخميس الماضى، قد أعلنت «حجب» ترشيح فيلم مصرى لتصفيات أوسكار أفضل فيلم
دولى، وشاهد أعضاء اللجنة الأفلام التى ينطبق عليها شروط الترشح للمشاركة
لأوسكار أفضل فيلم دولى (غير ناطق باللغة الإنجليزية)، وأن تكون قد عرضت
تجاريا خلال الفترة من ١ يناير ٢٠٢٢ وحتى٣٠ نوفمبر 2022.
ورغم كونه الفيلم الأعلى دخلا فى تاريخ السينما المصرية على
الإطلاق، وتجاوزت إيراداته 116 مليون جنيه حتى الآن منذ عرضه خلال 13
أسبوعا، فإن فيلم «كيرة والجن» للمخرج مروان حامد والمؤلف أحمد مراد وبطولة
أحمد عز وكريم عبدالعزيز وهند صبرى لم يحظ باتفاق أعضاء لجنة اختيار فيلم
مصرى يرشح لأوسكار أفضل فيلم دولى.
ومالت بعض الآراء والمناقشات داخل اللجنة إلى أن الأكاديمية
الأمريكية المانحة لجوائز الأوسكار ربما تتعامل معه من منطلق مختلف، إذ
يتناول الفيلم المستوحى من رواية «1919»، للمؤلف أحمد مراد، حقبة مهمة فى
تاريخ مصر أثناء ثورة 19، ويكشف عن قصص حقيقية لمجموعة من أبطال المقاومة
المصرية ضد الاحتلال الإنجليزى وقت ثورة 1919 حتى عام 1924، واعتبره آخرون
فيلما تجاريا وجماهيريا، ربما لا تستسيغه ذائقة أعضاء الأوسكار.
من جانبه علق مؤلف فيلم «كيرة والجن»، الكاتب أحمد مراد،
على قرار اللجنة: «هذه ذائقة اللجنة، ولها كامل الحرية فى اتخاذ قرارها،
وعن نفسى سعيد بنجاح الفيلم على المستوى الجماهيرى، وكونه الأعلى إيراداً
فى تاريخ السينما المصرية بشهادة الجمهور المصرى الذى أثق تماماً فى ذوقه
السينمائى».
وفجر المخرج مجدى أحمد على مفاجأة قبل ساعات من اجتماع
اللجنة المشكلة لاختيار الفيلم المصرى المرشح لتمثيل مصر فى منافسات
المشاركة فى مهرجان أكاديمية «الأوسكار»، حيث سحب فيلمه «حدث فى 2 طلعت
حرب»، الذى اختير ضمن القائمة القصيرة، اعتراضًا على ضم فيلم آخر للقائمة،
ما اعتبره «تحايلًا على العرض الجماهيرى»، حسبما قال فى منشور له عبر صفحته
الشخصية على «فيسبوك».
وقال المخرج مجدى أحمد على فى تصريحات لـ «المصرى اليوم»:
«الأوسكار مسابقة أمريكية، يأخذون فيلمًا واحدًا غير ناطق باللغة
الإنجليزية على مستوى العالم أجمع، وهناك أكثر من 2000 فيلم يرشح إليها،
وهم فى النهاية يرشحون قائمة قصيرة تضم 5 أفلام، واللجنة تختار فيلمًا
واحدًا، فالعبث هنا يكمن فى أنه لا يوجد فيلم مصرى واحد ترشح للقائمة
القصيرة، والموضوع يكمن فى اختيار أفضل فيلم موجود لديك خلال العام وترشحه،
وفى البداية كان هناك جمعية أهلية برئاسة يسرا هى التى ترشح الأفلام
للأوسكار ثم انتقلت للمركز الكاثوليكى، ثم ذهبت لنقابة السينمائيين، لكن
آلية اختيار أعضاء اللجنة هى غير صحيحة فى رأيى، ولا يصح أن ينفرد بها
النقيب مع احترامى له».
وتابع مجدى أحمد على لـ«المصرى اليوم»: «فكرة اقتصار
الاختيار على النقاد فقط خاطئة فى رأيى، لأن معظمهم صحفيون كذلك، فالموضوع
ليس لجنة تحكيم هى لجنة الاختيار، ثم إن الاختيار يكون على المتاح، ولا
توجد مناقشات لأنها خاضعة لمصالح البعض، لذلك سحب فيلمى جاء لهذه الأسباب،
وأعتقد أنهم (ما صدقوا) أننى سحبت فيلمى ولم يناقشوا أسباب الانسحاب، وكنت
أتمنى مناقشة الأسباب، فلا يوجد معنى للجواب يعرض على اللجنة ويقال فيه
سيتم عرض الفيلم، اللجنة عندما تجتمع يكون الفيلم عُرض، فهذا ليس معناه سوى
حل من اثنين: مناقشة الأفلام المعروضة حتى اجتماع اللجنة، أو تأخير
الاجتماع إلى 30 نوفمبر ثم يتخذون قرارهم، لكن أن يعرض جواب بأنه سيتم عرض
الفيلم والاتفاق على عرضه مع سينما فى المنيا هذا استسهال وتحايل فج فى
رأيى».
وقال: «أناشد نقيب السينمائيين مسعد فودة تغيير آلية اختيار
أعضاء اللجنة، لتكون شبه ديمقراطية وشبيهة بلجان الأوسكار، وينتهى هذا
اللغط المثار كل عام، بناء على مزاج ورؤية أِشخاص محدودين لهذه الأفلام».
وتابع: «يجب أن تكون أسماء أعضاء لجنة الأوسكار من مؤسسات
مختلفة مثل معهد السينما، جمعية النقد الفنى، جمعيات النقاد المختلفة
وغيرها تقدم إلى النقيب، ولا يفرضها هو، ويجب ألا يكونوا يعرفون بعض، وتصنع
لهم منصة يشاهدون من خلالها الأفلام بشكل سرى، ويرسلون رأيهم فى سرية تامة،
كذلك بدون ما يكون هناك اجتماعات وتربيطات ومصالح للبعض».
الموضوع لم يقتصر عند هذا الحد إذ مالت بعض الأصوات النقدية
والجماهيرية إلى اتهام لجنة الأوسكار بأنها تريد اختيار نوع سينمائى محدد
«مهرجاناتى» على غرار فيلم «ريش» و«على معزة وإبراهيم»، واستبعاد الأفلام
ذات الصبغة التجارية حتى لو كانت عالية الجودة مثل فيلم «كيرة والجن»، كما
أن تشكيل اللجنة نفسه عليه ملاحظات كثيرة، وهو ما أكده الناقد أمجد جمال فى
تصريحات لـ«المصرى اليوم» حيث كشف عن رأيه قائلاً: «آلية اختيار اللجنة غير
واضحة بجانب أننى لا أعرف أسماء أعضاء اللجنة بالكامل لكننى لم أشاهد قائمة
رسمية بأسماء الأعضاء تشير إلى أنهم هم من صوتوا بعدم ترشيح فيلم مصرى
للأوسكار، والصورة المسربة لأعضاء اللجنة عبارة عن مجموعة نصفها نقاد
ونصفها صناع، ومن أبرز الصناع المخرج تامر محسن المعروف بكفاءته وموهبته
ونزاهته المهنية، لكن اعتراضى هنا يكمن فى أن اللجنة تحتوى على نقاد، لماذا
يتواجد النقاد من الأساس؟!.
وتابع: «الأوسكار جائزة تمنح فى الولايات المتحدة الأمريكية
من صناع سينما هم أعضاء الأكاديمية إلى صناع زملائهم، من يصوتون للجائزة هم
صناع، إذن يجب على اللجنة التى ترشح فيلما للأوسكار أن تحتوى على صناع،
فتفكير النقاد مختلف عن تفكير الصناع بشكل كامل».
وأضاف: فى تاريخنا السينمائى ورحلتنا مع مسابقة الأوسكار
بداية من «باب الحديد» حتى «بحب السينما» لم نتجاوز التصفية الأولى، لماذا
تكرار نفس العقلية؟!، نحن نخاطب سينمائيين، وليس نقادا، ففكرة الاستعانة
بالنقاد خاطئة من البداية.
وتابع: «قرار التصويت على رفض الترشح قبل منافشة الأفلام
فكرة غريبة، يجب مشاهدة الأفلام والمناقشة حولها ثم التصويت باختيار
أفضلها، لكن فكرة رفض الترشح من بابه غير موفقة فى رأيى، ومحاولة للهروب من
المسؤولية».
وأكد «جمال» أنه يجب تغيير آلية اختيار أعضاء اللجنة لتكون
أكثر فنية، صناع محتكون بالصناعة بشكل كبير، أسماء مثل منة شلبى، إلهام
شاهين، كاملة أبوذكرى، لبلبة، خالد مرعى، شريف عرفة، وغيرهم من الصناع
المميزين.
وعلق أبرز أعضاء لجنة اختيار الفيلم المرشح للأوسكار الناقد
طارق الشناوى على الجدل المثار بعد قرار اللجنة قائلاً: «يشارك فى جائزة
أفضل فيلم أجنبى التابعة لمسابقة الأوسكار 85 دولة، أى أقل من نصف دول
العالم لا تشارك.
وتابع: «هذه ليست أول مرة مصر لا تشارك، ففى بعض المرات كنا
ننسى أن نرسل فيلماً للأوسكار ثم ما المكسب فى إرسال فيلم لا يعتبر التصفية
الأولى؟! المكسب أن المخرج أو المنتج يقرأ اسمه فى خبر ترشح الفيلم أكثر من
هذا لا يوجد، فالترشح نفسه لا يعطى أى قيمة جمالية أو إبداعية، متى يعطى
قيمة؟!، ويوم 27 ديسمبر تعلن القائمة الطويلة المكونة من 15 فيلما، وتجاوز
التصفيات الأولى، هنا من حقنا أن نقيم فرحاً وهذا لم يحدث من قبل
بالمناسبة، فبالتالى ترشح فيلم لا يملك أدوات جمالية ليس له قيمة».
وأضاف: «كنت مع ترشح فيلم، وكنت أراه يستحق بالمناسبة، لكن
أغلبية أعضاء اللجنة المكونة من 13 فرداً لم توافق، ونحن نخضع للأغلبية، ثم
إن اللجنة لم تصوت على الأفلام، اللجنة صوتت على مبدأ المشاركة، هل نشارك
أم لا؟ ورفضنا المشاركة، لم ننتقل للمرحلة الثانية ولم نناقش الأفلام».
وأضاف: «التصويت فى اللجنة يتم بشكل سرى، لكن هناك مناقشات علنية مثل فكرة
نشارك أو لا نشارك». |