تختتم مساء اليوم فعاليات الدورة الـ12 لمهرجان الأقصر
للسينما الإفريقية، وشهد المهرجان إطلاق فعاليات ورشة فاكتورى الذي يقودها
المدير الثقافى البرازيلى، لويز كوورتازى، وشارك فيها بماستر كلاس حول
الفيلم قليل الميزانية المنتج شريف مندور، وبمشاركة المتخصصة في
الإنتربولوجى المرئية، فرح حلابة، والمتخصصة في تنمية الموارد المالية،
وفاء بن جاسم من تونس، والمتخصصة في الدعم النفسى ومقاومة المخاوف، ايمان
بنضاوى مصرية أمريكية، وبدأت الفعالية بكلمة مديرة المهرجان لتشجيع
المخرجات الطلبة المشاركين على الالتزام ومتابعة الورشة لأنها مكثفة جدا،
وفى آخرها سيتم إعلان توزيع جوائز لدعم إنتاج بعض هذه الأفلام في ختام
فعاليات منصة المنتجين لورشة فاكتورى، يوم 8 في قاعة رع، ورحبت الحسينى بكل
المشاركين في هذه الورشة سواء العشرة مشاركين أو الطلبة، أو المحاضرين
الذين شاركوا وقائد الورشة لحسهم على الالتزام وتشجيعهم على الاستمرار.
كما افتتح معرضان على هامش الفعاليات، بحضور النجم محمود
حميدة، رئيس شرف مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، والسيناريست سيد فؤاد
رئيس المهرجان ومؤسسه معرضين بقصر ثقافة الأقصر، وهما معرض أفيشات لبعض
الأفلام من السينما السنغالية، وعدد من أفيشات السينما السنغالية، ومعرض
آخر بعنوان «إعادة اكتشاف مدينة إسنا بصعيد مصر»، حيث تقع مدينة إسنا على
بعد ٦٠ كيلو مترا جنوب مدينة الأقصر.
شارك في الافتتاح كل من صبرى فواز وسيد رجب من مصر، وسليمان
سيسيه من مالى، وجيرمان كولى، واومى ندور، ونجيب ساجنا وبحضور نائب وزير
ثقافة السنغال ووفد سنغالى كبير.
وقال «اندياجا تيومبن» أحد أعضاء الوفد السنغالى، إن فيلم
«توكى بوكي» جعل طريقة صناعة الأفلام تغيرت في عام ١٩٧٣، بسبب تغيير طريقة
سرد الفيلم في السينما السنغالية، وأن باقى صور الأفلام تعنى شيئا مهما
للسينما السنغالية، لذلك نشكر مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية على
الاحتفاء به، كما قام ضيوف المعرض بزيارة باقى صور الأفلام المصرية.
كما أقام المهرجان ندوة حول «الإخراج السينمائى بين جيلين»
ضمن فعاليات منصة المنتجين، أدارها الناقد أحمد شوقى، وتحدث فيها المخرج
مجدى أحمد على والمخرجة كوثر يونس، والمخرج ياسر شفيعى، والمخرج شريف
الكاتشا، وقالت المخرجة عزة الحسينى مدير المهرجان، إن ندوة «الإخراج
السينمائى بين جيلين» لقاء مهم ضمن منصة المنتجين بمبادرة فاكتورى لتطوير
١٠ أفلام، وتحدث كل من المخرجين عن بدايتهم في مهنة الإخراج وكيف كانت
ولماذا، وبدأ الحديث المخرج مجدى أحمد على قائلا: «قررت أتجه للإخراج بعدما
شاهدت فيلما أمريكيا وعمرى ١٦ عاما بعنوان (بلو أب)، وكان في سينما قصر
النيل، وكان أول فيلم أشاهده، فحبيت السينما من هنا وبعدما درست في كلية
صيدلة التحقت بمعهد السينما، واكتشفت السينما المصرية بعد ذلك، وكانت
السينما الأجنبية جزءا من الإيقاع السينمائى في مصر فكنا نشاهد في الأسبوع
٧ أفلام مجانا في المراكز الثقافية المختلفة الأجنبية في مصر، وأعتبر نفسى
محظوظا إنى عشت هذه الأجواء التي خلقت جيلا كبيرا من السينمائيين.
وقالت المخرجة كوثر يونس: سبب اتجاهى للإخراج السينمائى كان
والدى دكتور مختار يونس فهو أستاذ أكاديمى بمعهد السينما، لأنه كان يتمنى
أن يتجه للإخراج بدلا من التدريس فقط بالمعهد، فحاولت أن أحقق حلمه من خلال
اتجاهى للإخراج، اشتغلت مساعد مخرج والتحقت بمعهد السينما، وفى السنة
الثالثة بالمعهد أخرجت فيلما تسجيليا عن والدى بعنوان (هدية من الماضى)،
وحقق نجاحا كبيرا جدا، وحصلت على جوائز عديدة، ثم عملت مساعد مخرج لمده ١٢
سنة، وقررت بعدها أتجه للإنتاج لأنى كنت أريد أن أفهم كل التفاصيل عن صناعة
الفيلم، واستمررت في الإنتاج لمده ٣ سنوات، ثم قررت أقدم فيلم (صاحبتى) وقت
أزمة كورونا، ولم أنته من تصويره، قررت أبتعد عن الإخراج وأعود للإنتاج لكن
أصر صديق لى على إكمال الفيلم والتقديم به للمشاركة في مهرجان فينسيا،
وبالفعل الفيلم تم قبوله للمشاركة في المهرجان، وكان هذا الدافع لأن أركز
في الإخراج وأستعيد ثقتى بنفسى في جزء الإخراج.
وقال المخرج ياسر شفيعى: «درست في كلية فنون تطبيقية وعملت
فترة في تصميم المجوهرات، وحبى للسينما جاء من والدى لأنه كان دائما
يصورنا، وفى الجامعة كنت أشارك في المسرح والتمثيل، وقدمت بعدها في معهد
سينما دراسات حرة قسم إخراج، وفى نفس الوقت قدمت في مدرسة الجيزويت
للسينما، واشتغلت مساعد مخرج وتعلمت من تلك الفترة أن أعبر عن نفسى، وقدمت
أفلاما قصيرة عبسية و(دارك) كوميدى، وأسست شركة لإنتاج أفلام قصيرة.
وقال المخرج شريف الكاتشا: أعمل في الإخراج منذ ٢٠ عاما في
الأفلام التسجيلية، ودرست السينما في أمريكا، واشتريت كاميرا وقررت أصنع
الأفلام التسجيلية، وأشارك في المهرجان هذا العام بفيلم «بعيدا عن النيل»
وهو الفيلم الخامس لى.
وعن دور المخرج في صناعة الفيلم، قال المخرج مجدى أحمد على:
«كل شخص لديه الدافع الخاص به لصناعة الفيلم، ولكن المخرج هو رب العمل،
والمخرج الذي ليس لديه هم أو مهموم بقضية معينة، لا يعمل مخرجا، وأرى أن
المخرج ولد مخرجا وليس بالضرورى أن يكون تعلم الإخراج، المخرج هو شخص يعبر
عن نفسه لإسعاد ذاته والآخرين وتكون لديه قدرة على التعبير».
وقالت كوثر يونس: «المخرج في مصر هو الأساس، لكن في الخارج
المنتج هو الذي له دور أهم في صناعة العمل حيث يفكر بشكل فنى، ومهم أن يفهم
المخرج في الإنتاج، ومن أسباب نجاح كثير من المخرجين مثل شريف عرفة ومروان
حامد أنهم يفهمون في الإنتاج وتفاصيله».
وأكد ياسر شفيعى: «المخرج هو رؤية أكثر منه سرعة في التنفيذ
فقط، ولابد أن يعرف الإحساس الذي يريد توصيله للمشاهد، سواء كان هو كاتب
العمل أو مؤلفا آخر»، ويرى شريف القشطة أن المخرج لابد أن يكون مسؤولا عن
الفيلم من البداية للنهاية.
ووجهت المخرجة عزة الحسينى مدير المهرجان تساؤلا حول مدى
إبداع المخرج في الفيلم القصير خاصة أنه المنبع لإبداع المخرج؟، فقال
المخرج مجدى أحمد على: «أحيانا يفسر الفيلم القصير أنه فيلم طويل لكن
مختصر، وهذا غير حقيقى، لأن الفيلم القصير له أسس ومعايير خاصة ومستقلة»،
وقالت كوثر: أشعر بأن الفيلم القصير شىء مستقل بذاته، وبإمكانيات مادية
محدودة يمكن صناعته.
وسلط مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في دورته الـ12 الضوء
على أهمية الحفاظ على التراث السينمائى الإفريقى، فاتحا ذلك الملف المهم من
خلال ندوة أقيمت بعنوان «مناقشة آليات الحفاظ على التراث السينمائى وفنون
الترميم الإفريقى»، ناقش خلالها عددا من السينمائيين والمسؤولين مع عدد من
صناع السينما.
تحدثت في الندوة المخرجة عزة الحسينى، مدير المهرجان،
وبيسون فول جونسون، رئيس مركز السينما في كوت دى فوار وكارو توريه مدير
اتحاد المبدعين والحفاظ على التراث في كوت ديفوار، ودياجا تومبان رئيس مكتب
التراث السنغالى، ومدير صندوق إنتاج الأفلام بالسنغال عزيز سيسيه وأدارها
الناقد محمد سيد عبدالرحيم، بحضور سيد فؤاد رئيس المهرجان وعدد من النقاد
والمهتمين بصناعة السينما.
وقال محمد سيد عبدالرحيم إن مهرجانات السينما العالمية تهتم
بالماضى والحاضر والمستقبل فيما يخص صناعة السينما، وإن موضوع الندوة من
أهم الموضوعات التي تطرح نفسها في هذا المجال، وفرصة لمعرفة أن التراث ليس
ماديا فقط. بل تراث فنى وسينمائى.
وشددت عزة الحسينى على أن هذه قضية مهمة للغاية وفكرت فيها
إدارة المهرجان منذ وضع شعار الدورة الحالية «السينما خلود الزمان»،
فالشريط السينمائى يحمل دائما تخليدا للحظة زمانية مكانية، والندوة من
الندوات الرئيسية في المهرجان لطرح تساؤل حول كيف نحافظ على هذا التراث؟
فليس هناك سينماتيك أو أرشيف للفيلم الإفريقى وكنا عندما نريد عرض أفلام
إفريقية بالمهرجان نذهب للسينماتيك الفرنسى نطلب منها أفلاما لبرامجنا،
وبالنسبة لنا في مصر ليس لدينا أرشيف حقيقى للحفاظ على هذا التراث، والناقد
عصام زكريا طرح بقوة هذا الموضوع في الأسابيع الماضية، وتتميز مصر بصناعة
سينما عريقة تمتد لـ120 سنة، ولدينا آلاف الأفلام المنتجة، وبدأ إنتاج
السينما في إفريقيا منذ منتصف الستينيات وإنتاجها غزير للغاية.
وأضافت عزة الحسينى: نريد كإدارة مهرجان تبنى مبادرة لتشجيع
السينمائيين والدول على التعاون في ترميم الأفلام، ولدينا في مصر نموذج
يتمثل في شركة أفلام مصر العالمية هى الوحيدة التي رممت معظم أفلامها.
وأكد محمد سيد عبدالرحيم أنه كلما أنجزنا المشروع في وقت
أقرب كان أقل تكلفة وأصبح أسهل في العثور على الأفلام التي تحتاج إلى
ترميم، والسينما المصرية أنتجت نحو ٥ آلاف فيلم روائى مصرى، وللأسف هناك
مئات الأفلام مفقودة تماما، ونحتاج إلى وضع الأفلام المرممة في متحف لنتمكن
من مشاهدتها، مضيفا أنه كانت هناك بعض التجارب المختلفة لترميم الأفلام مثل
جهود أفلام مصر العالمية بالتعاون مع السينماتيك الفرنسى، وأيضا من خلال
الدورة الأولى لمهرجان البحر الأحمر بالتعاون مع الهند، وهناك أخيرا في مصر
تم لإنشاء وحدة لترميم الأفلام وهذه خطوة عظيمة.
ولفت الناقد محمد سيد عبدالرحيم إلى أن موضوع «اللخبطة» في
عدد الأفلام المصرية المنتجة يرجع في الأساس إلى مشكلة عدم وجود أرشيف
للسينما، إذ إن هناك نقادا يرون أننا أنتجنا 3 آلاف فيلم، والبعض يؤكد أنها
5 آلاف، فيما ذهب آخرون إلى أن العدد يزيد إلى 6 آلاف، أي أن هناك نحو 2500
فيلم لا نستطيع تحديد ما إذا كانت موجودة بالفعل أم لا، وهذا جزء من مشكلة
الأرشيف والعثور على الأفلام وترميها.
وحول تجربة السنغال في الحفاظ على التراث قال دياجا تومبان
رئيس مركز الحفاظ على التراث السينمائى بالسنغال: بدأنا التجربة في الحفاظ
على التراث عام ٢٠١٩ وحافظوا على ٣٨٧ شريطا سينمائيا في حالة جيدة، وأنشأوا
مبنى مخصوصا للحفاظ على التراث بمساعدة ٢ خبراء من إيطاليا، ودخلوا في
شراكة مع سينما تاك تولوز في فرنسا لترميم 4 أفلام قصيرة.
وقالت رئيس مركز السينما في كوت ديفوار بيسون فول جونسون دى
مونديه إن منظمة اليونسكو طرحت عام ١٩٩٠ مبادرة للحفاظ على الذاكرة في
العالم، وفى هذا الإطار أرسلت خبراء لتعليم الشباب الإيفوارى ترميم
الأفلام، وفى عام ١٩٩٥ وقت احتفالهم بمرور 50 عاما على السينما الإيفوارية،
رمم السينماتيك الإفريقى التابع للسينماتيك الفرنسى ٧٠ فيلما من كوت
ديفوار، لكن الموضوع صعب للغاية ومكلف إذ تتكلف دقيقة ترميم الدقيقة
الواحدة نحو 1500 يورو.
وأضافت أن المكتبة العامة الفرنسية مع المركز السينمائى
الفرنسى توليا «رقمنة الأفلام» وعملا ترميما لـ ٤ شرائط سينمائية، وأيضا
بدأتا َمحادثات مع قرطاج لعمل ترميم للأفلام، ملقية الضوء على أن هناك
مشكلة تواجههم تتعلق بمن لديه حقوق الاستغلال، وأيضا مشكلة العثور على هذه
الشرائط، كما أنها تعرضت لسوء في التخزين أتلفها، موضحة أنه صدر قانون
وزارى عام 2022 لإنشاء كيان للحفاظ على وترميم الأفلام.
من جانبه قال كارو توريه، مدير اتحاد المبدعين والحفاظ على
التراث في كوت ديفوار، إن جهودهم في هذا المجال انطلقت من مبادرة اليونسكو
للحفاظ على ذاكرة العالم، ومن وقتها لديهم خبراء متخصصون وخبراء في
الترميم، ويركزون على التوعية بالحفاظ على التراث على مستوى جميع الوزارات،
أي أن كل وزارة لديها إنتاجات سمعية بصرية يتواصلون معها للحفاظ على هذا
الأرشيف، وليس فقط في مجال السينما.
ولفت المنتج شريف مندور إلى أننا في مصر نمتلك تاريخا
سينمائيا عريقا، إذ عرض أول فيلم في مصر عام 1897 قائلا: أتشرف بأننى أحد
السينمائيين الذين عملوا على أرشفة الأفلام المصرية، موضحا أنه ساهم في
ترميم مئات الأفلام رقميا.
وأوضح شريف مندور أن هناك نوعين من الترميم، الأول رقمى عن
طريق أخذ الصور وعمل مسح إلكترونى لها ليأخذها كأنها صور كمبيوتر ليتم
معالجتها رقميا الأمر الذي يتناسب مع العصر الذي نعيشه، أما النوع الثانى
فهو «الترميم البصرى» أي نحضر الفيلم نفسه ونستعين بمرممين ليفعلوا ما يشبه
ما ينجزه مرممو الآثار. |