في مهرجان كان| السينما الأمريكية سيدة الموقف
الفيلم التركى «عن أعشاب جافة» أجمل أفلام الدورة السادسة
والسبعين
هويدا حمدى
زحام شديد وعطور فرنسية فاخرة، وعرض حي
للأزياء والمجوهرات
في مدينة
«كان»
الساحرة التي تحتضن أحد أعرق مهرجانات السينما في العالم وأكثرها شهرة
وبريقا، وقد اختار معظمهم التزاحم في نقاط محددة من أجل مشاهدة نجومهم
المفضلين.
قصر المهرجانات، أمام سلمه الشهير الذي تكسوه السجادة
الحمراء،
كان المقصد الأول لعشاق السينما، الذي أكد حضورهم للمهرجان العريق أن
السينما باقية ولن تموت أو تنتهي مثلما يظن البعض، رغم الأمطار الغزيرة
التي لم تتوقف طوال أيام المهرجان الأولى والذي انطلقت فعالياته في ١٦مايو
وتستمر حتى٢٧من نفس الشهر، كان الزحام شاهدا على عشق الفن السابع والشاشة
الكبيرة، طوابير لا نهاية لها، ينتظر المصطفون بها دخول افلامهم المختارة،
أو ما تيسر من أفلام سمح موقع
المهرجان بحجزها..
البعض يقف طوال اليوم وبيده لافتة صغيرة عليها مناشدة بمنحه
تذكرة لفيلم ينتظره، والبعض الآخر يتزاحم أمام مداخل وبوابات الفنادق
الكبرى التي يسكنها النجوم عله يراه عن قرب، أو يفوز بتوقيعه أو صورة معه،
ومن أجل ذلك قد تتوقف حركة المرور تماما ويفشل رجال الأمن في تنظيم هذا
الحشد الذي لديه استعداد لدفع أي ثمن ويحقق ما جاء وتزاحم من أجله!
بعد افتتاح مخيب للآمال بفيلم متواضع
«چان
دو باري»
وأداء باهت للنجم چوني ديب العائد من معارك قضائية مع طليقته أمبير هيرد،
والتي انتهت بفوزه قضائيا، وخسارة الكثير من معجبيه وهبوط أسهمه في أمريكا،
بسبب ما جاء بجلسات المحاكمة من روايات فاضحة وكاشفة لتشوه نفسي لديه،
وبسبب هجوم المنظمات النسوية التي لم تهدأ حتى الآن، وكان لها توابع وتأثير
كبير في المهرجان، وهو ما يفسر حالة التوتر التي سيطرت على النجم الذي كان
ملء السمع والبصر، وظل لأعوام طويلة الأعلى أجرًا بين نجوم هوليوود، فأصبح
الآن ينتظر عرضا فرنسيا وتمويلا سعوديا، وفيلما ميزانية إنتاجه كلها لا
تقترب من نصف أجره عن فيلم
«Pirates of the Caribbean: On Stranger Tides» (تقاضي
ديب ٥٥ مليون دولار في هذا الفيلم
)!
ورغم تحية الجمهور ليلة الافتتاح، وتصفيق الحضور كالمعتاد،
إلا أن جوني ديب الذي يمتلك موهبة وحسا عبقريا ،لم يكن سعيدا ، وفي اليوم
التالي حضر المؤتمر الصحفي للفيلم متأخرا حوالي ٤٥ دقيقة ، بعدما ظن الجميع
أنه لن يحضر ، وبدأ حديثه بالهجوم على الاعلام وهوليوود ، وكان غير موفق في
ردوده وتعبيرات وجهه ، وبدت عليه عصبية تدعو للأسى على نجم موهوب قضت عليه
اهواؤه وحياته الخاصة
.
بريق نجوم هوليوود
!
ورغم الأفلام المتميزة التي تعرض بمسابقات وبرامج المهرجان
المختلفة ومنها ما يحمل توقيع كبار صناع السينما من الشرق والغرب، إلا أن
السينما الأمريكية ونجومها كانوا الأكثر بريقا هنا ، وخطفوا الاهتمام
والصيحات كالعادة ، وكانت الافلام الأمريكية هي الأكثر ازدحاما وتذاكرها هي
الأسرع نفادا ، حتى الأفلام التجارية التي عرضت خارج المسابقة ، منها
«إنديانا چونز ووجه القدر « الذي شهد عرضه الأول بقاعة جراند لوميير زحاما
شديدا، وكانت مفاجأة المهرجان هي تكريم هاريسون فورد بمنحه السعفة الذهبية
.
أما العرض المنتظر لفيلم المخرج العظيم مارتن سكورسيزي
«Killers of the Flower Moon»
فكان سببا لغلق بعض الطرق وتحويل الاتجاهات وصراعات وصراخ للمارة الذين
يحاولون الوصول أمام سلم قصر المهرجان ليشاهدوا سكورسيزي ونجميه روبرت دي
نيرو وليوناردو دي كابريو على السجادة الحمراء قبل العرض الذي نفدت تذاكره
في أقل من دقيقة تقريبا
!
وفي اليوم التالي ،كان البريق من نصيب هوليوود أيضا ، نتالي
بورتمان وجوليان مور والمخرج الكبير تود هاينز وأحدث أفلامه
«May December »
الذي ينافس على السعفة الذهبية أيضا.
وأمس تكرر الزحام المجنون مع العرض الأول للفيلم الأمريكي
أيضا
«Asteroid City»
للمخرج الكبير ويس أندرسون والنجم توم هانكس وسكارليت چوهانسون وتيلدا
سوينتون ومجموعة كبيرة من النجوم الذين كان وجودهم سببا في سعادة كبيرة
للجمهور المهووس بالسينما ونجومها هنا
.
غير الأفلام الأمريكية، لم يبرز غير الفيلم الياباني
«Monster»
للمخرج الياباني الكبير هيروكازو كوريدا، ثم كان الفيلم التركي «عن أعشاب
جافة» لنوري بيلجي جيلان وهو في رأيي أفضل الأفلام في المسابقة الرسمية حتى
الآن، ويستحق مقالا نقديا مفصلا بعد انتهاء المهرجان
.
حضور
لافت للسينما العربية
أما السينما العربية الحاضرة بقوة، فكان أفضلها -حتى الآن-
الفيلم الأردني « إن شاء الله ولد « لجرأته واختياره قضية مسكوت عنها، كان
اقتحامها مفاجأة كبيرة، خاصة وان المخرج الموهوب أمجد الرشيد وهو أول
أعماله الروائية الطويلة أكد أنه لم يجد أي عقبات أو تعنت رقابي، بالعكس
كان هناك دعم غير محدود من الهيئة الملكية الاردنية للأفلام..
والفيلم السوداني أيضا « وداعا چوليا «كان تمثيلا مشرفا
للسودان وللسينما العربية ، فيلم يسبق الأحداث ليفسر لنا ما يحدث الآن في
السودان من انقسام وخراب، والفيلمان تجمعهما الجرأة والرؤية التقدمية
وانهما التمثيل الأول لبلدانهم في مهرجان كان العريق ، وكلاهما يتنافس الآن
في مسابقة أسبوع النقاد.
أما الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الرسمية ، الفيلم
التونسي « بنات ألفة « لكوثر بن هنية، وبمشاركة هند صبري بحضور خاص في
الفيلم الذي تمزج فيه المخرجة المنتجة بين الروائي والتسجيلي، فكان محبطا
مخيبا للآمال، فالفيلم مرتبك ،به كثير من الثرثرة التي لا محل لها ولا داعي
، فقط افقدت العمل تسلسلا مقبولا، وتسببت في تسرب الحضور من العرض الذي كان
الأقل حجما لفيلم بالمسابقة حتى الآن، الفيلم يحتاج إعادة مونتاج لضبط
إيقاعه وتسلسل أحداثه، لأن التمهيد الطويل لإلقاء الضوء على معاناة ألفة
كإمرأة ، أفقد القضية الأهم حضورها، لأن المخرجة اختارت أن تنهي بها
الثرثرة والحكايات الطويلة جدا.
الفيلم المصري القصير في المسابقة « عيسي « للمخرج مراد
مصطفي تم عرضه أمس والجريدة ماثلة للطباعة، وهو يحظي باهتمام كبير من
المهرجان والحضور ، ونتمني أن يكون له نصيب بجائزة تثلج الصدور. |