الياباني هيروكازو كوري - إيدا يطلق شارة بدء السباق إلى
سعفة كان الذهبية
المهرجان يستضيف عددا قياسيا من المخرجات وسط انتقادات
نسوية.
بعد افتتاح الدورة السادسة والسبعين من مهرجان كان
السينمائي تنطلق أفلام متنوعة في التنافس على السعفة الذهبية للمهرجان، إذ
يسعى سينمائيون راسخون إلى نيل الجائزة عبر تشكيلة من الأفلام التي تتناول
قضايا مختلفة، لكن ورغم جو التنافس المثير فإن فعاليات المهرجان تشهد جدلا
متزايدا حول قضايا نسوية وسط اتهامات للمهرجان بالتصالح مع العنف.
كان (فرنسا)
– بعد
بهرجة الافتتاح والجدل بشأن مشاركة جوني ديب، انطلق السباق إلى جائزة
السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، مع فيلم للياباني كوري – إيدا،
قبل عرض عمل للمخرجة كاترين كورسيني أثار جدلا بشأن ظروف تصويره.
ورغم الحضور النسائي الجيد في المهرجان هذا العام والذي
يعتبر قياسيا مقارنة بالدورات السابقة، فإن ذلك لم يحجب الأسئلة الحارقة
حول واقع الحضور النسوي في السينما العالمية.
لجنة تحكيم هذه الدورة من مهرجان كان، والتي يترأسها
السينمائي السويدي روبن أوستلوند، دخلت في صميم الموضوع
سينمائيون يتنافسون
دخلت لجنة تحكيم مهرجان كان هذه الدورة، التي يترأسها
السينمائي السويدي روبن أوستلوند، الأربعاء في صميم الموضوع، مع أحد الضيوف
الدائمين على الحدث العريق، الياباني هيروكازو كوري – إيدا، المعروف
بأفلامه المشحونة بالعواطف والوصف العائلي. ويُتوقع أن يثير فيلمه الجديد
“مونستر” تأثرا كبيرا لدى رواد المهرجان هذا العام أيضا.
وسبق للسينمائي الياباني الفوز بجائزة السعفة الذهبية سنة
2018 عن فيلمه “شوبليفترز”، قبل أن يصوّر في فرنسا فيلم “لا فيريتيه”
(الحقيقة) مع كاترين دونوف وجوليات بينوش، ثم في كوريا الجنوبية مع فيلم
“بروكر” الذي شارك في المنافسة العام الماضي.
وفي فيلم العودة إلى اليابان، اختار كوري – إيدا تتبّع مسار
طفل ووالدته الأرملة، وعلاقتهما بأستاذه في المدرسة. وكان المخرج الياباني
أول من مر على السجادة الحمراء خلال المهرجان بين السينمائيين الـ21
المشاركين في المنافسة.
وتبعته إحدى المخرجات السبع المشاركات في المنافسة هذا
العام كاترين كورسيني، مع فيلمها “لو روتور” (العودة) عن امرأة تعمل لحساب
عائلة باريسية تعرض عليها الاعتناء بأطفالها أثناء إجازة لها في جزيرة
كورسيكا.
أسندت المخرجة التي شاركت في المسابقة قبل عامين مع فيلمها
“لا فراكتور” وفازت بجائزة أفضل فيلم عن مجتمع المثليين، الدور الأول في
فيلمها الجديد إلى أيساتو ديالو سانيا، وهي ممرضة مساعدة اكتشفتها كورسيني
في فيلمها السابق.
مونستر
أبرز الأفلام المراهنة على الجائزة
غير أن اختيار “لو روتور” المتأخر ترافق مع جدل قد يطغى على
العمل نفسه.
فهذا الفيلم الذي صُوّر في جزيرة كورسيكا حرم من التمويل
الحكومي بسبب عدم إبلاغ القائمين على العمل عن مشهد جنسي فاضح (غير حقيقي)
شاركت فيه ممثلة دون سن السادسة عشرة، وفق الأصول المتّبعة.
هذا الأمر الذي وضعته المخرجة في إطار “التقصير الإداري”
كان فادحا بما يكفي لدفع المركز الوطني للسينما إلى سحب مساعدته للفيلم، في
قرار نادر.
ونددت كاترين كورسيني، المعروفة بمواقفها النسوية، في
مقابلة مع صحيفة “لو موند” الفرنسية بما وصفته بـ”منطلقات معادية للنساء”
وراء الانتقادات التي طالتها.
وكانت نشرت في ما مضى مع منتجتها إليزابيت بيريز نصا دعمت
فيه الممثلة الشابة إستير غوهورو التي كانت في سن الـ15 عاما ونصف العام
خلال التصوير، مبدية رغبتها في “إنهاء القضية”.
الأسئلة المحرجة في عالم السينما لم تطغ على بريق حفلة
افتتاح المهرجان التي شهدت المرور التقليدي للنجوم
انتقادات نسوية
وقالت كورسيني وبيريز في الرسالة إن “أي دعوى لم تُرفع في
حق كاترين كورسيني ولا في حق منتجي الفيلم”.
إلى ذلك، قاد الجو الذي ساد في موقع التصوير بالهيئة
المسؤولة عن المساواة بين الجنسين في السينما، المكلفة بالنظر في ظروف
العمل، إلى إيفاد لجنة إثر تلقي بلاغ، لصياغة تقرير عن الموضوع. ورغم
إقرارها بأنها “حادة مع طبع انفعالي بلا شك في بعض الأحيان”، نفت المخرجة
أي عملية تحرش أو مضايقات خلال التصوير.
غير أن هذه القضية تثير انتقادات نسوية، غداة العودة
المثيرة للجدل لجوني ديب والحفاوة في الترحيب به على السجادة الحمراء في
مهرجان كان.
وحظي الممثل الأميركي بترحيب حار بين كوكبة من النجوم
الكبار من أمثال أوما ثورمان ومايكل دوغلاس وكاترين دونوف، خلال افتتاح
مهرجان كان السينمائي مساء الثلاثاء، رغم انتقادات جهات نسوية لهذا
الاهتمام الممنوح لشخصية شكّلت موضع ملاحقة قضائية بتهمة العنف الأسري.
ببزة سوداء وشعر مصفف على شكل ذيل حصان ونظارات شمسية،
استعاد نجم فيلم “بايرتس أوف ذي كاريبيين”، طقوس المرور على السجادة
الحمراء، بعد منعه من تصوير الأفلام من جانب الأستوديوهات الهوليوودية منذ
المسلسل القضائي الذي تواجه فيه مع زوجته السابقة أمبير هيرد على خلفية
اتهامات بالتعنيف.
بعيدا عن الفضائح المتبادلة خلال المحاكمة التي حظيت
بمتابعة كبيرة، واتهامات العنف التي لم ينظر الحكم في أساسها ودأب الممثل
على نفيها، التقط جوني ديب سلسلة صور سيلفي ووقّع إهداءات على السجادة
الحمراء، قبل حضور حفلة الافتتاح التي قدّمتها الممثلة كيارا ماستروياني،
وبجانبه المخرجة والممثلة الفرنسية مايوين.
وقد اختارته هذه الأخيرة لأداء شخصية الملك لويس الخامس عشر
في فيلمها “جان دو باري” الذي عُرض في افتتاح المهرجان، ما أثار انتقاد
جهات نسوية.
وردا على سؤال حول اختيار الفيلم لافتتاح الحدث، أكد
المندوب العام للمهرجان تييري فريمو اهتمامه بجوني ديب “كممثل”، واصفا
أداءه في العمل بأنه “استثنائي”. وقال “لدي سلوك واحد فقط في الحياة هو
حرية التفكير والتعبير والعمل في إطار القانون”.
وأكد فريمو أنه لم يتابع المسلسل القضائي الذي حظي بتغطية
إعلامية كبيرة وانتهى بفوز ديب في محاكمة التشهير التي أُجريت في الولايات
المتحدة. وقد واجهت أمبير هيرد سيلا من الهجمات التي اتّسمت بطابع ذكوري في
أحيان كثيرة. وغابت الممثلة مذاك عن المشهد العام، بعد أن “فقدت الثقة في
النظام القضائي الأميركي”.
أما جمعية “50/50” النسوية المرجعية في قضايا المساواة بين
الجنسين ومكافحة العنف الجنسي، والتي كانت كاترين كورسيني بين المشاركات في
تأسيسها في خضم انطلاق حركة “مي تو”، فقد أبدت “الغضب” إزاء اختيار جوني
ديب الذي يشكل برأيها “مؤشرا مدمرا يُرسل إلى ضحايا العنف”.
كذلك، اعتبرت نقابة “سي.جي.تي سبيكتاكل” الفرنسية أن
“اختيار هذا الفيلم يوجّه رسالة واضحة للغاية مفادها أن العنف المعنوي
والجنساني والجنسي ليس موضوعا مهما لدى مهرجان كان”.
وقد انتقدت مجموعة من الممثلات والممثلين الفرنسيين
القائمين على مهرجان كان السينمائي الثلاثاء “إتاحة السجادة الحمراء لرجال
ونساء عنيفين”، في إشارة إلى الممثل جوني ديب والمخرجة مايوين التي تواجه
بدورها دعوى قضائية، بعد أن هاجمت أخيرا رئيس شبكة “ميديابارت” الإعلامية
إدوي بلينيل داخل أحد المطاعم.
وفي مقالة نشرتها صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية، كتب ممثلون
وممثلات فرنسيون، بينهم جولي غاييه ولوري كالامي، “نشعر بسخط كبير ونرفض
التزام الصمت إزاء مواقف للقائمين على مهرجان كان السينمائي”.
وأضافت الرسالة “من خلال إتاحة السجادة الحمراء لرجال ونساء
عنيفين، يبعث المهرجان برسالة مفادها أن في بلدنا يمكننا الاستمرار في
ممارسة العنف مع الإفلات التام من العقاب، وأن العنف مقبول في المجالات
الإبداعية”.
سعي إلى المناصفة
تأتي هذه المواقف بعد حوالي ست سنوات على انطلاق حركة “مي
تو” المناهضة للاعتداءات الجنسية، فيما ترتسم ملامح بداية بطيئة لإعادة
التوازن بين الجنسين في قطاع يهيمن عليه الرجال تقليديا.
وحرص المهرجان على اعتماد المناصفة بين النساء والرجال في
عضوية لجنة التحكيم (من دون احتساب رئيسها). وفي هذا العام، هناك عدد قياسي
من المخرجات مع سبع نساء يتنافسن على السعفة الذهبية، من إجمالي 21 فيلما
في المنافسة.
عند سؤالها في مؤتمر صحفي حول حضور جوني ديب، تهربت بري
لارسون، عضو لجنة التحكيم، من الرد، وقد جرى التداول باسم هذه الممثلة
المنخرطة بقوة في حركة “مي تو”، على نطاق واسع عام 2017 بفعل رفضها التصفيق
للممثل كايسي أفليك، المتهم بالتحرش الجنسي، خلال حفلة الأوسكار.
هذه الأسئلة المحرجة في عالم السينما لم تطغ على بريق حفلة
افتتاح المهرجان التي شهدت المرور التقليدي للنجوم، لكن بأعداد أقل مقارنة
بالعام الماضي الذي أقيمت خلاله نسخة احتفالية باليوبيل الماسي للحدث
السينمائي العريق.
ومن بين نجوم حفلة الافتتاح: هيلين ميرين، بإطلالة باللون
الأزرق السماوي من الفستان إلى الشعر، والممثلة الصينية غونغ لي، بفستان
أسود مع ياقة دائرية، ومادس ميكلسن الذي يشارك في فيلم “إنديانا جونز”
الجديد، أبرز الأعمال المقدمة في المهرجان.
ووجه المهرجان تحية إلى أحد ألمع الأسماء في هوليوود،
الممثل مايكل دوغلاس الذي حصل على سعفة ذهبية فخرية من يدي النجمة أوما
ثورمان التي وصفته بأنه “نجم أبدي وفنان لامع”.
وجرى الإعلان بعدها رسميا عن افتتاح هذه النسخة الـ76 من
المهرجان من جانب كاترين دونوف، إلى جانب ابنتها كيارا ماستروياني، بعد
إلقائها قصيدة دعما للأوكرانيين. |