ملفات خاصة

 
 
 

الفيلم الفلسطيني "ينعاد عليكو" يفوز بالنجمة الذهبية بمهرجان مراكش

مراكش -عبد الكريم واكريم

مراكش السينمائي

الدورة الحادية والعشرون

   
 
 
 
 
 
 

فاز الفيلم الفلسطيني "ينعاد عليكو" للمخرج إسكندر قُبطي، بجائزة النجمة الذهبية، في حفل ختام الدورة 21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، السبت، كما حصل الثنائي منار شهاب ووفاء عون، على جائزة أفضل ممثلة مناصفة، وذلك عن دورها في الفيلم نفسه.

أما جائزة لجنة التحكيم فمنحتها اللجنة، برئاسة المخرج الإيطالي لوكا جوادانينو، مناصفة أيضاً لفيلمين، وهما The Cottage للمخرجة الأرجنتينية سيلفيا سانشيز، وThe village next to paradise للمخرج الصومالي مو هاراوي، فيما فاز بجائزة الإخراج، المخرج الأوكراني داميان كوكور، عن فيلمه Under the volcano، الذي نال عنه أيضاً الممثل الرئيسي رومان لوتسكي، جائزة أحسن دور رجالي.

تأثير سينما هاينيكي

لا، يسعنا ونحن نشاهد فيلم  The Cottage للمخرجة الأرجنتينية سيلفينا شنيسر، الفائز مناصفة بجائزة لجنة التحكيم، سوى أن نتذكر فيلم "الشريط الأبيض" إخراج مايكل هاينيكي، عام 2009، إذ يتتبع كلّ من المخرج المتميز والمخرجة الشابة الموهوبة، طيلة فِيلمَيْهما أطفالاً يقومون بأفعال شريرة دون أي سبب ظاهر  تدفعهم لفعل ذلك، وكأن الشَّر يُخلق مع الإنسان وينمو معه كُلَّما كَبُرَ، فيبدأ آنذاك في عقلنته والبحث له عن أسباب وأعذار يستطيع بها تبرير ما يقترفه.

أما الأطفال فليسوا في حاجة للتبرير بل يفعلون ذلك بتلذذ، دون أن يشعروا بتأنيب ضمير، لكن ليس هذا فقط ما يجمع الفيلمين، بل أيضاً تحميل المسؤولية للكبار المنافقين الذين يتسترون على أفعال أبنائهم، ويفعلون ما في استطاعتهم لكي لا يعرف عنها الآخرون أي شيء مهما بلغت بشاعتها، فقط للحفاظ على المظاهر الكذابة والخادعة.

أما من الناحية الأسلوبية، فقد ظهرت المخرجة متأثرة بأسلوب "هاينيكي" في الحذف والإيحاء دون قول أو إظهار كل شيء، تاركة للمشاهد هامشاً ليكمل ما لم تُظهره في فيلمها، وقد أضفى هذا الاختيار الأسلوبي جمالية على الفيلم وجعله يستحق الجوائز التي حصل عليها.

فيلم شخصيات

داخل فلسطين المحتلة، تعيش أسرة فلسطينية مسيحية تظهر في شكلها الخارجي أنها أصبحت مندمجة داخل "المجتمع الإسرائيلي"، بكل مكوناته حتى لو كان أفرادها ليسوا سوى "مواطنين" من الدرجة الثانية، لكن مجرد محاولة تَخطِّي الخطوط الحمراء بنسج علاقات عادية مع أفراد يهود من هذا المجتمع تَجُرُّ عليهم الويلات والمشاكل التي لا نهاية لها.

هذا ما نتابعه في فيلم "ينعاد عليكو" للمخرج الفلسطيني إسكندر قبطي، الفائز بالجائزة الكبرى في حفل الختام.

الابن الأكبر يدخل في علاقة مع فتاة يهودية، لكن ما أن تخبره أنها حامل منه حتى تصبح كل الأمور ضده وتنقلب عليه حبيبته المَحْمِيَّة من أسرتها ومن كيان بكامله، فيرفض أن تكون هناك علاقات من هذا القبيل قد تُنتج أطفالاً لا هم إسرائيليون ولا هم عرب خالصون. جنس آخر قد يخلق مشاكل للكيان هو في غِنَى عنها.

الأخت الصغرى تحاول التمرد على تقاليد الأسرة المحافظة، وتدخل بدورها في علاقات، لكن ما تكاد تلتقي بصديق أخيها الطبيب والذي يرغب في الزواج منها وتحكي له حياتها السابقة حتى يتركها ويرفض الزواج منها خصوصاً حينما يعلم أنها فقدت عذريتها، رغم أنه يعترف أنه مازال يحبها بقلبه لكن عقله يرفض الارتباط.

تتعدد الأصوات في الفيلم، إذ نتابع 3 شخصيات كل واحدة على حدة، وذلك لحكي كل مسار على حِدَة، لِيَصُبَّ كل هذا في الحكاية الفيلمية ككل

نتابع بداية الابن الأكبر الذي تتعدد مشاكله مع حبيبته اليهودية بعد أن تَحمِل منه. ثم ننتقل لحكاية الأخت الصغرى التي كنا قد شاهدنا لمحات منها في مسار أخيها، خصوصاً ما يتعلق بمشاكلها مع أمها المسيطرة والتي تقرر التدخل في كل كبيرة وصغيرة في الأسرة ومسائر أفرادها. أما المسار الثالث فهو المتعلق باليهودية حبيبة الأخ.

يبدو المجتمع الإسرائلي في فيلم "ينعاد عليكو"، خصوصاً في المناطق العربية المحتلة كحيفا والقدس، مجتمعا فُرِض عليه الوجود العربي رغم أنه يرفضه، لكنه لن يسمح أبداً بالمساواة بين اليهود والعرب.

فيلم إسكندر قبطي أيضاً عن المرأة الفلسطينية التي تناضل من أجل أن تتخلص من التقاليد التي تسجنها وتكبل حريتها، وهكذا يُظهر المخرج الفلسطيني في فيلمه هذا أنها تناضل بشكلٍ مضاعف لنيل حريتين وليس حرية واحدة.

حياة داخل الحرب

في فيلم The village next to paradise، للمخرج الصومالي موهاراوي، الفائز مناصفة بجائزة لجنة التحكيم،  نتابع الحياة اليومية لعائلة صومالية تعيش في قرية نائية بالصومال على إيقاع حرب طاحنة، وتحاول بصعوبة تدبير أمورها الإقتصادية المزرية.

الأب الذي يتنقل بين المهن، ولا يستطيع أن يصمد في واحدة منها، وابنه الذي يزاول دراسته في مدرسة ابتدائية يتوقف الأساتذة عن الحضور إليها، فتقرر المديرة إغلاقها

فيما الأب يصر على أن يدخل ابنه لمدرسة داخلية رغم صعوبة ذلك، أما الأخت المطلقة فتتصارع لفتح محل تجاري للملابس وتقاتل من أجل ذلك، كل هذا تحت وقع ضربات جوية من طائرات حربية.

مع مرور زمن الفيلم، نعلم أن الطفل ليس ابن الرجل، وأنه ربَّاه بعد وفاة أمه التي كانت زوجته قبل أن تتركه، لكنها تركت له وصية بأن يرعاه وذلك ما فعل.

فيلم سينمائي حميمي وقاسٍ في بلد ليست فيه سينما على الإطلاق، ينقل لنا بصدق فني مصائر شخصيات من صميم الواقع تُصارع فقط من أجل أن تعيش.

مشروع هذا الفيلم مرَّ من "ورشات الأطلس" بمهرجان مراكش السينمائي التي دعمته، وعاد إليه ليفوز بجائزة الإخراج، وقد عَبَّرَ المخرج الصومالي وهو يتسلم جائزته عن فرحته الكبرى وعن امتنانه الخالص للجنة وللمهرجان

 

الشرق نيوز السعودية في

08.12.2024

 
 
 
 
 

الفيلم الفلسطيني «ينعاد عليكو» يفوز بالنجمة الذهبية لمهرجان مراكش

فاز الفيلم الفلسطيني «ينعاد عليكو»، لمخرجه إسكندر قبطي، بالنجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الحادية والعشرين التي أسدل الستار عليها، أمس السبت.

كما فازت الممثلتان الفلسطينيتان منار شهاب ووفاء عون بجائزة أحسن دور نسائي، مناصفة، عن الفيلم ذاته الذي يحكي عدة قصص متصلة عن عائلة فلسطينية عربية في إسرائيل يتنازعها التحرر من الاحتلال وقيود مجتمعية خاصة على النساء.

وتسلمت الجائزة منى قبطي، نيابة عن زوجها، وقالت في كلمة بهذه المناسبة: «بالرغم من فرحنا الكبير بهذا التقدير، نقف هنا بمشاعر مثقلة في ظل كل ما نشهده من فظائع وجرائم في حق شعبنا والإنسانية ككل».

وتساءلت: «في ظل عجزنا كيف وصلنا إلى هنا؟، كيف أصبح التجريد من الإنسانية شيئا عاديا؟، وكيف أصبح القتل والدمار والتشريد مشهدا مقبولا؟، كيف فقدنا البوصلة؟».

كما قالت إنها تأمل أن يجيب فيلم «ينعاد عليكو» على «بعض من هذه الأسئلة».

وأضافت: «نضالنا مترابط والتحرر الحقيقي لا يمكن تحقيقه بمعزل عن الآخرين، لا أحد منا حر حتى نكون جميعنا أحرارا، وخاصة النساء».

وفاز بجائزة أحسن دور رجالي الممثل الأوكراني رومان لوتسكي عن فيلم «تحت البركان» الذي يؤدي فيه دور رب أسرة كانت تقضي عطلتها في جزيرة تنيريفي الإسبانية عندما اندلغت الحرب الروسية الأوكرانية، فيتحول أفراد الأسرة من سائحين إلى لاجئين.

كما حصل فيلم «تحت البركان» للمخرج البولندي داميان كوكر، وهو فيلمه الطويل الثاني، على جائزة أحسن إخراج.

وذهبت جائزة لجنة التحكيم مناصفة إلى فيلمي (الكوخ) من الأرجنتين و(القرية المجاورة للجنة) من الصومال للمخرج مو هاراوي.

وقال هاراوي إنه أخرج فيلمه بدعم من «ورشات أطلس» التي أطلقها المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عام 2018 لدعم المواهب الشابة في مجال السينما من المغرب وخارجه.

وشمل برنامج الدورة التي انطلقت في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني عرض نحو 70 فيلما من 32 دولة، من بينها 14 فيلما في المسابقة الرسمية.

وأشاد المخرج الإيطالي لوكا غوادانينو رئيس لجنة التحكيم بكل الأفلام المشاركة قائلا: «لقد شهدنا مسابقة مليئة بالتأملات السينمائية حول ألم التشرد، والسحق تحت سلطة الأنظمة التي تتحكم في حياتنا، ولكنها مشبعة أيضا برؤى المدينة الفاضلة».

وكرمت الدورة اسم الممثلة المغربية الراحلة نعيمة المشرقي، والمخرج والممثل الأميركي شون بن، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ.

وذكرت إدارة المهرجان في بيان أن هذه الدورة سجلت «رقما قياسيا» للحضور بلغ 40 ألفا شاهدوا الأفلام في مختلف القاعات، من بينهم 7500 طفل ومراهق حضروا العروض المخصصة للجمهور الناشئ والأسرة.

 

قناة الغد في

08.12.2024

 
 
 
 
 

بعد كان... "الجميع يحب تودا" يبهر مهرجان مراكش السينمائي

يعكس الفيلم رحلة إنسانية تجمع بين النضال الشخصي والفني لإثبات الذات وسط قيود المجتمع وتحدياته

ليلى عمار 

يروي الفيلم قصة "شيخة" شابة تواجه التحديات الاجتماعية والنفسية لتحقيق حلمها في الغناء والحفاظ على كرامتها وهويتها الفنية.

بعد تألق فيلم "الجميع يحب تودة" في مهرجان كان في خطف الأضواء مجدداً في مهرجان مراكش السينمائي. يروي العمل قصة تودة، الشيخة الشابة والأم العزباء التي تعشق فن "العيطة" [لون غنائي يعتمد على أشعار تحمل معاني مرمزة لا يفهمها إلا أصحاب الأرض كنوع من شفرة سرية بين المقاومين المغاربة من النساء والرجال ضد العدو] وتحلم بمشاركة هذا الفن العريق مع العالم. تحت وطأة الفقر ونقص الفرص، تضطر تودة لترك قريتها والتوجه إلى مدينة الدار البيضاء، حيث تصطدم بواقع قاسٍ؛ إذ يُنظر إلى فنها على أنه ليس سوى تراث قديم، وتواجه تحديات متكررة تمس نزاهتها الشخصية. الفيلم مستوحى من أسطورة الشيخة خربوشة التي قاومت القائد عيسى بن عمر بصوتها، وهو من إخراج نبيل عيوش الذي أشار إلى أن قصص الشيخات لطالما ألهمته، حيث تعكس إعجابه بالنساء القويات، وهو ما يعود بجذوره إلى علاقته بوالدته التي ربته بمفردها.

في لقاء مع "اندبندنت" سئل عيوش عن سبب اختياره لهذه القصة الآن، حيث أوضح أن شخصيات الشيخات ظهرت في عديد من أعماله السابقة مثل فيلم "يا خيل الله" و"رَزيا"، لكنها كانت دائماً شخصيات ثانوية. ومع ذلك، يرى أن الإعجاب الذي يكنه لأولئك النسوة، إلى جانب تجربة عمله مع الممثلة نسرين الراضي التي لعبت دور البطولة في فيلم زوجته مريم التوزاني بعنوان "آدم"، أسهم في تعزيز رغبته في تقديم فيلم تكون فيه الشيخة البطلة الرئيسة.

وفي ما يتعلق بمشاركة زوجته مريم التوزاني في كتابة الفيلم، أكد عيوش أن العمل المشترك بينهما يجعل من الصعب التمييز بين ما يأتي منه وما يأتي منها. لكنه أشار إلى أن العلاقة التي جمعت تودة بابنها ضعيف السمع في الفيلم مستوحاة جزئياً من علاقته بوالدته التي كانت تعشق الغناء، إذ كان الغناء متنفساً لها وكان يستمع إليها بصمت.

وحول النظرة المجتمعية التي تواجهها الشيخات، أوضح عيوش أنهن كن يعتبرن رموزاً وطنية ومصدر إلهام خلال القرن الـ19، عندما كن يمثلن صوت المقاومة في مجتمع يهيمن عليه الرجال. ومع ذلك، تغيرت هذه النظرة عندما اضطرت العديد منهن لمغادرة مناطقهن الريفية في الستينيات والسبعينيات بسبب الفقر، مما أجبرهن على الغناء في مقاهي المدن وكباريهاتها. هذا التحول أدى إلى تغيير مكانتهن الاجتماعية من بطلات إلى شخصيات مثيرة للجدل، وأصبحت كلمة "شيخة" إهانة لدى البعض. أشار عيوش إلى أن أحد أهداف الفيلم هو إعادة الاعتبار لأولئك النسوة وتكريم مكانتهن الحقيقية في الثقافة المغربية.

كما يتطرق الفيلم إلى صراعات أخرى، حيث تواجه تودة صعوبات في العثور على مدرسة تقبل ابنها ضعيف السمع، مما يعكس كفاحها الدائم لإيجاد مكان لهما في المجتمع. وأوضح عيوش أن ابن تودة يرمز إلى فكرة الإقصاء، سواء بحكم إعاقته السمعية أو نتيجة الأحكام المسبقة التي تواجهها والدته بسبب فنها.

وعند الحديث عن المشهد الأخير للفيلم، وصف عيوش هذه اللحظة بأنها خلاصة رحلة تودة العاطفية. تظهر لأول مرة بملابس متألقة ومكياج، مما يوحي بأنها وصلت إلى حلمها بالغناء وممارسة فنها بحرية. لكن سرعان ما تصطدم بالواقع المرير، وتعود من المسرح بنفس السرعة التي صعدت بها، ومع ذلك تبتسم. يرى عيوش أن هذا المشهد يعكس مزيجاً من الأمل واليأس، لكنه قبل كل شيء يظهر استعادتها لكرامتها وسيطرتها على مصيرها.

في مشهد استمر لمدة ثماني دقائق من التصوير، استطاع عيوش أن يلتقط التحولات العاطفية المعقدة التي تمر بها تودة، من البهجة إلى الحزن، ومن الأمل إلى الإصرار. المشهد، الذي تطلب تحضيرات استمرت ثلاثة أشهر، يمثل لحظة ذروة تجمع كل رسائل الفيلم، ليترك المشاهدين مع إحساس عميق بقوة الإرادة والكرامة.

صحافية وناقدة سينمائية

 

الـ The Independent  في

08.12.2024

 
 
 
 
 

فيلم عن فلسطينيي 1948 يحصد أكبر جوائز مراكش السينمائي

الفيلم يفكك جدلية التحرر والمحافظة داخل مجتمع فلسطينيي 1948، ومنسوج على قناعة بأن المجتمع يتحرر حين تتحرر نساؤه.

مراكش (المغرب)فاز فيلم “ينعاد عليكو” للمخرج الفلسطيني إسكندر قبطي بالنجمة الذهبية (الجائزة الكبرى) للدورة الحادية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي نظمت تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، واختتمت فعالياتها السبت بالمدينة الحمراء.

وخلال حفل اختتام هذه الدورة الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء وعرف حضور نجوم الفن السابع وشخصيات من عالم الفن والثقافة والإعلام، أعلنت لجنة تحكيم المهرجان برئاسة المخرج الإيطالي لوكا جوادانيينو عن تتويج “ينعاد عليكو” الذي تنافس مع 13 فيلما أخرى من مختلف البلدان حول العالم.

ويقدم فيلم “ينعاد عليكو” دراما عائلية يفكك من خلالها جدلية التحرر والمحافظة داخل مجتمع فلسطينيي 1948، منسوجة على قناعة واضحة بأن المجتمع يتحرر حين تتحرر نساؤه.

ومن خلال وقائع مترابطة لأفراد أسرة بورجوازية من فلسطينيي مدينة حيفا، ترتسم بورتريهات، معظمها لنساء يتبنين مقاربات مختلفة لمكانة التقاليد في حياتهن ويجدن أنفسهن مدعوات إلى الاختيار بين تحمل مسؤولية الحرية الفردية أو العيش وفق ما تسطره القوانين غير المكتوبة للمجتمع.

واختار إسكندر قبطي فترة احتفالات وإجازات دينية، في المنطقة التي تعج بالمناسبات والأعياد الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية، ليركز على تصوير العداء والعنف الباطني بين الأقليات.

مخرج الفيلم مولود في تل أبيب، ينتمي إلى عرب الداخل أو ما يطلق عليهم أيضا عرب 48، الذي بقوا رغم كل محاولات التهجير والمعاناة اليومية التي يتعرضون لها كأقلية، وهو شاهد حي على كل الممارسات التي تنتقدها أفلامه ويحاول التعبير عنها.

و”ينعاد عليكو” هو فيلمه الروائي الطويل الثاني الذي رأى النور بعد 15 عاما من فيلمه الأول “عجمي” الذي صدر في 2009، وحصل على جائزة من مهرجان كان السينمائي، وأثار ضجة كبيرة عند عرضه حول شرعية تمثيله للفلسطينيين. وسبق أن فاز “ينعاد عليكو” بجائزة السيناريو ضمن قسم آفاق بمهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ81.

وتسلمت الجائزة في اختتام مهرجان مراكش منى قبطي نيابة عن زوجها، وقالت في كلمة بهذه المناسبة “بالرغم من فرحنا الكبير بهذا التقدير، نقف هنا بمشاعر مثقلة في ظل كل ما نشهده من فظائع وجرائم في حق شعبنا والإنسانية ككل.”

وتساءلت “في ظل عجزنا كيف وصلنا إلى هنا؟ كيف أصبح التجريد من الإنسانية شيئا عاديا؟ وكيف أصبح القتل والدمار والتشريد مشهدا مقبولا؟ كيف فقدنا البوصلة؟” كما قالت إنها تأمل أن يجيب فيلم “ينعاد عليكو” على “البعض من هذه الأسئلة”. وأضافت “نضالنا مترابط والتحرر الحقيقي لا يمكن تحقيقه بمعزل عن الآخرين، لا أحد منا حر حتى نكون جميعنا أحرارا، وخاصة النساء.”

وإضافة إلى “النجمة الذهبية”، نال فيلم “ينعاد عليكو” جائزة مزدوجة لأحسن دور نسائي في شخص كل من منار شهاب ووفاء عون. ومُنحت جائزة لجنة التحكيم مناصفة بين فيلمي “الكوخ” لسيلفينا شنيسر (الأرجنتين)، و”القرية المجاورة للجنة” لمو هاراوي (الصومال) الذي استفاد من دعم برنامج ورشات الأطلس.

أما جائزة أفضل إخراج فكانت من نصيب البولندي داميان كوكر عن فيلمه “تحت البركان”، الذي حصد أيضا جائزة أحسن دور رجالي في شخص الممثل الأوكراني رومان لوتسكيي، الذي يؤدي في الفيلم دور رب أسرة كانت تقضي عطلتها في جزيرة تنيريفي الإسبانية عند حدوث الغزو الروسي لأوكرانيا فيتحول أفراد الأسرة من سائحين إلى لاجئين.

وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس لجنة تحكيم الدورة لوكا جوادانيينو أن مدينة مراكش تحولت إلى عاصمة للسينما في شهر ديسمبر، مع حضور شخصيات سينمائية رفيعة المستوى ومن مشارب مختلفة.

وأشار في هذا الصدد إلى مشاركة معلمين كبار من قبيل سيساكو، وكروننبرغ وبيرتون، وشون بين، الذين قدموا تجاربهم لسينمائيين شباب صاعدين ومبتدئين، وتقاسموا معهم الشغف بالسينما، وحكوا قصصا وتحدثوا عما يجعلنا أكثر إنسانية.

وإضافة إلى جوادانيينو، ضمت لجنة تحكيم الدورة كلا من المخرج الإيراني علي عباسي، والمخرجة الهندية زويا أختار، والممثلة الأميركية باتريسيا أركيت، والممثلة البلجيكية فيرجيني إيفيرا، والممثل الأسترالي جاكوب إلوردي، والممثل البريطاني الأميركي أندرو غارفيلد، والممثلة المغربية نادية كندة، والمخرج الأرجنتيني سانتياغو ميتري.

وخص المهرجان الدولي للفيلم بمراكش شخصيات بارزة في السينما المغربية والعالمية بالتكريم بمناسبة دورته الحادية والعشرين، ويتعلق الأمر بكل من الممثلة المغربية القديرة نعيمة المشرقي التي وافتها المنية في أكتوبر الماضي، والممثل والمخرج الأميركي المتوج بجائزة الأوسكار شون بين، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ.

وشاركت في هذه الدورة 18 شخصية في فقرة “حوارات”، وهو ما يعتبر رقما قياسيا منذ إحداث المهرجان. وأتاحت برمجة هذه الدورة فرصة الكشف عن تصورات سينمائية شديدة التنوع. فقد تم عرض 71 فيلما من 32 دولة، في الأقسام الستة للبرمجة، وذلك في مختلف قاعات المهرجان بمدينة مراكش.

ومن بين الاختيار الرسمي لهذه الدورة، استفاد 12 فيلما من دعم “ورشات الأطلس”، برنامج الصناعة السينمائية لدعم المواهب الذي أطلقه المهرجان سنة 2018، التي كان عرابها هذه السنة السينمائي الأميركي الكبير جيف نيكولز.

وبالإضافة إلى عروض الأفلام، نظم المهرجان سلسلة من الفعاليات التي شملت جلسات نقاشية، وورش عمل، وحلقات حوارية مع صناع الأفلام وممثلين من هوليوود، شكلت فرصة مميزة للمشاركين والجمهور للتفاعل مع محترفي السينما ومناقشة تجاربهم، إلى جانب مساعدة المخرجين الشباب على استكشاف آفاق سينمائية جديدة.

 

العرب اللندنية في

09.12.2024

 
 
 
 
 

السجادة الحمراء للمهرجانات المغربية استعراض لا علاقة له بالسينما

عبدالرحيم الشافعي

رواد السينما المغربية يستعرضون فوق السجادة الحمراء دون أعمال مشاركة.

تتنافس المهرجانات السينمائية حول العالم في استقطاب النجوم والأفلام، لكن هؤلاء يتنافسون أيضا في الاستعراضات على السجادة الحمراء، هذه السجادة التي تحولت إلى فرصة لاستعراض الأزياء في المهرجانات المغربية، دون تسليط الضوء على الأعمال السينمائية، فالمارون فوقها أغلبهم متطفلون على السينما أو رواد يبحثون عن أي فرصة للتذكير بهم أو أسماء لامعة تتجول من مهرجان إلى آخر دون إنتاج مهم يعزز السينما المغربية.

الرباطتعد السجادة الحمراء في المهرجانات السينمائية الكبرى رمزا بارزا للاحتفاء والاعتراف بجهود المبدعين السينمائيين، وهي تقليد عالمي يمنح إشعاعا خاصا للمهرجانات، حيث تمثّل نقطة لقاء بين الفنانين والصحافيين والجمهور، كما تعتبر مساحة لإبراز النجاحات السينمائية التي تستحق التقدير، بينما في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يطفو على السطح جدل متكرر حول طبيعة المرور فوق هذه السجادة، خاصة مع ظهور فنانين مغاربة على السجادة الحمراء دون أن تكون لهم مشاركات فعلية في الأفلام المعروضة أو المكرمة داخل المهرجان.

هذا الأمر يثير تساؤلات عميقة حول المعايير التي تحدد من يحق له المرور على هذه السجادة، وهل يتم احترام قيمتها الرمزية أم أنها تستغل لأغراض ترويجية أو لتلميع صورة المهرجان بملء الفراغات الناتجة عن قلة التمثيل المحلي؟ إذا كانت السجادة الحمراء تمثل اعترافا بالإنجاز والإبداع، فكيف يمكن أن نبرر مرور من ليس له أي مساهمة بارزة في محتوى المهرجان؟

يعكس هذا الجدل قضايا أعمق تتعلق بالدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه السجادة الحمراء في مهرجانات السينما، فهل هي منصة تكريم تقتصر على أصحاب الإنجازات السينمائية أم أنها واجهة احتفالية مفتوحة أمام الجميع؟ وأين يقف مهرجان مراكش السينمائي بين الحفاظ على التقاليد العالمية وتقديم محتوى يعبر عن خصوصية الثقافة المغربية؟ هذه الإشكاليات تضعنا أمام تساؤل أكبر حول كيفية تحقيق التوازن بين الاحتفاء بالإنجازات السينمائية الحقيقية وتعزيز الحضور الثقافي الوطني بمصداقية واستحقاق.

◄ الكثير من السينمائيين المغاربة يجدون أنفسهم مُهمشين ومستبعدين من فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الذي يقام على أرض المغرب

ولا يقتصر الجدل حول السجادة الحمراء على حضور فنانين دون مساهمات فعلية، بل يتعداه إلى استغلالها كمنصة للترويج لأفكار تتنافى مع القيم الثقافية المغربية، كالترويج للمثلية الجنسية من خلال الملابس الجريئة التي يرتديها بعض المشاركين أو المشاهد السينمائية التي تعرض داخل المهرجان، فمثل هذه الممارسات أثارت استياء الجمهور المغربي الذي يرى في المهرجان فرصة للاحتفاء بالهوية الثقافية الوطنية، وليس للترويج لصور أو أفكار مستوردة لا تمت بصلة إلى واقع المجتمع وقيمه، وهذه التصرفات لا تؤثر فقط على مصداقية المهرجان بل تثير تساؤلات حول مدى احترام المنظمين للخصوصية الثقافية التي يفترض أن تكون في جوهر أي تظاهرة سينمائية مغربية.

وبالرغم من أن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يقام على أرض المغرب ويفترض أن يكون احتفالا بالسينما المغربية وروادها، إلا أن الكثير من السينمائيين المغاربة يجدون أنفسهم مُهمشين ومستبعدين من فعالياته، ففي دوراته السابقة اشتكى الكثير من المبدعين المغاربة من المعاملة القاسية التي تلقوها، سواء من حيث الإقصاء من حضور فعاليات المهرجان أو التجاهل التام لإنجازاتهم السينمائية، وهذا الوضع أدى إلى شعور بعض السينمائيين المغاربة بأن المهرجان ليس موجها لهم، بل أشبه بفعالية ذات طابع فرنسي تُقام على أرض مغربية، حيث يستخدم المغاربة فقط لتأثيث المشهد وضمان الحضور الكمي دون اعتراف حقيقي بإسهاماتهم الفنية.

ويتجلى هذا الإقصاء في ضعف تمثيل الأفلام المغربية في المسابقات الرئيسية للمهرجان، حيث تُخصص أغلب العروض المغربية لقسم البانوراما فقط، بينما تغيب تمامًا عن أقسام المسابقات الكبرى، وهذا التوجه يعكس تقليلا ضمنيًا من قيمة الإنتاج المغربي، بينما الطريقة المهينة التي يعامل بها الجمهور المغربي، خاصة من قبل موظفي الأمن الذين يفرضون قيودًا صارمة على دخول الفنانين المغاربة الذين لا يحملون بطاقات دخول، وهذا الوضع الذي يتكرر في كل دورة أصبح وصمة عار تلاحق المهرجان وتؤكد على الفجوة بينه وبين الجمهور المحلي.

إن استمرار سياسة الإقصاء والتمييز يهدد بفقدان المهرجان لمصداقيته، ليس فقط محليًا ولكن على الصعيد الدولي أيضا، فالمهرجانات السينمائية الكبرى تُقيم نجاحها على قدرتها على تحقيق شمولية ثقافية وتكريم كل من يساهم في تطوير السينما، خاصة على المستوى الوطني. وإذا أراد مهرجان مراكش أن يرسخ مكانته كأحد أهم المهرجانات السينمائية في العالم، فلا بد أن يراجع توجهاته بشكل جذري ويضمن مشاركة عادلة وحضورًا يليق برواد السينما المغربية، مع احترام الجمهور المحلي الذي يعد العمود الفقري لأي فعالية ثقافية.

ويتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه المهرجان في تحقيق توازن بين الحفاظ على التقاليد العالمية للسجادة الحمراء وبين تعزيز الهوية الثقافية المغربية، ففي الوقت الذي تحمل فيه السينما العالمية قيمًا متنوعة، ينبغي أن يسعى المهرجان إلى تقديم محتوى يعكس عمق الثقافة المغربية ويروج للإبداع الوطني، بدلا من الانسياق وراء قيم أو تصورات مستوردة.

وتكمن قوة المهرجان في خصوصيته الثقافية التي تميزه عن غيره، وبالتالي فإن تعزيز هذه الخصوصية يعد الخطوة الأهم للحفاظ على مصداقيته وجعله حدثا سينمائيا ذا وزن على المستوى العالمي.

ومن المفارقات المؤسفة أن يقبل الكثير من رواد السينما المغربية بحضور مهرجان لا يحترمهم بالشكل الذي يستحقونه بل يستخدمون فقط كأداة لتأثيث الفضاء وإضفاء الطابع المحلي على فعالية يهيمن عليها الطابع الأجنبي، رغم مساهماتهم الكبيرة في تطوير السينما الوطنية، كما لا يتم ذكر إنجاز هؤلاء الرواد إلا نادرا في المهرجان وغالبا ما يتم تجاهلهم تمامًا ولا يتذكرونهم إلا بعد وفاتهم، وكأن الاعتراف بهم لا يستحق الحياة، وهذا التجاهل الممنهج يعكس أزمة عميقة في علاقة المهرجان برواد السينما المغربية الذين يفترض أن يكونوا القلب النابض له، لكنه بدلا من ذلك يكتفي باستثمار حضورهم كديكور يعطي الحدث مظهرا زائفا من الاحتفاء المحلي.

الجدل حول السجادة الحمراء لا يقتصر على حضور فنانين دون أفلام بل يتعداه إلى الترويج لأفكار تتنافى مع القيم الثقافية المغربية

وقبول هؤلاء الرواد بهذا الوضع يمكن تفسيره بحبهم العميق للسينما وإيمانهم بضرورة الحضور مهما كانت الظروف، بينما في الحقيقة هذا التوجه يساهم في ترسيخ سياسة الإقصاء واللامبالاة تجاههم، فكيف تتظاهر بالنجومية دون أن يكون لك فيلم مشارك في تلك الدورة؟ وكيف تسمح لنفسك بالافتخار بمرورك فوق السجادة الحمراء المخصصة للنجوم المشاركين وليس المارة من هنا وهناك؟ ولمن مخصصة السجادة الحمراء هل لنجوم السينما أم لنجوم التلفزيون؟ هل لصناع الأفلام أم لرواد الإعلام؟ وهلم جرا من الأسئلة.

ويتجلى الغياب المتكرر للأفلام المغربية عن منصات التتويج أو الاكتفاء بحضور رمزي في المهرجانات الدولية، كعامل يضعف الدور المنتظر من هذه التظاهرات في تعزيز السينما الوطنية، ورغم إدراك المؤسسة المنظمة لأهمية هذا الحضور بالنسبة إلى صناع السينما المغاربة، فإن التهميش المتعمد واستغلال الحضور المحلي كعنصر شكلي لتزيين المشهد يعدان إهانة للإبداع الوطني، ومن هذا المنطلق  يتعين على صناع السينما المغربية الوقوف في وجه سياسات الإقصاء والمطالبة بتمثيل حقيقي وفعال لأن مصداقية أي مهرجان عالمي لن تترسخ ما لم يستمد قوته من جذوره المحلية ويدعمها بإخلاص.

ويجب أن يكون إدراج الأفلام السينمائية المغربية في المهرجانات الدولية، وخاصة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، فرصة ذهبية لإبراز الإبداع السينمائي الوطني والانفتاح على الساحة العالمية. فوجود هذه الأفلام في المسابقات الرسمية، وليس فقط في أقسام البانوراما، يعكس التنوع الثقافي والفني الذي يميز المغرب ويمنح صناع الأفلام المحليين اعترافا مستحقا بجهودهم ليحفزهم على تطوير أعمالهم والإسهام في بناء صورة مشرقة للسينما الوطنية على المستوى الدولي.

ناقد سينمائي مغربي

 

العرب اللندنية في

10.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004