حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان برلين السينمائي التاسع والخمسون

Berlinale

2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

من عروض مهرجان برلين السينمائي

إرهاب لندن للمرة الأولى على الشاشات وبإخراج رشيد بوشارب

محمد موسى من برلين

من اليسير فهم الأسباب، التي جعلت موضوع التفجيرت الإرهابية في لندن، مثيرًا، وربما يملك ضرورة أخلاقية ملحة للمخرج رشيد بو شارب، فالمخرج المولود في باريس من والدين جزائرين، لا بد أن يكون قد تأثر ، مثل معظم ابناء المهارجين العرب والمسلمين في اوروبا، من أثار العنف الذي وقع في نيويوك في أيلول/سبتمبر عام 2001، ومن ثم انتقاله الى مدريد عام 2004 ولندن عام 2005.

هؤلاء استيقظوا صباحًا ليسمعوا، أن ابناء مهاجرين اخرين مثلهم ، فجروا ركاب مدينين في قطارات وباصات ، كانت تقوم ومثل اي صباح عادي آخر ، بنقل الناس الى اعمالهم ومشاغلهم. لا بد ان العديد من المثقفين من الاصول العربية او المسلمة تساءلوا عن توقيتها ، وعن الاسباب والظروف التي دفعت بشباب عاديين ، الى اقتراف واحدة من اكثر الاعمال بشاعة ، وتقديم ارواحهم كقرابيين ، من اجل اهداف دينية ، وبسبب شعور عميق بالظلم، يبدو انه هيمن على حياتهم لسنوات ، وكان غائبًا عن الكثيرين.

انتظر المخرج رشيد بو شارب ثلاث سنوات ، قبل ان يبدأ بمشروع فيلمه "نهر لندن" ، والذي يعرض الآن في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي. اختار رشيد بو شارب ، الاطار الانساني لتقديم القصة ، واختار لذلك بعض الامور القريبة من حياته هو: شخصية تعيش في فرنسا (بلد المخرج) ، وحي في لندن تعيش فيه جالية كبيرة من المغرب العربي (بلد والدي المخرج ايضا) . واختار ايضًا قصة سيدة انكليزية بيضاء ، ربما لتمثل حياته في باريس ، التي ولد وعاش فيها.

يجمع ارهاب لندن ، شخصيتي الفيلم الرئيستين ، ام انكليزية تعيش بمفردها ، بعد مقتل زوجها في حرب الفوكلاند عام 1982 ، وانتقال ابنتها للدراسة والعيش في لندن. واب افريقي مسلم يعيش في فرنسا بمفرده ايضا ، بعد ان ترك زوجته وابنه في بلده الافريقي. يجتمع الوالدان للبحث عن ابنائهما اللذين فقدا بعد الانفجارت. ينكشف سريعًا أن الصبي والفتاة، كانت تربطهما علاقة عاطفية ، واختفائهما معًا هكذا ، ربما يعني اشد العواقب ماساوية.

هنا ، اراد المخرج ، ان يخرج قليلا ، عن المستوى الانساني البحت ، للفيلم ، ليقدم مخاوف السيدة الانكليزية من المسلمين ، فهي ومنذ وصولها الى شقة ابنتها الجديدة ، والتي لم تزرها من قبل ، محاصرة بهم ، وبمحلاتهم التي تملأ المكان في واحد من احياء المهاجرين العديدة في لندن. في احد مشاهد الفيلم ، تقوم السيدة التي يبدو عليها الطيبة الكاملة بالاتصال باخيها ، وتخبره ان المكان مليء بالمسلمين!! ، هذا يقدم ، مقابل مشاهد عديدة ومكررة ، عن مسلمين في شوارع الحي ، لا يتوقفون عن تقديم المساعدة للام الانكليزية!

هكذا تبدو الصورة في منتصف وقت فيلم "نهر لندن" ، اخبار التلفزيون ، تنقل الرعب والاصابات البشرية الناتجة عن التفجيرات ، والتي اقدم عليها اربعة او خمسة من الشباب من الاصول المسلمة ، بكامل وعيهم وارادتهم . لكن علينا ان نقلق او ننزعج من سلوك امراة انكليزية بيضاء ، تعرف للمرة الأولى ، ان ابنتها كانت على علاقة مع شاب افريقي مسلم ، وانها كانت تتعلم اللغة العربية في احد جوامع الحي!

صحيح ان الام "تتطهر" في النهاية من خوفها من المسلمين ، وتقترب الى الاب الافريقي المفجوع مثلها ، لكن هذا التطهر لا ينسجم مع الاطار الواسع للحادثة ، ولماذا تكون هي الوحيدة التي تحتاج  إلى التغيير؟ ولماذا تبدو شخصية المسلم والتي قدمها الفيلم بهذا القدر المبالغ فيه من الايجابية ؟ ولماذا اختفت كل الاشارات عن جوامع ومؤسسات دينية مسلمة في بريطانيا ، تجاهر بالعداء لطرق الحياة البريطانية ، ويعبترها الكثيرون من الاسباب ، التي دفعت الشباب الاربع ، للقيام بما فعلوه يوم السابع من شهر يوليو عام 2005.

وبعيدًا عن السينما ، يعرف الذين تابعوا اخبار تلك الايام ، إن احد الذين فقدوا ابناءهم في تفجيرات لندن ، اختار ان يترك الكنيسة التي يعمل فيها ، لانه لم يستطع ان يسامح الذين قاموا بالتفجيرات ، وان عائلات الضحايا ومنها عائلات المهاجرين ، كانت تقف جنبًا الى جنب مع عائلات الانكليز الذين قتلوا ، هذه ليست صورة رومانسية اخرى ، لكنها جزء من تنوع لندن الكبير والمؤثر ، والذي لم يفهمه كثيرًا رشيد بو شارب. كما لم يفهم طرق الحياة الانكليزية ، ليأتي فيلمه مليئًا بالاخطاء التاريخية والاجتماعية ، بعضها فادح ، خاصة ان زمن الحوادث ما زال حاضرًا في الذاكرة ، وحفظته شاشات التلفزيون.

فالبوليس البريطاني ، لا يترك الشاكي والمشتكي عليه في الغرفة نفسها، والبوليس ايضًا ، لا يتستدعي عوائل الضحايا لاخبارهم عن مصير محبيهم ، في ممر مظلم، كما قدم في الفيلم. ويعرف ايضا كل من تابع التفجيرات على شاشة البي بي سي البريطانية مثل صاحب هذه الكلمات، ان الحكومة البريطانية ، انشات وبسرعة كبيرة بعد التفجيرات ، فرق عمل مختصة للبحث عن المفقودين ،ولم تترك عائلات المفقودين بالحيرة التي اظهرها الفيلم.

موقع "إيلاف" في 12 فبراير 2009

 

رسول الموت فيلم جديد عن الحرب الأميركية في العراق

محمد موسى من برلين 

يحتفظ بطل فيلم "الرسول" الأميركي ، بعلم عراقي، معلق فوق سريره، ويحمل في قدمه وإحدى عينيه جروحًا، لا تبدو وكأنها ستشفى قريبًا. لكنه لا يحب الحديث عن الحرب التي إشترك فيها، ويقضي معظم وقت الفيلم دون الإشارة إليها. لكنه عندما يكلف في آخر أشهر خدمته العسكرية، بمهمة إعلام عوائل القتلى من الجنود الأميركيين، بخبر مقتل أبنائهم، تعود إليه اشباح الحرب كلها!

ينضم فيلم "الرسول" والذي عرض بالأمس خارج المسابقة الرسمية في مهرجان برلين السينمائي، إلى مجموعة الافلام الاميركية القليلة، والتي انتجت في السنين الثلاث الاخيرة، والتي تسعى إلى تقديم، أثر الحرب الأميركية في العراق والعنف الذي اعقبها، على الاميركيين وحياتهم. ففي فيلم "في وادي ايلاه" ، يحمل الجنود الاميركيون والذين حاربوا في العراق، العنف الذي ارتكبوه او شاهدوه الى مدنهم الاميركية الكبيرة والصغيرة، وإذا بهم يفشلون في الذوبان في الحياة مجددًا.

ويقدم فيلم "غريس رحلت" الازمة الانسانية والاخلاقية للطبقة الاجتماعية الاميركية والتي كانت مع الحرب في العراق، وكيف يمكن ان يمهد حدث مفجع مثل مقتل الام الجندية في العراق ، الى هز معتقدات هذه الطبقة. فالأب الذي يتلقى مقتل زوجته في بداية الفيلم ، يعجز عن اخبار بناته ، ليقرر اخذهن برحلة حول اميركا.

 يبدو فيلم "غريس رحلت" وكأنه تكملة لإحدى قصص فيلم "الرسول" ، فالاول يبدأ بعد رحيل الجنود المكلفين بنقل خبر مقتل الام في العراق ، في حين يكتفي فيلم "الرسول" ، بالمشهد الصادم ، لتلقي عوائل الجنود للخبر، ولا يعود مرة اخرى الى تلك العوائل، باستثناء الارملة الشابة، والتي احتفظت بدور مهم في النصف الثاني من الفيلم.

لم يكن من الواضح او المقنع تمامًا، دوافع رؤساء الشخصية الرئيسة في الفيلم (القيام بدور الممثل ويل مونتغمري ) ، والذين قرروا اسناد مهمة نقل رسائل "الموت" ، الى الجندي ، الذي بدا منطويًا ،عاجزًا عن اقامة علاقات طبيعية مع الناس الذين كان يعرفهم ، منسحبًا من الحياة العادية ، والتي عاد إليها بعد خدمة عسكرية قضاها في الكويت والعراق. هو يضطر في النهاية إلى الموافقة ، ليرافق الجندي الاخر والذي قام بدوره الممثل المتميز ودي هاريسون ، في المهمة ، التي يجب ان تتم ضمن مراسم معينة ، فمن غير المسموح للجنود ، لمس عوائل الجنود المفجوعين. إنها كلمات رسمية فقط ، تنقل تعازي وزارة الدفاع الاميركية وتقدم بعض التفاصيل عن مقتل الجنود ، وتعلم العوائل ، ان هناك مؤسسات مدنية مختصة ، ستتصل بهم لتوفر لهم دعمًا معنويًا ونفسيًا.

كان يمكن لفيلم "الرسول" ، ان يسقط ببساطة في التكرار، او الميولودراما العالية ، فهو قدم ستة مشاهد لست عوائل مختلفة ، وهي تتلقى اخبار مقتل ابناء او ازواج. لكنه كل مرة ، كان يقدم الصدمة ، كفعل لا يمكن السيطرة عليه او ضبطه ، متفجرًا، فطريًا ، قادمًا من اعماق الروح. كل مرة تأتي الصدمة عاصفة ، تحمل معها ادانتها الخاصة للحرب. كفقر العائلة الاولى من الاميركيين من الاصول الافريقية ، والاب من الاصول اللاتنية والذي لا يجيد اللغة الانكليزية ، ولا يعرف على الارجح الكثير عن حرب العراق ودوافعها. او الحزن النبيل للوالدين المسنين.

في مشاهد تبليغ الرسائل ، والتي يرتكز عليها الفيلم ، تتنقل كاميرا المخرج بين "الرسول"، ومستلم الرسالة ، فالجنديان اللذان يعرفان الحرب وما تعنيه ، يوضعان في مواجهة اقسى نتائجها. القتل بصوره العبثية يرتفع بعد دموع الاهل الى مكانة عالية لكنها شديدة الخواء . يرغب البطل الشاب في عناق النفوس المثكولة ، لكنه يخشى رئيسه الذي يرافقه، وهو يبحث بالحقيقة ، عمن يبكي موته هو، الموت الذي تأجل ، وتأجل معه الحزن الذي يعقبه.

فيلم "الرسول" مثل "غريس رحلت" ، هو الاول لمخرجه "اورن موفرمان" ،هذان مخرجان اميركيان ، راقبا لسنوات عودة ابناء بلدهم من حروب نبيلة وحروب بلا معنى ، في الفيلمين ، يهشم الفقد ، الحياة التي نظنها متوازنة ، ويدفع الى مواجهات ربما لا يؤدي الكثير منها الى نهايات حاسمة.

الفيلم هو واحد من افضل افلام حرب العراق الى الآن. الفيلم لا يسقط في الكليشيات الا في في لحظات قليلة جدًا، يحمل ادانته الخاصة القوية للحرب، من دون اي خطاب سياسي، ويقدم  الحياة العبثية المأزومة التي يعيشيها الجنديان ، والتي تنتظم مع كل رسالة جديدة لموت جديد. في العشرين دقيقة الاخيرة من الفيلم، ينكشف جزء يسير من ماضي هذين الجندين، الاهوال التي مرت عليهما، والندوب التي تركتها.

cinema@elaph.com

موقع "إيلاف" في 11 فبراير 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)