حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الخامس والستون

في أحدث نتاجاته «الضوء بعد الظلمة»

كارلوس ريجاداس.. السينما المكسيكية في ألقِها المتجدد

كان - عبدالستار ناجي

تعاني السينما المكسيكية الكثير من هيمنة وحضور السينما الاميركية التي تكاد تسيطر على صالات العرض ليس في المكسيك وحدها بل في انحاء العالم. ومصدر معاناة السينما المكسيكية ان نسبة كبيرة من صناعها ذهبوا الى تقليد هوليوود فلا هم قدموا ما تقدمه هوليوود ولا هم قدموا السينما المكسيكية بشكلها الحقيقي الا من بعض الاسماء والرموز التي تظل تشتغل بأسلوبها ونهجها الذي يذهب الى الانسان وقضاياه.

ومن تلك الاسماء التي تشكل «الق» السينما المكسيكية وتفردا يأتي اسم المخرج كارلوس ديجاداس الذي يعود للسينما بعد غياب خمسة اعوام ليقدم فيلمه الجديد «الضوء بعد الظلمة» او «الشيطان» حسب الترجمة الانكليزية

نتوقف اولا عند هذا الرمز السينمائي الشاب فهو من مواليد 1971 في العاصمة المكسيكية أول أفلامه كان «اليابان» عام 2002 و«معركة في السماء» 2005 و«الضوء الصامت» 2007 وبعد خمسة اعوام يقدم فيلم «الضوء بعد الظلمة» الذي يقدم وعلى طريقتة السينمائية ابعادا فلسفية للعوالم التي تحيط بالانسان

تمضي بنا الحكاية عبر مشهديات تمزج بين السريالية والواقعية كما هو المزج بين الواقع المعزول والواقع المعاش الذي يحيط بتلك الشخصية الرئيسة. والتي نعرف من خلال التعريف بالفيلم اننا امام سرد لواقع العلاقة بين المخرج ووالده

فوالد المخرج عين سفيرا للمكسيك في العديد من دول العالم. وهو يعيش في فيلته المعزولة عن الواقع الذي يحيط به في المجتمع المكسيكي. رجل ثري أمن لحمايته وأطفاله فيلا وسط احدى الغابات وسط أجواء ومناظر لا يمكن تصديق وجودها حيث البحيرات والاشجار والجبال وأكبر كمية من الحيوانات مثل الكلاب التي يجمعها ويقسو عليها حينما ترتكب بعض الاخطاء

يعيش مع زوجته الجميلة وابنه وابنته بينما تحيط بهم عوالم من الفقر والحاجة والجريمة.. فهل يستطيع الانسان ان يعيش بعيدا عن واقعه.

للاجابة عن هذا السؤال نقول قد يفلح لبعض الوقت ولكن ليس كل الوقت. وهذا ما نتعرف عليه لاحقا في العام السابق لاحداث هذا العمل المشبع بالصور والخيالات بالذات تلك التي يستدعيها المخرج وهو يتحدث عن طفولته في انكلترا برفقة والده السفير واجادته «الرغبي» التي يصفها بانها من الألعاب الخشنة

كما نذهب الى مشهديات من ذاكرة والدته لزيارة عدد من أماكن المتعة الجسدية برفقة زوجته في العديد من المحطات والدول التي توقف بها .

كل شيء كان يسير بكثير من الهدوء والتكرار حتى يأتي اليوم الذي يصطدم به الواقع مع الخيال. حينما يعود الأب الى فيلته ويشاهد مجموعة من اللصوص يسرقون الاجهزة الكهربائية وحينما يطاردهم تأتي رصاصة الغدر التي يلقى بها نحبه.

ليفر السارق بعيدا ولكنه يضطر للعودة الى أسرته وعندها ينتحر هو الآخر حينما يكتشف بان جميع أفراد أسرته ينفرون منه على فعلته الاجرامية .

لنعود نتابع ذات الحكايات مع أطفال ذلك السفير بانتظار ان يشرق نهار جديد.. وأمل جديد .

سينما غير تقليدية ونحن هنا حينما نورد السياق الروائي فان الفعل المشهدي يبدو بعيد المنال ثري بالصور. وحتى يكتمل أي مشهد من تلك المشاهد التي تم روايتها فان على المشاهد ان ينتظر طويلا على حركة الكاميرا واسلوب التمثيل الهادي وحالة التأمل في كل مشهد بحيث تتركز الكاميرا على المنظر لدقائق للتأمل.. ومنح المشاهد فرصة الدخول الى اجواء العالم وتلك الأجواء التي تحكم عوالم ذلك الانسان واقامته في مكان معزول بعيد .

مع المخرج كارلوس ريجاداس عدد من النجوم الذين عملوا معه من ذي قبل وبالذات ادولفو خيميز كاسترو ونتاليا اكفيدو الذين تقمصا شخصية الرجل وزوجته. في رحلة الى عوالم تحليل الفرق الشاسع بين الخيال والواقع. مشهديات سينمائية كلما ذهبت الى الخيال ابتعدت وأدهشت وكلما راحت الى الواقع كشفت وألمت، اجل انه ألم الجريمة وألم الفقر وألم الحاجة وكم آخر من حقيقة المجتمع المكسكيي الذي يعيش نسبة كبيرة منه على حافة الفقر.. او في قيعان الفقر . سينما تعتمد الصورة وسينما تجعل المشاهد يذهب بعيدا في التأمل.

وحتى لا نطيل ... 

فيلم كبير لمخرج نزق لا يرتضي بالتقليدية ان تظهر في أي من مشاهد فيلمه الا الصعب والجميل .

حضور عربي استثنائي في هذه الدورة

نجوم السينما العالمية في حفل الختام

كان - عبدالستار ناجي

توافد على مدينة «كان» جنوب فرنسا عدد بارز من اهم نجوم السينما العالمية . وذلك للمشاركة في فعاليات حفل اختتام الدورة الخامسة والستين لمهرجان كان السينمائي الدولي . وكانت اللجنة المنظمة للمهرجان قد اختارت فيلم «تيريزا دوكيرو» آخر الاعمال التي حققها المخرج الفرنسي الراحل كلود ميلر الذي توفي في مارس الماضي خلال انجاز العمليات الفنية النهائية لفيلمه الذي يشارك في بطولته النجمة الفرنسية اودري توتو . هذا وتحرص اللجنة المنظمة على ان تتم برمجه الاعمال الجماهيرية في النصف الثاني للمهرجان مما يتيح الفرصة لتواجد اكبر عدد من النجوم

وأقيم الحفل الختامي مساء يوم امس حيث قام رئيس لجنة التحكيم الدولية للمهرجان المخرج الايطالي ناني موريتي بتسليم السعفة الذهبية للفائز بجائزة افضل فيلم لعام 2012 .

هذا وينافس 22 فيلما من أحدث نتاجات السينما العربية من بينها فيلم عربي واحد من مصر بعنوان «بعد الموقعة» للمخرج يسري نصر الله

وتقدم المتنافسون بثلاثة افلام أبرزها الفيلم الفرنسي «حب» للمخرج النمساوي مايكل هنيكية. وفيلم الروماني «بعد التلال» لكرستيان مينيغو والفيلم الدانماركي «صيد» لتوماس فانتربيرغ .

هذا ويصف كثير من نقاد السينما العربية هذه الدورة بانها الدورة الاستثنائية للحضور العربي حيث عادت السينما العربية للمسابقة الرسمية بعد 15 عاما من الانقطاع فقد كانت آخر مشاركة باسم الراحل يوسف شاهين عبر فيلم «المصير».

كما حضرت السينما العربية في «كان» هذا العام في تظاهرة «نظرة ما» في الفيلم المغربي «خيول الله» لنبيل عيوش وشاركت السينما الجزائرية في تظاهرة «اسبوعا المخرجين» بفيلم «التائب» لمرزوق علواش

وتميز الحضور العربي بمشاركة الممثلة الفلسطينية هيام عباس في عضوية لجنة التحكيم الدولية

بالاضافة الى الممثلة الجزائرية «ليلة بختي» في لجنه تحكيم «نظرة ما». 

بالاضافة لعدد من المشاركات العربية الاخرى في بقية تظاهرات المهرجان.

من بينها الفيلم الكويتي القصير «الصالحية» للمخرج الشاب صادق بهبهاني الذي عرض فيلمه في ركن الافلام القصيرة.

النهار الكويتية في

28/05/2012

 

في مهرجان »كان« السينمائي الدولي الـ ٥٦

القتل باسم الحب في أفــــــلام المهرجان

رسـالة كــــان: نعمة الله حسين 

حب العمر.. مشوار الحياة الطويلة.. الرفقة الطيبة الجميلة.. المودة والرحمة التي جمعت بين رجل وامرأة أحب كل منهما حبا كبيرا.. حتي  باتا روحا واحدة في جسدين.. لم يكن الحب رغم عنفوانه »أعمي« بل كان واعيا مبصرا مدركا لكل العيوب.. وما أجمل هذا الحب المبصر الذي يستوعب عيوب الحبيب.. في العلاقة الجميلة لا أحد يجبر الآخر علي التغيير.. بل كلاهما يحاول بجدية أن يجتاز مساحات الاختلاف ليتلاقيا في نقطة مشتركة لإرضاء الطرف الآخر.

حب العمر .. وشراكة الحياة الطويلة هو الذي جمع بين (جورج) و(آن) لمدة تزيد علي الستين عاما منذ كانا في العشرينات .. حتي أصبحا في الثمانينات ورغم تقدم العمر فمازال كلاهما يتمتع بصحة جيدة نفسية وعقلية وجسدية.. ولم تتبدل مشاعره تجاه الآخر، بل زاد عليها المودة والرحمة.. (جورج) و»آن« قصة حبهما الطويلة تضاهي روميو وجولييت التي لا أحد يعرف إلي أين سيكون مصيرهما لو تغير وتزوجا وعاشا تحت سقف واحد،  ولأن جورج وآن ينتميان للطبقة المثقفة.. وهما عازفان ماهران يدرسان الموسيقي لذا فمعظم أوقاتهما يمضيانها في الاستماع للموسيقي وفي هذا غذاء للروح.

نتاج هذا الحب العظيم.. وهذه الزيجة السعيدة ابنه واحدة إيفا وهي أيضا واحدة من أشهر العازفات علي الكمان.. فقد ورثت عن والديها هذا الفن الراقي.

وفي أحد الأيام تصاب آن بحالة مرضية غريبة .. لتصاب بعدها بالشلل.. وبعد خروجها من المستشفي تطلب من زوجها ألا يدعها في دار لرعاية المسنين أو أحد المستشفيات وبالفعل يعدها بذلك.

لتبدأ رحلة طويلة من المعاناة لكليهما.. حيث يقوم بتمريضها والعناية بها رغم تقدم عمره.. وعدم قدرته الجسدية علي رعايتها الكاملة.. لكنه الحب الذي يقويه ويجعله قادرا علي بذل المزيد من الجهد.. خاصة عندما يلاحظ أن الممرضة التي جاء بها لمساعدته تؤلم زوجته.. فيصرفها بخشونة قائلا لها .. إنه يتمني أن يؤلمها أحد في حياتها عندما يتقدم بها العمر كما تؤلم مرضاها.. حيث يبدو أن قلبها خلا من الرحمة.. ومن لايرحم.. لا ترحمه السماء بدورها.

ويشتد المرض علي آن حتي تصبح عاجزة عن الحركة والكلام رافضة الطعام ومع كل (آهة) تخرج منها .. وإحساس بالألم  يتمزق قلب جورج فقد بات  من الصعب عليه أن يري حبيبة العمر وقد أصبحت علي تلك الصورة  فيقرر أن يريحها من عذابها فيضع الوسادة علي وجهها لتموت .. وبعد ذلك يلبسها أجمل ثيابها ويضع الزهور حولها.. ويغلقها عليها.. لينتهي الفيلم بواحد من أجمل المشاهد عندما يجدها أمامه بكامل صحتها وهي تطلب  أن يذهبا معا لحفل موسيقي.

الحب ، هو اسم الفيلم المرشح  الأول للحصول علي السعفة الذهبية، وهو من إخراج مايكل هانيكيه النمساوي.. وبطولة كل من جان لو ترنتيتان وإيمانويل ريفا وكلاهما مرشح لجائزة التمثيل.. تنافس إيمانويل ريفا علي الجائزة ماريان كوتيلار.

أما الفنان الرائع جان لو ترنتينيان والذي عرفه جمهورنا من خلال فيلم رجل وامرأة مع آنوك إيميه لكلود لولوش والذي عرض في المهرجان عام 1966 وبعد ذلك شارك في فيلم »زد« عام 1969 ليصل عدد المرات التي شارك فيها في »كان« إلي تسع .. آخرها من يحبني يأخذ القطار.

أما المخرج هانيكيه فقد سبق وحصل علي الجائزة الكبري للتحكيم عام 2001 عن فيلمه عازفة البيانو وجائزة أحسن إخراج عام 2005 عن فيلمه الاختفاء.. أما السعفة الذهبية فقد حصل عليها سنة 2009 عن فيلمه الشريط الأبيض .. أما مشاركته الإجمالية في المهرجان فقد وصلت إلي ست مرات.. ومن المتوقع أن يفوز هذا العام بالسعفة الذهبية إلا إذا فاجأتنا لجنة التحكيم بغير ذلك.. وما أكثر مفاجآت لجان التحكيم.

وفي هذا الفيلم تشارك الممثلة الفرنسية القديرة (إيزابيل هوبير) وهي إحدي الممثلات المفضلات لديه.. عملت معه في عازفة البيانو وزمن الذئاب وقد حصلت علي جائزة أحسن ممثلة عن دورها في عازفة البيانو كما أنها كانت رئيسة للجنة التحكيم الدولية بمهرجان كان عام ٩٠٠٢ والذي أعطت السفعة الذهبية لها نوكيه عن الشريط الأبيض.

الفيلم مليء بالمشاعر الإنسانية الفياضة.. واجتمعت فيه كل العناصر الفنية المتميزة مما يجعله يستحق بالفعل السعفة الذهبية..

ومن الحب ماقتل

وصدق من قال إن من الحب ما قتل سواء أكان حبا عاقلا بدافع الرحمة أو الشفقة أو حبا مجنونا بدافع الغيرة.. أو غير عاقل نتيجة لخلل نفسي.. لكن يبقي الفعل واحدا هو القتل وإن اختلفت أسبابه ودوافعه وبالمناسبة هناك بعض الدول التي تجيز القتل الرحيم لكن بناء علي طلب المريض كسويسرا والسويد.

وهي بطلة فيلم عندما يفقد العقل أو المنطق للمخرج البلجيكي جواكيم لافوس وبطولة يلز أريستروب.. وطاهر رحيمي.. وإميلي دوكان التي استحقت جائزة أحسن ممثلة مناصفة مع سوزان كليمان بطلة فيلم لورانس بأي طريقة للمخرج اكزافيه دولان وذلك في إطار  مسابقة نظرة ما وهي أحد أقسام المهرجان والتي أعلنت جوائزها قبل نهاية المهرجان بيوم. وقد أعطت لجنة التحكيم جائزة أحسن ممثلة لاثنتين من الممثلات بينما حجبت جائزة أحسن تمثيل للرجال.. حيث لم يكن هناك من يستحق هذه الجائزة من وجهة نظر لجنة التحكيم التي رأسها تيم روث.

< < <

الحب أن تفقد العقل أو المنطق لمخرجه جواكيم لافوس مأخوذ عن واقعة حقيقية حدثت عام ٧٠٠٢ في بلجيكا حيث قامت أم بذبح أبنائها الخمسة.. وقد هزت هذه الواقعة بلجيكا بأكملها وكانت ذات وقع سييء علي الجميع.. وقد أدينت الأم بالطبع.. لكن أحدا لم ينتبه أنها كانت مريضة نفسية وتحت العلاج وعن هذا يقول جواكيم أربعة أفلام طويلة واثنان قصيران قبل هذا الفيلم تمحورت أغلب مواضيعها عن الأسرة والحب والتملك.

يقول جواكيم إن هذه الحادثة أثرت فيه جدا.. وقرر أن يخوض في أبعادها الاجتماعية والنفسية .. لم يكن يسعي فيها إلي إجراء تحقيق جديد.. لكنه أراد أن يقول إن القاتل في كثير من الأحيان ضحية يحتاج للشفقة مثله مثل القتيل.

إن هذه الجريمة البشعة التي تخرج عن نواميس الطبيعة.. وتمس أغلي المقدسات.. وأسمي المشاعر والعواطف الإنسانية »الأمومة« كان طبيعيا الخوض فيها.. خاصة أن أبطالها ربطت بينهم علاقات حب جارفة (فموريال) أو الفنانة إيميلي دوكيه التي حصلت من قبل علي جائزة أحسن ممثلة من كان عن فيلم روزيتا كانت تربطها علاقة حب قوية بـ منير الشاب ذي الأصول العربية المغربية والذي يقوم بدوره طاهر رحيمي أحد الوجوه العربية التي تمثل مكانة بارزة في السينما الأوروبية  ومنير يشعر بالامتنان الشديد لوالده الروحي الذي قام بتربيته  منذ الصغر الطبيب بينجيه والذي يمثل له رمز الأمان والحماية والاستقرار المادي.. ويقوم بدوره الممثل القدير نيلز ارستروب.

وبينجيه في رعايته لمنير والذي ينتهي من دراسته ويعمل معه بات نوعا من التملك.. وعندما يقع في حب موريال ويريد التزوج منها .. كان طبيعيا أن توافق  وهو في منزلة والد منير أن يقيما معه خاصة أنه سهل لهما كل الأمور المادية الخاصة  بالزفاف.. وشهر العسل ولما كانت موريال نشأت في أسرة مفككة فقد وجدت د.بينجيه صورة الأب الذي كانت تتمناه وخلال أعوام الزواج أنجبت  موريل ثلاث بنات وابنا أكبرهم في الخامسة من عمره وهذا الإنجاب لهذا العدد أصابها  بالإنهاك الشديد علي الرغم من مساعدة د. بينجيه لها باعتباره جدا للأولاد.. وعندما يجد أن حالتها النفسية باتت سيئة، ينصحها برؤية طبيبة نفسية.. لنجد أن جزءا كبيرا من مأساة موريل هو تحكم زوجها ود. بنجيه في الأمور الحياتية وبأنها باتت لا تري لها أي وجود سوي رعاية المنزل والأطفال مما جعلها تشعر بهذا الانهيار طبقا للإستعداد النفسي وتركيبتها الهشة.. ولعل في علاقتها بوالدة منير ماكان يمنحها صمام الأمان النفسي الحقيقي.. ومع رفض منير أن يذهبوا للحياة في المغرب أو الانتقال للحياة بمفردها كأسرة بعيدا عن د.بنجيه.. وعودة الأم للمغرب.. تجد موريل نفسها في حالة اختناق وخوف شديد علي أولادها من المستقبل.
تتصل هاتفيا بالطبيبة النفسية تصارحها بمخاوفها.. يحتد عليها بينجيه ويعتبرها ناكرة للجميل.. وفي لحظة ضعف أو بمعني أدق فقدان العقل والمنطق.. والجنون تقوم بذبح بناتها الثلاث والطفل الصغير.. وتطلب أن يتم دفنهم في المغرب.. وقد حاولت أن تقتل نفسها لكنها لم تستطع.. وقد صرحت بذلك عندما طلبت الشرطة لتعترف وتخبرهم بجريمتها وبكونها وجدت نفسها عاجزة عن قتل نفسها.

إن الأداء الرائع لهذه الممثلة الجميلة التي اختزنت كل مشاعر الفرح والحزن والقلق والقهر  جعلها تستحق بجدارة أن تحصل علي جائزة أحسن ممثلة في مسابقة نظرة ما وليظل الفيلم واحدا من أجمل وأفضل الأفلام وأمتعها رغم العنف النفسي الشديد الذي شعر به المشاهدون.. خاصة عندما تعلم أن الواقعة حقيقية.. ومسكين الحب الذي ترتكب العديد من الجرائم باسمه.

أجمل مافي الفن الجرأة والتعبير بحرية بشكل متميز..  ومن أجمل وأبدع الأفلام التي عرضت في المسابقة الرسمية.. وأثارت العديد من المناقشات لجرأتها الشديدة علي تناول الحياة داخل أحد الأديرة.. وتميزها الفني الشديد الفيلم الروماني خلف التلال للمخرج كريستيان مونجيو الذي عرفه الغرب من خلال اشتراكه للمرة الأولي في  أسبوعي المخرجين عام ٢٠٠٢ ليعود بعدها إلي كان عام ٧٠٠٢ ويحصد السعفة الذهبية عن فيلمه أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومين وقبلها كان قد شارك في برنامج نظرة ما مع خمسة مخرجين في فيلم (حكايات العصر الذهبي).

الفيلم مأخوذ عن واقعة حقيقية حدثت عام ٥٠٠٢.. أثارت انتباه المخرج بشدة في ذلك الوقت وتناولتها الصحافة المحلية والعالمية.. وظلت تشغل باله طيلة تلك الفترة.. وفي نفس الوقت كانت تاتيانا نيكولسكو لوان رئيسة التحرير بال .ب.س في بوخارست.. قامت بتحقيقات صحفية واسعة حول هذه الواقعة وجمعتها في كتاب.. وكانت الصدفة وراء لقائها بالمخرج فماتيورك في مسرح الماما الروماني حيث التقيا في عرض مسرحي يدور حول هذه الواقعة فكان أن أهدته كتابها.. ليبدأ فعلا بعدها في بلورة المشروع.. ليكون بداية هذا الفيلم المثير للجدل.

وراء التلال يروي قصة الفتاة إلينا القادمة من ألمانيا لتصطحب معها صديقتها الوحيدة فواشيتا التي تربت معها في ملجأ منذ الصغر ولم تعرف الحب سوي معها .. لكن فواشيتا بعد رحيلها احتارت الطريق إلي الله، وأقامت في هذا الدير النائي.. وبالتالي ترفض العودة مع إلينا.. خاصة أن هناك تلميحات بأنهن كن علي علاقة آثمة.. إلينا تحاول بشتي الطرق أن تقنع فواشيتا بالرحيل لكن الأخيرة تصر علي الرفض فيجن جنون إلينا وتنتابها نوبات من الغضب والجنون.. حيث تعتقد الراهبات والقس بأن هناك مسا شيطانيا قد أصابها.. وبالتالي هناك صلوات خاصة لطرد الشياطين تقام عليها بعد أن يتم تقييدها.. لتلقي حتفها وتموت بعد ذلك مما يستوجب التحقيق الذي كان في الحقيقة كما في الفيلم فضيحة أثارت الرأي العام كله.. وكما يقول المخرج أما ثورة الرأي العام فقد أدانت الكنيسة الأرثوذكسية هذا الحدث .. وبعد ذلك عام ٢١٠٢ منعت نهائيا هذه الصلوات.. ورغم ذلك مازالت هذه الصلوات تقام في بعض الكنائس ويتم تصويرها بالموبايل وتذاع وتنشر عبر الإنترنت.

وإذا كان كريستيان قد أنهي فيلمه بإدانة مباشرة للقس وللراهبات اللاتي شاركن في هذه الصلوات وذلك من خلال مشهد احتجازهم في سيارة الشرطة في انتظار أن تفتح إشارة المرور.. لكن في نفس الوقت تمر سيارة أخري لتلقي بالمياه المتسخة علي سيارة الشرطة ومن فيها.. وفي ذلك إدانة لهم جميعا.

ويقول كريستيان إنه إذا كان عدد الخطايا وصل إلي (٤٦٤) خطيئة فإن أهم هذه الخطايا لم ترد بينهم وهي الخطيئة الكبري التي يمارسها العالم أفرادا وشعوبا ودولا وهي اللامبالاة فهي الخطيئة التي سوف تؤدي إلي هلاكنا جميعا.

وعندما سئل كريستيان هل يعتقد ماإذا كانت الكنيسة سوف تأخذ موقفا منه.. قال أعتقد لا .. فقد سبق وأدانت هذا الحدث.. ومنعت صراحة هذه الصلوات.

وقد تم تصوير الفيلم في ظروف غاية الصعوبة لشتاء قارس شديد البرودة. أما عن بطل الفيلم فقال منذ البداية لم أفكر سوي في صديق قديم لي لعب في جميع أفلامي وهو فاليريو اندريوتا وكنت أعرف أنه ذهب ليعيش في أيرلنده واعتزل التمثيل.. لكني اتصلت به، وطلبت منه فقط أن يربي ذقنه.. وعندما انتهيت من الكتابة ذهبت إليه ووجدت ذقنه قد طالت بالفعل فأعطيته السيناريو وكانت المواقفة  والعودة للسينما من جديد.

أما عن الأدوار النسائية فلما كانت الأحداث تدور في منطقة من رومانيا فقد كانت اختياراتي محدودة في الجزء من مالدوفيا الروماني.. وتمثل ذلك في كريستينا فلوتير وكوزمينا ستراتان.

وحين تخرج هذه السطور للنور تكون الجوائز قد أعلنت فعلا.. وهل ستظل هناك مساحة مابين المشاهد والناقد ولجنة التحكيم..  حتي وإن يكن نعم.. فمتعة المشاهدة وروعة العمل السينمائي فيهما مايكفي.

وأخيرا إذا كانت كل هذه الجرائم ترتكب باسم الحب.. فياتري ماذا يحدث لجرائم الكراهية؟

آخر ساعة المصرية في

28/05/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)