يبدو أن
المشهد السينمائي
التونسي
بدأ يعرف حلحلةً نسبية نحو الأفضل. فالنجاح الذي حققته بعض الأعمال
السينمائية، محلياً أو دولياً، أثار غيرة بعض المخرجين والممثلين علي حد
سواء.
فبدأت ماكنة الإنتاج تتحرك، ولو ببطء وبتدرج، لتأخذ
نصيباً من تلك النشوة.
شريط
ثلاثون
للمخرج الفاضل الجزيري، قد يصنع الحدث سينمائياً من جديد هذه السنة علي
غرار
ما أثاره
فيلم آخر فيلم للمخرج النوري بوزيد (التانيت الذهبي لمهرجان قرطاج
السينمائي سنة 2006) منتصف السنة الماضية. ذلك أن قصة الشريط تتمحور حول
حياة
المصلح التونسي الطاهر الحداد الذي نادي خلال الثلاثينات من القرن العشرين
بمساواة
المرأة وبتحريرها مـــــن القيود المفــــروضة عليها تحت مسميات تغرف من
قراءات
مغلوطة عن الشرع الإسلامي. الفيلم يقترب من الانتهاء، ويأمل مخرجه تقديم
العرض
الأول في شهر شباط (فبراير) القادم، وأن يشارك به في مهرجان كان السينمائي
الدولي.
في حين ما
تزال المخرجة اللامعة سلمي بكار مترددة في تحديد موعد انطلاق
تصوير فيلمها الجديد الذي كلفت سمير العيادي ووجيهة الجندوبي بإعادة صياغة
السيناريو، متحفظةً عن الإدلاء بأي معلومة حول عنوانه أو محتواه أو عن
الطاقم
التمثيلي. ويأمل المهتمون أن تواصل سلمي بكار نفس النفس الذي تجلي بوضوح في
فيلمها
الأخير خُشخاش
.
ويواصل
المخرج عبد اللطيف بن عمار، هو الآخر، وضع اللمسات
الأخيرة لانطلاق تصوير مبروك ذاهب إلي الحرب
.
أما
المخرج، مثير الجدل علي
الدوام، علي العبيدي فلم يعين بعـــــــدُ تاريخاً لانطلاق عرض فيلمه
الساعة
الأخيرة
الذي أتم إنجازه الصيف الماضي في حين تحتضن قاعة سينما أفريكا آرت أولي
عروض فيلم جُنون للثنائي المتميز الفاضل الجعايبي وجليلة بكار، الذي تمت
صياغته في
البدء في شكل عمل مسرحي أثار إعجاب الجمهور المسرحي التونسي والعربي، وذلك
يوم
14كانون
الثاني (يناير) الجاري. وفي الأثناء يعرض المخرج إلياس بكار، في نفس الوقت،
فيلمه القديم هي وهو الذي صوره منذ ست سنوات ويصنفه النقاد في خانة ما يسمي
بالسينما النفسانية .
من جهته،
يقوم المخرج النوري بوزيد بإعادة النظر في أجزاء
من فيلمه اسْكت عيبْ الذي أشار في وقت سابق بأنه سينتقد من خلاله الانطباع
الراسخ
لدي الذهنية العامة للمجتمع التونسي الذي يقدس المحرمات والطابوهات بشكل
موسع.
ولكن
الخطوط الحمراء ليست مجبولةً علي المجتمع فحسب، بل تجد لها صدي بين
أروقة أجهزة الرقابة الفنية. ذلك أن لجنة القراءات التابعة لوزارة الثقافة
التونسية
وجهت له انتقادات كبيرة بخصوص عدد من المشاهد التي من المنتظر أن يتضمنها
الفيلم،
من دون أن تُعلن عن ذلك للعموم. كما رفضت الوزارة دعم الشريط، وقدمت
مجموعةً من
التبريرات غير الموضوعية.
المخرج
التونسي المختص في الحقل التلفزيوني المقيم
بسورية شوقي الماجري كشف أنه يعتزم تصوير أول أعماله السينمائية الطويلة
بعنوان
مملكة النحل بداية من الخريف القادم في تونس. ومن ناحيتها تتكتم المخرجة
مفيدة
التلاتلي علي مشروع فيلمها الجديد.
أما بخصوص
الفنانين المشهورين، تخوض المغنية
لطيفة العرفاوي تجربة جديدة في التمثيل، وبدأت في دراسة سيناريو الفيلم
الجديد
للكاتبة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي والذي سيتم تصويره تناصفاً بين
تونس
والجزائر خلال الصيف القادم.
أما
المغني محمد الجبالي، قد أنهي مشاركته في فيلم
قصير للمخرجة نضال شطا التي عُرفت بكونها ممثلة ومخرجة مسرحية ذات إنتاج
غزير
ومتفرد، وسنري إن كان هذا التوصيف يشمل الميدان السينمائي أم لا.
فالأكيد
أن
الدورة
القادمة لأيام قرطاج السينمائية قد تُسيل لعاب الكثيرين وتدفع البعض من أجل
اللهاث نحو إتمام أشغالهم في أسرع وقت، خصوصاً وأن المنافسة ستكون شديدة
هذه المرة
لتمثيل تونس في المسابقة الرسمية، غيْر أن حظائر الأشغال المفتوحة الآن قد
لا
تُفرز، بالضرورة، منتجاً علي مستوي عالٍ لو بقيت تحوم حول نفس
الإشكـــــــاليات
المطروحة المكررة في الأعمال القــديمة علي أهميتــــــها: المدينة العتيقة
وغرائبيتها، ودونية مكانة المرأة. فهناك أوجاعاً ومشاغل كثيرة ومتنوعة تعني
المجتمع
التونسي حقيقةً. أليست السينما، عموماً، تلك الواجهة الرمزية لكل ثقافة؟
القدس العربي في 18
يناير 2008
|