ستون عاماً مرّت على ولادة السينما في باكستان. وقلما عرفنا،
نحن الشرقيين،
الوجه المكشوف للسينما الآتية من تلك البلاد. حتى الأوروبيون، باستثناء
البريطانيين
بسبب الهجرة، يسيئون الحكم عليها. لانعدام التواصل هذا، أسباب لها علاقة
بالتوزيع
والانتاج واللغة. لكن حواجز أخرى تمنع السينما الباكستانية من
السفر، تتجلّى في
واقع أن الاعمال التي تبقى محليّة، وتعجّ بالشيفرات التي يتعذر استيعابها
من
الجمهور العالمي، تسيطر على الافلام التي يمكن أن يتعرف اليها المُشاهد
الذي لا
يدرك الواقع الباكستاني. الى ذلك، فإن وسائل الإعلام ترسم،
كعادتها، صورة سريعة
مأخوذة على عجل للواقع الباكستاني. من كان يعلم مثلاً أن المحافظين همّ
أقلية في
باكستان؟ ومن كان يخطر على باله أن الأكثرية تعيش على نحو طبيعيّ، بلا
حجاب، وأن
ثمة كثيرين يخرجون ليلاً الى السينما أو المطعم، ويختلط النساء
بالرجال بلا عقدة.
قد
يقع اللوم على صنّاع الافلام الباكستانية كونهم لم يقدروا على تجاوز الحدود
الجغرافية لبلادهم، ليذهبوا الى المهرجانات الدولية الكبيرة، ليس لأسباب
سياسية،
إنما لتوضيح الرؤية حول بلادهم وتنقية الصورة.
من أصل مئات الافلام التي صنعت في باكستان، على مدار ستّة
عقود، ثمة فيلمان أو
ثلاثة فقط عُرضت في أوروبا الى الآن. لذا، قدّم "مهرجان القارات الثلاث"
الذي عقدت
دورته الأخيرة في تشرين الثاني من العام الفائت، استعادة مهمّة
لمجموعة أفلام
باكستانية، منها ما ترك اثاراً بالغة في تاريخ هذه السينما، مثل "غانمان"
لأنور
كمال باشا (1959) و"المياه الصامتة" لصبيحة سومار (1961)،
ومنها ما هو أحدث عهداً،
مثل "هيما تتذكر" لشيرين باشا (2005) و"باسم الله" لشعيب منصور، الذي
يتطرّق الى
الظروف
الصعبة التي يعيشها الباكستانيون بعد حوادث الحادي عشر من أيلول. يتخذ
الفيلم كخلفية درامية، الصراع بين المسلمين الأصوليين والليبيراليين، والذي
يولّد
انشقاقاً بين العالم الغربي والاسلام وداخل العالم الاسلامي
ايضاً.
بغية انتقاء
مجموعته، ذهب فيليب جالادو، مدير "القارات الثلاث"، الى باكستان. لم تكن
مهمته سهلة
لأن لا سينماتيك ولا محفوظات للفنّ السابع هناك. فقط، اهمال
كليّ يضرب الذاكرة
البصريّة واضعاً اياها في غيبوبة. يؤكد جالادو أن السينما الباكستانيّة
عرفت عصرها
الذهبي بعد قيام دولة باكستان، أي في الخمسينات والستينات من القرن
المنصرم، وهي
سينما ذات جودة أحياناً. لكنها اختفت مع رحيل التقنيين
والمخرجين الرواد، وخصوصاً
بعدما أصبح الحكم في أيدي المحافظين وظهرت الرقابة عام 1979. الجدير ذكره
أن عدداً
من
السينمائيين الشباب المستقلين برزوا في سبعينات القرن المنصرم وارادوا
إعطاء
صورة واقعية عن بلادهم مثل موشتاك غازدار وجميل ديلهافي وجواد
جبار، وكان سبقهم أول
سينمائي مؤلف أخرج فيلماً واحداً عام 1959، هو جاي كاردار. بيد أن تجربتهم
ظلّت
منقوصة، ولم تكتمل البتة، وخصوصاً أن الرقابة لاحقتهم فتوقفت مسيراتهم أو
تابعوها
في الخارج. أما في ثمانينات القرن الفائت وتسعيناته، فكان
انحطاط السينما التجارية
التام ونزولها الى أدنى المستويات. بيد أنها نهضت مجدداً منذ مطلع عام 2000
ودخلت
العصر الحديث، من دون أن يكون لها حضور مهيب. صار هناك مهرجان للسينما في
كاراتشي
وتعاون فرنسي - باكستاني لدعم سينما مؤلفين (كاموش باني) ودعم
التلفزيون للسينما
المعاصرة ("باسم الله"، وهو أكبر نجاح في باكستان منذ زمن) وخصوصاً بروز
مخرجين
شباب درسوا في معاهد للسينما، اثنان منها في لاهور وواحد في
كاراتشي.
مئات
الأفلام صُنعت على مدار سنوات طويلة في باكستان، وقع معظمها، ويا للاسف، في
النسيان. من الاعمال التي قاومت الزمن، ميوزيكال اسمه "الأغنية" لمسعود
بيرفيز الذي
انتج قبل نصف قرن، ويدور على مسألتي الخسارة واللقاء مجدداً.
هناك أيضاً "من أجل
القليل من الأرز" لسانغيتا عن رواية "الغسيل المتسخ" لراجندر سينغ بيدي.
يقتحم
الفيلم حياة بلدة صغيرة يسكنها أفراد من السيخ. يلتقط سانغيتا
الجوع والبؤس في شرق
البنجاب، حيث تنبغي المحافظة على التقاليد رغم النتائج القاسية جداً وردود
الفعل
العنيفة.
لكن الفيلم الأكثر تعبيراً عن واقع باكستان، وينطوي على دلالة
وقيمة
فنية
عالية، هو "سيطلع النهار" للمخرج اي. جاي. كاردار، الذي يعتبر أول شريط
باكستاني يلعب على ردم الهوة بين الروائي والوثائقي. في مفهوم واقعي جديد،
وفي نظرة
شاعرية، يعالج الشريط يوميّات الصيادين في باكستان الشرقية،
مذكّراً من دون مبالغة،
بـ"الأرض ترتجف" لفيسكونتي. أمّا "أبراج الصمت" لجميل ديهلافي المصنوع في
نهاية
السبعينات، فيطرح قصة مأخوذة من حياة امرأة تمرّ في تيارات شغف وعواصف
سياسية في
بلاد غريبة وصحراوية. ينتهي الفيلم في الهوَس والجنون. لجميل ديهلافي تجربة
مغايرة
عن زملائه. فابن الديبلوماسي هذا الذي سمحت له وظيفة والديه
بأن يسافر وينفتح على
العالم، هو كاتب سيناريو ومنتج ايضاً، وقد أنجز العديد من الأفلام الطويلة،
تأليفاً
واخراجاً، منها "دم حسين" و"الحبل بلا دنس" و"مولود من النار" و"جيناح"،
كلها حازت
جوائز في مهرجانات عالمية. أخيراً، سمعنا انه اتمّ "عدالة لا متناهية" عن
صحافي
استقصائي اميركي من أصول يهودية، يصبح رهينة في أيدي مسلمين
أصوليين في كاراتشي في
مقابل تحرير معتقلي غوانتانامو.
لا يسعنا القول إن معظم ما اكتشفناه من أفلام
باكستانية في نانت كان جديراً بالمشاهدة. فبعضها يتميّز
بالـ"كيتش" والاكزوتيكية
الصارخة وتكسو سطحه تجاعيد الزمن. لكن ثمة أعمال كبيرة تستحق أن يُعاد
عرضها
ومناقشتها في ضوء الاحوال الباكستانية المستجدّة. "مياه صامتة" للمخرجة
صبيحة
سومار، واحد من هذه الافلام. تجري حوادثه في باكستان في أواخر
السبعينات: سلكت
البلاد طريق الأسلمة تحت حكم الجنرال ريزلهاك. عايشة، امرأة متوسطة العمر
وراضية عن
نفسها، تخصص حياتها لابنها سليم، فتى حالم في الـ18 من العمر، مغرم بزبيدة.
يعيشان
في بلدة في البنجاب. عايشة أرملة وتكسب حياتها بفضل راتب زوجها
ودروس القرآن التي
تعطيها للفتيات. ينضم سليم الى مجموعة أصوليين اسلاميين ويترك زبيدة،
فتنهار عايشة.
هذا فيلم من بين سلسلة أفلام تروي مسيرة الحريّة والنضال الباكستانيين من
وجة نظر
نسائية، لكن غير نسوية: رفض للاصولية، رفض للحجاب، رفض لكل انواع الضغوط
على المرأة
لمنعها من تحقيق ذاتها وأحلامها. واليوم، لا شك أن قيمة هذه
الافلام الرمزية
تضاعفت، بعد اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو. في ظلّ المعطيات
الجديدة،
هل تساهم الاحوال الراهنة لباكستان في أن تخرج سينماها من
دائرة المجهول؟ على غرار
ما
يحصل مع بعض الافلام اللبنانية ("سكّر بنات" لنادين لبكي، مثلاً)
والفلسطينية
وغيرها التي تستفيد من كون البلدان التي تأتي منها تقيم على خط
النار!
مخرجة
باكستانية أخرى هي شيرين باشا تصل الينا بفيلم وثائقي اسمه "هيما تتذكر"
(2005)،
يروي حياة هيما، ابنة الثالثة والتسعين التي تستعيد ذكرياتها أمام
الكاميرا. تنتمي
هيما إلى مجتمع يختلف قليلاً عن المجتمعات التقليدية، فأصولها
تعود إلى ولاية آوادا
التي تتنازع حكمها كل من باكستان والهند، وكانت هذه الولاية آخر ولاية
هندية يحكمها
الأمراء، وعُرِفَت بآدابها وبأشعارها وبعاداتها الاجتماعية، وبسكانها الذين
يعيشون
عيشة الملوك والأمراء، وتنتشر فيها بنات الهوى. ترعرعت هذه
المرأة في هذا المكان،
ثم
انتقلت للعيش في باكستان التي تتمتع بثقافة مختلفة خلال فترة تقاسم الحكم
بين
باكستان والهند. من جهة، يروي الفيلم قصة هذه المرأة، ومن جهة أخرى، يحكي
قصة أبيها
كاتب القصص القصيرة. ويتوزع الفيلم على جزءين، يتضمن الأول
الذكريات المرتبطة
بالولاية الهندية التي غادرتها، أما الثاني فيتمحور على الآداب المنتشرة في
ذلك
الوقت. أضافت باشا طابعاً درامياً على الفيلم، بحيث تلقي الضوء من خلال
ذكريات هيما
وربع قرن من التراسل مع والدها، على مرحلة استثنائية من تاريخ
باكستان. من ضمن
الباكستانيين الذين التقيناهم في نانت، كان لنا لقاء مع شيرين باشا، وهنا
وقائع
الحوار الذي دار على قضيّة الحريّات في بلادها.
·
مع الظروف الراهنة، لا يعطي
الباكستانيون الأولوية للسينما، فكيف ينظرون إليها بشكل خاص،
بل كيف ينظرون إلى
الفنون الجميلة بشكل عام؟
-
في السنوات الستين الماضية، ورث السينمائيون في
بلادنا الكثير من الاستوديوهات الكائنة في المنطقة التي حكمها
الباكستانيون والهنود
على السواء، وكانت صناعة الأفلام رائجة في هذه المنطقة ولا سيّما في مدينة
لاهور
التي انتسب إليها، فاحتوت على 7 أو 8 استوديوهات متكاملة، وكان التصوير
رائجاً خلال
تقاسم الحكم بين الباكستانيين والهنود، كذلك كانت هذه المنطقة
تضم الكتّاب الذين
يؤلفون روايات تستند الأفلام الروائية إليها. حالياً، لم تعد صناعة الأفلام
تحصل
على الدعم المادي. فالسينما في حاجة إلى مال وتقنيات، كما تعلم. إن لم تنل
هذه
الصناعة الدعم المادي، لا يسعها المضي قدماً، ومعالجة المشكلات
اللامتناهية المحيطة
بنا. لذا ينبغي فعل الكثير لدعم هذه الصناعة. تحتاج باكستان الى بلدان عدّة
تدعم
صناعتها السينمائية. لكن لسوء الحظّ، ثمة تشريعات لا تزال سارية المفعول في
باكستان، وإذا طبقت هذه القوانين يعجز السينمائيون عن انتاج
الأفلام. وإذا لم تقدم
الحكومة المال كي تزدهر الصناعة، فسنتراجع حتماً.
·
ماذا عن الرقابة على
سينماكم؟ هل يحق للمخرجين الباكستانيين من أمثالك القيام بما يحلو لهم؟
-
أنا
مخرجة مستقلّة، لذا أحتاج إلى مساعدات بعض الجهات المموّلة كي أتمكّن من
وضع الخطط
المستقبلية، وكي أتمكن من صناعة الأفلام. في فترة سابقة، أنتج
العديد من الاعمال
الجريئة، ففي السبعينات مثلاً، تمكّن الباكستانيون من انتاج أفلام
تلفزيونية، ولم
تُمارس أيّ رقابة عليها، وخلال المرحلة ذاتها، أنتجت أفلام تلفزيونية
درامية رائعة،
إذ طُبِّقت السياسات الليبيرالية. الآن، تُفرَض قيود صارمة
علينا نحن الفنّانين.
وخلال
حقبات زمنية ولّت، مورست رقابة على نطاق أضيق مما أفسح في المجال
للسينمائيين
للتطرق بإسهاب إلى موضوعات تخرج على المألوف.
·
هل تتأقلمون مع الوضع الراهن
لباكستان؟ هل هذه ظروف موحية أيضاً، بالنسبة الى فنان، اذا
اردنا النظر اليها من
هذا الجانب الايجابي، اذا صحّ التعبير؟
-
في الوقت الراهن، ثمة حالة طوارئ في
باكستان، مما يشير إلى تأزم الأوضاع السياسية، لكن خلال السنوات الأخيرة
الماضية،
افتتحت محطات تلفزيونية تبث برامجها من خارج الأراضي
الباكستانية، وتلتقط باكستان
موجاتها اللاسلكية عبر الأقمار الاصطناعية أو شركات الكابل التلفزيونية،
وتمارس
الحكومة الرقابة على هذه الشركات، ففي إمكانها الحؤول دون أن تبث هذه
الشركات
البرامج، لكن أجهزة تلفزيونية عدة قادرة على التقاط الموجات
اللاسلكية الصادرة عن
الأقمار الاصطناعية. فإذاً، يشاهد الباكستانيون ما تبثه محطات التلفزة
المحلية من
خارج الأراضي الباكستانية! وتعرض هذه المحطات برامج تلفزيونية مسلية. في
الوقت
الحالي، تعيش باكستان حالة طوارئ، مما يفرض القيود على السكان
والحكومة على السواء،
ويحرمهما ممارسة حقوقهما. وما دام من الصعب على الحكومة ممارسة الرقابة على
المحطات
الكثيرة العدد، فالحقيقة تصلنا من مختلف الأقطاب لأن مصادر المعلومات
منتشرة في كل
مكان. اختلفت الأمور عما كانت عليه في الماضي. آنذاك كان من
المتعذّر نقل
المعلومات، أما الآن فبات ممكناً نقل أفكار الآخرين والتأثير في المشاهدين.
لذا،
تُمارَس ضغوط كثيرة على الحكومة، ويُعطى المواطنون التوجيهات لتحسين
أوضاعهم،
والتكاتف، بما يعود بالنفع الكبير على الشعب الباكستاني.
·
في السنوات الأخيرة،
أنتجت بعض الافلام التي تجري حوادثها في باكستان. ينقل فيلم "القلب الشجاع"
(مايكل
وينتربوتوم، 2007) مثلاً، نظرة العالم الغربي الى ما يجري في
باكستان. ألا تظنين أن
من
الأفضل أن ينقل الباكستانيون صورتهم بأنفسهم؟
-
اعتبر مقتل دانيال بيرل
مأساة كبرى. فلا شيء أفظع من هذا العمل الاجرامي. تشوّهت صورة باكستان لدى
مقتل هذا
الصحافي. لا بد من الحديث عن عملية الاغتيال هذه، ولا بد من
نقل وقائعها، ولا سيّما
أنها أثارت غضب الشعب الباكستاني بأكمله. من المخزي أن يرى الشعب
الباكستاني بلاده
تتدنى إلى هذا المستوى، وتشهد أعمالاً اجرامية كهذه، أنتج السينمائيون
أعمالاً
فنيّة حول هذه العملية الاجرامية أم لم ينتجوا، أتطرق المجتمع
العالمي إلى هذا
الموضوع أم لم يتطرق. أنا مع أن ينتج سينمائيون غربيون أفلاماً كهذه، ما
داموا
يشرحون الأسباب وراء الجريمة. لا شكّ في ان مقتل بيرل أمر مروّع، لكن من
الضروري
ذكر الدوافع الحقيقية وراء ارتكاب هذا العمل الشنيع، كي لا
يقدم أيٌّ كان على
ارتكاب مثله، أكان ذلك في باكستان أم في أي بلد آخر.
( hauvick.habechian.annahar.com.lb)
النهار اللبنانية في 13
فبراير 2008
ريــــمـا
خــــــان: خـــــــيـــارنـــــا الـــ
"غــــــــلامـــــور"
لا الـجــــنـــس
ممثلة في أكثر من 170 فيلماً
بوليوودياً (هوليوود باكستان!)، تعتبر ريما خان نجمة سينمائية كبيرة في
بلادها.
لعبت في ادارة سينمائيين مثل شاميم أرا وألطف حسين، ولم تتوان عن تقمص
أدوار تخرج
على الدروب المطروقة، وأخرى تشكّل امتداداً لتقاليد بصرية من نوع الـ»كيتش».
ما
يراه بعض المتزمتين «قلّة حياء» من جانبها، لكونها ترقص أيضاً، تعتبره
«ريما
باكستان» (هكذا ينعتونها) غلاموراً على الطريقة الشرقيّة. في
مدينة نانت الفرنسية،
التقينا هذه الممثلة التي لم يكتشفها الغرب بعد، رغم أنها صارت على مشارف
الاربعين.
·
تعملين في السينما منذ نحو عقدين.
-
بدأت عام
1990، وكنت أبلغ بالكاد الخامسة عشرة من العمر.
كانت بداياتي في «بولاندي» لمحمّد جافد فازيل. في صغري، لم أشأ أن أصبح
ممثلة بل
معلمة، لكني دخلت ميدان صناعة الأفلام محض مصادفة، وكان العمل
في هذا المضمار من
دواعي سروري. لم يكن من السهل عليَّ تبنّي هذه الخطوة؛ فتقدمت للامتحان مع
العديد
من
الممثلات الأخريات، لكني لم أكن متأكدة أن الاختيار سيقع عليَّ لأداء هذا
الدور.
لكن، حالفني الحظّ حين اختارني المخرج، وثمّ، عندما حقق الفيلم نجاحاً
باهراً، أصبت
بدهشة لأني أصبحت فجأة نجمة في باكستان، وانقلبت حياتي بين ليلة وضحاها. ما
جعلني
أنجح أيضاً هو اتقاني فن الرقص. لحسن الحظ، منحني الله هذه الهبة. رقصي
يثير إعجاب
الغالبية، ولا سيّما الشباب. هكذا باتوا يكنّون لي كل تقدير
واحترام.
·
ظاهرياً،
باكستان بلد محافظ. وأنت ممثلة...
-
ليست باكستان دولة شديدة المحافظة، وكثيرة
المعتقدات الخاطئة حيال هذا الأمر. لم أواجه أي مشكلة في هذا
الخصوص حين بدأت
بممارسة مهنتي. وكانت لي الحريّة المطلقة في أن أفعل ما أريد. ما عدا ذلك،
لم تكن
الأمور في منتهى السهولة. لكني لم أواجه صعوبات سوى أني اضطررت الى خوض
مجازفة
كبيرة، وبذل جهود حثيثة، ومواجهة الكثير من التحديات.
·
أنت نجمة سينمائية
ذائعة الصيت في الهند وباكستان، لكن الجمهور العالمي لا يعرفك.
-
في الواقع، لم
نحظَ يوماً بالدعم المعنوي والمادي ولا بوسائل الاعلام المتوافرة في
بوليوود ماضياً
وحاضراً. لكن باكستان سمحت اليوم لعدد من المحطات التلفزيونية
المحلية والدولية بأن
تعرض برامجها في باكستان، كذلك سمحت للمحطات المحلية التي تصلها أخبارنا
نحن
الفنانين بأن تعرض البرامج التي تعالج شؤوننا، فتعرّف المشاهدين الينا والى
«انجازاتنا». قد يكونون تأخروا في اتخاذ مثل هذه المبادرة، لكن التلفزيونات
بدأت
باتباع
هذا المسار.
·
ماذا عن الرقابة على سينماكم؟
-
واجهنا الكثير من
المشكلات في السنوات الماضية، لكن الآن، باتت باكستان أكثر ليبيرالية في ما
يتعلق
بالرقابة، لذا لا قيود صارمة. إني جادة في ما أقوله، لكن
أفلامنا لا تتضمن مشاهد
تصوّر رجلاً وإمرأة يتبادلان القبل أو يمارسان الجنس، فنحن ننتمي إلى مجتمع
إسلامي
في نهاية المطاف. في ما يخص الرقابة الذاتية، يُفرض علينا بعض
القيود، ولا يسعنا
التحرر منها في الوقت الراهن. هناك فرق كبير بين الـ»غلامور» والجنس. ونحن
اخترنا
الـ»غلامور».
·
هل أنتِ مسيّسة؟ هل تدفعكِ، مثلاً، الأوضاع
السياسية الراهنة إلى
إتخاذ موقف حاسم حيال ما يجري؟
-
ليس عندي
اتجاهات سياسيّة، أعطي دعماً قوياً
إلى الثقافة الباكستانية من خلال تبنّي همّ السينما. أناهض الأنظمة
التوتاليتارية
وأعمال العنف. أرغب أولاً في أن تتشكّل حكومة توفر لنا الأمن والسلام
والازدهار
وتمكّننا من التعايش جنباً إلى جنب. لا بدّ من استتباب الأمن
في باكستان بل في
أنحاء العالم... ويتعين على الحكومة تحسين صورة الشعب الباكستاني والدولة
الباكستانية. سئمنا البؤس والخراب والدمار! أظن أن الأفلام قادرة على نقل
الكثير من
الحقائق إلى المجتمع العالمي، كذلك في امكانها نشر التعاليم في
المجتمع الباكستاني،
تعبيراً عن قيمنا السامية وعن ثقافتنا. السينما وسيلة فاعلة للتواصل مع
الذين
يبتعدون عنا جغرافياً ويجهلوننا جراء ذلك. لسوء الحظ، لم تتوافر لنا هذه
الفرصة قبل
الآن، لكن الاشياء تذهب في اتجاه التغيير. إنها بداية رائعة،
وآمل أن نقطف ثمار
جهودنا في المستقبل القريب.
·
لا تكتفين بالتمثيل، بل انتقلت أيضاً خلف
الكاميرا!
-
سبق أن أخرجت أربعة أفلام، أحدها تحت عنوان «لا أحد يشبهك»،
وحقق
نجاحاً
باهراً في باكستان. على أثره، أصبحت أحمل على عاتقي العديد من المسؤوليات
السينمائية. قبل فترة قصيرة، بدأت أعمل على مشروع فيلم جديد يدعى «الحياة
جميلة
جداً»، وسأنهي تصويره بعد شهرين تقريباً. في الوقت ذاته، أساهم
في إنتاج الأفلام
القصيرة، رغبة مني في اظهار التطورات التي يشهدها القطاع السينمائي
الباكستاني
حالياً. أبذل مجهوداً كبيراً كي أطلع العالم على الثقافة الباكستانية
(...).
هـ. ح.
النهار اللبنانية في 13
فبراير 2008
|