جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

الفتوة

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

يعتبر (الفتوة ـ 1957) من بين الأفلام الهامة التي تركت بصماتها في ذاكرة السينما المصرية والعربية بشكل عام، كما إنه من بين أهم إنجازات أبو سيف، وأبرز الأفلام الواقعية والرائدة في السينما المصرية.

كتب قصة (الفتوة) محمود صبحي، واشترك مع نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف في كتابة السيناريو والحوار، وقام ببطولة الفيلم فريد شوقي وزكي رستم وتحية كاريوكا وتوفيق الدقن وميمي شكيب.

والقصة مأخوذة عن حادثة حقيقية حدثت لتاجر خضار كان يتعاون مع الملك فاروق في احتكار السوق ورفع أسعار الخضار بطرق ملتوية، وكان يفعل ذلك وهو مطمئن إلى أن القصر الملكي يحميه، خصوصاً أن الأرباح يكون للملك نصيب فيها.

وقد اعتمد أبو سيف في فيلمه هذا على نفس الحادثة، ودرس قضية هذا التاجر بشكل مركز، هذا إضافة إلى أنه قد نزل سوق الخضار وأخذ يتكرر عليه وهو يرسم شخصيات فيلمه من هناك، حتى تمكن بنجاح من تصوير شخصياته، وخصوصاً الشخصيتين الرئيسيتين "هريدي" (فريد شوقي) و"أبو زيد" (زكي رستم).. وكل ذلك من خلال ديكور متميز، استطاع أن يبنيه بالكامل في الأستوديو، ديكوراً لسوق الخضار، يعتبر من أبرع ما قدم من ديكور في السينما العربية، وذلك لصدقه وطبيعيته.

يصل بطل الفيلم هريدي إلى السوق، قادماً من القرية للبحث عن عمل، لذا نراه يرضى بالمهانة والمذلة في سبيل أن يجمع قليلاً من المال يعتاش به. يمرض حمار أحد الحمالين، فيغتنم هريدي هذه الفرصة، ليعمل بدلاً من الحمار في جر العربة، أي إنه يتساوى مع الحمار. إن صلاح أبو سيف يؤكد، من خلال هذا التشابه، بأنه من أراد أن يدخل حلبة الصراع ـ صراع الكبير والصغير، وصراع تاجر الجملة مع تاجر الرصيف ـ عليه أن يبدأ قوياً وصبوراً، حتى لو اقتضى ذلك بأن يكون حماراً.

أما الشخصية المحورية الثانية فهي شخصية أبو زيد، التاجر المتسلط الذي يتاجر في قوت الشعب ويتحكم في السوق وسنده في ذلك هو القصر الملكي.. إن أبو زيد ذو شخصية قوية، لا تتدخل العواطف في حياته وقراراته. فهو عندما يكتشف خيانة هريدي يدبر له عملية قتل شنيعة في ليلة زفافه، تدل على قسوته الجبارة.

(الفتوة) فيلم اجتماعي سياسي واقعي، يعالج فيه أبو سيف مرحلة اقتصادية وتاريخية، ألا وهي مرحلة الانتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية، وذلك من خلال شريحة اجتماعية يمثلها بطله هريدي القادم من الريف المصري، حيث يمر بعدة تطورات تنقله إلى مركز أكبر برجوازي في السوق.

أما نهاية الفيلم، فتعتبر من النهايات النادرة والهامة في السينما المصرية، حيث أنها نفس البداية التي بدأ بها هريدي في السوق، ولكن الوجوه تغيرت. إن أبو سيف يريد أن يقول ـ بهذه النهاية ـ بأن الدائرة مستمرة بتغيير الأشخاص، ولكن النظام في محتواه الاستغلالي باقٍ لا يتغير.. إنه ينادي بتغيير نظام المجتمع البرجوازي بأكمله. وللتأكيد على ما يريده وإيصاله إلى المتفرج، فهو يلفت انتباه هذا المتفرج بشدة، عندما اختار الممثل الكبير والمعروف لكل الجماهير "محمود المليجي" ليظهر في لقطة ختامية واحدة.

إن من شاهد فيلم (الفتوة)، لابد أن يدهشه ذلك الأداء التمثيلي الراقي من الممثل العملاق زكي رستم في دور أبو زيد والفنان القدير فريد شوقي في دور هريدي. لقد دخل الاثنان في مباراة تمثيلية الخاسر فيها رابح، حيث استطاع أبو سيف إن يكشف عن قدرات أدائية هائلة ومدفونة لدى كل منهما، لم يتم استثمارها من قبل.

 

أخبار الخليج في

09.03.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)