جديد حداد

 
 
 
 

وداعاً محمد خان...

سلام إلى روحك المبدعة

( 6 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

دقة متناهية في اختيار الممثل

عند الحديث عن تجربة محمد خان لابد من التطرق إلى تلك الدقة الشديدة والمتناهية التي يتمتع بها في اختيار ممثليه، وأسلوبه في التعامل معهم. فقد عمل خان مع عادل إمام ونور الشريف وأحمد زكي وسعاد حسني وغيرهم من نجوم السينما، إلا أنه لا يسعى بالضرورة وراء النجوم، فهو يبحث عن الشخصية التي تناسب الدور، ويرى أنه قد وضع مبدأً هاماً جداً في السينما المصرية، وهو إصرار المخرج على أبطاله مهما كانت الظروف. فهو عندما أصر على يحيى الفخراني للقيام بدور (عطية) في فيلم (خرج ولم يعد)، رغم معارضة أغلب الموزعين بحجة إبداله بنجم شباك. ولكن حصول الفخراني فيما بعد على جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج الدولي، قد عزز موقف محمد خان وموقف من ينتمي إلى نفس أسلوبه. فبعد الفخراني حصل أحمد زكي على جائزة أفضل ممثل في مهرجان دمشق الدولي عن دوره في فيلم (زوجة رجل مهم)، ونجلاء فتحي بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان طشقند الدولي عن دورها في فيلم (أحلام هند وكاميليا). وليس هذا إلا دليلاً على توفيقه في اختيار ممثليه وقدرته على إدارتهم. كما أنه يمتلك أسلوباً خاصاً في العمل، فهو يفاجأ الممثل بتغيير في الحركة أو الديكور، إذا وجد أن الممثل يستعد لأداء الشخصية، وفي هذه الحالة يعيد الممثل التصاقه ومفهومه للشخصية. ثم أن علاقته بممثليه علاقة زمالة وتقدير، فهو ضد العلاقات الشخصية وضد السهرات الليلية.. (هناك حاجز شفاف بيني وبين الممثل الذي لا أعرفه جيداً، هو ينظر إليّ باحترام مثلما أنظر إليه باحترام، وبالتالي هو يسمعني باهتمام وعلى استعداد لأن يعطيني كل ما عنده، هذا الاستعداد يكون موجوداً منذ البداية !!)[1]*

محمد خان لا يريد ممثلاً يتصور بأنه سيعمل في فيلم فحسب، بل يريده أن يعطي للعمل قيمته، فهذا كما يرى خان مهم جداً في العلاقة بين المخرج والممثل، وذلك لأنه يعتقد بأنه مخرج ديكتاتور نوعاً ما. ويتحدث محمد خان عن أسلوب تعامله مع الممثل، فيقول: (حينما يبدأ مخرج ما العمل مع ممثل مبتدئ على الأقل يعرفه كإنسان، ثم يحاول التعرف عليه خلال التجهيز للفيلم.. لي موهبة مضافة إلى موهبة الإخراج، هي أن الناس تأتي إليّ لتحكي لي أشياء لم أطلبها منها، فأستثمر هذه المعرفة بالإنسان الموجود أمامي، كيف يفهمونك وكيف تفهمهم هذا هو أساس سياسي في الإخراج. الرجل الذي أنظر إليه أعرف من خلاله ما ينقصه.. أنا لا أطلب من الممثل أن يفعل بالتحديد ما أطلبه منه، إلا إذا كانت هناك ضرورة ما قد تساعدني في شيء أريده تحديداً.. ما أقوم به هو أن أشرح له اللحظة، ولو كنت أعرف أشياء عنه فيساعدني ذلك كثيراً للوصول إلى داخله)[2]*

إن هذا الأسلوب في التعامل مع الممثل، لهو جدير بأن يجعل منه طاقة فنية خلاقة، بإمكانها أن تثري الشخصية التي يقوم بتجسيدها بتفاصيل مهمة، وتجعلها أكثر مصداقية وواقعية، وبالتالي أكثر وصولاً للمتفرج.

نحن هنا أمام مخرج فنان.. حريص جداً على تقديم فن جاد وصادق.. فنان يعيش السينما التي يصنعها، ويقف على أرضية فنية صلبة. وبالرغم من غزارة إنتاجه السينمائي، إلا أنه مصر على تقديم الجيد والجديد دائماً.. (اليوم أعلم جيداً ما يستهويني، لكن صراعي هو التكنيك. أريد الوصول لشكل يتوحد مع المضمون.. شكل كامل !!)[3]*

بعد التعرف على أسلوب خان السينمائي، تبقى الإشارة ضرورية إلى أن هذا الفنان يمتلك إصراراً عميقاً على صنع السينما التي يريدها والتي تعبر عنه بصدق، رغم تواجده في ظل عجلة إنتاج سينمائي فقير ومتخلف. وهو بذلك يعيش في صراع دائم وغير متكافئ، ويقف صامداً ـ مع قلة من زملائه الفنانين ـ أمام تيار السينما التقليدية السائدة. هذا لأنه مؤمن تماماً بأن السينما التي يصنعها هو وزملاؤه، سيكون لها ـ وبالتدريج ـ تأثيراً كبيراً على عين وذوق المتفرج العادي، والذي بدأ بالفعل الارتقاء باهتماماته الفنية وحسه الجمالي.

 

1.     محمد خان ـ مجلة البلاد ـ 30 يناير 1985

2.     محمد خان ـ مجلة اليوم السابع ـ 18 يناير 1988

3.     محمد خان ـ مجلة الفنون المصرية ـ ديسمبر 1986

 

أخبار الخليج في

14.02.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)