جديد حداد

 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

ليلة القبض على فاطمة

( 2 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

لقد ركزت الضجة التي أثيرت في الصحافة حول فيلم (ليلة القبض على فاطمة - 1984) على المضمون السياسي الذي احتواه، ولم تتطرق للمعالجة والتناول الدرامي والفني للفيلم، إلا فيما ندر. فقد احتوى الفيلم ثغرات وإخفاقات كثيرة يمكن التعرض لبعضها. أولها اعتماد الفيلم وبشكل كثيف على أسلوب الفلاش باك، وهذا ليس عيباً في حد ذاته، إنما العيب يكمن في البناء الدرامي والاسلوب للسيناريو، فلا يمكن تصور امرأة محاصرة بقوة أكبر منها وتهدد بالانتحار، ثم تجلس على حافة الشرفة لمدة ساعتين تروي قصة حياتها بالكامل، فاللحظة نفسها لا تسمح بهذا درامياً. وهذا طبعاً عيب في اختيار وضع وشكل الراوي. هذا إضافة الى الغموض الذي سببه ذلك الاستخدام المتنوع والكثيف للفلاشات وتداخلاتها. وهناك ايضاً أخطاء عديدة وقعت في التتابع الزمني للحداث، يظهر من خلال الشخصيات والمراحل العمرية التي مروا بها، والتي لا تتفق مع مجريات الاحداث.

أما بالنسبة لشخصية فاطمة فهي بؤرة الاحداث، والفيلم مصنوع بالكامل لحسابها.. أي لحساب فاتن حمامة (منتجة الفيلم).. فهي طاغية على كل الاحداث والمشاهد من أول لقطة الى آخر لقطة. وهذا طبعاً ليس مرفوضاً في السينما بشرط أن يكون رسم الشخصية بشكل منطقي وسليم، ويتناسب والطبيعة الانسانية الحقيقية. ففي هذا الفيلم نشاهد شخصية أسطورية بكل المقاييس، في صمودها وتحديها اللانهائي.. نشاهدها قوية وصلبة دائماً لا تنكسر ولا تتراجع.. تُقدم على أفعال لا تتفق وإمكانياتها البيولوجية والاجتماعية والنفسية. صحيح بان فاتن حمامة قد نجحت في كل ذلك، وحافظت على كل الانفعالات التي حملتها الشخصية خلال مراحل العمر المختلفة، إلا ان الخطأ يكمن في بناء الشخصية الدرامي والنفسي.

وهناك ايضاً شخصية الشقيق جلال طاهر، فهي شريرة يطلق عليها علماء النفس شخصية سيكوباتية، فهو مجرم وشرير بالسليقة بلا دوافع نفسية أو اجتماعية سوى الشر لذاته، فالفيلم لا يقدم أي مبرر لكل هذا الشر. هذا بالرغم من انها شخصية نشأت في ظل أسرة طيبة، فان طموحاته مهما بلغت تتضاءل أمام أفعاله الشريرة. إنه حقاً ذلك الشرير التقليدي الذي يوضع في أي فيلم لمجرد دفع الاحداث التي تظهر قوة البطل وقدرته على المقاومة والصمود حتى آخر الفيلم.

بالنسبة لشريط الصوت، فقد كان واضحاً اعتماد الفيلم على ذلك الحوار الكثيف الذي ساهم كثيراً في إضعاف دور الصورة السينمائية في إبراز مضامين جمالية وغنية اجتهد في تنفيذها مدير التصوير. والموسيقى التصويرية للفنان عمر خيرت نجحت كثيراً في أن ترتفع من مجرد خلفية للأحداث الى ان تكون نافذة الى أعماق الصورة المرئية، في محاولة منها لسد ذلك النقص في الصورة وتعميق إحساس المتفرج بها.

أخيراً، وبغض النظر عن ذلك التماهي الذي يمكن انه قد حصل بين المتفرج وممثلته المفضلة فاتن حمامة، فان الفيلم جاء ضعيفاً، إضافة الى تقليديته السردية، وعدم قدرته على الاقناع.

 

أخبار الخليج في

22.10.2019

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004