جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

عبدالسيد.. صانع الأحلام..!!

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

في آخر حديث صحفي معه للحياة اللندنية، أعرب المخرج داود عبدالسيد عن عدم رضاه من الواقع السينمائي العربي الحالي.. حيث قال: «هل نحن راضون عن الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي والتعليمي...؟ أنا غير راض! لأننا متخلفون، ونعيش الكثير من الصراعات، ولعل أخطرها الصراع الديني السياسي، وهذا كله ينعكس في شكل سلبي على الفنون ومن ضمنها السينما».. موضـحاً بأن «الواقـع برمته بائس، ولكون السينما جزء من هذا الـواقـع فأنا غـيـر راض عنـها، وغـير راض، كذلك، عن مستوى النقد، وعن التحرر الفكري، وعن الضمير الإنساني، وعن الأداء السياسي، وعن المشهد الثقافي وإن كنا نحاول جعله أفضل عبر المساهمات التي نقدمها سواء في السينما أو في غير ذلك من المجالات».

وهذا القول لعبدالسيد، ليس غريباً.. فهو فنان يحاول أن يتعايش مع وضع سينمائي صعب يسيطر على الساحة منذ سنوات.. مثله مثل قلة من الفنانين الذي يرون بأن السينما التي يقدمونها لا تستطيع أن تصمد أمام هذا الفن التجاري الجارف الذي هو مدعوم بالطبع من تجار السينما المنتجين.. بحجة أن ما يقدمونه مطلوب من الجمهور العريض.. وهم بالطبع يعتمدون على مقولة (الجمهور عايز كده).. وهي مقولة يعارضها عبدالسيد أيضاً، ويعتبرها مقولة مزيفة.. حيث لابد من النظر بعين الفاحص لهذه المقولة التي تحمل وجهين متناقضين.. الوجه الأول والصحيح هو أن هناك مستوى ثقافي معين في المجتمع يصاحبه ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية تقود إلى الميل لنوعيات محددة من الأفلام.. أما الوجه الثاني والمزيف، فهو الترويج بأن الجمهور لا يريد شيئاً مختلفاً، حيث ينطوي ذلك على نوع من المصادرة وإغلاق النوافذ أمام الجديد والمغاير. فالتاجر بالطبع لا يغامر بل يبحث عن السلعة المضمونة الربح، وهذا يصفه عبدالسيد بالكسل التجاري، حيث التغافل عن أن أذواق الجمهور متغيرة ومتنوعة.

مخرجنا داود عبدالسيد، يشكل نموذجاً صارخاً للفنان المثابر.. الفنان الذي أبى إلا أن يواصل مشواره السينمائي المتميز، وهو الآن يقف مع قلة من زملائه أمام هذا التيار التجاري السائد.. بروح متفائلة لمستقبل سينمائي آخر.

عبدالسيد، خريج معهد السينما عام 1967، أي مع هزيمة حزيران، النكسة التي طرحت أسئلة مريرة، وأدخلت الشك إلى قناعات راسخة.. مما أضفى على أعماله السينمائية لاحقاً بعداً خاصاً تعذر معه التخلص من التداعيات النفسية والأخلاقية لتلك الحرب.. فقد عاش انكسار الأحلام وخيبة الآمال.. وانطلق بكاميرته في شوارع القاهرة، يرصد الحزن والألم في عيون الناس، ويصنع أفلاماً تسجيلية عنهم.. ويقدم مجموعة من الأفلام حققت له فرصة هامة للاحتكاك المباشر بقضايا المجتمع، ومعرفة أوسع وأعمق بكل طبقاته. وعلى مدى خمسة عشر عاماً، ظل عبد السيد يصنع بأفلامه حواراً من طرف واحد.. حواراً مفرداته الصورة لا الكلمة، لكنه لم يستطع الاستمرار في هذا الصمت.. فكان قراره بأن يكتب ويخرج فيلماً روائياً، ليخرج من دائرة الأفلام التسجيلية المغلقة، ويلتقي بالطرف الآخر.. الجمهور، ليقدم سبعة أفلام روائية طويلة حتى الآن، شهدت له ولقدراته الفنية والإبداعية، وجعلت منه فنان من أبرز مخرجي جيله.

 

هنا البحرين في

13.12.2006

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)