"كنت متوقفا منذ خمسة اعوام عن التمثيل ولكن وقوعي في حب سيناريو فيلم "السيد ابرهيم وزهرات القرآن" هو الذي دفعني الى العودة مجددا. فكوني رجلاً عربياً، تمنيت دائما تقديم فيلم حول الصداقة والتسامح. هذا الفيلم ليس سياسيا ولا دينيا وهذا ما اعجبني. انها قصة صاحب متجر عربي يرتبط بصداقة مع فتى يهودي، وقد بهرني ذلك العطر التسامحي المنبعث من الفلسفة الصوفية التي تحتويها القصة. كما انني مبهور بتحول ذلك الموسى الصغير الى محمد. انها قصة حب وتسامح فنحن لسنا مجبرين على كره بعضنا البعض وباستطاعتنا ان نتفاهم ونتصادق". هذا ما شعر به النجم عمر الشريف عند قبوله فيلم فرنسوا دو بيرون الذي صُوّر بين فرنسا وتركيا وشاركت في بطولته الممثلة ايزابيل ادجاني اضافة الى الممثل الشاب المبتدئ بيار بولانجيه الذي قدم دور الفتى مومو اليهودي. ولكن ترى هل رأى القيّمون على حفل جوائز السيزار الفرنسي التاسع والعشرين الذي جرى قبل اسبوع، موهبة عمر الشريف في التمثيل فحسب ليمنحوه جائزة سيزار "افضل ممثل"، ام ان رسالة التسامح والصداقة يقدمها نجم عربي بالذات، هي الفائزة بالجائزة؟ ايا تكن النيات وراء منح جائزة السيزار للنجم الشريف، تبقى موهبة "لورانس العرب" و"الدكتور زيفاغو" وبراعته وقيمته الفنية فوق كل الاعتبارات. صحيح ماضي عمر الشريف طويل وبرّاق بدأ اوائل الخمسينات عندما تعرف ميشال شلهوب اللبناني الاصل والمصري المولد على المخرج يوسف شاهين فكان اول دخوله عالم السينما فيلم "طوله" (صراع في الوادي) الذي شارك عام 1954 في مهرجان كانّ السينمائي. وبعد ثمانية اعوام (1962) كان موعد عمر الشريف مع العالمية من خلال فيلم "لورانس العرب" الذي كرسه نجما عالميا مشهورا بوسامته ونظراته المغناطيسية. ومن اجل العالمية والشهرة اضطر عمر الشريف الى هجر وطنه وناسه وحب حياته فاتن حمامة التي لم يتزوج بغيرها. "لقد تزوجت باكرا عندما كنت في الحادية والعشرين وقد استمر زواجنا 14 عاما. لم احب يوما غيرها لكننا تطلقنا لأنني كنت قد اصبحت مشهورا عالميا واعيش في الخارج واقابل نساء فاتنات، وفاتن امرأة ذكية عرفت مثلي تماما، انني لن انجح في عدم السقوط في التجربة. لقد فضلت ان اطلقها لأنها كانت شابة وباستطاعتها بناء حياتها مجددا. عندما طلبوني لفيلم "لورانس العرب" كنت قد اصبحت نجما في مصر وكنت سعيدا واملك بيتا وعائلة وابنا واطمح لانجاب آخر... ربما لو انني لم اسافر لكانت حياتي اليوم اسعد. من يعرف؟ في اي حال انا لا اندم على شيء لأنني قمت في ذلك الوقت بما شعرت انه يجب علي القيام به". صحيح انه عرف نساء كثيرات ونجمات لامعات مثل كاترين دونوف وجولي كريستي وآفا غاردنر وباربرا سترايسند اللواتي وقعن في حبه، الا ان عمر الشريف لم يعش يوما مع اي امرأة تحت سقف واحد. قصص حبه الكثيرة لم تكن تستمر طويلا لأن ابنه طارق كان يقيم دائما معه ولأنه خصوصا رحّالة لا جذور له. "لقد أُجبرت على العيش مثل الرحالة لأنني الممثل الوحيد في العالم الذي لا يملك جنسية لمهنته. الممثلون الفرنسيون يصورون في فرنسا ويقيمون معظم ايام السنة في وطنهم. انا كنت دائما في اماكن مختلفة، بيتي هو الفندق ولم يكن عندي يوما مرفأ ثابت". ويتابع عمر الشريف: "ليس عندي جذور فانا غربي في ثقافتي وشرقي بطبعي. انا ميلودرامي "ابكي عندما اكون حزينا وعندما اشاهد افلاما درامية". ورغم الشهرة والنجاح، ظل عمر الشريف يعيش الوحدة القاتلة والاحساس بالغربة وهذا ما دفعه الى لعب البوكر والبريدج والروليت وسباق الخيل. "الكازينو مليء بالناس والمكان الوحيد الذي لن يسخر منك احد فيه لأنك بمفردك". اما الخيل فنقطة ضعفه فكلما ملك مبلغا من المال اشترى به حصان سباق. هوسه بالاحصنة يعود الى طفولته، فعندما كان اهله يأخذونه الى الاهرام وهو في الرابعة، كان يقوم بجولة بين الآثار على ظهر الحصان. ولكن الطريف ان عمر الشريف يدرك انه لم يحصل يوما على حصان فائز رغم شرائه عشرات احصنة السباق وعن ذلك يقول: "لا بأس فانا لا افقد الامل بسهولة". عمر الشريف ليس مهووسا بالاحصنة فحسب بل بالاولاد فهو عوّض حرمانه الحياة الزوجية ودفء العائلة والوطن بتربية ابنه طارق وناديا ابنة فاتن حمامة من زواجها الاول. كما انه اهتم شخصيا بتربية مارين ابنة ناديا وكريم ابن طارق وهو فخور بهم جدا. ولكن رغم اقامة ابنه طارق في مصر، الا ان عمر الشريف يفضل الاستقرار في باريس. صحيح انه عاد الى مصر في بداية التسعينات واستقر لفترة وقدم عددا من الافلام الا انه يعشق فرنسا ويفضل الاستقرار في باريس. "لقد زرت كل المدن الكبرى في العالم وباريس هي الاجمل، وفيها يستطيع اي انسان عيش كل ما يحلو له لأنها منفتحة على كل شيء". وباريس ايضا تمنح الجوائز وهذه ميزة اخرى تضاف الى رصيد العاصمة الفرنسية في قلب امير الصحراء. النهار اللبنانية في 27 فبراير 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
جائزة "أفضل ممثل" عن فيلمه (السيد إبراهيم وزهرات القرآن): عمر الشريف: بهرني عطر التسامح في قصة الفيلم جوزفين حبشي |
|