في اثناء الحديث مع الفنان فاروق حسني وزير الثقافة عن أحوال السينما, وما يسودها من حالة فوضي في الانتاج والتوزيع, وحالات الاحتكار, وعن تصوره لانقاذ ما يمكن انقاذه.. توقف الوزير عن الحوار فجأة وسألني بشكل محدد: انا بصراحة نفسي اسمع شيئا مفيدا من السينمائيين, أو يقولوا لنا برنامجا أو تصورا يريدون تحقيقه للخروج من ازمة السينما.. لأن وجود هذا التصور سوف يجعلنا نتحرك بشكل صحيح وفوري, ونتغلب علي الكثير من اسباب الأزمة. هل تم إلغاء مهرجان الاسكندرية السينمائي فعلا من اجندة وزارة الثقافة؟.. قرار زيادة عدد نسخ الأفلام الاجنبية ـ أو الأمريكية بمعني ادق ـ لماذا ظل معلقا؟.. المهرجان القومي للسينما المصرية, لماذا اصبح حدثا ثانويا باهتا؟.. اختفاء الأفلام الجيدة التي تمثل مصر في المهرجانات العالمية عن طريق الوزارة: ألم يعد يؤرق أحدا؟.. وعد الوزير بأن يكون عام2003 عاما للسينما: لماذا لم يتحقق؟ واسئلة أخري كثيرة, لا تجد اجابة.
* اريد أن أفهم ما مفهوم السينما عند الذين يتكلمون عنها!.. هذا سؤال مهم: ما هو مفهوم السينما في ذهن من يتحدث عنها؟.. هل من يتحدث يريد أن يصبح مخرجا؟.. أو يريد أن يبيع التذاكر؟.. أم يريد أن يمثل؟.. أو.. أو.. الحكاية أبعد من أن يقول أحد أزمة سينما, ثم يترك الأمر ويرميه علي الدولة, أو أي جهة أخري.. المفروض أن يكون هناك ذكاء في طرح المشكلة. ويضيف الوزير: انا لما قلت سنة السينما, كنت اقصد تكوين اجهزة تسهم وتساعد السينما.. فمثلا عندما اضيف بلاتوه ألا يساعد هذا السينما, وعندما تضاف خبرات جديدة للسينما من خلال المعهد ألا يسهم هذا في السينما.. لماذا ينسي الناس اننا نقوم بتخريج الذين يعملون في السينما اساسا سواء في التمثيل أو الأخراج أو المونتاج.. الناس اللي بيفكروا في السينما.. ان مهمتنا هي تصميم اطار السينما, والسينما تحتاج بني آدمين لعمل الأفلام, ونحن نقوم بتجهيز هؤلاء البني آدمين بالامكانيات الحديثة, وبكل ما يتصل بالصناعة المستقبلية للسينما.. لكن مسألة الانتاج والمعامل والاستوديوهات ليست هي مهمتنا, فهذه الأدوات لم تعد معنا بعد الخصخصة, فهل المطلوب مني ان اعمل من خلال ادوات لا املكها؟ وهنا توقف الوزير, وقال انه يريد ان يسمع شيئا مفيدا من السينمائيين أو برنامجا يستطيع من خلال الوزارة ان يسهم فيه.
* قال الوزير: انا ياسيدي من خلال صفحة السينما بالأهرام اطالب لجنة السينما بأن تقدم اقتراحات لحلول معينة ممكن تفيد صناعة السينما وازدهارها!.. وأنا اطلب ذلك من خلال صفحة السينما لأنهم لو لم يستطيعوا يصبح الأمر مسئولية عليهم امام الجميع.
* أنا علي أتم استعداد أن يعود فورا, لو جاء بمشروع جديد وقوي, وان يقوم علي إعداد جيد جدا سواء في انتقاء الأفلام ـ وهذا تحقق العام الماضي وكان ايجابية المهرجان ـ ولكن التنظيم هو مشكلة هذا المهرجان الدائمة. ويضيف الوزير: المهرجان يحتاج أن يكون منضبطا تماما, وإذا استطاع ذلك سنقف وراءه بكل قوة.. انه في حاجة إلي شباب جديد يملك الرؤي.. ويجب ان يتخلص من تضارب الاختصاصات والأراء لأن هذا يسيء للشكل العام للمهرجان.. ولابد ان يكون هناك توافق كبير جدا بين الجمعية وبين الإدارة في مدينة الاسكندرية لانه مهرجان الاسكندرية.. أن تكون هناك إدارة مشتركة بينهما, وان يكون دور كل طرف واضحا تماما قبل المهرجان, فالأمر يحتاج إلي تنسيق شديد الحزم.. فإذا نجح المهرجان في تقديم تصور لتحقيق هذا فسوف نقف معه, لأنه عيب كبير ان نخسر مهرجانا مهما.
* وافقت علي زيادة عدد النسخ من خمس نسخ إلي سبع نسخ, ولكن بشروط! لأن كثيرا من الشركات اصبحت تملك عددا كبيرا من دور العرض لا تغطيها الأفلام المصرية, ونحن لا نريد لها أن تخسر, ولكننا نشترط ألا تقتصر الافلام علي الفيلم الأمريكي فقط, فلابد أن يحدث تنوع ثقافي ونشاهد الأفلام المهمة سواء الفرنسية أو الايطالية أو الانجليزية وغيرها.. وهناك لجنة تدرس الآن امكانية استيراد نسخ اضافية مع وضع الضوابط.
* ليس عندي أي عائق في تقديم موعد المهرجان, ودائما أترك لرئيس المهرجان اختيار انسب وقت لاقامته.
* انا موافق علي عملية انتخاب اكثر الافلام تميزا مهما كان عددها, لكي يكون التسابق بين هذه الأفلام حقيقيا.. وأن تنظم ادارة المهرجان هذا الأمر, لأن المسابقة للأعمال الجيدة.
* دعني انا اسأل لماذا لا تصدر هذه الدراسات؟!.. لماذا لا تقابل اعضاء لجنة السينما, ولجنة المهرجانات, والمهتمين بالسينما وتسألهم؟.. وانا مع أي شيء يوافقون عليه, وسوف تنشر عن طريق صندوق التنمية, أو المجلس الأعلي للثقافة, أو هيئة الكتاب.. فنحن نصدر مجموعة كبيرة من الكتب في مهرجان المسرح التجريبي: اشمعنا(!!).. إن الأمر يتوقف علي السينمائيين انفسهم. للمرة الثانية.. التقي بالفنان فاروق حسني خلال عام, ويقوم بمطالبة السينمائيين بالتحرك, وأنه لن يتأخر في مساندة كل برامجهم وتصوراتهم لتحقيق الازدهار للسينما.. فهل ينتهزون فرصة تحمس الوزير, ويتحركون.. أم أن صراعاتهم الصغيرة تستهلك كل وقتهم.. وتستهلك الصناعة والفن ايضا, حتي وصلنا لمرحلة شديدة التأزم. الأهرام اليومي في 10 مارس 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
الفنان فاروق حسني في حديث مهم: السينمائيون ليس لديهم أي تصورات لحل مشاكلهم نادر عدلي |
|