تهتم باختيار أعمال تناقش قضايا مهمة ومؤثرة في المجتمع، ترى أن
إحدى مهام الفن تسليط الضوء على ظاهرة بعينها وليس علاجها. الممثلة
كندة علوش تؤكد تقديرها لمشروع السينما المستقلة في مصر، رغم أنها
لم تفلح في تحقيق الجماهيرية إلى جانب نجاحها في المهرجانات، مشيرة
إلى تفاؤلها بعرض فيلم {لا مؤاخذة} لكونه أحدث معادلة جيدة بين
القضية المهمة، والطرح الجاذب للجمهور.
عن دورها في الفيلم وتقييمها لمشاركتها فيه، والقضايا الحساسة التي
يناقشه...
·
كيف تقيمين عرض {لا مؤاخذة} الأول في مهرجان الأقصر للسينما
المصرية والأوروبية؟
جميل أن يشارك الفيلم في أي مهرجان، خصوصاً خارج القاهرة، وذلك
لتنشيط السياحة وللتواصل مع سكان هذه المناطق. شخصياً، أنا سعيدة
لأن هذه هي مشاركة الفيلم الأولى وعبر مهرجان مصري محلي، وهذه قيمة
تضاف إليه، ولا تقلل منه.
·
وما الذي جذبك لقبول الفيلم؟
عوامل عدة؛ فقبل قراءة السيناريو، جذبتني أسماء الصانعين لأنني
أحترمهم جميعاً وهم المنتج محمد حفظي، وشريكاه هاني أسامة وهادي
الباجوري، والمخرج عمرو سلامة الذي أحترم مشروعه، فهو ليس مجرد
مخرج يقدم أفلاماً فحسب، إنما لديه رؤية يريد عرضها. كذلك جذبتني
فكرة المشاركة في عمل مستقل، وبعدما قرأت السيناريو، وعقدت مع
سلامة جلسات عدة وجدت أن العمل شديد الخصوصية، ومختلف عن غيره من
أفلام في السينما المصرية.
·
ما هي الخصوصية المصرية في {لا مؤاخذة}؟
تأتي خصوصيته من جزأين، الأول أننا نرى الأحداث كافة من وجهة نظر
طفل، ونقتحم العوالم من خلاله، وهذا ما منحه عفوية وطزاجة وخفة دم،
وحالة من براءة الأطفال وشقاوتهم لن نشاهدها في عمل آخر، والجزء
الثاني هو تناول الفيلم قضية العلاقة بين الإسلام والمسيحية ولكن
بشكل طريف غير تقليدي، ولا خطابي مباشر.
·
إلى أي مدى استطاع الفيلم التعبير عن حقيقة هذه العلاقة؟
ليس من مهام الفيلم معالجة قضية الإسلام والمسيحية في الشرق
الأوسط، وإنما اتخذ زاوية محددة يتحدث من خلالها، وهي فكرة طفل
مسيحي انتقل من مدرسته إلى أخرى فتعرض لضغوطات معينة، ومن خلال هذه
الزاوية أعتقد أنه نقل الفكرة بنجاح شديد، والغرض منه ليس منح دروس
للمجتمع، ولكن توضيح كيف يمكننا التعايش مع بعضنا، وإذابة الفروق،
وإلغاء التمييز ليقتصر على العمل، وهذه هي رسالة الفيلم وصانعيه.
·
ماذا عن دورك فيه؟
أجسد شخصية {كريستين}، وهي أم ليست متدينة بالدرجة الكبيرة، تعيش
مع زوجها وابنها في بيئة ذات مستوى رفيع، ولكن تضطرهم الظروف إلى
النزول إلى مستوى أقل اقتصادياً فيختلطوا بأناس لم يكونوا على
اختلاط بهم سابقاً؛ إذ كانوا يعيشون في عزلة عن هذه الطبقة داخل
فقاعة مثلما يظهر في بداية الفيلم، وينتقل الابن من مدرسة خاصة إلى
حكومية فتحدث لهما صدمة حضارية، ولكن بذكائهما يتمكنان من التعايش
مع هذه الظروف.
·
ألم ينتابك خوف من تحملك مسؤولية الفيلم؟
أي عمل أشارك فيه أشعر بمسؤولية عنه، والمسؤولية هنا ناتجة من كونه
عملاً مختلفاً، ورغم أن شخصيتي مهمة ومؤثرة، فإنني لا اعتبر نفسي
بطلة مطلقة للفيلم، وإنما من ضمن الأبطال، أو إحدى أكبر الشخصيات
فيه، وأحمل مسؤوليته مثلما يحملها المشاركون كلهم فيه. والحقيقة أن
عمرو سلامة في هذا المشروع هو النجم لأنه قصته وإخراجه، والبطل
الأول هو الطفل أحمد داش.
·
هل وجدت صعوبة في التعامل معه؟
بصراحة مع داش لم أجد أي صعوبة مع أنها تجربته الدرامية الأولى،
فقد بدا كشخص محترف تمثيل بنسبة 100%، وهذا يرجع إلى ذكائه الشديد
وفهمه للتعليمات، وتطبيقها بسرعة شديدة، وقراءته الجيدة للسيناريو،
ومعرفته بما يريده منه سلامة، لذا فاجأنا بأدائه.
·
ما رأيك في رفض الرقابة للفيلم طوال الفترة الماضية؟
لا أفهم حقيقة موقفها؛ إذ أبدى القيمون عليها بعض الملاحظات والتي
لا أظن أنها المشكلة بالضبط، ومن خلال قراءتي للسيناريو وتمثيلي
فيه، أرى أنه لا يقدم مادة تخدش حياء أو تتجاوز المجتمع والدين،
وإنما يطرح القضايا بذكاء واحترام ووعي شديد.
·
ما رأيك في السينما المستقلة؟
أقدر هذا المشروع في مصر، وأرى أنه استطاع خلال بضعة أعوام ابتكار
مساحة لسينما خاصة جداً لا تخضع إلى اعتبارات السوق، ولا إلى شروط
شباك التذاكر، ولا إلى حكم وسُلطة الإيرادات، وهذا ما جعلها تتحرر
من تكرار الأفكار التي نشاهدها في باقي الأعمال، والتزامها بالقيمة
الفنية، كذلك تمنح فرص إنتاج لمخرجين شباب يملكون أفكاراً قد لا
يستطيعون تنفيذها في شركات الإنتاج. عموماً، جزء كبير من هذه
الأفلام تم تكريمه في الخارج، وهو ما جعل للسينما المصرية حيزاً
مهما في المهرجانات العالمية.
·
لكنها لم تتمكن من تحقيق هذا النجاح جماهيرياً؟
في المطلق أتفق معك في أن هذه السينما لم تنجح في جذب جمهور كبير،
ومع ذلك لدي تفاؤل كبير بأن فيلم {لا مؤاخذة} سيتمكن من إحداث
معادلة خاصة بين كونه مهماً سينمائياً وجاذبا للجمهور بشرائحه
كافة، نظراً إلى امتلاكه عناصر قوية تساعده في ذلك؛ يشاهده من يرغب
في متابعة عمل جيد، ومن يريد الترفيه عن نفسه، وجمهور العائلة من
خلال مخاطبته لشريحة قلّما تتم مخاطبتها في السينما المصرية، إلى
جانب جمهور عمرو سلامة، والممثلين المشاركين.
·
هل ترين أن توقيت عرض الفيلم مناسب؟
بالفعل؛ لا أرى ضرورة لاستمرار فكرة التخوف من تحديد توقيت طرح أي
عمل بسبب الأحداث الجارية لأنه بهذا الشكل ستقف الحياة عموماً،
علينا مواجهة هذا الخوف بتقديم فن جيد، فضلاً عن أن {لا مؤاخذة}
يتضمن عناصر الفيلم الجيد سينمائياً كافة، ويحترم الجمهور، ويطرح
قضية مهمة بخفة دم.
·
ماذا عن منافسته للأفلام الشعبية؟
لا توجد أي مشكلة في هذه المنافسة لأن كل منهما له جمهور مختلف،
ولست ضد أي نوع من الأفلام، وإنما أرى أن مهمة المنتجين في هذا
الوقت أن يقدموا أكبر كم ممكن من الأعمال، بشرط أن تكون جيدة
وتحترم الجمهور، الذي من حقه أن تتعدد أمامه الأنواع ليختار في ما
بينها ما يريد متابعته.
·
كيف تختارين أعمالك؟
أختار تلك التي تشبهني، وما أحب مشاهدتها، والتي أشعر باستمتاع
لوجودي فيها، ولن أصادر على حق منتج في تقديم فيلم بالشكل الذي
يريده، ولكن عندما تُعرض عليّ سيناريوهات من حقي انتقاء ما يعجبني
منهم.
·
هل تتعمدين المشاركة في عمل سينمائي واحد سنوياً؟
للأسف في ظل حالة الضعف التي يمر بها الإنتاج السينمائي لا يمكننا
وضع خطط. أحدد عملين أقدمهما في العام، ولكن يُعرض عليّ عمل فقط،
أو أكثر من اثنين، وربما لا أشارك في أي فيلم. بالتالي، لا أضع
قواعد لمشاركاتي لأننا نخضع لقواعد السوق.
·
ما جديدك؟
الاختيارات ليست واضحة بالنسبة إلي تماماً؛ فقد يكون لدي مشروعان
الأول كوميدي، والثاني هو مسلسل {عد تنازلي} مع عمرو يوسف وطارق
لطفي، وربما أشارك في مسلسل سوري.
الجريدة الكويتية في
|