أحمد زكى..
خرج من الدنيا بالستر"وزيادة حبيتين"
كتبت - حنان أبوالضياء:
«ما
بين الجنون والعبقرية خطوة لم يخطها وظل محافظا عليها..لا أعرف هل
هذا كان بإرادته أم أن الأقدار حافظت له على تلك المسافة.. دائما
كان قاب قوسين أو أدنى من السعادة، ثمة شيء ما لا يعرفه منعه من
الوصول إليها.. بركان من الإبداع..وفيض من الإنسانية.. وإعصار من
الغضب عندما لا يوجد تفسير مقنع لكونه لم يكن المتوج على عرش
السينما فى أى مهرجان يدخل فيه بأحد أفلامه.. صادقا إلى حد
البوهمية.. ومعطاء بالقدر الذى جعل من إنسان كسب الملايين إلى شخص
يخرج من الحياة بالستر «وزيادة حبتين».. عن أحمد زكى أتكلم، الذي
تمر اليوم ذكراه التاسعة».
أحمد زكي الإنسان.. أصدقاؤه كثيرون، كل واحد فيهم يعتقد أنه الصديق
الأوحد..وتلك مقدرة إنسانية لم يكن يعزف عليها باقتدار وعفوية فقط
ولكن بعبقرية أيضا..أفعاله يغلفها إطار واحد هو الإيثار فى كل شيء
إلا فى الإبداع.. فهذا الإنسان الذى يعطيك كل ما يملكه بدون تفكير،
يتحول فى لحظة الى إعصار يعتصر ذاته وكيانه قبل الاخرين إذا فشل فى
الحصول على دور كان يحلم به..وفى الحقيقة وعلى ما أعتقد أن الكثير
من أعمال وحيد حامد كان من المفروض أن يقوم ببطولتها أحمد زكي
ولكنها كانت فى النهاية تطير لتحط بجناحيها على موهبة أحد آخر,
وربما يرجع هذا الى أن أحمد زكي كان عنيدا فى وجهة نظره الى الحد
الذى لا يقبله وحيد حامد، فالأزمة دائما تكون بين مبدعين كليهما
يعرف مقدار ذاته ويرفض التنازل عن ما يفكر فيه.. وعامة إن كنت
شاهدا على ضياع حلمه فى تمثيل فيلم «سوق المتعة» الذى ذهب الى
محمود عبدالعزيز. فقد كان أحمد زكي يذهب يوميا الى المكان الذى
اعتاد أن يكتب فيه وحيد حامد وظل مرابطا أمامه فى الأيام الاخيرة
من كتابته..وأعتقد أن تلك المشاهد أخذت وقتا طويلا من المبدع وحيد
حامد لإصرار أحمد على التواجد أثناء الكتابة. وبعد الانتهاء من
السيناريو وكالمعتاد طار الفيلم منه..وحتى الآن لم أعرف لماذا!....
أحمد.. «الطائى»
كرم أحمد زكي ليس له حدود..دائما عازم..لم أره معزوما الا فى حالات
استثنائية.. فى كل المهرجانات السينمائية التى كان يحل عليها ضيفا
يصر أن يكون مقيما على حسابه الخاص. ومن الايام التى لا أنساها
أثناء تواجده فى مهرجان الاسكندرية وكالمعتاد كانت إقامته على
حسابه.. فى الوقت الذى كنت ترى فنانين يأتون بأسرهم كاملة على حساب
المهرجان! وكان الجلوس مع أحمد زكي على طاولته يعنى أنك معزوم،
ومهما بذلت من مجهود لاقناعه أنك معزوم من إدارة المهرجان يصر على
دفع حسابك!.. الطريف أن أحمدزكي كان له ذوقه الخاص فى ارتداء
الملابس وكان مقتنعا أن هذا الذوق سينال أعجاب الجميع.. لهذا الحد
لا يخرج الامر عن كونه ثقة بالنفس، ولكنه كالمعتاد وبلمسته الخاصة
يحوله الى شيء غريب وغير معتاد، لكونه كان يشترى من معظم القمصان
التى يرتديها كل المقاسات، حتى إذا أبدا أحد إعجابه بالقميص صعد
الى حجرته بالفندق «الذى كان يقيم به معظم الوقت» وأحضر له مقاسه.
عفاريت أحمد
«أحمد
لبسه عفريت.».. شعور يسيطر عليك مع كل عمل يقدمه أحمد، فشخصيته
تتبدل 180 درجة ليصبح فى حال غير الحال.. ملابسه رثة تدعوك للشفقة
عليه مع كل الشخصيات التى قدم فيها شخصية الإنسان المطحون, فعندما
سافرنا له أنا والزميل الراحل حمدى بسيط الى الفيوم أثناء تصوير
الراعى والنساء، كان مرتديا طول الوقت قميص وبنطلون بسيط للغاية
مثل الشخصية التى يؤديها، ورغم أنه كان يستيقظ مبكرا جدا والتصوير
لا يبدأ إلا بعد الرابعة ظهرا وينتهى مع الساعات الأولى من
الصباح.. ولا أعرف حتى الآن متى كان ينام أحمد زكي!.. وكان
البرنس الذى لا يترك السيجار من يده عندما يكون من أصحاب المعالى..فعندما
قام بدور عبدالناصر ظل لفترات طويلة يسير بانحناءة قليلة لكون ناصر
كان كثيرا ما ظهر منحنيا قليلا عندما يكلم الآخرين لطول قامته..
ولشدة تقمصه للدور اعتقدت أنه من المستحيل أن يتقمص دور السادات
بنفس البراعة ولكم كان مذهلا وصادما عندما تراه فى بهو الفندق الذى
يقيم فيه فى غير أوقات التصوير مرتديا الجلباب والعباية وممسك بـ«البايب»
كما يفعل السادات..وظل لفترة طويلة يحلق الجزء الأمامى من رأسه حتى
ظن الكثيرون أنه أصيب بالصلع.. ...وربما أن الاقدار لم تبخل عليه
بالألم الذى كان يعانيه عبدالحليم حافظ ليتقمص بصدق لحظات المعاناة
التى عاشها العندليب ليكون كما كان دائما حقيقيا وهو يمثل فى آخر
أعماله «حليم».
أحمد.. «أبو الوفا»
حكايات كثيرة دارت عن علاقة أحمد زكي بماضيه.. هناك ممن كانوا
يغارون من عبقريته كانوا من خلال بعض أصحاب الأقلام المسمومة
يشيرون إبان حياته أنه كان متبرئا من أيام فقره وشبابه.. وتلك
التهمة لا تحتاج الى تبرئته فالايام فعلتها ولكننى فقط أذكر أن كل
أصدقاء أحمد زكي فى بدايته ظلوا هم أنفسهم وهو فى عز نجوميته
ومجده، وأذكر منهم الراحل ممدوح موافى الذى أصر بعد إجراء جراحة فى
القلب أن يسافر مع أحمد زكي الى باريس عندما اشتد مرضه، وهناك سقط
مغشيا عليه ليكتشفوا انه مصاب بالسرطان فى المرحلة الاخيرة وعاد
معه الى مصر ليموت قبل أحمد بشهور.. ليسبق أحمد الى مقبرته ليرافقه
حياته ومماته.
حريم أحمد زكي
حكايات كثيرة قيلت عن غراميات أحمد زكي فى حياته, وأخرى ابتدعت بعد
وفاته, وهناك الكثيرون الذين صالوا وجالوا عن حريم أحمد زكي صاحب
الكاريزما الخاصة جدا.. ولكن الحقيقة تكمن فى هذا المكان بالقرب من
الفيوم الذى يقطن فيه أحمد الآن..فالحياة الخاصة صندوق أسود يرحل
مع صاحبه..ولكن تكمن الحقيقة الوحيدة الثابتة على حب أحمد زكي
الوحيد المعترف به فى حياته وهى الراحلة «هالة فؤاد» والذى أثمرت
قصة حبهما هيثم أحمد زكي.. وكل من كان يعرفه عن قرب، يعلم كم كان
يكابد ويعانى أثناء مرضها.. ولكنه كان دائما يحافظ على المساحة
التى لا يجب الاقتراب منها لكونها زوجة لرجل آخر.. لم يتكلم أحمد
كثيرا عن أسباب الفراق واحتفظ بها لتصبح زاده الخاص الذى يتزود به
من الذكريات.
الحاج أحمد زكى
لا يعرف الكثيرون أن أحمد أدى فريضة الحاج قبل وفاته بأكثر من عشرة
أعوام.. علاقة أحمد بالله مثل كل البشر لا يعلمها الا الله, ولكنه
كان سعيدا بعد عودته من الحج ويحكى حكاياته عن تجربته الانسانية
هناك بعفوية بعيدة عن الكلمات الجوفاء والرنانة.
وأخيرا فإن الطائر الذى ظل محلقا على الطريق «بعيون لاتنام»،
مشاركا فى «صناعة النجوم»..وأى فيلم له لم يكن بمثابة «نزوة» فنية
ولكن تعامل معه بأسلوب «البطل» الذى لا يعرف «الهروب»، ولايسكن
«أرض الخوف».. وفى البلاتوه يلعب «بالبيضة والحجر».. «المدمن»
لإبداعه.. إنه «الإمبراطور».. «البريء».. «أحمد زكى».. الذى عاش
مؤمنا أن «العمر لحظة».. ورحل فى «الليلة الموعودة» 27 مارس 2005.
"الباطنية"
بداية زكى والإنتاج حرمه من "الكرنك"
كتب - أمجد مصباح:
مشوار أحمد زكي السينمائي مليء بالإبداعات.. ويمكن القول إنر
بدايته كانت عام 1974 حينما شارك بدور صغير في فيلم «بدور» مع
محمود ياسين ونجلاء فتحي في دور موظف بهيئة المجاري وفي العام
التالي تم ترشيحه لبطولة فيلم «الكرنك» أمام سعاد حسني.
ولكن جهة الإنتاج تراجعت وأعطت الدور للنجم نور الشريف، ثم قدم
دورا مميزا جدا في فيلم «العمر لحظة» أمام ماجدة الصباحي عام 1976
في دور الجندي عبدالعزيز، أما البداية الحقيقية لأحمد زكي في
السينما كانت بمشاركته في فيلم «الباطنية» حيث قام بدور ضابط شرطة
يستطيع خداع العصابة، بعد أن خدعهم بقيامه بدور المدمن الصعلوك
ودوره في فيلم «شفيقة ومتولي» عام 1978.
ومع بدايات الثمانينيات بدأ «زكي» مشوار النجومية الحقيقية حيث قام
ببطولة عدد كبير من الأفلام حقق معظمها نجاحا كبيرا منها «المدمن،
النمر الأسود، أنا لا أكذب ولكني أتجمل، درب الهوي» وفي منتصف
الثمانينيات بدأ في تجسيد أدوار أكثر تميزا في أفلام «البريء»
و«الهروب» و«عيون لا تنام» و«زوجة رجل مهم» وبعض الأفلام الخفيفة
مثل: «مستر كاراتيه، البيضة والحجر، الليلة الموعودة».
وفي عام 1990 جسد بشكل رائع شخصية تاجر المخدرات في فيلم
«الإمبراطور» وفي عام 1991 شارك سعاد حسني في آخر أفلامها «الراعي
والنساء»، وتألق بعد ذلك في أفلام «الباشا، حسن اللول، أبوالدهب»
وفي عام 1995 كان موعد أحمد زكي مع اعتلاء قمة المجد حينما جسد
شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في فيلم «ناصر 56» وأقنع كل من
شاهد الفيلم بأن أحمد زكي هو جمال عبدالناصر، براعة لأقصي درجة في
تجسيد شخصية الزعيم الراحل وبعد هذا الفيلم كان أحمد زكي يدقق
كثيرا في أدواره وقام ببطولة فيلم «أرض الخوف» وبعد ذلك أعد لمشروع
فيلم «أيام السادات» الذي قام بإنتاجه وظهر هذا الفيلم للنور عام
2001، وجسد أحمد زكي شخصية السادات كأفضل ما يكون وحصل بعد ذلك علي
لقب «رئيس جمهورية السينما»، وبعد عامين قام ببطولة فيلم «معالي
الوزير» وبرع لأقصي مدي في تجسيد شخصية الوزير المنحرف، و«اضحك
الصورة تطلع حلوة».
وفي بداية عام 2004 بدأ أحمد زكي رحلته مع المرض اللعين كان حلم
حياته الفني تجسيد شخصية العندليب الراحل عبدالحليم حافظ علي شاشة
السينما وبالفعل تحقق الحلم ورغم شدة المرض بدأ أحمد زكي تصوير
الفيلم يوم 18 يناير 2005 واستمر في التصوير حتي يوم 2 مارس 2005
حتي اشتد عليه المرض تماما بالدرجة التي جعلته لا يستطيع استكمال
التصوير ليكمله نجله الفنان الشاب هيثم أحمد زكي، ويظهر الفيلم
للنور بعد رحيل زكي لتكتب نهاية مشوار نجم قدم للسينما روائع خالدة.
"الإمبراطور"
فتى أحلام نجمات السينما
كتب - أمجد مصباح:
رغم أن أحمد زكي لم يكن يملك مواصفات النجم الوسيم في عالم
السينما، ولكن جميع نجمات السينما في عصره، كانوا يسعون للعمل معه
ضمانا للنجاح وقدرته الهائلة في عالم التمثيل علي رأسهم السندريللا
الراحلة سعاد حسني وميرفت أمين ويسرا ورغدة ولبلبة ومعالي زايد
ونبيلة عبيد ونجلاء فتحي وليلي علوي وهالة صدقي حتي مني زكي،
والأخريات كن يحلمن بالوقوف أمام النجم الأسمر.
يكفي أحمد زكي أنه النجم الأشهر في تاريخ السينما، الذي سعت سعاد
حسني للعمل معه وهو لايزال في بداية الطريق لأنها أيقنت أن أحمد
زكي حالة منفردة في السينما.
في ذكراه التاسعة لابد أن نقول إن أحمد زكي كان حالة فريدة في
تاريخ فن التمثيل في مصر هو بالفعل عندليب السينما لأنه تشابه مع
عبدالحليم حافظ في أشياء كثيرة جعلته معشوق الملايين ونجما من
طراز رفيع من الصعب أن يجود الزمان بمثله، كان يعبر بصدق عن
الشخصية المصرية في جميع أعماله تقريبا.
رحم الله النمر الأسود الذي رحل عن دنيانا يوم الأحد 27 مارس 2005
بمستشفي دار الفؤاد.
زملاء "البلاتوه": أحمد زكى ينسى نفسه أمام الكاميرا
كتبت - دينا دياب:
«المعنى
الحقيقى لكلمة ممثل» صفة اجتمع عليها كل من تعامل مع أحمد زكى أو
شاهد أعماله، من اراد ان يتعلم فن التمثيل كان عليه أن يراقب زكى
فى الكواليس ليعرف ما معنى كلمة «تقمص»، كيف تمتزج الشخصية بالفنان
ليختلط على من حوله الفصل بينهما.
فى الذكرى التاسعة للفتى الأسمر تظل عبقريته الخلاقة هى الذكرى
العطرة له، ويظل صاحب نسبة الـ10 من 10 موهبة كما وصفه اصدقاؤه
عملاق التمثيل الذى لم يصل لموهبته أحد.. سألنا من تعامل معهم من
هو «زكى» فى الكواليس؟ فقالوا: «مجنون».
عبدالخالق: أعظم مشاهد زكى جسدها بظهره
كتبت - دينا دياب:
المخرج الكبير على عبد الخالق قدم مع زكى أفلام «شادر السمك»
و«أربعة فى مهمة رسمية» و«البيضة والحجر»، وصفه بأنه كتلة إحساس،
وكانت حساسيته الشديدة فى حياته الشخصية سر إرهاقه.
وأضاف عبدالخالق كان عاشقا للسينما وكانت أمنياته الوحيدة إنشاء
شركه إنتاج واتفقنا على تقديم فيلم بعنوان «شقى العمر» من تأليف
محمود أبوزيد، وتمنى أن يقيم بجوارها استوديو ومعمل ودار عرض ولكن
وافته المنية قبل تحقيق حلمه، فهو ليس مجرد ممثل لكنه كان يهتم
بالصناعة.
وأضاف لم يتدخل يوما فى الإخراج لكنه كان يتناقش كثيرا للوصول
لنقطة التقاء مثلا أثناء تصوير فيلم «أربعة فى مهمة رسمية» جسد
أمامى كل أدوار الفيلم فى ساعتين ليقنعنى بديالوج مشهد واحد.
وعن تقييمه كممثل قال عبدالخالق كان يعمل بطريقة التمثيل «الاندراكتنج»
وهو أصعب أنواع التمثيل لا يعتمد على انفعالاته وملامحه لا تتغير
كثيرا فيقتصد فى التعبير فى الوجه والصوت فتراه قادرا أن يمثل
بظهره ويقنعك بالدور، وهنا يتشكل حسب الأداء، وكان يهتم بشكل
الشخصية التى يجسدها دون «استايلست» وكان حريصا أن يظهر شكله
وملابسه للشخصية أيا كانت حتى لو سيضر بشكله الحقيقى، فهو يشحن كل
أدواته بإحساسه ويتجرد عن شكله فى كل لقطة محافظا على الثبات
الانفعالى للشخصية، لذلك كان ممن يحبون اللقطة الأولى ولا يفضل
الإعادة لأنه جسدها بكل أحاسيسه، وكان ملتزما فى مواعيده وحريصا
فى اختياراته فتجد أغلب أفلامه متميزة، لأنه يريد أن يترك بصمة لا
تنسى لذلك نسى غرور النجومية.
فاضل: نسيت شخصية أحمد زكى فى التصوير
كتبت - دينا دياب:
كان يدخل «اللوكيشن» بملابس الشخصية، ويطلب من حوله أن ينادونه
بجمال.
هكذا وصف المخرج محمد فاضل شكل أحمد زكى فى كواليس فيلم «ناصر 56»
وقال إن كلمة عبقرى قليلة على وصف موهبة أحمد زكى، لأنه الممثل
الوحيد الذى تعاملت معه وغلبت فيه الشخصية على الممثل، وأضاف: لم
أتذكر للحظة أن أحمد زكى هو من يقف أمام الكاميرا لكنه أجبر من
حوله أن جمال عبدالناصر موجود معنا فى «اللوكيشن»، كان يجلس مع
الجميع خارج التصوير ولكن بشخصية جمال.
وعن أصعب مشاهد الفيلم التى تقمصها «زكى» قال «فاضل»: «زكى» كان
ينام فى «اللوكيشن» ولا يذهب الى منزله وأثناء تصوير مشهد يظهر فيه
«ناصر» وهو يتحدث الى سيدة عجوز تتصل به بطريقة خاطئة كان «زكى»
متقمص الشخصية لدرجة جعلت من حوله يصمتون أكثر من ساعة يشاهدونه
وهو يتحدث فى الهاتف ويشرب السيجار وقتها كان «زكى» متيقظا من
النوم ونهض فجأة ليجسد المشهد، وهذا فى اعتقادى هى سر موهبته أنه
يعيش الشخصية ويجن بها، الأمر الذى كان يبهر من حوله قدرته الخارقة
على الخروج من الشخصية لتقمص شخصية أخرى فمن كان يتعامل معه يرهق
من تركيزه فهو ممثل من المستحيل تكراره.
أحمد زكى "صلصال" السينما المصرية
كتب - أمجد مصطفي:
هناك فنان يزداد ارتباطه بالناس بعد الرحيل.. والسبب الوحيد في ذلك
أن إبداعه الذي تركه يزداد لمعانا كلما مرت السنون عليه لذلك جميعا
نتوقف أمام أفلام الأبيض والأسود، وهو المغرد الذي نطلقه علي
الأفلام القديمة، لأنها تمثل قمة إبداع الفنان المصري.
عشرات بل مئات من الأسماء تركت رصيدا هائلا كلما نشاهده نشعر
بالحنين لهذا الزمن رغم أن الكثيرين منا لم يعيشوه، لكنهم من خلال
هذه السينما الجميلة عشنا أيام الملك، وناصر والسادات، شاهدنا
شوارعنا الجميلة وأحياءنا الشعبية بنبلها وكرم أخلاق أهلها من خلال
هذه الأفلام شاهدنا تلاحم أبناء الوطن ودفاعهم عن الأرض والعرض، من
خلال هؤلاء المبدعين عشنا الحروب التي خاضتها مصر ولم نحيها،
السينما كان لها بريق وفعل السحر بفضل مبدعيها، أحمد زكي ينتمي الي
هؤلاء العمالقة الأوائل رغم أنه لا ينتمي لجيل القصري ونجيب
الريحاني وعمر الشريف ويحيي شاهين وأنور وجدي وحسين صدقي وحسين
رياض ورشدي أباظة وزكي رستم وإسماعيل ياسين وفريد شوقي وتوفيق
الدقن وأحمد رمزي وعبدالمنعم إبراهيم ويوسف وهبي وسليمان نجيب
وعبدالوارث عسر والمليجي وكمال الشناوي وشكري سرحان وصلاح ذوالفقار،
كل هذه الأسماء وغيرهم انتمي لهم أحمد زكي بالموهبة، فهو علي رأي
النابلسي «سليل عائلة الإبداع الفني».
أحمد زكي هو عنوان العبقرية السينمائية كان رحمه الله بمثابة
الصلصال أو المادة الخام التي يستخدمها الفنان التشكيلي ليخرج في
النهاية تمثال للشخصية التي يريدها، هكذا كان أحمد زكي مع أي مخرج
عمل معه كان يشكل كيفما رسمت الشخصية من قبل كاتب السيناريو وهذا
هو الفنان الحقيقي، هناك أكثر من جيل ظهر بعد أحمد زكي بعضهم تقمص
شخصيته وبعضهم كان يناور من أجل احتلال مكانته، لكنهم جميعا عجزوا
لأن المبدع إذا أراد أن يكون شديد التأثير فعليه ألا يكون إلا
نفسه.. من هنا يضع المبدع شخصيته لذلك بقي «زكي» واختفت أسماء
كثيرة ظهرت قبله وبعده.
أحمد زكى قليل من الدراما كثير من التأثير
خاص - بوابة الوفد:
رغم قلة أعمال أحمد زكي في مجال الدراما التليفزيونية إلا أنه ترك
بصمة كبيرة في تلك الأعمال، في عام 1979 جسد أحمد زكي شخصية عميد
الأدب العربي الدكتور طه حسين في مسلسل «الأيام» مع العمالقة يحيي
شاهين وأمينة رزق ومحمود المليجي، حيث برع لأقصي درجة في تجسيد
شخصية طه حسين في هذا المسلسل أثبت قدرته علي تجسيد روح الشخصية.
وفي عام 1985 قام ببطولة مسلسل «هو وهي» مع السندريللا الراحلة
سعاد حسني وقدم في هذا المسلسل 15 شخصية مختلفة ما بين كوميدي
ورومانسي وصعيدي وشارك بالغناء فيه وبعد ذلك أخذته السينما من
الدراما.
بشير الديك: أحمد زكى كان يعيش السيناريو
كتبت - دينا دياب:
الكاتب الكبير بشير الديك كتب 5 أعمال مع الفتى الأسمر هى «سائر
على الطريق» و«موعد على العشاء» و«ضد الحكومة» و«النمر الأسود»
و«الهروب» و«نزوة».
وقال: زكى كان يتعامل بفطرته مع الفن ويلتزم دوره كممثل فلم يتدخل
يوما فى السيناريو، لكن تميزه في أنه لا يحفظ الدور لكن يعيشه
فيقدم الدور حسب إحساسه بالسيناريو ويبحث عن نفسه فيه، وأضاف الديك
تعاملت مع زكى فى بداياته وفى نجوميته، فلم أر حتى الآن ممثلا أو
ممثلة بقيمته لأنه كان يحترم عمله، وسر عبقريته أنه يتبع فى
التمثيل «مدرسة الاستبطان» ان يدخل فى الشخصية ويكون هو الشخصية
ويلتبسها حتى ترهقه ويعيش داخلها ولا يحفظ كلامها، ويكون هو
والشخصية فى إنسان واحد، ويحدث صراع داخلى بينه وبين الشخصية يظهر
على الشاشة من يتغلب على الآخر.
وأشار «الديك» اثناء تقديمنا فيلم «ضد الحكومة» عاش تناقضات
الشخصية، ووصل أنه شخصية مستهترة، فأظهر صراعا نفسيا فى موقف درامى
شديد الصعوبة، ظهرت فى مشهد يقول حواره: «شفت المستقبل فى عنيه
احميه ولا ماحميهوش»، ففى رأيى أن «زكى» هو الممثل الوحيد الذى كان
يظهر نفسية الشخصية أكثر من مظهرها الخارجى خاصة فى هذا الفيلم.
وأضاف كان زكى مرشحا لفيلم «الحريف» ولكنه تشاجر مع محمد خان بسبب
تفاصيل الدور فجسده عادل امام وظهر متميزا ايضا.
معالى زايد: أحمد زكى ممثل عاشق
كتبت - دينا دياب:
"فنان
بدرجة عاشق".. هكذا وصفته الفنانة معالى زايد.
وقالت من الصعب على من يتعامل مع أحمد زكى فى الكواليس ان يتعامل
معه فى الحقيقة، الصداقة التى كانت تربطنا بالشخصية فى الكواليس
كانت مع الشخصية الفنية وليست مع شخصية زكى وأتذكر وقت تجسيدنا
فيلم «البيضة والحجر» كان يجلس «زكى» فى «اللوكيشن» فوق السطوح
ويتحدث بطريقة النصابين وقتها كان يختلط علي الأمر، واجتمعنا فى
فيلم ابو الدهب ورغم تقديم أعمال كثيرة عن المخدرات لكننى أتذكر أن
أحمد زكى بشخصيته كان يعطيك إيحاء أنه يخرج المخدرات من حقيبته من
كثرة تقمصه الشخصية، ليصل لدرجة عشق الكاميرا والشخصية تجعله ينسى
من حوله وينسى نفسه وعندما يشاهد الفيلم بعد عرضه لا يعجبه فهو
«ممثل بمعنى الكلمة».
واضافت معالى: الأنانية كانت أبعد الصفات عن أحمد زكى فى تعامله مع
أصدقائه، يتعامل مع الشخصيات حوله وكأنها جزء لا ينفصل عنه فعندما
يتقمص شخصية يرى كيف يتعامل مع حبيبته وصديقته ومن معه فى العمل،
فهو لا ينظر إذا كان يحب أن يظهر أحد بجواره أو لا وهذه كان سمات
جيلى من الممثلين، عندما تتقمص شخصية تعيش تعاملها مع الآخر وأضافت
على المستوى الإنسانى كان ما يميزه أنه جدع «وصاحب صاحبه» ولديه
القدرة ان يتحمل اى عبء مهما كان عن أصدقائه فهو حنون وكريم الى
درجة لا يمكن أن يتم وصفها. |