أفلام ناطقة بالعربية في بيروت..
ببساطة شديدة عاصمتنا ملتقى الحضارات واللقاءات والإنجازات
الثقافية والفنية، عوّدت صالاتها الجماهير على الفيلم الأميركي
أوّلاً، والفرنسي قليلاً جداً ثانياً، والعربي وتحديداً المصري
بشكل موسمي مرتبط بالأعياد في العالم العربي ثالثاً، لكن ما
اتُّفِقَ على تسميته بـ«الربيع العربي» خدم من حيث لا يدري كواقع
أمني وسياسي عام، أن يحصل هذا التواصل الراقي بين الفنون، وبين
الطاقات العربية لإنجاز أعمال لها وقعها، ووزّعها على مستوى الوطن
العربي الأكبر.
نعم منذ ثلاث سنوات ومعها الأشهر الأولى من السنة الرابعة، بات
طبيعياً اللقاء الإنتاجي بين العرب وبين بيروت، كما عمّان، كما
دبي، كما أبوظبي، كما القاهرة تعجُّ بمشاريع مكثّفة ولافتة، تُسعِد
المُتابِع ولا تترك أي مجال للشك في أنّ الأمور مريحة وجيدة، ولها
أفق طيّب في المدى القريب.
منذ أيام حضر عدد من الفنّانين المصريين حفل العرض الخاص لفيلم
«حلاوة الروح»، من بطولة هيفاء وهبي، وكان لقاء متميّز بين الطرفين
أمام جمهور غفير، جاء كلّه من أجل هيفاء، ودعماً لها في فيلمها
السينمائي الثاني بعد «دكان شحاته».
وفي السادس عشر من الجاري، أي بعد غدٍ الأربعاء، تشهد صالة
متروبوليس عرضاً خاصاً لفيلم «فتاة المصنع» بحضور المخرج محمد خان
صاحب أضخم الأفلام العربية (زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا،
موعد على العشاء، خرج ولم يعد، وغيرها) وبطلة العمل ياسمين رئيس
صاحبة الوجه المعبِّر والجميل والفائزة بجائزة المهرب العربي لأفضل
ممثلة عن دورها في الفيلم، وهما يصلان إلى بيروت في وقت يحقّق
الفيلم إيرادات غير مسبوقة في السوق المصرية منذ زمن، خصوصاً أنّ
الأوضاع السائدة في مصر أوصلت البعض إلى شبه استسلام لمنطق
الاستسلام لواقع لا إيرادات فيه لأضخم الأفلام حتى الأجنبية منها.
هذا أمر لافت؛ خان سبق له وكان في بيروت آخر مرّة، عندما وصل مع
الفنان الراحل أحمد زكي، لحضور العرض الخاص لفيلم «أيام السادات»،
لإطلاق عروضه في صالاتنا، بعدما كان يتردّد كثيراً إلى هنا بحكم
صداقاته الواسعة مع الكثيرين في ميدان الثقافة والفن.
في وقت سابق، كانت الوصفة السحرية لنجاح فيلم عربي في بيروت أنْ
يكون من بطولة أحمد زكي أو عادل إمام أو نادي الجندي، وبعد وفاة
الأول، وانسحاب الثالثة إلى الظل، بقي الفنان عادل وحيداً، إلى أنْ
هُزِمَ أكثر من شريط له في الدور اللبنانية، ولم يعد له نصير كبير
في الصالات، وثم الرهان على أحمد السقا منذ فيلمه «الجزيرة»، لكن
أحمد لم يقدّم لاحقاً ما يلفت الانتباه إلى مشاريعه، وتدرّجت
الأمور إلى عدم المبالاة في العام الأخير.
ما نشَّط الواقع المميّز هو الإنتاج المشترك السائد حالياً في مجال
التلفزيون، ما يُحكى عن تحضيرات ميدانية لإطلاق أفلام مشتركة، فها
هو رامي عياش الوحيد بين نجوم جيله يعلن صراحة عن أنّه مهتم
بالسينما ويريد خوض غمارها، ومعه بطلة من مصر يرجّح أنْ تكون مِنّة
شلبي الغائبة تماماً عن أي إنتاج سينمائي جديد، لكن الكاستنغ قد لا
يستوي معها، فهناك عدم انسجام بينها وبين رامي صاحب الطول الفارع،
أيضاً عرفنا أنّ وائل كفوري وبعد عمله في شريط مع شركة مشروبات
غازية أحبَّ طلّته السينمائية وهو يفاوض حالياً على دور جديد.
هذا المناخ ينسحب على هاني شاكر، أيضاً فهو وافق على شريط مشترك
أيضاً، وأجواء سيرين عبد النور تشي بأنّها حاضرة للسينما حالياً،
بعدما سعدت بكل ما قدّمته في التلفزيون منذ سنوات قليلة وحتی الآن،
كذلك أبلغتنا الفنانة ميراي بانوسيان الموجود في بيروت لأيام، وصلت
من بروكسل حيث تعيش مع عائلتها هناك، بأنّ في ذهنها إنجاز فيلم
مشترك بين بروكسل وبيروت.
هل نقول أكثر.
الأجواء مفتوحة لمثل هذا التواصل الناجح، فكيف والأمة كلّها ومنذ
زمن تريد بهذا التلاحم الإنتاجي الراقي الذي يقدّم صورة تضامنية
مشتركة عن عرب اليوم ثقافياً وفنياً.
عروض
«حلاوة
روح» ثاني فيلم لـ هيفاء وهبي بإدارة سامح عبد العزيز في مصر
البطلة كانت جميلة وممثّلة محترفة.. وجريئة في الإقناع في أصعب
المواقف
هيفاء وهبي للمرّة الثانية على الشاشة الكبيرة..
«حلاوة
روح».. بعد «دكان شحاتة»، نحن كُنّا قد قلنا كلاماً إيجابياً عن
حضورها في هذا الفيلم كممثلة، ونقول الشيء نفسه عن الثاني.. هي
روح، روح الفيلم، ولم نجد شبهاً بينه وبين «مالينا» لـ جيوسيبي
تورناتوري وهو يُدير مونيكا بيللوتشي في الفيلم، وإنْ يكن القاسم
المشترك، الفتى الذي يقع في غرام السيدة الجميلة، ويلعب دور هنا «أوشا»،
الذي لا نعرفه قبلاً، لكنه من الوجوه المعروفة عند المصريين.
شاهدنا الفيلم في الصالة رقم واحد، أي حيث حضرت هيفاء، وكان في
استقبالها في صف المقاعد خلفنا الفنان رامي عياش، بعدما تأخّرت على
الحضور، بفعل اضطرارها للذهاب إلى مطار رفيق الحريري الدولي
لاستقبال عدد من الفنانين المشاركين في الفيلم، والوافدين من مصر
لحضور حفل الافتتاح المقرّر إقامة مثيل له في القاهرة لاحقاً.
زحام ما بعده زحام عند مدخل
le Mall،
كما في البهو الفاصل بين الصالات السبع، التي قدّمت الفيلم لكل
المدعوين، وغصّت بهم على كثرتهم، وقد بذل المصوّرون (فيديو،
فوتوغراف) الكثير من الجهد للفوز بصور خاصة، وبعد مُشادّات وصُراخ
خارج الصالة رقم واحد، ثم السماح بدخول المصوّرين تباعاً.
لم يحضر من مصر بطلا الشريط باسم سمرة ومحمد لطفي، ولا حتى «أوشا»
الفتى الذي أُعطِيَ اهتماماً خاصاً في الشريط، كونه ومن منطلق
تفتُّح عينيه على الدنيا الحقيقية، وعنصر الذكورة في حياته، وجد
أمامه روح (هيفاء) امرأة مكتملة الأنوثة يشعُّ الجنس من كل مكان
فيها، كان يراقبها، ويتجسّس على لحظات خلوتها بنفسها، لكنّه لم
يرها ولا مرّة مع رجل آخر، على أساس أنّ زوجها توفيق مسافر في
الكويت للعمل وجنى المال، وهو تركها بعد فترة وجيزة من زواجهما،
وبالتالي فهي لا تعرفه جيداً، وكل ما تعرف عنه هو وجود والدته معها
في المنزل، تجبرها على خدمتها، فيما هي محط أنظار جميع الرجال
عندما تخرج مع حماتها للتبضُّع وشراء الحاجيات.
ويُصادف أنَّ في الحي نفسه عرفة (باسم سمرة) يعيش في يومياته من
جنى عدّة نساء يؤمِّن لهُنَّ الزبائن لممارسة الدعارة، وابنه هو
الذي يضع نفسه بتصرّف روح، نعم يتلصّص عليها، ويحاول حمايتها من
والده، لأنّه لم يرها في أي وقت تقوم بأفعال مخزية مع رجال آخرين.
عرفة مُجبَر على تطويع روح لأنّ مَنْ يطلبها هو «ريّس الحتة»، الذي
يُطعِم عرفة وأولاده ويجعلهم لا يحتاجون إلى شيء، ويلعب الدور محمد
لطفي الذي يكون كل هدفه الوصول إلى روح والفوز بها، لكنها رفضت كل
الإغراءات ومحاولات التطويع بالقوة، ودخل على الخط لاحقاً الفنان
فاقد النظر (صلاح عبدالله) محاولاً هو الآخر التقرُّب من روح، رغم
أنّه لم يرها أبداً، وكل ما يريده هو رضاها.
تتفجّر الأمور حين تصل ورقة الطلاق لروح من زوجها الموجود في
الكويت، عندها تُعتبر طلباً مُباحاً للرجلين، يطلبانها إلى سهرة
جماعية، فلا تذهب، فيدخلان عليها منزلها ويغتصبانها تباعاً، في
لقطات ربما لم تقدّمها ممثلة عربية قبلاً.
هيفا كانت ممثّلة مطواعة؛ أرادوها جميلة أمام الكاميرا، فكانت.
أرادوها في دور المظلومة، فبدت لا حول لها ولا قوة.
أرادوها متواصلة مع من مد لها اليد فذهبت إليها (نجوى فؤاد).
وعندما شرح لها المخرج الرائع في إيقاع فيلمه سامح عبد العزيز، رسم
خطة لتصوير مشاهد الاغتصاب تباعاً كانت مطواعة ورائعة، ومتعاونة
وجريئة في آن واحد، وتبدأ علامات ختام الفيلم مع خروجها من منزلها
تمشي لوحدها لا تعرف إلى أين والكل يريد الشماتة بها.
كانت هيفاء جميلة في كل اللقطات، كانت ممثّلة، وامرأة، ومحترفة،
وهذا ما يجعل نص علي الجندي مُنفَّذاً بكل دق
فيلم
إلى الشاشة من دون النقاد!!!
«نوح»
على الشاشات.
وحدة العرض الخاص للنقاد ألغي.. وربما كان السبب تلازمه مع موعد
العرض الخاص لـ: «حلاوة
روح».
«نوح»
على شاشات بيروت، بينما هو لم يظهر على الشاشات العربية الأخرى،
عندنا تم الاكتفاء بعبارة: الفيلم صوّر وفق رؤية خاصة للمخرج.
راسل كراو صرح منذ أيام أنه يسعد حين يكون هناك خلاف حول فيلم
صوّره، يرى أن مرور الكثير من الأفلام من دون أن يحس بها أحد أمر
سيئ. لكن ما فعلناه بـ «نوح» كان رائعاً، نحن اشتغلنا على أهمية
الخطوة بناء سفينة عملاقة أقلّت شعباً بكامله مع حيواناته. كان
الإنسان هو الهم الأول وليس شيئاً آخر.
الشريط واجهته حالة من الرفض في العالم الإسلامي لأنه يجسّد النبي
نوح وهو ما يتعارض مع الدين الإسلامي، وحصل أن الأزهر الشريف رفضه
بشكل قاطع في مصر، بينما وافقت عليه الرقابة، ولجنة خاصة من وزارة
الثقافة إضافة إلى جموع المثقفين الذين اعتبروا أن أحداً لا يحق له
رفض أو منع عمل فني، وحتى كتابة هذا النص لم يكن الفيلم خرج للعرض
في الصالات المصرية، مما يعني أن هناك حرجاً في اتخاذ قرار.
برمجة
7
أفلام في القاهرة ...
لافت جداً سوق العروض السينمائية في القاهرة حالياً. هناك أفلام
وتوقع جمهور حاشد أوصلت المنتج محمد السبكي للإعلان بأن فيلمه:
«حلاوة روح» سيحقق إيرادات أعلى من التايتانيك (قراءة للفيلم في
مكان آخر من الصفحة) مع طرحه في 150 صالة عرض. الثاني على اللائحة
خصصت له 52 قاعة. «بنت من دار السلام» لـ طوني
نبيه يدير راندا البحيري، صبري عبد المنعم، ماهر عصام، كارمن،
ورينا. إضافة إلى الراقصة شاكيرا. وفي 80 قاعة يعرض شريط: «الفيل
الأزرق» ابتداء من يوم غد الثلاثاء، حيث يدير المخرج مروان حامد
(عمارة يعقوبيان) نيللي كريم، لبلبة، شيرين رضا، دارين حداد، كريم
عبد العزيز، وخالد الصاوي.
- «رغم
أنفه» في 35 صالة، لـ معتز
التوني، مع رامز جلال، شيرين عادل، ورجاء الجداوي.
- «سالم
أبو أخته» لـ محمد
حمدي عن نص لـ محمد
سمير مبروك، مع حورية فرغلي، أيتن عامر، ومحمد رجب.
-
جيران السعد، مع تامر بسيوني، يدير سامح حسين، ميرنا المهندس، منة
عرفة.
-
ظرف صحي، في 35 صالة، مع دوللي شاهين، عايدة رياض، نص محمد بركات،
اخراج إبرام نشأت.
سبعة أفلام جديدة على لائحة البرمجة القاهرية رقم جيد، ومفرح في ظل
تطوّرات واستحقاقات سياسية واضحة. |