إلى متى تظل مصر طاردة لصناع الأفلام العالمية الذين يرغبون فى
تصوير أفلامهم على أراضيها؟!
السؤال يقفز إلى ذهنى من جديد كلما علمت أن هناك إحدى شركات
الإنتاج الكبرى قررت أن تصور مشاهد فيلمها الجديد فى تونس أو
المغرب أو الأردن بدلا من مصر لعدم الوصول إلى توافق ولمواجهة
صعوبات كبيرة تحول دون تحقيق الهدف هنا.
مازلنا لم نتعلم من درس «مملكة الجنة»، هذا الفيلم العالمى الكبير
الذى أصر مخرجه على تصويره فى مصر لكننا أجبرناه على الهروب ليذهب
إلى المغرب ليصور أحداثا وقعت على أرض مصر، رحبت المغرب ووفر الجيش
هناك آلاف الجنود والخيول مجانا.
مخرج فيلم «حرب النجوم» الجزء السابع، كان ينوى تصوير مشاهد من
فيلمه الكبير فى تونس ثم فى مصر، لكنه فر إلى أبوظبى جراء روتين
عقيم وأحداث أكثر عمقا. فيلم «آلهة مصر» للمخرج الكبير إليكس
بردياس والذى تدور أحداثه حول أسطورة إيزيس وأوزوريس لماذا لم يتم
تصويره هنا، من المؤكد أن صناعه وصلوا إلى حارة سد.
الآن يا سادة أكثر من عشرة أفلام عالمية كبرى يتم تصويرها بدول
عربية ليست من بينها مصر، معظم مخرجى ومنتجى هذه الأعمال كانت
الأراضى المصرية فى حساباتهم الأولى لتصوير مشاهد بها، ربما لطبيعة
القصة وأحداث العمل، لكنهم دائما ما يواجهون بعقبات كثيرة تحول دون
حضورهم، بداية من ضرائب مبالغ فيها على معدات التصوير، حيث تتعامل
معها الجمارك المصرية بنظام الموقوفات، أى أنها تفرض على المنتج
الأجنبى ضرورة إصدار خطاب ضمان بقيمة المعدات يسرى طوال مدة وجودها
فى مصر وعند الانتهاء من التصوير يدفع المنتج عشرين فى المائة من
قيمة الرسم الجمركى المقرر سواء كانت مدة التصوير يوما واحدا أو
سنة كاملة، وهذا لا يحدث فى أى دولة فى العالم، حيث تمتنع كل الدول
عن تقاضى رسوم جمركية وتكتفى فقط بتعهد رسمى يضمن إعادة كل المعدات
إلى الدولة التى جاءت منها عقب نهاية التصوير.
الواقع أيضا أن كل شركات الإنتاج التى جاءت لتصوير أفلامها اشتكت
من مغالاة الآثار فى تقدير أسعار إيجار المناطق الأثرية، بجانب
روتين الموافقات الرسمية، حيث يتعامل المسئولون مع الشركات
الإنتاجية دون اهتمام بعنصر الزمن، رغم أن هذه الأفلام تصل تكلفتها
إلى عشرات الملايين من الدولارات، ولا يمكن للمنتج الأجنبى أن
ينتظر لفترة طويلة حتى ترد عليه الجهات الرسمية التى تخضع
لبيروقراطية دون النظر لأهمية تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر.
أيضا اعتادت الرقابة لدينا رفض بعض السيناريوهات لأسباب بدت للكثير
من المنتجين غير مقبولة لينتهى الأمر بتصوير الأعمال فى دول عربية
وشرق أوسطية.
إن عشرات الملايين من الدولارات بلا مبالغة تضيع علينا لأن
المسئولين عن الهيئات يتعاملون مع أى فريق سينمائى عالمى وافد
وكأنه فريسة يجب أن تـُلتهم حتى يتوب عن تكرار الزيارة أو ينسى
الأمر برمته. فى دبى يجرى تصوير فيلم جديد لتوم كروز بعدما أبدى
سعادته بالمعاملة الحسنة التى وجدها حين صور نسخته الأخيرة من
«مهمة مستحيلة» هناك، وأتذكر فى مؤتمره الصحفى بعد عرض الفيلم كان
يتحدث عن دبى وكأنه يتحدث عن مناخ ساحر وملهم باستديوهاتها
المفتوحة وكرم الضيافة.. وحينئذ سألت توم كروز: هل يمكن أن تصور
فيلما فى مصر؟ فأجاب النجم الكبير: نعم بشرط أن تكونوا كرماء معنا!
..
انتهى الدرس..
المهرجانات..ومستقبلها
خالد محمود
الأحد 13 أبريل 2014 - 8:00 ص
الرعاة من رجال الأعمال والقطاع الخاص ينسحبون ويهربون من تمويل
المهرجانات السينمائية.. ووزارة الثقافة موقفها غامض من قيمة مبالغ
دعمها لها، وهو ما يفتح بحق بابا للتساؤلات والتكهنات حول مصير
مهرجاناتنا السينمائية الدولية هذا العام، وان اقيمت فبأى شكل
ستبدو أمام العالم من السينمائيين وغيرهم.
رئيس مهرجان الاسماعيلية للسينما التسجيلية كمال عبدالعزيز أعلن
صراحة ان الممولين هربوا من الوقوف بجانب المهرجان ودعمه، بسبب
الظروف الراهنة والحالة الامنية، وهى بالقطع حجة غير مقنعة لتخلى
الممولين، وبالتالى تهديد قيام المهرجان الكبير فى مجاله بأفلامه
وضيوفه من رواد وصناع الافلام التسجيلية فى العالم.
واعود لأسأل هل سيقف وزير الثقافة صامتا امام تلك الشكوك، ومأزق
مهرجان تلو الاخر، فموقف الدعم الحكومى لمهرجان القاهرة السينمائى
الدولى مثلا غير واضح المعالم حتى الان، رغم انه لم يتبق سوى اشهر
قليلة على اقامته، وعلى جانب آخر هناك شكاوى مكتومة ومكبوتة فى
صدور مسئولى المهرجانات التى تنظمها مؤسسات وجمعيات اهلية مثل
مهرجان الاسكندرية ومهرجان الاقصر للسينما الافريقية ونظيره
للسينما المصرية والاوروبية، الكل يشكو من تأخر اموال الدعم
وحجمها، مع ان استقرار تنظيم تلك المهرجانات اصبح مهما لإعطاء صورة
جيدة عن مدى استرداد مصر لعافيتها فى تنظيم التظاهرات الفنية.
واقع الامر، أخشى ان تنتقل صدمة مهرجان الاسماعيلية إلى باقى
المهرجانات، وان تبقى حالة عدم وضوح الرؤية فى وضع ميزانيات محددة
ومعلنة، هى السمة السائدة، وقطعا سيؤثر ذلك سلبا على قرارات
مسئوليها.. لن يكونوا احرارا فى تحركاتهم، سيجعلهم الامر فى حيرة،
ضعاف أمام احلامهم واهدافهم فى الخروج بمهرجانات لائقة ومشرفة فى
المستقبل القريب والبعيد.
فى مهرجانات العالم الكبرى هناك شفافية فى اعلان معلومات
ميزانيتها، ومن يقف وراءها ومن يدعمها وبكم، وما الدور الذى تلعبه
الحكومة، والقطاع الخاص عقب نهاية كل دورة يعلن المسئولون عن
المهرجان حجم المكسب والعجز ان وجد مع تفنيد مفرداته ،
فالجميع يعلم ان ميزانية مهرجان كان السينمائى تعادل حوالى 20
مليون يورو، نصفها يأتى من الأموال العامة من وزارة الثقافة
والمركز الوطنى لصناعة السينما بشكل معلن، ومدينة كان وغيرها من
السلطات المحلية، وقد استكمل التمويل من تبرعات من عدد من الجماعات
المهنية، والشركاء من المؤسسات وشركات القطاع الخاص والشركاء
الرسميين فى المهرجان. ديتر كوسليك رئيس مهرجان برلين السينمائى
قال ان ميزانية دورته الاخيرة بلغت 21 مليون يورو، واستقطبت عروضها
330 ألف متفرّج دفعوا تذاكر لمشاهدة 409 أفلام، فى مقابل 403 فى
العام الماضى.
مثل تلك الامور لم تعد اسرارا بل مدعاة لسياسة وادارة حرة ونزيهة
وشفافة.
الوزراء الستة وإنقاذ الفن
خالد محمود
الخميس 10 أبريل 2014 - 8:00 ص
إذا كان الاجتماع الذى دعا إليه هانى مهنى رئيس اتحاد النقابات
الفنية، مع ستة وزراء السبت القادم هدفه الوحيد هو الوقوف على حال
اعمالنا الفنية، ووضع خارطة طريق النهوض بمضمونها من اجل عودة
ثلاثية «الريادة والمكانة والسمعة الطيبة»، فهو بحق أمر يثير
الدهشة.
واتساءل ما علاقة وزراء الحكومة بالمضمون والمحتوى الذى تظهربه
كثير من اعمالنا السينمائية والغنائية والمسرحية، ان قصة المحتوى
شىء اخر يتحمله صناع الاعمال ومبدعيها انفسهم والذى استسلم عدد
كبير منهم لمفردات ومقتضيات سوق تجارية ومناخ عشوائى.
إذا كان البعض يرى الهدف من الاجتماع بوزراء الثقافة والتربية
والتعليم العالى والمالية والشباب والاعلام شىء نبيل، من باب
الغيرة على ما وصل اليه حال اعمالنا، فإن الهدف الأنبل هو مناقشة
أوضاع البنية الاساسية لصناعة العمل الفنى التى تصدعت وانهارت بحكم
الاهمال، وتحول جزء كبير منها لما يشبه «الخرابات» مثل استديو مصر،
واستديو الاهرام، وغيرها، تلك الصروح التى خرجت منها أعظم اعمالنا
وكانت شاهدة على تاريخ، وايضا معامل الطبع والتحميض التى تخلفت عن
مواكبة الزمن بحكم آلياتها القديمة التى تشوه العمل صوتا وصورة،
أما مخازن الافلام فحدث عنها ولا حرج، اصبح حالها لا يرضى احد،
وتكاد تبكى بالدموع وانت ترى جدرانها وارففها المتهالكة، ومواد حفظ
غير صالحة بالمرة تسكن الشرائط، تشاهد تراثنا السينمائى يغرق فى
مياه راكدة.. تشوهت الافلام وسط حالة من الصمت المريب للجميع، وقد
شاهدت هذا المنظر المحزن بنفسى عندما قمت يوما بجولة سرية داخل هذه
المخازن بعد ان ادخلنى احد المهندسين واغلق الباب على، وقال لى
«ممكن تلقى نظرة على التاريخ»!، وجدت شرائط كنوز اعمالنا
السينمائية مثل بداية ونهاية وزقاق المدق وجعلونى مجرما وافلام
أنور وجدى وشادية وفاتن حمامة.. مررت بطرقات لأرى ملابس واكسسوارات
أعمال نجومنا الكبار وقد اكلتها «العتة» تذكرت صراخ مخرجنا الراحل
يوسف شاهين على حال الأفلام ومطالبته بضرورة بناء ارشيف قومى
للسينما وفق مفردات حديثة، ولن يسمعه أحد.. اهملنا التاريخ فكيف
سنفكر فى الحاضر، انهار الاساس فكيف سنطور المضمون.
ان التحديات كثيرة يجب ان تواجه بصراحة فى اجتماع رئيس اتحاد
النقابات الفنية مع الوزراء الستة ومنها أيضا بناء دور عرض سينمائى
ومسرحى على طراز حديث بدلا من التى تحولت إلى سوبر ماركات وابراج
سكنية، انظروا لأحوال دور عرض ومسارح شارع عماد الدين وما حدث لها،
وعمل تيسيرات لتصوير الاعمال الاجنبية فى مصر، بإزالة اى عوائق
تجعل شركات الانتاج العالمية التى ترغب فى تصوير اعمالها هنا لا
تهرب إلى دول اخرى مجاورة، والبحث عن آلية لتشجيع صغار المنتجين أو
المنتج الفرد على تقديم مشاريعهم المتميزة إذا كنتم تبحثون عن سمعة
طيبة، ودراسة مشروع بنك للسينما واخر للمسرح لتمويل العروض الجادة
لشباب المبدعين، وتشكيل لجنة جادة لبحث عودة الحياة لسوق الفيلم
المصرية بالخارج حتى لا يتسول صناع الافلام بأعمالهم بحثا عن فرصة
عرض باتفاقات على طريقة تجار الشنطة.
إذا كنتم تبحثون عن نهضة فهذ هو مضمونها الحقيقى.
احفروا أسماءكم مثل الشريف
خالد محمود
الأربعاء 9 أبريل 2014 - 6:45 ص
بدون شك، تشكل تجارب الممثلين المصريين فى أعمال سينمائية عالمية
محطات مهمة، لكنها مازالت فى حاجة لأن تحرز هدفا رائعا ومميزا
نتمناه فى مرمى المشاهد العالمى ينال اعجابه وينتزع آهاته.
نعم تلك المشاركات فى أفلام كبرى ضرورة، لأنها تثرى ثقافتهم ووعيهم
ونضجهم الفنى، بل ونظرتهم لأنفسهم إن أرادوا أن يتخلصوا من أمراض
تفشت فى الوسط وتمكنت من كثير من نجومنا، لكن معظم الأعمال التى
ضمت أسماء مصرية ربما جاءت أولا من باب الرغبة فى التواجد.. مجرد
تواجد، أو ضرورة للاستعانة بهم فى دور المواطن العربى بمواصفات
خاصة، وفى الحالتين لم يكن الظهور مقنعا ومبهرا للمشاهد.
تلك كانت البدايات لهذه التجارب وربما هو ما يجعلنا نغفر لها،
لكننا فى انتظار أن يكبر الحلم وينمو على هدف كبير مثلما فعل نجمنا
الكبير عمر الشريف، الذى استطاع أن يكون واحدا من نجوم هوليوود
المحبوبين، فعندما اختاره المخرج ديفيد لين للعب دور مهم فى فيلم
«لورانس العرب»، كان كالطلقة المتوهجة ورشح عن دوره لجائزة أوسكار
أحسن ممثل مساعد، وواصل الشريف المشوار بإبهار وتألق الكبار، وهو
ربما ما يفتقدته معظم الجيل الحالى رغم أن الباب مفتوح.
وللحق هناك البعض الذى سعى ببداية قوية أكثرها نضجا هو الممثل
الشاب خالد عبدالله الذى تألق فى فيلم «يونايتد» ثم «الطائرات
الورقية» ثم «المنطقة الخضراء» الذى كان فيه ندا بند أمام مات
ديمون، لكنه يبدو أنه انشغل بأمور أخرى وبتجارب مختلفة وكان عليه
أن يستغل هذه المواهب الكبيرة فى بدايته الكبرى ليواصل الطريق
بأعمال وأدوار أكبر بعد أن فتحت العالمية أبوابها له.
الفنان الآخر هو الموهوب عمرو واكد، الذى أدرك أن لديه إصرارا
كبيرا فى هذا الطريق، وتجاربه الأولى تدعمه لكنه بحاجة لأدوار تعبر
عن قدراته التمثيلية الكبيرة على الشاشة العالمية أكثر، نعم كانت
هناك فرصة حقيقية للبطولة فى «الأب والغريب»، لكنها ولدت منطفأة
بحكم أنها أوروبية وليس لها بريق أعمال هوليوود، بينما مشاركاته
الأمريكية كانت فى شخصيات محدودة مثل «سيريانا، وصائد السلمون فى
اليمن»، وآخر تجاربه «لوسى».
ويأتى الفنان خالد النبوى وهو لا يقل إصرارا عن واكد فى حلم
العالمية بل يزيد عنه، وكانت نظرته فى اختيار أدواره بحاجة إلى
تغيير يكشف عن أحلامه التى تفجرت فى «المهاجر»، فالبدايات فى
«مملكة السماء، واللعبة العادلة»، كانت غير كافية لانفجار أمل،
والتجربة الأكبر من حيث البطولة والتى كانت فى «المواطن» لم تستقر
فى الوجدان الجماهيرى بالقدر المطلوب لظروف وأسباب كثيرة، ونتمنى
ان تكون مسرحيته المهمة «كامب ديفيد» التى تعرض حاليا فى امريكا
خطوة مختلفة.
نعم، إن الشهرة العالمية من أكثر الأحلام التى تراود نجومنا
الشباب، لكن تجاربهم حتى الآن لم تستطع أن تضعهم فى مكانة كبرى،
ولم يحفروا أسماءهم بين أشهر النجوم مثل الشريف.. وعليهم الآن ان
يبدأوا فى الحفر.
بوش الرسام
خالد محمود
الإثنين 7 أبريل 2014 - 9:35 ص
لم أستطع إخفاء دهشتى من الخبر الذى تناقلته وكالات الأنباء حول
إقامة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش معرضا للوحاته بمكتبته
بدالاس، فى ولاية تكساس.
دهشتى لم تكن بالطبع اعتراضا على أن بوش اكتشف فجأة موهبته فى
الرسم، ولكن لأننى لم أتخيل يوما أن الرئيس الأمريكى السابق، الذى
حاك الكثير من المؤامرات وشن العديد من الحروب، لإزاحة أعدائه يمكن
أن يملأ وجدانه يوما ما أحاسيس ومشاعر فنان.
كثير من الأفلام السينمائية التى تعرضت لفترة حكمه (2001 ــ 2009)
تناولت غطرسته وتهوره، وإصراره على قرارات شريرة نتج عنها كثير من
الضحايا، ليس فقط لقادة وزعماء، ولكن لمجتمعات وشعوب أيضا.. أبناء
وطنه من النجوم والفنانين كانوا يؤمنون بأن رئيس دولة الديمقراطية
أبعد ما يكون عن تلك الديمقراطية، وأن تحركاته كانت بغريزة المصالح
والانتقام مثلما قال جورج كلونى.
فيلم «المنطقة الخضراء» لمات ديمون، على سبيل المثال، كشف وجها
انتهازيا قبيحا لبوش بإصراره على خوض حرب العراق، رغم تأكده من عدم
وجود أسلحة دمار شامل، فاقتحم جيش بوش الابن بلاد الرافدين وحطموا
الآثار والمتاحف ونهبوا وثائقها.
وفى أفلام أخرى كشفت سياسة بوش ضد مصالح الشعب الفلسطينى حق مواطنه
فى وطنه، ولم ننس المخرج مايكل مور الذى حطم منظومة أخلاقيات بوش
المزيفة فى فيلمه «فهرنهايت 9/11»، بينما جاء الفيلم الوثائقى
«العالم كما يراه بوش» للفرنسى وليم كاريل ليؤكد تحالف عقدة آل بوش
مع الشيطان نفسه فى غاية شريرة لا تريد الخير للعالم، بل تريد
امتلاك السطوة وممارسة القوة لفرض الآراء، والأفكار، والسياسات
بالقوة.
وذهب الفيلم إلى محاكمة آل بوش ليس فقط الأب والابن، بل محاكمة
الجد بريسكوت بوش الذى جمع ثروته من إدارة شركات نازية التوجه بعد
صعود هتلر إلى السلطة، ومن ثم تمت مصادرة ثرواته بتهمة التعاون مع
العدو كما يقول الفيلم.
بوش الابن بمعرضه ولوحاته أراد أن «يرسم» من جديد على العالم ويقدم
صورة لإنسان مختلف يمحو بها خطايا 8 سنوات ضد الإنسانية، هو نفسه
قال «أرسم كثيرا لأننى أسعى للنجاح»، ترى أى نجاح ينشده؟!
إنه يريد الآن ان يرسم زعماء ورؤساء العالم على هواه كما كان يفعل
وهو فى خضم السلطة، حيث كان يحرك الكثير بإصبعه كما يشاء مثلما فعل
مع تونى بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق مثلا، وكذلك الرئيس
الفرنسى الأسبق.
وبالنظر للوحات التى رسمها بوش نجد أنها لـ24 من رؤساء وزعماء
سياسيين التقاهم عندما كان فى الرئاسة وتلاعب بعقول أغلبهم، والآن
تلاعب بصورهم وأشكالهم.
وقد تساءلت لماذا لم يكن من بين لوحاته بورتريه لمواطن عادى.. أو
حتى لمنظر طبيعى، اكتفى بوش برسم بورتريهات لميركل والدلاى لاما
وبرفيز مشرف، وبوتين وكرزاى.. ترى ماذا يكمن فى داخله تجاه هذه
الشخصيات الآن.. هل هى رسالة غفران واعتزار لما فعله بعقولهم.. أم
يتمنى أن يعود إليهم ليواصل رسم خططه للعالم كما يريده من جديد! إن
عصر الرسم على البشر مازال مستمرا حتى لو كان فى الأحلام أو على
الورق.
مطاردة اللصوص
خالد محمود
الأحد 6 أبريل 2014 - 6:35 ص
هل فشلت مصر عبر مؤسساتها فى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية
لمبدعيها، وان المؤتمرات والاجتماعات التى عقدت على مدار العامين
الماضيين لمواجهة الازمة كانت كالافلام الصامتة؟ وهو ما دفع بعض
منتجى وموزعى الأفلام السينمائية لأن يأخذوا حقوقهم بأيديهم من
مافيا القنوات التى تسطو على أعمالهم.
القنوات الفضائية التى انتشرت كالوباء، تسببت فى خسائر فادحة
للمُنتج السينمائى، بعرضها للافلام الحديثة على شاشاتها بطرق غير
مشروعة، ومازال نزيف الخسائر مستمرا، فهى لا تدفع اى مقابل لبثها
ليضيعوا بذلك كل الفرص على اصحاب هذه الافلام لبيعها سواء عرض اول
أو حتى ثان أو ثالث.
بعض ملاك الافلام انتفضوا وبادروا بقيامهم بدور المخبر السرى،
وتفرغوا لعمل تحريات عن اماكن واوكار قراصنة الفضائيات، وبالفعل
نجحوا فى الوصول إلى بعض هؤلاء المرتزقة، وابلغوا عنهم شرطة
المصنفات، لكنهم لم يتمكنوا سوى من القبض على ملاك قناة واحدة أو
اثنتين على الارجح، ومازال الكثير من لصوص الافلام واوكارهم مجهولى
العنوان، ومازالت الافلام المصرية الحديثة تعرض وحقوقها مهدرة.
الجميع يعلم ان عائد بيع الفيلم للقنوات الفضائية، اصبح هو الركيزة
الاساسية لتعويض المنتج بعد معاناة دور العرض من عدم الاقبال
الجماهيرى عليها، لدرجة ان منتج وموزع الفيلم يبيعه لإحدى
الفضائيات قبل تصويره مثله مثل منتج المسلسلات التليفزيونية، وقد
قال لى احد المنتجين النشطاء فى الفترة الحالية انه لا يريد ان
يعرض فيلمه فى دور العرض اكثر من اسبوع واحد، لأنه باعه بالفعل
لفضائية، وسألته مندهشا: لماذا تفعل ذلك على الرغم من أن فيلمك حقق
نجاحا كبيرا فى المهرجانات وفاز بجوائز جعلت الجمهور متعطشا
لمشاهدته فى السينمات؟، فأجابنى: «بيدى لا بيد عمرو»، وأخبرنى انه
ضمن نصف مصاريف فيلمه بالبيع التليفزيونى الحصرى لإحدى القنوات
الفضائية عملا بمبدأ «عصفور فى اليد خير من عشرة على الشجرة».
تصوروا.. كان فى الماضى القريب، يبكى صناع السينما الجادة من عدم
اتاحة الفرصة لعرض افلامهم تجاريا، عندما كانت تحتكر القاعات نوعية
واحدة من الافلام ذات التوليفة التجارية البحتة طوال مواسم
الذروة.. كانوا يشكون ويشعرون بالظلم، لأن اعمالهم تبقى حبيسة
العلب لمدة عامين وربما ثلاثة.. الآن أصبحوا يهربون من دور العرض
خوفا من الخسارة، وتحسبا لأن تسرق الافلام خلال الساعات الاولى
لعرضها قبل بيعها.
المسألة بحق تحتاج إلى وقفة جادة وتكاتف من الجميع ، وتعديل قوانين
الحماية الهشة التى لا تقتص من لصوص السينما، وكفانا ما حدث من
تخاذل تجاه تراثنا الذى فرطنا فى جزء كبير منه بالإهمال والتواطؤ،
ناهيك عن الجزء الذى بيع بثمن بخس بطريقة متعمدة وكأنها مؤامرة
حقيقية على تاريخنا السينمائى.
قانون الضمير
خالد محمود
الأربعاء 2 أبريل 2014 - 6:15 ص
لم كل هذه الضجة المثارة حول ميثاق الشرف الإعلامى؟!
نعم نحن نحتاج لقواعد منظمة لما يجرى على الساحة الاعلامية، لكنى
ارى ان قانون الضمير الانسانى اقوى من اى بنود مكتوبة، وان قاعدة
المهنية الحقة أبقى من اى ميثاق.
الحكمة تقتضى أولا أنه على كل إعلامى قبل ان يظهر على الشاشة، ويطل
على ملايين المشاهدين ان يقطع على نفسه عهدا وكلمة شرف فى ان يكون
على قدر المسئولية، وان يعى انه يخاطب امة تتفاوت درجة ثقافتها،
وتأثرها، لا أن يعبث بعقولها لتصل إلى درجة المتاهة، ولا ان يصدر
انتماءاته وتوجهاته، وايديولوجياته المريضة لتتسرب إلى وجدان
المتلقى الجالس امام الشاشة، وتجعله يكفر بكل الاشياء بما فيها
الوطن نفسه.
كثير من برامج الفضائيات اليوم اصبحت تلهو بالاحداث، يتسابق
مقدموها فى تحليلها مستندين على شائعات، واقاويل وثرثرات وفذلكات
بآراء تخلو من ابسط قواعد المهنية وهى المعلومات وحاسة الادراك.
الشىء المدهش هى تلك المقدمات المليئة بالسفسطة، والرغى والتى يلجأ
اليها معظم مذيعى التوك شو، وهو دور آراه ليس مطلوبا بالمرة، لكنها
العدوى اللعينة التى اصابت الجميع وتضرب المهنية واصول العمل فى
مقتل.
حتى نشرات الاخبار ارتدت مؤخرا ثوبا مائعا، وكأنها فاصل من برنامج
منوعات، ناهيك عن الاخطاء الفادحة فى ابسط قواعد اللغة.. وما يثير
العجب ان نرى نشرة اخبار نصف كلماتها فصحى والنصف الاخر عامية،
وكأن هذا من باب التجديد والتغيير والتميز!!.
رءوس القنوات الفضائية الخاصة رفضوا بشدة ان تضع الحكومة ميثاق شرف
للمهنة، وانا معهم، لكنهم لم يطرحوا بديلا لوقف مهازل برامجها
الكبرى وغيرها على شاشات قنوات اخرى فى العبث بعقول ووجدان الرأى
العام والتراجع عن القواعد المهنية.
إن الاعلام الفضائى اصبح يلعب فى بلدنا دورا خطيرا، وان لم يصح صوت
الضمير والحرفية سيكون الخطر اعظم، فلم نر برامج تناقش بموضوعية
راسخة على قواعد معلومات ظواهر فى المجتمع مثل ازمات انقطاع
الكهرباء، والاضرابات الفئوية، ولا ازمة تلوث المياه، ولا تراجع
التعليم، وغش الدواء ولا حتى التثقيف السياسى.
واقع الامر ان زحف كثير ممن لا يملكون مفردات المهنة على شاشات
الفضائيات كان له بالغ الاثر فى تراجع مستوى المهنية، لان اغلبهم
يفتقدونها، ولا ادرى لماذا لم يخضع هؤلاء إلى تدريب قبل الظهور على
الشاشة ليستعرضوا ايديولوجياتهم الفكرية احيانا وتصفية حسابات
احيانا اخرى.. وقبل اى شىء يجب ان يكون الدرس الاول هو اعلاء ضمير
المهنة.
الوصية الأخيرة
خالد محمود
الخميس 27 مارس 2014 - 6:15 ص
قال لى فى آخر حوار طويل بيننا «أنا لسه بحلم». وصمت، وصمتُ أنا
أيضا. مرت حوالى عشر دقائق، إلى أن كسر حاجز الصمت بقوله: أحلم
بحياة، فأنا لم أعش بعد. جوايا أفكار كثيرة، وشخصيات من بنى وطنى
نفسى أجسدها. نفسى أعيش أحمد زكى اللى حاسه دلوقتى. أنا حاسس اننى
اتفطمت، اتفطمت من حاجات كثيرة، لكن مش من نفسى. إياك يا خالد
تتفطم من نفسك. خليك زى ما انت. عيش جوه نفسك. خاف من نفسك وطبطب
عليها، فالإنسان بلا خوف مش إنسان.
الموقف استدعته الذاكرة، وأنا أفتش فى نفس الراحل الجميل النجم
الأسمر أحمد زكى. الفنان والإنسان. الأصل والصورة فى ذكرى رحيله
التاسعة، وكم كانت المواقف التى جمعت بينى وبينه كثيرة عبر حوارات
صحفية دار أغلبها فى الفندق الذى كان يقيم به أثناء تصوير فيلمه
«أيام السادات» وكذلك «أرض الخوف» ومعالى الوزير وحليم، ونظرات
ولقاءات عابرة بلا كلمات خلال رحلة علاجه قبيل الرحيل الصدمة.
فأصعب لحظة على أى فنان حينما يشعر أن بداخله الأحلام تتدفق ويأتى
القدر فجأة يخطفه منها، دون حتى أن يساومه على شىء.. أى شىء.
كان أحمد زكى يشعر أحيانا كثيرة بعدم الرضا، فرغم إيمانه بأنه قدم
مشاهد سينمائية فى بلاتوه الحياة كما يحب أن يسميها، فإنه يرى أن
الإيمان الأكبر فى الإصرار على تقديم مشاهد أهم جديدة وقادمة. تلك
المشاهد تتلخص فى صور لشخصيات من واقع الحياة، أراد أن يصرخ بصوتها
ويقدم حكاياتها على الشاشة. لدرجة أنه كان يشعرنى رغم إنتاجه
الكبير أنه لم يقدم شيئا بعد. فطوفان الموهبة كان يتجدد من وقت
لآخر، والممثل بداخله كان يثور دائما كالبركان، يريد أن يفرج عن
مكنون رؤى وشخصيات. بل إن أحمد زكى بدا لنفسه فى آخر عام فى حياته
وكأن لحظة توهجه الفنى الذى يبغيه توشك أن تولد من جديد بأحلام
جديدة.
وفى لحظات أخرى كنت أشعر أن بداخله خوفا من تلك الأعمال السينمائية
التى قدمها للشاشة أنها سوف تفقد وتهمل، وهنا أذكر غضبه الشديد من
موقف وزير الاعلام الأسبق صفوت الشريف حينما ذهب إليه وأوصاه
بضرورة أن يتبنى التليفزيون المصرى شراء وتجديد حقوق عرض أفلامه
حتى يتمكن جمهوره من رؤيتها تليفزيونيا ومن هذه الأفلام «أرض
الخوف، وعيون لا تنام، وطائر على الطريق، والتخشيبة، الحب فوق هضبة
الهرم، وزوجة رجل مهم، والراعى والنساء، والبيه البواب، والباشا،
والامبراطور، وأحلام هند وكاميليا، والهروب، وضد الحكومة، وموعد
على العشاء» وظل يحاول مع الجهات المختصة لتنفيذ أمنيته ووصيته،
لكنه كان حزينا لعدم اتخاذ أية خطوات إيجابية فى هذا الموضوع وحتى
فى أيام مرضه كان كثيرا ما يسأل كل من حوله: هل سيتبنى التليفزيون
المصرى فعلا هذه الوصية، هل بدأ المسئولون فى التفاوض على حق عرض
أعمالى. أولادى. تاريخى. إننى لم أقصر فقد قدمت أعمالا متنوعة
لشخصيات مصرية».
فى النهاية، رحل النجم الاسمر وترك وصيته.. فهل من مستجيب؟! |