نادر عدلي :
نحتاج لثورة على السينما لنجعلها صناعة الموهوبين
وليس المحتكرين
حوار : كريمة صبري
أصحاب شركات الإنتاج الكبرى يحاولون لوي ذراع
الحكومة .
غير مسموح للافلام المستقلة أن تنجح في السوق
المصري .
هو رجل يمتلك من العقل ما يجعله نادراً عن غيره ، له نظرة مختلفه
لأفلام الموسم ، يقيمها بتاريخه في عالم النقد السينمائي في حوار "
بوابة روز اليوسف " تحدث مع الناقد " نادر عدلي " عن رؤيته النقدية
لمجموعة من أفلام الموسم ، كما تحدث عن الحلول الممكنة لحل أزمة
صناعة السينما المصرية وكشف العديد من الأمور .
·
بداية .. كيف تصف أفلام السينما المصرية هذا الموسم ؟
الصفة الأولى : أفلام قليلة التكلفة .
الصفه الثانية : أفلام بلا نجوم .
الصفة الثالثة : إيرادات هابطة ، على عكس إيرادات الأفلام
الأمريكية التي تعرض في مصر مؤخراً ، فتحقق عدد ضخم من الإيرادات
مقارنة بالأفلام المصرية التي إنصرف عنها جمهورها .
·
ماذا تقول برؤيتك النقديه عن كل من الأفلام التالية : لامؤاخذة –
خطة جيمي – أسرار عائلية؟
"لامؤاخذة" أفضل أفلام الموسم الجديد، به معالجة جيدة، فيها درجة
عالية من الصدق والتلقائيه، نجحت في جذب الجمهور ، وإستطاع صناع
الفيلم أن يثبتوا تأثير المعالجة المتميزة على جذب الجمهور ،
وتحقيق إيرادات جيدة بمبلغ 4 مليون جنية لأول شهر في عرضه ، أي
حوالي مليون جنية كل أسبوع .
·
ما الذي ميزه عن غيره من الأعمال الأخرى ؟
ما يميزه هو أنه قائم بشكل كلي على الأطفال فقط ، وهذا شيء صعب ،
ونادر على السينما المصرية ، كما أنه يقدم قضيتين معاً هم : سوء
التعليم في مصر و الفتنة الطائفية .
·
لكن ألم ترى إستغلال الفيلم للطفل بشكل كبير ، وإمكانية نشره
للسلوك العدواني بين الأطفال ، بعد معالجتهم للموضوع من خلال
معاملات الطلاب في المدرسة وما إلى ذلك ؟
لا بالعكس ، أرى أن هذا طبيعة الحال داخل المدارس الحكومية ، فلم
يكن هناك أي مبالغة في الأداء ، ومسألة وجود الأطفال ، كانت شيء
ضروري لتساير موضوع الفيلم بشكل متكامل .
·
إذا نظرنا له بهذا الشكل .. فلماذا كل الهجوم على الفيلم في
البداية منذ طرح الفكرة؟
بدأ الهجوم عليه ، بسبب مناقشته للفتنة الطائفية ، لكن إذا نظرنا
له سنرى معالجة أذكى بكثير من وضعها في هذا السياق فقط ، بالإضافة
إلى أن المساحة الأكبر للفيلم كانت لقضية سوء التعليم في مصر ،
والتمييز بين الغني والفقير في المدارس الحكومية والخاصة ، ووجود
أقلية دينية وسط مجموع كبير من الديانة الأخرى والسائدة .
·
ماذا عن فيلم "خطة جيمي " ؟
فيلم يحمل أكبر درجات السخافه والملل بشكل مزعج ، لايتصل بالأداء
التمثيلي ولا يحتوي على جاذبية الموضوع ، وصناعة رديئة للمشاهد ،
ساذج للغاية ولا يستحق أن يكون فيلماً ، بالإضافة إلى تكراره لقصة
فيلم السبكي " حبيبي نائماً " .
·
ظهرت مجموعة أفلام في الفترة الأخيرة ، تناقش موضوعات لم يتعود
عليها الجمهور المصري أن يراها في بهذا الشكل .. كيف ترى ذلك ، في
ضوء فيلم "أسرار عائلية " الذي يناقش قضية الشذوذ الجنسي ؟
أعتقد أن مخرج الفيلم " هاني فوزي " خاض تحدي كبير ، بأن يطرح
موضوع مثل هذا ، ومن المتوقع ألا يلقي إقبال إجتماعي جيد ، لكن
الظاهرة التي يناقشها الفيلم مهمة ، فهو أول فيلم يناقش الشذوذ
الجنسي ويكون البطل شاذ جنسياً ، وهذا لم يحدث في السينما المصرية
.
·
ما رأيك في معالجة الفيلم للموضوع ؟
كانت معالجة أخلاقية وحذرة ، لايوجد بها مايثير الهجوم أو الغضب ،
فهو أخلاقي لدرجة تمنعه من عرضه في الدول الأوروبية التي تسمح
بزواج الميثليين .
·
على الرغم من ذلك إلا أن الرقابة لم تسمح في البداية بعرض الفيلم
كاملاً ، وصممت على حذف عدد من المشاهد الخادشة للحياء .. كيف وجدت
تصرف جهاز الرقابة مع هذا الفيلم ؟
الضجة التي حدثت ضد الفيلم " مبالغ فيها " لأنه كان هناك إلحاح في
كل المشاهد بأن الحالة مرضية ، ويمكن للمشاهد أن يتعاطف معها في
النهاية ، وتشعري بضرورة علاجه ليتكيف مع المجتمع ويخرج عن شذوذه ،
وبهذا لم يفعل الفيلم أي عداء مع عادات وتقاليد المجتمع التي يحاول
جهاز الرقابة الحفاظ عليها .
·
بعد الأزمة الأخيرة لفيلم " حلاوة روح " كيف تقيم كل ماحدث حوله من
وجهة نظرك ؟
أرى أن هذا الفيلم أسوأ ما رأته عيني على مدار العشرون عاماً
الماضية ، ووقفت الرقابة أمامه وقفة العاجز ، لم تستطيع الحسم ،
قامت بدورها فقط في فرض السيطرة الزائفه وسمحت بعرض الفيلم تحت
مسمى " الكبار فقط " ، ثم جائت الحكومة لتثبت عجز الرقابة أكثر
وأكثر بعدما منعت عرضه من دور العرض السينمائي .
·
كيف ترى تغيب عدد من نجوم الصف الأول عن السينما في الفترة الأخيرة
؟
هذا يرجع لإنسحاب معظم هؤلاء النجوم للدراما التليفزيونية لتحقيق
ربح أكثر ، بالإضافة لأصحاب شركات الإنتاج الكبرى ، عندما قرروا
منذ ثلاث سنوات عدم إنتاج أفلام جيدة التكاليف ، وإستغلوا حدوث
الثورة وقرار رئيس الوزراء السابق " حازم الببلاوي " بعمل لجنة
وزارية تحل أزمة صناعة السينما ، طرحوا فيها كل مايجعلهم يربحون
أضعاف ربحهم ، محاولين لوي ذراع الحكومة ، فهي طريقة لإستغلال وجود
حكومة لا تفهم أبعاد أزمة السينما الحقيقية ، وبدلاً من أن يعاقب
المسؤلين هذه الشركات على حالة الإحتكار أصبحوا يعطوهم مزايا أكثر
.
·
وماهي الحلول للخروج من هذه الأزمة من وجهة نظرك ؟
سنستمر في أزمة صناعة السينما طالما المنتج الرئيسي هو نفسه الموزع
هو نفسه صاحب صالة العرض مثال : " إسعاد يونس – حسن رمزي " ، إذن
لا حل لأزمة السينما في مصر ، وبالتالي هؤلاء المنتجون ، يشترطون
على الأفلام المستقلة أن يتم عرضها في صالات العرض خلال اسبوع واحد
وفي 5 صالات عرض فقط ، وإذا لم يتم الموافقة على هذا الشرط ، فلن
تعرض هذه الأفلام ، وغير مسموح أن تنجح الأفلام المستقله في السوق
المصري ، لانها ستغير من الذوق العام ، وبالتالي الأفلام ذات
الإنتاج الضخم لن يكون عليها نفس الرواج الجماهيري ، وبدون إصدار
قوانين تحدد بشكل واضح وصريح التقسيم بين المنتج والموزع وأصحاب
صالات العرض ، سيحدث تداخل بين الثلاث ، وسيزداد الإحتكار ومنه نصل
إلى إنهيار السينما .
·
أخيراً .. ماذا تتمنى للفن في مصر خلال الفترة القادمة ؟
أتمنى أن تصل ثورتنا للسينما ، فنحن نحتاج لثورة مماثلة تجعل
السينما صناعة الموهوبين وليس المحتكرين . |