سلسلة ترصد أهم نتاجات السينما العالمية
سينما الحرب.. والدلالات السياسية!
«سترة
معدنية كاملة» عن وحشية معسكرات التدريب
عبدالستار ناجي
مرة أخرى، يعود المخرج الأميركي ستانلي كوبريك الى سينما الحرب،
والتي ينطلق من خلالها الى اعلان موقف حقيقي رافض للحرب وويلاتها
وعذاباتها، معتمداً على نص روائي يعري الممارسات العدوانية التي
يعيشها اثنان من مشاة البحرية في معسكرات التدريب، ابان الحرب
الأميركية - الفيتنامية.
فيلم سترة معدنية كاملة لربما هو احد اقسى الافلام في تقديم الظروف
الموضوعية التي يعيشها المجندون، بالذات جنود مشاة البحرية
الأميركية، عبر الاوامر التي يصدرها السارجنت هارتمان والتي تكاد
تجعل القلوب تتوقف، حيث يصاب عدد من المجندين بالانهيار ويصل البعض
الآخر الى الجنون... والانتحار، في مشهديات حينما قدمت للمرة
الأولى، جاءت ردود الأفعال المفاجئة، بالذات من قيادات الجيش
الأميركي، بينما صدرت الكثير من الروايات التي تؤكد تلك الممارسات
بكل وحشيتها.. وقسوتها.. وتسلط القيادات العسكرية على المجندين
والمتدربين الحديثين.
سارجنت قاس، حتى في قراراته بالعقاب، فحينما يخطئ احدهم، يكون
العقاب للجميع، ما يخلق روحاً عدائية بين المجندين وقياداتهم،
تنعكس لاحقاً على ادائهم في المعارك.
في الفيلم الذي يمضي بنا، الى اسرار المعسكرات، نشاهد اصناف من
العقاب، لعل أقله، الضرب بقطع الصابون الملفوف بالمناشف.. وبطريقة
مسعورة ما يسبب حالات من الهوس.. والانهيار العقلي.
عندها يقرر احد المجندين، ان يحمل بندقيته الى احد الحمامات، وهناك
يقرر الانتحار في واحد من اقسى المشاهد السينمائية، عن الحرب
الفيتنامية، على وجه الخصوص... والذي لا يمكن نسيانه على الاطلاق،
والذي يضاف الى رصيد النجم الأميركي فنسنت دونفيرو وهو يتقمص شخصية
المجند ليونارد لورنس.
شخصياً شاهدت الفيلم في عرضه الأول عام 1987، ومنذ ذلك الحين، وذلك
المشاهد لا يفارق ذاكرتي.. لاننا امام لحظة لا حل لها.. سوى الضغط
على الزناد.
حكاية مجندين، ابان الحرب الاميركية - الفيتنامية، نأخذنا الى
عوالم واسرار وخفايا حياة المجندين، في الجزء الأول، نتابع
عذاباتهم في معسكرات التدريب ووطنية القيادات... وفي الجزء الثاني
جهنم الحرب حينما تتفجر.
بعدها لا شيء سوى الجحيم، حيث الموت هو الحل الابسط، قياسا بالجثث
المتراكمة.. والاجساد التي تشوهت.. وبترت.. وكمية المعاقين جسديا..
ونفسيا.. والفيلم يعزف على الوتر النفسي.. والاثار المترتبة على
الحروب ومعسكرات التدريب، التي تدار من خلال ضباط مهوسين.. مشوهين
داخليا، تنعكس حالاتهم النفسية على تصرفاتهم، قسوة وجنون ارعن.
في الفيلم كثير من الاتهام، الذي يمثل الثقل الأساس للنص الروائي..
وأيضاً المعالجة السينمائية.
للأدوار الرئيسة، اختار المخرج ستانلي كوبريك، النجم الشاب ماثيو
مودين لدور المجند جيمس دايفز (جوكر) وهو المعلق الذي يروي لنا
احداثيات الفيلم، والذي نشاهده وهو يلتحق بمعسكرات التدريب أولاً،
يكون شاهدا على عذابات.. ومن ثم الحروب وويلاتها المفجعة.
والدور المجند ليونارد، النجم فنسنت دونفيرو الذي يظل هذا الدور من
ابرز اعماله، وهو يقدم شخصية المجند الممتلئ، والذي يطلب منه
التحرك.. وهو لا يمتلك اللياقة.. ليواجه ضغطا نفسياً عالياً..
يوصله الى الانتحار. ومن الشخصيات الابرزة في الفيلم، شخصية
السارجنت هارتمان (آر. بي. ايرمي) وعن هذه الشخصية القاسية فاز
بجائزة (ايمي) لأفضل ممثل مساعد وتعتبر هذه الشخصية، حسب الكثير من
الكتابات النقدية، من أبرز الشخصيات التي تقدم التسلط والعنف
الانساني ضد الانسان.. خلال ايام الحروب.
رغم ان الرواية التي كتبها مايكل هير، قد صدرت عام 1977، الا ان
المخرج ستانلي كوبريك، اتصل به عام 1980 لتطوير التعاون، وتحويل
العمل الروائي الى عمل سينمائي، حيث كان اللقاء الأول بينهما في
انكلترا، ولهذا كانت الرواية هي المدخل، مع تطويرها، بالمستجدات
التي طرأت، والتي وثقتها الكثير من الصحف الأميركية.. وايضاً
الفيتنامية... وقد استغرقت عملية التحضير لهذه التجربة قرابة
الاعوام الثلاثة، جمع خلالها كوبريك ارشيفاً ضخماً.. عن الاثار
النفسية للحرب الأميركية - الفيتنامية.
في عام 1985 بدأ التحرك الجدي بالمشروع، حيث كان كوبريك يتحدث الى
هير وايضاً الكاتب هاسفورد بمعدل أربع مرات اسبوعياً.. وكانت تمتد
المكالمة لأكثر من ساعتين. وبعد عام من الكتابة، ظل الفيلم بلا
عنوان، حتى التقط ستانلي كوبريك جملة سترة معدنية كاملة ضمن سياق
الحوار في الفيلم لتكون عنوانا محوريا، يحمل كثيراً من الدلالات..
والمضامين. بل لعل المعادل الرئيس للعنوان، انه ورغم تلك الجلدة
المصفحة، القادرة على حماية الانسان (المجند) الا ان الرماد هو من
الداخل.
صور ستانلي كويربك الفيلم في المملكة المتحدة، وفي كامبريدج على
وجه الخصوص، معتمداً على احدى القواعد البريطانية.
وقد واجه الفيلم بعد المشاكل عند العرض الأول، حيث اطلق في اسبوعه
الأول في (215) صالة يوم 26 يونيو 1987 بجمع مليوني دولار، ولكن
اطلاقه عالميا، وردود الأفعال والنتائج الايجابية التي جاءت من
أنحاد العالم، جعلت الشركة الموزعة ترفع عدد الصالات الى 881 صالة
ليحقق 6 ملايين دولار، وبعد الاسبوع الثالث بلغ الاجمالي 46 مليون
دولار.
ورغم شيء من القسوة من بعض القطاعات الاعلامية في أميركا، الا ان
الفيلم ظل يحصد الكتابات النقدية الايجابية لأهميته وقيمته
وشفافيته في تعرية الواقع. كما ان الفيلم حقق (11) جائزة بين عامي
1987-1989 من بينها اوسكار افضل سيناريو مقتبس وجائزة بانتا لأفضل
صوت ومؤثرات بصرية، وايضاً جائزة أفضل ممثل مساعد (آر. لي. إيرمي)
ضمن جوائز ايمي.
شارك في كتابة السيناريو، جوستاف هاسفورد وستانلي كوبريك.. وقام
بالانتاج والتوزيع ستانلي كوبريك مع ستديوهات وارنر براذرز، وكانت
النسخة الأولى للفيلم مدتها ساعتان، تقلصت الى 116 دقيقة بعد حذف
مشاهد في غاية القسوة عن ممارسات المدربين ضد المجندين في معسكرات
التدريب.
صناع الموسيقى التصويرية للفيلم فيفيان كوبريك التي تعاونت مع
ستانلي في صياغة موسيقات أفلامه ومنها اوديسا الفضاء وشايننغ.
أما ادارة التصوير فقادها دوغلاس ميلسوم، وهو الآخر يكاد يكون قد
شارك في تصوير أكبر عدد من أفلام كوبريك، بالاضافة الى فيلم روبن
هود.
فيلم سترة معدنية كاملة فيلم لا يجامل، ولا يدلس، بل يمارس
الحقيقة، ويعري مرحلة.. وحالة.. وظروفاً.. يذهب الى الحرب، وقبل ان
يرى الخصم، يعري الذات، ويكشف حقائق، قد تكون غائبة، عن ممارسات
وتصرفات الكثير من القيادات.
السفير الفرنسي:
التعاون المشترك طريقنا لخلق مبدعين سينمائيين
كويتيين
عبدالستار ناجي
أكد سفير الجمهورية الفرنسية لدى دولة الكويت كريستيان نخلة، أهمية
التعاون الفني المشترك بين الجمهورية الفرنسية ودولة الكويت، من
خلال مبادرة التعاون المشترك التي اطلقتها مؤسسة فيميسن وهي مدرسة
حكومية كبيرة تابعة لوزارة الثقافة والاعلام الفرنسية، وهي ممولة
من المركز الوطني للسينما والصورة المتحركة.
وأشار في تصريح له خلال المؤتمر الصحافي، مشيداً بدور سينسكيب في
دعم هذه التجربة التي من شأنها خلق مبدعين سينمائيين كويتيين من
خلال التدريب المتخصص، على يد اساتذة، في هذه المجالات الفنية.
شارك في المؤتمر الصحافي السفير الفرنسي كريستيان نخلة، والمدير
العام مدير البرامج والعمليات في سينسكيب شركة السينما الكويتية
الوطنية هشام الغانم وفرانسو بروسار مدير المعهد الفرنسي في الكويت
وطلال المهنا المنتج السينمائي الكويتي وعضو لجنة التحكيم وجنفياف
رونوف الملحق الثقافي في المعهد الفرنسي بالكويت.
هذا وقد تم الاعلان عن الاسماء الفائزة في هذه الدورة وهم: حمد
النجار ومحمد المبارك ودلال الحشاش.
هذا وأشار السفير نخلة الى ان مؤسسة فيميس هي احدى المدارس الحاصلة
على أكبر عدد من الجوائز في العالم، وذلك من خلال تلاميذها
وأجيالها، فخلال خمسة وعشرين عاماً قام تلاميذ فيميس بانتاج أكثر
من 2500 فيلما قصيرا وأفلام خيالية ووثائقية.
من جانبه، أكد المدير العام مدير البرامج والعمليات في سينسكيب
هشام الغانم أهمية هكذا تعاون بناء، مشدداً على المكانة التي تتمتع
بها فرنسا في المجالات السينمائية المتخصصة على صعيد التدريب
الأكاديمي المتخصص.
وأشار الغانم الى ان لجنة التحكيم لاختيار المرشحين تشكلت من كل من
عضويته، بالاضافة إلى فرانسوا بروسار وجنيفاف رونوف وطلال المهنا.
هذا ومن المتوقع ان يغادرنا الى العاصمة الفرنسية الكوادر الكويتية
الشابة التي تم اختيارها للمشاركة في هذه الدورة التدريبية التي
تعمل على تطوير علاقة تلك الكوادر بصناعة السينما العالمية.
وجهة نظر
تكامل
عبدالستار ناجي
تكشف الدورة الرمضانية الحالية الحاجة الماسة الى التكامل الفني..
والتلفزيوني على وجه الخصوص.
أعلم جيداً، بأن التكامل يتم على الصعيد الشعبي، ففي أي عمل يتم
انتاجه، هنا في الكويت (مثلا) فاننا امام الشاشة امام نجوم من جميع
دول مجلس التعاون الخليجي، اضافة الى كوادر من دول المنطقة ويصل
الأمر الى دول شمال أفريقيا.. اما خلف الكاميرا فنحن امام اكبر عدد
من الجنسيات، التي تشكل حالة من الثراء.. جراء ذلك التعاون..
والتكامل الفني.
ولكننا نتحدث عن البعد الرسمي، لتعميد وتعميق هكذا تجارب..
فالانغلاق ليس لصالح الانتاج.. أو الفنان.
والقراءة الأولى، لكثير من الاعمال التي تم انتاجها في الاطر
الضيقة (المحلية البحتة) نكتشف مدى الحاجة الى فضاءات ابعد من
التعاون لتجاوز كل تلك الهوامش التي تدفع بتلك الأعمال الى
الابتعاد عن اطر التنافس.. والتألق.. والتميز.
الحديث هنا لا يخص الأعمال الكويتية فقط، بل يتجاوزها الى كثير من
الأعمال الخليجية والعربية، التي ينقصها الانفتاح.. والتماس مع
الابداع الحقيقي، في جميع مفردات الحرفة التلفزيونية.
التكامل يعني في كل شيء، الكتابة، حيث اليوم الكتابة في القها..
والانتاج.. والحرفيات الفنية.. والتمثيل (لتجاوز الاطر التقليدية
في الأداء والتقمص) وغيرها من العمليات الفنية.
التكامل يتطلب تجاوز (الشوفينية) وقبول الآخر.. وقراءته.. ومشاهدته.
التكامل يعني الحوار مع الآخر فنيا.. وابداعيا.. عندها يأتي
الحصاد.. وعلينا ان نستفيد من تجارب الآخرين، بالذات الانتاج
الدرامي التلفزيوني والسينمائي في اوروبا، حيث يذوب الكل في الفعل
الابداعي لتقديم نتاجات عالمية الملامح.. تمتلك هويتها وخصوصيتها.
التكامل هو عنوان من أجل مستقبل الدراما في العالم العربي.
وعلى المحبة نلتقي. |