المهرجان يعرض نحو 300 فيلم بينها 50 للمرة الأولى
موسم {الأوسكار} يبدأ من تورنتو
لندن: محمد رُضا
كالعادة يبدأ موسم المهرجانات بالزخم الكبير. كارلوفي فاري ينتهي
ليبدأ لوكارنو. ينتهي لوكارنو ليبدأ مونتريال الذي يتداخل مع
فينيسيا الذي يتقاطع مع توليارايد وتورنتو، ومع نهاية تورنتو ينطلق
سان سباستيان، وقبل نهاية ذلك المهرجان الإسباني العريق تتدحرج
مهرجانات أخرى من بينها دوفيل ولندن وروما، وفي وسطها جميعا أبوظبي،
يليه مراكش وبعده دبي، لكن في مكان ما بين أبوظبي ودبي ينطلق
مهرجان القاهرة في عودة جديدة.
الجزء العربي من المهرجانات السينمائية الدولية (أي تلك التي
تُشيّد على استيعاب شخصيات وأفلام عالمية وتطمح إلى احتلال رقعة
ملحوظة على الخارطة الكبرى) له حدوده التي لا يستطيع تجاوزها مهما
حقق من نجاح. قد يصبح أكبر مهرجان في المنطقة العربية، لكنه لن
يكون المهرجان المنافس عالميا، ولا الحدث الذي يؤثر في مسيرة هذا
السينمائي أو ذاك.
الحال ذاتها بالنسبة للكثير من المهرجانات العالمية غير العربية:
كان لسان سباستيان عز في الماضي ما زال يستند إليه، لكن الفيلم
الرابح فيه لا يستطيع استخدام الجائزة لشؤون الدعاية والترويج
الإعلامي. مستقبله في سوق الفيلم بعد ذلك هو ذاته في معظم المناطق
فيما لو لم يشترك. كذلك الحال مع كارلوفي فاري ومونتريال وروما
ولندن ودوفيل وإلى حد ما لوكارنو.
الثقل الحقيقي لا يكمن أساسا في أوروبا. حتى الفيلم الذي يربح
جائزة «كان» الذهبية الكامن في ربيع السنة وليس في زحمتها الحالية،
هو تذكرة نجاح لما بعد المهرجان. ليس في كل القطاعات والأسواق.
والأمر ذاته بالنسبة لمهرجان «فينيسيا». كلاهما كبير وبالغ الأهمية
على أكثر من صعيد، لكن جوائزهما محدودة التأثير على الحركة
الصناعية - تلك التي تمنح بعض المهرجانات الأخرى ثقلها وفي مقدمتها
مهرجان تورنتو.
لم يطرح مهرجان تورنتو، الذي ينطلق هذا العام ما بين الرابع
والرابع عشر من سبتمبر (أيلول) نفسه كسباق للأفلام المشتركة، بل
معين لها في حملتها المقبلة لكسب الجمهور. استفاد من حجم شركات
التوزيع الأميركية والأوروبية والآسيوية التي تقبل على المشاركة في
هذا المهرجان. الأميركية للتبضّع من أفلام تكتشفها ولترويج مسبق
للأفلام التي أنتجتها، وتلك الأوروبية والآسيوية لعرض ما لديها
رغبة في إيجاد موزّعين لها في السوق الأميركية الكبيرة. هذا لا
يعني أن الأفلام المشتركة لا علاقة لها بفن السينما مطلقا، بل يعني
أن كونه مهرجانا بلا مسابقات ولا لجنة تحكيم ولا جوائز مكّنه من أن
يلعب دوره في المزاوجة بين الفن والتجارة على نحو متحرر من
التقاليد.
لكن عندما قامت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية بتقديم موعد
حفل الأوسكار ارتفعت أهمية مهرجان تورنتو بسبب الفاصل الزمني
البسيط بينه وبين بدء حملات الشركات الأميركية للأفلام التي تريد
توجيهها للترشيحات، والتي تبدأ مع نهاية شهر سبتمبر وتستمر لنحو
شهر قبل موعد حفل الأوسكار.
*
إشارة انطلاق
قبل سنوات كتبت هنا أن تورنتو قد يصبح نموذج المهرجانات الدولية في
المستقبل، وأن «كان» و«برلين» و«فينيسيا» (الثلاثة الكبار) باتت
الشكل القديم بين المهرجانات في مواجهة شكل جديد ومختلف يؤمنه
مهرجان تورنتو كمحفل كبير لشتى العروض والغايات. اليوم هو كذلك
فعلا: المهرجان الذي يعرض الكم الأكبر من الأفلام التي سنعود إليها
أسبوعا وراء أسبوع من الآن وحتى الشهر الثاني من العام المقبل.
بالنسبة للسينمائي، فإن الفوز بذهبية من المهرجانات الأوروبية
الكبيرة أمر رائع. بالنسبة لمستقبله على أرض الواقع يتوقف ذلك على
ظروف ومعطيات ليست من مسؤولية أي من هذه المهرجانات. لذلك فإن
مهرجان «تورنتو» مناسب لرصف الطريق أمام الفيلم الفائز في مهرجانات
أخرى وأمام الأفلام التي لم تذهب إلى أي مهرجان آخر من قبل.
الأفلام محتشدة هذا العام بضراوة. يشبه وضعها خط البداية لدى سباق
الركض عندما يصطف الرياضيون عند خطوطهم بانتظار إشارة الانطلاق.
وهناك نحو 300 فيلم بانتظار إشارة الانطلاق بينها ما يقترب من
خمسين عرضا عالميا أول.
هناك 35 فيلما أميركيا من بين العروض الرئيسة المحتفى بها، بينها
الفيلم الجديد للمخرج جان - مارك فالي، الذي كان تسلّق الشهرة وسلم
الجوائز في العام الماضي (ومطلع هذا العام) بفيلمه «دالاس بايرز
كلوب» بطولة ماثيو ماكونوفي، الذي كان أيضا بدأ رحلته الناجحة بعرض
الفيلم في دورة العام الماضي من تورنتو. الفيلم الجديد عنوانه
«برّي»
(Wild)
تقود بطولته ريز ويذرسبون في دور امرأة شابة تقرر طلاق ماضيها
الموحش والقيام برحلة جديدة في البرية تكتشف فيها نفسها.
أندرو نيكول، المخرج الذي لا يزال يُذكر بفيلمه السياسي «لورد
الحرب» (مع نيكولاس كيج في دور تاجر السلاح الذي يتوقّف ليسأل نفسه
عما تقترف يداه) يعود بفيلم يحمل نبرة مشابهة هو «قتل جيد» (Good Kill
أو «قتل مباح») حول قائد طائرة «درون» على الأرض (إيثان هوك) يبدأ
بإلقاء الأسئلة حول أخلاقية ما يقوم به.
من ناحيته يؤم الممثل روبرت داوني جونيور دور محام يدافع عن والده
القاضي المتهم بارتكاب جريمة قتل، وذلك في دراما بعنوان «القاضي»
تضمّه والممثل المخضرم روبرت دوفال تحت إدارة ديفيد دوبكن.
وباري ليفنسون («رجل المطر»، «الطبيعي»، «هز الكلب») يعود بفيلم
عنوانه «الإذلال» من بطولة آل باتشينو في دور ممثل مسرحي مرتبط
بعلاقة مع امرأة لا يكفي أنها تصغره بعقدين بل تكشف عن نفسها بأنها
سحاقية.
ريتشارد لاغرافينيس، الذي عرض هنا سنة 2011 فيلمه اللافت «ماء
للفيلة»، يعود في اقتباس لمسرحية «السنوات الخمس الأخيرة» تقع
أحداثها خلال هذه الفترة وتقود بطولتها آنا كندريك في دور ممثلة
تحاول إثبات جدارتها. ويعرض ديفيد غوردون غرين، وهو مخرج متألق
حديثا بفضل بضعة أعمال عرضها في برلين وفينيسيا من قبل،
«مانغلهورن»، من بطولة آل باتشينو (أيضا) في دور رجل خسر زوجته ولا
يزال مخلصا لها وتزوره في أحلام اليقظة، ويحرم نفسه من نعمة الحياة
من جديد.
ومن عداد المخرجين المستقلين هناك هال هارتلي الذي يقدم في «ند
رايفل» ثالث فيلم من ثلاثيّته التي بدأت بـ«هنري غبي» (1997) و«فاي
غريم» (2007)، وفيه يخلص إلى وضع عائلة غريم
(Grim)
الحالي وسط مشاكل الولايات المتحدة الاجتماعية والسياسية.
ما يتسنى لنا عرضه من خارج الإطار الأميركي محدود، تبعا للمساحة.
هناك فيلم أبيل فيريرا «بازوليني» (إنتاج فرنسي - إيطالي - بلجيكي)
حول الشاعر والسينمائي المعروف. وهناك العرض الأول لفيلم الفرنسي
فرنسوا أوزون «الصديقة الجديدة» (فرنسا) ويقدم مواطنه ريغيه
وورنييه فيلمه الجديد «البوابة» حول تبعات الحرب الكمبودية.
والممثلة - المخرجة السويدية ليف أولمن ما زالت الخيط شبه الوحيد
المسحوب من هيكل أعمالها المتعددة مع المخرج الراحل إنغمار برغمان،
ولديها فيلم جديد يعرض أيضا للمرة الأولى في أي مكان من العالم
وعنوانه «مس جولي» وهو إنتاج آيرلندي مع جسيكا شستاين وكولين فارل.
*
تورنتو والأعداء
*
بالإضافة إلى سعي مهرجانات أميركية شمالية أخرى لاقتباس منهج
«تورنتو» والعمل بضراوة على عروض أولى لأفلام قد تُطرح لسباق
الجوائز (غولدن غلوبس، الأوسكار، إلخ..)، هناك المنافسة التقليدية
بينه وبين فينيسيا، التي يبدو أنه يربحها. هذا العام سيحشد تورنتو
عروضه العالمية الأولى في مطلع أيامه التي تتضارب وأيام المهرجان
الإيطالي، مما سيدفع المزيد من روّاد «فينيسيا» لتركه في منتصفه
والتوجه إلى تورنتو قبل أن تفوتهم تلك الأفلام النفيسة!
شاشة الناقد
الحرب بين البشر والقردة
الفيلم: فجر كوكب القردة
Dawn of the Planet of the Apes
إخراج: مات ريفز
أدوار أولى: أندي سركيس، جودي غرير، غاري أولدمان، جاسون كلارك،
كيري راسل
الولايات المتحدة (2013)
تقييم الناقد: (4*)
بنى الممثل البريطاني (من أصل عراقي) أندي سركيس شهرته، ومهنته،
على تقمّص الشخصيات غير الآدمية. إنه المخلوق الكريه «غولام» في
سلسلة «سيد الخواتم» والغوريللا الضخمة كينغ كونغ في نسخة عام 2005
من تلك الحكاية المشهورة، ثم هو «غولام» مرة أخرى في السلسلة
الجديدة «ذ هوبيت» عدا عن أنه الصوت المستخدم في عدد كبير من أفلام
الرسوم المتحركة من فيلم «أنيمالز يونايتد» حتى «مغامرات تن تن»
وما قبل ذلك وما بعد.
في عام 2011 أضاف دورا جديدا تحت غطاء التمويه هو دور سيزار، ذلك
الغوريللا الذكي والمختلف في فيلم «تمرد كوكب القردة» لروبرت
وايات. وهنا، في «فجر كوكب القردة»، يعيد لعب الدور الذي يخترق
التمويه المفروض عليه فإذا بالمشاهد يستطيع أن يستشف أن هناك ممثلا
موهوبا في ثياب القرد سيزار.
في خلفية الفيلم الجديد (تكملة للفيلم السابق لكنه أيضا الأخير حتى
الآن في السلسلة التي بدأت بفيلم «كوكب القردة» سنة 1968 من إخراج
فرانكلين شافنر وبطولة شارلتون هستون) أن جرثومة مختبر قضت على
معظم البشر حول العالم. القرود، على اختلاف أنواعها، تعيش الآن في
غابة تقع شمال مدينة سان فرانسيسكو، وهي تعتقد أن الجنس البشري لم
يعد موجودا في الولايات المتحدة أو حول العالم. في مطلع الفيلم
نراها تطارد قطيعا من الغزلان الهاربة لتصطادها. عند هذا المشهد
المبكر يدرك من يشاهد الفيلم بالأبعاد الثلاثة أنه تقدّم خطوات على
معظم ما صوّر من أفلام ضمن هذا النظام.
غير بعيد عنها تقع المدينة المنكوبة ومجتمعها البشري الذي لم يعد
يحيا أي حضارة تذكر. جنس تآكل ويكاد ينتهي، لكن بعض من فيه لا
يزالون يأملون في استعادة وجوده وبناء الحياة السابقة وتوفير
شروطها. حين يكتشف كل فريق وجود الآخر تبدأ سلسلة المشاكل الجديدة
بينهما: فالعلاقة حذرة والآدميون لا يثقون بالقرود ولا هذه تثق
بهم. كذلك فإن هناك آدميين أشرارا وقردة أشرارا أيضا. هذا ما سيدفع
بالأحداث صوب معاركها المنتظرة. الحرب لا تنتهي، تتخللها هدنة
لتمكين أهل الأرض من إعادة تشغيل السد الذي كان يوفر الكهرباء
للمدينة. لكن ما إن يتقدّم الطرفان خطوة في سبيل التفاهم حتى
ينطلقا في حرب ضروس أخرى.
في بعض أفلام السلسلة السابقة شاهدنا الرغبة في منح القردة قدرا
كبيرا من التعاطف. فهي المهددة من قِبل الإنسان وهي من يحق لها
الدفاع عن نفسها. في هذا الفيلم الإنسان هو المهدد، هو من يتعاطف
الفيلم معه فهو في ورطة وجود مزدوجة: من ناحية ليست لديه مقوّمات
كافية للحياة، ومن ناحية أخرى مهدد من قبل هذا الشعب الحيواني الذي
تسبب في محو غالبية البشر.
لكن ما يضعف سياق العمل في هذا النطاق هو ضعف الشخصيات البشرية.
السيناريو (كتبه ثلاثة) يضع كل ما يملك من خيال في تلك الخطوط
العريضة المذكورة أعلاه. والقليل منها على صعيد سبر غور الشخصيات
الآدمية لتقديمها مكثّفة تستدعي الاهتمام أو التقدير. في الوقت
ذاته، هذا فيلم من المؤثرات التقنية المذهلة. أمر آخر سيضعف من
قيمة البشر في هذا الفيلم لكنه سيوفر في المقابل مشاهد ستعيش طويلا
في البال.
10-TOP
موسم بلا حصاد
الأرقام الواردة من مؤسسات الأبحاث تؤكد أن موسم الصيف خسر 20 في
المائة من إيراداته في الفترة ذاتها من العام الماضي. الأفلام التي
تحط في المركز الأول تبدأ كبيرة وسريعا ما تنضوي. تلك التي لا تشهد
إقبالا كافيا لوضعها على القمّة تصل طريحة الفراش أساسا. هذا
الأسبوع يواصل «فجر كوكب القردة» احتلال المركز الأول بينما تحط
الأفلام الجديدة كلها في المراكز الثلاثة التالية (من 2 إلى 4)
بينما تتهاوى الأفلام التي سبق أن افتتحت في الأسابيع الأخيرة.
*
الأفلام
1 (3*)(1) Dawn of the Planet of the Apes: $36,254,310
2 (2*)(-) The Purge: Anarchy: $29,816,675
3 (2*)(-) Planes: Fire and Rescue: $17,509,407
4 (1*)(-) Sex Tape: $14,608,152
5 (1*)(2) Transformers: Age of
Extinction: $9,845,720
6 (2*)(3) Tammy: $7,402,208
7 (2*)(4) 22 Jump Street: $4,703,353
8 (3*)(5) How to Train Your Dragon 2: $3,904,709
9 (3*)(6) Earth to Echo: $3,267,824
10 (2*)(8) Maleficent: $3,238,213
*
حديثا علىDVD
(3*)The Umbrellas of Cherbourg
فيلم فرنسي من المخرج
جاك
ديمي
وبطولة
كاثرين دينوف حين كانت لا تزال صبية (1964)
(2*)Lola
فيلم عاطفي حول علاقة حب بين كاتب روائي وفتاة مراهقة مع مضاعفات
غير محسوبة (1970)
(3*)Insomnia
آل باتشينو في بطولة هذا الفيلم البوليسي حول التحري الذي يرتكب
جريمة (2002)
(2*)Sabata
وسترن سباغيتي من بطولة الراحل لي فان كليف في دور بطولة بعد عقود
من أدوار الشر الأميركية (1969)
سنوات السينما: 1944
Laura
فيلم مقتبس عن رواية لفيرا كاسباري نشرت قبل سنوات قليلة من تاريخ
إنتاج الفيلم. المنتج ديفيد زانوك أعجب بالرواية وأسند إخراجها إلى
روبرت ماموليان (من جيل هوليوود الأول)، وعندما لم يعجبه العمل
استبدله بالمخرج أوتو برمنجر (جيل ثان) وأطلق يده. القصّة مروية من
قبل الصحافي والدو (كليفتون وَب)، وتبدأ به ثم تنتقل في فلاش باك
طويل. لورا (جين تييرني) امرأة غامضة وجميلة ماتت مقتولة. التحري
(دانا أندروز) يبحث في هوية القاتل ليجد أنه أمام ثلاثة مشتبه بهم
أساسيين. لن نعرف من هو، وحين نعرف لا يهم كثيرا. حسب «نيويورك
تايمز» الفيلم مثال على الشكل الذي يطغى على المضمون. رغم ذلك هو
أحد الأفلام العشرة التي فضّلها النقاد من إنتاجات 1944.
المشهد
{هوليوود
غزّة}
الخميس 27 شهر رمضان 1435 هـ - 25 يوليو 2014 مـ , الساعة: 18:38
رقم العدد [13023]
*
كانت فانيسا ردغراف سابقة لأوانها عندما قامت بمزج السينما
بالسياسة حين تسلمت أوسكارها سنة 1978 عن دورها المساند في فيلم
«جوليا»، وأعلنت تأييدها للفلسطينيين من على منصّة الحفل الكبير.
هوليوود آنذاك ذهلت. كيف تجرأت ممثلة على أن تمسك بيد تمثال
الأوسكار وتتحدى باليد الأخرى المجتمع السينمائي في هوليوود؟
*
ردغراف عوقبت. سنتان بلا عمل قبل أن تؤدي دورا جديدا لاعبة شخصية
الكاتبة الروائية أغاثا كريستي في فيلم مايكل أبتد «أغاثا»، وأمام
منتقد دائم لإسرائيل هو الممثل داستين هوفمان. ثم غابت مجددا
لثلاثة أعوام أخرى قبل أن تعاود الإطلاق مجددا وبزخم كبير ويكتب
عنها إعجابا النقاد الأميركيون قبل سواهم. أما هي فلم نسمع منها
الكثير عن مواقفها. هي قليلا ما تتحدّث عن الموضوع والصحافة قليلا
ما تسأل.
*
اليوم، وبينما الغارات الإسرائيلية تحاول تسجيل انتصارات عسكرية
وسياسية في هجومها على قطاع غزّة، يستعاد الأمس من أكثر من واجهة.
فمنذ ذلك الحين تجرأ قليلون في هوليوود على انتقاد السياسة
الإسرائيلية وكل واحد فعل ذلك عاد فاعتذر حتى لا يتحوّل إلى ضحية:
مارلون براندو، ميل غيبسون وغاري أولدمان. هذا الأخير قبل أسابيع
قليلة من بدء المعارك الحالية في غزّة.
*
في هوليوود تستطيع أن تنتقد كل سياسة تريد، وفي مقدمتها السياسة
الأميركية الداخلية أو الخارجية أو كلتاهما معا، لكن لا تقترب من
إسرائيل. هذا إلى حين بدأ هذا الوضع في الاهتزاز بسبب الصور الآتية
من القطاع. هنا لم يعد السكوت لزاما. صحيح أن ريهانا نشرت كلماتها
«حرروا فلسطين» على «تويتر» فأثارت غضب المؤيدين لإسرائيل، ثم سحبت
ما قالته فأثارت انتقاد مؤيدي فلسطين، إلا أن ذلك كان بداية وليس
نهاية. النصيحة الذهبية المتداولة هنا هي ألا تنتقد. تستطيع أن
تكون حياديا لكن لا تستطيع أن تكون معاديا. ليس في هوليوود. إنه
قانون غير مكتوب لكنه ممارس حتى الأمس القريب، لكن، ومثل فيلم
«ألعاب الجوع»، هناك حركات تمرّد على السطح وإعلان مواقف.
*
بعد ريهانا (والنجم الرياضي دوايت هوارد) كتبت الممثلة والمغنية
الشابة سيلينا غوميز: «من أجل الإنسانية، صلّوا لغزة». بعض النقد
الذي واجهته كان على شكل التساؤل عما إذا كانت مؤيدة لحماس. فإذا
بالمقدّم التلفزيوني جون ستيوارت (يشاهده عشرات الملايين كل ليلة)
ينبري دفاعا ويقول: «إذا ما سألنا وانتقدنا مبدأ القوّة المغالية
التي تجابه بها إسرائيل مواطني غزّة فإن ذلك لا يعني أننا مع
حماس». تبعا للأنباء الواردة، تسلم تعليقا وصفه بـ«اليهودي الكاره
لنفسه».
*
آخرون أدلوا بمواقفهم، بينهم الممثلة وصاحبة البرنامج التلفزيوني
روزي أو دونل، التي قامت بالتغريد عدة مرات وكتبت لحنان عشراوي
رسالة. الممثل روب شنايدر كتب قبل ثلاثة أيام «الحصار البشع لغزة
أدى إلى أكثر الأيام عنفا هذا اليوم»، ثم قال في اليوم التالي:
«ألا تكون غاضبا لقتل الأطفال، فإن ذلك معناه أنك تخاطر بفقدان
روحك».
*
أيضا من بين المعارضين والمنتقدين الممثلة ميا فارو منتقدة الهجوم
على سيارات الإسعاف، والممثل المعروف مارك روفالو الذي انتقد أيضا
الغارات الإسرائيلية على المستشفيات. الممثل جون كوزاك كتب: «لقد
زرت إسرائيل، وقصف غزة ليس دفاعا عن النفس».
*
العدد ضئيل، لكن مجلة «ذا هوليوود ريبورتر» تقول إن المؤيدين
لإسرائيل (وجلّهم، حسب قولها، من المنتجين وأصحاب الاستوديوهات)
صامتون، وهي أجرت تحقيقا حول الموضوع من اللافت فيه أن معظم من
تولّوا الدفاع عن إسرائيل فضّلوا عدم ذكر اسمائهم. ضع هذا إلى جانب
أن المنتقدين خرجوا من القمقم هذه المرّة، وأنهم نجوم معروفون
يتابعهم مئات الملايين حول العالم، فستخرج بصورة مفادها أن شيئا ما
يتغيّر وربما لن يعود إلى سابق عهده بعد اليوم. |