ما الذي يقلق النجوم ويقضّ مضاجعهم؟
في حياة كل شخص، سواء كان فناناً أو يعمل في مهنة أخرى، هواجس
تتعلق بالمستقبل تقلقه وتخيفه، ولم تقو الأضواء في محو هذا الخوف
الذي يتعدى حياة الفنان الشخصية ويمس عائلته ومستقبلها، لا سيما
أولاده. لذا مهما علا بريق الشهرة والأضواء، فلن يحرر النجم مما
يعشش في أعماقه من أمور يرسم حيالها علامات استفهام، ويجد نفسه في
صراع بين تحدّي النفس والتمسّك بالأمل والتفاؤل، وبين واقع لا تبشر
معالمه بالخير أحياناً.
حول الهواجس التي ترافقهم في حلهم وفي ترحالهم استطلعت «الجريدة»
آراء مجموعة من النجوم العرب.
خشية على الفن
أحمد عبدالمحسن
علي كمال
{التشتت
الحاصل في الوسط الفني يقلقني وأخشى ألا يجد الشباب أي شيء في
المستقبل} يؤكد الفنان علي كمال، موضحاً أن معاناته الدائمة تدور
حول قلة دعم الجهات الحكومية في الدولة للوسط الفني، سواء المادي
أو المعنوي، بعد توقفه منذ نهاية الستينيات.
يضيف: {من الصعب أن أشاهد الانحدار الحاصل في الوسط الفني في الوقت
الراهن، ولا أعتقد أن ثمة خطة لتنميته الفني في المستقبل، وكل ما
يثار حول هذا الموضوع مجرد هراء. نحتاج إلى مسارح واستوديوهات فنية
تليق بسمعة الكويت}.
يتابع: {قبل أيام كنت في زيارة إلى سلطنة عمان ومررت بدار الأوبرا
العماني. بصراحة، شعرت بضيق في داخلي، وتساءلت ما الذي ينقص الكويت
لتتطور على غرار الدول الغنية الأخرى؟}.
يعتقد كمال أن الابتعاد عن الأمور السياسية ضروري حتى لا يؤثر على
أطفالنا في المستقبل، ويتابع: {مفزع أن تشاهد الطفل الكويتي يتحدث
في السياسة، وفي أمور أكبر من عمره ومستوى فكره، وهذا أمر خطير وقد
يؤثر في الأجيال المقبلة في الكويت. أتمنى أن تنتهي الحالة السيئة
وألا نعيش في المستقبل جحيماً أسوأ من الذي نعيشه في الوقت الراهن}.
قتيبة أسد
{أخشى
أموراً كثيرة في الوسط الفني، وأعتقد أن المستقبل يحمل نتائج
مرعبة} يوضح المطرب قتيبة أسد، مشيراً إلى أن الظهور في الوسط
الفني أصعب من أي وقت مضى، خصوصاً في ما يتعلق بالمستوى الغنائي أو
الوسط الطربي.
يضيف: {ثمة مشكلة كبرى يعانيها الوسط الغنائي وهي عدم احتضان شركات
الإنتاج المواهب الفنية، وقد برزت منذ ظهور {آفة} الإنترنت، وعصفت
بالوسط الغنائي بشكل كامل، فباتت التكاليف عالية تفوق قدرة أي فنان
باستثناء الفنانين الكبار الذين يملكون نفوذاً ومعارف}.
يتابع: {بت أخشى على الوسط الفني من هذه الناحية، خصوصاً أن شركات
الإنتاج لا تلام، ذلك أن توقفها مرده عدم تلقيها مردوداً مادياً
مناسباً، لذا أعتقد أن المستقبل سيشهد انحداراً أكثر من السابق}.
يلفت إلى أن الأمور التي تشغله على المستوى الشخصي ليست كثيرة، {في
حياتي الشخصية لله الحمد حققت جزءاً كبيراً من أحلامي ومن طموحاتي
المستقبلية ولم يتبقَّ سوى القليل، لذلك لا شيء يقلقني من
المستقبل، وأتمنى أن يوفقني الله عز وجل في ما أنوي القيام به
بالنسبة إلي وإلى عائلتي، ولكن في قلبي غصة لا أستطيع البوح بها،
إنما سأتحدث بشكل غير واضح، أعتقد أن الأمور في الكويت تقلقني
وأتمنى أن تنتهي هذه الصراعات}.
ابراهيم بوطيبان
{كل
إنسان يخشى المستقبل، لكن تبقى هذه الأمور في علم الغيب ولا يمكن
التحكم بها}، يوضح الفنان إبراهيم بوطيبان، لافتاً إلى أن أغلب
أحلامه تحققت ولم يبقَ له أي شيء لتحقيقه سوى المثابرة والعمل
الجاد.
يضيف:
{القلق من المستقبل أمر طبيعي وموجود في كل إنسان، أعتقد أن
المستقبل يجب التخطيط له بالطريقة المطلوبة حتى لا يقع الفنان أو
أي شخص في خطأ قد يحبطه ويفشل مشاريعه المستقبلية، حتى وإن فشل،
عليه الاستمرار والتخطيط لمستقبل آخر كي لا يعيش في دوامة الخوف}.
ويتابع:
{ أخطط أحياناً لتقديم عمل مسرحي وأتوقع له النجاح، لكن فور عرضه
على الخشبة أفاجأ بأنه دون المستوى. كذلك قد أخطط للقيام بمشروع
معين وأدرسه بعناية وأتوقع نسبة الربح فيه، إلا أنه يتعرض للفشل،
هذه أمور طبيعية تندرج في علم الغيب، لذلك أكثر ما يخيف الإنسان من
المستقبل حدوث هكذا حالات}.
الصحة والعائلة والمهنة
بيروت - ربيع عواد
مادلين مطر
«أنا
إنسانة متفائلة ولكن المجهول يقلقني أحياناً» توضح مادلين مطر،
مشيرة إلى أنها تشكر الله يومياً على نعمة الحياة التي أعطاها
إياها، متمنية أن يبعد الأشرار عنها وعن المحيطين بها.
تضيف: «تفرحني محبة الناس، وفي كل مرة أطرح فيها عملاً جديداً
تغمرني السعادة والأمل والاندفاع. لكن لا يعني ذلك أنني، حين أكون
بمفردي لا أفكّر بأمور أخرى، فأنا أقلق على صحّة المحيطين بي، ومع
أنني إنسانة مؤمنة إلى أبعد الحدود إلا أنني أخشى أن أفقد فرداً من
أهلي أو أصدقائي، وأحزن في كل مرة أسمع فيها خبراً سيئاً عن أحدهم،
حتى ولو لم تكن لدي معرفة شخصية به».
تتابع أنها وصلت إلى مرحلة باتت تعرف تماماً ماذا تريد، حتى خيبات
الأمل لم تعد تشكّل هاجساً لديها، فهي تعتبرها دروساً في الحياة
تقودها إلى السعادة وراحة البال والتصالح مع النفس الذي تعيشه
راهناً، حسب قولها.
توضح أن «المشاكل الجمة التي تواجهنا كفنانين، لا سيما تلك
المتعلقة بالاستمرارية، نظراً إلى الظروف الإنتاجية والأوضاع
السياسية المتوترة في بعض الدول العربية والتي تنعكس بشكل واضح على
الواقع الفني... لا تثنينا عن متابعة مسيرتنا في الفن. شخصياً، في
كل مرة أغيب فيها أكون مشغولة بتحضير أعمال جديدة وأعرف أن الجمهور
وفيّ لي على الدوام».
نيللي مقدسي
«الغد
بالنسبة إلي أمل وانطلاقة جديدة نحو مستقبل أفضل» تؤكد نيللي
مقدسي، معتبرة أن ما من إنسان إلا ويحتلّ القلق جزءاً من حياته،
«نظراً إلى المسؤوليات التي تتطلب منّا اجتهاداً وتعباً لنكون
حاضرين أمام أي معوقات ممكن أن تواجهنا».
تضيف: «الإيمان بالنفس مهم. لا يمكنني البقاء مكتوفة اليدين وأضع
نفسي في قلق دائم من الغد. عليً العمل بجهد والتسلّح بالتفاؤل
والجهوزية لمواجهة العقبات، فما من إنسان، سواء غنياً كان أو
فقيراً، إلا ويمرّ بفترة مربكة وهنا عليه تحدّي نفسه».
لا تخفي مقدسي قلقها من الأوضاع السياسة والأمنية المتوترة في
لبنان وغيره من الدول العربية وتداعياتها على مستقبلنا وحياتنا
اليومية، وتضيف: «لا بد من أن يحل الفرح والسلام في المستقبل
القريب، لكن التعب النفسي الذي أعيشه كما الناس كافة، يجعلني أتأسف
على المرحلة الراهنة التي نمر بها وتؤثر سلباً على الفنان تماماً
كما صاحب الشركة والموظف العادي...».
وعن قلقها من الغياب عن الساحة الفنية بين الحين والآخر تتابع:
«لست حديثة العهد في الفن ولدي قاعدة جماهيرية أتواصل معها وتنتظر
جديدي. حين أكون موجودة في مكان عام، سواء في لبنان أو في بلد عربي
آخر، يقترب مني الناس ويسألونني عن تحضيراتي، عندها أدرك أن جهدي
في السنوات الماضية لم يذهب سدىً، وأن غيابي هو فترة ترقّب أعيشها
كما يعيشها زملائي... وسط هموم الناس الكبيرة».
راغدة شلهوب
«يلازمني
القلق من الغد في حياتي، ولكن نسبة التفاؤل هي الأكبر دائماً» تشير
راغدة شلهوب، لافتة إلى أن القلق لا يشكل فوبيا في حياتها، لكن
كونها أماً وامرأة عاملة ومسؤولة، لا بد من أن تخاف على المحيطين
بها.
تضيف: «أشعر أحياناً بعقدة ذنب تجاه ابنتي، وهذا الشعور ينتاب
المرأة العاملة عموماً، خشية أن تكون مقصرة بحق أولادها. ابنتي ناي
أجمل شيء في حياتي، لكني أعيش في قلق دائم عليها، وأحاول جاهدة
منحها الجزء الأكبر من وقتي. أعاني تعباً نفسياً جراء هذا الأمر،
لكن هكذا هي الحياة في النهاية».
تتابع: «القلق موجود، بطبيعة الحال، لكن أحياناً أشعر براحة وأمل
بالمستقبل وبالتجربة الجديدة التي سأخوضها، وهذا ما حصل معي أثناء
انتقالي من شاشة «أوربت» إلى شاشة «الحياة»، شعرت بتحدّ جديد مع
نفسي وتغلبت حماستي يومها على خوفي وقلقي».
تصف شلهوب مهنة الإعلام بالغدارة، لكنها ليست قلقة لأنها على يقين
بأنها ستحتجب يوماً ما، وتوضح: «ما دام لدي قبول لدى المشاهدين،
فأنا جاهزة لتقديم أفضل ما عندي وخوض تجارب جديدة».
الأسرة واستمرار النجاح
القاهرة – بهاء عمر
أكثر ما يخيف لقاء سويدان هو مستقبل ابنتها، سواء في المدرسة أو في
الحياة عموماً، فابنتها محور حياتها.
تضيف: «يرافق الفنان خوف دائم من التقصير في حق عائلته عموماً
وأولاده خصوصاً، نظراً إلى طبيعة العمل التي قد تفرض مواعيد تصوير
تؤثر على ارتباط عائلي أو موعد إجازة خاصة بالأولاد»، موضحة أنها
تضع نصب عينيها ضرورة ألا تأتي حقوق العمل على حساب حق الأسرة
والعائلة.
استقرار أسرتها في مقدمة أولويات لقاء الخميسي، لذا رفضت أدواراً
مهمة حرصاً على مشاعر أسرتها، على غرار بطولة فيلم «احكي
ياشهرزاد»، لتضمنه مشاهد قد تؤذي مشاعر زوجها.
النجاح الفني وعدم تضييعه أكثر ما يقلقها، لذا تتأنى في اختيار
أدوارها ومراجعتها أكثر من مرة، والمقارنة المستمرة بين أعمالها
السابقة لعدم الوقوع في فخ التكرار.
الخميسي متيقنة بأن الخوف على عملها ليس ظاهرة سلبية ترتبط بالنجوم
المبتدئين كما يظن البعض، بل دليل على الحيوية والظهور أمام الشاشة
بأفضل صورة.
توق نحو الأفضل
لا تخشى روجينا المستقبل بقدر حرصها على أن يكون أفضل، لذا لا
تتوانى عن التعبير عن آرائها بصراحة حتى وإن أغضبت البعض. وعلى
المستوى الفني، تصارح الجهة التي تعرض عليها عملا غير جيد حتى لو
أغضبها ذلك، حرصاً على مهنتها، ولأنها لا تشارك في عمل غير راضية
عنه.
تتابع أن مستقبل بناتها في مقدمة أولوياتها، وهذه غريزة طبيعية لدى
أي إنسان وليس لدى الفنان فحسب، مشيرة إلى أن عمل الأب والأم في
الوسط الفني يلزمها بألا تشعر ابنتاها بوجود إهمال أو تقصير في
تربيتهن، ولا تسمح لشيء بأن يبعدها عنهن أو يحعلها تقصر في حقهن.
تضع روجينا نصب عينيها أن يرتبط عمل ابنتيها في المستقبل
بموهبتهما، خشية أن يظلما بسبب عمل والديهما في الفن، مؤكدة أن
الموهبة الحقيقية هي التي تبقى ولا يستطيع أحد أن يكون واسطة
لمشاعر الناس.
تعيش مي كساب حالة من الرعب في انتظار عرض أي جديد لديها، لأنها
تتعامل مع كل عمل باعتباره الأول، وما يثير قلقها إمكانية عدم تقبل
الجمهور عملها، أو اختيار ما لا يناسبها ويؤثر على صورتها الفنية
أمام جمهورها.
أما على المستوى الشخصي، فلا تهتم بالآراء التي تتدخل في شؤونها
الخاصة وخياراتها الحياتية، ولا تخاف إلا على استقرار عائلتها
وسعادتها، وتضيف: «كل شخص حر في خياراته، ولا أحد يبدد خوفي سوى
حضن الأسرة والأصدقاء لأنهم الحصن الأول والأخير».
خيارات مناسبة
رغم النجاح الذي حققه في كثير من الأعمال الفنية، ينتاب إدوارد خوف
دائم من الفشل، معتبراً إياه ميزة، لأنه يدفعه إلى التفكير
والتدقيق قبل اختيار أي دور يؤديه.
يضيف: «عملي وأسرتي الصغيرة هما الشغل الشاغل لي في الأوقات كافة،
وأكثر ما يثير مخاوفي قلقي على ابنتي وزوجتي. صحيح أن المستقبل بيد
الخالق، لكنني أفكر باستمرار في ما استطيع فعله كي تنعم ابنتي بكل
ما يسعدها، ولا تشعر بأي ألم أو مشقة قد أتعرض لهما».
يخاف هاني رمزي غضب زوجته وأولاده، لأنه يشعر حينها بأن الدنيا
تضيق عليه، وأنه مقصر في حقوقهم، فيغضب على نفسه، وهي أكثر فترة
مؤلمة يمكن أن يشعر بها شخص.
يضيف أنه على المستوى الفني لا يقلق ولا يخاف سوى من جمهوره، ولا
يشغل باله بأمور معينة في الوسط الفني أو بعلاقات خاصة. باختصار،
لا يعنيه سوى المشاهد الذي هو وراء نجاحه أو فشله. بالتالي، يجب أن
يكون على قدر التحدي، لذا القلق دافع إلى اختيار عمل مناسب له. |