كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

ألا تزال أم كلثوم تؤثّر على الثقافة بعد أربعين عاماً على وفاتها؟

ترجمة نائل الطوخي

 

أقوال جاهزة

كيف حدث أن امرأة بالتحديد هي من وصلت لمنزلة كمنزلة أم كلثوم في مجتمع أبوي مثل المجتمع المصري؟ شاركغرد

"لأربعين عاماً يبحثون عمن تشبهها، ولم يجدوا" من مقال عن أم كلثوم نشر في صحيفة هاآرتس شاركغرد

لمناسبة مرور أربعين عاماً على موت أم كلثوم، نشرت صحيفة هاآرتس مقالاً مطولاً عن أم كلثوم للصحفي والباحث الإسرائيلي الشاب- من أصول مصرية- Eyal Sagui Bizawe. يبحث Bizawe في مسيرة كوكب الشرق، يتساءل عن شعبيتها الكبيرة، كيف بنتها خطوة خطوة وكيف حافظت عليها، ويقدم تصوّراً لصعودها مرتبطاً بالظرفين الاجتماعي والسياسي في مصر، ولتساؤلات المصريين عن هويتهم وكيف أسهمت أم كلثوم نفسها في بلورة هذه الهوية بغنائها. في ما يلي ترجمة كاملة للمقال.

في عام 1989 طولب الرسام المصري صلاح عناني بأن يرسم من أجل وزارة الثقافة المصرية لوحة موضوعها “مائة عام من التنوير في مصر”. رسم عناني كبار المثقفين المصريين من نهاية القرن التاسع عشر فصاعداً، وجميعهم تقريباً كانوا رجالاً. شخصيّتان نسائيّتان فقط عُرضتا في اللوحة: الأولى، الفلاحة، ابنة القرية، وهي ليست امرأة بعينها، معروفة ومشهورة، وإنما رمز وطني. في مقابلها، شخصيّة المرأة الثانية في اللوحة، أم كلثوم. تظهر في قلب اللوحة، تقف على منصة، أعلى من جميع الرجال. مثلما في لوحات الأرابيسك التي تركز النظر على نقطة واحدة وتعبّر بهذا عن فكرة فرادة الإله، كان الأمر هنا: المرأة التي في المركز هي من تجذب إليها الأنظار، كأنها إلهة. من تحتها يتكدّس جميع الرجال، يجلسون متلاصقين هذا بجانب ذاك. حتى محمد عبد الوهاب، كبير الموسيقيين المصريين في القرن العشرين والعدو اللدود لأم كلثوم، يبدو في اللوحة كأنه يركع تحت رجليها. أما حولها فينفرج حيز صغير مفتوح، يتيح لنا أن نرى صورتها كاملة. والأنظار متجهة إليها.

أم كلثوم بلا شك هي ملكة الثقافة المصرية، ليس في عيني الرسام عناني فحسب، وإنما يراها الملايين في أنحاء العالم رمزاً للثقافتين المصرية والعربية الحديثتين، “صوت الأمة”، كما سمتها الباحثة الأمريكية فرجينيا دنيالسون. توّجها محبوها بألقاب مثل “كوكب الشرق”، و”الست”، و”الهرم الرابع”، وسمّى الأباء بناتهم على اسمها، وفي عدادهم الأديب نجيب محفوظ وزوجته. وفي رحلاتها إلى العالم العربي استقبلها رؤساء وملوك في المطارات، وكان التقدير الذي حظيت به تقديراً لزعيمة، وصورتها، التي أصبحت أيقونة ثقافية، طبعت على طوابع رسمية للدولة وعلى تي-شيرتات، وملفات، وأقراط، وأكسسوارات أخرى.

كيف حدث أن امرأة بالتحديد هي من وصلت لمنزلة كمنزلة أم كلثوم في مجتمع أبوي مثل المجتمع المصري؟ ليست امرأة فقط، وإنما مغنية أيضاً، بينما الغناء يُعدّ مهنة محتقرة في المجتمع التقليدي. بشكل خاص عندما يكون الكلام عن النساء، وصوتهن بالطبع عورة. أكثر من هذا، لماذا هي تحديداً؟ كيف أنه من بين جميع المغنيات اللاتي عشن في عصرها، ولم يكن سيئات البتة، حصلت أم كلثوم بالتحديد على منزلتها الخاصة في مصر وفي العالم العربي كله؟

ولدت أم كلثوم، واسمها الشخصي فاطمة إبراهيم البلتاجي، في قرية طماي الزهايرة في دلتا النيل، في وقت يراوح بين 1898-1904 (لم يكن هناك وقتذاك تسجيل دقيق للمواليد). كانت عائلتها فقيرة وأبوها كان إمام المسجد المحلي. وهي تبلغ خمس سنوات أرسلت مع أخيها خالد لتعلم القرآن في الكُتّاب ثم في المدرسة بالقرية المجاورة. لم يكن لدى الأب ما يكفي من المال للإنفاق على استمرار تعليم الطفلين، وبعد سنوات معدودة أخرج البنت من المدرسة وأبقى على الابن، ولكن كان هناك ما يكفي في هذه السنوات كي تحوز أم كلثوم الموهبة التي ستستخدمها على مدى أكثر من خمسة عقود من المسيرة الموسيقية: في التقاليد الموسيقية العربية معروف أن من يريد إتقان نطق اللغة، نطق الكلمات ومعانيها والغناء بالصورة الفضلى، عليه تعلم القرآن، وبدقة أكبر “تجويد القرآن”، أي القراءة المنغمة. فالكتاب المقدس تنبغي قراءته بصوت عال، والقراءة يجب أن تكون دقيقة، من خلال الاهتمام بالنطق الصحيح للحركات والأصوات المحددة، وببناء الجملة، بوقفاته وبالمواضع التي ينبغي أخذ نَفَس فيها بدون الإضرار بمعنى النص. بعد ذاك ستحكي أم كلثوم في حوار أنها في السنوات الأولى قلدت أباها وأخاها “كالببغاء”، بدون فهم معنى الكلام الذي كانت تقرأه.

ولكن، منذ طفولتها لاحظ أبوها موهبتين حبيت بهما: الأولى هي القدرة على الحفظ والاستظهار شفوياً، فقد كانت تبهر الجميع أكثر مما كان يفعل أخوها خالد، والثاني، والأهم، صوتها الجميل والخاص. كدخل إضافي، اعتاد الأب الظهور مع ابنه وأقرباء آخرين في قرى الدلتا منشدين قصائد دينية في مناسبات عائلية وفي الأعياد. في إحدى هذه المناسبات، بينما كان عليهم الظهور في بيت عمدة القرية، مرض أخو أم كلثوم، وقرر الأب إشراك ابنته في الحفل وهي تلبس ملابس صبي. صحيح أنه في هذه السنوات كانت هناك نساء في مصر يعرضن ويغنين أغاني دينية، ولكنهن اعتدن الظهور أمام النساء فقط، أو أمام الرجال وهن منقبات أو جالسات خلف ستار.

الحفل الأول الذي أحيته أم كلثوم في بيت عمدة القرية، وهي لم تبلغ بعد العشر سنوات، حاز نجاحاً كبيراً. كانت الطفلة محط اهتمام قرى المنطقة ومدينة السنبلاوين، والمزيد من الناس أرادوا من أبيها دعوتها للعروض، ومن بينهم أيضاً كان أبناء النخبة المدينية.

في بداية العشرينيات، بعد أن تعرفت في إحدى حفلاتها إلى المغني المحبوب لديها، محمد أبو العلا، والملحن الشهير زكريا أحمد، بدأت أم كلثوم إحياء عروض في القاهرة أيضاً. علّمها أبو العلا الغناء العربي الكلاسيكي القديم، من خلال التأكيد على معاني النص، ثم علمها أيضاً العزف على العود. بعدها دعا زكريا أحمد أم كلثوم وعائلتها للانتقال والسكنى في القاهرة، بهدف تعريفها إلى خيرة المبدعين في ذاك الوقت ولربطها بصناعة الترفيه التجارية. الأب الذي خاف على السمعة الطيبة لابنته لم يسارع إلى الموافقة، ولكن في عام 1923 رضي وانتقلت العائلة كلها للقاهرة.

ولكن بداية طريق أم كلثوم في المدينة لم تكن سهلة إطلاقاً. صحيح أنها كانت معروفة ومشهورة، إلا أن أسلوب نمط عروضها وأغانيها لم يوائم صناعة الترفيه. كانت قاهرة العشرينيات مدينة كوزموبوليتانية. في ملاهيها الليلية تجري عروض لراقصات شرقيات، ولمونولوجيستات، ولمغنين ومغنيات بصحبة الموسيقى. وأغلبية الجمهور من الرجال الذين اعتادوا شرب الكحول وكانوا يستمتعون أحياناً أيضاً بتدخين الحشيش، وأحياناً يغازلون العارضات أو يتحرشون بهن. في حوار من فيلم توثيقي للمخرجة [الإسرائيلية] Simone Bitton عن أم كلثوم، تحكي المذيعة أمال فهمي، أن في ذاك الوقت كان شائعاً أن يشعل الرجال الأوراق المالية كجزء من سلوكياتهم الفاسدة أمام المغنيات، أو يخلعون أحذيتهن ويصبون بداخلها الويسكي ويشربون منها.

وصلت أم كلثوم لهذه الملاهي في بداية حياتها بالمدينة. في البدء كانت لا تزال تلبس ملابس صبي، على رأسها كوفية وعقال، مصحوبة برجال عائلتها. وبعدها أيضاً، عندما تخلت عن ملابس الصبي، ظهرت في لباس تقليدي ومحتشم، بغطاء للرأس، وتغني أغاني دينية قديمة وأغاني حبّ للنبي. لم يتجاهل النقاد قدراتها الصوتية وموهبتها، ولكنهم ادعوا أيضاً أنها لا تضيف شيئاً وأن ليس فيها روح فنية. في جريدة “روز اليوسف”، على سبيل المثال، كُتب عنها في 1926: “أين إضافاتها؟ هي مغنية دينية، وأسلوب غنائها قائم في مصر منذ سنوات طويلة”.

أكثر من هذا، فقد شكا جمهور الرجال في عروضها من كونه لا يتلقى مقابلاً مناسباً للمال الذي دفعه. أكثر من مرة أزعجوها خلال العرض، وكان أقرباؤها أو أصحاب المكان يضطرون للتدخل من أجل إيقاف الشغب المربك. ادعوا أن أسلوبها ثقيل جداً ولا يناسب الملهى الليلي، وأن عرضها كئيب وقديم، وأنها لا تتقن حتى الآن السلوكيات والأساليب المدينية الحديثة (وحكى معارفها أنها كانت تحتاج لتعلم الأكل بالشوكة والسكين) وأن مجموعة الرجال الذين يصاحبونها بالموسيقى يفسدون الأمر. في مسلسل درامي عن أم كلثوم أُنجز في مصر منذ سنوات عدة يتم التعبير عن الأمر أيضاً في مشهد تزعق فيه مجموعة سكارى بين الجميع باتجاه أم كلثوم: “عاوزين شوية فرفشة”.

أم كلثوم، خلافاً لرغبة أبناء أسرتها، استجابت لطلب الجمهور. ببطء بدأت في تغيير أسلوب أغانيها، وانتقلت من القصائد الدينية وقصائد الحب للنبي إلى أغان أكثر خفة، أغاني الحب المعروفة بالطقاطيق والمكتوبة بالعامية وليس بالفصحى. في الوقت نفسه، فقد حسّن دخولها لدوائر النخبة  أداءها جداً بل أدى لتغيير في طريقة لبسها. خلعت غطاء الرأس التقليدي، وبدلت ملابسها القروية بفساتين سهرة بطراز أكثر أوروبية، وفي النهاية فصلت أباها وأخاها وسائر الرجال المرافقين واستأجرت لنفسها تختاً (تشكيلة أدوات موسيقية تتضمن غالباً أربعة أو خمسة عازفين للعود، الناي، والقانون، والكمان، والدف) بدلاً من المصاحبة الصوتية. بهذا نصبت نفسها مغنية منفذة تصارع من أجل مكانها في صناعة الترفيه التجارية وتطمح للمزيد من الشعبية.

ظاهرياً، يبدو كما لو أن أم كلثوم قد استجابت للإملاءات الذكورية التي أدارت صناعة الترفيه الرأسمالية. ولكن، في مقابل موهبتها الموسيقية ظهرت أيضاً موهبة المغنية الشابة كسيدة أعمال ذكية، تريد السيطرة على جميع تفاصيل مسيرتها، من الصغير للكبير. من ناحية، غيرت أسلوب لبسها إلى ما هو أكثر غربية وحداثة، ومن ناحية ثانية، حافظت على ملابس محتشمة تستجيب للشفرات الثقافية والمحلية. لم تظهر البتة بشعر منسدل ولم تلبس ملابس مكشوفة كما اعتادت مغنيات معاصرات أخريات ذلك، مثل فتحية أحمد أو منيرة المهدية. بعدها سيكون هناك أيضاً من يقولون إنه حتى المنديل الذي اعتادت الإمساك به في عروضها وأصبح رمزها التجاري هو علامة على أنها أزاحت غطاء الرأس، ولكنها لم تتخلّ عنه فعلاً.

أكثر من هذا، فهي فصلت بالفعل أبناء عائلتها الذين دافعوا عنها من الرجال في عروضها، ولكنها استأجرت خدمات مجموعة من الداعمين، الذين رافقوها في جميع العروض، جلسوا بين الجمهور، وعلموا المشاهدين كيفية التصرف: متى يُسمع بالتهليل والثناء على المغنية، ومتى ينبغي الحفاظ على الهدوء، وبالطبع، أوضحوا أنه ممنوع الوصول إليها، ولا، حاشا لله، محاولة مغازلتها. بهذا، لم تدافع أم كلثوم عن نفسها فقط، إنما بالتدريج أدخلت شفرات مختلفة للسلوكيات في عروض المغنيات، وتمكنت من تغيير علاقة المجتمع بالمغنيات وبدرجة ما بمهنة الغناء عموماً، بل مهدت الطريق لدخول النساء في العروض كقطاع شرعي من الجمهور. في عروضها من الستينيات يمكننا أن نرى بين الجمهور رجالاً ونساء، متدينين وعلمانيين، قرويين ومدينيين.

هذا وأكثر. مع استئجار التخت، تحولت أم كلثوم إلى واحدة من المغنيات المطلوبات، وتعاملت مع نفسها على هذا الأساس. بدأت في طلب مبالغ كبيرة من أجل عروضها، وعندما لم تكن ترغب في العرض بمكان بعينه لم تكن ترفض البتة وإنما ببساطة كانت تطلب مبلغاً كبيراً غير متوقع. بهذا جعلت من نفسها المغنية الأغلى في العالم العربي، ثم بسرعة المغنية الأكثر تقديراً أيضاً. في بداية الثلاثينيات أصبحت معروفة، ليس في مصر وحدها وإنما خارجها أيضاً وقدمت حفلات في دمشق، وبيروت، وحيفا، ويافا، والقدس.

يبدو أن التوقيت الذي اجتاحت فيه أم كلثوم الوعي كان مثالياً. أسهمت في هذا مسيرتان مرت بهما مصر في هذه السنوات، الأولى تكنولوجية والثانية تاريخية. من الناحية التكنولوجية، فقد بدأت في الظهور من نهاية القرن التاسع عشر وسائل توزيع مريحة لم تكن موجودة من قبل في العالم العربي: بدايةً من الصحف، التي أتاحت نشر الأخبار عن فنان بعينه، ومنشورات بخصوص عروضه وما إلى ذلك، وبعدها بدأت السينما التي مكنت المغنين والمغنيات من التمثيل في الأفلام وجعلتهم أكثر قرباً للجماهير غير القادرة على رؤية عروضهم، وكذلك الجرامافون الذي أتاح تسجيل أغانٍ واسكتشات وإذاعتها في المقاهي، والراديو وما إلى ذلك. كل هذا نشر صيت أم كلثوم في أنحاء العالم العربي. اعتادت الإذاعة المصرية أيضاً تقوية بثها عندما كانت تذيع عروضها الحية، مما سمح بسماعها من المغرب في الغرب حتى العراق في الشرق، من اليمن في الجنوب وحتى سوريا في الشمال. بعد سنوات معدودة من بدء مسيرتها الموسيقية أصبحت أم كلثوم المغنية الأكثر شهرة والمطلوبة أكثر في الحيز العربي.

بالإضافة لهذا، كانت مصر في العشرينيات في ذروة عملية بلورة هوية وطنية، بعد ثورة 1919 التي طالب فيها المصريون بالاستقلال والتحرر من الاستعمار البريطاني. تعاطى المجتمع المصري في هذه السنوات مع معضلة غير بسيطة: من ناحية كان يطمح للتحديث وللغرب، ومن ناحية ثانية كان يريد الحفاظ على التقاليد والهوية المحلية وعلى التميز عن الاحتلال البريطاني. أم كلثوم – بوعي أو من غير وعي – صنعت نموذجاً يربط بين التوجهين وعرضت نفسها كمنتج أصيل. هكذا، على سبيل المثال، فقد بدلت ملابسها الغربية مع الوقت بفساتين سهرة تشبه تلك الأوروبية، ولكنها كانت تبدو كجلابيب أو قفاطين غالية، مصنوعة من قماش فاخر، ملامحها غير ملتصقة أو كاشفة. وربطت ببعض فساتينها عناصر محلية، مثل تيجان الأكمام المزهرة المعتادة في فساتين الفلاحة المصرية، والزخارف الهيروغليفية المصرية، والحلي العربية الإسلامية وأشياء أخرى.

من الناحية الموسيقية، وسعت أم كلثوم من التخت وجعلته جوقة كبيرة على الطراز الغربي، ضمت بضع كمنجات، وتشيلو، وكونترباص، وأكورديون… عزف هذه الآلات المقدمات والقطع الانتقالية في أغانيها الطويلة كأي جوقة غربية، ولكن من اللحظة التي تبدأ فيها الغناء، تنسحب كل الآلات للخلف، والآلات التي ترافقها تصبح ميلودية وتتكون من أدوات عزف قليلة، كما هو معتاد في التقاليد الموسيقية العربية.

مغنون آخرون تبنوا هذا أيضاً. كان هذا بمثابة تجديد في الموسيقى العربية التي كانت شائعة حتى وقتذاك، ولكن أم كلثوم عرضته كمنتج عربي أو مصري أصيل، ومع السنوات تحول لما يعدّ اليوم موسيقى عربية كلاسيكية. بعدها، عندما ظهرت في باريس عام 1967، سئلت في حوار للتليفزيون المصري هل تريد أن تتأثر بلدها، مصر، بشيء ما من أوروبا أو من الثقافة في باريس، فأجابت بابتسامة: “لا أحب أن تقلد هذه البلد بلداً أخرى. لدينا تقاليدنا ونحن فخورون بها جداً”.

معضلة جوهرية أخرى تعاطى معها المصريون عندئذ وتتصل بطابع الهوية الوطنية التي أرادوا بلورتها. ثلاثة اتجاهات أساسية تطورت في المجتمع المصري: الأول يؤسس الهوية على الأرض، يرى في الفلاح، وبشكل خاص في الفلاحة، رمزاً وطنياً يحيي الماضي الفرعوني القديم لوادي النيل، والثاني، الإثني، يؤسس الهوية على الثقافة واللغة العربية المكتوبة، الأدبية، المشتركة بين جميع البلدان التي تتحدث العربية، والثالث، الديني، الإسلامي، الذي يرى في مصر جزءاً من العالم الإسلامي وفي انتمائه الديني، أساساً للهوية الوطنية.

تقريباً عبرت أم كلثوم عن كل هذه الاتجاهات، سواء لأنها حرصت على لباس محتشم، أو لأنها شكلت صورتها على هيئة تذكر أحياناً بنفرتيتي أو بتمثال فرعوني آخر، أو لأنها غنت أغاني بالعربية المصرية المستحدثة، وبهذا عززت من العنصر المحلي، ومن الناحية المقابلة أعادت غناء القصائد وأدخلتها في البرنامج الثقافي الشعبي، أو لأنها دائماً ما قدمت نفسها كمسلمة مؤمنة وأدخلت في القصائد الدنيوية عناصر مأخوذة من “تجويد القرآن”، أو لأنها ربطت بعروضها تكنيكات موسيقية كانت شائعة في التقاليد العربية السابقة، مثل الحوار مع الجمهور أو الارتجال الصوتي، أو لأنها دائماً، حتى بعد سنوات من سكناها في فيلا راقية في الزمالك بالقاهرة وقضائها أشهر الصيف في أوروبا الباردة، واصلت تقديم نفسها في الحوارات كفلاحة، بنت قرية محلية، جذورها مغروسة عميقاً في أرض مصر.

كل هذا، حتى وإن يكن بشكل واع ومتعمد، خاطب قلوب ملايين المصريين ومئات ملايين العرب في أنحاء العالم، الذين كانوا خاضعين لحكم كولونيالي وسألوا أنفسهم أسئلة عن الهوية. أم كلثوم، بخلاف كونها مغنية فريدة ذات مواهب صوتية خاصة، وضعت أمامهم نموذجاً زاخراً بالفخر، ومرفوع الرأس. وكانت بسببهذا فقط جديرة بإعجاب شديد مثل الذي حصلت عليه.

ليس من المستغرب إذن أنه مع ثورة الضباط الأحرار عام 1952، عندما قرر الضابط الذي كان مسؤولاً عن بث الراديو، وجيه أباظة، منع ترداد أغاني أم كلثوم، خاف جمال عبد الناصر أن يثور الشعب على رجال الثورة. وفي حوار في فيلم Simone Bitton يحكي الصحفي مصطفى أمين، الذي كان رئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم”، أن ناصر عندما سمع عن قرار أباظة أسرع إلى الاتصال به والاستفسار منه عن سبب قراره. أجابه الضابط: “لأنها تنتمي للماضي”، أي للعهد الملكي الذي كان قبل الثورة. غضب ناصر ورد عليه: “في هذه الحالة، أقترح أن تهدم الأهرام وتمنع النيل من الجري، لأنه كان يجري أيضاً في العهد الملكي”. في هذه الفترة تقريباً تزوجت أم كلثوم، في سن متأخرة نسبياً، ممن كان طبيبها.

أراد ناصر أيضاً وأصر على أن يعمل العدوّان اللدودان، عبد الوهاب وأم كلثوم، معاً. ووفق الأديب نجيب محفوظ في فيلم Bitton، فقد أدرك ناصر أنه فشل في توحيد الأمة العربية ولهذا أراد على الأقل أن يوحدها عبر حب عملاقي الغناء هذين. والنتيجة كانت الأغنية المعروفة “إنت عمري”، 1964، وبعدها جاءت تسع أغان أطلقها العدوّان معاً. إحداها كانت الأغنية التي كتبها الشاعر السوري نزار قباني وموجهة لفلسطين.

وبرزت أيضاً انتقادات لأم كلثوم وعروضها الخاصة. كان هناك من انتقدوها بسبب علاقاتها بالنخب، وبعضهم بخصوص طابعها الجامد، وكان هناك أيضاً من انزعجوا بالانشغال الكبير الذي تبديه الصحافة المصرية بعروضها، وبأغانيها  وبغرفة ملابسها. قرب نهاية مسيرتها كان كثير من أبناء الجيل الشاب، برغم أنهم قدروا صوتها جداً وموهبتها الموسيقية، ينزعجون من أغانيها الطويلة ويشكون من سيطرتها على ساعات البث في الراديو ومنعها الفنانين الآخرين من حيازة المجد. وفق كثيرين فقد أثارت عروضها فخراً وطنياً وثقافياً كان بمثابة إلهاء عن مشاكل وأزمات المجتمع المصري. كان هناك كذلك من علقوا هزيمة مصر في حرب 1967 بكون “صوتها يسكت الناس بدلاً من إيقاظهم”. ولكن بعد الهزيمة في الحرب خرجت أم كلثوم في رحلة عروض في أنحاء العالم العربي، وخارجه أيضاً للمرة الأولى، في قاعة الأولمبياد في باريس. وساهمت بالأرباح الناتجة عن العشرات من عروضها في إعادة بناء الجيش المصري. هكذا لم تسهم فقط إسهاماً مالياً، وإنما عبرت تعبيراً حقيقياً عن فكرة الوحدة العربية، التي فشل ناصر في تحقيقها.

أصاب موت أم كلثوم في عام 1975 مصر والعالم العربي كله بصدمة. التقديرات في موضوع عدد المشاركين في جنازتها تراوح ما بين مليونين أو أربعة ملايين شخص. على أية حال يعتقد الكثيرون أن هذه الجنازة كانت أكبر من جنازة ناصر، وهذا مشكوك فيه، ولكن يبدو أن هذه هي طريقة الجماهير للقول إن أم كلثوم حظيت بشعبية أكبر من شعبية الزعيم القومي، لأنها هي بالتحديد من حققت آمالهم.

كانت أم كلثوم رمزاً وهي لا تزال حية، ولكن لا شك أنها منذ موتها تحولت أيقونة ثقافية، بشكل خاص في مصر ولكن أيضاً في العالم كله. بعد موتها بأربعين سنة، لا تزال أغانيها تتردد يومياً وفي أوقات محددة في محطات إذاعية مختلفة في العالم العربي وفي إسرائيل أيضاً. مغنون ومغنيات يجددون أغانيها، سواء في العالم العربي أو في خارجه، من بينهم مغنية الفلامنكو من ثنائي [المغنيين الأسبانيين] Lole & Manuel، المغنية الفرنسية المغربية Sapho، المغنية الإسرائلية Zehava Ben، وآخرون كثيرون. حتى المغنية التونسية البلجيكية غالية بن علي أصدرت في 2010 ألبوماً تضمّن أغاني مجددة لأم كلثوم. في جميع برامج الواقع تقريباً هناك من يقدم أغنية لها. الفنانون التشكيليون يواصلون رسمها، أو صنع أعمال بإلهام منها، وصورتها أيقونة يمكن العثور عليها ليس فقط في المتاحف وإنما أيضاً على الأكواب، والقمصان، والأقراط وما إلى ذلك.

يوم الثلاثاء هذا، 3 فبراير، سيشير العالم العربي لاكتمال أربعين عاماً على موت أم كلثوم. في مصر سيشار إلى اليوم عبر سلسلة من العروض، بعضها في بيت الأوبرا المصرية، وهو المكان الذي لا يسمح بالدخول إليه إلا بارتداء ملابس السهرة، وأخرى في بيت السناري في الحي الشعبي القاهري، السيدة زينب. في هذه الأربعين سنة، لم تنقص شعبية أم كلثوم، إنما زادت وحظيت بالاعتراف بين جماهير مختلفة في أنحاء العالم. من حين لآخر تحظى مغنية شابة جديدة بلقب “أم كلثوم الجديدة”، ولكن اللقب لا يصمد إلا فترة قصيرة وفي الغالب يقضي على مسيرة هذه المغنية. لأربعين عاماً يبحثون عمن تشبهها، ولم يجدوا.

موقع "رصيف" المصري في

03.02.2015

 
 

مشاهدات "كليرمون فيران" أهم مهرجان للأفلام القصيرة بالعالم (1)

"سينماتوغراف": أحمد شوقي ـ كليرمون فيران

متابعة مهرجان مخصص للأفلام القصيرة يكاد يكون أصعب من أي نظير مخصص للأفلام الطويلة، فإذا فرضنا أن المعدل الطبيعي للمشاهدة المكثفة هو أربعة عروض يوميا، وأن العرض الواحد يحتوي على 5 أو 6 أفلام كما هو الحال في كليرمون فيران، أهم مهرجان في عالم الأفلام القصيرة، فإنك تجد نفسك مطالب بتلقي حوالي 22 فيلم يوميا، لكل منها أسلوبه ولغته وشحنته العاطفية والفكرية، وهو أمر أصعب بكثير من استغلال نفس وقت العروض في تلقي أربعة أفلام فقط، حتى لو كان زمن كل منها يعادل زمن ستة أفلام قصيرة.

هذا العام يواصل مهرجان كليرمون زخمه، وازدحامه بالأفلام متنوعة المستوى، الآتية من كل بقاع الأرض تقريبا، ففي المسابقة الدولية وحدها يشارك 79 فيلما يمثلوا 59 دولة. وبين الأفلام المتباينة التي نشاهدها يوميا، اخترنا لكم أبرز عناوين عُرضت في أول يومين من المهرجان.

تفتيش (روسيا)

أحد الأشكال المثالية للفيلم القصير هي الفيلم الذي يدور في تتابع وحيد متماسك زمنيا، بحيث يماثل زمن الفيلم الواقعي الزمن الدرامي السردي. حملة تفتيش من الحماية المجتمعية على منزل امرأة مدمنة كحول، لمتابعة مدى تقدم حالتها والموافقة على استمرار بقاء ابنتها معها. تقدم المخرجة جالا سوخانوفا الحكاية من وجهة نظر المفتشة الصارمة، التي تطبق القانون بحذافيره وتسعى لتفتيش كل تفصيلة لضمان سلامة الابنة.

بكاميرا ترافيلنج تتابع حملة التفتيش من بدايتها وتتجول في أرجاء المنزل الفقير، يخوض المشاهد الحملة مع المفتشة، ويستجوب الفتاة الصغيرة معها حول مكان تواجد والدتها حاليا، وعن مدى تطور حالتها وتنظيمها للمنزل، حتى تأتي الصدمة في النهاية للمشاهد مع المفتشة، عندما تكتشف أن الطفلة هي من تقوم بإدارة المنزل وتخفي حقيقة تدهور حالة والدتها.

عند هذه اللحظة الأمر يخرج لما هو أكبر من التفتيش والفتاة الصغيرة، ليصبح متعلقا بجدوى القانون الذي تنفذه المفتشة ككل، فالمفترض أن هدف القانون هو حماية الطفلة من والدتها، لكن ما يحدث على أرض الواقع هي أن الفتاة تكذب بكل الطرق حتى لا يجبرها القانون على ترك والدتها (والنص القانوني يفترض أن ما يتم هو العكس). صدمة كهذه تجعله فيلما قصيرا مثاليا، ببناء درامي متماسك وجذاب، وطرح فكري يستحق التفكير.

هذا اليوم من الشهر (تايلاند)

جوي ولي صديقتان مراهقتان، يبدأ الفيلم بمشهد طويل لهما تجلسان داخل الفصل، تتبادلات رسائل مكتوبة خفيفة الظل، تحمل مأزق الفيلم: بعد تزامن موعد الدورة الشهرية لكل منهما منذ بلوغهما، تأخرت دورة جوي لأول مرة هذا الشهر. انطلاقا من هذا المأزق العابر، نكتشف تباعا وعلى مدار زمن الفيلم الطويل نسبيا (30 دقيقة)، تعقد العلاقة التي تربط الفتاتين ببعضهما البعض.

اختيار المخرجة جيراسيا وونجسوتين لهيئة الفتاتين شديد الذكاء، فجوي التي نكتشف لاحقا أنها مارست الجنس لأول مرة مع صديقها دون أن تخبر لي، جميلة منطلقة تحاول أن تظهر بصورة الفتاة الجذابة، أما لي التي توجه مشاعرها نحو صديقتها، فهي أكثر جمودا وأقل جمالا، يبدو لك من اللحظة الأولى أنها رغم خفة ظلها، إلا أن ارتباطها بجوي أكبر بكثير من ارتباط الأخيرة بها.

عبر مشاهد طويلة يشغل كل منها عدة دقائق، تتكشف حقيقة ما قامت به جوي، وحقيقة مشاعر لي المضطربة تجاهها، فهي من جهة تغير من جمالها وجرأتها، وتتمنى لو كانت هي من تمتلك حبيبا تقبله وتمارس معه الجنس، ومن جهة أخرى تغير على صديقتها، وتمتلك ميلا يكاد يكون حسيا تجاهها، يدفعها لمحاولة التلاعب حتى لا تتركها جوي وتختار حبيبها. ومع ظهور هذه العلاقة تدريجيا، يقوم الفيلم بإلقاء نظرة ذكية على حياة المراهقات وتكوينهن النفسي، تم تقديمها بحب واضح وانتصار للطبيعة البشرية التي تدفع الإنسان أحيانا للقيام بتصرفات حمقاء، لكنها لا تنزع منه أبدا جاذبيته.

جمال (إيطاليا)

بالرغم من وجود مسابقة مستقلة مخصصة للأفلام التجريبية هي مسابقة "لابو"، فإن هناك بعض الأفلام المعروضة في المسابقة الدولية تمتلك حسا تجريبيا واضحا، من بينها هذا الفيلم الإيطالي الرائع من إخراج رينو ستيفانو تاجليافيرو، والذي اعتمد على فكرة غير معتادة هي بث الحياة في أشهر الأعمال الفنية.

مجموعة مختارة من اللوحات والأيقونات الشهيرة، معظمها ينتمي لعصر النهضة، قام المخرج باستخدام تقنيات التحريك لجعلها تتحرك حركات بسيطة توحي بالحياة، مع جمع هذه الحركات ووضعها في سياق خاص، يعزف بشكل متتال سوناتات بصرية عن حياة البشر: الجمال، الحب، الخوف، الجنس، والموت. بدون أي كلمات وبحركة هادئة رصينة، يقدم المخرج عملا مخلصا للسينما الخالصة كفن مستقل بذاته، حتى لو قام باستغلال عناصر آتية من فنون أخرى، فهو يمزجها بصورة أصيلة وليدة الوسيط بالأساس، لتكون النتيجة عمل بصري ممتع.

ثقب (كندا)

أي عمل يلعب بطولته واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة هو عمل مهدد مبكرا بإساءة التصرف، باستغلال معاناة البشر في صناعة فيلم لن يربح منه سوى مخرجه، أو على أحسن الأحوال بالميل للعاطفية المفرطة التي يفرضها التعامل مع حالة إنسانية خاصة. ما سبق يوضح سر إعجابي بالفيلم الكندي "ثقب" للمخرج مارتن إدرالين، الذي تخلص من كل فرص الخطأ السابقة وصنع عملا مثير للاهتمام.

البطل رجل أربعيني، يعاني من إعاقة واضحة في أطرافه تجعله يحتاج لمن يساعده في الحركة، لكنه رغم هذا يمتلك جهازا تناسليا مكتملا، وبالطبع عقل وخيال قادرين على إثارة هذا الجهاز، لنصل للحقيقة المؤلمة وهي أن هذا الرجل عاش أكثر من نصف عمره دون ممارسة الجنس، وسوف يعيش الباقي أيضا محروما منه لأسباب جسدية، بينما يظل عقله ورغبته يمزقانه ويدفعانه لتصرفات غير معتادة، ناهيك بالطبع عن الاكتشاف في منتصف الفيلم بأنه يميل أكثر نحو الذكور أكثر من النساء.

الأزمة النفسية جريئة ومنطقية ومثيرة للتعاطف، خاصة مع أداء الممثل كين هاروار الذي قام بالرغم من إعاقته الجسدية بأداء الدور بصورة أكثر من ممتازة، بحميمية واضحة ربما تشير لتفهمه لمعاناة الشخصية الرئيسية، لتأتي لحظات انكساره مؤلمة بحق، ولحظة راحته وتصالحه كهدية يقدمها صانع الفيلم للجمهور في النهاية.

مول لكلب (المغرب)

بالرغم من الاسم الغريب الذي نحتاج أن يقوم أحد الأصدقاء المغاربة بتفسيره لنا، يظل فيلم المخرج كمال الأزرق واحدا من أمتع الأفلام التي عرضها مهرجان كليرمون فيران هذا العام. حكاية لشاب هادئ، يتمتع بالأمان المادي، ويعيش في هدوء مع أسرته وصديقه الوحيد: كلبه اللبرادور الأصفر. وعندما يترك كلبه لينزل البحر لدقائق يخرج فلا يجده، ليبدأ رحلة غريبة يعيد فيها اكتشاف مدينة كازابلانكا التي عاش فيها طوال عمره دون أن يعلم عنها شيئا.

ما بين الملاهي الليلية وأوكار الدعارة، إلى عربات الشرطة وسوق الحيوانات المسروقة، وصولا إلا حلبات مصارعة الكلاب الدموية غير المشروعة، يعرف يوسف المهذب أنه كان يعيش في مدينة آمنة صنعها خياله فقط، لتكون تجربة ضياع الكلب هي رحلة نضج يمر بها البطل الشاب.

ملحوظة: محبي الحيوانات وأقوياء الملاحظة فقط سيلاحظون أن الكلب الذي ظهر في المشعد الافتتاحي للفيلم يختلف عن الكلب الذي ظهر باقي زمن الفيلم. أمر يبدو بالتأكيد أن سببه ورطة إنتاجية ما، لكنه بالطبع خطأ يمكن تجاوزه قياسا على مستوى الفيلم.

قيادة القطيع (قرغيزستان)

من المثير دائما أن تشاهد إنتاج دولة للمرة الأولى، هذه أول مرة أشاهد فيلم قرغيزي (من قرغيزستان إحدى جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق)، وكانت النتيجة مرضية جدا.

الفيلم الذي أخرجه روسلان أكون تدور أحداثه بالطبع في الجبال القرغيزية ومراعي الماشية، والطبيعة الإثنية للفيلم متوقعة بالطبع في ظل كونه آت من دولة ذات طبيعة خلابة وعرق خاص وسينما ناشئة، لكن المهم هو عدم استخدام المخرج الطبيعة في صناعة كارت بوستال منزوع القيمة الدرامية، بل جعلها خلفية لرحلة شاقة يخوضها طفل وطفلة بعد أن رحل والدهما وتركهما وسط الجبال يقودان قطيعا كبيرا من الماشية.

بشكل عام هناك أربعة من الأفلام الستة المذكورة في هذه المشاهدات عن رحلة نضوج، على رأسها من حيث تناول الفكرة الفيلم القرغيزي، ربما لطزاجة المكان، أو للتناقض الشديد بين ضخامة العالم وصغر حجم البطلين الطفلين، أو لإمساك المخرج بإيقاع مناسب للدراما بينما كل شيء حوله يغريه بالمشاهد التأملية ذات الزمن الدرامي الميت. كل هذه أسباب لنتيجة واحدة، هي أن الفيلم الآت من دولة لم نعرف عنها من قبل أن بها صناعة سينما، قد يكون أحد الرابحين في نهاية أهم مهرجان للأفلام القصيرة بالعالم.

بعد 40 عاما على وفاتها.. يبقى السؤال قائما..

لماذا توقفت أم كلثوم عن العمل في السينما بعد 1948؟

"سينماتوغراف" ـ محمود درويش

رغم وصولها إلى ذروة المجد وتربعها على قمة الغناء ونيلها ما لم ينله غيرها من الفنانين عامة، والمطربين خاصة، سواء في مصر أو الوطن العربي، إلا أن "كوكب الشرق" أم كلثوم كانت تخشى من السينما التي دخلتها عام 1935 بعد أن كانت قد بدأت الغناء الاحترافي في عام 1916، وقدمت للسينما ستة أفلام فقط خلال الفترة من 1936 وحتى 1948 حين قررت التوقف عن تقديم أفلام جديدة والاكتفاء بالغناء الذي تربعت على عرشه دون منازع.

وهذه الأفلام هي: وداد 1936، نشيد الأمل 1937، دنانير 1939، عايدة 1942، سلامة 1944، فاطمة 1948.، بالإضافة إلى فيلم ولاد الذوات 1932 التي ظهرت فيه بصوتها غناء فقط.

واليوم 3 فبراير يكون قد مر على رحيلها 40 عاما، حيث توفيت في مثل هذا اليوم من عام 1975.
أدركت سيدة الغناء العربي التي توفيت في مثل هذا اليوم، الثالث من فبراير عام 1975، بما تملكه من ذكاء، أنها لن تحقق في السينما ما حققته في مجال الغناء. ورجع ذلك إلى شعور ام كلثوم بافتقادها إلى الجمال اللازم وجوده لدى نجمات السينما لاسيما في ذلك الوقت حتى تقنع مشاهدي أفلامها أنها الفتاة التي تستحق قلب البطل عادة ويتهافت عليها الجميع.

وما يؤكد صحة هذا الرأي أن المشاهد لآخر أفلامها "فاطمة" يشعر بسهولة أنها غير ملائمة لهذا الدور وكبيرة في السن أيضا عليه. فلو اعتمدنا تاريخ ميلادها في 1898 كما يشير البعض، أو صح اعتماد تاريخ ميلادها المسجل رسميا عام 1908، فقد كانت يوم تصوير هذا الفيلم قد أكملت الخمسين او الأربعين على أقل تقدير، وبالتالي فلا يمكن أن يقتنع المشاهد بأن بنت الأربعين هي تلك الفتاة التي يقع في حبها ابن الباشا، أو شقيق الباشا (الحدوتة التقليدية في السينما المصرية) كما في هذا الفيلم، لأن مثل تلك الفتاة لابد وأن تكون فائقة الجمال صغيرة السن حتى يتهافت الرجال عليها

ويلاحظ هنا أن ثلاثة من الأفلام الستة التي قدمتها على الشاشة كانت أفلاما تاريخية أي لا ترتبط بالعصر الذي عاشته أم كلثوم وإنما اختارت الحقبات الزمنية الغابرة حتى لا تكون هناك حاجة لبطلة مودرن تواكب متطلبات العصر الحديث.

ومن هنا، فإن استمرار أم كلثوم في السينما بعد عام 1948 لم يكن ممكنا في ظل هذه الظروف، خاصة وأن بطلات ذلك العصر من المطربات، أو اللاتي جئن بعد ذلك بقليل كن صغيرات، جميلات، أمثال ليلى مراد، وشادية، وهدى سلطان، وصباح ونور الهدى، ونجاة، وفايزة احمد، وغيرهن.

البداية مع "وداد" وستوديو مصر

في عام 1936، بدأ ستديو مصر بإنتاج أول أفلامه بقصة مصرية هي "وداد" وكان من بطولة أم كلثوم وأحمد علام، وإخراج الألماني فريتز كرامب، وقد مثل الفيلم مصر لأول مرة في مهرجان فينيسيا الدولي في ذلك العام.

ويحكي الفيلم عن عصر المماليك حيث تنشأ علاقة حب بين الشاب التاجر "باهر" وأدى دوره يحيى نجاتي وجاريته "وداد" (أم كلثوم)، التي تتمتع بصوت ملائكي، وبينما يتناجى الحبيبان يسطو قطاع الطريق على قافلة باهر التجارية ويستولون على بضاعته التي تمثل رأس ماله كله. ينتكب باهر ويشكو سوء الدهر وتبدأ مطالبته بالديون التي يستمهل أصحابها ويضطر لبيع كل ما يملك ولا يستطيع سداد دينه. تعرض عليه " وداد " أن يبيعها في سوق الجوارى فهى ذات صوت جميل وربما تأتى له بثمن باهظ يسدد به دينه لكنه يرفض فكرة بيع محبوبته، وتلح "وداد" في طلبها هذا تضحية بنفسها وقلبها فداء للمحبوب. أخيرا يوافق باهر على مضض ويبيعها ليبدأ حياته التجارية من جديد

كتب قصة الفيلم أحمد رامي، وأعد السيناريو والحوار أحمد بدرخان. وشارك ام كلثوم البطولة فيه كل من: أحمد علام، مختار عثمان، منسي فهمي، كوكا، محمود المليجي، يحيى نجاتي، فؤاد فهيم، فتوح نشاطي.

وكان فيلم وداد، أول لقاء وتعاون بين أم كلثوم والملحن رياض السنباطي، الضلع الثالث في مثلث أم كلثوم وأحمد رامي، من خلال وضعه الموسيقى التصويرية للفيلم، وتقديم أم كلثوم فيه أغنية "على بلد المحبوب ودينى"، لينطلق معها السنباطي بعد ذلك في رحلة طويلة من العطاء الفني الأصيل.

قصة نشيد الأمل

في عام 1937، قدمت ام كلثوم فيلم فيلم منيت شبابي أو (قصة نشيد الأمل)، وفيه يقوم اسماعيل (عباس فارس) بتطليق زوجته آمال (أم كلثوم)، تاركاً إياها وحيدة لتقاسي مصاعب الحياة مع ابنتها سلوى، ويسوق لها القدر الطبيب عاصم (زكي طليمات) الذي يقوم بعلاج ابنتها، ويكتشف موهبة آمال المتميزة في الغناء، فيساعدها على أن تجد لنفسها عملاً مستغلة فيه موهبتها، ولكن طليقها لا يتركها لحال سبيلها حتى بعد طلاقه إياها.

والفيلم من إخراج أحمد بدرخان. تأليف أدمون تويما ، سيناريو وحوار أحمدرامي. وشارك في بطولة الفيلم استيفان روستي، ماري منيب، وغنت ام كلثوم فيه عدة أغاني أشهرها افرح يا قلبي لك نصيب، من كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي.

فيلم "دنانير"

في عام 1939، قدمت ام كلثوم فيلم دنانير، الذي كتب قصته وحواره وألف أغانيه أحمد رامي، واخرجه وأعد له السيناريو أحمد بدرخان. وفي الفيلم، يستمع الوزير جعفر البرمكي (سليمان نجيب) إلى صوت البدوية دنانير (أم كلثوم) وهى تغني أثناء مروره بالصحراء. فيُعجب بصوتها بشدة و يقترح على مربيتها أن يصحبها معه إلى بغداد لكي تتعلم أصول الغناء على يدي (إبراهيم الموصلي). وتتاح الفرصة لدنانير كي تغني أمام الخليفة هارون الرشيد (عباس فارس)، فيعجب بصوتها. وتصبح مغنيته المفضلة وتزداد المؤامرات للإساءة إلى الوزير (جعفر) لدى (هارون الرشيد) الذي ينتهي به التفكير إلى أن يأمر السياف بقطع رقبة الوزير.

وقد قدمت أم كلثوم فيه أغنية (يا ليلة العيد أنستينا)، من كلمات أحمدرامي وألحان رياض السنباطي، حيث غنتها أمام الخليفة هارون الرشيد ووزيره جعفر. وفيما بعد، تم حذف الأغنية من أحداث الفيلم بناءً على إصرار أم كلثوم نفسها، لتصبح مرتبطة أكثر بليلة العيد.

حكاية "عايدة

في عام 1942، قدمت ام كلثوم فيلم "عايدة" المقتبس عن أوبرا "عايدة Aida " للمؤلف الموسيقي الإيطالي فيردي Verdi، والتي ألفها خصيصا لحفل افتتاح قناة السويس في عهد اخديوي اسماعيل عام 1869، والفيلم يعد محاولة لتقليد فن الأوبرا العالمية.

ويحكي الفيلم عن "عايدة" أم كلثوم، الفتاة القروية ووالدها محمد أفندى الرجل الفقير الذي يعمل فى أرض زراعية يملكها امين باشا، وهو رجل عسكرى النزعة، له ابن اسمه سامى نال البكالوريا، لكنه لم يكمل تعليميه، وكان للباشا ابنة اسمها ثريا فى سن عايدة، تتم جريمة قتل فى المزرعة يموت فيها محمد أفندى الذى يذهب ضحية قيامه بواجبه فى نفس يوم حصول عايدة على البكالوريا، يشمل ابن الباشا عايدة بعطفه، وتلتحق بمعهد الموسيقى، وتنمو قصة حب بين عايدة وسامى، مما يسبب غضب الباشا، لكنها تحفز سامى على استكمال الدراسة، ويقتنع الباشا بأهمية عايدة فى حياة ابنه، فيزوجها له.

والفيلم كتب له القصة والسيناريو والحوار عباس يونس وفتوح نشاطي، وأخرجه أحمد بدرخان.

وشارك ام كلثوم البطولة كل من ابراهيم حمودة، سليمان نجيب، عباس فارس.

ومن أشهر الأغنيات التي قدمتها ام كلثوم في الفيلم اوبريت عايدة مع إبراهيم حمودة، من كلمات أحمدرامي، وتلحين محمد القصبجي، ورياض السنباطي.

راعية الغنم "سلامة"

في عام 1944، قدمت ام كلثوم فيلم "سلامة"، وتدور أحداثه فى عصر الدولة الاموية، حول راعية الاغنام "سلامة" أم كلثوم، ذات الصوت الساحر، والتى تربطها علاقة حب مع عبدالرحمن "يحيى شاهين"، لكن يقف أمام حبها طمع ابن سهيل فيها، فتهرب منه خوفا على نفسها وحبها، ويبدأ عبدالرحمن رحلة بحثه عنها.

وتعد قصة الفيلم قصة واقعية، حدثت بالفعل فى عهد الدولة الاموية منذ ألف وثلاثمائة عام، هذا كما ورد فى مقدمة الفيلم.

كتب قصة الفيلم علي أحمد باكثير، وأخرجه توجو مزراحي.

ومن أبطاله يحي شاهين، عبدالوارث عسر، استيفان روستي، فؤاد شفيق، زوزو نبيل.

ومن أشهر أغاني الفيلم غني لي شوي شوي، وقل لي ولا تخبيش يا زين، من كلمات بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد.

الممرضة الشابة "فاطمة"

آخر أفلام أم كلثوم، وكان في عام 1948، ويحكي عن فاطمة (أم كلثوم) الممرضة الشابة حسنة الخلق التي يسند إليها مهمة السهر على مباشرة علاج أحد الباشاوات المرضى، وعندما يراها شقيقه (فتحي) أنو وجدي، يعجب بجمالها وحلاوة صوتها وهى تغني، فيقع فى حبها. يحاول فتحى إغراءها بشتى الوسائل إلا أنه يفشل فى استمالتها، ولما كانت لديه رغبة جامحة فيها فإنه لم يجد وسيلة غير الزواج منها، وبالفعل يتزوجها بعقد زواج عرفى ويصطحبها لقضاء شهر العسل فى الإسكندرية، ويعود بها ليعيشا فى بيتها المتواضع فى إحدى الحارات نظرا لغضب والده الباشا مما حدث. ولا يستطيع فتحى تحمل العيش هناك أو التعامل مع أهل الحارة فيخرج. وقد ضاق ذرعا.

كتب القصة والسيناريو والحوار للفيلم بديع خيري، وأخرجه أحمد بدرخان

وشارك في بطولته كل من انور وجدي، سليمان نجيب، حسن فايق.

وغنت أم كلثوم في الفيلم أغنية أصون كرامتي كلمات احمد رامي وألحان رياض السنباطي، وجمال الدنيا يحلى لأحمد رامي وألحان زكريا أحمد.

بالصور.. تفاصيل توقيع بروتوكول التعاون بين الأقصر السينمائي وفيسباكو

"سينماتوغراف" ـ هشام لاشين

جاء المؤتمر الصحفي الذي عقد مساء أمس الأثنين بمركز الهناجر للفنون بالقاهرة، لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، بالاشتراك مع مهرجان فيسباكو ببوركينافاسو، فرصة للإعلان عن فعاليات المهرجانين بالإضافة لتوقيع بروتوكول التعاون والتوأمة بينهما، مع تتابع انعقادهما خلال شهري فبراير ومارس

وقد تم الكشف عن العديد من الأفلام المشاركة في المهرجانيين، حيث أعلن كل من سيد فؤاد رئيس الأقصر السينمائي و أردوما سوما رئيس فيسباكو السينمائي عن إهداء كل منهما دورته لبلد الأخر، وقال سوما ان مصر ضيف شرف هذه الدورة وانها حاضرة في هذا المهرجان منذ عام 1972 وسوف يكون هناك فيلمين مصريين في المسابقة الرسمية، الاول فيلم تسجيلي طويل للمخرجة جيهان الطاهري بعنوان (فراعنة مصر الجدد) والفيلم الأخر روائي طويل للمخرج احمد عاطف بعنوان (قبل الربيع) وقال ان عدد الأفلام المشاركة في هذه الدورة 130 فيلم من أصل 680 فيلم شاهدها المهرجان منها 85 فيلما في المسابقة الرسمية مابيت تسجيلي وروائي قصير وطويل باللإضافة لأفلام لطلبة معهد السينما 

واضاف سوما ان المهرجان وجد لدعم السينما الافريقية بالاضافة لمحاولة ايجاد حلول للعديد من المشاكل السينمائية كما انه دعوة مفتوحة للسينمائيين الافارقة لمشاهدة الإنتاج الا فريقي المختلف اما التيمة الرئيسية لهذه الدورة الرابعة والعشرون فهي (السينما الإفريقية ..الانتاج والتوزيع في العصر الرقمي) .

اما سيد فؤاد فقد اشار الي اهمية الحدث خصوصا وان تاريخ مهرجان فيسباكو عريق ويتجاوز ال48 عاما بأربع وعشرون دورة حيث يقام كل عامين ، وأكد بدوره علي أن بوركينا فاسو هي ضيف شرف المهرجان، واشار فؤاد الي ان من أبرز ملامح الدورة الرابعة عرض افلام الإنتاج المشترك القصيرة (روائية وتسجيلية) بين مصر والسينمائيين الاشقاء من القارة السمراء كعرض أول وهي من انتاج مهرجان الأقصر (صندوق إتصال لدعم الشباب) وابدعها سينمائيين من دول (ساحل العاج- اثيوبيا- رواندا- توجو- مصر) موضحا انه سيتم إستضافة نجوم كبار من هوليود ذوي اصول إفريقية كما حدث بالدورة الثالثة التي إستضافت (داني جلوفر) وأوضح انه سيقام علي هامش المهرجان مؤتمر السينما وتعليم التفكير

وأكد علي اهداء الدورة بالكامل لإسم الفنان الراحل خالد صالح وسيتم عرض عدد من أفلامه وتنظيم ندوة بالإضافة لكتاب عن حياته من اعداد طارق الشناوي ومن المنتظر ان تعقد ندوة رئيسية تحت عنوان (خالد صالح اخر حلقات التمثيل في مصر) تتحدث عن ادائه ومناهج التمثيل في ادواره .

كما اعلنت عزة الحسيني مدير المهرجان جزء من فعاليات مهرجان الاقصر والأفلام المشاركة، وقالت ان مسابقة الأفلام الطويلة للاقصر السينمائي يشارك فيها فيلمين من السنغال وفيلمين من رواندا وفيلم من أثيوبيا وفيلم من المغرب وكذلك فيلم من تونس وكوت ديفوار ومالاوي ونيجيريا وبوركينا فاسو وتشارك الأخيرة بفيلم (إيفا) .

كما اعلنت عن مشاركات مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة وكذلك القصيرة بالاضافة لمسابقة افلام الحريات التي حملت إسم (الحسيني ابو ضيف) والذي يكرمه المهرجان بتقديم جائزة بإسمه هي جائزة (ارت ووتش افريكا) وتمنح للفيلم الذي يمثل حرية التعبير ويتناول حقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية، وفي النهاية اعلنت الحسيني عن الأفلام المشاركة في القسم الرسمي خارج المسابقة من مصر وبوركينا فاسو وموزمبيق ومورشيوس وغانا ورواندا والكونغو وكينيا والمغرب وليبريا

كما اشارت الحسيني الي مشاركة 35 سينمائي في ورشة (هايلي جريما) والتي يديرها المخرج الأثيوبي المعروف وفريقه وسوف يقوم هؤلاء الشباب اثناء فترة الورشة والمهرجان بإنتاج أفلام قصيرة يتم عرضها في ختام المهرجان .

بينما اكدت الحسيني علي تكريم المخرج (ادريسا ايدراوجو) من بوركينا فاسو، كما اشارت لإعادة إصدار كتاب الناقد (علي ابو شادي) والذي يحمل عنوان (وقائع السينما المصرية) الذي وزع العام الماضي وترجمته للفرنسية عبلة عبد الحفيظ سالم بالاضافة لكتاب طارق الشناوي والذي يحمل عنوان (خالد صالح في الاصل حلواني).

يذكر أن المؤتمر حضره الدكتور عصام شرف رئيس شرف المهرجان وكذلك محافظ الاقصر.

سينماتوغراف في

03.02.2015

 
 

الفيلم المصري القصير «فرخة ولكن» يحث المرأة على مواجهة التحرش بقوة وعنف

رانيا يوسف

القاهرة – «القدس العربي» شهدت الندوة التي عقدت عقب عرض الفيلم المصري القصير «فرخة ولكن» منافشات ساخنة، هذا العمل الذي أخرجه ثلاثة من خريجي المعهد العالي للسينما قسم التحريك «محمود حميدة – أحمد ثابت – إسلام مظهر». وعرض ضمن مسابقة الأفلام القصيرة.

الفيلم قدم في ثلاثة أجزاء، وناقش قضية التحرش الجنسي في مصر وأقيمت الندوة مع أحد مخرجي الفيلم «اسلام مظهر»، الذي حكى عن تجربته في اخراج العمل وقال: هو عبارة عن مشروع التخرج مع زملائي حميدة وثابت، وقمنا باختيار مشكلة التحرش باعتبارها الظاهرة الأكثر شيوعا في الشارع المصري في الآونة الاخيرة، وقمنا بتقديمه في قالب فيلم تحريك لأننا تخصصنا في هذا المجال في المعهد.

وقد آثار الفيلم العديد من الأراء المتباينة وشهد مناقشات ساخنة مع الجمهور، الذى تباينت اراؤه، ففى حين أيدت بعض الآراء وجهة نظر المخرج وهي أن تكون النساء اكثر عنفا في الرد ومواجهة الظاهرة إلا أن البعض اعترض على هذا الحل، ورأت احدى السيدات أن على الأمهات تربية اولادهن على احترام النساء في المجتمع، وان على المؤسسات المختلفة من إعلام وتعليم أن تقوم بواجبها فى التربية والتوعية والتثقيف.

ورأى أحد ضيوف المهرجان أن الظاهرة قد استشرت بالفعل مؤخرا، وهذا من واقع معايشتها للمجتمع المصري منذ سبع سنوات، وقد اعترض البعض الآخر حيث رأى أن تناول المشكلة مبالغ فيه خاصة من وسائل الاعلام التي أعطت الموضوع أكبر من حجمه وأساءت للمجتمع المصري الآمن. 

ورأى آخرون أن الظاهرة منتشرة بالفعل خاصة في المواصلات العامة في المدن الكبرى كالقاهرة وذلك عن تجربة شخصية، اما المخرج فقد اصر على رأيه في الحل الذي عرضه من خلال الفيلم وهو أن المرأة عليها مواجهة الموقف بقوة وعنف أما الحلول الاخرى فهي تحتاج الى مزيد من الوقت.

القدس العربي اللندنية في

03.02.2015

 
 

يوم سينمائي في الجامعة اللبنانية

بيروت – الجزيرة الوثائقية

أحيت الجامعة اللبنانية في بيروت الدورة الأولى من "اليوم السينمائي" الذي جرى خلاله عرض تسعة أفلام هي مشاريع تخرج لعدد من الطلاب، حازت على جوائز وتنويهات مختلفة في مهرجانات سينمائية بين أعوام 2011 و2014.

والغاية من إقامة اليوم هو تكريم الطلاب الذين تميزوا، بحسب سمير حبشي-رئيس قسم السينما والمسرح في الجامعة اللبنانية- الفرع الثاني الذي أوضح في حديث ل"الجزيرة الوثائقية" إن "الجامعة اللبنانية أطلقت قسم السينما والتلفزيون منذ سبع سنوات، وهذا الفرع يعتبر جديدا في الجامعة، ولا نزال حتى الآن نقتصر على درجة الإجازة الجامعية بثلاث سنوات، ونسعى لإفساح المجال للماستر”.

وأفاد عن تخريج الجامعة لأربع دفعات وبدء الطلاب بالالتحاق بالمهرجانات، ويشاركون بها بأفلامهم، وقد حققوا تقدما ملحوظا ونجاحات، ونالوا جوائز مهمة.

وقال: "ارتأينا أن نسلط الضوء على عطاءاتهم، واخترنا من الأفلام ما هو متميز منها، وأقمنا يوم عرض لها. ونأمل أن نكرر الحدث سنويا”.

وذكر حبشي وهو مخرج سينمائي وتلفزيوني- إن "طلاب الجامعة ينتجون عشرين فيلما كل عام، أي أنتجنا ثمانين فيلما في السنوات الأربع المنصرمة، بينما اخترنا للعرض اليوم فقط تسعة أفلام من التي تميزت في المهرجانات ونالت جوائز”.

الطالب وسيم جعجع، معد فيلم "صورة جدي"، قال ل"الجزيرة الوثائقية: "هذا اليوم السينمائي هو شيء إنتظرناه طويلا، فحتى لو شاركت أفلامنا في مهرجانات سينمائية عديدة، وحازت على جوائز عديدة، يكون للتكريم من الجامعة التي تعلم الطالب فيها أصول المهنة طعم آخر، فهو لا يأتي فقط كنتيجة لجودة الفيلم الذي قدمته بل أيضاً لمسيرة الطالب خلال فترة الدراسة”، مضيفا أن "احتضان الجامعة للطلاب وتسليط الضوء من خلالها على أعمالهم يدفعهم للتطور والتقدم في سوق العمل".

عن سبب اختياره للسينما قال: "السينما هي شغف، عشق، جنون. هي سحر يخطفك إلى عالم آخر، إلى عالم من صنعك، وإلى شخصيات من كتابتك. هي وسيلة لك لتعبر عن كثير من المشاعر والأحاسيس التي تختلج في  نفسك”.

أضاف: "قد يكون من الجنون في وطن مثل لبنان اختيار هذا المجال للعمل فيه، لكنني أشعر هنا أن هناك شيئا يشبه " الدعوة " يقودني إلى هذا العمل فأشعر أنني إن لم أصنع أفلاماً تعبر عني أبقى ناقصاً كل حياتي”.

وذكر أن الجامعة وضعت الإمكانات الكاملة بين أيدينا وكانت كافية لتعلمنا أصول المهنة، وتمكننا من التطور والتقدم، فالأهم من كل تلك التقنيات هو الإبداع الذي يتحلى به الطلاب، والكادر الأكاديمي الذي يحيطهم به الأساتذة يدفعهم إلى إخراج ذلك الإبداع والشغف الكامن داخلهم. في النهاية لا يخرج الإبداع من الغرف المخملية " ومش حلو الفن بلا عذاب".

وعن سبب اختياره لموضوع فيلمه، قال: منذ اليوم الأول في الجامعة كنا نركز كثيرا على أن تكون الأفلام التي نريد كتابتها، تشبهنا كثيرا، تعبر عنا، ونعرفها جيداً. لذا عندما بدأت البحث عن أفكار لأحولها لفيلم لم أبحث بعيدا عني، بل بحثت داخلي، وداخل المجتمع الذي أنتمي إليه”.

وتابع: "أردت للفيلم أن يكون على علاقة وثيقة بذاكرتي، وقريبا مني، ومن مجتمعي، يعبر عن شغفي بالفن السينمائي. فلطالما كبرت دون أن أعرف أي شيء عن الفن السابع سوى الشغف الذي قادني إلى هذا العالم، بالإضافة إلى علاقتي بالصورة الفوتوغرافية، هذه الصورة الذي تحفظ لك أوقاتا أحداث أماكن وأشخاص قد يكون الزمن طوى صفحته عنها، كلها أحداث وأفكار دفعتني لصناعة هذا الفيلم الذي كنت سعيداً بنجاحه”.

لطالب مايك مالاجليان شارك بفيلمه تحت عنوان "أنثى بالعنب"، قال: اليوم السينمائي مهم جدا، لكي تعرض الأفلام في حضور طلاب من جامعات أخرى، فيحصل التواصل، ويتم تبادل الرؤى والخبرات بالمناسبة، كما أن اليوم هو دعم معنوي للطلاب صانعي الأفلام، بإعادة عرضها مجددا على جمهور”.

وعن اختياره السينما، رأى أن "الذي يحب الفن، يحب الدخول إلى مكان يعبر عن أحاسيسه، وعن ذاته، فهناك من يختار الرسم، أو الموسيقى، وأنا اخترت السينما لأنني أحببتها، وكنت أحضر الأفلام منذ صغري. وأجد في السينما طريقة تعبير جيدة توصل الأحاسيس والرأي بشكل جيد”.

عن الدراسة في الجامعة اللبنانية، قال إن "الدراسة كانت مهمة، لكن على المرء أن يعطي بجهده ومن عمله، وهذا ينطبق على كل المجالات، ويبدأ التحدي الفعلي بعد التخرج من الجامعة.

وتحدث عن دوافع الفيلم التي كانت "بسبب رغبتي أن أقدم تجربة شخصية، وأن أطورها، وكما تعلمنا في الجامعة ففي كتابة السيناريو، سيحقق الشخص عن أمر يعرفه كتابة جيدة، أفضل من تأليف قصة لم يعشها. فقصة الفيلم انطلقت من حادثة وقعت معي وأنا صغير، وطورتها، وأعتقد أن نسبة هامة من نجاح الفيلم ترجع إلى ماخبرته في الواقع وعشت أحداثه. فأنا هو الولد الذي نظر من ثقب المفتاح في الفيلم”.

الأفلام

*"صورة جدي" لوسيم جعجع، فيلم قصير من 12 دقيقة ونصف الدقيقة، عرض في مهرجان السينما الأوروبية سنة 2011، وفي مهرجان الفيلم العربي ونادي لكل الناس سنة 2012، ونال مرتبة أفضل فيلم لبناني قصير.

يتحدث الفيلم عن حاجة عصام للمال من أجل تظهير نيغاتيف صورة لجده لاستكمال فيلم كان يصنعه بتجميع صور عائلية.

*”سيدة بالعنب" لمايك مالاجليان، قصير من عشر دقائق، أعده لنيل الدبلوم، وعرض في مهرجان بيروت الدولي للسينما 2012، ونال جائزة ثاني أفضل فيلم قصير في الشرق الأوسط، في مسابقة أفلام الشرق الأوسط.

يتحدث الفيلم عن الفتى سيفاك في الثامنة من عمره، يلعب لعبة الغميضة مع صديقته ماريا. وبينما كان يحاول الاختباء في الفندق، شاهد رجلا وامرأة يدخلان إلى غرفة، فدفعته حشريته لأن ينظر إليهما من ثقب المفتاح، ليجد أن الرجل يضع عنبا على بطن السيدة، وما هي إلا ثوان حتى يدخلان في جدل، وينجم عن ذلك هوسه بها.

*”في فتحة الصرة" لفادي قازان، قصير من 12 دقيقة ونصف الدقيقة، أعده لنيل الدبلوم، وحصل على المرتبة الأولى لأفضل فيلم قصير في "المهرجان الأوروبي للفيلم" 2013.

يروي الفيلم قصة أم تعيش مع ابنها في مكان مهجور، وقد ربطت به بسلسلة حديد. تجد المرأة نفسها تصارع الزمن للحفاظ على هذه العلاقة قوية قدر المستطاع. ويدخل الاثنان بمواجهة مع الحقيقة، وتواجه الأم أخيرا مما خافت منه كثيرا وأمضت حياتها تصارع لإبعاده، وهو الانفصال.

*”دخان" لجاد سليمان، قصير من 16 دقيقة، أعده لنيل الدبلوم 2014، وحصل على أفضل إخراج، وأفضل تصوير سينمائي مهرجان جامعة سيدة اللويزة (NDU).

يرى سليمان أنه في المتسقبل القريب، ستكون المعامل قد ملأت الكرة الأرضية وسممت الهواء، والناس يعيشون في الفلات المهملة حيث يغطي الدخان السماء ويخفي الشمس. لكن ليثوبس، بنت في 12 من عمرها، وأختها مياسما، تكافحان من أجل البقاء، في أرض مهجورة للنفايات.

هدفت ليثوبس أن تتحسس أشعة الشمس على جلدها، وأن تتنفس هواء نظيفا في عالم خال من العناصر الطبيعية. رحلتها هدفت إلى تحقيق حريتها وهويتها الانسانية.

*”لمحة بصر" لسيلين مكرزل، أعدته 2014 لنيل الدبلوم، ونال جائزة خاصة من "جمعية آميل شاهين للسينما". 

مهرج يسكن صندوقا، يراقب الحياة السعيدة للأطفال، يشعر برغبة الخروج ليكتشف الحياة. لكنه يتأسف لذلك، بعد أن وجد جمهورا من المتقدمين في السن ينتظرونه ليفرحهم ويجعلونه مهرجهم.

سراب" لطوني حاتم، أعد لنيل الدبلوم 2011، قصير يناهز ال12 دقيقة. يروي قصة ليلى اسيدة العجوز في السبعين، يائسة، بعد أن فقدت الكثير ممن تحب، النوافذ مقفلة، والزهور تذبل على الشرفات، ومع مرور الوقت، النوافذ لم تعد تقفل جيدا. وكلما وجدتها مفتوحة حاولت إقفالها لتمنع نور الشمس. لكن، ذات يوم، تزهر وردة فتأخذ ليلى إلى حياة جميلة آملة.

*”هدوء نسبي" لرنا معلوف، أعدته لنيل الدبلوم2014، من عشرين دقيقة. يتحدث عن جاد ابن التاسعة عشرة، يعيش مع أمه، يلتقي السيدة المتزوجة ياسمين، في أواخر ثلاثينياتها، ويبدو أنه أعجب بها عندما تعرف على عالم زوجها المدهش، وهي التي تشعر بفراغ في حياتها سرعان ما تجد كل ما تريد.

*”في شرنقتي" لجورج حازم ونادين أسمر، فيلم تجريبي 2014، من تسع دقائق و33 ثانية، وفيه تحاول كندرا إيجاد نوع من التيه لماضيها.

*”مقطع البئر" لجوليا معلوف أعدته 2014 تكريما للمخرج اندريه تاركوفسكي، وفاديم يوسف في فيلمه "طفولة إيفان". تمر إيفان خلال مهمة لها بالقرب من البئر الذي يذكرها بوالدتها التي قتلت على يد النازيين خلال الحرب.

الجزيرة الوثائقية في

03.02.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)