بحيرة الوجع .. أمل بسينما عراقية حقيقية
طه رشيد
خيرا فعلت دائرة السينما والمسرح بإقدامها على عرض الأفلام
السينمائية لوزارة الثقافة التي أنتجت بمناسبة بغداد عاصمة الثقافة
العربية 2013 ودعوة المختصين في النقد السينمائي لتقديم مطالعاتهم
النقدية بعد عرض كل فيلم مشاركين معهم الجمهور بتقديم وجهات نظرهم
بتلك الأفلام . واختلفت وجهات النظر باختلاف مستويات تلك الأفلام،
التي امتاز بعضها بمستوى منخفض في الصورة والصوت والحوار، بينما
امتاز القليل منها والذي عرض لحد الآن بمستويات مفرحة تدلل على
وجود فنانين مبدعين في المجال السينمائي.
بحيرة البجع .. بحيرة الإبداع
كانت مفاجأة الأسبوع الماضي فيلما لم تسلط عليه الأضواء كثيرا رغم
نجومية العاملين فيه. ظل المخرج يعمل فيه بصمت وبمواقع تصوير
مختلفة، لم تصل إليها وسائل الإعلام ، ألا وهو فيلم " بحيرة الوجع
". وقام بتجسيد الشخصيات الرئيسية الفنانة سناء عبد الرحمن يقاسمها
البطولة جلال كامل ممثلا ومخرجا، وهمسة ماجد ومازن محمد مصطفى
.بالإضافة إلى عدد آخر من الفنانين الذين أجادوا لعب أدوارهم
الثانوية ليقدموا لنا في المطاف الأخير فيلما ناجحا كان الأداء فيه
جميلا ومعبرا ومتميزا. فبينما لعب جلال كامل دور معلم الموسيقى
"ابراهيم" بعفويته المعهودة، أجادت سناء كامل تجسيد دور"المجنونة"
بشكل خلاق ومبدع، حتى انك تحتار بين اعتبارها معوقة أم مجنونة،
مشيتها وحركة جسدها ونظرات عينيها وطريقة تعاملها مع الآخر المختلف
أو حتى مع طريقة ارتدائها للملابس. كل هذا قدم لنا شخصية جديدة لا
في السينما فحسب بل في التمثيل عموما، وأعتقد وربما أجزم، بأن
شخصية " ملاك " التي جسدتها سناء عبد الرحمن ستبقى راسخة في ذاكرة
المشاهدين حالها حال الفنانة الكبيرة ناهدة الرماح ودورها الشهير
في مسرحية " النخلة والجيران" لمخرجها الفنان قاسم محمد والتي
قدمتها فرقة المسرح الفني الحديث في نهاية ستينات القرن الماضي. ان
سناء عبد الرحمن تستحق بامتياز لقب "أحسن ممثلة" في كل الأفلام
التي عرضت. أما الفنانة همسة ماجد فلم تكن سوى نسمة تمر على شغاف
قلب المشاهد كلما ظهرت على الشاشة ..لقد أجادت دور الطبيبة
والعاشقة في آن واحد .كان لمحياها الجميل ووجهها القمري وعفويتها
العالية دور مهم في نجاحها رغم حداثة تجربتها مع التمثيل. ولكن
يبدو أن للمخرج دور كبير هنا في الاشتغال مع الممثل، وهذا معروف في
الوسط الفني عن جلال في تعامله مع ممثليه . أما الفنان القدير مازن
محمد مصطفى فقد جسد دور الابن العاق والشرير بامتياز .. ولم يكن
مفاجئا بإجادته للدور فهو نجم في المسرح وفي التلفزيون ويستحق كل
الاحترام والتقدير. الشاب المبدع سعد محسن هو الآخر كان كعادته
متألقا عفويا بعيدا عن التكرار أو المبالغة المملة في الأداء.
توقفت عند التمثيل طويلا لكون هذا الفيلم استطاع أن يقنعنا بأداء
الشخصيات الرئيسية والثانوية على حد سواء ولا نستطيع أن ننسى أداء
بقية الممثلين الثانويين أمثال بشرى اسماعيل وحميد الجمالي واسعد
مشاي وخالد أحمد مصطفى ووليد العبوسي وماجد أبو زهرة ، وبالأخص
مجموعة الأطفال التي يقودها الحسن جلال كامل، كانوا مقنعين
بادائهم. وتحية تقدير للمخرج الذي استطاع أن يجعل من هذه المجموعة
شخصية لها بصمتها الواضحة في الفيلم دلالة وأداء وحضورا..
الموسيقى دواء ناجع للروح
وتحية أخرى لجلال كامل الذي أقنع قائد الفرقة السمفونية العراقية
المايسترو محمد أمين عزت أن يتحول الى ممثل ناجح وقائد للفرقة في
آن، إذ أن الموسيقى في الفيلم كانت لها شخصيتها المتميزة وكأني بها
تمثل مع البقية فنحن نسمعها وتسمعنا ونشعر بها تتكلم وترقص وتفعل
كل ما يفعله الممثل/ الإنسان، وأعتقد ان هذا هو الهدف مما كان يريد
أن يوصله المخرج للمتلقي عن أهمية الموسيقى في حياته وحياة أبنائه
، فدفع أحد رجال الدين ابنه لتعلم الموسيقى هو للوقوف بوجه من يرى
في الإبداع بدعة وضلالة . ونحن نعلم، في الحياة اليوم، وليس في
السينما، أن هناك رجال دين ومن طوائف مختلفة يسمعون ويعزفون
الموسيقى! وهنا لا بد من الإشارة للذوق العالي والدقيق في اختيار
الموسيقى وللألحان الجميلة التي وضعها الفنان رائد جورج.
جلال كامل بين بحيرتي الوجع والبجع!
عنوان الفيلم "بحيرة الوجع" هو تحوير ونحت جديد لعنوان موسيقي قديم
يعرفه المختص وغيره، وهي المعزوفة العالمية الشهيرة "بحيرة البجع"
من روائع الموسيقي الرومانتيكي الروسي تشايكوفسكي الموسيقية التي
ألفها عام 1887. ويبدو لي أن اختيار العنوان جاء لتأكيد أهمية
الموسيقى في "جوانيات" المخرج المعذب بها ولها، وللكم الهائل من
الآلام التي يعاني منها المواطن في عراق اليوم والتي يعتقد المخرج
بان الموسيقى يمكن ان تساهم بعلاج الكثير من أمراض هذا المواطن
النفسية .
معالجات ومواقف مختلفة
قصة الفيلم وتشعباتها سبق وأن طرحت في فيلمين شاهدناهما في الأيام
الأولى لفعالية أيام السينما العراقية، وبمعالجات مختلفة. الأول
"قاع المدينة" للمخرج جمال عبد جاسم حيث نرى معلم درس الفنية "
الفنان ستار البصري" وهو يزجر من قبل مدير المدرسة الذي يرفض ان
يستمر المعلم بتعليم المواد الفنية كالموسيقى والرسم . أما الثاني
فهو فيلم " صمت الراعي " لمخرجه رعد مشتت حيث يطرح موضوعة متشابهة
لما يطرحه جلال كامل ولكن بمعالجة وموقف مختلفين وهي القضية من
المرأة بشكل عام والفتاة التي تتهم بعلاقة غرامية أو تهرب مع رجل
لتتزوج منه ، والقصاص الذي تفرضه العشيرة بما يسمى " غسل العار"
سيئ الصيت . في "صمت الراعي" نجد مشتت يفبرك قضية اختفاء " فتاة
القرية " والتي تتهم بالهرب مع احد الشباب ليتزوج منها ويكتشف بعد
عقد ونصف انها دفنت في مقبرة جماعية! ليقف موقفا حازما مع والد
الفتاة ورجال عشيرته الذين يطالبون بالقصاص منها حسب العادات
العشائرية البالية والتي كانت سائدة في النصف الأول من القرن
الماضي ولكن مع التخلف الذي بدأ يستحوذ على مقدرات ومفردات حياتنا
فإن رعد مشتت يساهم مساهمة فعالة بتبني تلك العادات البالية منذ
اللقطة الأولى في الفيلم ،حيث يظهر أبو الفتاة المختفية محاط برهط
من صحبه وأبناء عشيرته يتقاسمون الابتسامات والشعر و"الهوسات" وهم
يحتفلون ببراءة ابنته وعذريتها ويلبسون الأب عقال العفة، ويتبادلون
الابتسامات متناسين جريمة المقابر الجماعية التي أسس لها النظام
السابق، فعذرية الفتاة وشرف العشيرة أهم من جريمة يرتكبها نظام
جائر! إذ أن هذا المشهد هو الاستهلال الذي يبدأ به الفيلم وهو ايضا
المشهد الاخير الذي يطوي فيه المخرج الصفحة الاخيرة من قصته
المربكة والمرتبكة .
في البدء كان الرافدان
أما المخرج جلال كامل في بحيرة وجعه فيقف موقفا حاسما وحازما من
هذا التقليد العشائري البائد، وهو قتل الفتاة التي تقيم علاقة مع
رجل ما. فكيف عالج جلال هذه القضية؟
قصة الفيلم تبدأ بلقطات عامة جميلة من الجو حيث تكشف بغداد عن
جمالها من دون أن نرى "الصبات" والسيطرات والأسلاك المتدلية هنا
وهناك أو الأبنية المتهدمة والمتآكلة ..إنها لقطات جديدة حقيقية
لبغداد محاولا الكشف عن الزوايا الجميلة فيها من معمار متواضع ليطل
من الجو على صرح جميل وسط بغداد وهو بناية المسرح الوطني.. إنها
بغداد كما يتمنى أن يراها المخرج الذي يتابع بطله معلم الموسيقى
إبراهيم ( جسد الشخصية المخرج نفسه) وهو داخل السيارة ونتابع لقطات
متبادلة بينه وبين فرقة سمفونية حتى يصل البطل إلى المسرح الوطني
الذي يتعرض لهجوم إرهابي واعتداء سافر على الفرقة السمفونية، إلا
أنها تلملم جراحها وأدواتها الموسيقية ويطلب المايسترو من
الموسيقيين الاستمرار بالعزف كيدا بالإرهابيين الذين يريدون إيقاف
عجلة الحياة. في فيلم " قاع المدينة" لجمال عبد جاسم ينصاع معلم
الفنية للمدير ويثلم جانبا ممتعا من حياتنا ، بينما في بحيرة الوجع
يتقاسم البطل مشاعر المايسترو بل ويحلم أن يقف هو مكانه لقيادة
الفرقة ويستمر في تعليم أطفال القرية الموسيقى وإنشاد كلام جميل
صاغه شعرا المبدع كاظم الحجاج ولحنه جلال كامل :
في البدء كان الرافدان
وكانت الدنيا دخان
لا بارق خلف المدى
والأفق ضاق
حتى بدا مثل الندى
وجه العراق
يا سلام، أي كلام جميل يتماهى مع ألحان " جلال كامل" وأصوات أطفال
تنشز وتحشرج تعمد المخرج ان لا يختارها بعناية فهم أطفال القرية
وليسوا فرقة فنية. فالمعلم ابراهيم مهووس بالموسيقى والحياة،
والأطفال مهووسون به وبألحانه، يهرعون لنجدته كلما تطلب الأمر ذلك!
وهذه تحسب للمخرج لا عليه، فهو لا يريد ان يعلم أبناء القرية
الموسيقى والغناء، والذين لم يتم اختيارهم كفرقة غنائية بل هكذا
لمن يحب، انه أراد ان يزرع بذرة المحبة والتآخي والسلام في نفوسهم
من خلال حب الفن بشكل عام والموسيقى بشكل خاص. وينسج المخرج قصته
وتشعباتها لتصب في هدف أسمى ، الحب والمحبة للكون والإنسان .
والجميل في بحيرة الوجع انه لا توجد إشارة لأية طائفة دينية، رغم
أن الدين والدينيين يملأون الفيلم حكاية وحديثا. كما أن الإرهابيين
أو المتشددين في الفيلم كذلك لا يحملون إشارات لطوائفهم ، وهذه
أيضا تحسب لذكاء المخرج بالابتعاد عن " مفخخات " هو في غنى عنها.
ابنة الشيخ تحب "أبو المكينة" في القرية، ويبدو أن قصة حبهما قد
انتشرت في القرية فيصارح العاشق شقيق الفتاة واسمه حميد من اجل
خطبتها الا ان حميد يهيج مثل ثورمعلنا إقدامه على "غسل عار"
العائلة بقتل أخته وعشيقها. وفعلا يتم اغتيالهما ،غير بعيد عن دار
إبراهيم، معلم الموسيقى، وتصور الجاني أنهما فارقا الحياة إلا أن
إبراهيم يستطيع أن يسحبهما إلى داره التي يعيش فيها مع أخته " ملاك
" التي سبق وأن مسها شيء من جنون بسبب اغتيال زوجها في ليلة
الزفاف، كما يكشف لنا ذلك المخرج ببراعة في نهايات الفيلم . وهكذا
نسجل محاولتين لاغتيال الحب. وبعد أن تم سحب العشيقين الجريحين إلى
الدار يقوم ابراهيم باستدعاء طبيبة لمعالجتهما وهي ابنة عمه ،
شقيقة حميد ، ويبدو أن بين الطبيبة وابراهيم علاقة حب خفية تظهر
رويدا رويدا، وتقوم بمعالجة المصابين، ورغم تماثلمها للشفاء إلا
أنهما يقعان في الأخير ضحية رصاصات غادرة لعصابة يقودها حميد (
مثّل الدور وأجاد فيه الفنان مازن محمد مصطفى) الذي يتجاسر مع أبيه
ويحاول أن يثأر من أخته الطبيبة بسبب علاقتها بابن عمه إبراهيم .
نكتشف بعد حين أن حميد له علاقة مع تنظيم إرهابي يقوم بالخطف
والاعتداء على ممتلكات وأعراض الناس وهو ما حصل في العراق وبالأخص
عامي 2006 و2007 . ويقرر هذا التنظيم اختطاف "ملاك" المجنونة من
اجل تصفيتها لأن هناك رائحة اعتداءات جنسية وقعت عليها قام بها
بشكل رئيسي ومتكرر صاحب محال ملابس في القرية ( جسد الشخصية الفنان
سعد محسن). وحين يرى حميد صورة ابنة عمه في يد أصحابه الإرهابيين
تثور ثائرته ويحاول أن يقتلها بنفسه . يحاول وجهاء القرية والخيرون
فيها أن يقنعوه بأن " لا حرج على مجنون " والأولى بالقتل هو
الزاني، ذلك المجرم الذي استدرجها لاقتراف فعله الخسيس. ولكن هل
تنفع الحجة مع متعصب ؟ .. ونكتشف بعدئذ السبب الحقيقي لإصرار حميد
على النيل من إبراهيم وشقيقته ملاك . إبراهيم يحب الطبيبة ولا بد
أن ينتقم شقيقها منه . وحميد سبق وأن رفضته ابنة عمه ملاك حين كانت
في كامل قواها العقلية ولذلك قام هو بنفسه باغتيال عريسها ليلة
الزفاف . وقد واجهوه بهذه الحقيقة في الاجتماع العشائري في القرية،
إذ اعترف أحد رجالها بأنها شاهد حميد وهو يطلق النار على العريس.
الجيل الجديد يقضي على الإرهاب!
المشهد الأخير في القصة تم حبكه بإتقان وبوعي متقدم من المخرج
لإيصال رسالته للمتلقي . الأطفال يشكلون سدا بشريا منيعا كي لا
يقترف الإرهابي جريمته، وهي رسالة مؤداها بأن من يستطيع إيقاف
الإرهاب هم الجيل الجديد. وهذا واضح أيضا حين يهم حميد بمحاولة قتل
ملاك في نهاية الفيلم شاهرا سكينا، فيدفعه الأطفال ويسقط على وجهه
لكي تمزق السكين أحشاءه. هنا أيضا يريد المخرج أن يوصل لنا رسالة
تؤكد ما رأيناه سابقا بأن القضاء على الإرهاب سيتم على أيدي
الأجيال الجديدة التي يجب ان تتسلح بالعلم والمعرفة والفنون. لقد
عالج جلال كامل الموقف من المرأة بشكل عام ومن قضية "غسل العار" من
وجهة نظر تقدمية تقف مع المرأة ومع الحياة، وتدافع عن حقها في حياة
طبيعية مليئة بالعلم والعمل والمحبة. في الفن كما في الحياة لا
يوجد عمل متكامل ، والسلبيات التي ظهرت في الفيلم هنا وهناك قد غطت
عليها الإيجابيات الكبرى في الحبكة والرؤية والتمثيل .. صحيح أن
الجمهور لم يصفق لهذا المشهد أو ذاك إلا أنه بقي منشدّا لكرسيه
متابعا باهتمام وصمت خيم على القاعة طيلة عرض الفيلم وهذا تصويت
وتصويب آخر لصالح الفيلم و الكادر الفني الذي أنجزه .
ذاكرة السينما: فيلم زوربا
عرض: كمال لطيف سالم
•
تمثيل أنتوني كوين- ايرين باباس
•
إخراج, اباتيس كوكو بافيس
عن رواية الكاتب اليوناني نيكوس كازنتزاكي الذي كتب العديد من
شوامخ الأعمال الأدبية التي جسدت قيم الإنسان العليا وقيمة وجوده
وقدرية الحياة . وفي هذا الفيلم يحول المخرج مفهوم المؤلف ونظرته
إلى الحياة إلى منظور عبثي. فاليوناني الكس زوربا (يلعب دوره
انتوني كوين بكل براعة) عبر أحداث ومشاهد تميزت بقدرية صنع الشخصية
وصناعة الصدق وحرية الاختيار ومواجهة ما سوف يحدث بكل شجاعة, فمشهد
القرية اليونانية بعالمها المسيحي المنغلق يواجه البطل أهل القرية
وهم يطاردون امرأة يعتقدون أنها ارتكبت خطيئة يجب أن تعاقب عليها
بالرجم . المرأة هنا جسدتها الممثلة ايرين باباس التي تستطيع
الكاميرا أو عبر لقطات (ميديام) أن ترينا حجم الرعب الذي يرتسم على
وجه عديم الوسامة. ويبدأ الاصطراع والاختباء بين خرائب البيوت.
وعندما تصبح الضحية في يد المتعطش يظهر اليكس لينظر إلى الجمع
ويوجه لهم مقولة المسيح: "من كان منكم بغير خطيئة فليرمها
بالحجارة." لقطة عامة ماتفتأ أن تتحول إلى لوحات تعبيرية عن الوجوه
والملامح التي سرعان ما تتخاذل وتنسحب إلى جحور الخطايا الكثيرة
التي يحملها كل واحد منهم.
الفيلم يرينا الشاب الطموح الذي يفكر في مشروع منجم الذهب حيث يبني
آمالا يضعها في ذمة اليكس. الذي يفكر بمشروع كهذا وتستمر أحداث
الفيلم في العمل المضني في المنجم حيث ينتهي كل شيء إلى الانهيار
وهي فكرة الاكتناز والركض والطمع الذي ينتهي إلى اللاشيء.
ويعبر زوربا عن كل تلك النهاية في رقصة ملحمية يؤديها مع مستثمر
المنجم الذي يستلقي ضاحكاً من نهاية درماتيكية تسجل النهاية
الحتمية للإنسان الذي يبحث عن خلود دنيوي وعن حلم أبدي ماهو سوى
سراب فالكاتب كازنتزاكي يقول, علينا أن نستقبل القبر بكل شجاعة.
يتعرى اليكس من ثيابه ويهرب نحو البحر ملقياً بنفسه بكل ما يتحمل
من أخطاء وخطايا لعل الماء ينزع بعضا من ارادتها, هكذا ينتهي
الفيلم.
انتوني كوين ممثل عالمي مثل العديد من الشخصيات المركبة ، ولد عام
1915 في المكسيك وبدأ حياته كملاكم ومصارع فاشل بعدها دخل عالم
السينما ونجح في أفلام غير ذات شأن ولكنه برز في فيلم (فيفا زاباتا)
البطل الأسطوري المكسيكي كما مثل في (لورنس العرب) مع عمر الشريف
وأسد الصحراء وحلم الملوك لاسترادا فليني كما مثل مدافع نافارون مع
ايرين باباس. الساعة الخامسة والعشرون. إعصار جامايكا فان كوخ,
توفي في بوسطن عام 2001 عن عمر 86عاماً.
أما الممثلة ايرين باباس فولدت سنة 1926 في اليونان . بدأت شهرتها
كمغنية عام 1940 وفي عام 1941 أصبحت سفيرة إلى أميركا من أجل
النوايا الحسنة وحقوق الفقراء . مثلت أكثر من 70 فيلماً مثل فيلم
الرسالة , أسد الصحراء, مدافع نافارون وغيرها.
شاشات محمد توفيق ومقارباته البصرية الجديدة
لندن/ عدنان حسين أحمد
تعتمد الأفلام الروائية القصيرة على تقنية الضربة أو الالتماعة
الفنية التي تتوهج بشكلٍ خاطف ثم سرعان ما تختفي لتترك للمُشاهِد
حرية التعاطي مع الثيمة التي تتمحور عليها القصة السينمائية التي
اجترحها كاتب السيناريو أو المخرج ذاته. تُرى، ما الرسالة التي
يريد إيصالها المخرج محمد توفيق من خلال فيلمه الجديد "شاشاتُنا"؟
أهي فكرة الابتزاز الرائجة في غالبية المطارات العربية، باستثناء
الخليجية منها طبعاً؟ أم فكرة إذلال المواطن العربي ومصادرته في
رابعة النهار من دون خجل أو وجل؟ هل يلامس هذا الفيلم ثيمة الحريات
الخاصة والعامة أم يذهب أبعد منها إلى إهانة المواطن العربي وطعنه
في الصميم من خلال نهب مقتنياته الخاصة التي اشتراها بكدّ اليمين
وعرق الجبين، تماماً كما حصل مع المخرج السينمائي جمال الذي زار
بلده لبضعة أسابيع وصوّر فيه بعض اللقطات والمَشاهد اليومية
اللافتة للانتباه؟
أراد المخرج محمد توفيق أن يمنح فكرة الفيلم بُعداً عربياً ولا
يجعلها مقتصرة على العراق حصراً وكأنّ لسان حاله يقول إن الفساد
يضرب أطنابه في العديد من الدول العربية لذلك رأينا المحقق "كاظم
السلّوم" يتحدث بلهجة شامية لم يُتقنها تماماً بينما ظل المخرج
السينمائي الزائر لبلده "جمال أمين" يتحدث بلهجة عراقية واضحة
الأمر الذي أوقع الفيلم في "مطبّ" التناقض الذي كان بالإمكان حلّه
لو أن المحقق تحدث باللهجة العراقية الدارجة خصوصاً وأن الأحداث
تجري في مطار بغداد الدولي الذي يعرفه المُشاهد من ديكوراته
الداخلية التي لم تتغير منذ عقود!
لعبة الابتزاز
ما إن يضع جمال حقائبه على الحزام النقّال الذي يفضي بها إلى جهاز
التفتيش الإليكتروني حتى يستدعيه أحد الموظفين الأمنيين بالقول:
"ممكن تتفضل معي؟" وهذه جملة مبطّنة ومستقرة في الذاكرة الجمعية
العربية التي تضع المواطن العربي دائماً في موضع الشك والاتهام،
ولا تجد حرجاً في وصفه بالعدوّ أو المتآمر حتى قبل أن تُثبَت
إدانته! ثم تتواصل اشتراطات اللعبة مع المحقق الذي سأله عن هويته
التي تثبت أنه مخرج سينمائي، وعن جواز سفره الأنيق الذي يكشف عن
جانب من حياته المنظمّة واسترخائه المادي بغية ابتزازه مادياً
ومعنوياً بطرق وآليات غير مشروعة. إن مجرد إطالة أمد التحقيق يضع
الضحية في موضع الخشية من موعد الرحلة واحتمال إقلاع الطائرة من
دونه لذلك طلب منه المحقق أن يبقى في صلب الموضوع كيلا يفوته موعد
الطائرة وسأله عن فحوى الكاسيتات العشرة وكان ردّ جمال بأنها
"لقطات عائلية وأفلام عن الحياة اليومية" وإمعاناً في الإيضاح قال
بأنه يصوّر الشوارع والمقاهي وحياة الناس، وبينما كان المحقق يثني
على موهبته التصويرية سأله إن كانت لديه إجازة تصوير فردّ جمال
بأنه لا يحتاج إلى مثل هذه الإجازة لأنه لم يصوّر فيلماً وإنما هي
مجرد لقطات ومشاهد يحتفظ بها لأرشيفه الخاص، أو لبعض السيناريوهات
التي يكتبها، أو للذكرى. ثم طلب منه أن يضع كاسيتاً آخر كجزء من
اشتراطات اللعبة التي تنتهي بوضعه في فخ الاتهام حيث يخبره بأن هذا
الشريط يتوفر على أشياء مهمة لكن جمالاً ينبري مدافعاً عن نفسه
ويقول بأن مواد هذا الشريط عادية وهي لا تختلف عما تشاهده في
المحطات الفضائية كل يوم. ولكي يضعه في زاوية ميتة لا يُحسد عليها
يخبره المحقق بأنه سيد العارفين بأهمية الصورة وخطورتها وأن صور
هذا الشريط ممكن أن تفضي بصاحبها إلى الجحيم. لا يتوقف اتهام
المحقق عند هذا الحدّ بل يتجاوزه إلى النوايا حينما يخبره بأنّ
نيته لم تكن حسنة هذه المرة، فقد جاء للتخريب واتهمه بأن قناة
تلفزيونية أو جهة أجنبية معادية هي التي دفعت له الأموال بغية
صناعة هذا الفيلم، وهدده بضرورة الكشف عن هذه الجهة الأجنبية وإلاّ
فلن يكون بإمكانه أن يرى بلده ثانية. ولكي يفاقم من أوضاع جمال
النفسية طلب منه أن يعطيه هاتفه النقال كي يرى الصور التي التقطها
خلال الأسابيع الثلاثة. ثم قدّم له جرعة من المخاوف الجديدة حينما
أخبره بأنه قد صوّر كل الفنانين والمثقفين الذين يعادون البلد فكان
رد جمال أنه غير مسؤول عن آرائهم الشخصية فهم مجرد أصدقاء يزورهم
بين أوانٍ وآخر.
يقع الضحية في خانق اليأس فيتوسل بالمحقق أن يكفّ عنه لأنه سوف
يتأخر على موعد إقلاع الطائرة فيهدده الأخير بأنه يمكن أن يزجّ به
في السجن بسبب هذه الكاسيتات الممنوعة والصور التي يحملها في هاتفه
النقال. وحينما يحاصره من الجهات الأربع ولم يترك له منفذاً يتملص
منه طلب منه أن يفتح الحقيبة الأخرى ليرى ما فيها من مصائب فيخرج
جمال سجائره وزجاجة ويسكي لنكتشف في خاتمة المطاف أن المحقق يدخن
نفس النوعية من السجائر كما يفضل ذات الويسكي الذي يحمله جمال في
حقيبته، ولكي لا يُزَّج جمال في السجن فقد ترك ما اقتناه على طاولة
المحقق الذي وعده بأنه سوف يدخن هذه السجائر الثمينة، وسوف يشرب
أول نخب من الويسكي بصحته لتتكشف خيوط لعبة النصب والاحتيال
وابتزاز المواطنين في وضح النهار.
السخرية الصامتة
لقد جسّد المخرج محمد توفيق خلال عشر دقائق العديد من المشكلات
التي تبدأ من الإذلال والإهانة، مروراً بالترهيب والترغيب،
وأنتهاءً بالسلب والنهب العلنيين في مكان حساس يُفترض أن يكون
واجهة البلد الحضارية. وعلى الرغم من قِصر مدة الفيلم إلاّ أنه
يُحيط المُشاهد علماً بأن البلدان العربية سواء في العراق أو سوريا
أومصر وبعض بلدان المغرب العربي تتململ من أنظمتها الرجعية
المتخلفة التي أشاعت الفساد في أروقة الدولة والمجتمع ويمكن ملاحظة
العديد من التظاهرات والاحتجاجات التي صورتها كاميرا المخرج
السينمائي جمال باعتبارها صوراً من الحياة اليومية أو جزءاً من
أرشيفه الشخصي. كما نكتشف أنّ الشخصين اللذين يتناصفان البطولة
"جمال أمين" و "كاظم السلّوم" هما رفاق سلاح ومعركة، فحينما كان
جمال يصوّر فيلماً في بيروت عام 1982 أحس بألمٍ وطنينٍ في أذنيه
بسبب الصوت المدوي للطائرة، بينما كان المحقق كاظم طيّاراً وربما
كانت طائرته هي السبب في إحداث هذا الطنين في أُذنيّ جمال!
ينطوي هذا الفيلم على سخرية سوداء يمكن تلمّسها في طنين أذني جمال
وفي كل المواقف التي مرّ بها من الشك إلى الاستجواب المتواصل
وانتهاءً بالسلب القهري والابتزاز المُعلن اللذين يكشفان دونما لبس
أو غموض أن الإنسان العربي هو "شبه مواطن" بحسب توصيف وارد بدر
السالم، وأن البلدان العربية هي "أشباه دول" فلا غرابة إذا ما
سرقوه في رابعة النهار!
لا تكمن قوة الفيلم في رصانة الثيمة أو في طريقة معالجتها على
الرغم من قوة هذه الأخيرة لأنها تكشف عن الرؤية الفنية للمخرج.
فالتصوير كان مهنياً ودقيقاً بحيث استوفى شروط النجاح وضاعف نجاحه
البُعد التعبيري للقطات المقرّبة التي أظهرت تنمّر المحقق وتذمر
الضحية وكبتها للغيظ الذي يغلي في أعماقها وقد تلمسنا ذلك من خلال
اللقطات المقرّبة التي اصطادها المصوِّران عمار جمال وزاهر كريم.
أما سلاسة الفيلم فهي تعود إلى المونتير سامر حكمت الذي استأصل كل
ما من شأنه أن يعوق عفوية السرد، ويعرقل تلقائية الانسياب الذي
اكتمل مع بلوغ الحدث إلى النهاية غير المرتقبة التي مالت فيها كفة
الابتزاز على كفة الخشية على أمن الوطن، وسلامة المواطن. لابد من
الإشارة إلى أهمية الموسيقى التي وضعها أحمد حدّاد وأعاد بواسطتها
صياغة الفيلم من جديد فقد كانت مقتطفاته الموسيقية دقيقة جداً
وكأنها جزء من نسيج الصور والأحداث والشخصيات. وفي الختام لا
يمكننا إلاّ أن نشيد بجهود المخرج المبدع محمد توفيق وبشاشاته التي
تحمل توقيعه وبصمة الإبداعية الخاصة به، فقد عرفناه في أفلام كثيرة
نذكر منها "شاعر القصبة"، "صائد الأضواء"، "أنا والفصول الأربعة"
وغيرها من الأفلام التي نالت اهتمام النقاد والمشاهدين على حد
سواء.
عن عدي رشيد.. عن السينما العراقية الجديدة
خالد مطلك
عندما التقيته للمرة الأولى كان شابا وسيما متمردا ، ساخطا ومتذمرا
، مزاجيا وقلقا ، بل وربما عدميا ، يحمل في حقيبته طينا جاء به من
مدينة النهروان ، حيث يعمل هناك في الإشراف على محطة لبيع الوقود
تعود لعائلته . كان عدي رشيد ، عندها ، وبعيدا عن هيئته الخارجية
يؤسس بهدوء وتصالح مع النفس و بصمت لسينما جديدة في العراق . تركنا
الطين يجف في ظهيرة حارة تحت شمس بغداد . وذهبنا الى مقهى الجماهير
، هناك اصبح عدي مشروعا ناضجا للحلم
.
اليوم ، حيث تتناسل افلام الشباب وتتوزع مشاركاتها في اهم
المهرجانات العالمية ، يراقب عدي رشيد هذه النجاحات من مشغله
السينمائي في نيويورك ، لقد ترك الطين يتيبس وينشق عن نبتة خضراء
غضة اسمها السينما العراقية الجديدة
.
هذا الشاب ذو الخيال التأسيسي ، صاحب اولى الخطوات الجادة في صناعة
سينما جديدة ، تجد طريقها على أسفلت بلد ليس فيه قاعة سينما حديثة
واحدة ، ليس فيه شيء مما يعرف بصناعة السينما ، ليس هناك قطاع خاص
يغامر في الفن السابع ، ولا قطاع حكومي جاد ايضا.
السينما العراقية الجديدة ظاهرة غريبة و متفردة ، ولادة في الزمن
الخطأ والمكان الخطأ ، لكنها الصح بمجمله .
كل مهرجانات العالم تحتفي بها وتستقبلها ، تمنحها الاعتراف وأحيانا
الجوائز ، لكنها تبقى لغزا عصيا على الفهم
.
-
كيف يمكن ان تحدث سينما في المكان الذي فشلت فيه صناعة دولة ؟
لقد أنجز عدي رشيد مشروعا غرائبيا وغريبا ، لقد ترك بذرة قوية ،
مقاومة للظروف البيئية القاسية ولا تحتاج كي تنمو كما يبدو ، الا
الى الأحلام الحقيقية ، وكذلك شيء من الجنون والمغامرة والانطلاق
الى المستقبل
.
من بين نجاحاتنا الشحيحة ، نحن ننجح في السينما
.
نحن نؤسس (مجتمعا ) سينمائيا وثقافة سينمائية ووعدا سينمائيا .
وكلما اعود الى جذور الحلم الاولى ، الى ( هرطقات ) عدي رشيد
وحديثه عن السينما ونوعية الكتب التي يقرأ ويتداول ، أُصاب بنوبة
من التشوش الذهني . كيف تحول الحلم المجنون الى اخبار وجوائز
ووقائع وحضور واشياء موجودة بقوة
.
لم يعد رشيد ،ذلك الشاب العدمي بعينيه الذكيتين ، مجرد حالم مدفوع
بقوة الشباب . لقد اصبح أباً لجيل من السينمائيين يصنعون من الهواء
مراوح من طين . انهم يصنعون السينما
.
انصرف لمشروعه الشخصي ، هو الآن يؤسس لعدي الفنان في عاصمة العالم
نيويورك ، بينما تستمر اخبار السينمائيين الشباب تصطدم ببلادة
تجاهلنا لأخطر ظاهرة ثقافية ، تتحقق بقوة وترفع عنوانا جديدا اسمه
السينما العراقية ، التي كانت حتى زمن قريب كناية عن زمن مضى
لتستحيل الى واقع يتحرك بثقة
.
السينما العراقية الجديدة تراكم نفسها وتقترح سجلها الجديد ، و كم
نحن بحاجة الى ان نوثق خطواتها الاولى ، لكي لا ننسى ذلك الجيل
الجميل من الشباب ، الذين جمعتهم قاعة حوار في منتصف التسعينات ،
وقدموا لنا درسا مهما في تأسيس الأحلام . جيل بلا شك قدم اسماء
مهمة لعل عدي في مقدمتها ، ولعل حسن بلاسم وهو يقترح سردا عالميا
عن قصتنا بعيدا عن الكاميرا قريبا من الشاشة ، وزياد تركي وهو
يتقدم بالصورة الى تخوم لم نألفها ، هو تشكيلي السينما الصريح ،
ولولاه لا أستطيع ان اجزم ان شيئا من ذلك كان سيحدث ، فهو روح
المغامرة وصانع واقعيتها .. جيل فيه باسم الحجار وسمر قحطان ونزار
حسين ومراد عطشان والمجنون حيدر حلو واخرون ، جيل صنع لنا قصة
مشوقة اسمها السينما العراقية الجديدة.
"الصياد
السيّئ" في فرنسا
قحطان جاسم جواد
فيلم "الصياد السيئ" للمخرج سهيم عمر خليفة ، سيعرض في المهرجان
السينمائي الدولي لافلام الحب في مونز بفرنسا ضمن المسابقة الرسمية
للافلام القصيرة والذي يقام للفترة من 20 الى 27 من شباط الجاري
.
ويستعرض الفيلم ,الذي بلغت مدته 14 دقيقة, قصة صياد شاب يدعى
(باهوز) يواجه مشكلة بسبب نواياه الحسنة . فبينما هو يتجول في ربوع
براري كردستان العراق طالباً الصيد، تقع عيناه على فتاة تتعرض
للاغتصاب على يد رجل مسن، فيقوم بانقاذها ومساعدتها في إصلاح
ملابسها بما يحميها من افتضاح أمرها أمام عائلتها ، لكن هذا العمل
النبيل ينقلب عليه فهو يتلقى مساء زيارة مفاجئة!
استهل فيلم "الصياد السيئ" مشواره نحو الجوائز بفوزه بمهرجانين
يُعدّان من أهم عشرة مهرجانات في العالم ، وهما مهرجان مونتريال
للأفلام في كندا بدورته الـ ٣٨ حيث فاز بجائزة أفضل فيلم ، وجائزة
اللجنة التحكيمية في الدورة 59 من مهرجان بلد الوليد في إسبانيا.
حصل الفيلم على دعم برنامج "إنجاز" الخاص بتمويل المشاريع
السينمائية قيّد الإنجاز. و قال المخرج سهيم عمر في تصريحات صحفية
انه سعيد بهذين الفوزين، مؤكداً انه يتوقع أن يتلقى فيلمه الجديد
الكثير من الجوائز قد يفوق فيلمه السابق "بغداد مسي" الذي حصد حتى
الآن 46 جائزة. وأضاف " تجربة أفلامي السابقة وأهمها فيلم "بغداد
مسي" أضافت لي الكثير من الخبرة ، ترجمتها في هذا الفيلم ، خصوصا
أنه فيلم إجتماعي ينتقد العادات السيئة . وقد وظفت جمال الطبيعة
فيه بشكل مميز, وأتمنى أن يحظى بما حظي به فيلمي السابق من إحتفاء
كبير وجوائز مهمة."
يذكر ان فيلم "الصياد السيئ" للمخرج سهيم عمر خليفة فاز بجائزة
لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان (فليكر) الرابع والعشرين للأفلام
القصيرة في استراليا، وسيتأهل الفيلم الفائز إلى قائمة الأفلام
القصيرة التي تتمّ مراجعتها بهدف الترشح لدخول منافسات عالمية.
الأفلام الكوميدية الصامتة..
وفن إثارة الضحك من دون كلمة واحدة
ترجمة: عادل العامل
كانت أكبر مساهمة لماك سينيت، أبي الكوميديا السينمائية الصامتة،
هي تكوين " شرطة حجر الأساس
Keystone Kops "،
و هم زمرة من الممثلين الهزليين " الملخبَطين " الذين صاروا شعبيين
لا في الولايات المتحدة فقط بل و في أنحاء مختلفة من العالم أيضاً.
و كان أن ألهموا الكثير من الكوميديين الهنود مثل محمود، جوني
ووكَر، و فاديفيلو. و كان هؤلاء الممثلون يقومون بأدوار رجال شرطة
متخيَّلين تنقصهم الكفاءة المهنية في الأفلام الكوميدية الصامتة في
أوائل القرن العشرين. و كان ينتجها ماك سينيت عن طريق شركته بين
عامي 1912 و 1917، و أولها فيلم " ميراث هوفمِييَر
Hoffmeyer's Legacy " 1912،
لكن شعبيتها كبرت مع فيلم عام 1913 القصير " شرطة بانغيل "، الذي
يمثّل فيه النجم المحبوب مابل نورماند.
و قد أصبح تعبير " شرطة حجر الأساس " على درجة كبيرة من الشهرة
بحيث أن ذكره يرد في الكثير من القواميس الكلاسيكية للّغة
الانكليزية. فنجد قاموس أوكسفورد الشهير، مثلاً، يتضمن فقرةً تقول
: " Keystone Kops :
شخصيات بوليسية مرتبكة التصرف في أفلام أنتجتها شركة كيستون، و هي
شركة سينمائية أميركية شُكلت عام 1912، و تُذكر لأفلامها الكوميدية
التهريجية الصامتة ". كما أن هناك ما يشبه ذلك في الموسوعة
البريطانية و غيرها.
و من أولئك الممثلين المشهورين الذي ظهروا في تلك المجموعة "
الملخبَطة " من شرطة التلويح بالعصا : روسكو " البدين " أربَكل، آل
سانت جون، جيمس فينلَستون، فورد ستيرلنغ، بَستر كيتون، إدغار
كينيدي، و شارلي شابلن. وكان روسكو أربكل، المعروف شعبياً بالبدين،
أول نجم يظهر من تلك العصبة الشهيرة. و بالرغم من حجمه المتزايد،
كان خفيف الحركة على نحوٍ استثنائي بجسمه و يديه. و كعيِّنة من ذلك
: نراه في أحد الأفلام يتصرف كنادل. و هو يعطي ظهره للزبائن و
يواجه رفاً عليه أطباق و صحون. و يرمي بشطيرة في صحن سيدة ثرية من
دون أن ينظر إليه فيقع في منتصف الصحن تماماً وسط دهشة السيدة.
و كان أربكل الكوميدي الأول الذي أدخل رمي فطيرة القشطة على الوجوه
التي صارت الآن لقطة تقليدية، و التي كانت فيما مضى " ضرورة " في
أية وصلة تهريج أميركية. و كان خبيراً برمي الفطائر. و صار الكثير
من الأفلام المنتجة خلال عهد هوليود الذهبي يتضمن رمي الفطائر
كموضوعة لها، بما فيها فيلم لوريل وهاردي الأسطوري " معركة القرن
". ( و لسببٍ ما، لم يجد رمي الفطائر هذا استحساناً في السينما
الهندية. فقد جربه مخرج معروف، فلم يتقبله الجمهور و لا النقاد.
)
لقد ولد أربكل يوم 24 آذار 1887، في كانساس، و توفي و لم يتجاوز
الـ 46 عاماً في نيويورك من أزمة قلبية. و كان السبب في وفاته
المبكرة محاكمتين لجريمة قتل مزعومة، و التدمير اللاحق لحياته و
عمله المهني. فمما يؤسف له أن أربكل تورط، و هو في قمة شهرته، في
فضيحة جنسية هزت هوليود، و دمرت حياته بشكل كامل. إذ اتُّهم
باغتصاب و قتل الممثلة فيرجينيا راب في غرفة في فندق. و قد وجده
المحلَّفون غير مذنب، لكن الدمار قد حلّ و المقاطعة الاجتماعية
المحتشمة له بدأت. و هكذا راحت شركات هوليود التي دفعت ثروةً
لإنتاج أفلامه تسحبها من التداول، قاضيةً بذلك على عمله الفني. و
كُتبت كتب كثيرة عن المحاكمتين و كيف أن الرأي العام الأميركي في
عهد الاحتشام ذاك قد صلبه و أنزل به العذاب. فراح، توفيراً لأسباب
الرزق، يُخرج أفلاماً هزلية رخيصة تحت اسم
" Will B. Good ".
و ما يزال أربَكل البدين يذكره رواد السينما في الولايات المتحدة و
العالم الغربي كواحد من الأساتذة العظام الذين يثيرون الضحك من دون
التلفظ بكلمة واحدة.
عن/
The Hindun |