قصة “العيون الكبيرة”.. الأكثر غرابة في تاريخ الفن
منة الله فهيد – التقرير
“أعتقد أن ما فعلته (كاين) كان رائعًا، لو لم يكن كذلك؛ لما أعجب
الكثيرون به“.
هكذا جاءت شهادة أيقونة البوب آرت الشهير “آندي وارهول-
Andy Warhol”،
في مقدمة الفيلم، تعليقًا على أعمال “مارجريت كاينت
Margaret Keane”
الفنية.
الفيلم يتناول واحدة من أكثر القصص شهرة وغرابة في عالم الفن،
القرن الماضي، تدور أحداثه حول خلاف الزوجين “كاين” على حقوق ملكية
لوحات “العيون الكبيرة”، التي نسبت لزوجها “والتر” على مدار عشر
سنوات منذ أواخر الخمسينيات. تقرر “مارجريت” الخروج عن صمتها، بعد
كل هذه المدة، لتعلن أنها صاحبة اللوحات الحقيقية؛ مصطحبة شكواها
إلى قاعة المحكمة.
يعود المخرج “تيم بورتون-
Tim Burton”،
في فيلمه “Big
Eyes”،
للعمل ثانية مع الثنائي “سكوت ألكسندر-
Scott Alexander”
و”لاري كارازوسكي-
Larry Karaszewski”؛
وهما الثنائي اللذين وضعا سيناريو فيلمه الشهير “Ed
Wood”
عام 1994، ليُعد هذا الفيلم كثاني تجربة لـ “بورتون” في أعمال
السير الذاتية، بعد انقطاع دام 20 عامًا.
يبدأ الفيلم بمشهد حزم “مارجريت” لأمتعتها هي وابنتها، وتجميع
لوحاتها من على جدران المنزل؛ استعدادًا لهجر زوجها الخانق (وهو
شيء لم يكن شائعًا في ذلك الوقت). تضع “مارجريت” ابنتها “جين” في
الكرسي الخلفي للسيارة، وتنطلق نحو “سان فرانسيسكو”، حيث تقطن
صديقتها المقربة “ديان”؛ لتعيش معها.
استقبلتها صديقتها وأخبرتها عن معارض لوحات الفن في المدينة التي
يغلب عليها الطابع الحديث، النوع الذي لا تجيده “مارجريت”. لم تجد
“مارجريت”، التي درست الفن في أحد المعاهد المتخصصة، لديها سوى
لوحاتها للحصول على عمل، فذهبت إلى صاحب إحدى شركات الأثاث؛ بحثًا
عن وظيفة، لتصبح مهمتها نقش بعض الرسومات على ظهر أسرة الأطفال.
في عطلة نهاية الأسبوع، ذهبت “مارجريت” لأحد معارض اللوحات بالهواء
الطلق، لتقوم فيها بعرض رسم صور شخصية للمارة مقابل دولارين؛ قلمّا
وافق أحدهم على منحها إياهما دون مفاصلة.
لفت نظر “مارجريت” الرجل المجاور لها، الذي وقف يبيع لوحاته التي
تظهر شوارع وأبنية “باريس” مقابل 35 دولارًا، بسبب لباقة حديثه مع
المشترين.
بمجرد أن يقع نظر “والتر كاين” عليها، لحق بها ليسديها النصيحة:
“لا تبعي نفسك بشكل رخيص”. أخبرها أنها تقلل من قيمة نفسها ببيع
لوحتها بهذا الثمن الزهيد، وأن السر يكمن في إيجاد جملة رنانة
تلقيها على أسماع الزبائن تجعلهم مستعدين لدفع الثمن المطلوب.
أخذت “مارجريت” بسحر حديثه وثقته العالية بنفسه ومحاولته لنقل هذه
الثقة إليها، فتقبلت دعوته للخروج معًا؛ حيث أخبرها أنه ترك زوجته
ليذهب إلى “باريس” لدراسة الفن، وتفتح “مارجريت” له قلبها فتخبره
أنها لم تكن حرة يومًا ما للقيام بالاختيارات التي تريدها، فقدرها
كأنثى، حولها من ابنة أحدهم، لزوجة آخر؛ لتصبح أمًا لـ “جين”،
ابنتها التي لم تعرف سواها، لذلك تظهر في جميع لوحاتها.
أثناء جلوسهما أمام أحد المناظر الخلابة، قامت “مارجريت” برسم
ابنتها، بينما أبقى “والتر كاين” على لوحته فارغة؛ معللًا ذلك
بانتظار الإلهام. سألها “والتر” عن السر وراء عيون لوحاتها
الكبيرة، فأجابته أن العيون هي مرآة الروح، ورسمها بهذا الحجم
الأكبر من الطبيعي؛ يعبر عن عواطفها، وأنها في طفولتها ظلت صماء
لفترة، نتيجة عملية جراحية أجرتها، مما جعلها طوال هذه الفترة
تشاهد العالم عبر عينيها المتسعتين.
قاطع حديثهما أحد أصدقاء “والتر”، الذي اتضح أنه يعمل كسمسار
عقارات وأنه يبقي موهبته الفنية لأيام الآحاد.
تلقت “مارجريت” دعوى قضائية من زوجها السابق يتهمها فيها أنها لن
تستطيع توفير الحياة اللائقة لابنتيهما “جين” كأم عازبة، ليعرض
عليها “والتر” الزواج بها على الفور، واصطحابها إلى “هاواي” لقضاء
شهر العسل. وافقت “مارجريت”، التي بدت مغرمة به، دون إعادة تفكير
في الأمر.
بعد زواجهما، أصبحت “مارجريت” توقع لوحاتها بالاسم “كاين”، بدلًا
من “أولبيرك” لقب زوجها السابق، لتحتوي لوحاتها ولوحات زوجها على
نفس التوقيع “كاين”.
أبدت صديقتها “ديان”، في حديثهما معًا، قلقها حيال هذا الزواج
المتسرع؛ فـ “والتر” معروف بعذوبة اللسان ومغازلة فتيات عالم الفن،
ولكن “مارجريت” بدت واثقة في زوجها ومدافعة عنه إلى أبعد مدى.
حاول “والتر” اصطحاب لوحاته هو و”مارجريت” إلى أحد معارض البيع،
وعلى الرغم من أن “العيون الكبيرة” استرعت انتباه صاحب المعرض، إلا
أنه رفض عرضها عنده؛ لعدم اعتباره لهذا النوع فنًا يليق بالعرض على
جدران معرضه.
عقلية سمسار المبيعات لم تقف أمام هذا الإخفاق، فذهب إلى صاحب أحد
النوادي التي تقدم موسيقى الجاز وطلب منه عرض لوحاته، إلا أن
الأخير لم يوافق، فعرض عليه أن يقوم بتأجير جدران النادي بمقابل
مادي لعرض اللوحات عليها؛ علّها تجذب أنظار رواد النادي.
أعطى الرجل لـ “والتر” جدران ممر دورات المياة ليعلق عليها لوحاته
هو و”مارجريت”، الأمر الذي جعل “والتر” يتشاجر مع مالك النادي من
شدة الغيظ والإهانة، إلى أن توقفت إحدى الزبائن أمام إحدى لوحات
“العيون الكبيرة” مأخوذة بعينيها الحزينتين ومثنية على “والتر”
الذي ظنت أنه صاحب اللوحة لوجود التوقيع “كاين” أسفلها، لم يحاول
“والتر” تصحيح المعلومة للمشترية، ربما لاعتقاده أنه شيء غير مهم،
ولكن عند عودته في اليوم التالي؛ وجد أن جميع لوحات “العيون
الكبيرة” قد بيعت، وأن الجميع يظن أنه هو من رسمها.
لدى عودته إلى المنزل، حكى “والتر” لـ “مارجريت” عن النجاح الذي
حققته لوحاتها، وأن هناك صحفيًا مكتشفًا للمواهب “ديك نولت”، سيكتب
عن أعمالها في الجرائد، وهناك معارض ستطالب باقتناء اللوحات؛
مخفيًا الجزء الخاص باللبس الذي حدث وجعل الناس يعتقدون أنه صاحب
“العيون الكبيرة”.
قامت “مارجريت” برسم المزيد من الأطفال ذوي الأعين الكبيرة؛ لتلاقي
حاجة المشتريين. وعند انتهائها من إحداهما، فكرت في اصطحابها
بنفسها إلى النادي، لتصل أثناء حديث “والتر” مع بعض الزبائن،
يخبرهم أن العيون مرآة الروح وأنه يرسمهم بهذا الحجم ليعبر عن
عواطفه؛ مقتبسًا كلماتها التي أخبرته بها في لقائهما الثاني.
صُدمت “مارجريت”، التي لم تكن على علم بأمر كذبته، وسألته: “لماذا
تكذب؟ لماذا تتقبل الثناء على شيء لم تقم به في الأساس؟”، أجابها
“والتر” أنه رجل مبيعات، وأن الزبائن لا يكترثون حقًا لهوية صاحب
الرسومات، وأنه يفعل ذلك من أجلها، وفي النهاية؛ فالمال الذي يجنيه
يذهب إليها.
حقق “والتر” شهرة واسعة في عالم الفن بمساعدة الصحفي “ديك نولت”،
الذي ساعده بتتبع سير الشخصيات المرموقة وإهدائهم لوحات فنية أثناء
زيارتهم للمدينة؛ مما شجعه لافتتاح معرض خاص به ليعرض فيه لوحاته
(لوحات مارجريت).
لاحظت “جاين” أن اللوحات التي ينسبها “والتر” لنفسه ماهي إلا لوحات
أمها، ولكن “والتر” أخبرها أنه صاحب اللوحات، ولكنه قام بمحاكاة
رسومات أمها. اضطرت “مارجريت” للتصديق على كلامه، والكذب على
ابنتها لأول مرة؛ مما جعلها تذهب فيما بعد للكنيسة لطلب الغفران
على هذه الخطيئة.
في يوم افتتاحية المعرض، علّق الجميع على لوحات “العيون الكبيرة”
بالإيجاب أو بالسلب. سألت “ديان” صديقتها “مارجريت” عن لوحاتها؛
فأجابتها أنهما قررا عرض لوحات “والتر” فقط هذه المرة. وعند سؤال
أحد الحضور لها إذا كانت ترسم هي الأخرى أم لا، جاءت إجابتها ملخصة
لحالة التشكك وانعدام الهوية التي تشعر بها: “لا أعرف”.
تضاعفت مبيعات “كاين” بشكل غير مسبوق، فأصبح الزبائن يتنافسون
للحصول على ملصقات الإعلانات، لعدم تمكنهم من تحمل ثمن اللوحات؛
مما أوحي إلى “والتر” أن ينسخ اللوحات ويبيعها في محلات البقالة
بثمن زهيد.
لم يعكر صفو هذا النجاح سوى رأي أحد النقاد، الذي رأى أن ما يقدمه
“والتر” ليس فنًا، وأن أخبار الجرائد هي ما تمنحه شهرته؛ وليست
جوائز النقاد. اضطر “والتر” أن ينسج قصة ليرويها في أحد البرامج
التلفزيونية عن السبب وراء رسومات “العيون الكبيرة”، وأرجع ذلك
لتأثره بنظرات الأطفال التي كانت تملأ العالم بالأسى، بعد انتهاء
الحرب العالمية الثانية؛ ليكسب تعاطف المشاهدين ودموعهم.
في أحد محلات البقالة ،التي تبيع ملصقات لوحاتها، وجدت “مارجريت”
أعين كل من في المحل كبيرة، وتحدق بها على اتساعها؛ كأن لوحاتها قد
تجسدت في هؤلاء المارة ينظرون إليها ويلومنها على تخليها عنهم.
هذا المشهد، يعد في رأيي، الأكثر بلاغة في الفيلم والأدق في توصيل
الرسالة؛ فـ “مارجريت” التي سمحت لزوجها أن يقنعها أنه لا بأس في
طمس هويتها، وجعلها تقضي مايقرب من 16 ساعة يوميًا في المرسم،
بعيدًا عن ابنتها، من أجل أن تؤمّن مستقبلها؛ اكتشفت أن كل هذا لا
يعني شيئًا أمام تخليها عن حلمها وموهبتها.
جعل هذا الموقف “مارجريت” تعود للمنزل، وتبدأ في رسم لوحة مختلفة
عن سابقيتها، أشبه بلوحة شخصية. سألها “والتر” كيف سيبرر هذا
الانتقال في الأسلوب للجمهور؛ فأجابته أنها ستعرض هذه اللوحات
باسمها هذه المرة، وأنها وإن تركت له ملكية “العيون الكبيرة”، فمن
حقها أن تمتلك شيئًا آخر.
وافق “والتر” مضطرًا، وقام بعرض لوحاتها في معرضه، ولكنه أبدًا لم
يسمح لها بالحديث عن فنها مع الجمهور أو الصحفيين.
اكتفت “مارجريت” بالقدر الضئيل من الظهور، الذي سمح لها به
“والتر”، وقضت أغلب وقتها بين جدران مرسمها لتستطيع التوفيق بين
لوحات “العيون لكبيرة” ولوحاتها الجديدة. وفي وسط بحثها عن بعض
الأدوات، وجدت صندوقًا مليئًا بلوحات شوارع وأبنية “باريس”، التي
اعتاد “والتر” نسبها إلى نفسه، ولكنها موقعة هذه المرة باسم
“سانيك”، الذي اتضح أنه الفنان الأصلي للوحات، وأن “والتر” كان يضع
اسمه “كاين” فوق اسمه طوال هذا الوقت.
عند مصارحتها له؛ أنكر بشدة، ولكنه اعترف بعد ضغطها عليه، ليتضح
لنا ولها أنه لا يستطيع رسم أي شيء وأنه لم يذهب إلى “باريس”
لدراسة الفن من قبل كما يدعي. وتنضم هذه الكذبة إلى سيل كذباته
السابقة، وتفقد معها “مارجريت” ما تبقى من مشاعر كانت لا تزال
تكنها لهذا الرجل، وتظهر مشاعر السخط والاحتقار عليها نحوه في
المقابل.
اتخذ حب “والتر” للشهرة والتقدير مسارًا آخر نحو جنون العظمة
والارتياب، فصار ينقّب عن كل فرصة ليقطع ألسنة النقاد ويمجد اسمه
في عالم الفن؛ فارتأى أن يشارك في أحد المعارض العالمية، التي تشرف
عليها الأمم المتحدة، بلوحة كبيرة الحجم، تضم صورًا لأطفال العالم
بمختلف ألوانهم وألسنتهم.
أرادها أن تكون قطعته الفنية المميزة، ولكن على غير المتوقع؛ لم
تنل اللوحة الاستحسان الذي انتظره “والتر”، واستغل ذلك الناقد الذي
طالما صنف أعماله كشيء لا يرقى لأن يطلق عليه كلمة فن. جن جنون
“والتر” عند قراءة المقال الهجومي عليه، وكاد أن يعتدي على الناقد
في إحدى الحفلات لولا أن الأخير أمسك يده في آخر لحظة؛ ليصب
“والتر” جام غضبع على “مارجريت”، التي رأى أنها السبب الأول في هذا
الهجوم الذي تلقاه، لأنها تعمدت إخراج لوحة سيئة؛ لتقوم بإحراجه
أمام الجميع. وفي ظل انفعاله حاول إشعال النار في المرسم الذي
اختبئت فيه هي وابنتها منه.
فرّت “مارجريت” بابنتها من نيران “والتر” من الباب الخلفي، مرة
أخرى وضعت “مارجريت” “جاين” في المقعد الخلفي لسيارتها؛ هاربة بها
من زواج فاشل آخر.
اتجهت نحو “هاواي”، حيث استقرت هناك وقامت بالتعرف على بعض
السيدات، وهناك أيضًا تلقت اتصالًا من “والتر”، يساومها فيه على
الطلاق؛ مقابل حقوق جميع اللوحات السابقة، ورسم 100 لوحة جديدة،
يستطيع نسبهم إلى نفسه فيما بعد.
أرسلت “مارجريت” له لوحات جديدة كما طلب، ولكن هذه المرة وقعت
بالحروف الأولى من اسمها بدلًا من “كاين”، لم تكتف بهذا أيضًا؛ بل
رتبت لقاءً إذاعيًا مع أحد البرامج الإذاعية أعلنت فيه أنها
الصاحبة الحقيقية للوحات “العيون الكبيرة”، وأنه (والتر) مدعٍ تلقى
الثناء على أعمالها طيلة العقد الماضي.
لم يستسلم “والتر” أمام ادعاء “مارجريت”، وأشاع بمساعدة الصحفي
“ديك نولت” أن زوجته قد جنت، وأنها تنسخ أعماله وتنسبها إلى نفسها،
ردًا على ذلك؛ قررت “مارجريت” مقاضاته بدعوى نسب أعمالها إليه.
كانت الدعوى من أغرب ما يمكن، فعلى مدار عشر سنوات؛ هناك مئات من
المقالات والاحتفاليات التي صرّحت “مارجريت” خلالها أن “والتر” هو
صاحب اللوحات، وهناك أعمالًا باسمه في مختلف متاحف أنحاء البلاد.
لم يجد القاضي أمامه طريقة للفصل بينهما سوى إعطاء لوحة فارغة لكل
منهما، ومنحهما ساعة، ليقوما برسم إحدى لوحات “العيون الكبيرة”.
فرحت “مارجريت” بهذا الحكم؛ لعلمها أن “والتر” لا يستطيع الإمساك
بفرشاة رسم، وبالفعل عندما قاربت الساعة على الانتهاء؛ كانت
“مارجريت” قد أوشكت من الانتهاء من لوحتها، في حين جلس “والتر”
أمام لوحته الفارغة، منتظرًا الإلهام، ومن ثم تعلل أنه أصيب بشد
عضلي يمنعه من الرسم.
منحت المحكمة “مارجريت” حقوق ملكية لوحاتها، في حين رفض “والتر”
الاعتراف باحتياله، وظل يدعي أنه صاحب اللوحات الحقيقي حتى وفاته
عام 2000، على الرغم من عدم إنتاج لوحة واحدة منذ تاريخ انفصال
“مارجريت” عنه.
مازالت “مارجريت” تعيش حتى يومنا هذا، وتقوم بالرسم رغم بلوغها 86
ربيعًا، ونجح كاتبا السيناريو “سكوت ألكسندر-
Scott Alexander”
و”لاري كارازوسكي-
Larry Karaszewski”
في الحصول على إذنها، لتحويل قصتها إلى فيلم سينمائي، استغرق الأمر
منهما 11 عامًا لتنفيذه؛ ليقدموا لنا فيلم “Big
Eyes”
في أواخر 2014، الفيلم الذي اعتبره النقاد من أفضل ما أخرج “تيم
بورتون-
Tim Burton”
خلال سنوات.
قدمت “إيمي أدامز” أداءً مثيرًا للإعجاب؛ فاستطاعت مزج أوجه شخصية
“مارجريت” المختلفة، بين المرأة التي تهجر زوجها وتخرج بحثًا عن
عمل، والمرأة التي تسترت على كذبة طوال عشر سنوات من أجل تأمين
مستقبل طفلتها؛ ومن ثم التمرد والخروج عن الصمت وإعلان الحرب على
زوجها السابق وصاحب الفضل فيما حصلت عليه أعمالها من شهرة.
حصلت “إيمي أدامز-
Amy Adams”
على جائزة الـ “جولدن جلوب” عن أدائها لدور مارجريت، وتوقع
الكثيرون ترشحها لجائزة الأوسكار؛ إلا أن قائمة الترشيحات جاءت
خالية من اسمها، كإحدى مفاجآت الأوسكار التي اعتدناها من أكاديمية
الفنون.
قام “كريستوف والتز-
Christoph Waltz”
بدور الرجل المهووس، ورغم أنه لم يكن أفضل أدائه، إلا أنه ترشح عن
الدور لعدة جوائز.
ربما لم يفسر الفيلم البعد النفسي للشخصيات؛ الذي حول “والتر” من
الرجل المحب المساعد، للرجل المتسلط العدواني، إذا ما تطلب الأمر.
ونفس الأمر بالنسبة لشخصية “مارجريت”؛ صمتها طوال هذا السنوات
يجعلك تتسائل: هل كانت ستتحدث يومًا ما لو لم يحاول “والتر” إشعال
النار في مرسمها هي وابنتها ذاك اليوم؟
بشكل عام؛ خرج الفيلم، على غير عادة أفلام السير الذاتية، بشكل
خفيف، بل ومضحك أحيانًا، وهو أحد هذه الأفلام التي تستمتع
بمشاهدتها، بل وقد ترغب في رؤيته أكثر من مرة. |