((طارق
الجبوري وسينما الأكشن)) الكعكة الصفراء
أ.د. عقيل مهدي يوسف
لم تتخلص السينما العراقية من عيوب السينما العربية، المتعلقة
بمشكلات (ايديولوجية)، و(فنية) تركيبية من ناحية، ومن سوء
(التخطيط)، وفقر (الانتاج) وعثراته من ناحية أخرى ولو اخذنا الجانب
الاساسي في تجربة (صناعة الفيلم) لوجدنا اسماء اخراجية قليلة، تدرك
اهمية اللغة السينمائية، وتتمتع بقدرات ابداعية، وموهبة خاصة،
وتفيد من آفاق اخراجية عالمية، حين المباشرة بتنفيذ السيناريو،
واختيار كادر الفيلم من مصورين وحرفيين وممثلين لهم حضورهم
التعبيري المتطابق مع رؤية المخرج. هذه العمليات المترابطة، يكون
مآلها (المختبر) الخاص بالجانب الصناعي الحاسم في اظهار الفيلم كما
ينبغي له ان يكون وغالباً ما تضيع الحلول الابداعية التي بذلت تحت
وطأة (تقنيات صناعية) قد تكون غائبة لدينا بالتمام، والكمال..!
واجهت حركة السينما في موجة (العراق الجديد) الثقافية، تحديات من
نوع مغاير في النظرة الى السينما، وظهرت تناقضات حاسمة في مشاريع
(بغداد عاصمة الثقافة) في الحقل السينمائي، من بينها حصول بعض
افلام الشباب المبدعين، على مواصفات جمالية رصينة، وانفتح الافق
على احتمالات خلاقة جديدة، الامر الذي يتطلب تكريس هذه الاسماء،
وتمكينها من حرفتها، بعد غياب اسماء مخرجين عراقيين كبار، او غيبوا
لاسباب مختلفة . هنا نقف عند تجربة مخرج عراقي، يبدو لنا ان خطابه
السينمائي مغاير للمألوف السينمائي العراقي، بشكل او بآخر، فيما
يخص افلام (الاكشن) على الاسلوب الفني الاميركي، حتى ان عرفنا
تجربة او تجربتين في السينما العراقية، التي تخص المطاردات، وخلق
حالة من التشويق، والافادة من المؤثرات البصرية، والسمعية، ومن
تسريع اللقطات، وحركات الكادر الدينامية ومغادرة السكون والجمود
السردي.
طارق الجبوري، الذي انجذب الى الابهار السينمائي منذ سنواته الاولى
في العمل الاحترافي (التلفزيوني) حيث انشغل بتقديم افلام وثائقية،
تخلص من مشاهدتك لها، انها مكرسة لمخاطبة المواطن العراقي،
والعربي، باهمية تاريخه وموروثه الوطني سواء على صعيد المخطوطات،
والاضرحة، والاماكن الحافلة بالهندسة المعمارية، وفنون الخط
والزخرفة والتلوين والخط. هذه الخبرة الاحترافية جعلته يثق بقدراته
السينمائية، وبآلية تحريك الكاميرا من زوايا، ولقطات ومشاهد، فآثر
توظيفها بفيلم اطلق عليه اسم (الكعكة الصفراء) وهو مدرج ضمن
فعاليات بغداد عاصمة الثقافة. ولكن لم تسر الامور كما خطط لها!
ولولا حنكته، لما خرج بطائل من تحديات (الانتاج) الذي عرقل الكثير
من مقترحاته الاخراجية، وكان اسوؤها توفير العدة الحربية، للفيلم،
الذي يقوم على صراع المخابرات الدولية، ومنها الاميركية،
والاسرائيلية، والروسية، والايرانية، في داخل العراق بحثاً عن سر
اختفاء قنبلة من اسلحة الدمار الشامل التي جرى تهريبها وبيعها
لنظام صدام حسين من قبل سماسرة دوليين! تتقابل في الفيلم، قوى
متناقضة، القاعدة، والقوى المخابراتية من ناحية، وعالم الذرة
العراقي المصاب بالسرطان، وطفل وفتاة وامرأة وعازف، يظهرون بزمن
خاطف في تدفق احداث الفيلم، الخاصة بالمغامرات، المعتمدة على
مطاردة العصابات المذكورة، بسيارات مختلفة بحثاً عن رجل المخابرات
(كلييف) وهو احد الفاعلين في نهب المعدات العسكرية والقنابل
الفتاكة التي استباحها السراق بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، كان
المخرج طارق ماهراً باختيار الكادر الرجالي، والنسوي، وقادر على
تعميق اجواء الاثارة، والاستيهامات الجنسية والتحكم بمشاعر
المتفرجين وزرع ثيمة الوطنية، التي تريد الحفاظ على السلم العالمي،
كما وجدناها لدى العالم العراقي، الذي افنى الاشعاع الذري حياته،
وهو يخاطب رجل الموساد الاسرائيلي في نهاية الفيلم بانه لن يبوح
بالاسرار، لانه لايريد ان تتكرر مأساة الموت واشعال الحروب وتدير
المستقبل الآمن للبشرية، في حين تأتي الاوامر من السياسيين
الاسرائيليين بدفع مجندها المخابراتي للعمل من داخل ايران!
توفر في الفيلم، جانب ايجابي خلاق، ومنه الممثل الشاب الذي لعب دور
(المطيرجي) وهو يناغي حبيبته فوق السطوح، والذي يكتشف عند مطاردته
للطير وكر العصابة الاميركية، التي تحاول انتزاع اعترافات (كلييف)
وكذلك نجد جانباً ابداعياً خلاقاً في التوفر على تقنيات (الاكشن)
بدراية واضحة، وفي اختياره لممثلات ومن بينهن اجنبيات، فضلاً عن
تنوع اماكن التصوير من داخل العراق وخارجه. تعتمد افلام (الاكشن)
على ما يمكننا تسميته (بالطفالة) ونقصد بها عدم التعمق بتحليل
الافكار، والابعاد الانسانية للشخصيات والتفريط كذلك بالجوانب
الاقناعية تحت الحاح تدفق الصور واللقطات ولكن بطريقة ماهرة تنسيك
عالمك، بعالمها الافتراضي، المنتزع من السياق الحياتي المعاش،
لتقدم عالماً بديلاً تبرز فيه المهارات الفردية، لكن في القتل،
وتصويب الاطلاقات، والاعلاء من شأن الذات النرجسية المختلفة،
والتدميرية، وهي ترضي طموح الغرائز، والاهواء المعتلة الفاسدة،
بحجة تنفيذها لمخططات بلدانها القصية ضد بلدان تدافع عن وجودها.
يدرك المخرج طارق الجبوري، مايريده من خطة فيلمه بما توفر عليه من
تقنيات وان قمعت في كثير من جوانبها انتاجيا! لكنه بما يملك من
حصيلة اكاديمية ناضجة لايريد ان يثقل متفرجه (بالافكار)
والايديولوجيات والمواقف الخاصة بالخطاب الايديولوجي، قدر عنايته
بمخاطبة شغف التلقي عند الجمهور العريض بهدف تحريك عواطف الجمهور
مع حركة السينما التي عانت في العراق كثيراً من رتابتها في بعض
الافلام المنقطعة عن سينما العالم المعاصر، كان يتطلب الاثارة في
فيلمه كما (هتشكوك) حين ظهر بلقطة واحدة! نبارك هذا المخرج وفيلمه
وكادره.
دوافع العنف الاجتماعي فـي السينما الغربية ..
فيلم " السقوط " أنموذجاً!
يوسف أبو الفوز
1-3
القواميس القانونية تتفق على تعريف العنف كونه استخدام القوَّة
الجسديَّة استخداما غير مشروع أو مطابق للقانون بهدف الاعتداء أو
التدمير أو التخريب أو الإساءة، فكيف تعاملت السينما الغربية مع
موضوعة العنف؟ دعونا من افلام الويسترن و"رنكو" الذي لا يخطئ الهدف
ولا ينتهي رصاص مسدسه، وافلام الاكشن والحركة، التي يبرع فيها
البطل في كل شيء، في التعامل مع أجمل النساء واستخدام كل الاسلحة
وقيادة كل انواع وسائط المواصلات، من الدراجة النارية مرورا
بالطائرة وحتى الغواصة ،خصوصا الافلام التي تحاول ان تصدر لنا صورة
الاميركي المنقذ، الذي يحاربه كل العالم لكنه دوما المنتصر، على
غرار سلسة افلام "رامبو" وما شابه. دعونا نتوقف عند مجموعة من
الافلام الجادة، التي حاولت الاقتراب من فهم اسباب جنوح الانسان
نحو العنف، وتحديد تلك الاسباب. ان مختلف مدارس علم الاجتماع
والفلسفة، منذ القدم تتفق على كون العنف هو التعسف في استعمال
القوة، والافراط فيها، وفي العصر الحديث ارتبط ذلك بشكلين بارزين
هما الحرب والسلوك العدواني مع الاخرين. فهل يولد الانسان عنيفا؟
وما الذي يدفعه لاستخدام العنف والافراط في استخدام القوة ؟! ان
العنف الاجتماعي هو احد الثيمات التي عالجتها السينما الغربية
والاوربية كرد فعل لاستلاب الانسان وسط حالة الضياع التي يعيشها
بما في ذلك تفكك العلاقات الاسرية تحت تأثير العلاقات الاجتماعية
السائدة في المجتمع، فالعلاقات الاقتصادية والحقوقية والاخلاقية
والدينية تترك بصمتها على طابع العلاقات في العائلة . ان افلاما
عديدة، تحاول ان تعرض لنا، كيف ان الانسان، المسالم، الهادئ، المحب
للحياة، قد يجد نفسه، عرضة لعوامل مختلفة تضغط عليه، لتغير من
سلوكه تماما ! فما هي هذه العوامل ؟ وكيف تكون النتائج ؟!
المخرج الفرنسي روبرت انريكو(1931ـ 2001) قدم لنا فيلم "البندقية
القديمة" من انتاج عام 1975، وهو احد روائع السينما الفرنسية، حيث
حصد في حينه جائزة سيزار، لافضل فيلم وافضل ممثل، اضافة الى جوائز
وترشيحات اخرى، ومستندا في بعض من وقائع الفيلم، الى القصة
الحقيقية التي تعرضت لها قرية فرنسية خلال فترة الاحتلال النازي
لفرنسا، حيث رأينا في الفيلم كيف عرض الممثل فيليب نواريه (1930ـ
2006) تحولات بطل الفيلم "جوليان جانديو"، الطبيب المسالم، الذي
يعيش في مدينة مونتوبان، جنوب فرنسا، وخلال فترة انسحاب القوات
الألمانية الفاشية عام 1944 من فرنسا، وخوفا من بطش الجيش
الالماني، اتفق مع صديق له ليرافق عائلته للاقامة في الريف، حيث
يوجد منزل للعائلة عند القلعة القديمة، وحين يلحق بهم في عطلة
نهاية الاسبوع، يجد ان الالمان احتلوا القرية وجمعوا سكانها في
الكنيسة وقتلوهم بالرصاص، ببرودة دم ووحشية ، يعكسها الفيلم بمشاهد
معبرة، وداخل ممرات القلعة يجد جثة ابنته قتيلة، وأيضا يجد زوجته،
التي ادت دورها فاتنة السينما الفرنسية رومي شنايدر (1938 ــ
1982)، قد احرقت بسادية بقاذف اللهب النازي الشهير. فيقرر
الانتقام، وببندقية صيد قديمة، تعود لوالده، يبدأ باصطياد الجنود
الالمان واحدا بعد الاخر، وينجح في حرق الضابط الفاشي بقاذف اللهب
ذاته، وحين يصل رجال المقاومة الفرنسية للقرية يكون قد اباد
المجموعة كلها ليمنعوه من الانتحار كرد فعل للوحشية التي تعامل بها
مع الجنود الالمان. هذا الفيلم يريد أن يقول لنا ان سلوك بطل
الفيلم ، كان عملا بطوليا، وعنفا مشروعا، كما تشير كتب القانون،
وجاء كرد فعل لقوى احتلال اعتدت على عائلة وقرية البطل، فهو سلوك
مشروع لحماية بيته ضد الغزاة والمحتلين.
ويكاد الامر يتشابه مع ما جرى في فيلم "كلاب القش" من انتاج عام
1971 للمخرج الاميركي سام بيكنبا (1925 ــ 1984 ) المعروف باخراجه
لافلام الويسترن والعنف حتى نال لقب " سام الدامي"، حيث نتابع معلم
الرياضيات الاميركي المسالم، الشاب ديفيد سومنر، لعب دوره الممثل
العبقري داستن هوفمان ( مواليد 1937) ،حين يأتي للعيش مع زوجته
الشابة الجميلة أيمي في مسقط راسها في قرية في بريطانيا، ولعبت دور
الزوجة الممثلة البريطانية سوزان جورج (مواليد 1950) التي لم تكن
معروفة كثيرا ايامها، لحد ان هوفمان اعترض في البداية لاسناد
البطولة النسائية لها. في القرية المنعزلة لم يعجب الامر صديق أيمي
السابق تشارلي فينر، لعب دوره الفنان الايراندي ديل هيني (مواليد
1938) فيقرر واصحابه مضايقة ديفيد الزوج الغريب عن قريتهم. يحدث ان
الزوج ديفيد يستأجر بعض الرجال لاجراء اصلاحات في المزرعة
المنعزلة، ولسوء حظه كان من ضمنهم تشارلي فينر. كان ديفيد مسالما
جدا، لا يغتاظ من سلوك البعض ولا حتى من نظراتهم وتحرشهم بزوجته،
وكان مسالما حتى مع خداعهم له وابعاده عن بيته. لم يدر ان ان ذلك
تم لينفرد تشارلي بزوجته ويمارس معها الجنس برضاها، ولكن الامر
تطور وبالضد من رغبة تشارلي والزوجة ، وتحت تهديد السلاح، تم
اغتصاب الزوجة من قبل الاخرين. لم يكن ديفيد راض عن عمل الرجال في
المزرعة فصرفهم، دون أن يعلم بمحنة زوجته، ولم يتفهم ارتباكها حين
التقت بمغتصبيها في قداس الكنيسة، وقرارها المفاجئ بالمغادرة بشكل
مبكر. وفي طريق العودة،وفي الضباب الكثيف، دهس ديفيد بسيارته مخبول
القرية جون نيلس، الذي لعب دوره الفنان بيتر أرني (1920 ــ 1983)
فحمله لبيته، واتصل بحانة القرية ليخبر عن الحادث ووجود المخبول
معه. لم يكن ديفيد يعلم ان مكالمته هذه ستغير كل حياته، فبعض رجال
القرية، منهم الرجال الذين استغنى عن عملهم، وسكير القرية، كانوا
مجتمعين في الحانة، ينتظرون نتيجة البحث للعثور على المخبول، لانه
وعن طريق الخطأ خنق طفلة مراهقة، وهرب، فجمع والدها بعض رجال
القرية للانتقام لابنته. كانت مكالمة ديفيد اشعارا لهم للتوجه
لمنزله ومحاصرته للمطالبة بتسليم المخبول. يرفض ديفيد باصرار
تسليمه لهم لأنه يعرف انهم سيضربونه حتى الموت ويخبر زوجته بذلك،
وحين حاول شرطي القرية التدخل قتل بالخطأ برصاص احد رجال القرية،
ففهم ديفيد ان عليه الدفاع عن بيته والفتى المخبول الذي احتمى
عنده، فيستيقط فيه الجانب المخفي من شخصيته. يمر ثلثا وقت الفيلم
تقريبا ـ الفيلم مدته 113 دقيقة ـ والمتفرج يشعر بالاستياء من
برودة ولا مبالاة واستسلام ديفيد لما يدور حوله، وفجأة ينهض الجانب
الوحشي في شخصيته والذي طالما قمعه. فيتصدى للرجال المهاجمين بعنف
ووحشية لم يصدقها هو في نفسه. كان هناك الكثير من العنف والدم في
الفيلم الذي جعله محل انتقاد ونقاش الى حد اليوم : هل الدفاع عن
النفس يبرر الوحشية في الانتقام ؟
رأيان في فيلم بحيرة الوجع
قحطان جاسم جواد
بعد عرض فيلم بحيرة الوجع للمخرج جلال كامل وتلقي التهاني على نجاح
الفيلم وفريق عمله، أدلى بعض المتخصصين بالسينما بدلوهم في اعادة
تقويم الفيلم سلبيا وإيجابيا، وهذا لا يقلل من شأن النجاح ، بل هي
ملاحظات قيل ولابد من قراءتها.
الرأي الأول للأكاديمي صالح
الصحن يقول فيه:
فلم (بحيرة الوجع) استوفى شروط مكوناته وعناصره السينمائية على قدر
من القبول والإعجاب من الجمهور الذي شكـَّل المختصون الغالبية منه
وبمحاسن قد تشكـِّل جزءاً من ذائقة التلقي الجمالي للفلم ببقاء
المشاهدة الى حدِ النهاية والتصفيق له
.
ومما تجدر الإشارة إليه ان فلم( بحيرة الوجع) قد افلح في كثير من
العناصر التي تسيدت في منظومة الفلم وهي البناء الموسيقي والقدرات
الواضحة لكفاءة الصورة ومستوى التركيب والنقاء الصوتي والأداء
الباهر لأغلب الممثلين، والوضوح السائد في حدة الصراع بين الإرهاب
والحياة الإنسانية فضلا عن الزمان والمكان وحدود توافقهما
.
وبرغم اجتياز الفلم القبول والإعجاب الآن هناك ثمة ملاحظات يمكن
الإشارة اليها وهي التسمية : استقبل المتلقي اسم الفلم ( بحيرة
الوجع) على ان هناك ثمة مقاربة او تناصاً مع سمفونية بحيرة( بحيرة
البجع) وراح يشغل عجلة البحث واكتشاف الدلالة والرمز والتنقيب عن
معطيات السرد الصوري والمثابات التي تدلنا او ترتبط بعلاقة بصرية
او ذهنية مع ما يمت بصلة (بالبجع) وبحيراته الواسعة، الا انه لن
يجد ما يحقق هذا التقارب او التناص، واذا كان النص الفلمي يحمل
جملة اوجاع ساخنة فقد طغت بحور الموسيقى والفرقة السمفونية
والأغاني المتفائلة بالحياة والوطن على ما تصدى لها من صراعات من
الإرهاب والجرائم والانتهاكات . النص: فتح النص مركب الدلالة
والرمز بمحمولات واضحة برغم تناوله البناء الواقعي لأحداث القصة
فقد حمل ملامح لا تخلو من الرمزية وبقدر متفاوت, فالموسيقى حاملة
المعنى والدلالة والمفهوم الانساني للحياة بمشاعر وأحاسيس كرمز
لتبني الموقف الخصم لقوى الظلام والقتل وكذا الحال بالنسبة للاطفال
الذين ظهروا ، الرمز المؤكد للمستقبل . وكذلك طغيان القرار
العشائري كرمز لغياب السلطة وضعف دورها
.
الشخصية النموذجية : برغم التوازن الذي حققه المخرج في توزيع
الأدوار بشكل ملائم وبروز عدد من الشخصيات الرئيسة في احتواء مكامن
الحدث على امتداد السرد الصوري إلا أن بقاء شخصية ( استاذ ابراهيم
) التي جسدها المخرج جلال كامل على مسار التدفق السردي في منظومة
الحدث وبشكل محوري منحها التشبع بالكثير من اللقطات القريبة
والمتوسطة بطغيان سمعي - بصري في الحكاية الفلمية ,والذي حقق
هيمنتها في السرد وتبوِّئها صفة الشخصية النموذجية لأنها ( مربية ,
معلمة , ناصحة ، متفائلة , صاحبة مشروع , محبة للخير , متوازنه
وقائدة لمن حولها ) الى غير ذلك من الصفات اللائقة ، لكن بناءها
كشخصية نموذجية خالف الاشتراطات المنهجية جراء ما أُلصق بها من صفة
الانكسار المتمثلة بانحراف شقيقته ( ملاك ) , الأمر الذي هشـَّم
جزءاً ليس قليلا بمكانتها وهيبتها امام المجتمع، وهذا ما لا يتناسب
مع عناصر بناء الشخصية النموذجية المعفاة من هذه الانتكاسات
التمثيل : كانت منظومة التمثيل متميزة بشكل يبعث عن الإعجاب
بالأداء الذي قدمه الكثير من الممثلين وبالأخص الأدوار الرئيسة.
البيئــة: مما يلاحظ من هوية المكان الذي اعتمد مسرحاً لأحداث
(بحيرة الوجع) هو التداخل البيئي بين المدينة والريف فتارة نرى
مشاهد أقرب ما تكون الى ضواحي بغداد ذات الطابع الريفي وتارة على
خشبة المسرح الكبيرة بعزف الفرقة السمفونية اما اللهجة السائدة فقد
غلب عليها لهجة المدينة وبعدها عن اجواء الريف.
المونتاج : تعمدت منظومة المونتاج بنسج المتغيرات السمعية والصورية
لأحداث الفلم على وفق التتابع والبناء في ضوء قطعات متباينة ومحددة
اعتمدت التشويق والتوتر والترقب وتوليف الموسيقى المراقفة للحدث
بتنامي وتغذية تعزز من روح الفعل واشتداد تبدلاته وهنا أجاد
المونتير علي السامرائي في التركيب والبناء السردي لمفهوم معطيات
الفلم.
اما الرأي الآخر فهو للمخرج الميداني السينمائي ثائر عبد علي
:
تحية حب وسلام إلى جميع القائمين على فلم (بحيرة الوجع) تحية
للفنان المخرج جلال كامل وتحية الى الرائعة في أدائها الاحترافي
الممثلة سناء عبدالرحمن والمبدع مازن محمد مصطفى والوجه السينمائي
الجديد همسة وجميع من أسهم بإنجاز هذا المنجز الفني ..الفلم كان
رائعا برسالته الانسانية الوطنية.
اما ملاحظاتي المتواضعة عن الفلم أطرحها بحب لصانع الفلم والى
المعنيين.
الفلم كان واقعياً لكنه غير منطقي في بناء الأحداث والدقة
التاريخية بسلوك الاشخاص وعوائلهم وعلاقاتهم الاجتماعية فيما بينهم
لأنهم ينتمون الى نظام العشيرة وقوانينها الصارمة، كما ان الفلم
اوصل رسالته الانسانية الوطنية بالاستمرار ببث الحياة على الرغم
مما يحدث ، أوصلها باول خمس دقائق مثلاً (اللقطة العامة من الأعلى
للمدينة + عزف الاوركسترا في المسرح + الانفجار ومشهد الحرب واصوات
الرصاص+ كسر آلة الكمان ورفعها ثم البدء باستمرار العزف والغناء
للقصيدة الوطنية ) انتهى الفلم ووصلت الرسالة. الى جانب ذلك ان
الفلم تعكز كثيرا على الموسيقى ..وذابت تحتها الأخطاء المونتاجية
الكثيرة في ربط اللقطات ورفع ايقاع الفلم من خلال استخدامها
بالاماكن غير المبررة لوجودها.وكان
-
المونتاج غير موفق بربط اللقطات والجمبات الكثيرة في الصورة
والاضاءة والصوت، كما تخلل دزدوشن باماكن متفاوتة من الفيلم مما
أثر كثيرا عليه.
كما يوجد الكثير من اللقطات والمشاهد الزائدة لو تم الاستغناء عنها
لأصبح الفلم اكثر منضبطاً واكثر أناقة.
تصوير الفلم مزج بين التصوير السينمائي من ناحية الكوادر وزوايا
ومستويات وحركة الكاميرا وأداء الممثلين والاضاءة ، وبين التصوير
التلفزيوني.. فنرى مشاهد سينمائية وتلفزيونية في الفلم بشكل واضح.
وبخصوص ايقاع الفلم كان متفاوتاً وغير متنام ٍ ، واعتمد على اداء
الممثلين ,مثلا عندما يظهر الممثل مازن محمد وسناء عبدالرحمن
يتنامى الفلم بالإيقاع وكذلك التعكز على الموسيقى
.
المخرج وممثل البطولة جلال كامل ظهر بنسبة 95% من مشاهد الفلم،
وهذا غير منطقي من وجهة نظري، اما أداؤه فقد كان يمتزج بين الأداء
السينمائي والتلفزيوني ايضاً
.
الفلم أوصل لي بان جلال كامل أراد التعريف بنفسه بأنه عازف ومطرب
وارضاء غريزة ذاتية دفينة في داخله ..وهذا حق مشروع بزمن عدم وجود
الفرص لتحقيق ذلك.
كذلك تجاوز الفلم بنسبة معينة على العشائر الجنوبية واظهار الجانب
السلبي غير المنطقي في بعض الأحيان.
بعض شخصيات الفلم لا توجد لديها مرجعيات ولا مبررلإدخالها ..اضافة
الى القفزات بالحدث الدرامي ..وهذا يعود لعدم وجود كاتب سيناريو
متخصص للفلم وهذا عيب جميع الافلام التي عُرضت تقريبا
.
الفلم بشكل عام كان افضل بكثير من بعض الافلام التي عُرضت حتى
الآن. وانا أضعه بالمرتبة الثالثة بعد فلم (صمت الراعي) وفلم (نجم
البقال) .من اصل عشرة افلام تقريبا ..ولا ننسى بان فلم ( بحيرة
الوجع) هو التجربة الاولى للمخرج والممثل والمطرب والعازف جلال
كامل ..شكر وعرفان اليكم أحبتي صانعي فلم (بحيرة الوجع) وأنا أعتذر
اليكم جميعاً
.
"جريمة
قتل جوار نهر يانهي "..
الفيلم التجاري 'الأحمر' النادر في السينما الصينية!
ترجمة / عادل العامل
يأخذ فيلم " جريمة قتل جوار نهر يانهي " المشاهد إلى الوراء عام
1937، حين أُجريت في يانان بمقاطعة شانزي، المحاكمة العلنية الأولى
الواسعة التأثير في تاريخ الحزب الشيوعي في الصين. فقد أُتـَّهم
الضابط البالغ من العمر 26 عاماً هوانغ كيغونغ بقتل طالبة رفضت
الزواج منه. وكان هوانغ يتوقع أن يعفو ماو تسي تونغ عنه، لكن ذلك
لم يحصل، كما جاء في عرض وانغ كيهو لهذا الفيلم.
وهو " فيلم تجاري ' أحمر ' نادر "، قال مخرجه وانغ فانغفانغ ( 35
عاماً ) مؤخراً خلال منتدى سينما جيل الشباب الصيني التاسع حين
عُرض الفيلم على جمهور صغير. " و هو ليس فقط فيلم إثارة سياسي ذا
رسالة إيجابية، بل يشتمل أيضاً على الحُب، و الطبيعة الإنسانية
المتكافئة وغيرهما من العناصر الأخرى الشعبية وسط جمهور اليوم "،
كما قال وانغ، الذي يعمل كاتبَ سيناريو لوقت طويل، وكان قد أطلق
فيلمه " البطل
Champion "
عام 2012، الذي يمثّل سيرة حياة عن زو هَيفينغ، الفائز بالميدالية
الذهبية الأولمبية الأولى في الصين.
ويُعد فيلم " جريمة قتل جوار نهر يانهي " تطوراً بارزاً منذ أن
توقف التطرق إلى القضية في وسائل الإعلام الصينية السائدة لعقود، و
كان هيو يوبانغ، و هو اسم مثير للجدل في تاريخ الصين الجديدة،
المدعي العام في المحاكمة المذكورة آنفاً وهو دور بارز في الفيلم.
و يقول وانغ " إن معظم أفراد فريقنا في الثلاثينيات من أعمارهم، و
لهذا فهو تحـدٍ بالنسبة لنا للعمل مع جزء غير مألوف من التاريخ ".
و قد استغرق تصوير الفيلم نحو 45 يوماً في طقس سيء وظروف عيش عسيرة
في الشتاء الماضي في مقاطعة شانزي الشمالية، في مركز النجد الرسوبي
الصيني، الذي كان قاعدة الثورة الصينية وقتَ حدوث القصة. " لكن تلك
الظروف ربما جعلتنا نتحسس ما تحمَّله أولئك الجنود الثوريون "، كما
قال. وكانت يانان آنذاك عاصمة إقليم شان ــ غان ــ ننغ الحدودي،
قاعدة الحزب الشيوعي لمقاتلة قوات العدوان الياباني. وحين وقعت
جريمة القتل، كانت محكمة الإقليم العليا قد عملت لشهرين فقط، و كان
جهازها القانوني غير كامل بعــد. وأوضح المخرج أن من الأمور المهمة
في فيلمه التصوير المفصّل للشخصيات البارزة المتنوعة، وذلك هو
السبب في اختياره استخدام لقطات مقربة كثيرة لأبطال الفيلم من أجل
تحسس انفعالاتهم ، مع هذا، فإن رواد السينما الشباب قد لا يتفهمون
طابعه الوقور، وقد سُمع شيء من الضحك في العرض السينمائي الصغير
خلال المنتدى.
وعلى كل حال، فإن الفيلم، مع الممثل البارع البالغ من العمر 32
عاماً وانغ كَي، الذي يقوم بدور الضابط هوانغ كيغونغ، يمكن أن تكون
له جاذبية شعبية. و قد كان هناك، بعد عرضه، صفّ من المعجبات
الشابات لتقديم باقات من الزهور لبطلهن المحبوب، وكان قد أُطلق على
وانغ كَي في المنتدى في العام الماضي لقب الممثل " الأمضى
most cutting-edge "،
لكنه عزا شخصياً ذلك الإنجاز بكل تواضع لمنافسه في الفيلم تشينغ
تَشين ( 43عاماً ) الذي يقوم بدور القاضي الرئيس لَي جنجين وهو
مشهور بأدائه دور مهاجر صيني إلى برشلونة في الدراما الإسبانية ــ
المكسيكية المرشحة للأوسكار
" Biutiful "
عام 2010.
وقد أوضح كاتب سيناريو الفيلم وانغ زينغدونغ ( 64 عاماً ) أن بعض
الممثلين الشباب رفضوا المشاركة في الفيلم بعد أن قرأوا النص، بسبب
موضوعته السياسية الجادّة. و قال: إنه راجع أضابير قديمة كثيرة،
بما فيها رسالة للرئيس ماو بخط اليــد يرفض فيها العفو عن القاتل،
لنكون دقيقيين تاريخياً. " وصناعة السينما تحتاج إلى أشخاص يهتمون
بما هو أكثر من التسلية المجردة والمال " وفقاً لهذا السينمائي
المحنّك المعروف بأعماله الدرامية التاريخية، التي منها " تأسيس
الجمهورية " عام 2009. فالفيلم كما قال، " مرآة المجتمع، و الدروس
المستمدة من التاريخ مرايا للحاضر، لكننا نريد أن نترك شيئاً في ما
يتعلق بتاريخ بلدنا القضائي
".
عن:
China Dailyn |