ثمة فاصل بسيط يكاد لا يمكن تمييزه إذ يفرّق بين التعاطف والشفقة،
بين الحنين والمشاركة، وبين التعالي من منطلق الأقوى. وقد تغرورق
العيون بالدمع مع ابتسامة تأخذ طريقها إلى الشفاه. والحقيقة أن تلك
قد تكون حالك عند مشاهدة فيلم «بتوقيت القاهرة» للمخرج أمير رمسيس،
حيث تنكسر كل التوقعات المسبقة في شأن قصة الفيلم مع توالي مشاهده.
مهما يكن فإن لا شيء يمكنه أن يعطي القارئ صورة عن روح الفيلم إلا
فعل المشاهدة. ومع هذا يمكن المجازفة بالحديث عنه بالإشارة منذ
البداية إلى أن ثلاثة خطوط درامية يسير على قضبانها سياق الأحداث:
- ممثلة معتزلة، تنحسر عنها الأضواء، وتفكر في الزواج. فيكون
المُرشح لهذا الزواج رجلاً ذا توجه ديني، بما يحمله هذا التوجه من
انعكاسات على شخصية الممثلة كما على تطور الأحداث.
- رجل مصاب بالآلزهايمر يعيش مع ابنه وابنته، الابن ذو توجه ديني
أصولي، ربما هو ما يدفعه إلى معاملة أبيه بقسوة فائقة، أما الأب
فيعيش على أمل واحد أن يقابل صاحبة صورة يحتفظ بها ولا يعرف من هي
ولا أي شيء عنها سوى أنها شخص مهم في حياته.
- على الجانب الآخر، سيكون الخط الدرامي الثالث نمطاً جديداً لمورد
المخدرات (الديلر) حيث تختفي صورة الشاب البلطجي ليحل مكانها شاب
حسن المظهر يتحرك بسيارة، وزبائنه من علية القوم.
يعكس السرد السينمائي وجهة نظر المؤلف/المخرج عن مفهوم الإسلام
السياسي فهو الابن القاسي الخطيب الغير واعٍ والمتزمت من دون منطق
أو وعي، الأمر إذاً لا يخلو من وجهة نظر نحو موضوع بعينه. اللافت
في الكتابة أن أمير رمسيس لم يترك نفسه لوجهة نظره تلك، ليوضحها أو
يعمق تواجدها داخل السياق بمشاهد أكثر، بل أكتفي بآثارها على تطور
الأحداث، وهو ما يترك أثراً أعمق بكثير من استعراض الأيديولوجيات
التي يمكن أن تُقحم الفيلم في مباشرة وفجاجة.
نور المختلف
ينحاز رمسيس لما هو صادق بامتياز، سواء كان ذلك كتابةً أو أداء جاء
عبر إدارته لممثليه، نور الشريف يؤدي دوراً مختلفاً جداً حيث يتمتع
برقة وحساسية مفرطة، ونراه في شخصية مريض الآلزهايمر في شكل مختلف
عما اعتدناه منه في الشخصيات الدرامية، شخصية جديدة رسمها رمسيس
بحساسية مفرطة، وتألق نور في أدائها، عبر إمساكه بتفاصيل غاية في
البساطة والعمق، الفارق بين الوعي واللاوعي حاجز شفاف لا ندركه
وإنما نشعر به، وذلك هو ما يؤكده نور في أدائه، فمشهد لقائه بابنته
في مقهى على الطريق الصحراوي وكيفية إنكاره معرفتها، وتلقائية
الأداء يدفع المشاهد إلى أن يشعر بالشفقة على الرجل الذي فقد كل
ذاكرته في جب سحيق من النسيان، بينما بعد لحظات قليلة يعترف الأب
لمرافقه القدري أنه أنكر ابنته عمدًا لأنه يسعى نحو حُلمه/ حياته.
البطل هنا يجد إنقاذه في العثور على صاحبة الصورة، يرى فيها ملاذه
واستعادة تاريخه، أما إنكاره لابنته فهو إنكار عابر في محاولة
لاستعادة تاريخه الذي يربطه به مجرد إيمان عميق وحدس دافع للبحث.
متوالية الصدق تتكرر عند الممثلة المعتزلة ليلى السماحي، وزميلها
كمال، كلاهما انحصر عنه الضوء ويعيش في عُزلته، كمال ينتظر دعوة
ابنه ليغادر مصر، لكنه يحافظ على نمط حياة يُشعره بأهميته كفنان
حتى ولو لم يعد موجوداً على الشاشة. أما ليلى التي تذهب لمقابلة
سامح بدفع من الخطيب وفي إطار ملاحقة أقل ما توصف بها أنها حمقاء
وغير منطقية، تبدو ليلى (ميرفت أمين) مفتعلة وهي تتحدث عن طلاق من
زيجة وهمية تمت في أحد أفلامها، لا تستعيد صدقها إلا في تلك
اللحظات القليلة التي ينجح فيها سامح لجذبها لمنطقة الذكرى حيث
نجاحهما المشترك. وقد استغل أمير رمسيس بعضاً من المشاهد
السينمائية التي جمعت سمير صبري وميرفت أمين في أعمال سابقة.
أما الخط الدرامي الثالث والذي قاد أحداثه شريف رمزي في دور (الديلر)،
فلم يأت بمستوى صدق الخطين السرديين الآخرين. وجاءت مكالمة الزبونة
(كندة علوش) للديلر غير منطقية في ظل علاقة سطحية ميراثها من الزمن
لقاء واحد لإتمام صفقة شراء، خاصة أنها كانت مكالمة بغرض الاطمئنان
وإعلان الاشتياق لا أكثر.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن تراجع «بتوقيت القاهرة» في شباك
الإيرادات أمام أفلام أخرى ربما أقل صدقًا وحساسية، يمكن أن نعزوه
إلى أن هذا الفيلم يمثل حالة شديدة الخصوصية، من التعامل مع حدث
وشخصيات من نسيج حي. فهو ينحاز إلى الصدق، ويحتاج بالتالي ذائقة
خاصة في المشاهدة، بمعنى أنه لا يمنح نفسه لراغبي البحث عن
الإفيهات وأغاني المهرجانات. يكشف الفيلم عن طاقات كامنة لطاقم
عمله، فنور الشريف يقدم دوراً متميزًا وغير معتاد عليه، ينزع عنه
قولبة الأعمال الدرامية التي عُرضت في السنوات الأخيرة، وكذلك
ميرفت أمين، ويكشف سمير صبري قدرته المتواصلة على العطاء أمام
الكاميرا بروحه المتجددة.
أما أمير رمسيس فهو يُقدم نفسه ليس كمخرج يمتلك عيناً مختلفة خلف
الكاميرا، لكن ككاتب سيناريو يجيد الإمساك بأدواته ولا تسرقه أضواء
وصخب الآراء والأيديولوجية حتى وإن كانت متوافقة مع السياق
المجتمعي العام.
الرُعْب ممر لكشف الرِياء الجمعيّ
أمستردام - محمد موسى
المكان، بــيت ريفي عصري أنيق يقع على أطراف غابة خضراء واسعة في
مكان ما في النمسا. الشخصيات: امـــرأة تغطي وجهها بلفافات طبية،
وتوأم صبيّان في العاشرة من العمر يقضيان آخر أيام عطلة الصيف قبل
عودتهما الى المدرسة في «فيينا» حيث يعيشان. هــذا هـــو مسرح
أحداث وشخصيات فيلم الرعـــب النمسوي الجديد «أنا أرى، أنا أرى»،
باكورة المخرجتين سيفيرين فيالا وفيــرونيكا فرانز، والذي بدأت
عروضه العالمية في الدورة الأخيرة من مهرجان فينيسيا السينمائي،
ليجول بعدها على عــدد من المهرجانات السينمائية الأوروبية خاطفاً
جوائز النقاد هنا وهناك، قبل أن يصل الى الصالات الهولندية
أخيــــراً. ظاهرياً، يبدو الفيلم مُنسجماً مع النــوع السينمائي
الذي يصنَّف تحته ويـــحـمل مفرداته ومناخاته. لكن الشكل السينمائي
الشعبي هذا، سيكون أحد مـــداخل صانعتَي الفيلم للحفر في الطبقات
العديدة لمجتمعهما وتشريحهما النفسي القاسي لنماذج بشرية، لتواصلا
في هذا تقاليد سينما نمسوية فنية مُعاصرة غاضبة وثورية لا تتوقف عن
تعرية الرِياء والاهتراء الجمعيّ المغطى بطبقات من قيم التحضر
والمسكونية الزائفة.
أسرار تُكشف ببطء
لا يتعجـــل هذا الفيلم كشف أسراره، كما يُبقى بعض منها مخفياً حتى
النهاية الشديدة العنف. لا مشاهد زائدة أيضاً في الفيلم تُفسّر
أحداثه، كما يميل كثير من أفلام سينما الغموض. سنعرف في مشهد شديد
الذكاء، نوع العلاقات بين شخصيات الفيلم. فالمرأة التي تغطي وجهها
باللفافات هي مذيعة تلفزيونية محدودة الشهرة في منتصف عمرها،
التجأت الى البيت الريفي مع ولديها هاربة من العيون، حتى تتعافى من
عملية التجميل التي خضعت لها أخيراً. مشهد آخر سيكشف أن الأُمّ
تُركت لوحدها لتربية الابنين بعد انفصالها عن زوجها، وأنها مع
الصبيّين ما زالوا يتلمّسون طريقهم للخروج من أزمة عائلية. هذه
المشاهد وما تكشف من تفاصيل من واقع اجتماعي، تضع الفيلم وأحداثه
في إطار نفسي درامي واقعي مألوف. في مقابل مشاهد أخرى حلميّة
وأحياناً كابوسية تستحوذ على كثير من وقت الفيلم، ليتأرجح النصف
الأول من العمل بين سينما الرعب الشائعة، بمرجعياتها الهوليوودية،
وسينما المؤلف الأوروبية، فيما سيميل نصفه الآخر بالكامل الى جانب
هذه الأخيرة.
يبدأ «أنا أرى، أنا أرى» بمشهد من خارج مناخات الفيلم الشكليّة،
لمجموعة من الأطفال من بدايات زمن التلوين في التلفزيون والسينما،
ينشدون أغنية حماسية باللغة الألمانية (لغة النمسا أيضاً). ليس
معروفاً إذا كان المشهد ذاك من الأرشيف الفنيّ النمسوي أو تم
تصويره وأسلبته للفيلم. في كل حال من الأحوال، يضبط المشهد
الافتتاحي ذاك إيقاع الفيلم، ويمهد للرحلة التي سيقطعها العمل الى
مديات جدلية مُحرّضة. فالتفاني الذي يقترب من الطاعة والعبودية
اللذين بديا على أطفال الأغنية، سيكون له صداه في القادم من مشاهد
الفيلم، الذي يأخذ تيمة الأجيال والقطيعة بينها، وينطلق بها الى
أقصى حدود التطرّف. فالعلاقة المتوترة بين التوأم وأمهما ستزداد
سوءاً، والى أن تدخل ذلك النفق الذي لا يعود منه المرء، عندها
تتحول مشاهدة الفيلم الى تعذيب حقيقي للمتفرّج. فلا غرابة إذاً، إن
كانت عروض الفيلم الهولندية شهدت مغادرة البعض الصالات في الربع
الأخير من الفيلم.
الى جانب العلاقة المُتوترة والتي ستتحول الى مُرعبة وكابوسية بين
التوأم ووالدتهما، تُجرب المخرجتان خطاً سردياً آخر، للصبين وهما
يكتشفان العالم من حولهما. فهما يقضيان واحدة من العطلات الأخيرة
قبل أن يودّعا طفولتهما. هذا بدوره سيقدم مشاهد لافتة بلغتها
السينمائية المُبتكرة والرصينة، وإن كانت تلك المشاهد تحمل مثل
غيرها في الفيلم، عنفاً داخلياً مكتوماً ينتظر الانفجار، وترميزاً
مُبطناً، حتى أن التوأم نفسه يتحول بحضوره الفيزيائي المجرد الى ما
يشبه كناية صورية لظاهرة عامة، والأم الى رمز للسلطة المُغلفة
بالأكاذيب والخداع، لتبدو عملية التجميل نفسها، والتي جعلتها تهرب
لاجئة الى البيت الريفي من أجلها، كفعل وصورة من أشكال الزيف، الذي
لا ينطلي على الابنين، الأمر الذي يجعل سؤالاً غامضاً حول «الأُمّ
الحقيقية»، وأين اختفت، يراود الابنين، قبل أن يصار الى توظيفه ضمن
البنية التشويقية لكن القانطة للفيلم.
خط فني متشدّد
يقف المخرج النمسوي المعروف أولريخ سيدل، صاحب الجوائز المهرجانية
العالمية، خلف إنتاج هذا الفيلم. وهذا الأمر في حدّ ذاته، من شأنه
أن يلقي ضوءاً مُختلفاً على العمل ويُفسّر خطه الفني المُتشدد.
فسيدل، هو من أشدّ المخرجين الأوروبين راديكاليةً اليوم، ومشروعه
السينمائي الفريد الذي يتنقل فيه بين التسجيلي والروائي، هو نموذج
للسينما التي لا تهدأ أو تُهادن في مُهاجمة المُسلمات وفضح المسكوت
عنه في المجتمعات بكل عنف وقسوة ومُكاشفة ممكنة. الى ذلك، يحمل
«أنا أرى، أنا أرى» بعضاً من روح سينما مخرج نمسوي آخر هو مايكل
هاينكه. ليس فقط لتشابه عوالـم هذا الفيلم مع فيلمه الشهير «ألعاب
مسليــة» الذي أخرجه مرتين، مرة في بلده ثم مرة ثانــية في
الولايات المتحدة الأميركية، والذي يُقدم عنفاً يتفجر من دون أسباب
واضحة في مجتمع للميسورين في منطقة ريفية ساحرة الجمال. فهناك
أيضاً في هذا العمل، بعض من روح فيلمه الرائع الآخر «معلمة
البيانو»، لجهة ما تخفيه الشخصيات البالغة من حياة سريّة، وأقنعة
مُزيفة من تلك التي يرتديها الناس، فتكاد تُشكل لكثرتها هوية وطنية
وقومية مُوازية وأحياناً بديلة.
«ريجاتا»... التوليفة التجارية الشهيرة مجدداً
القاهرة – أحمد مجدي همام
يصعب على المهتمين بالسينما استخلاص أية لمسات فنية أو لغة
سينمائية جمالية في فيلم «ريجاتا» الذي عُرِض أخيراً في دور العرض
المصرية. فالعمل الذي قام ببطولته عمرو سعد، محمود حميدة، إلهام
شاهين، فتحي عبد الوهاب، رانيا يوسف، وليد فواز وأحمد مالك، من
إخراج محمد سامي، الذي اشترك في كتابة السيناريو مع معتز فتيحة،
وإنتاج رنا السبكي، يقوم فقط على قصة حاول مؤلفاها أن يجعلاها تبدو
كما لو كانت ملتهبة مليئة بالأحداث، إلا أنها خرجت مترهلة ومفككة
وتقريباً بلا معنى. ففي الفيلم لدينا ريجاتا (عمرو سعد)، الذي لا
يعرف له أباً، لأن أمه صباح (إلهام شاهين) كانت فتاة ليل في
شبابها، وتناوب عليها ذات مرة أربعة سائقين أحدهم يمكن أن يكون أبو
ريجاتا لكن صباح لا تعرف أيهم هو. هذه الوصمة (ابن الحرام) هي التي
تجعل ريجاتا يجازف ليحصل على مبلغ محترم يؤهله للسفر إلى أوروبا،
وهذه الحقيقة الأولى التي استهلكت مشاهد عدة من الفيلم، كان يمكن
حذفها ببساطة والاستعاضة عنها بأي أمر آخر، وأي دافع مختلف للسفر،
من دون الحاجة لملء المشاهد بمسألة تبدو ناتئة في هذا السياق.
وبالمثل فإن الكثير من المشاهد والحوارات في «ريجاتا» أتت بلا قيمة
وبلا ضرورة حقيقية.
القوالب المضمونة
راهن صنّاع الفيلم على التوليفة التجارية الشهيرة: الأحياء
العشوائية الفقيرة، العنف، المرأة اللعوب، بعض الأكشن، البطل
الملائكي الشهم الخالي من العيوب، حتى اشتغال ريجاتا في تهريب
الأدوية تم تقديمه كنوع من العمل (الروبن-هودي) إن صح التعبير،
إنما هو لصالح الجماعة، ما يذكرنا بكيف أن الشاب الشعبي الفقير
البسيط الطامح للمجد والمال هو النموذج المحتذى من قبل أبناء الفئة
الجماهيرية التي تنتج شركات السبكي الأفلام لهم. هكذا يقدم
القائمون على الفيلم وجبة بتوابل شعبية خالية من القيمة الحقيقية،
وجبة من اللاشيء، لكنهم يرسّخون لأفكار دوغماوية يعتنقها جمهور
أفلام السبكي، من أبناء الطبقات الفقيرة، على رأسها أن المرأة لا
بد أن تكون مخطئة.
بالمثل راهن فريق العمل على الصراع «الكليشيه» بين الثلاثي: السلطة
الحاكمة، الأغلبية الشريفة من الشعب، والقلة المجرمة، وأتى هذا
الصراع أساسياً مرة أخرى في فيلم «ريجاتا» متناغماً مع السطحية
المبثوثة على طول الفيلم، حيث يجد المشاهد أن هناك شخصيات طيبة،
وشخصيات شريرة، شخصيات بيضاء وأخرى سوداء في سيناريو أمعن في تسطيح
الشخصيات، التي لم ينقذها من الرداءة التي كُتبت بها، سوى أداء بعض
النجوم الذين أجادوا نسبياً، حتى في تقديم الشخصيات الخاوية. الأم
صباح، وشخصية الصديق السنّيد سيكو (أحمد مالك) هي شخصيات بيضاء
ملائكية تماماً، بينما تظهر شخصيات أخرى مثل ساري، ونصرة كشخصيات
ممعنة في الشر بحيث لا يبقى لهما إلا أن يزرعا قرنين ليتحولا إلى
شيطانين.
حتى لقطات المطاردات والأكــشن المحدودة في الفيـــلم بــدت غير
احترافية وغير مثيـــرة، وبخاصة لقطات البداية التي شهدت مطـــاردة
بالـدراجات البخارية، والتي أتــــت مثــيـــرة للسخرية والشفقة
مقــــارنة بالأفلام التي تُخصص لهـــا موازنات معقولة لإخراج تلك
اللقطات في شكل لائق.
هذا الاستسهال، وذاك التسطيح، المتمثل في الاعتماد على القوالب
الدرامية التجارية السائدة والمضمونة، حتى وإن كانت بلا معنى، ولا
يتناغم فيها الشكل المترهل مع المضمون الفارغ، أديا إلى خروج العمل
بلا ميزة حقيقية، سوى لقطات معدودة لم تسهم للأسف في إنقاذه من
ورطته.
وعلى رغم أن أغلب اللقطات والمشاهد تم تصويرها على طريقة تبليغ
المعلومة في شكل بصري، إلا أن لقطات قليلة تمتعت بحد أدنى من
الجودة، مثل المشهد الذي تجلس في نصرة (رانيا يوسف) وحيدة في
الشرفة، بينما تبدو خلفها الشوارع مظلمة وخاوية، حيث نجح القائمون
على العمل في هذا المشهد بتمرير معلومة مفادها «إن خنت أهلك ستصبح
منبوذاً ووحيداً». فاللغة السينمائية لا تحضر إلا في هذا المشهد
الوحيد تقريباً، بينما خلت مشاهد أخرى من أية أفكار ولو بسيطة كان
بوسعها أن تمنح بعض منعطفات الحكاية لوناً من العمق؛ مثلاً: في
المشهد الذي يتم فيه ترحيل الأم صباح، أو في أغلب مشاهدها في الحبس
الاحتياطي ثم السجن، لم نر أي تفاصيل داخلية للزنزانة، الكاميرا
كانت تقبع هناك في الخارج، خارج روح المأساة والورطة. على هذا
الدرب يمضي العمل، أحداث متلاحقة بلا معنى حقيقي.
أدوار قديمة
ومن النقاط القليلة الجيدة في فيلم «ريجاتا» فريق الممثلين، وعلى
رغم أن بعض الاختيارات لم تخل من رؤية تلعب على المضمون، وعلى
أرصدة سابقة لهؤلاء الممثلين في تأدية أدوار سابقة شبيهة بشخصياتهم
في الفيلم مثل عوض (وليد فواز) الذي سبق له تأدية دور الرجل الطيب
القلب الضعيف أمام زوجته، إلا أن أداء أغلب نجوم العمل جاء مناسباً
للشخصيات، بل إن بعض أبطال «ريجاتا» أسهموا في استنطاق بعض الشخوص
بسمات أعمق من حجم الدور المنوط بهم، وعلى رأس هؤلاء المخضرم محمود
حميدة، وفتحي عبد الوهاب، وكذلك وليد فواز الذي عليه أن يفكر في
تنويع أدواره، وألا يجرب تكرار شخصيات سبق له النجاح فيها.
معالي زايد بنت البلد المبدعة
القاهرة – هيام الدهبي
في إطار تكريمه الفنانة الراحلة معالي زايد، أصدر المهرجان القومي
للسينما المصرية في دورته الأخيرة كتاب «معالي زايد بنت البلد
المبدعة» للناقدة السينمائية ماجدة موريس، والتي تقول عنها: «كانت
معالي زايد (1953-2014) فنانة لها طعم خاص تميزت بأداء الأدوار
الصعبة حيث تنوعت أدوارها وتعددت، ما جعل لها بصمات عديدة في
السينما المصرية منذ بداية الثمانينات».
مسار متألق
ولدت معالي عبدالله المنياوي عام 1953 في القاهرة في كنف عائلة
فنية، فوالدتها هي الفنانة آمال زايد، وخالتها الفنانة جمالات
زايد. وهي تخرجت في كلية الفنون الجميلة عام 1975، كما حصلت على
بكالوريوس من المعهد العالي للسينما. لم يكن التمثيل بالنسبة إليها
وراثة بل هو صدفة تحولت إلى حب وحب تحول إلى عشق قائم على الاحترام
والصدق، إنها كما يقول الكتاب، بنت البلد بالروح والنشأة.
وتضيف موريس في كتابها: «إلا أن معالي زايد كانت تعترف بأنها ليست
اجتماعية إلى حد كبير وأن أكثر ما يؤلمها كإنسانة أن تعطي الثقة
لإنسان ثم يخونها، وأن التمثيل كان المتعة الوحيدة لها ولكنه أخذ
منها أشياء كانت تحبها «كالمشي في شوارع القاهرة والذهاب إلى سيدنا
الحسين ومقهى الفيشاوي». أما السينما فكانت تحبها لكنها تخاف منها
ربما لتغير نوعية الجمهور أو ربما لأن السينما كانت تقدم موضوعات
غريبة عليها».
اكتشفها المخرج الراحل نور الدمرداش الذي قدمها للمرة الأولى على
شاشة التلفزيون عام 1976 من خلال مسلسل «الليلة الموعودة». أما آخر
مسلسل لها فكان «موجة حارة» رمضان 2013 وإن كان مسلسل «دموع في
عيون وقحة» مع الفنان عادل إمام من أبرز ما قدمت على الشاشة
الصغيرة، وأيضاً «الحاوي» مع فاروق الفيشاوي وإلهام شاهين و «حضرة
المتهم أبي» مع نور الشريف والذي شاركته فيلمين من أقوى وأجرأ
الأفلام السينمائية «كتيبة الإعدام» و «الصرخة».
وتكمل موريس: «كما أن معالي زايد قدمت عندما اقتحمت عالم السينما
العديد من الأدوار المتميزة التي أثبتت من خلالها امتلاكها موهبة
فنية حقيقية ومقومات الفنانة التي تجيد تشخيص الأدوار الصعبة
والمعقدة. وكان من أول أفلامها السينمائية «وضاع العمر يا ولدي»
1978 للمخرج عاطف سالم. إلا أن الأفلام التي قدمتها مع المؤلف
والمخرج رأفت الميهي تعد من العلامات في السينما المصرية من حيث
جرأة الموضوع والمعالجة وهي أفلام «السادة الرجال» و «سيداتي
آنساتي» و «سمك لبن تمر هندي» مع الفنان محمود عبدالعزيز».
وتذكرنا الناقدة ماجدة موريس بأن معالي زايد في مسيرتها الفنية،
تعرضت لظلم الرقابة مراراً عندما قدمت لنيابة الآداب بسبب مشهد
جمعها بيحيى الفخراني في فيلم «للحب قصة أخيرة» والذي شاركته أيضاً
في واحد من أفضل مسلسلاتها «ابن الأرندلي». كما قدمت معالي زايد
على خشبة المسرح مسرحيات «سكر زيادة» و«أنا والحكومة» و«زقاق
المدق» و«المهزلة» و«من أجل حفنة نساء».
جوائز وتكريمات
نالت معالي زايد العديد من الجوائز وشهادات التقدير، منها عام 1985
جائزة الجمعية المصرية للفيلم عن دورها في فيلم «استغاثة من الجانب
الآخر»، وأيضاً جائزة عام 1986 عن دورها في فيلم «للحب قصة أخيرة».
وهي نالت كذلك جائزة أحسن ممثلة من مهرجان الإسكندرية السينمائي
التاسع عن دورها في فيلم «الزمن الصعب». وجائزة عام 1988 من مهرجان
جمعية الفيلم عن دورها في «السادة الرجال». أما بالنسبة لجوائز
الأعمال التلفزيونية، فنذكر شهادة تقدير من جمعية فناني الشاشة
الصغيرة عن دورها في مسلسل» دموع في عيون وقحة». وشهادة تقدير من
مهرجان القاهرة للإعلام العربي الثالث عشر عن دورها في «الدم
والنار»، وكذلك عن دورها في مسلسل «حضرة المتهم أبي» و «امرأة في
الصعيد الجواني» فضلاً عن تكريمها في مهرجان المركز الكاثوليكي
للسينما المصرية عام 2007 هي التي بلغ رصيدها الفني حوالى 80
فيلماً سينمائياً، و60 مسلسلاً تلفزيونياً، بالإضافة إلى 6
مسرحيات.
وتختتم الناقدة السينمائية ماجدة موريس كتابها بالحديث عن موهبة
معالي زايد التشكيلية قائلة: «وإضافة إلى إبداع معالي زايد في
التمثيل، كان فن رسم البورتريه أحد أبرز هواياتها حيث أقامت معارض
عدة لرسومها التشكيلية، كان أولها بعنوان «الوجه الآخر» والذي
استعرضت من خلاله مجموعة من لوحاتها».
«سلّم إلى دمشق» في اختتام «أيام بيروت السينمائية»
> بعد عروضه في العديد من المهرجانات السينمائية العربية والعالمية
حيث تراوحت ردود الفعل عليه بين الإعجاب والسجالات الحادة، يعرض
مساء غد السبت في قاعة متروبوليس بمجمع صوفيل في بيروت كعرض ختامي
لأيام بيروت السينمائية، فيلم «سلّم إلى دمشق» وهو آخر ما حققه حتى
الآن المخرج السوري محمد ملص الذي تصنّف أفلامه القديمة مثل «أحلام
المدينة» و«الليل» و«باب المقام» بين أفضل ما حققت السينما العربية
في تاريخها. ونعرف الآن أن فيلم محمد ملص الجديد هذا، صُوّر خلال
العامين الأولين للثورة السورية داخل سورية نفسها بين دمشق وطرطوس
وسط أخطار وصعوبات مذهلة... والفيلم على أية حال يتناول بدايات
الثورة قبل أن تتحول إلى مجزرة إرهابية طائفية، من خلال مجموعة من
الشخصيات تتقاسم العيش في بيت دمشقي فسيح، كما تتقاسم العلاقات
والنقاشات حول ما يحدث. «سلم إلى دمشق» هو الروائي الطويل الوحيد
حتى الآن الذي ارتبط بثورة الشعب السوري، ويعتبر معادلاً روائياً
للتسجيلي الأفضل الذي حقق حتى الآن أيضاً عن هذه الثورة، «الماء
الفضي» لأسامة محمد ووسام بدرخان.
سينما 2015 تعيد 12 مخرجاً بعد غياب
القاهرة - سعيد ياسين
تشهد قاعات العرض المصرية خلال العام الجاري عودة الكثير من مخرجي
السينما إلى الساحة، بعد فترات غياب طويلة تراوحت بين العامين
والعشرين عاماً ولأسباب متفاوتة، من بينها انشغالهم بأعمال أخرى،
وتركيز جهات الإنتاج على إسناد إخراج أفلامها إلى مخرجين شباب،
بداعي انخفاض أجور هؤلاء وامتلاكهم تقنيات فنية حديثة.
ويأتي في مقدم العائدين المخرج داوود عبدالسيد الذي يعود بعد غياب
خمسة أعوام مضت منذ قدم فيلمه «رسايل بحر» من تمثيل آسر ياسين
وبسمة ومحمد لطفي، حيث يعرض له قريباً فيلم «قدرات غير عادية» مع
خالد أبو النجا ونجلاء بدر ومحمود الجندي وعباس أبو الحسن.
كـمــا يعـــود طارق العريان بعد غياب 11 عاماً منـــذ أخـــرج
فيلم «تيتو» لأحمد السقا وخالد صالح وحنان ترك وعمرو واكد عام
2004، حيـــث عرض له أخيراً فيلم «أسوار القمر» من تمثيـــل منى
زكــي وآسر ياسين وعمرو سعد، وهـــو فيلم تأجل عرضه أكثر من خمسة
أعوام لأسباب إنتاجية وتسويقية. كما انتهى العريان قبــــل فترة من
تصوير فيلم «ولاد رزق» لأحمد عز وعمـــرو يوسف وأحمد الفيشاوي
ونسرين أمين، ومن المقرر عرضه خلال موسم الصيف المقبل.
أما هاني خليفة، الغائب منذ قدم فيلم «سهر الليالي» من تمثيل منى
زكي وحنان ترك وشريف منير وأحمد حلمي وفتحي عبدالوهاب وعلا غانم
وخالد أبو النجا وجيهان فاضل (2003)، فيعود من خلال فيلم «سكر مر»
مع أحمد الفيشاوي وهيثم زكي وأيتن عامر ونبيل عيسى وناهد السباعي
وشيري عادل.
كما عاد محمد سامي الغائب منذ أخرج الجزء الثالث من «عمر وسلمى»
لتامر حسني ومي عز الدين عام 2013، حيث عرض له خلال إجازة نصف
العام فيلم «ريجاتا» لإلهام شاهين ومحمود حميدة وعمرو سعد وفتحي
عبدالوهاب ورانيا يوسف - راجع مكاناً آخر في هذه الصفحة -.
وبعدما انشغل عادل أديب بالدراما التلفزيونية التي قدم لها خلال
السنوات الخمس الماضية مسلسلي «باب الخلق» و«أبو هيبة في جبل
الحلال» لمحمود عبدالعزيز، و«مكان في القصر» لغادة عادل، يعود إلى
السينما بعد غياب سبعة أعوام من خلال فيلم جديد عنوانه «سعيكم
مشكور» من بطولة أحمد خليل وهالة صدقي ودينا ومجموعة من الوجوه
الشابة.
كذلك عاد محمد أبو سيف بعد غياب عشرة أعوام منـــذ قـدم «خالي من
الكوليسترول» لأشرف عبدالباقي وإلهـام شاهين. أما عودته ففي فيلم
«هز وسط البلد» لإلهام شاهين وفتحي عبدالوهاب وحورية فرغلي.
ورغم توقف تصوير فيلم «الراهب» لهاني سلامة وجمال سليمان وصبا
مبارك وهو من إخراج هالة خليل التي ابتعدت عن السينما منذ قدمت «قص
ولصق» لحنان ترك وشريف منير وفتحي عبدالوهاب، إلا أنها تعود هذا
العام من خلال فيلم «نوارة» من بطولة منة شلبي ومحمود حميدة وشيرين
رضا.
وتعود كاملة أبو ذكري بعد غياب ستة أعوام منذ أخرجت فيلم «واحد
صفر» لإلهام شاهين ونيللي كريم وخالد أبو النجا وأحمد الفيشاوي،
حيث تتولي إخراج فيلم «يوم للستات» لإلهام شاهين ومحمود حميدة
وأحمد الفيشاوي وإياد نصار.
وبعدما ركز نشاطه على التلفزيون طوال الأعوام العشرة الماضية من
خلال مسلسلات «السندريلا» و«الدم والنار» و«نور الصباح» و«نسيم
الروح» و«بالشمع الأحمر» و«ابن موت»، يعود الفنان المخضرم سمير سيف
إلى السينما بدوره، حيث يتولى إخراج فيلم «الجنسية مصري» المؤجل
تصويره منذ فترة ومرشح لبطولته محمود حميدة وسهير البابلي ورامز
أمير، وكان سيف ابتعد عن السينما منذ قدم عام 2003 فيلم «ديل
السمكة» لعمرو واكد وحنان ترك وتأليف وحيد حامد.
أما مجدي أحمد علي فيحضّر للعودة إلى السينما بعد غياب خمسة أعوام
منذ أخرج «عصافير النيل» لفتحي عبدالوهاب ودلال عبدالعزيز ومحمود
الجندي وعبير صبري عن قصة لإبراهيم أصلان، حيث يصور قريباً فيلمه
الجديد «الدنيا أجمل» الذي لم يستقر على أبطاله في تشكيلتهم
النهائية.
ويظهر خلال العام الحالي المخرج محمد راضي بعد غياب 23 عاماً مضت
على تقديمه عام 1992 فيلم «الحجر الداير» لحسين فهمي وإلهام شاهين
وليلى علوي وصفية العمري، حيث يعرض له قريباً فيلم «حائط البطولات»
لمحمود ياسين وفاروق الفيشاوي وأحمد بدير وخالد النبوي وحنان ترك،
وهو الفيلم الذي تأجل عرضه لأكثر من 15 عاماً قبل أن يعرض في
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة.
ويحضر عمرو عرفة الذي كان آخر أفلامه السينمائية عام 2013 «سمير
أبو النيل» لأحمد مكي ونيكول سابا ومحمد لطفي وحسين الإمام، لفيلم
جديد يعود به إلى السينما بعدما أخرج للتلفزيون في رمضان الماضي
الجزء الأول من مسلسل «سرايا عابدين» ليسرا وقصي خولي ونيللي كريم
وصلاح عبدالله وغادة عادل وأنوشكا.
السينما على الورق المصقول في «نزوات امرأة شيطانية»
ماذا يمكنك أن تفعل حين تكتب سيناريواً لفيلم سينمائي تريد مهما
كلف الأمر أن يصل إلى الناس؟ الجواب البديهي هو تحويل السيناريو
إلى فيلم. فهذا هو مبدئياً مآل كل سيناريو. وقد يكون الفيلم
سينمائياً وقد يكون تلفزيونياً... ليست هذه هي المشكلة. المشكلة
تبدأ حين تنتفي أية إمكانية لتحويل النص من المكتوب إلى المرئي.
عند ذاك يكون أمامك حل واحد: تصدر السيناريو في كتاب فيتحول إلى
عمل أدبي... في انتظار ظروف أفضل. وهذا ما فعله الزميل الناقد
اللبناني ظافر هنري عازار إذ أصدر أخيراً، في طبعة بالغة الأناقة،
نصّ سيناريو عنوانه «نزوات امرأة شيطانية» في أكثر من 300 صفحة من
القطع الكبير. طبعاً لن تكون قراءة السيناريو في حاله هذه سهلة إلا
للعارفين بتقنية الكتابة السينمائية، ومع هذا لا بد من تحية هذه
المبادرة التي تكشف عن حب للسينما ورغبة في مواصلة الاحتكاك بها
لناقد، تفيدنا صفحات الكتاب أن له عشرات الكتب والدراسات
والسيناريوات ولا يزال مصراً على العطاء...
هيو جاكمان: أقع في غرام شريكاتي الممثلات... أفلاطونياً
باريس - نبيل مسعد
هيو جاكمان (47 سنة)، أحد ألمع نجوم السينما الهوليوودية الحديثة،
وهو أسترالي الأصل، مثل نيكول كيدمان وناومي واتس وراسل كرو، أي من
فئة هي من أكثر الممثلين السينمائيين العالميين موهبةً وجاذبيةً.
وقد لمع جاكمان في أعمال مثل «أستراليا» و«فان هلسينغ» و«سكوب»
و«البؤساء» وسلسلة أفلام «إيكس مين» التي لا تزال تصوّر الأجزاء
المكملة لها، وهو يشارك دوماً أجمل النجمات على الشاشة، مثل
سيغورني ويفر التي تتقاسم معه بطولة فيلم «تشابي»، النازل حديثاً
إلى صالات العرض الدولية، والذي أخرجه الجنوب أفريقي نيل بلومكامب.
ولمناسبة العرض الافتتاحي الباريسي لهذا الفيلم بالتحديد، التقت
«الحياة» جاكمان وحاورته.
·
حدّثنا عن فيلمك الجديد «تشابي»، وعملك إلى جوار النجمة سيغورني
ويفر؟
- الفيلم من النوع الخيالي المستقبلي، لكنني أعتبره، إضافة إلى
ذلك، بمثابة دراسة تحليلية لكيفية تصرف البشر تجاه بعضهم البعض
وتجاه إيمانهم الديني المزعوم ومعتقداتهم، ذلك أن الفيلم يروي
كيفية قيام الحكومات في المستقبل بتبديل سلطات الأمن بأجهزة آلية
من نوع الروبوت التي تطيع الأوامر، وتقبض على المجرمين من دون
تمييز بين موقف وآخر أو شخص وآخر. والروبوت طويل العمر بل أبدي لا
يعرف الموت، الأمر الذي يوفر على الدولة الملايين في ما يخصّ
التقاعد، وكلفة تدريب رجال الشرطة، وكل الأوامر الهامشية المتعلّقة
بتأمين الأمن للمدنيين. والفكرة هائلة في حدّ ذاتها، لكن نتيجتها
في النهاية سقوط العديد من الضحايا، نظراً الى كون الروبوت عديم
التمييز وعبارة عن آلة مطيعة. ويتعرّض الفيلم لفكرة ثانية أيضاً،
هي تطوّر الروبوت، واكتسابه عنصر الذكاء، والقدرة على التحليل إذا
ركّبنا في رأسه عقل إنسان ميت. فالفيلم في نظري أكثر من عمل
سينمائي مسلٍّ، وهو يدعو إلى التفكير في نتيجة السباق المستمر الذي
لا يعرف الحدود، والذي نخوضه نحن البشر من أجل التقدم التكنولوجي.
وعن عملي مع سيغورني ويفر، فهو دار في جو إيجابي من الوفاق
والتقدير المتبادل. أنا من أشد المعجبين بها في سلسلة أفلام
«إليان» وذلك منذ سنوات طويلة، لكنني لم أبح لها بهذا الشعور أبداً
كي لا أمنحها أدنى سلطة سيكولوجية عليّ.
·
هل تعتقد أنها كانت ستمارس سلطة معينة عليك في حال تصريحك لها بهذه
الحقيقة؟
- الشخص المعجب بشخص آخر يجــد نفسه دومـاً فـــي حالـــة من الضعف
أمامه، وأنا فضّلت تفادي هذا الموقف.
·
أنت بطل السينما الحديثة، ولا شك في كون أفلامك تعتمد إلى حد كبير
على وسامتك وجاذبيتك، غير موهبتك الفذة بطبيعة الحال والتي تسمح لك
بالتنويع في أدوارك، فما رأيك في موضوع قدرة مظهرك على جلب أحلى
الأفلام لك؟
- نجاحي في العمل السينمائي يعود في رأيي، إلى إصابتي بفيروس
التمثيل، ورغبتي في ممارسته، وكوني تعلمته طبقاً لأصوله مثل أي
ممثل آخر، بصرف النظر عن قدرة ملامحي على فتح الأبواب أمامي. لكن
من ناحية ثانية، فالجميع يعرف أن مهنة التمثيل مبنية أيضاً على
الشكل الخارجي للفنان، إلا أن هذا الأخير إذا فقد عنصر القدرة على
الأداء، لا يتمتع بأدنى قيمة، والدليل هو وجود عشرات بل مئات
الممثلين والممثلات أو الذين يدعون أنهم كذلك لمجرد أنهم من أصحاب
الملامح الجذابة، يسقطون في بحر النسيان بعد ظهورهم في فيلم واحد
أو فيلمين على الأكثر، أو يتجهون الى لون المغامرات أو الإثارة
الرخيصة، حيث يعثرون على إمكانات للعمل إلى حدّ بلوغهم سن الثلاثين
أو أقل من ذلك في بعض الحالات. جاذبية المظهر لا بد من أن ترافقها
شخصية قوية، وإلا باتت فارغة وسطحية، ومع ذلك كله أعرف أنني مدين
لملامحي بأدواري، لكنني أيضاً مدين لطاقتي الفنية وذكائي في طريقة
استخدامي هذه الملامح. والذكاء نفسه هو الذي يسمح للرجل ذي الملامح
الوسيمة، بجذب الجنس الناعم إليه.
·
هل تقصد أنك كثيراً ما تلجأ إلى ذكائك في علاقاتك العاطفية؟
- فعلت ذلك وتعرفت الى المرأة التي صارت شريكة حياتي وأم أولادي،
وهذا يكفيني ويزيد.
الفرنسية بطلاقة
·
هل وقعت في غرام باريس بعد قيامك بأداء أحد الأدوار الرئيسية في
فيلم «البؤساء»، المأخوذ عن رواية فيكتور هوغو؟
- نعم ولا، فأنا كنت سابقاً أعرف فرنسا جيداً، وكنت أعشق القدوم
إلى باريس وتمضية وقتي بين متاحفها ومطاعمها وساحاتها الفريدة من
نوعها في العالم كله، وفق اعتقادي الشخصي، لكن هذا الحب السياحي
شبه العادي، تحوّل إلى لهفة عقب مشاركتي الفنية في «البؤساء». وقد
أصبحت فرنسا، وباريس بخاصة، وطني مثل أستراليا تماماً، وأنا أمضي
الكثير من وقتي في فرنسا في الحقيقة، وصرت أتكلم اللغة الفرنسية
بطلاقة.
·
هل أنت مولع بأدوار المغامرات، مثل شخصية «وولفرين» التي تؤديها
دورياً في سلسلة أفلام «إكس مين»؟
- نعم، فهذا اللون من الأفلام هو الذي غرس في نفسي حب السينما في
أثناء طفولتي، مثل جميع الصغار تقريباً. وعندما أجد نفسي الآن أمام
الكاميرا أؤدي شخصية مغامر أو شرير أو عميل سري شجاع أو كائن خيالي
مستقبلي، أتذكر أيام الصبا وأعتبر نفسي في حلم أو على الأقل في حلم
تحوّل إلى واقع، وأقول إن الحظ حليفي في هذه الدنيا.
·
هل يعني كلامك أنك تلعب أمام الكاميرا مثل الطفل الذي يلعب مع
رفاقه؟
- نعم، هذه هي الحال تماماً، إلا أنني أضع بعض الجدية والروح
المهنية في الموضوع، ما لم أكن أفعله في صباي طبعاً.
·
ماذا عن الأدوار الأخرى؟
- كل الأدوار تحتاج إلى لعب، لكن بعضها لا يمكن مقارنته بألعاب
الصغار، الأمر الذي لا يمنعني من تقديرها، بل أكثر من ذلك فأنا
أشترط التنويع المستمر في أفلامي، وأفضّل البقاء فترات طويلة بلا
عمل عن الظهور في أدوار تشبه بعضها البعض وتمنح جمهوري الانطباع
بأنه يراني في شخصيات تكرّر ذاتها.
على حساب راحتي
·
وكيف تتصرف كي تتفادى موضوع التخصّص، الذي غالباً ما يتعرّض له كل
ممثل في يوم ما؟
- أرفض السيناريوات التي أتسلّمها والتي تشبه في مضمونها أي فيلم
آخر أكون قد شاركت فيه سابقاً.
·
أنت مثلت مع أجمل نساء هوليوود وأوروبا وأستراليا، مثل نيكول
كيدمان وجنيفر لورانس وسيغورني ويفر وآن هاثاواي وغيرهن، فمن هي
التي لفتت انتباهك أكثر من غيرها؟
- هذا سؤال شخصي جداً، لكنني سأردّ عليه قائلاً إنني أقع في غرام
كل ممثلة أشاركها بطولة أحد أفلامي، وذلك لمصلحة العمل طبعاً، وفي
شكل أفلاطوني بحت، علماً أن هذا الحب ينتهي في يوم انتهاء تصوير
الفيلم. أما علاقاتي الشخصية، فلا أمزجها بعملي إطلاقاً، لا في
الصداقة ولا في الحب خصوصاً، وهذا درس تعلمته على حساب راحتي
وسلامتي العقلية في المرحلة الأولى من حياتي المهنية، إضافة إلى
أنني رب أسرة، مثلما ذكرت آنفاً، وأنا مخلص لزوجتي وعائلتي.
·
لكن، من هي الممثلة التي تركت بصمات أو ذكريات حلوة في خطاك
السينمائية؟
- نيكول كيدمان التي شاركتني بطولة فيلم «أستراليا»، فهي نجمة
عالمية مرموقة وفي الوقت نفسه امرأة متواضعة وقنوعة ولطيفة، فأنا
حاولت العثور فيها على عيب واحد ولم أنجح، وهذا كله غير جمالها
الفذ بطبيعة الحال، وهي أسترالية مثلي.
الإثنين، ١٦ مارس/ آذار ٢٠١٥
هيو جاكمان يكشف عن أصوله التركية
اسطنبول - إفي
كشف الممثل الاسترالي الشهير هيو جاكمان، المعروف بدوره في سلسلة
أفلام الرجال الخارقين "إكس مين" اليوم (الاثنين) في اسطنبول، عن
أصوله التركية.
وفي تصريحات صحافية، قال جاكمان "لقد قضى جدي جزء من حياته في
اسطنبول قبل أن يتزوج بإمرأة انكليزية ويهاجر إلى انكلترا". وأضاف
مازحا "لا نعرف ما إذا كان يونانياً أو تركياً، لكننا نستطيع القول
إنه كان تركيا. ويعجبني احتساء القهوة التركية في الصباح".
ويشارك جاكمان في عرض موسيقي بعنوان "ليلة مع هيو جاكمان" في مجمع
"زورلو سنتر" اعتباراً من اليوم وحتى يوم الجمعة المقبل، وسيغني
ويرقص على بعض أغانيه الناجحة من مسيرته الموسيقية في مسارح
برودواي.
يشار إلى أن هذا العرض أطلق للمرة الأولى في العام 2011 تحت أسماء
أخرى في سان فرانسيسكو ونيويورك. وتعتتبر هذه الزيارة الثانية
لجاكمان بعد زيارته الأولى منذ 19 عاما مع زوجته. |