يُثير كتاب "الرقابة على السينما .. القيود والحدود" الذي أعدّه
وقدّم له الناقد السينمائي حسين بيّومي عدداً من الأسئلة الجوهرية
التي تتعلق بأهمية الرقابة على الأفلام السينمائية، ودورها
وتأثيرها على المجتمع بكل مستوياته الثقافية والاجتماعية، وآلية
انعكاسها على المبدع والمتلقي من جهة وعلى الخطاب البصري من جهة
ثانية.
يؤكد المُعدّ في مقدمته بأنّ "الحرية كانت ولا تزال المطلب
المُلِّح دوماً للإنسان: حُرية أن يُفكِّر وأن يُعبِّر وأن يتلقّى
العالم، ويتفاعل مع الوجود والواقع دون قيود أو حدود". وهو لا
يُطالب بإلغاء الرقابة بشكل مطلق وإنما يبحث عن مفهوم جديد أو
تصوّر مختلف لها كأن تتكوّن هيئة "رقابية" غير خاضعة لسلطة الدولة
وقد أجمع غالبية النقاد على أن تضمّ هذه الهيئة أعضاء من نخبة
المجتمع وصفوته المثقّفة التي تُكرِّس الجوانب الفنية وتنتصر لحرية
التعبير والتلقّي.
تأتي أهمية هذا الكتاب من تنوعه حيث يضمّ بين دفتيه عدداً من
المقالات الرصينة، والشهادات النوعية، والحوارات الجريئة، والتجارب
المعمّقة، والوثائق الحساسة، هذا إضافة إلى الندوة المهمة التي
أثار فيها المشاركون العديد من الأفكار المتنوعة التي تناغمت حيناً
واختلفت في أحايين أخر.
تصدرت محور المقالات الست مقالة الناقد السينمائي أمير العمري التي
جاءت تحت عنوان "الرقابة في عالم جديد" حيث ركّز فيها على ثقافة
عصر الكومبيوتر، وطالبَ فيها بإعادة النظر في مفاهيم ما يسمّى
بجهاز "الرقابة" على المصنّفات الفنية، وتساءل عن السبب الذي يدفع
هذا الجهاز لوضع فن السينما إلى جانب عروض الفانوس السحري وشرائط
الكاسيت والمسرحيات والأغاني والمعارض وما إلى ذلك من أنواع فنية.
وشدّد على ضرورة تنظيم عروض السينما وليس مراقبتها ومنعها. كما
حرّض المعنيين على التفكير بـ "تحديث" نظرة الرقابة على السينما.
فهو يرفض هذه التسمية رفضاً قاطعاً ويُطالب بإزالتها، ويدعو إلى
تبنّي نظام تصنيف الأفلام بدلاً عن مراقبتها. فالأفلام، من وجهة
نظره، بشتّى أنواعها لا يمكن أن تُعامَل مُعاملة واحدة طالما أنها
سوف تُعرض في صالات عامة الأمر الذي يستدعي فرزها وتصنيفها حسب
نوعية الجمهور الذي يتلقاها كخطاب ثقافي وفني أو كمادة ترفيهية، أو
كمادة تجمع بين ما هو ثقافي وترفيهي في آنٍ معاً. ويقترح أن تكون
هناك لجنة من صفوة المجتمع تجيز الأفلام التي نشاهدها وسوف تكون
هذه اللجنة في كل الأحوال أفضل بكثير من سلطة رقيب واحد قد لا يكون
مثقفاً بالضرورة وإنما ينتمي إلى الموظفين العاديين الذين لم
يكرسوا حياتهم للثقافة البصرية على وجه التحديد.
لم يدعُ العمري، مثل نقادٍ وفنانينَ آخرين، إلى إلغاء الرقابة
لأنها دعوة طوباوية ولا تمتّ إلى الواقع بصلة بل دعا إلى تطويرها
وتحديثها برؤىً ومفاهيمَ جديدة أكثر مرونةً وأقلّ تشدّدا. ورأى أن
تصنيف الأفلام سوف يحلّ الكثير من المشاكل، ولو كان هذا التصنيف
مُطبّقاً لما استبعدت الرقابة نحو عشرين دقيقة من فيلم "جمال
أمريكي" للمخرج البريطاني سام منديز الذي فاز عنه بجائزتي
الأوسكار والجولدن جلوب.
في مقاله "الرقابة على السينما في مصر. . الضرورة وحدود الحرية"
يُقسِّم الناقد حسين بيومي الرقابة إلى ثلاثة أنواع وهي الرقابة
الذاتية، ورقابة جهة الإنتاج، ورقابة الجمهور ويعتبر الرقابة
الذاتية عند من يكتب للسينما أشدُّ قسوة وأكثر صرامة من رقابة
الإنتاج ورقابة الجمهور لأنها تُوقِع الكاتب في الكتابة النمطية
التي تستجيب لمتطلبات السوق ولا تلبّي الاشتراطات الفنية
والإبداعية.
يشير بيومي إلى أنّ الرقابة في مصر كانت أولاً على الأفلام
السينمائية التي تُعرض في الصالات السينمائية خشية أن يكون فيها
تحريض ضد النظام السياسي والاحتلال البريطاني والقيم السلفية، ثم
تواصلت مع ظهور الإنتاج القومي الذي بدأ يحاور المجتمع، ويحطِّم
التقاليد، ويخرج على ما هو سائد ومألوف.
يعتقد بيومي أن الحاجة إلى الرقابة تقلّ وتتضاءل إلى حدودها
الدُنيا كلما زادت مساحات حرية التعبير أمام الأفراد والجماعات.
وهو لا يدعو إلى إلغاء الرقابة تماماً وإنما إلى تطويرها وتحديثها،
وهي دعوة مشابهة تماماً لدعوة العمري. كما يناقش في مقاله بنود
المادة الثانية من قرار رقم 220 لسنة 1976 التي تخلط بين الثوابت
التي لا خلاف عليها الخاصة بالمحافظة على ما يتعلّق بالمعتقدات
الدينية مُشكِّلةً لائحة مخيفة عن مراسم الجنازة، وتحبيذ الانتحار،
والعُري البشري، والمناظر الخليعة، والمشاهد الإيروسية التي تنطوي
على الإثارة والشبق وما إلى ذلك بينما يعتقد الكاتب أن هناك نقطتين
مهمتين وهما ما يخدش المعتقدات الدينية ومصالح الدولة العليا وعلى
رأسها الحرص على الأمن العام. يقترح بيومي إحياء العمل بقانون دخول
الأحداث الذي تقاعست الرقابة في تطبيقه منذ الستينات وحتى يومنا
هذا أو استحداث مرحلة عمرية أخرى. كما يطالب بتعديل القرار 220
لسنة 1976 وخاصه بنوده العشرين التي تكاد تحرّم تصوير كل شيئ.
وفي السياق ذاته أكدّ على تطوير جهاز الرقابة وإلغاء تبعيته لوزارة
الثقافة وإسناده إلى هيئة مستقلة معززة بالحصانة التي لا تجعل
أعضاءها يمْثلون أمام القضاء، وتطعيم لجنة الرقابة بنخبة مثقفة
ليبرالية تُشكِّل على الأقل نصف عدد اللجنة الرقابية.
قدّم المخرج والناقد السينمائي هاشم النحاس "لمحات من تاريخ القمع
للسينما المصرية" مُستهِلاً مقاله بإدراج السينما ضمن "الملاهي" في
قانون الرقابة على المطبوعات الصادر عام 1891 والذي عُدِّل عام
1914، حيث وضع هذا القانون كل العاملين في حقل السينما موضع الشبهة
وعزَل الفنانين السينمائيين عن أصحاب الرأي.
أورد النحاس العديد من الأمثلة التي تعزز رأيه في القمع الذي
تعرّضت له السينما المصرية خلال عقود طويلة من بينها فيلم "زينب"
للمخرج محمد كريم الذي صُوِّر صامتاً عام 1930، ثم ناطقاً عام 1950
لكنه فُرض عليه في الحالتين أن تكون القرية نظيفة، كما اضطرّوه لأن
يبتعد عن أي رأي اجتماعي مغاير لما هو سائد.
أشار
النحّاس إلى تدخّل الأزهر عام 1926 حينما أصدر تحريماً يمنع فيه
تصوير الرسل والأنبياء ورجال الصحابة وأهل البيت جميعاً بعد أن
قرأوا خبراً عن النية في إنتاج فيلم عن شخصية النبي محمد صلى الله
عليه وسلّم. وما إن سمع الفنان يوسف وهبي عن هذا التحريم حتى أعلن
عن براءته من الدور المسنود إليه. وفي السياق ذاته صادرت الرقابة
فيلم "لاشين" عام 1938 لأن وكيل وزير الداخلية رأى فيه مساساً
بالذات الملكية ونظام الحكم، ولولا المكانة الكبيرة التي كان يحظى
بها طلعت حرب باشا لما قُدِّر لهذا الفيلم أن يرى النور ثانية.
وحينما أُنجزت أفلام مثل "العزيمة" 1939، و "العامل" 1943 و "السوق
السوداء" 1945 أصدرت الدولة تعاليم جديدة للرقابة لا تجيز فيها
الإخلال الاجتماعي للثورات والمظاهرات والأحزاب ولا تسمح بإظهار
رجال الدين بشكل غير لائق، كما لم تسمح بالإساءة إلى سمعة مصر
والبلدان الصديقة. كما طبّقت محظورات 1947 على فيلمي "مسمار جحا"
لإبراهيم عمارة و "مصطفى كامل" لأحمد بدرخان، الأول بحجة تعريضه
بالطبقة الحاكمة، والثاني بدعوى عدم الدقة والحذر في ذكر مشاهير
العظماء.
يرى النحّاس أن القانون الجديد 430 لسنة 1955 قد اقتصر على صياغة
الهدف بعبارات مطّاطة يصعب تحديدها وهي "حماية الآداب العامة،
والمحافظة على الأمن والنظام العام، ومصالح الدولة العليا" الأمر
الذي أدّى إلى انحسار السينما في حدود نقد الماضي وإغفال الحاضر.
ويقترح النحّاس بضرورة فصل الرقابة عن السلطة التنفيذية ومنحها
الاستقلال والحماية، وأن تقتصر مهمتها على تصنيف الأفلام إلى ما
يصلح للكبار فقط، وما يصلح للجميع حماية للأطفال الذين يستحقون
وحدهم الحماية، وهو مقترح مُشابه لما دعا إليه العمري وبيومي.
نبّه الناقد أحمد عبد العال في مقاله المعنوّن "حِراك الجمهور
والمحاذير غير المُعلنة" إلى أن الجمهور هو المُستهدف بالرقابة
وليس السينما. ويرى أن نشأة وقيام الرقابة على الصحافة والمسرح
تعود إلى سلطة الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 حيث لعبت دوراً
مهماً في تحيّيد السينما المصرية واستبعادها لمشاكل الفقراء
والأثرياء على حد سواء الأمر الذي أفضى بجمهور السينما إلى العزلة
والحيادية والحصار المعرفي والذهني. يعتقد عبد العال بأن الرقابة
قد جعلت من المصريين متفرجين على قضاياهم الرئيسية ومشكلاتهم
الجدية، ومنفيين ومستبعدين عنها إلى الدرجة التي أصبح فيها الوطن
الغائب الأول في كل الأحوال.
يشير عبد العال إلى أن الرقابة على الأفلام في مصر قد أنشئت عام
1914 وظلت تابعة لوزارة الداخلية حتى عام 1930. ويعتقد بأن الرقابة
سوف تبقى وتستمر وقد طالت اللاوعي بعد أن أجهضت الوعي وتمكنّت منه.
تساءل المخرج والناقد صبحي شفيق في مقاله الموسوم "الرقابة أجهزة
لقمع الشبكة المعرفية" إن كان مفهوم الرقابة قد انبثق من التربة
المصرية؟ فجاء الجواب بالنفي السريع معتمداً في هذه الإجابة
الخاطفة على المعلومات التي جمعها الناقد سمير فريد. تتمثل بنود
هذه الشبكة المعرفية بأربعة مواصفات وهي: "خلق نجوم يتحولون إلى
أوثان، وتملّق الوجدان الديني الغيبي، وتحويل النزاعات الإجرامية
إلى أعمال بطولية، وتمجيد المغامرين النازحين إلى الغرب والإشادة
بدورهم التاريخي في إبادة ورَثة حضارات الأنكا والمايا العريقة ممن
يطلقون عليهم تسمية الهنود الحمر". ويرى شفيق أن هذه الشبكة تنبع
من عقلية تؤمن بالتخطيط والنمو الثقافي التدريجي التي تمثل رقابة
الدولة، وهي رقابة تماثل على مستوى العقل ما تمارسه الرقابة على
الأطعمة والمستوردات على مستوى الجسد والصحة البدنية.
يمكن اختصار "هذا ما حصدناه" وهي المقالة السادسة والأخيرة لسلوى
بكر التي ترى بأن الرقابة لا يمكن عزلها عن جملة من التدابير
المنحدرة من جذر واحد هو القمع، وأن المخوّلين بالرقابة هم في
العادة أناس لا علاقة لهم بالفن أو الإبداع، بل هم في الأعم
الأغلب، معادون لكل ذلك.
شهادات
يضم محوّر شهادات خمس شهادات مهمة وهي على التوالي للروائي نجيب
محفوظ ومصطفى درويش والمخرج توفيق صالح، والمخرجة عطيات الأبنودي
والمخرج السوري محمد ملص. وقد أدلى كل واحد منهم بدلوه. فالروائي
الكبير نجيب الحائز على جائزة نوبل للأدب يرى أن الرقابة ضرورية
وهذا ما نستشفه من عنوان الشهادة التي بيّن فيها أن الرقابة تدْرسُ
جيداً الأعمال المُقدَمة لها، وهي ليست رقابة تعسفية. وقد صرّح غير
مرة قائلاً: "نحن نعمل لخدمة الفن ولسنا بوليساً عليه".
ذكرَ محفوظ بأن بنود الرقابة محددة وهي ليست موضع خلاف. فالرقابة
تمنع الإساءة للدول الصديقة، فعرض فيلم سينمائي يسيئ لليابان التي
ساندت مصر ووقفت ضد الولايات المتحدة الأميركية أمر لا تقبل به
الرقابة المصرية، بل إن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نفسه قد أمر
بسحب الفيلم من صالات السينما المصرية برمتها بسبب موقف اليابان
المؤازر لمصر. أما البند الذي يُختَلف عليها فهو "الآداب العامة"
لأنه عائمٌ ومطّاط.
يعتقد محفوظ أن الرقابة على الفيلم أهم بكثير من الرقابة على
الكتاب ذلك لأن جمهور الفيلم واسع وكبير وهو، أي الفيلم، يدخل في
كل بيت تقريباً، أما جمهور الكتاب فهو محدود، ولا يقرأه غير
المثقفين، إن قرأوا، فلا غرابة أن يطالب بتخفيف الرقابة على
الكتاب، وتشدّيدها على الفيلم.
وصفَ مصطفى درويش نفسه في شهادته بأنه "رقيب متمرد". وخلال سنتين
وهي مدة خدمته الكلية كمدير للرقابة على المصنفات الفنية اطلّع على
64 محظوراً تتعلق بالنواحي الاجتماعية والأخلاقية من جهة، ونواحي
الأمن والنظام من جهة ثانية وهي جميعها تحدّ من حرية تعبير
السينمائيين، ولم تترك هذه المحظورات صغيرة وكبيرة لها اتصال
بالدين والجنس والنظام القائم إلاّ ووضعتها في دائرة المنع
والتحريم.
يعتقد درويش بأنه أتاح الفرصة لأفلام كثيرة كانت ممنوعة لا للأسباب
الرقابية المنصوص عليها قانوناً، وإنما لأسباب أخرى من بينها
الخشية من كل جديد. ومن بين الأفلام التي أباح مشاهدتها للمتلقين
"هيروشيما حبيبتي" لألن رينيه، و "الجماعة" لسيدني لوميت، و
"الربيع الروماني للسيدة ستون" لجوزيه كوينتيرو، و "فيدرا" لجوزيه
داسن.
لم تكن تجربة توفيق صالح مع الرقابة مشجعة حيث تخللها العديد من
المشاكل ففي فيلم "صراع الأبطال" طلبوا منه حذف 17 مشهداً لكن مدير
الرقابة محمد علي ناصيف أبقى على مشهد واحد لمناقشته مع المخرج حيث
نرى أناساً يجمعون القمامة بهدف تقديم النافع منها كطعام إلى أهل
القرية ورأوا فيها إساءة للمواطنين المصريين.
امتدح صالح الرقيب وقال إنه ملّم بالجوانب الدرامية وتطور العلاقات
في بناء الفيلم للوصول إلى أغراضه الفنية. كما توقف صالح عند فيلم
"السيد البلطي" الذي طبع منه ست نسخ بعد موافقة الرقابة عليه شرط
أن يحذف منه أحد المشاهد. وقد عُرض الفيلم قبل الموعد المُتفق
عليه، ورافق عرضه كتابة نقدية مريرة وكلام بذيء ينال من شخصية
المخرج الأمر الذي أحبط صالح وأوقعه في دائرة اليأس. وقد وصف أحد
الأشخاص هذا الفيلم بمنتهى الانحطاط، ويبدو أن الرقابة لم تحذف
اللقطات التي كان يتوجب حذفها. وقد وُصِف المخرج بالتحايل والخداع
وتبديد أموال دافعي الضرائب الأمر الذي دفعه لقبول دعوة إلى سوريا
لإخراج فيلم "المخدوعون". لم يخلُ فيلم "المتمردون" من مشاكل لكن
الوزير ثروت عكاشة طلب منه أن يحيل بداية الفيلم إلى ما قبل الثورة
وأن يغيّر النهاية بالطريقة التي يراها مناسبة كي يقوم الطرفان
بحماية بعضهما بعضاً. أما فيلم "يوميات نائب في الأرياف" فقد تدخل
الرئيس جمال عبد الناصر ومنع حذف أي كادر من كوادر الفيلم، وأخبر
الجهات المعنية فيما إذا كانت المؤسسة تستطيع أن تُنتج أربعة أفلام
بهذا المستوى فإنه سوف يُضاعف الميزانية، لكن المخرج توفيق صالح
يختم شهادته بهذا التساؤل المقنع: هل أن رقابة الأفلام هي من
واجبات رئيس الجمهورية؟ وهل لديه الوقت الكافي للقيام بهذه
الرقابة؟
تساءلت المخرجة عطيات الأبنودي بكثيرٍ من الألم في شهادتها
المعنوّنة "أيهما أشدّ قسوة: رقابة الحكومة أم رقابة النقاد
السينمائيين؟" وقد أثارت هذا السؤال الجوهري انطلاقاً من تجربتها
الشخصية التي تُوجّت بخمسة وعشرين فيلماً وثائقياً وثلاثة كتب
إضافة إلى عدد كبير من الندوات والمهرجانات السينمائية والحوارات
الصحفية واللقاءات التلفازية التي غطّت تجربتها في حقلي الإخراج
السينمائي الوثائقي والكتابة في شؤون السينما وشجونها.
لقد تعرّضت الأبنودي بسبب أفلامها المثيرة للجدل إلى انتقادات حادة
لم يتعرض لها أي سينمائي مصري بحيث وصل الأمر إلى تشويه سمعتها
الفنية والتشكيك بانتمائها للوطن! أثارت الأبنودي في كل أفلامها
جدلاً واسعاً على مدى أربعة عقود ويزيد فحينما وضعت لمساتها
الأخيرة على فيلم "حصان الطين" 1971 اتُهمت بالإساءة إلى مصر
والمصريين لأنها صوّرت أناساً بسطاء يعملون في مشغل لصناعة "الطوب"
حيث اعترضت الرقابة على لقطة لطفل يتناول طعاماً بسيطاً بينما كان
أنفه يسيل أمام أعين المشاهدين الأمر الذي أثار حفيظة الرقابة ووخز
حساسيتها المرهفة مما دفع القائمين عليها إلى حذف تلك اللقطة
المُستفزة لمشاعرهم الوطنية! وفي فيلم "الساندويتش" 1975 اعترضت
الرقابة على مشهد كلب هزيل يدخل إلى الكادر وكان اعتراض الرقيبة
مُنصبّاً على شيئين وهما "فقر المكان وهزالة الكلب!".
أما فيلم "الأحلام الممكنة" 1982 الذي عُرض في برلين فقد أثار
حفيظة أحد المشاهدين الذي كتب مقالاً عنوانه "مخرجة مصرية تسيء إلى
سمعة الوطن" لأن الفيلم يتناول قصة فلاّحة مصرية من ضواحي مدينة
السويس هُجِّرت هي وعائلتها إلى منطقة أبيس في الإسكندرية! ترى أين
الإساءة إلى الوطن إذا كانت الحكومة المصرية هي التي قامت بعملية
التهجير؟ لم ينجُ فيلم "اللي باع واللي اشترى" من حدة الانتقادات
التي كتبها صحفيون عابرون يفتقرون إلى الحسّ السينمائي. فالفيلم
يدور حول الأرض التي استصلحها الفلاحون المصريون ثم اشترتها الطبقة
البرجوازية "المتوحشة" وحوّلتها إلى فيلات فاخرة للراحة
والاستجمام. تعتقد الأبنودي أن أسباب المنع سياسية ربما لكونها
شيوعية أو معارضة لأنظمة الحكم المتتابعة فلا يصحّ لأن يشاهد الناس
أفلاماً شيوعية تتحدث عن الفقراء ومشاكلهم اليومية التي تستفز
الرأي العام. ذكرت الأبنودي بأن التلفزيونات المصرية لم تعرض
أفلامها منذ عام 1971 حتى أيام الديمقراطية عام 1996.
كما حُرمت هي شخصياً من تدريس الطلاب ونقل خبرتها إليهم في المعهد
العالي للسينما الذي منع هو الآخر عرض أفلامها حتى ولو من باب
العلم بالشيئ كي يتفرج طلاب السينما على كيفية صناعة فيلم شيوعي في
الأقل!
لا تختلف معاناة المخرج السوري محمد ملص عن أشقائه المصريين ففي
مقاله الموسوم "مفكرة فيلم ممنوع من العرض" يحدِّثنا ملص عن
ذكرياته في تصوير فيلم وثائقي يتمحور على الغناء الشعبي لمنطقة سد
الفرات لكنه صوّر في الوقت ذاته من دون موافقة الجهات الرسمية
مشكلة التملّح التي تشغل بال الفلاحين واحتفظ بالأشرطة المصورة في
خزانة سرّية. حثّه المدير العام على الإسراع في إنجاز الفيلم كي
يرسلوه للمشاركة في مهرجان الفنون الشعبية في موسكو ولكن صدمة
المسؤولين كانت قوية جداً حينما شاهدوا فيلم "فرات" حيث قالت عنه
رئيسة الدائرة الثقافية ـ "أنه محاولة متعثرة" فيما وصفه مدير
التلفزيون بالفيلم "المتشائم" حيث زوّد عياراته النقدية الأمر الذي
دفعهم إلى سحب الفيلم من مهرجان دمشق السينمائي، لكن أصوات 85
محتجاً من الضيوف قد تعالت على قرار سحب الفيلم وحجبه.
وحينما بلغ الاحتجاج ذروته شاهد وزير الإعلام الفيلم وأعرب عن
استيائه خصوصاً بعد أن اطلّع على الوثائق واكتشف أن هناك فارقاً
كبيراً بين ما كتبه وما نفّذه فاتهمه بالخداع والتحايل. وعلى الرغم
من تلك الضجة الكبيرة التي أثارها منع الفيلم إلاّ أن جميع
المخرجين السينمائيين والتلفزيونيين شاهدوا فيلم "فرات" الأمر الذي
أفضى بالضرورة إلى أن يقطع الشعرة الهشّة المتبقية من الصداقات
التي ربطته بعدد من الشخصيات الإدارية. وقد اعتبر ملص هذه الدقائق
الـ 34 الممنوعة والمحاصرة شوكة في حلق النظام على الرغم من أنها
حملت في روحه وشماً من العذاب.
الأزيز الذي يَسبقُ النيران
محمد موسى
يُعَدّ فيلم "درون" للمخرجة النرويجية تونيا هيسن سيكي، والذي
يُعرض حالياً ضمن مهرجان
"Movies that Matter"
الهولندي، الأول في مُقاربته المُوسعّة والمُعمقّة لقضية الطائرات
الحربية الأمريكية المُسيرة عن بُعْد، والتي تحولت في السنوات
الأخيرة، إلى أحد الأسلحة الفتاكة والأساسية في حروب الولايات
المتحدة المُتواصلة ضد الإرهاب حول العالم، من اليمن إلى باكستان،
مروراً بالعراق وأفغانستان. وإذا كانت طبيعية الموضوع العسكري
الحساسّة تعني عادةً أن الأبواب الرسمية ستكون مُوصدة أمام السينما
التسجيلية الإستقصائية التي يمثلها فيلم "درون"، والذي قاد هنا إلى
غياب وجهات النظر الحكومية، إلا إن المخرجة عرفت كيف تَشُدّ
الانتباه للقضية عبر مُعالجتها الذكية، التي ربطت فيها العسكري
بالإنساني، والتكنولوجيا بالعنف، مُسلِّطة الضوء على الحروب
الافتراضية الجديدة التي تدار عبر "الريموت كنترول"، وأثارها
البشرية الفعليّة المُدمِّرة، مُركِّزة على باكستان، البلد الذي
شهد في العامين الأخيرين عمليات عسكرية عديدة لهذه الطائرات، خلّفت
مئات الضحايا من المدنيين.
يسعى الفيلم أن يُحلِّل الظاهرة العسكرية الجديدة نفسياً، ويربطها
بظواهر أخرى مثل ثقافة الألعاب الإلكترونية في العالم، عبر لقاءات
سيجريها مع خبراء نفسيين وعسكريين على حد سواء. فالطائرة ليست
شعبية بسبب دقتها وأداءها، هي أيضاً تَحَجب الأنظار عن أثمان
وأهوال الحروب على الجنود. فما دامت الحرب تُدار إلكترونياً ومن
قاعدة عسكرية بعيدة عن مواقع الأحداث، فلا خطر عندها على سلامة
الجنود الجسديّة والنفسيّة، وما يعنيه هذا من أن ينسى الناس في
الولايات المتحدة ما تُخلِّفه الحروب الخارجية لبلدهم من ضحايا
مدنيين، على حسب تعبير أحد الخبراء النفسيين الذين تحدثوا في
الفيلم.
الحَرْبُ لعبة الرجال". سيرد هذا المثل الإنكليزي المعروف في مواقع
عديدة في سياق الفيلم، الذي يحقق في علاقة ألعاب الفيديو الشعبية
العنيفة بما يجري في واقعنا، ليس من مدخل أثر هذه الألعاب في تنامي
العنف بين اللاعبين، بل عن علاقتها الفعلية بالصناعة العسكرية
الأمريكية، إذ تحاول الأخيرة أن تجذب صانعي هذه الألعاب أو حتى
اللاعبيين البارعين فيها إلى الخدمة العسكرية. فتكنولوجيا الطائرات
التي تسير عن بُعْد وبلا طيارين، لا تحتاج إلى جنود مُدربّين
مُتمرسّين، بل يمكن أن يديرها لاعبون متوحدون، من الذين يقضون
ساعات طويلة يومياً يقتلون ويدمرون أعداء وبنايات خيالية في ألعاب
فيديو عنيفة. وفي إطار التكنولوجيا، يصل الفيلم إلى شركات مدنية
أمريكية صنعت طائرات مشابهه لأغراض ليست قتالية، إذ كشف أصحابها،
إن التكنولوجيا المُستخدمة في هذه الطائرات ليست بالتعقيد الذي
يظنُّه المرء، وإن هناك ما يقارب الثمانِ دول حول العالم صارت تملك
هذه التقنية، الأمر الذي يزيد من احتمالات وقوع حروب مُستقبلية
يقوم بالمهمات القتالية فيها طائرات تُحرَّك عن بُعْد.
يخصص الفيلم أوقاتاً مُهمة لجندي أمريكي سابق كان ضمن الفريق الذي
يُشرف على تشغيل هذه الطائرات، وترك الخدمة بعد أن ساءت حالته
النفسيه لفداحة ما رأى. وإذا كان الفيلم ليس الأول في تقديم هذا
الجندي، الذي ظهر إعلامياً بكثرة، إلا أن العمل اجتهد لكي يوظف قصة
هذا الجندي في تركيبته، ومنحه مكانة مهمة ضمن اتجاهه التحقيقي
الناقد، ليسير الفيلم بذكاء على النقيض مما حاولت السلطات العسكرية
الأمريكية فعله، بإبعاد هؤلاء الجنود عن التماسّ مع الواقع أو
الإعلام. فهو سيقدم شهادة مؤثرة جريئة صادمة عن المدنيين الذين
يُقدّر أنهم قتلوا بفعل الأوامر التي كان يرسلها هو نفسه إلى
طائرات الأشباح، كاشفاً عن شعور الذنب الذي يهيمن على حياته، والذي
أوصله إلى حافات الجنون. وكاشفاً أيضاً عن التهديدات التي يتلقّاها
من مجهولين، والإهانات من زملائه السابقين.
وفي خطٍ موازٍ، يتوجه الفيلم إلى باكستان، حيث يقابل بعضاً من
عائلات ضحايا الطائرات الأمريكية المُسيرَّة عن بُعْد، والذي نجى
بعضهم من الموت بأعجوبة. فالطائرات تلك قتلت أحياناً عوائل بأكملها
كانت تحتفل بمناسبات زواج وعزاء، مُتوهمة أنها كانت مجتمعة لأغراض
أخرى. تحدّث كثير من الباكستانين الذين ظهروا في الفيلم التسجيلي
عن الأزيز الذي كانوا يسمعونه في السماء، قبل أن يبدأ ما وصفوه
بالجحيم الأرضي. سيمرُّ بعض الوقت قبل أن يربط هؤلاء بين ذلك
الأزيز والانفجارات التي كانت تحدث في قراهم الصغيرة. فالأصوات
التي تشبه الصفير هي للطائرات الأمريكية المُسيرَّة عن بُعْد. كما
يرافق الفيلم محاولات مدنيين وبمساعدة نشطاء أوروبيين جمع أدلة
كافية لإدانة الحكومة الأمريكية قضائياً، ليُقدِّم الفيلم في هذا
السياق مشاهد مؤثرة لمدنيين قُتلوا بوحشية كبيرة، ومنهم أطفال
ونساء.
يُثبت الفيلم التسجيلي هذا، أن لاحدود تقف اليوم بوجه السينما
التسجيلية وخاصة في شقها الاستقصائي. إذ تبدو هذه الأخيرة وكأنها
تقف مُتيقظة لما يحدث في العالم من أحداث، وعندما تعثر على القضية
المناسبة، لا تتردد عن الخوض في تفاصيلها وكشفها عبر معالجات بعضها
غير متوقعة، رغم أن هذا ليس بالأمر الهيّن دائماً. فالمخرجة عرفت
كيف تحوِّل الموضوع السريّ والمُغلَّف بالألغاز إلى شأناً إنسانياً
مُلحَّاً، مانحة في ذلك فرصة لأهل ضحايا الطائرات لكي يرووا قصصهم،
كما لم تنسَ أيضاً أن تمرّ على ما تفعل هذه الحروب في عقول وأرواح
الجنود الأمريكيين. في كل ذلك، قَرّبَ الفيلم الحرب البعيدة
والمجردة وحولّها إلى شيء ملموس مُؤلم وحشي، أي كما هي في الواقع،
وكما يجب أن تُجَسَّد على الشاشة.
"أيام
بيروت السينمائية" يعكس الواقع الراهن
الجزيرة الوثائقية - بيروت
كسرت الدورة الثامنة لمهرجان "أيام بيروت السينمائية" الركود
السينمائي في بيروت، وقدّمت 41 فيلما جرى اختيارها من أصل 115
فيلما تقدمت للمشاركة، تحت عنوان "مهرجان الأفلام العربية".
تنظم المهرجان "جمعية دي سي" للسينما، وتعاونت مع عدد من المؤسسات
المهتمة كاليونيسيف التي ساهمت في عرض 15 فيلما قصيرا من دقيقة إلى
خمس دقائق لناشئة لبنانيين وسوريين حضروا العرض وناقشوا العروض،
و"ملتقى بيروت السينمائي" الذي تم فيه اختيار 14 فيلما روائيا
ووثائقيا من مصر والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا وتونس، منها ما هو
في مرحلة التطوير، ومنها ما هو في مرحلة التنفيذ النهائي، وبحث
الملتقى كيفية تحويل المشاريع إلى أفلام، و"مؤسسة سينما لبنان"
التي أقامت ورشة عمل لكتابة السيناريو، واسمها "مواهب من المتوسط"
(Medi - talent).
كما قُدّمت مجموعة أنشطة من ضمن فعاليات الدورة، أبرزها ندوة
للمخرج المغربي هشام العسري عن أسلوبه المتميز في صناعة الأفلام،
وجلسة تعارف جمعت سينمائيين لبنانيين وعرب وأجانب بهدف تأمين فرص
إنتاجية للأفلام، وجرى توقيع فيلم "ليال بلا نوم" لإليان الراهب،
وكلاسيكيات السينما العربية كفقرة تضمنت عرض فيلمين للمخرج المصري
هنري بركات، هما "القلب له واحد" بطولة الفنانة الراحلة صباح،
وأنور وجدي (1945)، و"أفواه وأرانب" من بطولة فاتن حمامة (1977).
وقالت زينة صفير، المديرة الفنية للدورة الثانية من المهرجان، في
حديث لـ "الجزيرة الوثائقية" أن فريق جمعيتها، وجله من المتخصصين
في السينما، يحمل هاجس إيجاد حركة سينمائية في بلدنا، ومنطقتنا،
ولذلك وجه مهرجاننا عربي على الدوام".
ورأت أن "التحديات الكبيرة تجعلنا نبحث عن آخرين تجمعنا معهم هموم
نشر السينما المشتركة في المنطقة".
وفي سؤال عن المعايير المعتمدة في اختيار الأفلام قالت: "لا معايير
محددة في السينما، بل هناك القيمة الفنية السينمائية، أولا، وكوننا
مهرجانا عربيا، جاءت الأفلام مرآة تشبه ما يجري حولنا".
توزعت الأفلام بين الروائي الطويل في 11 فيلم، وقد عُرض فيلم "سلم
إلى دمشق" في حضور مخرجه محمد ملص في ختام المهرجان، والروائي
القصير في 12 فيلم، والوثائقي.
الأفلام الوثائقية
احتلّت الأفلام الوثائقية الحيز الأكبر من العروض، فعرض فيها 18
فيلما، والتبست هويتها بين الروائي المستند إلى قصة حقيقية، وهي
أغلبها، والوثائقي التقليدي الذي يقدم المعلومات حول موضوع معين.
فيلم "يوميات كلب طائر" (75 د)، للبناني باسم فياض، يعرض الحياة في
ظروف حرب متغيرة يوميا، و"هوم سويت هوم" (75 د) للبنانية نادين
نعوس وفيه نقاش بين ابنة عائدة من السفر ووالدها عن تطورات الحال
اللبنانية ومتغيراتها، و"الرقيب الخالد" (75 د) للسوري زياد كلثوم
الذي سئِم الخدمة العسكرية، وأخبار الدمار والعنف لينشقّ عن الجيش
رافضا حمل السلاح. "لي قبور في هذه الأرض" (110 د)، للبنانية رين
متري تعكس فيه مخاوف فئات واسعة من الجو المشحون في بلد تنتشر فيه
الكراهية والحقد، و"الأوديسا العراقية" (90 د)، للمخرج العراقي
سمير الذي قضى خمس سنوات يجمع ذكريات عائلته المنتشرة في أصقاع
الأرض، مستخدما تقنية الأبعاد الثلاثية. و"رسائل من اليرموك" (59
د)، للفلسطيني رشيد مشهراوي، وهي رسائل المنفى والوطن التي انحازت
للحياة على حساب الموت في زمن الحروب، "مومنتوم" (80 د) للبناني
فادي يني تورك وفيه معالجة لقيام نصوب في المناطق المختلفة تفاقم
الانقسام في البلد بينما هوت الكثير من النصوب في الدول العربية،
"أم غايب" (85 د) للمصرية نادين صليب وفيه معاناة فتاة تريد
الإنجاب، ويعالج الفيلم صراعها بين الأحلام والحقيقة.
"أنا
مع العروسة" (98 د) فيلم مشترك للفلسطيني السوري خالد سليمان
الناصري، والإيطاليين غابرييل دل غراندي و أنطونيو أوجوجليارو،
تروي قصة استضافة شابين فلسطيني وصحافي إيطالي لخمسة سوريين
وفلسطينيين هربوا من الحرب السورية، وسهلّا لهم العبور إلى مكان
آمن في السويد. "العودة إلى حمص" (87 د) للسوري طلال الديركي،
صُوِّر الفيلم في حمص على مدى ثلاث سنوات، حلم شابان بإبقاء
التظاهرات السورية في إطار سلمي، باسط (19 عاما) حارس مرمى تحول
إلى زعيم تظاهرات ومغنِّي، وأسامة (24 عاما) مصور انتقادي مسالم
وساخر، إلى أن وجدا نفسيهما في خيارات مغايرة، تضطرهما للتحول إلى
مقاتلين.
ساكن" (90 د) للفلسطينية ساندرا ماضي، يروي قصة إبراهيم سلامة
الفلسطيني المقيم في الكويت،والذي يرغب في الالتحاق بالثورة
الفلسطينية ويصاب فيفقد الأمل في أن يكون جزءا من الثورة. و"ماء
الفضة" (92 د)، مشترك بين الفرنسية وئام باديركسن، والسوري أسامة
محمد، قصة لقاء المخرج، الذي يصور أفلام اليوتيوب لسماء بلاده، مع
امرأة كردية تسأله عما كان يصوره لو كانت كاميرته معه في حمص.
“المجلس"
(80 د)، للأردني يحيي العبدالله، رحلة طالبين تبدأ مع الإعلان عن
انتخابات مجلس الطلبة ويعالج العلاقة بين المعلم والتلاميذ.
,"المرحلة الرابعة" (37 د) للبناني أحمد غصين، ينسج الاتحاد
المستبعد بين الوهم والخرافة، وعوالم متزامنة هي السينما وسحر
الطبيعة المتغيرة في الجنوب اللبناني.
"شباب
اليرموك" (78 د)، للفرنسي ألكس سلفاتوري سينز، يحكي قصة شباب من
اليرموك الفلسطيني من الجيل الثالث الذي لم يعد يحلم بالعودة،
ويناقشون همومهم ومصيرهم. و"المطلوبون الـ 18" (75 د) للفلسطيني
عامر شوملي والكندي بول كوان، يخلق الاثنان قصة حقيقية عن
الانتفاضة الفلسطينية الأولى، من خلال المزج بين تقنية الستوب موشن،
والرسوم، والمقابلات.
المخرج اللبناني أكرم الزعتري يهوى المطولات، شارك بعنوان طويل
"ثمانية وعشرون ليلا وبيت من الشعر"، في 105 دقائق، وفيه دراسة
لممارسة مصور استوديو في منتصف القرن الماضي، والبحث عن جوهر أرشيف
اليوم، في محاولة لفهم آلية عمل هذا النمط من إنتاج الصور، والحياة
التي خدمها وكيف استمرت.
وقالت صفير عن سبب خيار الوثائقي كأكبر مجموعة: "في العالم العربي،
الإنتاج الأكبر هو للوثائقي، ولم يكن ذلك مقصودا من قبلنا".
وعن الفرق بين الفيلم الوثائقي والفيلم المستند إلى رواية واقعية
حقيقية، قالت: "لم تعد هناك حدود تفصل بين نوعية الأفلام، وربما لم
يعد الفيلم الوثائقي الكلاسيكي رائجا، فالأفلام الإبداعية تتخطى
الحدود". |