أفلام الإمارات تحصد جوائز دولية ولا تعرض محليا
تغطية- محمد الصدفي
حملٌت ندوة ''السينما الجديدة في الخليج··
منظور مستقبلي'' مسؤولية تهميش السينما الخليجية وعدم شيوعها- رغم وجود
تجارب شابة
متميزة وحصد بعضها جوائز دولية عديدة- إلى الأوساط الرسمية المعنية بالفنون
في تلك
الدول، وحملتها مسؤولية عدم وجود تجمع معروف للسينمائيين
الخليجيين·· يلتقون فيه
ويعبر عنهم وينطلقون من خلاله إلى آفاق أرحب·
ودعت الندوة التي عقدت مساء
أمس الأول ضمن برنامج ''الملتقى الفكري'' بمعرض الشارقة الدولي للكتاب،
وشارك فيها
المخرج الإماراتي هاني الشيباني، وأمين عام جمعية السينما الخليجية- تحت
التأسيس-
بسام الذوادي، والناقد السينمائي السوري المقيم بباريس صلاح سرميني،
وأدارها المفكر
الدكتور يوسف عيدابي، دعت إلى الاحتفاء بهذه التجارب
السينمائية الوليدة، والعمل
على ذيوعها وانتشارها في المجتمع، وفتح القنوات الفضائية أمامها، ومعاملتها
كفن
يتوازى والشعر والمسرح وباقي الفنون·
وطالبت الندوة بإنشاء معهد للسينما
الخليجية، وإنشاء أقسام اختيارية للسينما في كليات الإعلام والآداب، والعمل
على
إصدار مجلات دورية متخصصة تعنى بالفن السابع، وتنظيم مهرجان للسينما
القصيرة، وتبني
مراكز المجتمع المدني عرض الأفلام الخليجية روائية كانت أم قصيرة·
وشدد
المشاركون في الندوة على خطورة تجاهل المنتمين لهذا الفن وتركهم يحفرون
الصخر
بمفردهم، مشيرين إلى أن غياب السينمائيين عن الساحة الثقافية-
بما يحملون من تجارب
مستنيرة وأفكار تعبر عن ذاكرة الأمة- فيه ضرر على المجتمع·
كما اقترحوا تبني
خصم 1% من عوائد السياحة في البلدان الخليجية تصب في صالح صندوق يعنى بشؤون
جمعية
السينما والسينمائيين المقترحة، أسوة بتجارب عربية وغربية في
مصر وفرنسا·
شهادة
مريرة
في شهادته عن السينما الخليجية، استعرض- بمرارة- السينمائي البحريني بسام الذوادي تجربته المؤلمة مع فن السينما الذي عشقه، مشيرا إلى أنه في
عام 1995 قدم
دراسة حول الواقع السينمائي في دول الخليج ضمن مهرجان القرين
الثاني في الكويت،
واليوم وبعد مضي تسع سنوات على الحدث يعود إلى الشارقة ليعيد تقديم ذات
الشاهدة حول
نفس الموضوع، دون أي جديد!
وقال:'' إن حديثي عن السينما أشبه بنكء جرح قديم،
كثيرا ما تحدثنا عنه·· فسينمائيو الخليج يعدون على أصابع اليد
الواحدة، ويمتلكون
طاقات وإمكانات فنية عالية، وهناك أسماء تطرح في تليفزيونات عربية
وخليجية·· ولكن
السؤال هل الدولة تريد أن يكون هناك سينما وصناعة سينما في المنطقة ، وأن
يكون لها
مستقبل ·· أم لا تريد؟ معروف أن السينما صناعة فردية، ولكن هل
الدولة القادرة على
تنظيم مهرجانات ثقافية وغنائية غير قادرة على إنتاج فيلم سينائي أو تنظيم
مهرجان
للسينما القصيرة أو الروائية؟ هذا بالقطع يزيد العبء علينا كصناع، حيث لا
اهتمام
بالسينمائيين الخليجيين وحيث لا أثر للدعم الرسمي·· وحيث
المنتجون وحدهم يعملون··
فالسينما ليست متعة أو فن فحسب، ولكنها تعبر عن مشاكل وواقع المجتمع وتحافظ
على
ذاكرته·· حيث الصورة هي الذاكرة·· ولقد ذهب البعض خصيصا إلى أفغانستان إبان
الحرب
على الإرهاب لاستنقاذ نيجاتيف السينما والأعمال التلفزيونية
حفاظا على الذاكرة
الأفغانية، كما سعى الفنان محمود ياسين والفنانة إسعاد يونس مؤخرا لاستعادة
نيجاتيف
الأفلام المصرية التي قامت إحدى الفضائيات بشرائها حرصا على ذات الذاكرة·
مجمع
الموهوبين بأبوظبي
المشهد الآني- يضيف الذوادي- يشير إلى عدم وجود أي تصور لدى
وزارات التربية والإعلام لتدريس السينما وخلق جيل سينمائي جديد
وتنظيم مؤتمرات
ومهرجانات خاصة بهذا الفن ·· ولقد سبق لنا- كسينمائيين خليجيين- عمل تجربة
في
المجمع الثقافي بأبوظبي، وهي تجربة جيدة باعتباره مكانا لاحتضان شباب
السينمائيين
وكل المواهب الشابة· أما الآن - وإزاء الكلفة المرتفعة للإنتاج
السينمائي- فالدولة
لا تريد والمنتج لا يريد·· وبالتالي لابد من وجود حل وإيجاد كيان·
في العام 1994-
يستطرد الذوادي- تبنت دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة تجميع السينمائيين
وعمل تجمع سينمائي خليجي، لإنتاج ولو فيلما واحدا كل عام، ومن
هذا التجمع تشكلت
اللجنة التأسيسية للسينمائيين الخليجيين ، وكنا نأمل في تحوليها إلى جمعية
للسينمائيين، غير إن الموضوع استغرق ستة أعوام، حيث حدث اختلاف في انضمام
إعلاميي
التلفزيون ومنتجي الفيديو، وفي عام 2000 أعلنا إشهار جمعية
السينمائيين الخليجيين
في البحرين، وحدث أن اجتمع وزراء الثقافة بعد ذلك ووافقوا على إعداد
ميزانية،
وأعلنت مملكة البحرين تبرعها بالمقر، ولم يبق على مستوى الدول سوى التوقيع،
وتم
اختياري لموقع أمين عام اللجنة·· غير إن الموضوع لم يزل وإلى
اليوم محك سر، ولا
أدري ماذا حدث!
تحدثنا إلى وسائل الإعلام وخاطبنا الجهات المعنية دون إجابة،
وعندما سئلت في أحد المهرجانات في باريس عن مصير الجمعية، قلت
حرجا أنني قدمت
استقالتي! كان علي- كسينمائي- البحث عن مصدر آخر لإنتاج أول أفلامي
الروائية''
الحاجز، فاستدنت وبعت أغراضي، ثم تقدمت
إحدى شركات التوزيع لعمل فيلم ثان، ولم تفعل
شيئا منذ ست سنوات·
ثم توجهت للقطاع الخاص وأنتجت فيلمي الثاني·· ثم اتجهت بعد
ذلك في محاولة لإنشاء أقسام للسينما في المعاهد والجامعات··
لذلك فان السينما أصبحت
مثل بقعة الضوء العابر يعقبها أزمنة طويلة من الضباب·
الإمارات موطن ''التسجيلية''
من جانبه، أكد الناقد السينمائي السوري صلاح سرميني تعرفه على
السينما الإماراتية خلال مهرجان أفلام الإمارات في دورته الثانية، والذي تم
خلاله
عرض تجارب 70 فيلما لسينمائيين محليين ، قبل ذلك لم يكن يعرف شيئا عما يحدث
في
الخليج من تجارب مماثلة، مشيرا إلى اندهاشه من وجود هذه
الطاقات الفنية السينمائية·
وفي الدورة التالية للمهرجان ارتفع العدد إلى 90 فيلما، وهو رقم لا يمكن
إنتاجه حتى
في مصر ذاتها، ماكان يشير إلى اتساع رقعة المهتمين بهذا الفن، فضلا عن وجود
عدد من
النماذج الموهوبة·
لذلك يمكننا القول- يضيف سرميني- أن السينما التسجيلية في
الوطن العربي من المشرق إلى المغرب موجودة في دولة الإمارات··فاذا
ما التفتنا إلى
وجود مشاريع سينمائية تتم حاليا في الدولة للمشاركة في مهرجانات غربية، فان
سؤالا
يطرح نفسه: كيف يمكننا تطوير المشهد السمعي البصري في الإمارات؟ وكيف يكون
لدينا
مثل هذا الكم من الفن الجميل الذي يتم التعرف عليه والاحتفاء
به في الخارج، مثلما
حدث مع فيلم'' الجوهرة'' في مهرجان كان للسينما القصيرة لمخرجه هاني
الشيباني، دون
أن يراه المنتج؟
سينما الاعتماد على النفس
وانطلاقا من تمثيله لجيل
السينمائيين الشباب في الدولة المعبرون عن واقع مجتمعاتهم وطموحاتهم في
الحياة،
استعرض المخرج الإماراتي الشاب هاني الشيباني تجربته مع السينما، ذلك الفن
الذي
عشقه ويرى فيه أداة للمتعة وحفظ ذاكرة الأمة البصرية·
وإزاء الواقع الخاوي من أي
جهات داعمة- يقول الشيباني- كان علينا الانطلاق اعتمادا على أنفسنا·· في
البداية
واجهنا إشكالية من يشاهد أعمالنا، فاشتركنا في مهرجان الشاشة المستقلة في
قطر،
وهناك التقيا مسعود أمر الله ( سفير السينما الخليجية)، بعد
ذلك فكرنا في عمل
مسابقة لأفلام الإمارات، التي انطلقت دورتها الأولى عام 2001 ، بمشاركة 70
فيلما،
ارتفعت إلى 90 فيلما في الدورة الثانية·
عقب ذلك نظمنا مؤتمرا سينمائيا رغبة في
إنتاج أفلام أفضل بالتعاون بين مجموعات من مواطني الدولة·· ومع التطور
والتجويد
انطلقنا إلى المسابقات الخارجية ليحل بعضنا على جوائز دولية·
وبنبل واضح ونظرة
تفاؤلية، يرفض الشيباني اعتبار الصورة قاتمة، مشيرا إلى أن ما تحقق خلال
الأعوام
الثلاثة الماضية إنجازا مبشرا، مشددا على ضرورة المثابرة والعمل على إقناع
أصحاب
رؤوس الأموال من المستثمرين الراغبين في دخول عالم السينما
بجدوى وربحية العمل في
الفن السابع ·· وقبل كل ذلك إقناعهم بمواهبنا وإمكاناتنا الفنية·
إلى هنا تنتهي
شجون المنتمون للفن السابع في الخليج ·· فهل تعمل وزارات الثقافة على إحياء
قرارات
تأسيس جمعية السينمائيين في المنطقة·· لا سيما في ظل وجود مواهب وأفلام
واعدة؟ نأمل
ذلك·