الممثلة دايان
لَيْن في حوار خاص مع
Hi
بقلم: سام سيسا
واجهت الممثلة
دايان لين المرشحة لنيل جائزة الأوسكار
مصاعب
عائلية جمة، وأزمات مهنية مربكة، لكنها أثبتت قدرتها على تجاوز محنتها في
كل
مرة
لا تتوقف الممثلة دايان لَيْن Diane Lane
عن العمل
أبدا، العمل الذي جال بها حول العالم ورفعها إلى مصاف النجومية ثم أنزلها
إلى
الحضيض ليدفع بها إلى الواجهة من جديد. وحتى حينما كانت تواجه
أعتى التحديات
المهنية، ظلت لين تمضي قُدما بثبات، وتقوم بتصوّير الفيلم بعد الآخر لتكسب،
وإن على
نحو بطيء، الاعتراف بها كممثلة ملتزمة ومتعددة المواهب.
الالتزام والمهنية حاضران في شخص لين، 38 عاما، أينما
حلت؛ إنها الثقة مرافقة لابتسامة رائعة تفتر عنها شفتيها. وعلى
عكس مشاهير هوليوود
الآخرين، لا تعاني دايان لين من عقدة الغرور. فهي تمشي بخطى قوية وثابتة،
هامتها
عالية، ترفدها مشاعر الاعتزاز بالنفس التي اكتسبتها من تجربة ما ينوف على
30 عاما
في عالم التمثيل.
كان صعود لين الأولي في عالم الفن صعودا فلكيا. فقد بدأت
بالتجول حول العالم وهي في السادسة من عمرها مع فرقة لا ماما La Mama
وهي فرقة
مسرحية مقرها مدينة نيويورك كانت تسافر إلى أسكتلندا وفنلندا
وإنكلترا وإيطاليا
وفرنسا وبلدان أوروبية أخرى لتقدم عروضها هناك كل صيف. وفي نيويورك، ظهرت
لين في
مسرحيات كلاسيكية بما فيها التراجيديا الإغريقية ميديا
Medea، التي كانت تؤدى
باللغة اليونانية القديمة. وقد درّت عليها مشاركتها في هذه المسرحية دخلا
أسبوعيا
قدره 50 دولاراً. وأثناء جولاتها مع الفرقة، ظهرت دايان في المسرحية
الكوميدية
الكلاسيكية "كما تحب"
As You Like It.
وبات الممثلون في الفرقة بمثابة والديّ لين
بعيدا عن أسرتها ومنزلها. فقد انفصل والدها بيرت لين، الذي كان سائق سيارة
أجرة
ومدرب تمثيل، عن أمها كولين فارنغتون التي عملت عارضة أزياء عام 1965، بعد
مولدها
بفترة وجيزة. ولم يصحبها أي من والديها في أسفارها المبكرة.
وفي سن المراهقة،
قرّرت لين التحول إلى عالم السينما، وبدأت بفيلم "قصة حب قصيرة"
A Little Romance
أمام الممثل الأسطوري الإنكليزي سير لورانس أوليفييه.
ودخلت لين عالم الشهرة
بقوة سحرها وجمالها وموهبتها. كما ظهرت وهي في الـ14 من عمرها على غلاف
مجلة تايم
التي تعتبر واحدة من أكثر المجلات الأميركية شهرة.
ورغم أن لين تعاملت مع الشهرة
الفورية في سن مبكرة، فإنها لا تزال تعاني اليوم من التعامل مع مكانها
المتقدم في
عالم النجومية. وهي حينما تنظر إلى نفسها فإنها لا ترى نجمة سينمائية بل
ترى ذاتها:
دايان لين.
وتقول: "إنه لأمر غريب، وكأنه آت إليك من العالم الآخر. فالشهرة ليست
بأمر من السهل أن تتعود عليه بسرعة . المهم هو الشعور بمن أنت حقا وإبراز
الصورة
التي تريد إبرازها حقا... ففي مرحلة ما تدرك أن التأويلات هي
أمر مستقل بذاته، ولا
أملك الكثير من السيطرة عليها، ولو حدث هذا لأصبح بوسعي أن أشعر بالارتياح.
إنك لا
تستطيع إرضاء الجميع كل الوقت حتى لو حاولت. ولذا فقد أصبحت أكثر ارتياحا
إزاء من
أنا في الواقع".
وقد حقق فيلمها الأخير "تحت شمس توسكانيا"
Under the Tuscan Sun
نجاحا منقطع النظير في الولايات المتحدة حينما بدأ
عرضه في أواخر شهر
أيلول/سبتمبر.
وقد استدعى الفيلم، الذي تم تصويره في منطقة توسكانيا الإيطالية
النابضة بالحياة السنة الماضية، سفر لين عبر العالم. وذكّرها
ذلك، على نحو مؤلم،
بطفولتها إذ إن التصوير أبعدها عن ابنتها إلينور البالغة من العمر 10
سنوات، وكذلك
عن خطيبها.
تقول لين: "كان أمرا بالغ الصعوبة أن تبتعد عن نصفك الآخر وأنت تعيش
قصة حب حقيقية لمدة ثلاثة أشهر متصلة، وأن تراودك مشاعر الذنب لتقصيرك في
القيام
بواجبات الأمومة. لقد كانت تجربة رائعة، لقد كان من الصعب عليّ
أن أكون في مثل هذا
المكان الجميل دون أن يكون من أحبه بصحبتي".
وقد جعل الفارق في التوقيت بين
إيطاليا ولوس أنجلوس، وهو 9 ساعات، التواصل بين لين وابنتها إلينور أمرا
بالغ
الصعوبة. فقد كانت لين تنتظر حتى منتصف الليل لتتصل بابنتها وتسألها عن
يومها في
المدرسة. وحينما كان الوقت متأخرا للاتصال هاتفيا كانت لين
تحاول التعويض عن ذلك
بكتابة رسائل بالبريد الإلكتروني (الإيميل) لابنتها.
دور سينمائي وتجربة حقيقية
وتلعب لين في فيلمها الأخير دور امرأة تطلّقتْ حديثا، واشترت
بيتا شبه متداع في توسكانيا قررت أن تقوم بإصلاحه وإصلاح
حياتها في الوقت
ذاته.
والدور الذي لعبته في الفيلم شبيه إلى حد كبير بقصة حياتها الحقيقية. فقد
تزوجت الممثل كريستوفر لامبيرت في عام 1988 وأنجبت إلينور. غير
أن الزوجين تطلقا
عام 1994 .
تقول لين: "كان بوسعي أن أتفهم شعور الخذلان والخيبة اللذين ينتابان
الشخص بعد الطلاق حيث ينطوي ذلك على الكثير مما يشعر به من لا جدوى ما
استثمره من
وقت وجهد وعاطفة في زواجه الأول".
ويركز الفيلم على شخصية لين، وهو الفيلم الأول
الذي تمثله دون ممثلين نجوم يشاركونها دور البطولة. فهي تحمل عبء الفيلم
كله تقريبا
وهو ما يتطلب منها جهدا وتركيزا بالغين. وتتغلب بشخصيتها القوية على
المشكلات
العاطفية واحدة تلو الأخرى. ورغم أنها تشعر في كل مرة بأنها
غير قادرة على
الاستمرار، إلا أنها تجد معينا لا ينضب من القوة في داخلها يدفعها للثبات
والمثابرة.
تقول لين: "كون الفيلم رقيقا وكونه يدور حول مشاعر الناس، بدأت اكتشف
أن العواطف التي كان على شخصيتي في الفيلم أن تتعرض لها كانت عواطف مألوفة
بالنسبة
لي. لذا لم يكن لزاما عليّ أن أتصنع الموقف. لقد كنت مؤهلة
تماما لذلك. وقد أدركت
أنها ستكون تجربة ممتعة، وهو ما كنت أرغبه وأتوق إليه في تلك المرحلة من
حياتي".
وقد جاء فيلم "تحت شمس توسكانيا" في أعقاب فيلم آخر ظهر
في عام 2002 وهو فيلم "الخائنة"
Unfaithful
الذي يدور حول قصة عاطفية شديدة التعقيد
وسريعة التقلبات لامرأة تخون زوجها الذي مثل دوره "ريتشار
غير". وكان الاثنان قد
مثلا سوية في فيلم "نادي القطن"
The Cotton Club
عام 1984 الذي اعتُبر بمثابة كارثة
عظمى في مبيعات شباك التذاكر. غير أن التفاعل بين النجمين بلغ
ذروته في فيلم
الخائنة، وهو ما أدى إلى ترشيح دايان لين لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة. وفي
هذا
الفيلم غاصت لين في أعماق نفسها واستطاعت تقديم شحنة مكثفة من العواطف من
الغضب إلى
الشهوة إلى الدموع. وما زاد الأمر درامية هو وفاة والدها أثناء تصوير
الفيلم، بسبب
مرض السرطان فأضاف المزيد من التوتر إلى حياتها. وعندما انتهى
العمل من الفيلم بحثت
لين عن إنتاج فيلم يكون أقل إرهاقا، وهو ما قادها إلى فيلم "تحت شمس
توسكانيا".
تقول لين إن فيلم تحت شمس توسكانيا الذي جاء في أعقاب فيلم الخائنة
كان جذابا جدا: "كان المخرج كثير المطالب، وكانت مشاهد التصوير
متعددة كثيرا. كما
أن الشخصية اتسمت بقدر كبير من الحزن والمثابرة. وكان الأمر كذلك بالنسبة
لي
كممثلة. فكل فيلم له ظروفه ومعطياته الخاصة، بيد أن هذا الفيلم كان مرهقا
على وجه
الخصوص".
أما مشروع لين القادم "الحاجة"
Need
فيذكّرنا بفيلم الخائنة. وتؤدي لين
فيه دور طبيبة نفسية من نيويورك تكتشف أن إحدى مريضاتها، التي
تعاني من ميول
انتحارية، تعيش علاقة غرامية مع زوجها.
تقول لين: "أظنه سيكون فيلما ممتعا
ومختلفا. أعتقد أنه أمر قابل للتصديق بالنسبة لهذا النوع من الأفلام. عادة
ما يكون
هناك قدر من عدم التصديق يتعيّن عليك معايشته بالنسبة لأفلام كهذه، وكذلك
الكثير من
الثغرات في حبكة الفيلم. هذا الفيلم قابل للتحقيق. وهذه خطوة
جيدة بالنسبة لي: أن
أتخيل شيئا وأكتشف أنه شئ آخر".
ويبرهن ترشيح لين لجائزة الأوسكار ونجاح فيلمها
تحت شمس توسكانيا وخطبتها في شهر تموز/يوليو إلى الممثل جوش برولين أن لين
تعيش
مرحلة الصعود الفني من جديد. لقد بدأ الاثنان يتواعدان غراميا بشكل جاد
السنة
الماضية، وحددا موعد الزواج في 30 نيسان/أبريل المقبل في
تاسمانيا.
تقول لين: "هكذا
الحياة في صعودها وهبوطها، بها مدّ وجزر. فالناس يحتاجون إلى بعضهم البعض.
وعندما تكون في لحظة انكسار وعرضة للضغوط، تندب حظك السيء قائلا إنك لن تجد
أبدا
موطأ قدم لك مرة أخرى. إلا أن الحال قد يتغيّر في فترة بسيطة قد لا تتجاوز
بضعة
أيام، ويغمرك الشعور مرة أخرى بأن نجمك في صعود من جديد. هكذا
يشد الناس أزر بعضهم
البعض. إنهم يعيشون أحلاما مشتركة أحيانا".
وتحمل نقاط الصعود والهبوط في حياة لين المهنية نفس
الرسالة. فبعد تكريمها بظهور صورتها على غلاف مجلة تايم، وقعت
عقودا لتمثيل خمسة
أفلام متتالية متوسطة القيمة. غير أن المخرج المخضرم فورد كوبولا أبدى
اهتماما
بالممثلة لين، وقرّر أنها الممثلة المثالية للقيام بدور البطولة في فيلمي
"سمك الدمدمة" Rumble Fish
و"الدخلاء" The Outsiders،
هذا ولم يحقق أي من
الفيلمين نجاحا يُذكر في شباك التذاكر. غير أنهما بدآ يجذبان
قاعدة من المشجعين
المخلصين، وأصبحا رائجين في أوساط المعجبين غير التقليديين. ومن هناك خطت
لين خطوة
أخرى حينما شاركت "غير" دور البطولة في فيلم "نادي القطن" الذي أخرجه
كوبولا. ولسوء
الحظ، فشل الفيلم فشلا ذريعا. كما أنه كان فاتحة لسلسة من الأفلام المخيبة
للآمال
على امتداد السنوات الـ15 التالية.
استراحة
ومراجعة
وعندما بلغت لين الـ19 عاما من عمرها، قررت أخذ استراحة
من العمل السينمائي في محاولة لفهم وتحديد الخطوة التالية التي
يتعيّن عليها
اتخاذها. وكان أول فيلم تمثله بعد هذه الاستراحة وهو فيلم "احذري سيدتي" Lady Beware
الذي كان سيئا لدرجة أنه لم يُعرض في دور السينما. وعندما أخفق فيلمها
التالي في لفت الأنظار إليها، توجهت لين إلى التلفزيون حيث
قامت بدور البطولة في
مسلسل قصير بعنوان "الحمامة الوحيدة"
Lonesome Dove
وفيلم تلفزيوني بعنوان "ملاك من
السماء"
Descending Angel.
وكانت بعض أدوار لين التلفزيونية من أصعب الأدوار التي
أدتها في حياتها الفنية. ففي فيلم ملاك من السماء تلعب لين دور ابنة رجل
روسي له
ماضٍ مخيف. وقد أثمر دورها في ملاك من السماء عن ترشيحها لـ18
جائزة إيمي وهو أكبر
عدد من الترشيحات يحظى به برنامج تلفزيوني في تلك السنة.
لقد دفعت لين بنفسها قُدما بشكل مثابر، وحاولت القيام
بأدوار بدت أنها لا تتناسب معها كثيرا . ففي عام 1994 لعبت لين
دور فتاة في الـ14
من عمرها وبدون مكياج في المسلسل التلفزيوني القصير "أكبر أرملة كونفدرالية
سنا
تكشف كل شيء" Oldest Living Confederate Widow Tells All
معتمدة في ذلك على أساليب
إضاءة مختلفة لجعلها تظهر بمظهر فتاة أصغر من سنها الحقيقية
بـ30 سنة.
وبدأت الأمور تتحسن بالنسبة لدايان لين بعد تجربتها
التلفزيونية، وبدأ المنتجون السينمائيون يطلبون منها أداء
أدوار صغيرة في أفلام
هوليوودية كبرى. ولم تمانع في ذلك.
تقول لين: "يشعر كل ممثل أن دوره هو الدور
الرئيسي. عليك أن تقارب عملك بهذه الطريقة. وليس بوسعك أن تشعر
فجأة بأن الدقائق
الثماني التي تمثلها في فيلم ما ليست بنفس درجة أهمية الأدوار الأخرى التي
تؤديها.
ولست أشعر بأنني استثمرت وقتا أو جهدا
ضائعين في الأفلام التي ظهرت فيها لفترات
وجيزة عما هي الحال في أدوار البطولة".
واستمرت لين في تصوير فيلم بعد آخر في
أواخر التسعينات، وكسبت المزيد من الاحترام من قبل مشجعيها ومن النقاد
والجمهور
العريض الذي كان يتابعها. وكان تعدد مواهب لين هو الذي جذب المخرج أودري
ويلز مخرج
فيلم "تحت شمس توسكانيا" إليها. فقد تابع ويلز أعمالها لسنوات وظن أنها
الممثلة
المناسبة لهذا الفيلم. يقول ويلز: "حينما تشاهد لين على الشاشة فإنها تدهشك
في كل
لحظة. ففي كل ثانيتين يتجلى تعبير جديد من التعابير الدقيقة والمؤثرةعلى
وجه
دايان".
ولا تُظهر دايان لين التي يبلغ رصيدها الفني أكثر من 40 فيلما، والعديد
من السنوات في عالم المسرح والتلفزيون، أية علامة على التباطؤ. فقد تم
ترشيحها
مؤخرا لجائزة ممثلة العام في هوليوود. بيد أن لين تنظر إلى
الإثارة في عالم السينما
من زاوية جاذبة للاهتمام.
تقول لين: "إنه عالم للترفيه وليس للحب. ويتسم هذا
العالم بسخاء الروح وبصدق الناس بشكل غريب، وهو ما يشبه الحياة
الحقيقية. وليس هذا
العالم مثيرا وأليفا أو صعبا وسريع الإيقاع وتهكميا فحسب، إنه عالم مختلف".
وفي
الفترة التي لا تكون لين فيها مشغولة بالتصوير، فإنها غالبا ما تكون على
متن طائرة
متجهة لبلد آخر محققة هواياتها الكبرى وهي السفر.
وتمثل الأفلام بالنسبة للين
وسيلة هروب مسالمة، فهي تتمكن من نسيان نفسها لبعض الوقت أمام الكاميرا،
وتستطيع أن
تسترخي وأن تغوص غوصا عميقا في ذاتها مستحضرة الشخصيات التي تقوم بتجسيدها.
وهي لا
تمثل بشكل حصري من أجل متعتها الخاصة فهي تعرف أن الهدف من
الفن هو عرضه على ملايين
الناس.
تقول لين: "ما يقدمه لك عالم الترفيه هو ملاذ تستطيع من خلاله الغوص في
عالم آخر، والارتواء من معين عاطفي يغذيك بدلا من أن يرهقك، ويقدم لك قدرا
من
السلام".
وتضيف لين قائلة: "هذا ما يمثله عالم الترفيه بالنسبة لي، وآمل أن يشعر
الناس بقربي منهم عندما يرون ما أقدمه من أدوار حيث أنني أقدم لهم هذه
الأدوار من
خلال معايشتي لها. فهذا هو ما يفعله الممثلون".
|