يوميات
مهرجان "كان"
السينمائي الدولي (7)
الأفلام الأمريكية حاضرة
على الشاشة الرئيسية
قطار
المهرجان يحمل بضائع هوليوود وبوليوود
محمد رضا
كما بات
معروفاً أكثر من مرّة فإن العلاقة بين السينما الأمريكية والمهرجانات
الدولية علاقة “عايز ومستغني”. أو ربما قادر على الاستغناء في أي حين. كل
ما على هوليوود القيام به هو رفض الاشتراك في أي مسابقة والاكتفاء بالتوجّه
الى جمهورها الواسع حول العالم.
الجمهور
الذي يوفّر لها نحو ستة بلايين دولار سنوياً من صالات السينما وحدها. لا
عجب والحالة هذه أن المهرجانات الأخرى كافّة تسعى بدأب حثيث على سبل دفع
هوليوود لاعتمادها شاشة تعرض عليها أفلامها قبل سواها. من برلين إلى
فانيسيا ومن دبي الى طوكيو هناك صد أمريكي ضد هذا النوع من العروض على
أساسين:
الأول أن
الأفلام الأمريكية، خصوصاً الهوليوودية، مضمونة التوزيع والثاني أن لجان
تحكيم المهرجانات الدولية قلّما تمنح فيلما رئيسياً من هوليوود جائزة أولى،
ما يجعل العلاقة بأسرها غير مستساغة.
لكن “كان”
خرق هذه القاعدة وتجاوز صعابها منذ سنوات عديدة. هو المهرجان الوحيد الذي
تتعاون هوليوود معه على نحو مندفع. والأفلام الأمريكية متوافرة على شاشته
الرئيسية لجمهور يريد أن يعاملها كصلب في الثقافة السينمائية. كحالة
وجدانية مشابهة لتلك التي تجدها في أفلام أوروبية او آسيوية بعيدة. ولم لا
تتعاون إذا ما برهن على أن التجارة في “كان” رابحة وأن الترويج الذي يجده
في هذا الحفل لا يمكن له أن يجده في أي مكان آخر.
هكذا
تحوّلت المسابقة والعروض الرسمية خارجها إلى منصّة تجارية أيضاً أي الى
جانب السوق السينمائي المخصّص لبيع الحصاد التجاري من هوليوود وبوليوود
وغيرهما. هذا ما عاد مهرجاناً للنخبة الفنيّة فقط، بل قطاراً يحمل شتّى
البضائع تختار منها ما تشاء.
لكن يبقى
أن هناك أفلاماً أمريكية تقصد “كان” لأن “كان” الأنسب لها. أفلام خاصّة لا
أمل لها باستحواذ مثل هذا الإعلام الكبير إذا ما توجّهت حتى إلى برلين أو
فانيسيا أو روما (آخر المهرجانات العالمية الجديدة). ومن هذه الأفلام
“سيكو” لمايكل مور و”بارانويد بارك” لغس فان سانت.
الرعاية أو عدمها
“سيكو” هو
فيلم آخر من أعمال المخرج المستقل مايكل مور، السينمائي التسجيلي الواقف
على يسار خط الوسط الأمريكي وهو ليس من اليسار الصامت، بل من الذين يحققون
أفلاماً ضد الإدارة الأمريكية. ليس هذا فقط بل يصوّر رئيس البلاد وهو جالس
في صف التلامذة الصغار يفكّر ما يصنع بعدما تم إعلامه بأن نيويورك تعرّضت
لضربة إرهابية.
ثم لا
يكتفي بل يوقف أعضاء الكونجرس حال خروجهم من مكاتبهم ويسألهم لماذا يؤيّدون
الحرب في العراق وإذا ما كانوا على استعداد لإرسال أولادهم للقتال هناك.
طبعاً هذا
لا يحدث في فيلمه الجديد “سيكو” بل وقع -وإن لم ينته الأمر- في فيلمه
السابق “فهرنهايت 11/9” الذي خطف السعفة الذهبية قبل ثلاث سنوات.
في فيلمه
الحالي “سيكو” يقارن بين نظام الخدمة الصحية في الولايات المتحدة، وبين
مثيلاتها حول أنحاء العالم (مقارنة عقدها سابقاً حين تعرّض لموضوع انتشار
الأسلحة في فيلمه الأسبق “باولينغ لأجل كولمباين”) ويصور كيف تجني شركات
التأمين الصحي ثروة ضخمة من وراء معاناة المشتركين بها وعلى حساب مآسيهم
وحاجاتهم.
الى ذلك
يعمد الى إحصاء يظهر كيف أن هذا النظام الصحّي يضن على المواطنين بالرعاية
اللازمة في أكثر من حالة مرضية فهو لا يقبل تولّي معالجة المريض في مثل هذه
الحالات لكونها مكلفة. هذا ما يجعل الولايات المتحدة الرقم 38 في قائمة
الدول بالنسبة لموضوع الرعاية الصحية. مباشرة فوق سلوفانيا وبمراتب كثيرة
تحت كندا وبريطانيا وفرنسا وكوبا.
“بارانويد
بارك” عمل آخر لغس فان سانت (“غود وِل هانتينغ”، “فيل” الخ...) يتناول فيه
خلو حياة أبطاله من المشاعر الاجتماعية والعاطفية التي من شأنها ربطهم
بالبيئة التي يعيشون فيها. منذ أن أنجز فيلمه “فيل” سنة 2003 عن حادثة
كولمباين ذاتها التي تناولها -تسجيلياً- مايكل مور في “باولينغ لأجل
كولمباين”، حيث شابّين صغيرين يقومان بارتكاب المجزرة المعروفة مستغرقين
طوال الفيلم في سلسلة من الاستعدادات المطوّلة، وهو يتابع وضع أبطاله من
الأحداث في بيئات معزولة ومشابهة شريطة أن يحافظ كذلك على قطع أي صلة بين
أي منهم والمرجعية الاجتماعية. بالنسبة إليه، هؤلاء يتحرّكون في فراغ محكم.
يعيشون في “بالونات” تتدحرج ولا تطير، وتخلق صندوقا زجاجياً تعيش فيه باقي
أيامها على الأرض ولا تسعى للخروج منه.
هذا هو
الحال أيضاً في فيلم مستخلص من رواية بليك نلسون حول فتى (غيب نَفينز)
يتسبب في مقتل حارس أمني ملحق بالكلية التي يدرس فيها لكنه لا يواجه
مسؤوليّته في ذلك بل ينفيها ويستمر في العيش ضمن منظوره لحياة فارغة من
الاهتمامات الأخرى. هذا الفراغ هو أفضل ما يوفّره الفيلم، فهو أيضا فارغ من
عناصر التواصل مع مشاهديه. لا يملك ما يُثير ويستغني عن كل ما من شأنه
تأليف أحداث تتصاعد مكتفياً بخط مستقيم ورتيب من الأحداث هو يدعوه سينما
والمهرجان يدعوه لتقديمه في إطاره.
جناح
الإمارات يستقطب
شركات الإنتاج السينمائي
يشارك
مهرجان دبي السينمائي الدولي ومدينة دبي للاستوديوهات بجناح خاص لدولة
الإمارات العربية المتحدة في الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي، أحد أهم
مهرجانات السينما في العالم، في خطوة تعد الأولى من نوعها، وتستهدف تعزيز
مكانة الدولة كمركز إقليمي رائد ووشجهة مثالية لصناعة السينما تلبي كافة
احتياجات كبار صناع الأفلام من مختلف أنحاء العالم.
وقد
استقطب الجناح اهتماماً واسع النطاق من قبل شركات الإنتاج السينمائي
العالمي الراغبة بتوسيع أعمالها في المنطقة، وذلك استكمالاً لسلسلة من
اللقاءات والاجتماعات المثمرة التي عقدتها إدارة مهرجان دبي السينمائي
الدولي مع كبار الشخصيات السينمائية العالمية خلال فعاليات الدورة الثالثة
للمهرجان نهاية العام الماضي.
من جانبه
قال عبدالحميد جمعة، رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي: “يعد جناح الإمارات
في مهرجان كان مبادرة جديدة تستهدف تعزيز شعار مهرجان دبي السينمائي الدولي
كملتقى للثقافات والإبداعات، في وقت يتعزز فيه دور المهرجان كسفير للثقافة
الإماراتية في كافة أنحاء العالم. ومما لا شك فيه أن دبي باتت تمتلك الكثير
من الإمكانيات والطاقات كمركز للإنتاج السينمائي ومصدر للمواهب السينمائية
الواعدة، الأمر الذي أكده الإقبال الكبير الذي شهده جناحنا في مهرجان كان”.
وأضاف:
“تأتي إقامة جناح الإمارات في مهرجان كان كنتيجة طبيعية لنمو مكانة دبي في
قطاع السينما العالمي، حيث يمثل الجناح إضافة نوعية إلى فعاليات مكتب صناعة
السينما الذي أسسه المهرجان العام الماضي في خطوة لتعزيز التواصل بين
المواهب الإماراتية الشابة وخبراء صناعة السينما من شتى أنحاء العالم”.
الأسئلة السياسية تلاحق
النجوم
لاحقت
الاسئلة السياسية مايكل مور وجميع الممثلين والنجوم الذين اشتركوا في
المؤتمرات الصحافية. صحافيون كثيرون كانوا يريدون معرفة آراء المتحدّثين في
الحرب العراقية. والمتحدّثون كانوا في مستوى ليوناردو دي كابريو، براد بت،
أنجلينا جولي، مات دامون وسواهم الكثير.
بالنسبة
لمايكل مور فإن هذا الاهتمام بمواقفه السياسية معروف. لا يمكن الحديث معه
لسؤاله - مثلاً- عن التصوير أو الموسيقا او سواها من عناصر الفيلم. لكن
بالنسبة لليوناردو دي كابرو فإنه كان مفاجئاً له:
“توقعت أن
يسألونني عن موضوع الفيلم لكن ليس عن موضوع الفيلم وعن الحرب العراقية
معاً”.
يقول
معلّقاً على الاسئلة التي انطلقت من رأيه في التلوّث البيئي الحاصل الى
رأيه في الحرب العراقية حين عرض فيلمه الجديد “الساعة الحادية عشرة”.
الفيلم تسجيلي ليس فيه تمثيل، لكن ليوناردو قام بإنتاجه وظهر فيه معلّقاً.
براد بت
إذ حضر مع من وصل من طاقم فيلم “أوشن 13” وجد نفسه محاطاً برغبة الإعلام
معرفة رأيه في تلك الحرب وهو كان صريحاً ولو أنه كان أيضاً مبتسراً في
ردّه:
“موقفي
معروف عبّرت عنه كثيراً من قبل. لا أعتقد أنها حرب محقّة وأتمنى خروجاً
سريعاً من مأزقها”.
كل هذه
الاسئلة محقّة ولو في غير محلّها أحياناً نظراً لأن من يتم توجيه السؤال
إليه ممثل او مخرج ذي سن ناضج معروف عنه تبنّيه رأياً في المسائل العويصة
التي يمر العالم بها، لكن أن يتم سؤال الممثلة لورين ماكيني “أين تقفين من
الحرب في العراق” فإنه أمر بالغ الغرابة.
ليس لأن
الفيلم الذي ظهرت فيه (وهو “بارانويد بارك”) لا علاقة له مطلقاً بمثل هذا
الموضوع (ولا بأي موضوع- بيننا) بل لأنها بالكاد في السابعة عشرة من عمرها.
المسكينة
حاول أن تجيب فتلعثمت لكنها عرفت كيف تقول: “لا أوافق عليه”
####
أحداث على الهامش
...
مواقف وطرائف في "عرس السينما"
هناك أمور
لا تفعلها في عرس السينما
* لا تصل
متأخراً الى فيلم معروض. ولا حتّى قبل ربع ساعة او نصف ساعة. الصفوف طويلة
وقد تنفد المقاعد دون أن تستطيع الدخول. هذا -مثلاً- ما حدث مع الفيلم
الكوبي “تنفّس” الذي عُرض مرّة واحدة في إطار المسابقة (على غير العادة)
ولم يتمكّن أعتى النقاد من الدخول بعدما امتلأت الصالة عن آخرها.
* لا تضع
وقتك الثمين إذا لم يكن لديك البطاقة الصحيحة للدخول. قسّم المهرجان
صحافييه الى مهمّين وغير مهمّين وما بين هؤلاء وهؤلاء وذلك تبعاً لصحفهم
ولمن يكتب على نحو دائم. هناك البطاقة الصفراء والزرقاء والزهرية والزهرية
بنقطة والبيضاء. والنصيحة أنه إذا ما امتلكت بطاقة صفراء فإنه من الأسهل
عليك استخدامها لركوب الحافلة مجّاناً لأنه ليس هناك كثير من المقاعد
الشاغرة لمثلها.
* لا
تخترق صفّاً من دون توخي العواقب. مشادّة حدثت بين صحافيين في صف حاشد على
فيلم “بارانويد بارك”. الصحافي الأول كان يقف وحيداً عندما تقدّم آخر من
نهاية الصف الى أمامه بعذر التسليم على ثالث. الحيلة مكشوفة. يبحث المتأخر
عمن يعرفه واقفاً في الصفوف الأولى ويتقدّم إليه بحجة التسليم عليه ويبقى.
لكن الصحافي الأول رفض وطلب منه العودة إلى الوراء وهذا ما ضايق الصحافي
الثاني الذي عوض أن يضع ذنبه بين ساقيه ويتراجع معتذراً قال له إنه لن
يُغادر المكان. الطلب ورد الطلب تحوّلا الى مشادّة صاخبة تدخل فيها موظفو
الصالة الذين أمروا الصحافي الثاني بترك مكانه فأذعن مضطراً.
* لا تطلب
مقابلة صحافية من دون أن تؤمنها إذا ما أعطيت لك. مؤخراً تم إلغاء طلبات
أحد الصحافيين السويديين الذي كان طلب مقابلة مع المخرج ديفيد فينشر لكنه
لم يحضر بعد أن تم تعيين الموعد في الحادية عشرة صباحاً، وحين اتصلت به
الموظّفة المسؤولة في الساعة العاشرة والنصف لتعلم أين هو الآن، فوجئت به
لا يزال نائماً في فندق بعيد ولن يستطيع الحضور الى المقابلة في الموعد
المحدد. طلبت منه العودة الى النوم وأغلقت الهاتف.
* لا
تتردد في إزعاج من يزعجك! هذه حدثت معي خلال عرض “الساعة الحادية عشرة”.
بطولة ليوناردو دي كابريو جلس أحد الصحافيين على مقعد أصدر صوتاً مزعجاً
كلّما تحرّك الرجل عليه وهذا الصحافي تحرّك كثيراً وفي كل مرة يصدر المقعد
صريراً حاداً ومزعجاً. بما أنني كنت الأقرب الى ذلك المقعد طلبت منه البحث
عن مقعد آخر:
قال: ليست
غلطتي. غلطة المقعد.
قلت: لا
يهمني غلطة من. هناك كرسي آخر بجانبك انتقل إليه.
قال: لا.
قلت: لكن
ليس لديك سبب للرفض.
قال: لا.
قلت: إذاً
ابق في مكانك وازعجنا.
قال:
سأفعل.
قلت: لكن
تحمل إذاً تداعيات الأمر
عدت الى
مقعدي. بعد عشر دقائق نهض فجأة وغادر الصالة ولم ينس أن يلقي نظرة علي. لا
أدري إذا ما شاهد الابتسامة العريضة التي اعتلت وجهي. أتمنى أنه رآها.
####
أفلام... ونقاد
·
Months,
3 Weeks and 2 Day:
فيلم روماني حول الحال الاجتماعي في نهايات النظام الشيوعي
السابق. تقييم الخليج: ***
تقييم النقاد العام: ****
·
No
Country For Old Men:
فيلم جووِل كوِن حول شخصيات متناحرة للموت بعدما سرق أحدهم مليوني
دولار. تقييم الخليج: *** تقييم
النقاد العام: ****
·
The 11th Hour:
ما صنعناه بالأرض وبطبيعتها وثرواتها مخيف لكن ما نواصل فعله أكثر رعباً.
تقييم الخليج: **** تقييم النقاد العام: ****
·
The
Banishment
“الصد” قمّة تعبيرية شعرية جمالية بموضوع إنساني آسر عن
العائلة المتداعية.
تقييم الخليج: **** تقييم النقاد العام: ***
·
Zodiac:
بوليس سان فرانسيسكو وصحافيون يطاردون قاتلاً بقي مجهولاً الى اليوم.
تقييم الخليج: **** تقييم النقاد العام: ****
####
سجل
المهرجان...
1962
"الكلمة
الممنوحة"
الأفلام
الأخرى التي توزّعت عليها الجوائز الأخرى كانت بدورها تستحق الذهبية:
“محاكمة جين دارك” لروبير بريسون، “الخسوف” لمايكل أنجلو أنطونيوني و”إلكترا”
لليوناني ميخائيل كاكويانيس. المسابقة بأسرها كانت حافلة بأفلام لأغنيه
فاردا، ساتياجت راي، بييترو جيرمي وآخرين من الذين لم يعبروا سماء السينما
بخفّة. الاشتراك العربي تمثّل بفيلم “إلى أين؟” لجورج نصر.
فيلم
السعفة: الكلمة الممنوحة (إنسيمو دوراتي- برازيل)
1963
“الفهد”
أفلام من
إرمانو أولمي، بيتر بروك، ماساكي كاباياشي وروبرت موليغان زيّنت هذه
الدورة. خارج المسابقة كان هناك فيلم إيطالي أخرجه كل من لوكينو فيسكونتي
(أيضاً) وفديريكو فيلليني وفيتوريو دي سيكا وآخرون هو “بوكاكيو 70”.
فيلم
السعفة:”الفهد” (لوكينو فِسكونتي- ايطاليا]
####
أوراق
ناقد ... نظرية
مؤامرة
أمضيت
الأشهر الستة الماضية أنتقل مع هذا الفيلم من مهرجان إلى مهرجان ملاحظاً رد
فعل مختلف في كل مهرجان.
المتحدّثة
هي الممثلة التونسية أنيسة داوود والفيلم الذي تتحدّث عنه هو “عرس الذيب”
الفيلم الأخير للجيلاني سعدي حول الشاب الذي يرفض الاشتراك في حادثة اغتصاب
جماعية، لكن الضحية (أنيسة داوود ابنة العشرين سنة) تعتبره مسؤولاً كما
الآخرين وتبعث برجال للانتقام لها. لكن في حين أن الأفلام العربية عادة ما
تنطلق من “كان” لتجول المهرجانات الأخرى، عمد “عرس الذيب” الى العكس، إذ
بدأ بالمهرجانات الأخرى وانتهى إلى “كان” خار ج- خارج المسابقة أو العرض
الرسمي.
على ذلك
أنيسة لا تذرف الدموع: “في رأيي المتواضع أن “عرس الذيب” من أفضل الأفلام
التونسية في السنة الماضية، لكني لا أعتقد أن ذلك وحده يخوّله للاشتراك في
كان. المسألة تتطلّب شيفرة إنتاجية متّفق عليها ولا يملكها هذا الفيلم
الصغير”.
أنيسة
تحمل على سينما عربية لاهية “يروّجها المنتجون الباحثون عن الثراء بأرخص
السبل بينما السينما التي يطمح إليها كل عربي لا تجد من يشجعها”.
لكنها
تحمل أيضاً على المخرجين المتميّزين الذين يتحوّلون إلى واعظين:
“هناك هذا
المخرج التونسي الذي لن أقول اسمه والذي حقق مؤخراً فيلماً عن المتطرّفين
ليصوّر عن حق ضيق أفقهم ومحاولة فرض منهج تفكيرهم. لكن أسلوبه ينم عن
محاولة فرض منهجه معتبراً المشاهدين سذّجاً تماماً”.
أيكون
المقصود نوري بو زيد؟ إذا كان هو فالفيلم كان عٌرض على “كان” ومن قبله
برلين ورفض في كليهما. وهذا ما ينقلنا الى وضع السينما العربية في “كان”
هذه السنة.
هل قلت
هذه السنة؟ أعتذر. لنقل كل سنة.
الغياب
العربي عن الاشتراك في مهرجان “كان” وفي غيره من المهرجانات الأولى حول
العالم بات الأكثر تكرراً من أي ظاهرة سينمائية عربية أخرى. طبعاً لا يخلو
الأمر من فيلم او فيلمين. وفي “كان” هذه السنة فيلمان لبنانيان هما
الاشتراكان الرسميان (إلى حد كون تظاهرة “نصف شهر المخرجين” لا تنتمي الى
جسم المهرجان ذاته وإدارته) “الرجل الضائع” و”سكّر نبات”، ثم مساهمات خجولة
في سوق الفيلم حيث يتم عرض “عرس الذيب” مثلاً. لكنه الغياب نفسه الحاصل
داخل البلاد العربية ذاتها. والأمر ليس عبارة عن الكم والكيف، بل هو أن خمس
عشرة دولة عربية أنتجت أفلاماً روائية من قبل (ولو فيلماً واحداً) لا
تستطيع أن تنتج معاً خمسة عشر فيلماً جيّداً في العام الواحد. هذا، إلى
جانب الدعم مفقود والاهتمام الغائب، يجعل السينما العربية مثل دكّان بضائع
معلّبة هجره زبائنه صوب “سوبرماركت” كبير وحديث. على ذلك، هناك من يقول أن
غياب الأفلام العربية عن مهرجان “كان” والمهرجانات الأخرى إنما مؤامرة
ضدّها. الذي يضحك في هذا الاستنتاج هو التالي: هل السينما العربية أكثر
خطورة على الغرب (مثلاً) من السينما الإيرانية؟ طبعاً لا. إذاً لم ترتكب
المهرجانات الغربية مؤامرة على السينما الإيرانية بهدف استبعادها؟
م.ر
|