المخرجة “الإسرائيلية” نتالي أسولين تريد أن تبرهن في فيلمها
التسجيلي “شهيدة” أنها تعلم لم تقوم أمّهات فلسطينيات بمساعدة استشهاديين
على تنفيذ مهامهم. عندها، أن المسألة هي إيمان شديد بالجريمة. تسأل، كيف
تسمح أم لديها أولاد بأن تساعد في التحضير لعملية تتم في مدرسة ؟ لكنها لا
تتطلّع إلى الجواب الذي قد توفّره تلك المرأة أو سواها في الفيلم بل تمارس
ما تريد ممارسته بعد المقابلة من قطع وتوليف ما يمنح الفيلم وجهة نظر تدين
وقلّما تصغي. تؤلّف وجهة النظر المعادية والُمدينة مستفيدة من حقيقة أن
الرأي العام يُدينها بدوره. لذلك هذا الفيلم لا يسعى للحقيقة بل يستغل
جانباً منها يخدم أغراضه.
حين أخرج هاني أبو أسعد فيلمه “الجنّة.. الآن” حول شابّين
مرسلين في مهمّة انتحارية سعى الى توفير البطانة السياسية حول شخصيّتيهما.
بذكاء استطاع ادانة العمليات الانتحارية ضد المدنيين، وهو الموقف الذي
يدينه معظمنا أيضاً، ومن ناحية أخرى وضّح، للغرب، كيف أن الاحتلال والقهر
والتعسّف والاستعمار الصهيوني لا للأرض فقط، بل للهوية الوطنية بأسرها
دوافع تجبر فعلاً ما وأن هذا الفعل استماتة.
فيلم أسولين لا يحتوي على هذا التحليل لأنها لا تريد أن تطرح
المسألة من زاوية البحث عن هذه الدوافع بل التأكيد أن هناك روحاً شريرة تزج
بهؤلاء النساء للإقدام على أفعالهن. بذلك مغيّب تماماً فعل الاحتلال
والمسؤولية “الإسرائيلية” في عدم الوصول الى حل لصالح اقامة الدولتين
ولمعاملة المدنيين الفلسطينيين كما لو كانوا مواشي كلما كان عليهم المرور
عبر حاجز “إسرائيلي”. أكثر من ذلك، الفيلم يطرح الموضوع كما لو أن صاحبته
لا تعلم أياً من هذه الظروف مطلقاً وباستبعادها الحديث عن مسببات لذلك،
تستبعد احتمال أن تكون هناك مسببات في الأصل مرتاحة الى نوع من التجاهل
الذي ينتهي الفيلم به. ففي النهاية لا يجيب الفيلم عن السؤال الكبير
المطروح وهو لماذا تقدم بعض النساء الفلسطينيات على مثل هذه الأعمال؟ وبعدم
اجابته على هذا السؤال ينتفي من قدرته كفيلم تسجيلي وبين “هلالين” وقائعي.
أحد الزملاء هنا لاحظ أن اجابات النساء المعتقلات دائماً
دينية. التبريرات المساقة من طرفهن، الأحاديث الشاملة والمواقف المسجّلة
كلها تتمحور حول أن الله يطلب منهن أن يكن شهيدات من دون أن تذكر واحدة
منهن شيئاً عن الأرض وفلسطين بدورها. مع أني مع هذه الملاحظة، الا أن السبب
قد يعود إلى أن الاجابات التي توفّرها السجينات منتقاة ومختارة من قبل
المخرجة- ما يعلمنا إذاً فيما لو أن واحدة منهن، على الأقل، تحدّثت عن
الواقع الاحتلالي المزري وعن حلم تحرير فلسطين.
طبعاً إذا غابت هذه القضيّة تماماً من الذكر فعلاً، فإن هذا
مأساة عربية تعكس مدى توغّل التطرّف الاسلامي الذي يحارب التطرّف اليهودي (الأنجح
في اخفاء نفسه للآن). بذلك هي حرب دينية بين فريقين، ولو أن المخرجة كان
لديها قدرة على التفكير خارج المنهج، او لو لم تكن تابعة عوض أن تكون
قائدة، لبحثت هذا الجانب بكل طروحاته ولنتج عن ذلك فيلم أفضل وأكثر مدعاة
للتصديق.
بستان
الليمون
فيلم “إسرائيلي” آخر في قسم البانوراما أيضاً هو “بستان
الليمون” لايران ريكليس مع هيام عبّاس وعلي سليمان في البطولة.
إنه أفضل وضعاً من الفيلم السابق كون المخرج يريد أن يتعاطى مع
الموضوع الفلسطيني- “الإسرائيلي” على نحو مفتوح. في “عروس سورية”، الذي
شوهد في مهرجان لوكارنو السويسري قبل نحو أربعة أعوام، تناول موضوع فتاة
سورية في القطاع المحتل من الجولان ستتزوّج من قريبها السوري في القطاع غير
المحتل من الجولان لكن الادارة “الإسرائيلية” تقف حائلاً كذلك البيروقراطية
السورية على الحدود. الأولى ترفض رفع ختم “إسرائيلي” طبعته على جواز سفر
العروس، والثانية ترفض قبول دخولها الأراضي السورية بهذا الختم.
كان فيلماً مهيّجاً للمشاهدين الذين لا يعرفون الوقائع
الحقيقية التي يمكن لها أن تحدث في مثل هذه المفارقة. اصطياد لموضوع انساني
مركّب كوميدياً وفيه حس انساني ملتف حول نفسه مثل قلب الخسة. لكن الفيلم
يتراجع مسافات عن إدانة كاملة لضابط كان يستطيع عدم طبع الختم (بل ان ذلك
ليس مطلوباً باعترافه) لكنه لم يفعل، ثم هو رفض إلغاءه.
هنا في “بستان الليمون” الموضوع أكثر تعقيداً وصعوبة وشغل
ريكليس أكثر جدّية على الرغم من لمسات الفيلم الكوميدية الموزّعة.
بطلة الفيلم هي سلمى (هيام عبّاس التي ظهرت في فيلم ريكليس
السابق) وهي أرملة في منتصف الأربعينات من عمرها لديها بيت وبستان من شجر
الليمون هو معيلها الاقتصادي الوحيد. هناك وزير دفاع جديد (دورون تاوري)
اشترى منزلاً مقابلاً لها والأمن يرى أن تلك الأشجار قد تشكّل تغطية مثالية
ناجحة ل “الارهابيين” إذا ما أرادوا مهاجمته. القرار: قطع هذه الأشجار.
تستيقظ سلمى على هذا الوضع الجديد الذي يهدد حياتها الاقتصادية فتعيّن
محامياً (علي سليمان) وتنقل الصراع الى المحكمة المعروف سلفاً موقفها في
مثل هذه القضايا.
ينتقل المخرج بين الوضع لدى الطرفين: سلمى والمحامي يبدآن
بالشعور بحاجة كل منهما العاطفية للآخر. قصّة حب تجد فيها البطلة في موضع
غير مريح كونها أرملة ولديها قضيّة لا تريد لها أن تميع بسبب هذا الحب
المحتمل. من الناحية الأخرى فإن زوجة الوزير التي أيدت زوجها فيما يتعلّق
بمصادرة الأرض وقطع أشجارها تكتشف أن زوجها لديه مغامرة عاطفية مع سكرتيرته
وتبدأ بمراجعة موقفها منه وتقرر لاحقاً تركه. المخرج لا يريد أن يحدد من
معه حق في هذا الصراع بل يوزّع، ككثيرين غيره، تبريرات مختلفة تساوي الحق
والباطل من دون تقديمهما على هذا النحو او ضمن هذين المسميّين. النتيجة
فيلم آخر يستغل الوضع لتهييج سياسي/ إنساني من دون أن يكون مرضياً كاملاً
لأي طرف.
المزروعي
التقى رئيس
مهرجان برلين
اشادة
عالمية بمهرجان
الشرق الأوسط السينمائي
برلين “الخليج”: التقى محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة
أبوظبي للثقافة والتراث ديتر كوسليك رئيس مهرجان برلين السينمائي الدولي
ضمن فعاليات الدورة المنعقدة حالياً لمهرجان برلين.
وتباحث المزروعي مع كوسليك في سبل التعاون بين كل من مهرجان الشرق الأوسط
السينمائي الدولي في أبوظبي، ومهرجان برلين السينمائي الدولي، كما عقد
المدير العام لهيئة ابوظبي للثقافة والتراث اجتماعات مكثفة مع مجموعة من
أهم صناع السينما والمنتجين في العالم، والذين أبدوا اهتماماً ملحوظاً
بالانطلاقة المتميزة لمهرجان السينما في أبوظبي، حيث أكد المزروعي ان
مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي قد اثبت وجوده وجدارته في
المشهد السينمائي العالمي منذ دورته الأولى في اكتوبر/تشرين الأول الماضي،
والتي شهدت نجاحاً كبيراً على كل الصعد، إذ استقطبت العديد من أهم صناع
السينما والنجوم في العالم، وتميزت بعقد مؤتمر خاص حول تمويل الأفلام.
ويأتي وجود هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في مهرجان برلين
السينمائي في سياق تكريس مشروعها السينمائي وحضورها الثقافي في المحافل
العربية والدولية، والتواصل مع الآخر وتبادل الخبرات.
وأكد المزروعي بهذه المناسبة ان الفن السابع يعتبر احد أبرز
اهتمامات الهيئة على اعتبار أهمية حضوره في أي مشروع ثقافي معاصر،
فبالاضافة الى مسابقة أفلام من الامارات التي كرست الحضور السينمائي
المحلي، اطلقت الهيئة مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الذي نظمت
الدورة الأولى منه ما بين الرابع عشر والتاسع عشر من اكتوبر/ تشرين الأول
2007 والتي لقيت نجاحاً كبيراً، واستقطبت أهم الأفلام العالمية، بالاضافة
الى تنظيم مؤتمر تمويل الأفلام الذي سيصبح مؤتمراً سنوياً يفتح الباب امام
التعاون الدولي في مجال صناعة السينما، ويوفر فرصاً للمستثمرين في هذا
المجال.
وايماناً من القائمين على هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بأهمية
السينما، وضرورة اتاحة فرص تعليمية للمواهب المحلية والعربية فقد أسست
اكاديمية للسينما في ابوظبي وذلك بالتعاون مع اكاديمية نيويورك للفيلم (اكاديمية
نيويورك - أبوظبي للفيلم)، والتي تفتح أبوابها خلال فبراير/شباط الجاري
للمواهب الشابة محلياً وعربياً وتقدم لهم الخبرات اللازمة وفقاً للمعايير
العالمية المتعارف عليها، والتي تشمل كل عناصر الفيلم السينمائي، كما
ستستقطب الاكاديمية أصحاب الكفاءات والخبرات العالمية ليقدموا عصارة
تجاربهم وخبراتهم الاكاديمية والفنية لطلابها.
كذلك فقد اطلقت الهيئة مشروع وحدة تمويل الأفلام الذي يعمل على
توفير فرص التمويل السينمائي الدولي للأفلام المتميزة عبر استقطاب أهم
شركات الانتاج العالمية، والمستثمرين الدوليين الذين ستتوافر لهم فرص
استثمارية كبيرة من شأنها ان تدفع بعجلة تطور الانتاج السينمائي نحو مزيد
من التطور والتميز، هذا وبالتوازي اطلقت ايضاً لجنة أبوظبي لصناعة الفيلم
والتي ستوفر لصناع الفيلم السينمائي محلياً وعربياً كل عناصر صناعة الفيلم
الجيد من اماكن تصوير، ومعدات تقنية، واستشارات فنية وغيرها من تفاصيل
يحتاجها انتاج الفيلم السينمائي.
أرشيف
المهرجان 1998
الفيلم:
“محطة البرازيل”
المخرج:
وولتر سالز
البلد:
البرازيل/ فرنسا
التقييم:
من خمسة
وولتر سالز مخرج برازيلي قدّم في مسابقة مهرجان برلين في ذلك
العام ما لا يزال أفضل أعماله: قصّة امرأة تعمل في محطة القطارات في ريو دي
جانيرو وعملها هو كتابة الرسائل للأميين. تسمع وتكتب وتساعد - لقاء أجر-
لكنها لم تكن تتوقّع أنها ستقوم بمساعدة هذا الطفل الذي يبحث عن أبيه. وهو
لا يبحث عن أبيه في المدينة، بل في بعض الأرياف البعيدة. من هنا يتحوّل
العمل الى فيلم طريق يأخذنا مع بطليه الى حيث لم يذهب مخرج برازيلي من قبل.
لكن الفيلم ليس قصّة فقط، بل يدور أساساً عن تلك المرأة غير
الصبيّة التي لا ابن لديها ولا زوج، إنما مجرد أحلام وواقع غير وردي. امرأة
تدرك أن أفضل ما في حياتها قد مر لكنها تجد نفسها أمام تحدٍ جديد لإثبات
جدواها في الحياة.
استقبل الفيلم جيّداً من قبل النقاد ولجنة التحكيم في برلين
وقت عرضه عام 1998 فحصد الذهبية لمخرجه والفضية لبطلته فرناندا مونتنغرو.
سيكون
هناك دم
ليس فقط أن فيلم “سيكون هناك دم” عمل سياسي بالدرجة الأولى، بل
أن بطله دانيال داي-لويس، الذي يؤدي في الفيلم دور رجل أعمال في حقول النفط
يتملك به الجشع لدرجة إبعاد نفسه عن مسارات الحياة الانسانية واستعداء
الجميع وبل ارتكاب الجريمة والتحالف مع اليمين الديني المتطرّف في مطلع
القرن العشرين، حمل السياسة معه الى المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم أمس
الأول.
وبدأ لويس المؤتمر الصحافي بهجوم آخر هذه المرّة على الصحافيين
الذين سيسألونه في الأمور الشخصية إذ قال: “أريد أن أحذّر أنني سوف لن أجيب
على سؤال يتعلّق بجوانب حياتي الخاصّة. هناك كتابات كثيرة نشرت حولي كلها
مغلوطة لكني لست بوارد تصحيحها لكم”.
أكثر من ذلك، تدخّل الممثل أكثر من مرّة ليجيب على اسئلة تم
توجيهها لمخرج الفيلم بول توماس أندرسن الى أن قام هذا بالتدخّل أكثر في
الحديث وقطع هذه المحاولات.
شاه خان
وزّع قبلاته
السينما الهندية لها جمهورها في ألمانيا وهذا الجمهور زحف الى
صالة العرض التي شهدت تقديم فيلم “أوم شانتي أوم” الذي يقود بطولته شاه روح
خان، او كما يلقبونه في الهند الملك خان.
الممثل تقدّم ببطء مقصود ليتسنّى له توزيع قبلاته بكفّ عالية وبحركة مسرحية
تعوّد عليها في الهند قبل وصوله الى برلين سامحاً في الوقت ذاته لذلك
الجمهور بأن يصرخ كما لو كان نجماً غنائياً بين جمهور من المراهقين (او
ربما كان). الفيلم حسب أحد النقاد العرب القليلين الموجودين هنا: “رديء
جداً لكنه ممتع جدّاً أيضاً”.
أين هم؟
- وعلى ذكر النقاد العرب أين هم؟
هناك عدد أقل مما كان عليه الحال في السنوات السابقة إذ لم يتم
رصد أكثر من سبعة صحافيين ونقاد عرب بينهم منتجة برنامج “سينمانيا” من
محطّة أبوظبي كارلا طوبيا، وهاجوب حبشيان عن جريدة “النهار” اللبنانية.
إثنان من المراسلين العرب هما أساساً من سكّان برلين واشتراكهما أمر عادي
يكاد لا يُحسب في عداد الحضور العربي المفترض. في المقابل، كانت برلين
مركزاً لحضور نحو خمسة عشر صحافياً وناقداً عربياً في بعض السنوات الماضية
بينهم فريق كبير من صحافيي مصر مثل نور الدين خليل وسمير فريد وإيريس نظمي.
عودة
مرجريت فون تروتا
المخرجة الألمانية مرجريت فون تروتا، التي كانت رئيسة لجنة
التحكيم في الدورة الأخيرة من مهرجان برلين تستعد لاخراج فيلمها الجديد
وعنوانه “رؤية” في الشهر المقبل. الممثلة التي اختارتها فون تروتا للبطولة
هي باربرا سوكوفا، وهي بطلة بعض أفلامها السابقة مثل “الشقيقتان
الألمانيّتان” و”روزا لوكسمبرغ”.
أوراق ناقد
...
الغياب
العربي
دائماً ما نسأل أنفسنا، عن السبب الذي لا توجد فيه أفلام عربية
في المهرجانات الرئيسية وإذا وُجدت، كما الحال هنا هذا العام حيث عُرض فيلم
يسري نصر الله الجديد “جنينة الأسماك”، فهي أولاً: محدودة جدّاً عددياً
(فيلم واحد بين المئات المعروضة) وعلى نحو غير متواصل (هناك مرّات يغيب
فيها العالم العربي الشاسع تماماً). وطبعاً لا تسأل عن المسابقات الرئيسية:
هناك نسبة ضئيلة جدّاً من الأفلام العربية تخترق المسافة بين العروض
الجانبية والمسابقة في هذه المهرجانات.
حسناً، إذاً لابد هناك من أسباب أو احتمالات
أولاً ربما لا يحبّوننا
ثانياً ربما ليس لدينا ما نعرضه من أفلام جيّدة
ثالثاً ربما أسباب تتعلق بالتسويق.
رابعاً: من المحتمل أن تكون الأسباب المذكورة أعلاه كلّها
صحيحة؟
الجواب على الاحتمال الرابع هو الصحيح باستثناء مسألة أنه ليس
لدينا أفلام جيّدة نعرضها.
نحن لسنا محبوبين عموماً. لم نكن كذلك في السنوات التي سبقت
11/9 وبالتأكيد لسنا بعده في وسط هذه الفوضى الدينية والسياسية التي نخوضها
حيث يجد الغرب نفسه في موقف الدفاع عن نفسه ضد متطرّفين يريدون تقويض لا
العالم العربي فقط بل العالم الغربي أيضاً.
مسألة الأفلام الجيّدة موجودة وكثير منها ظهر في مهرجان دبي
السينمائي الدولي. لكن الأفلام الجيّدة التي يتم إطلاقها عربياً لا يوجد من
يقدّمها على نحو جيّد. بكلمات أخرى، ليس هناك مكتب واحد يتولّى توفير
التسويق الاعلامي المطلوب لهذه الأفلام.
ليس لدى معظم المنتجين العرب ميزانية تكفي لتأجير خدمات وكالة
إعلامية تقوم بتوفير ما هو مطلوب لتنشيط الفيلم دعائياً وإعلامياً ودفعه
الى الواجهة أمام أعين مبرمجي المهرجانات الدولية.
كثيرة هي الأفلام العربية التي تتنفّس الصعداء لمجرد أنها
استطاعت -أخيراً- التحوّل الى حقيقة. هناك مخرجون كثيرون يمسكون
بسيناريوهاتهم ويدورون على كل احتمال ممكن: هذا بحاجة الى مئة ألف دولار،
والآخر الى مئتين او ثلاثة او أربعمائة ألف دولار- ولا أحد يكترث. فإذا
كانت الصناعة ونظامها معطلين في العالم العربي، كيف يمكن إنجاز نقلة نوعية
وتجارية له؟
الفيلم هو حالة إعلامية: هناك متاعب بين الغرب وإيران أكبر
بكثير من المتاعب بين العرب والعالم الغربي، لكن ذلك لا يمنع من أن السينما
الايرانية أصبحت حالة نشطة في البال: الجمهور الغربي يود دائماً معرفة كيف
يقوم المخرج الايراني بصنع فيلم يحكي عن العالم الداخلي لمجتمعه. والدلائل
دائما ما أثبتت أن فيلماً عربياً بسيط التشكيل فنياً ينجح أكثر مما ينجح
فيلم يعتقد المخرج بأنه يخدم نفسه عندما يشتغل على عدّة شرائح معقّداً
الحكاية معتقداً أن هذا ما يريده العالم الغربي.
انظر مثلاً ما حدث في العام السابق. إنه “عمارة يعقوبيان”
و”سكّر بنات” وكلاهما نجح تسويقياً في الخارج. أسلوب مخرجيهما السردي
البسيط من دون أن يكون ضعيفاً او ركيكاً (ومن دون حكم لهما او عليهما من
ناحيتي) هو الذي فتح لهما الأسواق. وسيحدث هذا مع “تحت القصف”، لكنه لن
يحدث مع “خلص” او مع الفيلم الجديد “جنينة الأسماك”. ليس هناك من دواعٍ
كافية لدى المشاهد الغربي ليرى فيلماً عربياً معقّداً او فنيّاً على هذا
النحو. بل يكفي أن يكون جيّداً فنياً ويحمل موضوعه الى جمهوره بأسلوب قابل
للمتابعة. هذا ليس رأياً فقط، بل هو واقع أيضاً.
م.ر
email: merci4404@earthlink.net
Blog: shadowsandphantoms.blogspot.com
الخليج الإماراتية في 11
فبراير 2008
|