قراءة في أفلام الأسبوع الأول من مهرجان برلين السينمائي
برلين -
محمد رضا
باستثناء فيلمين أو ثلاثة، فإن أفلام الأسبوع الأول من دورة
مهرجان برلين السينمائي الجديدة مناسبة جيّدة لتمارين الحنك من فرط التثاؤب
هناك شيء ما خطأ حين تكون هناك لجنة اختيار لمهرجان ما وكل ما
تستطيع الاتفاق عليه لاختياره هو أفلام لا تحمل في الغالب قيماً نوعية
فنيّة جيّدة، هذا الشيء الخطأ أما لأنه لا توجد أفلام من هذا النوع مطلقاً
وإما لأنه توجد شروط متخلّفة لا تستوعب المطلوب فعلاً تقديمه، أو لأن لجنة
الاختيار مؤلّفة من أشخاص ضعاف لا معرفة كاملة ونشطة وعميقة لهم بالسينما.
المرجح أكثر من غيره هو أن الجواب يكمن في السببين الثاني والثالث.
لكن مهما يكن فإن النتيجة واحدة: معظم الأفلام المطروحة في هذا
الاستعراض والتي عرضت في المسابقة تعاني من مشكلة كبيرة أو أخرى. المشكلة
تختلف من فيلم إلى آخر فبعضها ناتج عن سقوط الفيلم في منتصف الطريق بين
اتجاهين بحيث لا يحقق المنشود منه في أي إتجاه، وبعضها الآخر سقط بسبب النص
والبعض الثالث بسبب التنفيذ. التالي هو جردة حساب للأفلام التي عرضت إلى
الآن حسب توالي عروضها.
Shine A Light - الولايات المتحدة الأميركية
فيلم الافتتاح لم يكن سوى هذا الشريط الموسيقي- الغنائي
التسجيلي الذي أنجزه مارتن سكورسيزي عن فرقة (ذا رولينغ ستونز) البريطانية
وهي المرّة الأولى التي يشترك فيها فيلم تسجيلي ما في مسابقة مهرجان برلين
ناهيك عن أنه أيضاً -وبطبيعة الحال- المرة الأولى التي يفتتح فيها الدورة،
في العام ما قبل الماضي قام الفريق بحفلة في مدينة نيويورك غصّت بالحضور من
المعجبين وبينهم المخرج سكورسيزي الذي صوّر حفلتهم من زوايا متعددة وبفضل
مونتاج جيّد نقل إلى الشاشة في هذا الفيلم الحماس والأجواء التي غلّفت
ظهورهم. أكثر من ذلك، صنع عملاً تسجيلياً زمنياً من حيث إنه شهادة لفرقة
انطلقت في الستّينيات ولا تزال مستمرّة بزخم غريب.
التقييم:
(ثلاثة من خمسة).
In Love We Trust
- الصين
فيلم (باللغة الماندرانية) من إخراج وانغ كشاو شياو الذي
دائماً ما يتم تقديمه كأحد سينمائيي الجيل السادس، كما لو أن هذا وحده
ضمانة. الحقيقة أن (في الحب نثق) ميلودراما من وزن تلفزيوني حول تلك الأم
التي يتأكد لها أن ابنتها الصغيرة ستموت بالسرطان المبكر فتسعى لإقامة
علاقة مع زوجها السابق (المتزوّج حالياً) برغبة إنجاب طفل آخر لعلّه يؤخر
أجل إبنتها. ما ينتج عن ذاك تأخير أجل الفيلم نفسه خصوصاً وأن زوجها الحالي
لا يمانع رغم أن زوجته لم تتكلّف حتى أخذ رأيه. أما زوجة زوجها السابق
فتثير الغضب الذي ما إن يهدأ حتى تعلن موافقتها أيضاً? كل ذلك لأجل القول
أنه من أجل حب الأم لطفلتها فإن كل شيء يصبح ممكناً.
التقييم :
(اثنان من خمسة).
There Will Be Blood الولايات المتحدة الأميركية
أفضل ما شوهد من أعمال روائية حتى اليوم هو هذا الفيلم الذي
أخرجه بجدارة بول ثوماس أندرسون وقام ببطولته -بأداء جيّد- دانيال داي
لويس. إنه عن منقّب فضّة في العام 1889 اكتشف حقلاً للذهب الأسود وانقلبت
حاله بأسرع وأفضل مما كان يتصوّر. يتناهى إليه وجود حقل أكبر في ولاية
كاليفورنيا فيشتريه ويتحوّل إلى رجل بالغ الثراء. لكن عدائيّته للمجتمع
وللناس ورغبته في الاستحواذ أمور تجعله يعيش وحيداً. حتى عودة الشاب الذي
رعاه طفلاً (بعد موت والده في حادثة منجم) لا تشكّل مناسبة لمراجعة النفس.
للفيلم تجسيد للسياسة الحالية حيث يكشف المخرج العلاقة القائمة بين النظام
الاقتصادي وبين الكنيسة المتشدّدة على أساس أن هذه العلاقة -وحسب الفيلم-
هي ما تشكّل الرابط الوثيق بين الاثنين في الحياة السياسية بأسرها.
التقييم:
(أربعة من خمسة).
Black Ice - فنلندا/ ألمانيا
ميلودراما أخرى إنما في إطار مختلف: الزوجة هنا (أوتي ماينبا)
تنفصل عن زوجها وتغيّر هويّتها وتبدأ بملاحقة عشيقته لكي تنتقم منها.
المخرج بتري كوتويكا يحشد أجواءً تشويقية لكنه سريعاً ما ينحو إلى ما
يُسمّى بلغة التلفزيون بال(سوب أوبرا) حيث الأحداث آيلة إلى طروحات عاطفية
الشأن أكثر منها منطقية? هنا يوجد بعض العذر في هذا الاتجاه كون المخرج
حاول التأكيد على الجانب العاطفي والشخصي أساساً راغباً في سبر غور
الإشكالات الناتجة عن الغيرة والثورة والحب، لكن المزاوجة بين التشويق
والشأن العاطفي يعني مشاكل اختيار بين شكلين مختلفين للفيلم والمخرج اختار
الشكل الأكثر هواناً (العاطفي) حتى وإن لم يقصد ذلك. هناك كاميرا ثابتة
ومتوازنة الحركة تحسب للفيلم وهو أسلوب لم يتّبعه المخرج من قبل?
التقييم:
(ثلاثة من خمسة).
Lake Tahoe
المكسيك/ الولايات المتحدة/ اليابان
المخرج فرناندو إمبيكي يستوحي من المخرج الأميركي جيم يارموش
أسلوب تقديم الحكاية بالبطء المتعمّد والشخصيات التي تثير البحث لكن القصّة
التي يجعلها وسيلة لمثل هذا الانعكاس والتأثير، تبقى نحيفة كنحف بدن بطله
الشاب جوان (دييغو كاتانو) وهو يترك بيت عائلته هرباً من الشجار الدائم
ليتعرّف على حياة جديدة في بلدة أخرى أكثر هدوءاً وأقل زحاماً من المكان
الذي جاء منه الفيلم معمول ككوميديا مواقف، لكن ضعف التمثيل بالإضافة إلى
ضعف الإمكانيات يجعل هذه المواقف مثل لفحات هواء تمر سريعة ولا تترك برداً.
التقييم:
(اثنان من خمسة).
Julia
- الولايات المتحدة
يقول المخرج العائد بعد طول غياب إريك زونكا إنه استوحى قصّة
هذا الفيلم من (غلوريا) الذي أخرجه جون كازافيتيس في السبعينات. هذا صحيح،
لكن إذا استوحى الفيلم الجيّد السابق من دون أي قدر من الذكاء تمكّنه من
تقويض مخاطر انزلاق الفيلم إلى التشويق وحده? في (غلوريا) قصّة امرأة في
منتصف العمر يعهد إليها بحماية صبي وهي لم تتزوّج لأنها لا تطيق الأطفال،
لكنها ذات قلب وهي تحاول حماية الطفل من العصابة في الفيلم الجديد هي امرأة
بلا قلب إلا في النهايات ما يجعلها عرضة لمشاهدين يبحثون عن القيمة في
الصياغة الدرامية ولا يجدونها هي هنا من تخطف الصبي وتحاول جهدها ابتزاز
جدّه وهي هنا امرأة سكيرة لا تعرف شيئاً اسمه ضوابط تمكّنها من حفظ حياتها
قبل أن تخسرها على هذا النحو أو ذاك. النتيجة فيلم يستمر أطول بكثير مما
ينبغي ولا يضيف لحكاية الخاطف والمخطوف المطروقة أي جديد سوى بعض المشاهد
الصحراوية حيث تلجأ بطلة الفيلم وهي تيلدا سويننتون - الممثلة التي تربط
هذا الفيلم المتفكك بعضه ببعض.
التقييم:
(اثنان من خمسة).
Gardens of the Night بريطانيا/ الولايات المتحدة
يضع المخرج داميان هاريس يده على موضوع يعنيه اجتماعياً وأمضى
عليه ست سنوات باحثاً ومنقّباً قبل أن يشمّر عن ساعديه وينطلق في العمل?
إنه عن الأولاد والفتيات الصغار اللواتي يتم خطفهم والمتاجرة بهم وهم في
ذلك السن البريء الصغير? متابعة الفيلم صعبة على الرغم من أن المخرج لا
يظهر العنف الفعلي ولا تهمّه المشاهد الجنسية حين يبدأ الخاطف ببيع الفتاة
الصغيرة لمن يدفع? التوتّر بدوره عال لكن المعالجة بكاملها لا تنجز الموعود
من الفيلم. لا جدال على النيّة الطيّبة التي تعتري صانعه لكنه ليس بالفيلم
الفني الناجح خصوصاً وأنه ينتقل من الزمن الحالي إلى الماضي ويعود إلى
الحالي في حركة لولبية تقسم الفيلم ولا تفيد في معالجته جيّداً.
التقييم:
(اثنان من خمسة).
The Song of Sparrows
- إيران
بطل هذا الفيلم رجل قروي يعمل في مزرعة للنعام وفي أحد الأيام
يطرد من عمله لأن نعامة هربت. ليعيل عائلته وتأمين الثمن المرتفع لآلة سمع
لابنته الصمّاء. يأخذ درّاجته النارية إلى المدينة كل يوم ويعمل عليها
كتاكسي: (عادة منتشرة في طهران على ما يبدو وشوهدت سابقاً في أكثر من فيلم
إيراني)، كل مساء حين يعود هناك مشاكل الحياة العائلية الصغيرة التي تثير
الاهتمام والطرافة، والمعالجة المعهودة من مخرج يحب التفاصيل الاجتماعية
ويقدّم أبطاله بإعجاب ملحوظ، للأسف قبل نصف ساعة من نهاية الفيلم تخف قبضة
المخرج على نواصي العمل وما بناه من اهتمام بفضل فاصل في السيناريو يؤدي
إلى تداعيات وتطويلات لم تكن محسوبة. فالرجل يقع ويكسر رجله والفيلم كذلك.
التقييم
:(ثلاثة من خمسة).
Elegy
- إسبانيا
المخرجة إيزابيل كواسيت تستوحي هذا الفيلم من رواية للأميركي
فيليب روث تدور حول بروفسور يؤدّيه (بن كينغسلي) وطالبة (بينلوبي كروز)
وكيف أن الحذر الذي يمارسه الأستاذ بصورة عامّة مع كل طالباته خشية أن
تتمادى إحداهن معه لا ينفع أمام هذه الطالبة (أليست بينيلوبي أكبر سنّاً من
دورها؟) التي تتمتّع بالجمال والإصرار على ربح قلب الأستاذ، قضى هذا الناقد
وقتاً متعباً وهو يشاهد عملاً لا يهمّه ومع شخصيات تفتعل قدراً من الأداءات
غير المقنعة، إذا صح ما شاهدته في هذا الفيلم فمعنى ذلك أن كل أستاذ مدرسة
يشتهي طالباته ويعاني كبتاً شديداً وحرماناً أشد!
التقييم:
(اثنان من خمسة).
The Elite Squad
- برازيل
إلى الآن، كان لدى الأفلام التي عرضت رغبة في تجنّب الكاميرا
المهزوزة التي تعتبر نفسها تعبيراً فنيّاً لمجرد تذكيرنا بوجودها. الآن،
ومع هذا الفيلم الصاخب والعنيف، تلعب دور البطولة وتنتهج دور الكاميرا
التقريرية التي نراها في التحقيقات الصحافية التلفزيونية. للأسف، وعلى عكس
التلفزيون، ليس هناك زر تضغط عليه خلال العرض لتغيير القناة، بل تجد نفسك
محبوساً أمام الشخصيات المتنافرة في هذا الفيلم الذي يريد الحديث عن العنف
المتفشّي في شوارع ريو دي جنيرو بعنف مماثل يقوم به هذه المرّة البوليس
والعصابات على حد سواء. إنه صادق النيّة قليل الحيلة حين يأتي الأمر إلى
استخراج عمل أكثر دلالة.
التقييم:
(اثنان من خمسة).
Happy Go Lucky - بريطانيا
إنقاذاً للأسبوع الأول تم تقديم هذا الفيلم الكوميدي -
الاجتماعي الجيّد من المخرج الواقعي مايك لي حول امرأة شابّة (سالي هوكينز)
تعيش مع صديقاتها وتتمتّع بروح شفّافة وبوجه بلا أقنعة. إنها دائمة الضحك
والمرح وتجد في كل موقف مهما كان عصيباً مدعاة للتندّر. بعد سرقة درّاجتها
تقرر أن تتعلّم قيادة السيارات والمعلّم إنسان متعصّب لا يطيق فقدان ثانية
على الاجتماعيات. ليس أن حبّا سيربط بينهما على الرغم من التناقض الكبير،
بل على العكس ستقع أحداث تجعلها تقرر أنها لا تريد أن تراه بعد ذلك اليوم.
لا أحداث درامية كبيرة ولا نيّة لدى المخرج لأي شيء باستثناء عمل حياتي
واقعي حول امرأة واثقة من أن الحياة هي أجمل من أن نمضيه في امتعاض
وكدرتمثيل جيّد من سالي وإخراج نافذ لكن المفقود هو حدث أكبر حجماً بقليل
من تلك التداعيات السهلة المتواصلة.
التقييم:
(ثلاثة من خمسة).
شاشة
عالمية
HOW TO ROB A BANK
المخرج:
أندروز جنكنز
الممثلون:
نك ستول، إريكا كرستنسن، تيري كروز
المصدر:
مكتوب خصيصاً للسينما
النوع:
تشويق
ملخص:
حكاية سرقة مصرف تتعرّض لمطبّات وخيانات وتشابكات تطيح
بالعملية من بدايتها. على الرغم من ذلك تتعدد الشخصيات وتتكاثف المفارقات
حول من الذين سيسرق ماذا في نهاية المطاف.
رأي
الجزيرة:
على الرغم من أن الموضوع مثير على الورق، إلا أن تحويله إلى
فيلم سينمائي على يدي مخرج ليست لديه الخبرات الكافية، كما الحال هنا، يؤدي
بالمشروع كله إلى فوضى شديدة.
رأي آخر:
إذا كان المخرج جنكنز محظوظاً فستغفر له هوليوود هذه الزلّة
وتعطيه فرصة عمل أخرى (ستفن فاربر - ذ هوليوود ريبورتر)
IN BRUGES
إخراج:
مارتن مكدوناف
الممثلون:
كولن فارل، برندن غليسون، راف فاينز، كلمنتين بوسي
المصدر:
سيناريو مكتوب خصيصاً للسينما
النوع:
أكشن / كوميدي
ملخص:
راي (فارل) وكن (غليسون) رجلا عمليات قتل واغتيال مأجوران.
الآن هما بانتظار العملية المقبلة ويمضيان الوقت في السياحة كونهما لا
يملكان وضعاً اجتماعياً يرتاحان إليه. لكن المدينة التي اختاراها لتمضية
الوقت فيها ما يكفي من المتاعب وما يلبثا أن يغرقا في عنفها.
رأي
الجزيرة:
مكتوب لإثارة النجاح ومنهجه في ذلك خطان متوازيان من الحسنات
والسيئات. من ناحية هو فيلم بموضوع ومفارقات مثيرة للطرافة، ومن ناحية أخرى
يوزّع نكاتاً مسيئة للمختلفين عن السائد: قزم، امرأة سوداء ولو كان هناك
عرباً لسخر الفيلم منهم أيضاً.
رأي آخر:
مثير للغرابة والمفاجآت ذات اللون الداكن حتى نهايته مع حبكة
لا يمكن مشاهدتها، فقط التمتع بها (روجر إيبرت - شيكاغو صن تايمز).
THE BANDصS
VISIT
إخراج:
إران كوليرين
تمثيل:
رونيت ألكابتز، عماد جبارين، ساسون غابال.
المصدر:
مكتوب خصيصاً للسينما
النوع:
دراما خفيفة (إسرائيل / فرنسا).
ملخّص:
ثمانية أفراد من موسيقى البوليس الإسكندراني يصلون الى بلدة
صغيرة في إسرائيل عن طريق الخطأ، حيث يتم استقبالهم جيّداً من قبل صاحبة
مطعم صغير وعائلة مساعدها.
رأي
الجزيرة:
دراما تطبيعية تستغل الموضوع لصالح رسالة مفادها أن
الإسرائيليين يعرفون الكثير عن الثقافة والفن المصريين وأنهم يحبّون ما
يعرفونه. الشخصيات المفترض أن تكون مصرية تبدو مصدومة طوال الوقت.
الإسرائيلية هي الأكثر رغبة في التواصل ومعرفة الآخر.
رأي آخر:
فيلم دافئ ونظرة ممتعة على الجسر الثقافي والعلاقات المتماثلة
يبرهن على أنه في بعض الأحيان يكفي إشعال نور ليكون هذا كل ما تحتاجه
لمعالجة موضوع شائك (جاي وايزبيرغ - فاراياتي).
اللقطة
الأولى
مهرجانا
جدّة خطوة منشودة
خطوة صحيحة وفي وقتها تلك التي أنتجت إطلاق مهرجان الأفلام
الآسيوية الأول في مدينة جدّة. وهي ثاني خطوة سينمائية صحيحة وفي وقتها
المناسب، بعد المهرجان الذي أقيم لعامين متواليين حتى الآن في مدينة جدّة
والتي أعتذر إذ فاتني تهنئة من قام بها ومن لا يزال يسعى لإقامتها من شباب
يدركون أهمية الفن في السينما ويحاولون نشره وتقديمه.
الخطوتان ثقافياً واجتماعياً وإعلامياً مهمّتان جداً وعلى أكثر
من صعيد. المسألة ما عادت كما يكرر البعض كثرة المهرجانات السينمائية
العربية مؤخراً، بل هي في العائد المنتظر من هذه المهرجانات. هل يصب
المهرجان في هدف صحيح؟ هل يسهم في نشر الثقافة السينمائية؟ هل يقدّم ما يجب
تقديمه من أعمال هادفة تحيي حب الإنسان إلى المعرفة والعلم والتعرّف على
الشعوب الأخرى وكيف يعيشون وكيف يتعاملون، بصواب أو بخطأ، مع مشاكلهم؟ هل
يقدّم وجبته الفكرية - الفنية لأناس متعطّشين لهذا الفن الراقي الذي مسخه
كل الجشعين من الموزّعين السينمائيين الذين لا غاية لهم سوى توفير الأفلام
التي تستطيع أن تدر بدل الدولار عشرة بصرف النظر عن فنّها وثقافتها
والأهداف المناطة بها.
في وقت يزداد فيه عدد الذين يعتبرون أن الفيلم في نهاية الأمر،
وكما قال واحد أجنبي كان ينتظر مثلي فتح باب الدخول لصالة العروض الرئيسية
في مهرجان برلين بخفّة: (الفيلم في نهاية الأمر هو سلعة تجارية. يكلف هذا
القدر وعليه أن يسترد تكلفته ويحقق عائدات أعلى). قلت له قبل أن يصل إلى
آخر كلمة: (.... بشرط أن يكون الفيلم له هدف وقيمة ويسعى لإضافة معرفة
إنسانية وحتى لو كان فيلما ترفيهياً فالفن فيه واجب).
لكن ليس عدد المعتقدين أن السينما هي تجارة هم في ازدياد فقط،
بل أيضاً عدد المدركين أنها ليست كذلك وأن رسالاتها حصانة حضارية ضد الجهل
المتفشّي والهجوم الثقافي الغربي على حد سواء. وهذا ما تساعد على نشره
وإنجازه المهرجانات العربية كافّة، في كل مرّة يفضل فيها فرد واحد على دخول
فيلم مهرجاناتي على أن يدخل فيلماً من التوزيع السائد يكون أضاف إلى حياته
على الأرض جديداً من المعرفة غالباً ما كان يبحث عنه ولا سبيل لمشاهدته إلا
عبر هذا المهرجان.
سيقول البعض لشبّان المملكة الذين انطلقوا في العام قبل الماضي
هذا كثير عليكم، ولا أمل فيما تقومون به، والعالم العربي مليء بالمهرجانات
فما الذي سيضيفه هذا المهرجان على سواه. وردّكم هو: الفعل هو نجاح بحد
ذاته، ونحن لسنا في مقام بيع تذاكر لصالح موزّعين بل عرض أفلام لصالح جمهور
يبحث عن الثقافة المصوّرة.
المهرجان السعودي الجديد متخصص بالأفلام الآسيوية وقد استقبل
نحو أربعين فيلماً من ثلاثة عشر دولة آسيوية بينها المملكة العربية
السعودية التي صار لديها مخزوناً من الجهد السينمائي إذ تشترك بسبعة أعمال
شاهدت منها فيلماً واحداً فقط للأسف هو إطار لعبدالله آل عياف: فيلم جيّد
في فكرته كما في تنفيذ تلك الفكرة. الكاميرا عند هذا المخرج ذات نفس هادئ.
غير قلق. تلاحق رجلاً شاهد شيئاً لم يرضه فحاول منعه وأخفق هذا الشيء رمز
لأشياء كثيرة في حياتنا اليوم بما فيها مفهوم الفيلم السينمائي حيال
تحدّياته.
يحدث الان
وراء
التحري اليهودي
وسط النجاح الكبير الذي حققه فيلم (لا بلد للمسنين) ولا يزال،
يقوم الشقيقان جوول وإيثان كوون بالتحضير لفيلم بوليسي جديد ولكن يختلف عن
الفيلم الذي أنجزاه. هذه المرَّة يتناول الفيلم شخصية (تحري يهودي) منبثقة
من رواية لمؤلف اسمه مايكل شابون، نشرت تحت عنوان
The Yiddish Policemenصs
Union،
هذا يأتي في أعقاب أخبار كانت أكَّدت أن فيلمهما المقبل سيكون (وسترن) يجري
الإعداد له حالياً.
وعلى ذكر الوسترن، فإن العديد من النقاد والمتابعين يحتارون في
تسمية النوع الذي ينتمي إليه فيلمهما الجديد هذا (لا بلد للمسنين)، فهو
حيناً يوصف بالبوليسي، وحيناً بالتشويقي، وحيناً بالوسترن.
والحقيقة إنه مؤلف من هذه كلها، فالوسترن ليس صرحاً زمانياً
قديماً فقط، بل هو أيضاً المكان الجغرافي إذا ما تعامل مع الطبيعة والأجواء
كما فعل هذا الفيلم.
ممثل إلى
الإخراج
آخر الممثلين المنتقلين من عادة الوقوف أمام الكاميرا إلى
مهمَّة الوقوف وراءها هو الممثل المعروف فيليب سايمور هوفمان الذي اختار
لهذه النقلة الجديدة مسرحية صغيرة كانت قدِّمت قبل عامين بعنوان (الزهرة
الصغيرة لإيست أورانج) أو
The Little
Flower
of East
Orange
الممثلة إلين بيرستين التي لعبت البطولة على المسرح ستنتقل بالبطولة إلى
الشاشة، وهي أبدت إعجابها بالممثل هوفمان، وباختياره هذا العمل ليكون
الأول، إذ قالت:(عادة ما يبحث الممثل المتحوِّل إلى الإخراج عن مشروع كبير
لكن هوفمان فنَّان ويفعل ما على الفنَّان فعله: نقل ما يعجبه ويقدِّره
بالدرجة الأولى).
دنيس
كوايد بطلاً لشخصية كوميكس
الممثل دنيس كوايد (52 سنة) أكَّد أنه وقَّع على عقد يخوِّله
الإشتراك في مسلسل سينمائي جديد آخر مأخوذ عن رسومات وقصص شعبية بطلها
الكوميدي العسكري جي آي جو.
الممثل اعترف أنه يمارس رفع الحديد وبناه جسده وعضلاته لكي
يلتئم مع الدور، للممثل فيلم على وشك الخروج إلى العروض عنوانه (زاوية
ممتازة) أو
Vintage
Point
ويلعب فيه دور حارس أمني لرئيس الجمهورية يسعى للكشف عن الذين أطلقوا النار
على الرئيس وبعض المتَّهمين، وسط هذه الظروف بالطبع، سيكونون عرباً.
ستار وورز
سابع
ليس من بين كل المخرجين الأميركيين سوى سينمائي واحد ارتاح
تماماً على بساط النجاح الذي حققه فيلم واحد لدرجة أنه ما عاد يكترث لصنع
أي فيلم آخر.
هذا الواحد هو جورج لوكاس الذي أنتج المسلسل المعروف ب(ستار
وورز) في نهاية السبعينيات بدءاً بالفيلم الأول الذي لم يكن يتوقَّع له أي
نجاح حسب أقواله. بعد سنوات طويلة من توظيف ذلك النجاح في كل وسيط تجاري
ممكن، أطلق لوكاس ثلاثية أخرى في أواخر التسعينيات حققت المزيد من النجاح
وتم توظيفها في وسائط تجارية أخرى عديدة مثل الدي في دي وألعاب الفيديو.
بعد ذلك جاء دور حلقات تلفزيونية يجري الإعداد لها...
والآن يتردد أن المنتج المعروف في سبيل تنفيذ فيلم (أنيماشن)
للشاشة الكبيرة.
الجزيرة السعودية في 15
فبراير 2008
|