بعد إصدار بيانات تحرّمه ومُنع عرضه في ثلاث دول إسلاميّة
مؤيدو فيلم "نوح" : لا للتخلّف ونعم للحدّ من سلطة الدين
لوانا خوري
مرّة جديدة وتحت ستار الدين والشريعة والمحرّمات، يحظّر عمل فنيّ
للمنع من العرض في دول عربيّة وتحديدًا إسلاميّة، فقد منعت ثلاث
دول عربيّة عرض فيلم "نوح" في دور السينما بعد صدور بيان الأزهر
حوله واعتباره متعارضًا مع تعاليم الإسلام.
بيروت
: لطالما
أثارت وسائل إعلام أوروبيّة وأميركيّة وأعمال فنيّة وسينمائيّة
غربيّة احتجاجات في دول إسلامية بسبب رسوم مسيئة للنبي محمد أو
تجسيد أنبياء في الأفلام، وها هو الأمر يتكرّر مع فيلم "نوح
– Noah"
بعدما أكّدت شركة "باراماونت" لإنتاج وتوزيع الأفلام أن ثلاث دول
عربيّة، الإمارات وقطر والبحرين، حظرت عرضه لأسباب دينيّة، حتى قبل
عرضه الأوّل في أنحاء العالم، ومن المتوقّع أن تحذو دول أخرى حذو
هذه الدول الثلاث، وفي مقدّمتها مصر والأردن والكويت.
قصة الفيلم
يتطرّق الفيلم إلى قصة النبي نوح وكيف صنع سفينته لإنقاذ المؤمنين
من الطوفان وحمل معه الحيوانات، ومن كلّ زوج حمل اثنين، وبلغت
تكلفته حوالى 125 مليون دولار أميركي، وهو من بطولة راسل كرو،
أنطوني هوبكينر، إيما واتسون وجنيفر كونلي، وإخراج دران أرونفسكي،
ومن المتوقّع عرضه في الصالات الأميركيّة في الثامن والعشرين من
آذار/مارس الحالي.
فتاوى التحريم
وعقب الإعلان عن الفيلم أصدر الأزهر في مصر فتوى بتحريم عرضه وجاء
في البيان : "يجدّد الأزهر الشريف رفضه عرض أي أعمال تجسّد أنبياء
الله ورسله وصحابة رسول الله، ويؤكّد أن هذه الأعمال تتنافى مع
مقامات الأنبياء والرسل وتمسّ الجانب العقدي وثوابت الشريعة
الإسلامية وتستفز مشاعر المؤمنين".
الرقابة تنتقد الأزهر : الأزمة مبالغ بها
وفي المقابل، رأى مسؤول الرقابة العربية المصريّة، عبد الستار
فتحي، في حديث تلفزيوني، أنّ أزمة الفيلم مبالغ فيها، وأنّ قصّة
النبي نوح كما يجسّدها راسل كرو، لا تتشابه مع سيرة نوح إلّا في
الشكل، إذ أنّ البطل يستخدم سفينة ليفرّ ومَن معه من البلد الذي
يعيش فيه.
نشطاء ومثقفون : لا للتخلّف والمنع
إلى ذلك وجد نشطاء مواقع الاتصال الاجتماعي ومثقفون معارضون لفتاوى
التحريم أن هذه الإجراءات بلا جدوى في ظلّ إمكانية مشاهدة أي فيلم
على الإنترنت.
فيما رأى آخرون أن هذه الاعتراضات تصبّ في خانة التشبث بالآراء من
دون وجه حقّ، وتحدّ من آلية تبادل الثقافات وهو حقّ منصوص عليه في
الشرعات الدولية.
بينما قال آخرون أن العالم العربي بحاجة لنهضة فكريّة تحدّ من
تحكّم الدين في شتى مجالات الحياة، وتعلّم العلمانية والتطوّر من
الغرب، ودرء التحجّر عن هذا العالم الذي بات بحاجة لنظرة جديدة
ونهضة حقيقيّة تقيمه من جهله وتخلّفه.
وتساءل البعض عن سبب خوف رجالات الدين من أعمال فنيّة، باعتبار أن
الإيمان الحقيقي لا يهزّه فيلم أو أي عمل فنيّ آخر.
أعمال تحدّث الحظر وأخرى فشلت
يذكر أن فيلم "آلام المسيح" الذي أخرجه الممثل ميل غيبسون عام 2004
عرض في العالم العربي في شكل كبير على الرغم من موجة من الاعتراضات
من علماء الدين الإسلامي، علمًا أن قصته تدور عن صلب السيد المسيح.
وفي عام 2012 عرضت إحدى القنوات التلفزيونية الفضائية العربيّة
مسلسل "عمر" عن ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب على الرغم من
اعتراضات علماء الدين.
فيما أثارت رسوم مسيئة للنبي محمد، نشرت في صحيفة دانمركية عام
2006 ، احتجاجات في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، قتل خلالها 50
شخصًا على الأقل. وتسبّب فيلم "براءة المسلمين" المسيء للنبي محمد
والذي بُث على موقع يوتيوب على الإنترنت عام 2012 في اندلاع
احتجاجات في المنطقة، وساهم في هجوم متشددين في ليبيا أسفر عن مقتل
السفير الأميركي وثلاثة من موظفي السفارة في القنصلية.
وأحدث فيلم "المهاجر" للراحل يوسف شاهين أزمة عند عرضه، ورُفعت
دعوى قضائية تطالب بمنع العرض، وأجبر المخرج على وضع لوحة في
مقدّمة الفيلم تشير إلى أنّه استوحى شخصياته من الخيال. |