فيلم "نوح" يشعل معركة قبل أن يصل دور العرض
بوابة الوفد - متابعات:
أشعل الفيلم الأمريكي "نوح"، الذي يتناول قصة نبي الله نوح، معركة
حامية الوطيس متشابكة الأطراف حتى قبل أن يعرف الطريق إلى دور
العرض، حيث يعترض الأزهر الشريف على عرضه من حيث المبدأ حيث يحرم
تجسيد الأنبياء، فيما يدافع عن عرضه المسئولون بالرقابة على
المصنفات الفنية.
أزمة الفيلم بدأت بمجرد طرح دور العرض برومو إعلاني للفيلم يشير
إلى أنه سيطرح للجمهور يوم 26 مارس الجاري ، وهو ما أشعل جدلا
واسعا ما بين مؤيد لعرض الفيلم باعتباره لم يشر صراحة إلى بطل
الفيلم "نوح"، هو نبي الله ، وبين آخرين رأوا أنه إساءة لأحد
الأنبياء.
ووصلت الأزمة ذروتها عندما طالب الأزهر الشريف منع عرض الفيلم ،
مجددا رفضه عرض "أي أعمال تجسد أنبياء الله ورسله ، وصحابة رسول
الله."
وقال الأزهر الشريف في بيان له ، إن "هذه الأعمال تتنافى مع مقامات
الأنبياء والرسل ، وتمس الجانب العقدي وثوابت الشريعة الإسلامية ،
وتستفز مشاعر المؤمنين."
وجدد الأزهر التأكيد على "عدم جواز عرض الفيلم المعلن عنه ، والذي
يجسد شخصية رسول الله نوح"، مشددا على أن عرض الفيلم "أمر محرم
شرعا ويمثل انتهاكا صريحا لمبادئ الشريعة الإسلامية، التي نص عليها
الدستور، والأزهر الشريف ، باعتباره المرجعية في الشئون الإسلامية."
في المقابل ، عبرت جبهة الإبداع عن استيائها من موقف الأزهر إزاء
الفيلم ، وقالت - في بيان لها - إن منع ظهور الأنبياء والصحابة فى
الأعمال الفنية لا يعدو كونه اجتهادا لفقهاء، دون وجود نص قرآنى
صريح أو حديث شريف يوجب هذا المنع.
وأضافت الجبهة أن فكرة تحريم تصوير وتجسيد الأنبياء والصحابة فى
الأعمال الفنية مازالت حتى الآن لا تتعدى اجتهادا من الشيوخ
والفقهاء ، ولا يوجد نص قرآنى واحد أو حديث شريف مثبت بشكل واضح
ينهى عن ذلك بوضوح ، وإن وجد ، فإننا نعتقد أن على شيوخنا الأجلاء
أن يخرجوه لنا كى يتم تأكيد أن الله قد نهى عن ذلك بوضوح ، وإن كان
اجتهادا فى التأويل فربما كان على شيوخنا الأجلاء مناقشة هذا
الاجتهاد مع المجتمع ومع المفكرين.
ومضى بيان جبهة الإبداع قائلا : نتحدث عن سيرة نبى توراتى.. معترف
به فى الديانة الإسلامية ولكنه كذلك يخص كلا من الطائفتين المسيحية
واليهودية كذلك ، وكلتاهما لا تحرمان ظهور الأنبياء فى الصور
والأعمال الفنية ، فهل سيطالب الأزهر بعد ذلك مثلا بمنع بيع
الأيقونات الدينية التى تصور المسيح أو منع عرض مسرحيات الكنائس؟
أليس واجبا على الأزهر أن يحترم الاختلاف فى الرؤية ما بين الأديان
المختلفة بما نص عليه الدستور من الاعتراف بتلك الديانات الثلاث ،
وقبول عرض الفيلم مع النهى عن رؤيته احتراما لتعددية المجتمع ،
أليس النهى هنا أفضل من المنع وحل أكثر احتراما لثقافة الآخر؟.
وقال عبد الستار فتحي مسئول الأفلام الأجنبية بجهاز الرقابة على
المصنفات الفنية - للنشرة الفنية بوكالة أنباء الشرق الأوسط - إنه
شاهد الفيلم ووجدته بعيد بشكل كبير عن شخصية النبي نوح ، فهو عبارة
عن رؤية لعهد قديم ولم يستوح أحداثا أو قصصا من القرآن أو التوراة
، مشيرا إلى أن حالة الجدل مصدرها في الأساس المعلومات المتداولة
بان الفيلم يتناول شخصية النبي نوح، لكن صناع الفيلم نفسه لم يقل
ذلك.
وأوضح أن قصة الفيلم تتناول حياة رجل صالح اسمه "نوح" وتدور الرؤية
من خلال سفينة يركبها من هو صالح ومن هو غير ذلك ، ولم يقال في
الفيلم إطلاقا أنه رسول أو حتى لم يتم الإشارة لذلك.
وأشار إلى أنه لم تكن هناك ملحوظات كثيرة تذكر على الفيلم ، مطالبا
أي جهة تطالب بحظر الفيلم في مصر أن تشاهده أولا ثم تقوم بالاعتراض
أو إبداء الرأي ، متوقعا عقد مؤتمر صحفي قريب لإيضاح تلك الحقائق.
ودافع المنتج محمد العدل، وهو من أبرز مؤسسي جبهة الإبداع ، عن عرض
الفيلم ، قائلا إن بيان الأزهر يشبه البيانات التي أصدرها الأزهر
من قبل خلال تصوير مسلسل "عمر" وبعد ذلك عرض في الفضائيات لضعف
موقفهم ودلائلهم والمسلسل حقق نجاحا جماهيريا كبيرا لأنه أضاف
الكثير من المعلومات عن عمر بن الخطاب لم يكن كثير من الناس
يعرفونها.
وأوضح المنتج محمد العدل أنه ليس من حق الأزهر الهجوم على الفيلم
دون دليل ديني دامغ ولا يليق برجال الدين الإسلامي أن يهددوا بحرق
دور السينما وإشاعة الفوضى في البلاد في حال عرض الفيلم ، معربا عن
استيائه من تلك الطريقة ، وأشار إلى أن رفض البعض لتجسيد الأنبياء
قائم على اجتهادات وليس على نص قرآني أو حديث شريف.
يذكر أن فيلم "نوح" أخرجه دارين ارونوفسكى ويقوم ببطولته النجم
الأسترالي راسل كرو، ويشارك فى بطولته إيما واتسون ولوجان ليرمان
وجينيفر كونيلى والنجم المخضرم انطونى هوبكنز، وصور الفيلم فى
مدينة نيويورك وواشنطن وايسلاند وكاليفورنيا، وتحدد موعد عرض
الفيلم في الولايات المتحدة يوم 28 مارس الجاري أي بعد الموعد
المقرر لعرضه في مصر بيومين.
وقبل موعد عرض الفيلم بأيام طلب راسل كرو من البابا فرانسيس، بابا
الكنيسة الكاثوليكية، مشاهدة فيلمه الجديد ، وكتب كرو،على صفحته
بموقع "تويتر"، مخاطبا حساب البابا فرانسيس بـ"الأب المقدس"، ودعاه
لرؤية الفيلم، ووصفه بأن "رسالته قوية ورائعة ورنانة".
وطالب الممثل، الحاصل على جائزة أوسكار متابعيه على الموقع، الذين
يبلغ عددهم 1.37 مليون مستخدم، مساعدته في جعل البابا يشاهد
الفيلم، وذلك عن طريق إعادة نشر الرسالة على صفحاتهم، قبل أن يعتذر
في "تويتة" ثالثة للبابا، لأنه "تسبب في فوضى على صفحته
الاجتماعية"، ولكنه "يرغب حقا في مشاهدته للفيلم، ويعتقد أن فيلم
نوح سيبهره". |