قصة الفيلم السعودي خلال أربعين سنة
بقلم : فهد الأسطاء
ربما تكون أبعد إشارة نجدها لموضوع السينما في السعودية هي ما ذكره الناقد
والمؤرخ السينمائي الشهير الفرنسي جورج سادول في كتابه المهم (تاريخ
السينما في العالم)، والذي يعتبره الكثير إنجيلاً للسينمائيين في العالم؛
بسبب حجم التقصي والمعلومات والجهد الذي بذله جورج سادول المتوفى سنة 1967
حينما استمر -ولمدة ثماني عشرة سنة- يقوم بتعديل الكتاب والإضافة إليه في
كل طبعة حتى أكمله عام 1958 تحت مسمى (تاريخ السينما في العالم) متحدثًا
باسترسال عن أكثر من خمسين دولة ذات إنتاج سينمائي بعد عناء كبير، وسنوات
من السفر والتنقل والتردد على المكتبات السينمائية، وحضور أكثر من مائة
مهرجان سينمائي حول العالم، والانتقال للعيش في دول متعددة؛ ليكون أقرب إلى
إدراك إنتاجها السينمائي، حيث زار الهند والصين واليابان والمكسيك وكوبا
والبرازيل والأرجنتين والاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا –في وقته- ورومانيا
وهنغاريا ويوغسلافيا وتونس والجزائر ومصر وسوريا ولبنان، وكان -على حد قوله
في زياراته هذه- يمتنع عن زيارة المتاحف والأماكن السياحية، ويحبس نفسه في
قاعات العرض ليشاهد ما يقارب المائة فلم من الأفلام الطويلة في كل بلد، حتى
خرج الكتاب في طبعته الفرنسية فيما يقرب الخمسمائة وأربعين صفحة، منها
السينما العربية التي كتبها استجابة لما عهدت إليه اليونسكو بكتابة مقتطفات
مكرسة عن السينما العربية، وتاريخها وحالها الحاضر وتطوراتها. وهو مع ذلك
يقول عن كتابه هذا: “إنها لصفحات قليلة تعجز عن احتواء سبعين عامًا من
التاريخ في سبعين بلدًا، خصوصًا إذا ما أريد للكتاب أن يظل مقروءًا، وأن لا
يأتي شبيهًا بدليل للهاتف يعدِّد أسماء السينمائيين وعناوين الأفلام”.
ومع ذلك فقد واصل الإضافة حتى ما قبل وفاته بسنة، حيث ذكر في الطبعة 1967
عدة صفحات عن سينما الجزيرة العربية -ومنها السعودية- حينما قال:
“كانت
المملكة السعودية عام 1965 الدولة الوحيدة في العالم العربي التي يجهل
سكانها رسميًّا كلَّ شيء عن السينما”.
وهو يعزو هذا الأمر للموقف الديني المتشدد وقتها تجاه السينما، بالرغم من
وجودها داخل المجمعات السكنية للموظفين الغربيين مثل موظفي شركة (أرامكو)،
والتي تعرض أحدث الأفلام وقتها.
لكنه في نفس الوقت –وهو يذكر هذا عام 1966 في طبعة الكتاب الأخيرة– يقول:
“وبناءً
على ما فعله الملك فيصل في افتتاح التلفزيون حينها، فإن هناك أيضًا اتفاقات
جارية مع شركات أمريكية لبناء شبكة من دور السينما يرتادها السكان العرب”
كما أشار أيضًا لشراء الملك فيصل نفسه -حين إقامته في لندن- نسختين من فيلم
(لورنس العرب) التحفة السينمائية الشهيرة لديفيد لين، والحائزة على أوسكار
أفضل فيلم عام 1962″.
وما حدث فيما بعد هو أن الصالات السينمائية افتتحت خلال السبعينات
الميلادية عبر الأندية الرياضية على وجه التحديد للرجال فقط، وفي بعض
السفارات الأجنبية والبيوتات الشهيرة خاصة في جدة والطائف إلا أنه كان عرضا
عشوائيا يفتقد التنظيم والتهيئة اللازمة للمشاهدة والتسويق المناسب،
والاختيار الجاد، بالرغم من أنها لم تدم طويلاً، حيث تم إغلاقها -وبشكل
نهائي- مع أشياء كثيرة تراجع عنها المجتمع السعودي وقتها، وانسحبت الحكومة
السعودية من دعمها لعدد كبير من مناشط الانفتاح كردة فعل آنية تجاه أحداث
الحرم الشهيرة عام 1400، واقتحام جهيمان وجماعته لبيت الله بدعوى دينية
تبناها –يشير المؤلف روبيرت ليسي في كتابه (المملكة من الداخل) لشيء كبير
من هذا الأمر
–.
لكننا في عام 1975 سنشهد ما يمكن أن يشير إلى أول فيلم سعودي بشكل رسمي
حينما اخرج عبدالله المحيسن فيلما عن ( تطوير مدينة الرياض) وشارك به في
مهرجان الأفلام التسجيلية في القاهرة عام 1976 قبل ان يقدم من جديد عام
1977 فيلما سينمائيا أكثر أهمية وحضورا وحسا فنيا وهو الفيلم الوثائقي
(اغتيال مدينة) في عرض درامي حول الحرب الأهلية اللبنانية، ومدى الضرر الذي
ألحقته هذه الحرب بمدينة بيروت الجميلة، وحاز حينها على جائزة (نفرتيتي)
لأفضل فيلم قصير، كما كان الفيلم قد عرض في مهرجان القاهرة السينمائي عام
1977 تم عرض الفيلم خارج المسابقة ضمن عروض أفلام الشخصية المكرمة في
مسابقة أفلام السعودية 2008 ومهرجان جدة الثالث للأفلام عام 2008
وهذا ما يجعلنا نرسم ملامح المرحلة الأولى من تاريخ الفيلم السعودي، والتي
يمكن تسميتها:
مرحلة المخرج الوحيد
حيث يتواجد فيها وكأول مخرج سعودي الاستاذ عبد الله المحيسن وحيدًا بعدد
ليس بالكبير من التجارب والأفلام، والتي نجح في إيصالها خارج المملكة من
خلال العروض والمشاركات في مهرجانات عربية متنوعة بدأها مع فيلم ( تطوير
مدينة الرياض) ثم (اغتيال مدينة) كفيلم سينمائي ثم بعد سنوات من التوقف،
يعود المحيسن من جديد عبر فيلم (الإسلام جسر المستقبل) عام 1982، والذي
يصور فيه المراحل التاريخية للقضايا العربية والإسلامية بداية من هجمات
التتار والمغول، مرورًا بالاستعمار الإنجليزي والفرنسي، وتسلل اليهود إلى
المنطقة العربية، وانتهاءً ببروز القوتين العظيمتين في العالم، حيث يجسِّد
الفيلم المعاناة العربية والإسلامية بشكل مؤثر، وقد شارك المخرج بالفيلم في
مهرجان القاهرة السادس، ونال الجائزة الذهبية، كما عرض الفيلم خارج
المسابقة ضمن عروض أفلام الشخصية المكرمة في مسابقة أفلام السعودية 2008.
وانتهاءً بفيلم (الصدمة) عام 1991 وهو وثائقي يقدم فيه رؤيته الخاص عما حدث
في عام 1990 من أحداث غزو الكويت، ومن ثم تحريرها وحرب الخليج والأثر الذي
أحدثته هذه الأزمة على المنطقة، وهو آخر أفلام المحيسن في هذه المرحلة، قبل
أن يعود المحيسن نفسه عام 2006 ليشارك في المرحلة الثانية، ويسجل نفسه كأول
فيلم روائي طويل أيضًا عبر فيلم (ظلال الصمت).
مرحلة المهرجانات السينمائية
وهي المرحلة الأهم والتي مازالت تواصل مسيرتها، حينما جاءت هذه المرحلة
كاستجابة طبيعية للاهتمام السينمائي الكبير الذي انتشر بين عدد من الشباب
السعودي مطلع الألفية الجديدة، وتمثل في كثرة المنتديات والمواقع
السينمائية كالموقع الشهير (سينماك) الذي كان قد بدأ كموقع بسيط حول
الأفلام الأمريكية باسم (استراحة) ثم (موقع الأفلام العربي) من تأسيس الشاب
هاني السلطان حتى اشتهر فيما بعد باسم (سينماك) مع بداية الألفية وليصبح
الكثير من أعضائه وخلال الثلاثة عشر سنة الماضية من أبرز شباب السينما
السعوديين في مجالات الاخراج والسيناريست والكتابة الصحفية وصناعة الافلام
بشكل عام ، ومن ثم كان هناك انتشار الصفحات والملاحق السينمائية والمقالات
التي تتحدث بشغف واهتمام بالغ عبر الصحف السعودية ممن بدأوا بأسمائهم
المستعارة في سينماك مثل محمد الظاهري وحازم الجريان وحسام الحلوة وفهد
الاسطاء في جريدة الشرق الأوسط ورجا المطيري وعبدالمحسن الضبعان ومحمد
الخليف وطارق الخواجي في جريدة الرياض وعبدالله ال عياف ومحمد بازيد في
جريدة الوطن و عبدالمحسن المطيري في جريدة الجزيرة وغيرهم ممن مازال يعمل
في الحقل السينمائي صناعة وكتابة حيث يمكن ملاحظة أن اغلب هذه الاسماء
الشبابية من ابرز مؤسسي وأعضاء الموقع حينها الذي كان قد بدأ عام 2000, ثم
يمكننا الاشارة أيضا لصدور بعض الكتب السينمائية من كتاب سعوديين كحالة
جديدة غير مسبوقة في مجال التأليف الفني السعودي مثل كتب الاستاذ خالد ربيع
السيد (الفانوس السحري: قراءات في السينما) و(فيلموغرافيا السينما
السعودية) وكتاب الدكتور فهد اليحيى (كيف تصنع فيلما: مدخل الى الفنون
السينمائية) ولتتشكل في النهاية خلال عقد من الزمن ظاهرة فنية عمادها
الشباب المتحمس والمتيم سينمائيًّا مشاهدة ومتابعة كان قد تمكن في منتصف
هذا العقد الأول من الألفية الجديدة من امتلاك الجرأة ليتقدم خطوة أكثر
فعالية ويشارك في لمهرجانات السينمائية العربية من حوله في أبوظبي ودبي
وبيروت ووهران وغيرها، وليضع نفسه في مجاراة مع التجارب الفيلمية العربية
والخليجية الأخرى، مستفيدًا منها ومكتسبًا في نفس الوقت الخبرة والتجربة
المشجعة للمواصلة حتى يومنا هذا، حيث حقق المخرجون السعوديون العديد من
الإنجازات المشرفة في هذه المهرجانات، وحصلوا على عدد من الجوائز المهمة.
ويمكننا الإشارة هنا لأبرز الأسماء والمجموعات السينمائية مثل المخرجة
“هيفاء المنصور”، والتي يمكن اعتبارها أيضًا أول مخرجة سعودية، ومن أبرز
أفلامها: (من ؟) حول هوية المرأة وكينونتها من خلال استلهام قصة قاتل متخفي
بلباس امرأة وحجابها و (الرحيل المر) دراما شاعرية حول الفقد والذكريات،
و(أنا والآخر) حول الاختلاف والوحدة الوطنية من خلال قصة ثلاثة شباب مختلفي
التوجهات، تتعطل سيارتهم في منطقة بريَّة معزولة، وقد عرض الفيلم على قناة
الشاشة في الشوتايم وقتها، لكن أبرز إنجازاتها جاء مع فيلم (نساء بلا ظل)،
والفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مسابقة أفلام الإمارات، و(الخنجر
الذهبي) في مهرجان مسقط السينمائي.
وهو رؤية ذاتية يناقش الفلم العديد من قضايا المرأة السعودية المهمة،
والموقف الصعب الذي تجد نفسها فيه ما بين عادات وتقاليد اجتماعية، وبين رؤى
دينية تقليدية– إلى أن تعود مرة أخرى عام 2012 لتحقيق الإنجاز الأكبر
والأهم من خلال فيلمها الروائي الطويل (وجدة) الفائز بجائزة المهر العربي
في مهرجان دبي السينمائي، وجائزة أفضل فيلم طويل في مهرجان الخليج
السينمائي في دورته الأخيرة 2013، والمشارك في مهرجان فينيسيا، والمتوج
بثلاث جوائز تقديرية هي: جائزة سينما فناير، وجائزة الاتحاد الدولي لفن
السينما، وجائزة (انترفيلم)، ويجري منح هذه الجوائز لتكريم المتفوقين من
المتخصصين في صناعة السينما، كما يمكن اعتباره أول فيلم سعودي طويل يصور
داخل السعودية بهوية وممثلين سعوديين تمامًا، يلقى كل هذا الاحتفاء
والاهتمام العالمي، وينال إعجاب العديد من النقاد ومتابعي السينما
العالمية، وهو دراما اجتماعية بمزيج كوميدي حول أحلام طفلة في امتلاك دراجة
هوائية وقيادتها في الشارع وسط إسقاطات اجتماعية متعددة تقدمها المخرجة
هيفاء.
ومن الأسماء التي يهم ذكرها في هذه المرحلة من حيث تعدد مشاركاتها،
بالإضافة لتحقيقها إنجازات جيدة، ونجاحات مشهودة باعتلائها منصات التتويج
:
عبدالله ال عياف
الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة أفلام الإمارات عن فيلم (إطار) 2006،
وجائزة أفضل فلم قصير في مهرجان الخليج السينمائي عن فيلم (عايش) 2010، كما
حقَّق فيلمه (مطر) الجائزة الثانية كأفضل روائي، وفيلمه الوثائقي
(السينما500 كم) الجائزة الأولى في مسابقة أفلام السعودية في الدمام 2008.
بدر الحمود
أبرز المشاركين مع كل عام، وحقّق الجائزة الثالثة لأفضل فيلم قصير في فئة
الطلبة عن فيلم (أبيض وأبيض) عام 2007، كما حقق مؤخرًا مع آخر أفلامه
(سكراب) الجائزة الثالثة لأفضل فيلم قصير في المسابقة الرسمية لمهرجان
الخليج السينمائي عام 2013.
عهد كامل
أخرجت فيلم (القندرجي) عام 2009، والذي فاز بالجائزة الأولى في مهرجان
بيروت السينمائي الدولي 2010. فاز الفيلم بالجائزة الثانية في مهرجان
الخليج السينمائي لأفضل فلم قصير 2010، كما فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم
الخاصة في مهرجان وهران الجزائري 2010، كما حقق فيلمها الأخير (حرمة)
الجائرة الثانية لأفضل فيلم قصير في المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج
السينمائي عام 2013.
محمد الظاهري
ضمن مجموعة تلاشي السينمائية الفائز عن فيلم (شروق/ غروب) بالجائزة الثالثة
لأفضل فيلم قصير في مهرجان الخليج 2009 وفضية مهرجان بيروت الدولي، وجائزة
الفيبريسكي الاتحاد الدولي للنقاد.
حسام الحلوة
ضمن مجموعة تلاشي قدم فيلمين هما: (مابي !)، و(عودة) الفائز بأفضل سيناريو
في مهرجان الخليج 2010.
سمير عارف
الذي شارك في المهرجانات السينمائية بعدة أفلام قصيرة مثل: (طريقة صعبة)،
(نسيج العنكبوت)، و(عيون بلا روح)، و(مجرد كلمة)، و(انتظار)، كما شارك في
مهرجان الخليج في دورته السادسة 2013 بأول فيلم روائي طويل هو (صدى)، والذي
يحكي قصة طفل “ولِد سليمًا معافى لأبوين يعانيان من الصم والبكم، ما وضعه
في مواجهة مشاكل اجتماعية ونفسية مع المجتمع الخارجي الفضولي، وخاصة زملاءه
في المدرسة. ورغم سعادة الوالدين بهذا الابن إلا أن الأب يقرر الامتناع عن
إنجاب آخر، ما يوقع الأسرة في صراع نفسي كبير”.
عبدالعزيز النجيم
متواجد دائم في المهرجانات، وأبرز أفلامه (تمرد)، و(احتباس)، وفيما أهمها
(وينك) الفائز في مهرجان تربيكا السينمائي بالدوحة بجائزة أفضل فيلم قصير.
فيصل العتيبي
والمهتم بتقديم أفلام وثائقية على وجه الخصوص، حيث شارك في عدة مهرجانات
عالمية متنوعة بمجموعة أفلامها أهمها: (الزواج الكبير)، وفيلم (الحصن)
الفائز بالجائزة الثانية كأفضل فيلم وثائقي في مهرجان الخليج السينمائي في
دورته الثانية.
محمد التميمي
كمخرج أفلام (أنميشن) حيث فاز مرتين متتاليتين عام 2009 و2010 بجائزة لجنة
التحكيم الخاصة فئة الطلبة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج السينمائي
عن فيلمي (بي جي 13)، و(الجنطة).
وليد مطري
الفائز بالجائزة الثانية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان
الخليج 2009 عن فيلم (انتقام)، والذي يحكي قصة “أربعة إخوة يعانون من قسوة
ظروف الحياة بعد فراق والديهم. يتورط أحدهم مع أكبر عصابات المخدرات بعد أن
وجد في سيارته حقيبة رئيس العصابة. هناك تتغير حياة هؤلاء وتنحدر نحو
الهاوية، فيما يقتل الصغير أخاه الكبير، فتبدأ رحلة الانتقام”. كما شارك
بفيلم قصير لاحقًا بعنوان (ألم طفلة).
عوض الهمزاني
الفائز في مسابقة أفلام الإمارات للأفلام القصيرة في مهرجان أبو ظبي عن
فيلمه الوثائقي (فتون) بالجائزة الثانية.
فهمي فرحات
حقق الجائزة الثالثة عن فيلمه الوثائقي (ليلة عمر)، وفهمي متواجد بشكل
متواصل عبر مهرجان الخليج، حيث قدم عدة أفلام مثل (شعر لولو المجعد) و(قصة
أحمد وبابا نويل)، بالإضافة للأفلام الوثائقية (السعوديون في أمريكا) و(رجل
وثلاث عجلات)، و( ليلة عمر)، وفيلم طويل هو (المؤسسة) حول مؤسسة هندسية
يقرر صاحبها دمج قسمي الرجال والنساء معًا مما يخلق وضعًا طريفًا “في إسقاط
اجتماعي حول قضية الاختلاط المثيرة للجدل سعوديًا”.
انجي مكي
الفائز بالمركز الثالث لأفلام الطلبة عن فيلم (بدري!) في مهرجان الخليج
2009 كما شارك لاحقًا بفيلم (رقصة متجمدة).
نايف فايز
من اوائل الشباب الذين فازوا حيث كان قد حصد عبر فيلمه الاول ” بعيدا عن
أنظار الكاميرا” جائزة افضل فيلم فئة الطلبة في مسابقة أفلام الامارات عام
2007حول المعنى الحقيقي للمعاناة الانسانية بعيدا عما يمكن ان تنقله لنا
عدسة الكاميرا عادة.
كما يتواجد عدد من المخرجين الذين سجلوا حضورًا مهمًا في المهرجانات
المتنوعة وإعجابا جماهيريًّا حتى دون تحقيق جوائز مثل المخرج عبد المحسن
الضبعان، والذي قدم أربعة أفلام أهمها: (الوقائع غير المكتملة لحكاية
شعبية) 2010في قصة ديكودراما تجريبية رائعة وطريفة يتحقق المخرج فيها من
حكاية قديمة لامرأتين تعملان على قتل الرجال الذين تزوجون على زوجاتهم
وفيلم (ثلاثة رجال وامرأة) 2009 حول ثلاثة شباب يخططون لعمل فيلم لكنهم
يفتقدون العنصر النسائي ضمن أفلام مجموعة تلاشي السينمائية، كما قدم بشكل
مستقل فيلمي (الباص) و(المفتاح). وعبد الله أحمد الذي قدم خمسة أفلام هي:
(الهامس للقمر)، و(المغزى)، و(الموعد)، و(كورة حبيبتي)، و(نص دجاجة)،كما
شارك ممثلاً في عدة أفلام أهمها فيلم (عايش)، وعبد المحسن المطيري أحد أكثر
السعوديين مشاركة بعدة أفلام تجاوزت السبعة من خلال مجموعة تلاشي
السينمائية مثل (مشروع) و(القناع) أو بشكل مستقل مثل (يوميات شاب على حافة
الهاوية) و(رجل بين عصابتين وقبر) و(الحلم) و(سكايب) ونواف المهنا الذي قدم
أيضًا مجموعة أفلام مخرجًا وممثلاً بشكل مستقل مثل (مجرد يوم) الحائز على
شهادة تقدير مسابقة أفلام الإمارات 2006 أو ضمن مجموعة تلاشي مثل (آخر
يوم)، و(لا يوجد سوى دجاج مقلي في الثلاجة).
وهناك غيرها من الأسماء التي مازالت تواصل حضورها المتكرر في عالم
المهرجانات السينمائية، مثل علي الأمير، وطلال عايل، وحمزة طرزان، ومحمد
سندي، وجاسم العقيلي، ومنصور البدران، وتوفيق الزايدي، وطارق الدخيل الله،
وهناء العمير, ومحمد الباشا، وعبد الرحمن عايل، وريم البيات، ، وهند الفهاد
وغيرهم، حيث يمكن بالإجمال حصر أكثر من خمسين مخرجًا سينمائيًّا من الشباب
السعودي الطموح، والذي مازال يتلمس خطوات النجاح بشغف وتحدٍّ عبر المشاركة
المتكررة في هذه المهرجانات السينمائية.
كما أنه يمكننا ملاحظة أحد أهم ملامح هذه المرحلة، وهي تكون المجموعات
السينمائية، حيث يعمد بعض الأصدقاء المهتمين سينمائيًّا لتكوين مجموعة
يتعاون فيها الكل باختلاف مواهبهم وتجاربهم لإنتاج الأفلام القصيرة مثل
مجموعة (القطيف فريندز) برئاسة السي فاضل الشعلة وعضوية عدد من الشباب
السينمائي في القطيف مثل موسى ال ثنيان وبشير المحيشي واحمد الجارودي وجاسم
العقيلي، والتي بدأت مبكرًا، وهدفت في بادئ الأمر إلى التوجه نحو التسويق
الشعبي مثل أول افلامهم (رب ارجعون) وهو فيلم وعظي رسالي حول شاب مقصر يرى
حياته بعد الوفاة حيث انتشر الفيلم كثيرا بين اوساط الناس قبل أن تتجه
المجموعة بشكل أكثر احترافية الى المشاركة في المهرجانات.لتقدم عدة افلام
مثل ”شكوى الأرض” و”حلم بريء” لبشير المحيشي والذي كان فيلم افتتاح مسابقة
الافلام السعودية بالدمام حول صبي وحلمه البريء في امتلاك آلة تصوير و
”العصفور الازرق” لموسى آل ثنيان وأفلام اخرى يغلب عليها الطابع الانساني
والتوعوي لكنها تحقق افضل إنجازاتها عبر فيلم (بقايا طعام) 2007 للمخرج
موسى آل ثنيان حول موضوع الفقر والبؤس فيما نجح الفيلم بالحصول على جائزة
أفضل فيلم في مسابقة أفلام من الإمارات الدورة السابعة 2008، وجائزة النخلة
الذهبية لأفضل فيلم روائي في مسابقة أفلام السعودية الدورة الأولى 2008،
وجائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان جدة السينمائي الدورة الثالثة.
ثم في عام 2009 تنطلق مجموعة تلاشي السينمائية بعضوية تسعة من الشباب
السينمائي القادم من خلفية المتابعة السينمائية المكثفة والكتابة النقدية
الصحفية مثل: محمد الظاهري في فيلمه (شروق/ غروب) حول يوم في حياة طفل يعمل
بعد المدسة بائعا في احدى شوارع الرياض فيتعرض لمواقف لا إنسانية، و حسام
الحلوة في فيلمه (مابي) حول الفرد والجماعة واشكالية التمرد والقطيع،
و(عودة) حول زوج يعيش لحظات اتخاذ قرارا صعبا في حياته ليحرر نفسه كما يرى
في الوقت المناسب، وفهد الاسطاء في فيلمه (تجربة في الطابق السابع) وثائقي
حول الصداقة وشغف السينما حينما يقوم المخرج بتحدي ثلاثة من اصدقائه
ليقوموا بإخراج أفلام حسب شروط محددة وصعبة، ومحمد الخليف في فيلمه (حسب
التوقيت المحلي) يتعرض بشكل ساخر لموضوع اغلاق المحلات مع الاذان من خلال
حكاية شاب يبحث عن شيء يأكله، و محمد الحمود في فيلمه (ظلال) والذي يقدم
بلقطة واحدة طويلة قصة فتاة وأختها تقرران الذهاب للسوق في اسقاط حول
اشكاليات جدلية في المجتمع مثل زواج الصغيرات والحجاب بالإضافة للمصور
والمونيتير تركي الرويتع وعبدالمحسن الضبعان وعبد المحسن المطيري ونواف
المهنا والذين سبق الحديث عن افلامهم حيث قدمت المجموعة سبعة أفلام في
مهرجان الخليج 2009 حظيت بإعجاب جيد وإثارة لافتة للجدل عبر موضوعات
أفلامها وطريقة تنفيذها دفع بلجنة التحكيم لمنحها شهادة تقدير ”لسعيها في
تأسيس سينما شابة في السعودية”، كما قدمت في السنة التي تليها خمسة أفلام
أخرى محققة نجاحًا جيدًا في مجمل مشاركاتها بفوز فيلمي (شروق/ غروب)،
و(عودة).
وفي حين تراجعت المشاركة السعودية خلال آخر سنتين على مستوى الكم، وبحسب
مستوى النجاح أيضًا، إلا أنها عادت هذه السنة 2013 من خلال نجاح كبير بفوز
الفيلم الطويل (وجدة)، والأفلام القصيرة (حرمة)، و(سكراب)، و(مجرد صورة) في
مهرجان الخليج السينمائي في دورته السادسة.
كما أن هذه المرحلة شهدت إنتاجًا ليس بالكثير على مستوى الأفلام الروائية
الطويلة، يأتي في مقدمتها الفيلم الأهم حتى الآن، والأفضل بجوائزه المتعددة
فيلم (وجدة) لهيفاء المنصور، وقبله في عام 2006 كان هناك فيلم المخرج عبد
الله المحيسن (ظلال الصمت) كأول فيلم سعودي روائي طويل شارك من خلاله في
مهرجان أبوظبي، وفاز في مهرجان القدس السينمائي. ترشح الفيلم للمسابقة
النهائية لمهرجان روما 2007م، ونافس معه 15 فيلمًا من بلدان مختلفة.
وهو يناقش أزمة الفرد العربي الواقع تحت وطأة الحاضر، ورعب المستقبل،
والمحمل بتراكمات الماضي من خلال قصة يمتزج فيها الواقع بالخيال، حيث يعمد
أحد الأنظمة المتسلطة باستبدال طرقه القديمة في السيطرة إلى طريقة جديدة من
خلال إنشاء معهد منعزل في قلب الصحراء يبدو في ظاهره مركزًا للعلاج
بالتنويم، والتأهيل بالتنويم، والتأهيل بتنمية القدرة على التحكم في النفس،
وتزاول فيه، في الحقيقة، التخدير وغسيل المخ لتدمير الكفاءات الخارجة عليه.
وجاء هذا الفيلم بالتزامن أيضًا مع فيلم آخر في سباق نحو تحقيق أول فيلم
سعودي روائي طويل وهو فيلم (كيف الحال) الذي أنتجته شركة (روتانا) لكنه
-كما يبدو- ليس سعوديًّا بدرجة كافية، حيث أخرجه الكندي “ايزدور مسلم”،
وكتبه المصري بلال فضل، فيما أدى البطولة السعودي هشام عبد الرحمن، بمشاركة
ممثلين من السعودية والخليج والدول العربية، لكن الفيلم يسجل نفسه كأول
فيلم سعودي يعرض بشكل تجاري عبر الصالات السينمائية قبل أن تعود روتانا عام
2008 مرة أخرى لتقديم فيلم آخر، وبنفس الطريقة من خلال الممثل الكوميدي
فايز المالكي في شخصيته الشهيرة (مناحي) المتصفة بالعفوية والبساطة والذكاء
الفطري، حينما يترك الصحراء ليذهب إلى المدينة؛ فيواجه صعوبة التأقلم فيها،
من قصة مازن طه، وإخراج: أيمن مكرم، ويحتفظ هذا الفيلم بشهرة كونه أول فيلم
سعودي يعرض تجاريًّا داخل السعودية بشكل رسمي قبل أن يكثر الجدل الذي أدى
إلى إيقاف عرضه بعد أن عرض في جدة والطائف ثم الرياض. ويتزامن في نفس العام
أيضًا تقديم الممثل راشد الشمراني فيلمه الطويل (صباح الليل)، والذي شارك
به في مهرجان الخليج السينمائي في دورته الأولى، وحظي بشهادة تقدير عن دوره
في هذا الفيلم الذي أخرجه السوري مأمون البني، لكنه من قصة وسيناريو راشد
الشمراني الذي حاول في هذا الفيلم أن يمارس نوعًا من الإسقاطات السياسية
والاجتماعية عبر شخصيته الشهيرة (سائق الشاحنة أبو هلال) حينما يجد طريقة
للعودة بالزمن إلى الوراء ليحاول ببساطته وظرافته المعهودة التدخل في تغيير
مجرى ثلاثة من حوادث التاريخ العربي الشهيرة.
وبالإضافة لما سبق ذكره مثل أفلام (وجدة) لهيفاء المنصور، و(صدى) لسمير
عارف، و(انتقام) لوليد مطري الفائز بالجائزة الثانية في مهرجان الخليج
2009. فإن قائمة المشاركات السعودية للأفلام الروائية الطويلة في مهرجان
الخليج السينمائي ومهرجان أبوظبي وغيرها تضم أيضا فيلم (المؤسسة) لفهمي
فرحات، وأفلام الرعب المتناسخة من بعضها مثل (القرية المنسية) عام 2008
لعبد الله أبو طالب حول مجموعة شباب سعوديين وسياح أجانب في زيارة لقرية
معزولة يتبين أن الأرواح تسكنها، و(الشر الخفي) لمحمد هلال حول فلة مسكونة
بالأرواح والأحداث المرعبة، وكان الفيلم قد شارك في مهرجان الخليج 2010.
و(وادي الأرواح) والذي عرض أيضًا تجاريًّا لجراح الدوسري حول معلم يُعيَّن
في منطقة نائية، فيواجه في طريقه أحداثًا وأرواحًا مرعبة أيضًا. وهو ثاني
تجربة لجراح، والذي كان قد سبقها بتجربة فيلم روائي طويل أيضًا من نوع
الغموض والإثارة والخيال العلمي بعنوان (استنشاق الهاوية) عام 2006.
بقي أن نشير إلى أن هذه المرحلة المتعلقة بالمهرجانات السينمائية انعكست
ولفترة مؤقتة بشكل إيجابي تجاه الداخل السعودي، حيث أقيمت عام 2008 أول
مسابقة أفلام سعودية وبشكل مهرجاني مقارب لمهرجانات السينما عامة من حيث
العروض والفعاليات والتي تولى رعايتها النادي الأدبي، وجمعية الثقافة
والفنون بالمنطقة الشرقية، وشارك فيها 33 فيلمًا سعوديًا داخل المسابقة
بفروعها الروائية والوثائقية والأنميشن، بالإضافة لعدد من الأفلام السعودية
والخليجية خارج المسابقة بلجنة تحكيم يرأسها الناقد السينمائي البحريني
الكبير أمين صالح وعضوية الناقد خالد ربيع السيد والمخرج المعروف عبدالخالق
الغانم والاديب الدكتور مبارك الخالدي وفهد الاسطاء وحقق المهرجان وقتها
نجاحًا جيدًا ولافتًا على مستوى التنظيم أيضا يقف خلفه الأديب الشاعر أحمد
الملا مدير المسابقة والذي جاء بفكرة المسابقة وبذل الكثير حتى تحققت واقعا
جميلا اختتم فعالياته في حفل توزيع الجوائز بحضور وزير الثقافة والإعلام
حينها الدكتور إياد مدني الذي أبدى سعادته بالمهرجان، ووعد بمستقبل أفضل
للسينما والشباب السينمائي في السعودية، لكن المؤسف ذكره أن المسابقة لم
تقدِّم سوى دورتها الأولى فقط قبل خمس سنوات! وفي الجهة المقابلة وعلى ضفاف
المنطقة الغربية كان هناك المهرجان الأسبق، والذي بدأ عام 2006 كمهرجان
عروض بمسمى مهرجان جدة للعروض المرئية تحت رعاية شركة رواد ميديا بقيادة
الإستاذ والمخرج ممدوح سالم قبل أن يتحول في دورته الثالثة عام 2008 لمسمى
مهرجان حقيقي، وبرعاية شركة روتانا بمسمى “مهرجان جدة للأفلام”، حيث تقترب
أجواؤه بتنظيمه وفعالياته من مسمى المهرجانات السينمائية الحقيقية مبشرة
بميلاد مهرجان سينمائي سعودي منافس قبل أن تتحطم أحلام الشباب السينمائي في
السعودية بإلغاء المهرجان صبيحة افتتاح الدورة الرابعة عام 2009 فيما كان
المشاركون والضيوف قد حطوا رحالهم في فندق الاستضافة! حيث يعزو الكثير
السبب في ذلك لما ذكره جورج سادول قبل اربعين سنة وهو الموقف الديني تجاه
السينما وفعاليات الأفلام عامة ومن ثم الاستجابة الحكومية لمثل هذا الموقف
!
كما يجدر الإشارة الى أنه وفي نفس العام 2008 – احدى سنوات السينما الذهبية
سعوديا – والذي افتتحت فيه مسابقة الأفلام السعودية كان هناك وعلى الساحل
الشرقي أيضا الدورة الأولى – والوحيدة ايضا – لملتقى الأفلام القصيرة
بالأحساء والمنظم من قبل لجنة الفنون المسرحية التابعة لجمعية الثقافة
والفنون والذي اختتم فعالياته بحصول مجموعة القطيف فريندز على أربع جوائز
من أصل ثمان هي أفضل قصة وافضل فيلم متكامل (بقايا طعام) وأفضل تصوير وأفضل
ممثل ( شكوى الأرض).
وحيث إن شركة روتانا ظلَّت دائمة بهذا القرب من السينما فإنها بدأت عام
2012 بالدورة الأولى “لمهرجان الفيلم السعودي” فيما تستعد الآن للدورة
الثانية بمشاركة 37 فيلم، حيث يتقدم المشاركون بأفلامهم التي يتم عرضها فقط
عبر شاشة روتانا يوميًّا طيلة أيام المهرجان أمام لجنة تحكيم تعطي رأيها
بشكل مباشر، فيما يتم إعلان الفائزين في وقت لاحق وهذا ما يجعله مهرجانًا
بشكل صوري نوعًا ما، حينما يفتقد التجمع الحقيقي للمهرجانات السينمائية،
حيث ملتقى السينمائيين وسط فعاليات متعددة، وتبادل للخبرات ونقد التجارب.
لكننا لا يمكن بأي حال سوى الإشادة بخطوة شركة روتانا التي تعاملت وفق
الواقع المفروض حتى الآن سعوديًا تجاه السينما وشبابها.
مرحلة الإعلام الجديد
وهي ليست مرحلة لاحقة بقدر ما جاءت متداخلة مع مرحلة المهرجانات السينمائية
في السنتين الأخيرتين كنتيجة طبيعية لانتشار مواقع التواصل الاجتماعي،
فرضتها ظروف التسارع في التقدم التقني، ومستوى التواصل الكبير عبر مواقع
الإنترنت، وهي ما يمكن أن نسميها أيضًا بمرحلة أفلام “اليوتيوب والفيمو”
أيضًا، لكن المواقع الأخرى -مثل تويتر والفيسبوك- تبدو المواقع الأفضل
للدعاية والنشر، حيث يبدو الهدف الأساسي عبر استهداف الجمهور السعودي
للمشاهدة، والذي لا يتمكن غالبًا من مشاهدة الأفلام السعودية المعروضة
دائمًا خارج السعودية، بالإضافة لكون أفلام هذه المرحلة تعنى بشكل كبير
بتلك القضايا الإنسانية والاجتماعية، والسعي وراء إيصال صوتها لأكبر شريحة
ممكنة وهو ما يتحقق دائمًا حينما ننظر مثلاً لتجربة المخرج بدر الحمود،
الذي حقَّق عبر فيلمه اليوتيوبي (مونوبولي) حول مشكلة السكن في السعودية
أكثر من مليون مشاهدة خلال أسبوع واحد فقط، وهو ما يشكل أضعاف مشاهدة جميع
الأفلام السعودية منذ بدأت. ومما يجدر ذكره أن المخرج الحمود أبرز وأنجح
مخرجي هذه الفترة كرر نجاحه وإن كان بشكل أقل عبر فيلمي (كروة) حول
البطالة، و(عمار)، الذي يلقي الضوء على حالة من الإعجاز وتحقيق المستحيل
بطلها الشاب المقعد تمامًا عمار بوقس.
وبالإضافة لكون هذه المرحلة أيضًا وسيلة للكسب التجاري بطريقة ما فإنها
أيضًا ستظل -ولفترة طويلة- الخيار الأولي لعدد من المخرجين الراغبين بإيصال
أصواتهم حول قضاياهم التي يؤمنون بها، أو طرح رؤيتهم السينمائية عبر
أفلامهم وتلقي آراء المشاهدين حولها بشكل مباشر، والحصول على قدر كبير من
المشاهدين وسط انعدام إقامة المهرجانات السينمائية في السعودية، وصعوبة
المشاركة أحيانًا في المهرجانات الدولية، والتخلي التام من قبل الوزارات
المعنية والأجهزة الحكومية عن دورها في دعم الصناعة السينمائية في السعودية.
في النهاية، ففي محاولة لحصر عدد الأفلام السعودية خلال الأربعين سنة
الماضية سنجد أنها لا تتجاوز ثلاثمائة فيلم، وهو ما يعتبر عددًا قليلاً
للغاية وفق كل المعايير، لكن الأمر يتحسن كثيرًا حينما نعلم أن جميع هذه
الأفلام سوى استثناءات نادرة تركزت في السنوات العشر الأخيرة، وهي ما يعني
ظاهرة جديدة، ويقظة فنية مختلفة سيتوقف نجاحها واستمرارها بحسب الشباب
السينمائيين أنفسهم أولاً، ثم بحسب الاهتمام والرعاية الحكومية ثانيًا
والمتمثلة بإعادة المهرجانات السينمائية و إنشاء المعاهد وتقديم الدورات
المتخصصة وافتتاح الصالات السينمائية لمختلف الأفلام العربية والعالمية
التي تخلق واقعا من التقدير والانسجام بين الجمهور وشكل الفيلم
! |