الأصداء مستمرة على رحيل عبدالحسين عبدالرضا
حافظ الشمري
يتواصل الحزن وعبارات العزاء على رحيل الفنان
القدير عبدالحسين عبدالرضا، ولليوم الرابع على التوالي لا تزال
أصداء فقدان هذا الهرم الكبير مستمرة على جميع الأصعدة.
فرقة المسرح العربي التي آلمها المصاب الجلل في
رحيل أحد أعضائها البارزين بل أحد مؤسسيها، صحت من هول الصدمة،
وانتظرت ثلاثة أيام وجمعت قواها، وأصدرت بيانا نعت من خلاله فقيدها
وفقيد الكويت والعالم العربي الفنان عبدالحسين عبدالرضا، وهو مؤسس
الفرقة ورائد من روادها الكبار وفارس من فرسان الحركة الفنية
الكويتية والعربية.
حيث جاء في البيان: «احساسنا بالفقد والخسارة لهذه
القامة الكبيرة الم لا تستطيع الكلمات والسطور التعبير عنه، ونحن
إلى الآن في مرحلة الصدمة، والمنتمي لفرقة المسرح العربي يشعر
بالفخر والاعتزاز كون الراحل عبدالحسين عبدالرضا احد مؤسسي الفرقة،
حيث كانت بداية انطلاقته الفنية، بصولات وجولات «بوعدنان» مع
الفرقة التي صنعت هذا التاريخ المشرف لها من «صقر قريش»، «اغنم
زمانك»، «من سبق لبق»، «كويت سنة 2000»، العديد من الاعمال
المسرحية الاخرى، إلى جانب عمله الاداري بالفرقة.
وأضاف البيان: «مناقب الراحل كثيرة وكبيرة سواء لفرقة المسرح
العربي او على الصعيد الفني، ونحن بقلوب راضية بقضاء الله وقدره
سنبقى نستذكر العطاء المخلص لأحد مؤسسي فرقتنا وفارس من فرسان
المسرح الكويتي والعربي ورائد من رواده، نسأل الله لفقيد الوطن
الغالي الرحمة ولأهله ولذويه ولنا ولعموم محبيه الصبر والسلوان».
ونعي من رئيسها
كما أصدر رئيس فرقة المسرح العربي الفنان أحمد فؤاد
الشطي بيانا نعى فيه رحيل الفقيد، حيث قال الشطي: «ان الراحل
«عبدالحسين» قبل أن يكون فناناً كان فارساً، وأثناء الغزو العراقي
لدولة الكويت حضر «بوعدنان» لوالدي رحمه الله، وكانت هيئته مثل
هيئة شخصية «بوخالد» في مسرحية «سيف العرب»، وكان يحمل معه «رزم»
من الأموال أعطى والدي بعضا منها ليوزعها على جيراننا، وعلى الرغم
من أن وجهه مألوف ومعروف لأغلب العرب خاطر بنفسه ليمد الصامدين بما
يعينهم على صمودهم ومقاومة المحتل».
واضاف: «لقد أحب الكويت وأهلها في السراء والضراء فأحبه الوطن
وأهله، وتعملق بالفن الكويتي وتعملق معه، فأصبحت الكويت رائدة الفن
بالمنطقة، ولا تختزل شخصيته الوطنية بفنه، فهو فارس من فرسان الوطن».
الإعلام الجديد
من جانبه، أكد الوكيل المساعد لقطاع الإعلام الجديد
والخدمات الإعلامية بوزارة الإعلام يوسف مصطفى أن وسائل التواصل
الاجتماعي حلقة الوصل ما بين الإعلام والجمهور، وإدارة التواصل
الاجتماعي قامت عبر حساباتنا الرسمية في وزارة الإعلام بمواكبة
جميع ما يتعلّق برسالة وزارة الإعلام في رحيل الفنان الكبير
عبدالحسين عبدالرضا، وستواصل تغطية مراسم وصول الجثمان ومراسم
الدفن والعزاء.
«كويت
تريندر»
وعلى صعيد نشاط قطاع الأخبار والبرامج السياسية في
مواكبة رحيل الفقيد، قال المذيع محمد خليفة: «نحن نغطي أخبار وسائل
التواصل الاجتماعي و«السوشيال ميديا»، ولقد قمنا بمتابعة الأخبار
المتداولة حول رحيل الفنان عبدالحسين عبدالرضا أولاً فأول، وهناك
فقرات إخبارية صباحاً ومساء قامت بمواكبة هذا الشأن من خلال فقرة
«كويت تريندر» في برنامج «صباح الخير يا كويت» التي أقدمها بمشاركة
المذيعة زينب فتحي».
وأشار خليفة إلى أنه في الفترة المسائية هناك فقرة التواصل
الاجتماعي في نشرة الأخبار الرئيسية في الساعة التاسعة مساء، والتي
تقوم بتغطية أخبار عبدالحسين، بناء على التعميم في تلفزيون دولة
الكويت، مثمّناً دعم وتشجيع الوكيل المساعد لقطاع الأخبار والبرامج
السياسية محمد بن ناجي.
تفاعل عربي
وعلى الصعيد العربي، قال السيناريست السوري أمل
جاموس في تصريح صحافي: «ماذا أقول فيك يا من سكنت قلوب الملايين،
وصنعت الفرح فزرعته في عيون وقلوب محبيك، يا من أسكنتهم مسافة عمر
ومسافة حياة، يتوقف الزمان وتتعثر الحروف وتتحشرج الآهات، فتتلاشى
الكلمات حزينة، والمُقل مثقله بالدموع»، كما قال المخرج المسرحي
السوري رضوان جاموس في تصريح مماثل: كم ستكون فضاءات المسرح من
دونك موحشه يا «أبا عدنان»، كم سنفتقدك ياصاحب القلب الطيب والكبير
وأنت الفارس النبيل، كم سيفتقدك المكان والزمان، المقاعد في الصالة
ومنصة المسرح، حزمة الضوء، المؤثرات، الموسيقى، وجوه الناس،
الأحبة، البسمة، الضحكة، الألم، الأمل، الفرح، الحزن، وأنت من حمل
كل هذا في إيقاع نبضك.
# # # #
إعلاميون: «عملاق الفن».. ستظل ذكراه الطيبة
حسين الفضلي
الحزن على فراق الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا
لم يقتصر على الوسط الفني فقط، وهذا ما كان واضحا من خلال مشاركة
الجميع.
الوسط الإعلامي الشبابي أيضا شارك الحزن في فقد
عملاق الفن، الذين أبدوا تأثرهم الشديد عند سماعهم خبر وفاة العم
بوعدنان، حيث كان الراحل راسم البسمة على شفاه الجميع في مختلف
المجتمعات.
المذيع عبدالله الطراح قال: «عظم الله أجر أهل
الكويت في هذا الحدث والمصاب الجلل لكل كويتي وكل خليجي وكل عربي
حس في يوم 8/11 بحزن في داخله، وكانت هناك أكثر من فرصة لمحاورة
الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، لكن كنت أشعر بتخوف».
وبيّن أن الراحل هو الفنان الوحيد الذي يتمنى
الجميع لقاءه، قائلا: «كانت تنتابني مشاعر الرهبة والخوف عند
الحديث عن محاورته، وأفكر بما سأقدمه أمامه، حتى وإن كان حوارا
عاديا لمدة 5 دقائق فقط، للحديث عن مسلسل، أو الفترات التي كان
يعود فيها من رحلات العلاج بالخارج، حيث كانت هذه المشاعر تسيطر
علي لعظمة هذا الفنان ومكانته العريقة».
وأضاف: «أشعر بالندم لأني كنت أتخوف من التقاط صورة تذكارية مع
العم بوعدنان، للأسف هذا الخوف كان عائقا أمامي لالتقاط صورة
تذكارية معه أو لقاء تلفزيوني جمعني به رحمه الله».
أبكانا برحيله
المذيعة شيمان قالت: «لم أصدق خبر وفاة العملاق
بوعدنان، لأنني أعتبره جزءاً من أسرتي، خصوصا أنني التقيت فيه
ببرنامج (الهوى هوانا)، وكان شخصية أكثر من رائعة، وأقل ما يقال
عنه إنه أسطورة الفن، التمست فيه التواضع والروح الفكاهية، وعلى
كثر ما أضحكنا فإنه أبكانا برحيله».
وأضافت: «لا يوجد بيت لا يشعر بالحزن على فراق
بوعدنان، لأنه أخذ قلوبنا معه، مستذكرة كلمات له أثناء لقائها به،
عندما قال في البرنامج «كلهم رحلوا منو بقى منهم»، مختتمة: «رحم
الله الفنان القدير الذي ستظل ذكراه الطيبة».
غياب هرم
فيما قال المذيع محمد الوسمي: «في الحقيقة تصعب
الكلمات في هذا المصاب الجلل على أهل الكويت وأهل الخليج والأمة
العربية، بفقد قامة فنية مثل بوعدنان، الذي قدم الكثير والكثير،
وكان جُل اهتمامه أن يرسم البسمة على كل وجه مواطن كويتي أو خليجي
أو عربي أو حتى مسلم».
وتابع: «تألمنا كثيرا، وفي الحقيقة نستطيع القول إن
هرما من أهرامات الفن الكويتي غاب، وسيكون الأب الروحي لكل الجيل
القادم، لأن الكل يعلم بأن بوعدنان دعم الكثير والكثير لكل نهضة
فنية، وأيضا من طاقات فنية كانوا نجوما، لأنه أعطى فرصة جداً كبيرة
لكل من عاصره أو عمل معه أعمالا فنية، إنه خسارة كبيرة، وعلم لا
يوصف».
فنان التواضع
أما المذيعة أماني الكندري فقد قالت: «إن الكويت
فقدت الفنان المبدع الشاهد على الزمن الجميل، وهو فنان التواضع،
ولن يكون هناك من يسد مكانه»، مضيفة «أن بوعدنان زرع في قلوبنا حبه
منذ صغرنا، وكان فرحة كل بيت، ورسم البسمة على وجوه جمهوره، إلى أن
اختفت هذه البسمة برحيله».
وقالت أعزي نفسي وأعزي الكويت وأعزي عائلته
الكريمة، وكل بيت اليوم حزين لفراق هذا العملاق، لأن فراقه صعب على
الجميع، كما أنه سيبقى عملاق الفن، سيبقى صرحا شامخا مخلدا في
قلوبنا وفي التاريخ.
المذيع هاشم أسد قال: «إن الراحل العم بوعدنان هو
هرم، كبرنا وترعرعنا على فنه، وخبر فقده صاعقة هزت كل إنسان شافه
وحبه وكبر وابتسم على أعماله، فما بالك بأشخاص كانوا يرتعشون من
هيبته وتواضعه، عندما يرونه بالإذاعة»، مضيفا: «الكلمات تعجز عن
التعبير، والحروف تشل أمام هذا المصاب الجلل».
# # # #
فنانون خليجيون:
رحيل عبدالحسين أشعرنا باليتم
محرر القبس الإلكتروني
(كونا)
– قال فنانون خليجيون إن رحيل الفنان الكويتي الكبير عبدالحسين
عبدالرضا، ترك لديهم شعورا باليتم في الساحة الفنية حيث كان بمنزلة
الأب لهم في المجال الفني واكتسبوا منه دورسا عديدة وقيما في مختلف
المجالات.
وأكد هؤلاء الفنانون في تصريحات متفرقة لوكالة
الأنباء الكويتية اليوم الثلاثاء، أن الفنان عبدالحسين عبدالرضا لا
يعتبر أحد أعمدة الفن الكويتي فحسب بل أيضا أحد أعمدة الفن الخليجي
والعربي.
وقال الفنان السعودي عبدالمحسن النمر إن الفنان
عبدالحسين عبدالرضا شخصية كبيرة وقديرة جدا ونموذج عظيم سيبقى
للابد ويتم الاقتداء به دائما.
وأعرب النمر عن حزنه العميق لفقدان هذه الهامة
الفنية والقامة الكبيرة التي تجاوزت الحالة الفنية وأصبحت شيئا
أكبر بكثير عند الناس لافتا إلى أنه تلمس الحزن في السعودية برحيل
الفنان عبدالرضا.
وأضاف أن الفنان عبدالحسين عبدالرضا شكل مرحلة مهمة
في حياته حيث كانت له تجربة كبيرة معه واجتمعا في العمل الدرامي
(التنديل) وكان سعيدا جدا بالعمل مع الفنان عبدالرضا وأن يحتك بتلك
القامة الكبيرة وقد استفاد منه كثيرا.
وفد رسمي
من جانبه قال الفنان الإماراتي الدكتور حبيب غلوم
إنه سيترأس وفدا رسميا من جمعية المسرحيين في الإمارات للحضور
والمشاركة في مراسم الدفن وتقديم واجب العزاء في الكويت تقديرا
للفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا.
وأضاف غلوم «نعزي أنفسنا قبل أن نعزي الكويت
وقيادتها وشعبها وفنانيها بوفاة أخ الجميع وفنان الشعب الخليجي كله».
وذكر أن الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا أستاذ
ليس فقط في الساحة الفنية بل تعلم منه المحيطون به قيم التواضع
والإنسانية وهذا ما يفسر محبة الجميع له «ونحن نسعى إلى أن يترحم
علينا الجميع مثلما يترحمون على الفنان عبدالرضا وهذا يدل على أنه
فرض حبه واحترامه».
وأكد أن الفنان الراحل يستحق هذا التقدير وأكثر فقد
كرس حياته على امتداد نحو ستة عقود لخدمة الفن والثقافة والناس
وإسعادهم.
فنان عملاق
من ناحيته قال الفنان ورسام الكاريكاتير العماني
فهد الزدجالي الحائز المركز الأول بمحور رسم الفنان الكويتي
عبدالحسين عبدالرضا، وذلك في ملتقى الكويت الدولي الاول
للكاريكاتير إنه حزين جدا لرحيل هذا الفنان العملاق.
وأضاف الزدجالي «الحزن خيم علي كما خيم على الخليج
العربي برمته فقد ولدت ولا أذكر متى أول مرة أبصرت هذا الفنان
الكبير عبدالحسين عبدالرضا فمنذ ولادتي وأنا أعرفه».
وأوضح أن الفنان الراحل أبوعدنان دخل كل البيوت
الخليجية أهلا وسهلا خفيفا على الجميع ورحل عن الدنيا ليترك فراغا
ثقيلا يكبت الأنفاس.
وذكر أنه التقى بالفنان الراحل في الكويت من خلال
مشاركته في ملتقى الكويت الدولي الأول للكاريكاتير قائلا «كان لي
الشرف الكبير أن أصافحه وأن أسمع منه عبارات الإطراء والتبريكات
حينما قدمت لوحة كاريكاتيرية تاريخية عنه تحكي مسيرة العملاق
أبوعدنان».
وتابع «لا أنسى تلك اللحظات والعبارات التي ستبقى
ما حييت وساما وشهادة أعتز بها« مشيرا إلى أن تجربته الشخصية مع
أبو عدنان أدخلت فيه السرور الكبير الذي يعجز عن وصفه وخبر إصابته
بنوبة قلبية آلمه وخبر وفاته أبكاه ألما وحسرة.
هامة فنية
بدوره قال الفنان الكويتي عبدالله بهمن إن الكويت
فقدت هامة فنية كبيرة والدليل على ذلك الحزن الذي اجتاح الناس منذ
إعلان وفاة عبدالحسين عبدالرضا.
وأضاف بهمن «نرى محبة الناس لهذا الفنان القدير
ونتعجب من مدى هذا الحب فالجميع يترحم عليه ويدعو له بالمغفرة وهذا
يدل على مدى عطائه».
وأوضح أن الفنان عبدالحسين عبدالرضا كان يحث دائما
في كلماته على الولاء لهذا الوطن وحب الكويت وكان دائما داعما
للخير.
وأكد أن الفنان الراحل ترك سمعة حسنة وأثرا طيبا
ودورسا للفنانين والناس وقد رسم الابتسامة لمدة تجاوزت الخمسين
عاما على وجه الوطن العربي.
وكانت الساحة الفنية الكويتية والخليجية والعربية
قد فقدت الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا الذي وافته المنية في 11
أغسطس الجاري في العاصمة البريطانية لندن بعد صراع مع المرض عن عمر
يناهز 78 عاما.
# # # #
عساها وحدة دائمة
عبداللطيف الدعيج
اليوم سيدفن المرحوم عبدالحسين عبدالرضا، ومن
المفروض تبعًا لمسيرته وسيرته أن ندفن في الوقت ذاته- لكن بعيدًا
عن جثمانه الطاهر- التخلف والتطرف.. التخلف والتطرف اللذين جاهد
الفنان عبدالحسين ومعه العظماء من فنانينا لمحاربتهما ودحرهما.
لم ينظر أي كويتي، على علمي، إلى عبدالحسين
عبدالرضا على أنه إنسان مختلف، أو حتى غريب عنه. لم ينظر له البدوي
على أنه حضري، أو السني على أنه شيعي. ولم ينظر له من يسمي نفسه
ابن السور على أنه ابن المناطق الخارجية. الكل بكى ابن الكويت
وفنان الكويت. الذي بدا لنا في جميع أعماله «كويتيًا» وحسب. وهكذا
بدا أيضًا وقد فارق الحياة.. كويتيًا يُؤسف عليه ويُنتصر له ويُحزن
عليه.
ليس من المفروض أن يكون الفرد مشهورًا أو معطاءً
حتى يكون كويتيًا مميزًا كالمرحوم عبدالحسين. ولكن المفروض أن يكون
كل مواطن وكل سوي كويتيًا يحظى بالاحترام ذاته والتكريم ذاته
والحقوق ذاتها التي منحناها ووفرناها للمرحوم عبدالحسين عبدالرضا
عند وفاته. المفروض أننا جميعًا كويتيون. نتميز كأفراد عن بعض.
ويحتفظ كل منا بشخصيته وأدائه وقدراته المميزة. التي تجعل منه
فلانًا أو علاناً. ولكن نبقى في النهاية بني آدم ونبقى في النهاية
ووفقًا للقانون كويتيين.
في المجتمعات البدائية، أو مجتمعات الأزمان
الغابرة. يُنظر إلى الإنسان بشكلٍ جمعي. لا يُنظر له كفرد مميز
ومتميز. لكن ينظر له على أنه القبيلة أو الطائفة وحتى المنطقة.
عازمي أو مطيري، سني أو شيعي، ابن الداخل أو ابن الخارج.. شرقاوي،
أو من أهل قبلة. في المجتمعات السوية. المتطورة التي يسودها
القانون وتحكمها المبادئ الديموقراطية الحقيقية في العدالة
والمساواة.. الإنسان فرد، بمؤهلاته وبقدراته، بهما يُقاس، وبهما
يصنف ويرتقي. يحميه القانون وتصون حقوقه مؤسسات وبنى الدولة. ليس
القبيلة وليس الطائفة ولا حتى العائلة أو من «يمون» عليهم من
الأصدقاء، كما هو الحال هنا مع كل أسف.
عبدالحسين عبدالرضا أحببناه جميعًا، وعشقنا فنه
جميعًا. في نظرنا جميعًا، تُوفي كويتيًا، ودفناه جميعًا كويتيًَا
أيضًا، وحّدنا في حياته ووحّدنا أكثر في مماته.. لنتذكره منذ
اليوم، ولنتذكر كل عبدالحسين بعده.. كما سندفن المرحوم اليوم..
كويتيًا وحسب.
عبداللطيف الدعيج
# # # #
عبدالحسين عبدالرضا والفن الأصيل
عبد الزهرة الركابي
الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا كان يجسّد آلية
إنسانية عابرة، ومتخطية لكل شرنقات الحساسيات العرقية والطائفية،
حتى أنه أصبح ملتقى الحب الإنساني بين الفنانين والفنانات، فهو
الفنان العربي والخليجي، الذي مزّق كل أستار التعصب، وتجاوز كل
الحساسيات المعقدة في هذا الجانب، الذي يريد للفن أن يكون على خطى
أمراض الوطن العربي، عند شيوع داء الطائفية المتضخم، في السنوات
الأخيرة من زمننا الراهن!
لا شك أن الفنان عبدالحسين عبدالرضا يُعد في طليعة
عمالقة المسرح العربي المعاصر، وكان قامة في التواضع، وحتى في
مراحل مرضه، لم يتخلف عن زيارة المرضى في المستشفى نفسه، الذي يرقد
فيه بلندن، وحتى في أعماله الأخيرة، كان يعامل الفنانات بكلمة
«يبه»، أي بمصطلح الأب، وهو أمر لم يحدث إلا نادراً، في أسلوب
التعامل بين فنان كبير وعملاق من جهة، وبين فنانة ناشئة من جهة
أخرى.
من حسن حظي التقيت الفنان الراحل في دبي، بعد
تعافيه من الجلطة الدماغية قبل سنوات خلت، وكان ضيفاً في مهرجان
فني متنوع، أصرّ الراحل على تلبية دعوة القائمين عليه، حيث حضر
المهرجان وهو على كرسي متحرك خلال فترة النقاهة، وكان من على هذا
الكرسي يبدو مسروراً، كأنه طيار يحلق من على جناح طائرة!
وعندما جمعتنا جلسة في بهو الفندق في دبي آنذاك، مع
مجموعة من الفنانات والفنانين الكويتيين، قال لي «بو عدنان» إن حبه
للفن جعله يقطع فترة نقاهته، لأن أجواء الفن هي متنفسه، وكانت فرصة
لي في الوقت نفسه، للتعرف على الفنانات والفنانين الكويتيين، حيث
قمت بتغطية نشاطاتهم وتسليط الضوء على أعمالهم المسرحية ومشاركاتهم
في الدراما الخليجية في كبريات الصحف اللبنانية.
رحمك الله يا أبا عدنان، وأسكنك في جنائن الفردوس
الأبدية، فقد كنت منارة متوهجة في الفن العربي والخليجي والكويتي،
بعدما أرسيت مجدك الأثيل في المسرح الكوميدي، المؤطر بالإشارات
السياسية، ذات المدلولات العميقة في النقد والتشريح والتوجيه
البناء.
وإني لأخال الشاعر يرثيك عندما قال: «إذا ذُكر
العقيق وساكنوه/ بكى طرباً وأسعده الهديل/ وليل خضت منه عباب بحر/
خضم ما لساحله سبيل»!
عبدالزهرة الركابي
ml.him@hotmail.com |