«عداوات»
لسكوت كوبر الذي افتتح الدورة الثالثة عشرة من مهرجان دبي
السينمائي الدولي، يفاجئ المشاهد على أكثر من نحو. حكاية كابتن
أبيض متعصب يتعلم معنى التسامح والسلام مع المواطنين الأميركيين
الأصليين للبلاد عبر رحلة صعبة زماناً ومكاناً.
لن يكون الفيلم الذي سيحشد الجمهور من جديد لمشاهدة
سينما الوسترن. بكلمات أخرى، ليس الفيلم الذي سيعيد لهذا النوع
نتاجاته المتكاثرة التي سادت الأفلام الهوليوودية حتى منتصف
الستينات. لكنه، بالتأكيد، الفيلم الذي سيجعل المشاهدين، الجدد على
الأقل، التعرف إلى بعض ذلك التاريخ الطويل للشعب الأميركي الذي
يُطلق عليه، وعلى نحو خاطئ، «الهنود الحمر».
كانوا، كما نعلم جميعاً الآن، السكان الأصليين لكل
القارة الأميركية الشمالية والجنوبية. في الشمال (كندا والولايات
المتحدة) تألفوا من 500 أمة، كل منها بثقافات وعقائد وعادات مختلفة
وإن تشاركوا في كونهم المواطنين الأصليين للقارة.
حين دلف الغربيون اعتبروا، على نحو غير بعيد مما
حدث في فلسطين لاحقاً، أن الأراضي حرة ليست مملوكة لبشر من قبل،
على الرغم من مواجهتهم مقاومة واسعة من قبل القبائل التي توزعت فوق
تلك القارة.
بالنسبة للأوروبيين البيض، كان هؤلاء شعب همجي لا
يعرف الديانة المسيحية ويعيش على القتل والتقاليد غير المتحضرة.
وبما أنّ فرنسا وبريطانيا تقاسما شرق وجنوب الولايات المتحدة
وكندا، فقد سعى كل طرف لاستقطاب قبائل تقاتل معها ضد الطرف الآخر،
حتى استتب الأمر، في القرن الخامس عشر على دحر البريطانيين
للفرنسيين إلى ما هو معروف اليوم بمقاطعة كيبوبك الكندية وسيطرة
الإنجليز على كل ما هو معروف الآن بالولايات المتحدة. وساد هذا
الوضع إلى أن قامت الثورة الأميركية التي انتهت بإعلان استقلال
الولايات المتحدة عن بريطانيا في الرابع من يوليو (تموز) سنة 1777.
رؤية رجل هندي
خلال تلك الفترة لازم الأوروبيون المهاجرون إلى شرق
وجنوب الأراضي الأميركية، تلك البلاد الشاسعة الممتدة شرق نهر
المسيسيبي. تعرضوا لهجوم القبائل الشرقية (بونتياك، وموهيكانز،
وسيمينويل وسواهم) واعتدوا بدورهم عليهم لدحرهم على الأراضي التي
أرادوا الاستيلاء عليها.
قليلون حتى ذلك الحين اجتازوا المسيسيبي غرباً، لكن
ما إن استتب الحال في الشرق حتى بدأت الهجرة الكبيرة صوب الغرب
مباشرة بعد استكشافها، وعلى الأخص من بعد أن تداول المستكشفون عن
وجود جبال من الذهب والفضة. الاندفاع صوب الغرب لم يختلف في كيانه
عن الاندفاع السابق لاحتلال الأراضي الشرقية. في ظاهره التحضر
والتطويع والتقدم العمراني والاجتماعي وفي باطنه السعي للاستثمار
الصناعي سلماً أو حرباً.
في سبيل ذلك، واجه البيض مقاومة أكبر من قِبل قبائل
مختلفة عن تلك الشرقية من بين الشيروكيز والشايين والسيوكس
والأباتشي. لكن التاريخ يكشف عن مئات القبائل الأخرى التي يمكن لمن
يرغب مطالعتها على الإنترنت. ما هو مهم أنّه من بين 500 أمة (كل
منها بقبائل متعددة)، تقلص العدد إلى خمسة أو نحوها. مع الربع
الأخير من القرن التاسع عشر، كان الأمر قد استتب للمواطنين
المهاجرين وتحوّل الأصليون إلى شعوب متناثرة ومدمّرة تعيش على ما
توفره لهم الحكومة من مؤن وفي محافظات ومعسكرات بعدها لا يزال
موجوداً لليوم (على الطريق بين بلدتي تشاندلر وكوليدج تكمن جيوب
لقبيلة نافاهو تتبدى من الطريق العام بعيداً).
السينما تعاملت مع جوانب مختلفة من هذا التاريخ
وحملت إلى المشاهد نتائج متباينة لهذا التعامل. المخرج الأسطوري د.
و. غريفيث أنجز أكثر من فيلم حول ما عرف بـ«الهنود الحمر». أحد
أفلامه هذه كان «رؤية الرجل الهندي»
(The Red Man›s
View)
سنة 1909 الذي قدم فيه نقداً واضحاً للبيض وممارساتهم العدائية
حيال بقايا قبيلة هندية مسالمة يجبرهم البيض على إخلاء مكانهم، مما
يبعثر إحدى العائلات التي يستخدمها غريفيث كنموذج لما هو أشمل.
بالنسبة لسينما ذلك الحين، فإن النتاج الشامل كان
تقديم أفلام يسبر الكثير منها جوانب حياة القبائل في الغرب
الأميركي. بعض تلك الأفلام كانت من بطولة ممثلين من تلك القبائل.
لكن في عام 1930 حقّق مخرج أبيض فيلما عنوانه «العدو الصامت». جله
دار حول المصير البائس للهنود الحمر مثّل فيه مواطنون أصليون فقط.
إنّه فيلم مغامرات عن شعب يواجه الجوع بعدما رُحّل من موطنه الأصلي
حيث يتكاثر الصيد، إلى مناطق ضحلة لا صيد فيها. العنوان ذاته يقصد
الجوع الذي واجه أبطال الفيلم.
المخرج كان هـ. ب. كارفر و«العدو الصامت» كان أول
فيلم له وبعده حقق فيلما آخر ثم اختفى. لكن العام ذاته كان العام
الذي أخذت هوليوود تنحو فيه صوب تصوير الهندي كعدو شرس ومتوحش
يهاجم العزل والأبرياء ويحاول إيقاف عقارب الحضارة والمدنية، مما
يستوجب محاربته وكسره.
عنصرية فورد
لم تعن تلك الأفلام بالحقيقة بل بتوفير ينبوع لا
ينضب من مشاهد القتال حيث وجهة النظر الوحيدة التي يمارسها الفيلم
هي تلك التي تؤول إلى «البطل» الأبيض ومن يؤازره.
من بين سيل طويل من هذه الأفلام برز سنة 1939، فيلم
جون فورد الشهير «عربة»
Stagecoach
الذي عمل على نمط تقسيم من فيه إلى أخيار بيض وأشرار هنود. الفيلم
رائع في الصورة والشكل وربح أوسكارين في زمانه، لكنّه مبطن بمنهج
عدائي واضح للعنصر الآخر تماماً كمعظم أفلام فورد الذي يعتبره
كثيرون من أهم مخرجي السينما الأميركية.
أحد أكثر أفلامه بحثاً في موضوع العلاقة بين «البيض
والحمر»، ورد سنة 1956 تحت عنوان «الباحثون» حول دافع انتقامي مغلف
بطبيعة عنصرية لرجل يبحث عن قريبته البيضاء التي اختطفها زعيم
هندي. صحيح أن فورد لا يخفي عنصرية بطله (جون واين)، إلا أنه
يباركها ويحميها من التشويه.
قليل من أفلام الفترة الممتدة من الثلاثينات وحتى
منتصف الخمسينات احتوت على نظرة عادلة وبطل أبيض يواجه البيض
معارضاً المعاملة التي يتعرض لها الهنود. لكنّ الحال تغيّر تدريجاً
وحتى اليوم.
نجد في «سهم مكسور»
(Broken Arrow)
لدلمر ديفز صورة تقترب كثيراً من تقديم وضع استثنائي لما كان
سائداً في مطلع الخمسينات. جيمس ستيوارت في دور رجل أبيض مستقل
برأيه يقع في حب امرأة هندية تنتمي إلى شعب حي له شخصيته. قبل ذلك
وبعده عدد من الأفلام التي بدأت بالحديث عن شرور البيض التي تدفع
الحمر إلى الدفاع عن أنفسهم وأراضيهم على الرغم من تفاوت القوى.
وحكاية الجنرال كستر، الكابتن الذي امتلأ بالبغض
حيال الهنود الحمر، وكيف سقط قتيلاً وسط جنوده في معركة حاسمة
قادتها قبائل الشمال ضده سنة 1839 (آخر موقعة كبيرة انتصر فيها
المواطنون الأصليون)، نموذج للمعالجات المؤيدة أو المناوئة لتلك
القبائل. فهو بطل في أكثر من فيلم، بينها «كستر الغرب» لروبرت
سيودماك (1967) وعسكري أحمق في «سيتينغ بُل»
(Sitting Bull)
لسيدني سالكوف (1954).
«عداوات»
يأتي في أعقاب صف طويل من الأفلام الحديثة نسبياً التي لم تعد
تقدّم الأميركي الأصلي على أساس أنه طفرة نباتية بين البشر، بل
تعامله اليوم على أساس أنه هو المواطن الأول صاحب الأرض التي
انتزعت منه والتاريخ الذي شوه بغية بيع تذاكر الفرجة للمنتصرين.
####
شاشة الناقد
>
الفيلم: ميل يا غزيل
>
إخراج: إليان الراهب
>
النوع: دراما/لبنان
>
تقييم: (***** من خمسة)
لم يعمد فيلم لبناني آخر (باستثناء «لي قبور في هذه
الأرض» لرين متري)، للبحث في موضوع الغربة الناتجة عن فقدان الأرض
الموروثة أباً عن جد. في فيلم متري هناك التهجير الذي بدأ خلال
الحرب الأهلية اللبنانية فقلع العائلات المسيحية من جذورها في بعض
قرى وبلدات ومزارع الجنوب. هنا، في فيلم إليان الراهب الذي كان
مهرجان قرطاج التونسي آخر محطات عرضه، لا يوجد اقتلاع بل حالة يأس
تدفع البعض لبيع أراضيهم في هجرة يختارها برضا وقبول. والمواطن
هيكل ميخائيل له الحق في أن يخشى تبدلاً ديموغرافياً تفقد معه
المنطقة خاصتها الثقافية والدينية والبيئية المتوارثة.
يعيش هيكل في قرية منزوية في منطقة عكار على مقربة
من الحدود السورية ويرقب الخوف الآتي عبرها الحامل لمتغيرات
اجتماعية قد تصبح حاسمة. لكن المتغيرات لا تأتي فقط عبر ذلك؛ أفواج
المهاجرين والمهجرين السوريين، بل من قبل بعض الطوائف اللبنانية
التي تسعى لتغيير ديموغرافية المنطقة المسيحية بأسرها مما جعله
ينأى عما أقدم عليه جيرانه الذين رضوا بيع أراضيهم للغرباء.
هيكل يلحظ هذا التغيير شاكياً. إيليان هناك (مع
مديرة تصويرها جوسلين إبي جبريل)، تلتقط أنفاسه لكنها تناجيه طارحة
أسئلة تعلم مدى وقعها عليه. وهي تلتقط كذلك أنفاس المكان الجبلي
العالي والمشرف. لكي تفعل ذلك، لا بد أنها أمضت عدة أشهر التقطت
فيها تغير الفصول وتأثير ذلك على النباتات والأشجار وعلى الأرض
ذاتها. بذلك يحس المشاهد أنّه يعيش الحالة وما تعنيه كما لو كان
موجوداً هناك.
وجود إليان في هذا الفيلم ملموس تعكسه اللقطات
المختارة لتفاصيل الحياة. هي حاضرة بأسئلتها وبالكيفية التي تطلب
من الكاميرا أن تتعامل مع هذا الحضور. بذلك تضع نفسها شريكة في
البحث مع وجهة نظر مستقلة. صحيح أنها تنقل وجهة نظر هيكل لكنها لا
توافقه في كل وجهات نظره وسلوكياته. بذلك وجودها ضروري كمرآة عاكسة
وفي الوقت ذاته لا يحول العمل إلى حديث عنها (كما حال كم كبير من
الأفلام التسجيلية المنجزة في السينما العربية).
العنوان الإنجليزي أكثر تعبيراً من العنوان العربي
المستخدم. هو «أولئك الذين بقوا»
(Those Who Remained)،
وفي هذا الصدد يجسد هيكل لنموذجهم على مساحة الجبال والوديان التي
حوله. لكن المرء لا يمكن أن يفوت أن للعنوان اتصالاً بحياة هيكل
الخاصة في الوقت نفسه. فهو يعيش وحيداً في منزله ومزرعته، بعدما
هجرته زوجته، وفي هذه الحالة يعكس العنوان حالته منفرداً ضمن
الإطار العام. كل ذلك يؤدي بها إلى الحفاظ على مسافتها الفكرية
المستقلة عما يتبعه هيكل من قناعات (دخل الحرب الأهلية وخرج بها)
سياسية أو اجتماعية.
مع الأخذ بالاعتبار كل هذه الإيجابيات والحسنات
الواردة تبرز بعض المسائل التي تبدو كما لو كانت تشكل حاجزاً من
دون سلاسة العمل. نقلاتها من وإلى الموضوع الأساس من شأنها إبراز
فراغات غير مطلوبة. هل أن الراهب تجاوزت قدراتها أم هي اقتربت من
الموضوع لدرجة الملامسة بحيث غابت عنها بعض خشونة تلك النقلات؟
####
سنوات السينما
The Secret in Their Eyes (2009)
أسرار التاريخ في عيون الأحياء
هو أفضل أفلام المخرج الأرجنتيني جوان جوزيه
كامبانيللا. قبله وبعده حقق أفلاماً بعضها جيد، لكن لا شيء منها
وصل إلى مستوى هذا العمل الذي نال أوسكار أفضل فيلم أجنبي في العام
التالي لإنتاجه.
يبدأ الفيلم بشاشة سوداء ونقرات على البيانو قبل أن
يفتح على شارة تحمل اسم الرصيف 8 في محطة قطار. الصورة هنا غير
واضحة إلى أن تستدير الكاميرا لليسار لتحتل عيني امرأة الكادر في
«كلوز أب». العينان ترصدان شيئاً. ظهور الشيء يبدأ بقطع حاد على
حقيبة على الأرض تمتد يد فترفعها. إنها يد رجل نراه من الخلف وهو
سائر في اتجاه القطار. لقطة له من الأمام من دون أن نتبين وجهه،
تطالعنا الناس المتحركة فوق الرصيف نفسه مصورة مثل شظايا أو كأشباح
في البال وتلك المرأة تقف في نهاية اللقطة لا تتحرك. ثم لقطة «كلوز
أب» أخرى لها، هذه المرة من كاميرا أعلى منها تقف جانباً لتلتقط
قمة رأسها وجزءاً من وجهها. في الخلفية حركة القطار ليست بيّنة إلا
لمن يتمعن. حينها فقط تتحرّك المرأة لتلحق بالقطار. تضع يدها على
زجاج النافذة التي جلس ذلك الرجل بجانبها. يضع يده لتلك اللحظة
التي تسبق إسراع القطار. اللقطة التالية، والمكان لا يزال يبدو كما
لو كان جزءاً من عالم شبحي كامن في البال وليس في الواقع، من مؤخرة
القطار لها تركض وحيدة.
المقدمة فيلم بحد ذاته. لو أن مخرجاً أراد تصوير
لحظة وداع ملؤها الصمت تبتعد عن الآهات والعبارات والقبلات،
وتتويجها بملامح فنية في التصميم العام وفي التصوير لكانت هذه
المقدمة نموذجاً٠ لكن في باطن الفيلم قصتين في عهدين:القصّة
الأولى عاطفية والقصة الثانية جنائية. العهد الأول الزمن الحالي
(الزمن الذي ينطلق منه الفيلم). الزمن الثاني هو منتصف السبعينات.
الحركة المتبادلة بين القصتين والعهدين مُحاكة مثل نسيج يتطلب
مهارة في كل تفصيلة منه. ذات المهارة التي توصم هذا الفيلم
ولقطاته. من المشاهد الأولى حتى تلك الأخيرة، هناك حياكة ألوان
وتصميم لقطات ونطق حوارات وتوزيع إضاءة وبالطبع نظرات. في الفصل
الثاني من المشاهد، بعد المقدمة، نرى المحقق القضائي بنجامين
(ريكاردو دارين) ينظر بإعجاب إلى رئيسته السابقة في القسم الذي كان
يعمل فيه إرين (سوليداد فيلاميل). يتحاشى المخرج هنا توزيع لقطات
قريبة للوجه أو العينين، لكنه بالتأكيد يطلب من ممثله أن يبدي تلك
النظرة المعبرة التي تلي قيامها بإنزال الآلة الطابعة التي كان
يستخدمها في عمله إلى أن اعتزله قبل نحو 20 سنة.
من هنا ينطلق الفيلم في استعادات لماضي علاقة من
ناحية ولحادثة سياسية لا تزال نتائجها مرتسمة في بال مرتكبيها
والمتعرضين لها. الفيلم في منوال إخراجه لغزي على أرض متاخمة
لهيتشكوك من ناحية، وتركيز على المحقق ليس كبطل بل كحالة إنسانية.
هنا يبرز فعل البحث عن قاتل ارتكب جريمته قبل عقدين من الزمان.
وهناك ذلك المشهد الذي ينتصف الفيلم، وهو مشهد المطاردة الوحيد فيه
ويبدأ بلقطة جوية عالية تهبط منها الكاميرا أفقيا إلى الاستاد
الرياضي. ما يحدث لست دقائق لاحقة يحتاج إلى تحليل حول كيفية تعامل
المخرج مع المشاهد: التقطيع على الورق. التصوير. المونتاج. إنها ست
دقائق حابسة للأنفاس وشديدة الإثارة، لكنها ليست مجانية. في
الحقيقة ليست هناك دقيقة وحيدة من الفيلم تشبه أي من الأفلام
البوليسية الأميركية. حتى هذه الدقائق الست. معالجتها الفنية
مختلفة كذلك الغاية منها. هذا على الرغم من أن المخرج سبق له وأن
حقق للتلفزيون الأميركي 17 حلقة من المسلسل القضائي - البوليسي
Law and Order
وكان يستطيع الاعتماد على تلك المدرسة لو شاء.
بتدرج ملائم يتحول الفيلم إلى حكاية بوليسية ولو
أنها لا تستطيع أن تطغي على العاطفة التي يكتنزها بنجامين في داخله
وتعبر عنها عيناه. إنه حب صامت لامرأة لم تكشف له بعد عن أنها تعلم
أنه واقع في حبها طوال تلك السنين.
####
مشهد
30
سنة من ذاكرة قتيبة
>
للمخرج العراقي قتيبة الجنابي فيلم جديد في مسابقة مهرجان دبي
السينمائي الدولي عنوانه «قصص العابرين» يعود به إلى المهرجان الذي
عرض فيه فيلمه السابق «الرحيل من بغداد» سنة 2010.
>
كان ذاك أول فيلم روائي طويل للمخرج العراقي الذي يعمل ويعيش في
بريطانيا، وذلك بعد عدد لا بأس به من الأفلام القصيرة التيأخرجها
والتيأثارت الكثير من الإعجاب بسبب تشرّبها المكان والطبيعة
والضوء. وضع الكاميرا (وهو مدير التصوير أيضاً)، فيالمساحات
المفتوحة لكي تنقل اللحظة من اليوم لجانب طبيعة المكان. وهو مشدود
لوحدة الشخصيات فيالأماكن التيتبدو بدورها وحيدة، كما لو أن
المدينة كائن لا شبيه له، أو كما لو أن المزرعة البعيدة، هي جزء من
أرض لا مثيل لها فيأيمكان آخر.
>
فيلمه الجديد عنوانه «قصص العابرين» الذي يرد ذكره في برنامج
المسابقة على أنه «صور ومشاهد تجتمع للمرة الأولى في إطار حكاية
تروي أحاسيس ومشاعر 30 عاماً من المنفى». بذلك، يعد الفيلم، لن
تكون هناك حكاية تُروى «بل توليف لما صوره» المخرج على مدى عقود.
>
يقول لي المخرج في جلسة صباحية: «الواقع أن هذا الفيلم جاء نتيجة
ظروف مختلفة. الذي حدث أن أنطوان خليفي (المسؤول عن البرمجة
العربية)، اتصل بي وسألني ما الذي حدث لفيلم كنت عزمت على تحقيقه
منذ ثلاث سنوات هو «شتاء داود». قلت له إن الفيلم لم يبدأ التصوير
بعد، لكن لدي 12 دقيقة من فيلم يمكن أن يُجهز».
>
شاهد خليفي الدقائق الاثنا عشر ثم طلب المزيد فأرسل له قتيبة 40
دقيقة أخرى. هنا تدخل المدير الفني للمهرجان وأوصاه باستكمال
الفيلم وإضافة صوت تعليق على مشاهده.
> «صورت
الفيلم على مدى 30 سنة. هو توليف لمشاهد التقطتها من الحياة من
بغداد وإلى لندن مروراً بكل المحطات المهمة التي عشتها زماناً
ومكاناً. هو فيلم شخصي جداً. أكثر فيلم يقترب مني لأنه عن معايشتي
لما مر علي كعراقي في العراق أولاً ثم في المهجر».
>
أما «شتاء داود» فهو فيلم روائي جاءت الموافقة على تمويله قبل حين
قريب: «المشكلة هي أن التمويل الآتي من الاتحاد الأوروبي يشترط
التصوير في أوروبا. الآن وقد تم التغلب على هذه المشكلة، قد أبدأ
التصوير في أي لحظة». |