حاز الفيلم الفلسطيني "واجب" للمخرجة المقتدرة "آن
مار جاسر" على جائزة مسابقة المهر الطويل، وجائزة أفضل ممثل لبطليه
محمد بكري وصالح بكري.
ويقدم الفيلم للجمهور الفلسطيني خصوصاً والعربي
عموماً، لوحة كوميدية مدتها (97 دقيقة) تستند إلى سيناريو متين
يقلب المفارقات داخل المجتمع الفلسطيني عبر تفاصيل يوم يجمع أب
وابنه في سيارة تتجول في أزقة مدينة الناصرة (فلسطين المحتلة عام
1948).
يقدم الفيلم الكوميديا السوداء التي قام عليها طوال
دقائقه وبنتها المخرجة (كاتبة السيناريو) من مفارقات الحياة، ولا
أكثر من المفارقات في الواقع الفلسطيني بفعل عمق التحولات
الاجتماعية والسياسية هناك، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، ومن
خلالهما تنطلق المخرجة لتقدم عملا رفيعا يعرينا من خلال الضحك.
وهو هنا ضحك لا يضحك علينا، فالقاعة التي ضمت العرض
في المهرجان امتلأت بالضحك، ومن ثم التصفيق على عمل المخرجة
الجديد، ولم يقلل من ذلك بعض التذمر من السباب الذي امتنعت المخرجة
عن التعليق عليه لأسبابها الخاصة.
بعيدا عن الشتائم، فإنه فيلم متقن الصنعة، سيناريو
وحوارا وإخراجا، ربما أفضل أداء لمحمد بكري (في دور الأب) دور
سيحبه فيه كل الفلسطينيين على اختلاف أجيالهم، ويمكن أن يكون
"واجب" أول فيلم كوميدي فلسطيني متكامل من دون أن يكون ذلك هدفا
بحد ذاته، سبقه ذلك فيلم "السلام عليك يا مريم"، وهو روائي قصير
للمخرج ابن مدينة الناصرة باسل خليل، وحاز على جائز أفضل فيلم قصير
في دبي السينمائي.
إنه فيلم التناقضات الفلسطينية التي سببها العمر
والتجارب والجغرافيا، تناقضات حملها الفيلم الذي صوّر في فصل
الشتاء، الأمر الذي منح الشريط لونا داكنا وحرض على تمني الدفء،
وتحديدا دفء العائلة الفلسطينية المتشظية، بين أمريكا (حيث تعيش
الأم)، إيطاليا (حيث يعيش الابن)، والناصرة (حيث يعيش الأب وابنته
التي يتم التحضير لحفل زفافها).
هذا فيلم يُضحك الفلسطينيين على أنفسهم كثيرا، لن
يتوقفوا عن الضحك، سيخرجون من السينما مرددين المواقف، لكونهم
أبطالا في هذه الحياة التي تحكم بها الاحتلال وحدد أحلامها وحاصر
خيارات أصحابها.
إنه فيلم صادق، تَحرى الواقع الملغز والمستعصي على
الحل وجعل منه محاولة لبحث تداعيات كل ذلك، وبدلا من الاستمرار
بالانهيار والتراجع يقول لنا: تعالوا نضحك قليلا!
يحمل الفيلم ثيمة الرحلة وفي سيارة قديمة للأب كبير
السن الحالم بعودة ابنه من إيطاليا ليستقر في الناصرة التي تجوب
أحياء من مدينة الناصرة لدعوة الأقارب على حفل زفاف الابنة الصغرى.
الخلافات عميقة بين الأب والابن من ناحية واقع
المدينة المحتلة والتعامل بطبيعة مع تغيراته الاجتماعية العميقة،
لكن ما يفجر المأزق في تلك العلاقة المأزومة رغبة الأب في دعوة
"روني" اليهودي لحفل العرس، وهو ما يرفضه الابن بشكل مطلق لتحدث
ذورة الأحداث التي يقدم كل منهما رؤيته للموضوع الفلسطيني ولفهمة
لطبيعة الصراع وكيف يجب أن يكون.
وشادي الابن يبدو متمردا على قناعات والده الذي يرى
في المسايرة ومحاولة إرضاء المحتل أملا في الحصول على ترقية مدير
مدرسة، لكن شادي ينتمى لجيل لم يعش فترة الحكم العسكري بعد
الاحتلال مباشرة عام 1948 وبمقدار ما يبدو أكثر ثقة واستقلالية
وحذرية في الموقف من المحتل الذي لا يحتمل المهادنة لا نرى ذلك
ينعكس على شخصيته، بل يتعارض معها في موقفه من البقاء في الوطن
وعدم السفر لإيطاليا، حيث يعيش مع فلسطينية لاجئة هناك.
ويبدو أن ذلك أمر مركب ومعقد للغاية، حيث الوطنية
العالية التي لا يترتب عليها البقاء في الوطن، وربما هذا نوع من
التحولات التي يعيشها الشباب الفلسطيني، وهي تشي وتقدم تحولا بفعل
اليأس والإحباط من البقاء بالوطن الذي يعاند ولا يدعم خيارات
أبنائه.
كل ما يطرحه الحوار بين الأب وابنه يدلل على تحولات
تعيشها المدينة الفلسطينية وتجعل من شادي أبعد ما يكون راغبا
بالبقاء من ناحية علاقات الناس وطبيعة المدينة وتخريبها معماريا
بفعل الثقافة التي أصبحت سائدة وتعكس كمية الخراب التي نعيش فيها.
إنها محاكمة لحظية لقرارات الماضي التي ربما
أورثتنا بقاء الاحتلال، وإلا كيف نفسر حجم التضحيات واستمرار
الاحتلال جاثما على صدورنا.
بقي أن نشير إلى أن الفيلم حصد «جائزة دون كيشوت»
في «مهرجان لوكارنو السينمائي» ويمثّل فلسطين في سباق الأوسكار
لأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزيّة، وأهم أبطاله محمد بكري، صالح
بكري، ماريا زريق، رنا علم الدين، وهؤلاء خطت بهم المخرجة ثالث
تجاربها السينمائية التي تقدمها على أنها مخرجة باقتدار.
####
"بونبونة"..
مقاومة الاحتلال والسجون بالحب والحياة
بوابة العين الإخبارية مصعب شريف
الصراع من أجل البقاء، ثيمة فلسطينية تظهر واضحة في
تفاصيل الحياة اليومية التي ترصدها الأفلام السينمائية بصور شتى.
ويمنحنا المخرج الفلسطيني ركان مياسي في فيلمه
"بونبونة"، المشارك ضمن مسابقة المهر العربي القصير في الدورة
الـ14 لمهرجان دبي السينمائي، صورة أكثر إنسانية تحتفي بالحياة
وتمجد الحب تحت ظلال الاحتلال الذي لم يكتف بمصادرة الأرض لتمتد
يده لحيوات الناس ورغباتهم الطبيعية.
وخلال 15 دقيقة هي مدة الفيلم، يقدم المخرج المولود
في ألمانيا، وثيقة إدانة للاحتلال الصهيوني دون أي هتافية، عبر قصة
لمعتقل فلسطيني في أحد السجون الإسرائيلية، يطمح إلى لقاء زوجته
وتحقيق حلمها بميلاد طفل يتوج قصة حبهما، لكن كيف اللقاء وقضبان
الاحتلال هنا تصنع سياجاَ ثقيلاً يحبس القلوب قبل الأجساد؟ يجاوب
لنا مياسي عبر طريقة من عمق الممارسات اليومية للفلسطينيين ليقول
لنا إن إرادة الحياة لدى الأسرى وأحبائهم أقوى من محاولات المصادرة.
يمثل توق الأسير الفلسطيني وزوجته للتواصل الطبيعي
المفضي للإنجاب الخيط الرئيسي لقصة الفيلم، لكن ثمة خطوطاً أخرى
متفرعة تقدمها لنا الكاميرا لترصد دون إسراف، وقائع عديدة تتشابك
لتنتج لنا صورة متكاملة عن الأوضاع المزرية للأسرى في سجون
الاحتلال، والحياة الاجتماعية لأسرهم، في حبكة تحتفي بالذاكرة التي
أضحت المغنم الوحيد لمن طردوا من أرضهم و صودرت حقوقهم في الحياة
الطبيعية.
من نهاية يوم عادي لأسير في زنزانته تبدأ أحداث
الفيلم، الذي يقدم لنا مخرجه صورة عامة عن الواقع داخل سجون
الاحتلال، لينقلنا إلى الأسير المنهك الذي يحاول إيقاظ رغباته
الطبيعية الكامنة لتجهيز نطفة منه حتى يمنحها لزوجته التي ستزوره
في الصباح الباكر، لتذهب بها لطبيب التلقيح الصناعي ليحقق رغبتهما
في الإنجاب، بعد أن تعذر التواصل المباشر عقب الأسر.
لكن باءت كل محاولات الزوج بالفشل، ويحين وقت
الزيارة للسجن، تظهر الزوجة التي تؤدي دورها الممثلة أمل علم الدين
ضمن سرب من الزوجات وأطفالهن، يتزاحمن في صفوف التفتيش لرؤية الأب،
ويتم اللقاء دون أن يكون للزوج الأسير ما يقدمه لتحقيق رغبة زوجته،
ينخرطان في مقابلة الزيارة التي تقضي القوانين الإسرائيلية أن تتم
من وراء سياج شفاف يتيح للطرفين رؤية بعضهما دون عناق أو حتى
مصافحة بالأيدي، فيما يتبادلان الحديث مع بعضهما عبر هاتف موضوع
على الجانبين.
وبعد أقل من دقيقة تسأل الزوجة زوجها الأسير عما
فعله لتحقيق أمنيتهما، ليفاجئها بأنه لم ينجز المهمة، وهي الصدمة
التي قابلتها الزوجة بالهروب إلى الذاكرة لتستدعي مع زوجها الأسير
ذكرى ليال بديعة قضياها قبل الاعتقال، وبفعل التداعي يفلح الزوج في
استخراج النطفة التي يلفها في ورقة "بونبونة" حلوى صغيرة خضراء،
ربما في إشارة لونية قصد بها المخرج أن يحيلنا عبرها لدلالة الفأل
في الثقافة الشعبية بفلسطين.
تنهي الزوجة زيارتها لتهرول إلى الطبيب فصلاحية
نطفة الزوج لاتتجاوز الـ6 ساعات والطريق إلى الطبيب طويل وشاق
ومعبد بنقاط التفتيش، وفور مغادرة الباص تشغل الزوجة الظافرة مؤقت
الهاتف لتحسب الفترة الزمنية المتبقية على فساد النطفة، وحولها
تنطلق عشرات القصص ترويها النساء اللاتي يكتظ بهن الباص عن حيواتهن
وذكرياتهن مع الأزواج والآباء والحياة المنشودة التي كانوا يخططون
لها.
يلخص لنا المخرج الفلسطيني كل هذا الشجن في لقطات
قصيرة وسرعان ما تنتقل الكاميرا للفضاء المحيط، الأرض المحتلة التي
تتشح بالخضرة وتحتفي بحياة بنيها رغم الأغلال، لكن بالمقابل فإن
أنفاس الزوجة تتصاعد داخل الباص، فالوقت تأخر ونقاط التفتيش تعمد
تأخير الحافة.
النهاية المفتوحة على الأسئلة المشرعة حول الإصرار
على البقاء والوجود، ما يدفع الإنسان لابتكار أساليب تتجاوز كل
الاحتمالات في سبيل تحقيق وجوده، وحاول المخرج أن يقول لنا هذه
الرسالة دون هتاف أو إفراط، ليختتمها بالإصرار وشرف المحاولة،
فعملية التلقيح التي قامت بها الزوجة ربما لن تجد نجاحاً، إلا أنها
في النهاية تمثل تحدياً وإصراراً على اقتناص أي فرصة، وتوقاً
فلسطينيا فريداً على فتح كوة أمل في جدران السجن الكبير الذي يتسع
يوماً بعد الآخر، حسبما تقول كاميرا ركان مياسي في اللقطة
الختامية، وهي ترصد لنا حجم الأراضي الفلسطينية المحتلة وضيقها على
أهلها في ذات الوقت.
####
لجنة تحكيم "دبي السينمائي": لهذا السبب منحنا
جائزة لأب وابنه
أداؤهما أجبر لجنة التحكيم على القرار الصعب
مصعب شريف
تقاسم الممثل الفلسطيني محمد بكري وابنه الفنان
صالح بكري، جائزة أفضل ممثل في الدورة الـ14 لمهرجان دبي السينمائي.
وتعد هذه المرة الأولى في المهرجان التي تقوم فيها
لجنة تحكيم الجائزة بمنح لقب أفضل ممثل لشخصين.
وقالت مارتينا جيديك ، رئيسة لجنة تحكيم المهر
العربي الطويل:" بعد مباحثات طويلة لم تجد اللجنة سوى أن تمنح محمد
بكري وصالح بكري جائزة أفضل ممثل في المهرجان بعد الأداء العالي
الذي قدماه في تجسيد دوريهما في فيلم واجب".
ويؤدي محمد بكري دور الوالد "أبو شادي" في فيلم
"واجب" الذي حصد هو الآخر الجائزة الكبرى للمهرجان كأفضل فيلم لعام
2017.، فيما يؤدي ابنه صالح دور الابن "شادي".
وقال محمد بكري لـ"بوابة العين" الإخبارية، إن
أداءه وابنه لدور مشابه لواقعهما أسهم كثيراً في أن يخرج أداؤهما
في "واجب" بالشكل الذي دفع لجنة التحكيم لاختيارهما معاً لاقتسام
جائزة أفضل ممثل.
ويعد دور الأب والابن بكري محورياً في الفيلم، حيث
تدور أحداثه حول العلاقة المضطربة بين الأب وابنه.. وعلى مدار يوم
واحد فقط في حياة الأب «أبو شادي» وابنه «شادي»، نكتشف تفاصيل
وخبايا هذه العلاقة.
ويعد محمد بكري من أبرز الممثلين الفلسطينيين، كما
أنه مخرج ومنتج ولد عام 1953 بقرية البعنة بالجليل، ولديه 6 أبناء
من بينهم الممثلان صالح وزياد بكري الذي مثل في مكتب الأساطير
"بيرو دو ليجاند".
####
"واجب"
يحصد الجائزة الكبرى في ختام "دبي السينمائي"
بوابة العين الإخبارية مصعب شريف
تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس
دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبحضور الشيخ منصور بن
محمد بن راشد آل مكتوم، اختتم اليوم الأربعاء، فعاليات الدورة
الـ14 لمهرجان دبي السينمائي الدولي.
ونال فيلم "واجب" للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر،
الجائزة الكبرى أفضل فيلم روائي، بينما حصدت منحة البطراوي أفضل
ممثلة عن فيلم "زهرة الصبار"، وتقاسم أفضل ممثل كل من محمد بكري
وصالح بكري من فيلم "واجب"، بينما نال جائزة أفضل مخرج صوفيا جامه
عن فيلم "السعداء".
وفي جائزة المهر الإماراتي، حصدت المخرجة نجوم
الغانم أفضل فيلم إماراتي طويل عن "آلات حادة"، بينما حاز عبدالله
الجنيبي لقب أفضل مخرج عن "كيمرة" وفاز كل من هناء الشاطري وياسر
النيادي جائزة الفيلم القصير عن "هروب"، بينما حصدت المخرجة نجوم
الغانم أفضل فيلم إماراتي طويل عن "آلات حادة".
جاء توزيع الجوائز كالتالي:
•
جوائز وجوه مميزة: زينة صفير أنطوان خليفة و مونتي
سانشيز وباسل سرحان
•
جائزة الصحفيين الشباب: يقدمها محمد المزل مدير
تحرير جلف نيوز سانجيه شانكار
•
جائزة استوديو الفيلم العربي لكتابة السيناريو:
فيلم عطلة غير عادية لساجدة المعلمي
•
جائزة وزارة الداخلية: فريد رمضان عن فيلم "خط تماس"
•
جائزة اختيار الجمهور: "وداعا كريستوفر روبن"
للمخرج سايمون كورتيس
•
المهر الخليجي القصير: جائزة لجنة التحكيم لفيلم
"سبية" لضياء جودة
•
جائزة أفضل فيلم خليجي قصير: "أرض الأباء" لعلاوي
سليم
•
جائزة لجنة التحكيم في المهر العربي: "زيارة
الرئيس" سيريل عريس
•
جائزة أفضل فيلم عربي قصير: "رجل يغرق" لمهدي فليفل
• "واجب"
أفضل فيلم روائي. للمخرجة آن ماري جاسر
• "طعم
الأسمنت" أفضل فيلم غير روائي – للمخرج زياد كلثوم
• "غداء
العيد" - لوسيان بورجيلي من لبنان
•
أفضل مخرج صوفيا جامه (السعداء)
•
أفضل ممثلة – منحة البطراوي (زهرة الصبار)
•
أفضل ممثل - محمد بكري وصالح بكري فيلم (واجب)
وشهد حفل توزيع الجوائز تكريم لجان التحكيم، التي
ضمت كل من، لجنة تحكيم المهر الإماراتي والمهر القصير، إلى جانب
لجنة تحكيم المهر الطويل.
وتختتم مساء اليوم، في «سكاي دايف» بدبي، فعاليات
مهرجان دبي السينمائي الدولي، التي أقيمت على مدار ثمانية أيام
متتالية. وستكون المحطة السينمائية الأخيرة للمهرجان عرض فيلم «حرب
النجوم: الجيداي الأخير»، وهو الجزء الثامن والأحدث لسلسلة «حرب
النجوم»، الذي سيسبقه سجادة حمراء لاستقبال نجوم الفيلم في مدينة
جميرا، قبل أن يتوجه نجوم المهرجان لحفل الختام.
وشهدت فعاليات المهرجان هذا العام زخماً متنوعاً
بين المنتديات والورش وفعاليات سوق دبي السينمائي، والملتقى،
وغيرها من الفعاليات. |